تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان في ضوء القرءان

Multiverse and their Succession in Time Might be Inferred from Glorius QURAAN

 

 

 

جمع وترتيب

 

أ.د. حسين يوسف العمري

Hussain Yousef Omari

قسم الفيزياء / جامعة مؤتة / الأردن

rashed@mutah.edu.jo

 

 

 


الملخص

الجنّة أو النّار لا يدخلها أحدٌ دخولا تاما إلا بعد حساب الآخرة .  ولكن قد تدخل بعض الأرواح الجنة، فيصيبها بعض نعيمها ، كما قد تُعرض بعض الأرواح على النار ، فيصيبها من حرّها وعذابها .  ليلة المعراج رأى الرسولُ أناساً في النّار. وهذه الرؤية تغاير رؤية نسم (أرواح) أهل الجنة عن يمين آدم -عليه السلام- ونسم أهل النّار عن شمال آدم.  هل هؤلاء من كون سابق، مما يشير إلى دوريّة الأكوان وتعاقبها في الزّمان؟  ولعلّ دوريّة الأكوان من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى؛ والتي تعلو على الزمن؛ وليس عملُ أسماء الله أو فعلها محدوداً بزمن دورة كونية واحدة: ألله هو الربُّ الخالق قبل أن يخلق هذا الكون وما فيه من خلائق، الله هو المعبود قبل أن يخلق عباده في كوننا الحالي، الله هو الربُّ الرّزاق قبل أن يخلق الأرزاق في هذا الكون الفسيح.  الله هو الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد، وما عداه فهو مخلوق، والخلق أزواج تتكرّر ولا تتفرّد .  من أسمائه سبحانه: المُبْدِئُ المُعِيدُ.  ومن وصفاته أو أفعاله: يحيي ويميت .

فهل يستنبط من ذلك تعاقب الأكوان على الزمان كما تتعدّد عبر فضاء المكان في الزمن الحالي (الأكوان المتوازية)؟  هل يوم القيامة حدث يفصل بين كونين متعاقبين في الزمان؟  وهل هذا من بعض دلالات الآية الكريمة: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).  هل يوم القيامة حدثٌ يفصل بين نهاية دورة كونية، وبداية دورة أخرى تعقبها في الزّمان: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) (إبراهيم : 48) ؟  وفي تفسير قوله تعالى: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ، قال الحسن البصري:  "تبدل سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض .".  ولعلّ هذا النص واضحٌ في إشارته لأكوان متعاقبة في الزمن.

وإنّ نهاية الكون أشبه ببدايته: في البدايات كان الكون في الحالة الدّخانيّة، وسيعود إلى الحالة الدّخانيّة عند حدوث الانقلابات الكونية يوم القيامة .  كانت الأمواج الصوتيّة تغمر الكون وهو في الحالة الدّخانيّة، ويوم القيامة يكون النفخ في الصور.

ستعود السماوات السبع و الأرضون السبع إلى حالة القبض التي كانت عليها عند بدء الخلق: حالة الرّتق كانت تسود الكون ابتداءً، ويوم القيامة يكون طيُّ السماوات وقبض الأرضين .

عودة الكون إلى حالة الظلمة: إنّ الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة (هنالك الحالة الدّخانية - حالة الرتق- ، وكذلك الحقبة الكونية المظلمة). ويوم القيامة يعود الكون إلى حالة الطي والقبض، وهنالك الظلمة على جسر جهنم، وظلمة النار .

 

 


الموضوعات

المبحث الأول: الأكوان

الفرع الأول: أكوان متوازية متمركزة (Parallel concentric universes)

الفرع الثاني: أكوان متوازية ومتجاورة

الفرع الثالث: وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا

المبحث الثاني: مشاهد من النار

الفرع الأول: ففتحت لي أبواب السماء، و رأيت الجنة و النار

الفرع الثاني: رَأَى النبيُّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِه رِجَالاً تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ أو من حديدٍ ، وهم الْخُطَبَاءُ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ

الفرع الثالث: لمَّا عُرِج بالنبي مر بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشون وجوهَهم وصدورَهم وهم الَّذين كانوا في الدنيا يأكلون لحومَ النَّاسِ ، ويقعون في أعراضِهم

الفرع الرابع: لَمَّا عَرَجَ النبيُّ نظر في النارِ فإذا قومٌ يأكلون الِجيفَ؛ فأعلمه جبريلُ أن هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ

الفرع الخامس: الذين تثاقلَتْ رؤوسُهم عن الصلاةِ المكتوبةِ

الفرع السادس: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ

الفرع السابع: اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ والمساكينَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الأغنياءَ والنِّساءَ يَكْفُرن العشيرَ، ويَكْفُرن الإحسانَ

الفرع الثامن: كيف رأى النبيُّ أهلَ الجنةِ وأهلَ النارِ قبل أن تقوم الساعة؟

المبحث الثالث: مراحل الحساب بعد الموت

المبحث الرابع : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ

الفرع الأول: خلاصة القول في الاستثناء

الفرع الثاني: تفسير الآية (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)

الفرع الثالث: الخلود في جهنم

الفرع الرابع: لابثين فيها أحقابا

الفرع الخامس: وما هم عنها بغائبين

الفرع السادس: الخلود في الجنة

الفرع السابع: الموت (المخلوق) يؤتى به على هيئة كبش

الفرع الثامن: اللانهائي والرياضيات

الفرع التاسع: العرب واللانهائي

الفرع العاشر: معاني كلمة أبداً

المبحث الخامس: هل الكون يتأرجح ويهتز ويعيد نفسه

الفرع الأول: لعلّ تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى

الفرع الثاني: يحيي ويميت

الفرع الثالث: المُبْدِئُ المُعِيدُ

الفرع الرابع: النباتات لها دورات حياة تشهد على البعث بعد الموت

الفرع الخامس: بعض أسماء الله وصفاته

المبحث السادس: نهاية الكون أشبه ببدايته

الحالة الدّخانيّة

الفرع الأوّل: الحالة الدّخانيّة في بدايات تخلّق الكون

الفرع الثاني: الحالة الدّخانيّة قبل يوم القيامة

الأمواج الصوتيّة

الفرع الأوّل: الأمواج الصوتيّة الغامرة والتغاير في إشعاع الخلفيّة الكوني

الفرع الثاني: النفخ في الصور

المبحث السابع : ستعود السماوات السبع و الأرضون السبع إلى حالة القبض التي كانت عليها عند بدء الخلق

الفرع الأوّل: حالة الرّتق التي كان عليها الكون ابتداءً

الفرع الثاني: طيُّ السماوات وقبض الأرضين يوم القيامة

الفرع الثالث: أحاديث تبدّل الأرض

المبحث الثامن: عودة الكون إلى حالة الظلمة

الفرع الأوّل: إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة

الفرع الثاني: يوم الظلمة

الظلمة على جسر جهنم

الظلم ظلمات يوم القيامة

ظلمة النار

المبحث التاسع: هل يعكس مصير الملائكة مصير الكون؟  وهل بعث الملائكة وحياتهم بعد الموت يعكس بعثاً جديدا للكون؟

تتعدّد أصناف الملائكة

حملة العرش

ملائكة الموقف للحساب وملائكة الجنة وخزنة النار

الموقف للحساب

والملك صفّا صفّا

ملائكة الجنة ، وهم خزنة الجنة

خزنة النار

 

 


 

المقدمة

تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان هو من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى.  ويؤكده أن الكون يوم القيامة سيعود إلى حالته الأولى من الدخان والرتق ، والظلمة (العتومية).  وفيما يتعلق بخلود الكفار في النار؛ يقول ابن كثير : "ويحتمل أن المراد بـ  (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ): الجنس؛ لأنه لا بد في عالم الآخرة من سموات وأرض ، كما قال تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) [ إبراهيم : 48 ] ؛ ولهذا قال الحسن البصري في قوله : (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) قال:  تبدل سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض .".  ولعلّ هذا النص واضح في حديثه عن أكوان متعاقبة في الزمن.   ويقول القرطبي: " مَا دَامَتْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الظَّرْف ؛ أَيْ دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض،  وَالتَّقْدِير : وَقْت ذَلِكَ  (تفسير القرطبي).  وبالتالي فإنّ زمن مكث الكفار في النار يساوي زمن دورة الكون بسماواته وأرضيه. وأورد القرطبي في تفسيره: (وُقُوع الِاسْتِثْنَاء فِي الزِّيَادَة عَلَى النَّعِيم وَالْعَذَاب ،  وَتَقْدِيره : " خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك " مِنْ زِيَادَة النَّعِيم لِأَهْلِ النَّعِيم ، وَزِيَادَة الْعَذَاب لِأَهْلِ الْجَحِيم . ويقول : فَالِاسْتِثْنَاء فِي الزِّيَادَة مِنْ الْخُلُود عَلَى مُدَّة كَوْن السَّمَاء وَالْأَرْض الْمَعْهُودَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَاخْتَارَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ ،  أَيْ خَالِدِينَ فِيهَا مِقْدَار دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض ، وَذَلِكَ مُدَّة الْعَالَم ، وَلِلسَّمَاءِ وَالْأَرْض وَقْت يَتَغَيَّرَانِ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْله سُبْحَانه : " يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض " [ إِبْرَاهِيم : 48 ]). وهذا القول للقرطبي واضح وصريح في الحديث عن أكوان متعاقبة في الزمن.  ويتابع القرطبي قوله: (فَخَلَقَ اللَّه سُبْحَانه الْآدَمِيِّينَ وَعَامَلَهُمْ ، وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ بِالْجَنَّةِ ، وَعَلَى ذَلِكَ بَايَعَهُمْ يَوْم الْمِيثَاق ، فَمَنْ وَفَّى بِذَلِكَ الْعَهْد فَلَهُ الْجَنَّة، وَمَنْ ذَهَبَ بِرَقَبَتِهِ يَخْلُد فِي النَّار بِمِقْدَارِ دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض ؛ فَإِنَّمَا دَامَتَا لِلْمُعَامَلَةِ؛ وَكَذَلِكَ أَهْل الْجَنَّة خُلُود فِي الْجَنَّة بِمِقْدَارِ ذَلِكَ ؛ فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَة وَقَعَ الْجَمِيع فِي مَشِيئَة اللَّه ؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا لَاعِبِينَ. مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ " ( الدُّخَان : 39 )  فَيَخْلُد أَهْل الدَّارَيْنِ بِمِقْدَارِ دَوَامهمَا ، وَهُوَ حَقّ الرُّبُوبِيَّة بِذَلِكَ الْمِقْدَار مِنْ الْعَظَمَة ؛ ثُمَّ أَوْجَبَ لَهُمْ الْأَبَد فِي كِلْتَا الدَّارَيْنِ لِحَقِّ الْأَحَدِيَّةِ ؛ فَمَنْ لَقِيَهُ مُوَحِّدًا لِأَحَدِيَّتِهِ بَقِيَ فِي دَاره أَبَدًا، وَمَنْ لَقِيَهُ مُشْرِكًا بِأَحَدِيَّتِهِ إِلَهًا بَقِيَ فِي السِّجْن أَبَدًا ؛ فَأَعْلَمَ اللَّه الْعِبَاد مِقْدَار الْخُلُود ،  ثُمَّ قَالَ: " إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك "  ). 

الخلود لا يعني مالانهائية (infinity) ، كما في الآية الكريمة: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) (الأعراف: 20).  ودليله العبارة التالية من موقع الإسلام سؤال وجواب (الشيخ محمد صالح المنجد) ، يقول: "وعلى تسليم الخلود ، فلا يلزم منه عدم الموت ، فإن الشيطان أطمعَ آدمَ إذا أكلَ من الشجرة كي يطول عمره ويبقى فيما هو فيه من النعيم أزمانا طويلة ، كما هو حال الملائكة التي إن ماتت فإن موتها يكون لفترة يسيرة يوم القيامة فقط ، ثم لا تلبث أن تحيا مرة أخرى." ([1]).  يقول القرطبي في تفسيره (7/178): " وقيل: طمع آدم في الخلود ؛ لأنه علم أن الملائكة لا يموتون إلى يوم القيامة " .

المبحث الأول: الأكوان

الفرع الأول: أكوان متوازية متمركزة (Parallel concentric universes)

هذه الأكوان المتوازية والمتمركزة  تشير إليها الآيات القرآنية التي توضح أنّ السماوات سبع طباق مسوّاة ([2]).  ومن هذه الآيات قوله تعالى:

- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) 17] المؤمنون[ . والطّرائق هي الطّبقات بعضُها فوق بعض أو وراء بعض. ولمّا كان البناءُ خالياً من الفطور والشُّقوق فإنّهُ لا بُدَّ بناءٌ قويٌّ متماسك.

- (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا) 15] نوح[. أي واحدة فوق واحدة.

وهذه الطّبقات السّبعُ مسوّاة، ذكره تعالى في مواضع متعدِّدة :

- (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) 29] سورة البقرة[.  إذْ كانت السماء دخاناً، ثمّ سَوَّاهُنَّ سبع سماوات محكمات البناء مستويات السطوح تامات الخلق والتكوين (فَسَوَّاهُنَّ)، رفع بعضهنّ فوق بعض بقدرته .

- (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) 3]  الملك[. أي طبقة بعد طبقة ؛ فالبناء محكم ليس فيه فطور.

وفيه أيضاً قوله تعالى:

- (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) 12] فصلت [ .

- (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) 12] الطّلاق [ .

وممّا يؤكّد أنّهنّ سبع ذوات بناء متماسك الآية الكريمة :

- (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) 12] النبأ [. يريد سبع سماوات قويّة الخلق مُحكمة البناء، ولهذا وصفها بالشِّدَّة.

ولعلّه واضحٌ التّأكيد في أكثر من موضعٍ على كون السَمَاوَاتِ سبعاً مستويات متماسكات.

وللمزيد أنظر (بناء السماء والمادة المظلمة دراسة مقارنة بين الفلك والقرآن: عمري)

الفرع الثاني: أكوان متوازية ومتجاورة

The following three figures illustrate the notion of Parallel adjacent universes

توضح الأشكال الثلاثة الآتية مفهوم الأكوان المتوازية والمتجاورة

Description: نتيجة بحث الصور عن ‪multi universes figures 2018‬â€

 

Description: صورة ذات صلة

 

Description: https://supernova.eso.org/static/archives/exhibitionimages/screen/1210_A_header-multiverse-CCfinal.jpg

يستحيل رصد نجوم قيمة انحرافها نحو الأحمر Z تزيد عن ألف، وذلك أنَّ هذا يرجع إلى فترة ما قبل التَّمايز بين الإشعاع والمادّة.  لذا فإنّ أضخم التلسكوبات لا ترى إلا ضمن مسافة 13.7 مليار سنة ضوئية؛ بينما قد يزيد قطر الكون عن 250 ضعف قطر الكون المرئي؛ حوالي 7 تريليون سنة ضوئية ([3]).

وللمزيد أنظر المقالة:

5 Reasons We May Live in a Multiverse                                                                                    

https://www.space.com/18811-multiple-universes-5-theories.html

نظام الزوجية في الخلق: هل وجود أكوان متوازية (parallel universes) ، يستدعي وجود أكوان متتالية متعاقبة في الزمن.

الفرع الثالث: وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا

معاني السراج ([4]):

(سِراج: (اسم

الجمع : سُرْج و سُرُج

السِّراج : مصباح زاهر ، كلّ شيء مضيء

سِراجُ : معروف ، والشَّمْسُ ، وعَلَمٌ

وَصَلَ فِي وَهَجِ السِّرَاجِ : فِي وَهَجِ الشَّمْسِ

مصباح زاهر ، كلّ شيء مضيء : } وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {

سراج النّهار : الشمس ، - سِراج حركة : إشارة السّير الضوئيّة . - فتيلة موقدة .
سراج : شمس .

(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) (نوح 15-16 ).  (الشّمس سِرَاجًـا): مِصْباحًـا مُضيئا يمحُو الظلام .  (فِيهِنَّ) القمر هو في السماء الدنيا وقال فِيهِنَّ لأنّ السماوات طباق: الأولى داخل الثانية، والثانية داخل الثالثة، ... والسماء السادسة داخل السابعة ([5]).

(وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ) (النبإ 13 ).  يعني بالسراج: الشمس وقوله: (وَهَّاجًا)  يعني: وقادا مضيئا.

يَكْتُبُ في ضَوْءِ سِرَاجٍ : مِصْبَاحُ زَيْتٍ مُكَوَّنٌ مِنْ إنَاءٍ فِي وَسَطِهِ فَتِيلَةٌ تُضِيءُ .  فِي السِّرَاجِ مَا تَزَالُ بَقِيَّةٌ مِنَ الزَّيْتِ .

سراج المؤمنين : الهُدى

(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا) (الفرقان 61).

يقول الطبري:

قوله: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا) اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا) على التوحيد، ووجهوا تأويل ذلك إلى أنه جعل فيها الشمس، وهي السراج التي عني عندهم بقوله: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا)

كما حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، في قوله: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا) قال: السراج: الشمس.

وقرأته عامة قرّاء الكوفيين " وَجَعَلَ فِيها سُرُجا " على الجماع، كأنهم وجهوا تأويله: وجعل فيها نجوما . .. وجعلوا النجوم سرجا إذ كان يهتدى بها.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، لكل واحدة منهما وجه مفهوم، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.  انتهى كلام الطبري.

وأقول: لعلّ القراءة (وَجَعَلَ فِيها سُرُجا) تشير ضمناً إلى تعدّد ما يشبه نظام مجموعتنا الشمسية؛ أي وَجَعَلَ فِيها شموساً.  وبالتالي تشير إلى تعدّد ما يشبه كرتنا الأرضية؛ وبالتالي وجود حياة عاقلة لمكلفين في أماكن من هذا الكون ؛ وليس نظامنا الشمسي وكرتنا الأرضية شيئاّ فريداً ليس له نماذج في الكون الواسع.

وأما كلمة مصابيح التي وردت في الآيات وفي معرض الحديث عن زينة السماء؛ فهي تعني النجوم والتي تشاهد (بالعين) ليلا. والنجوم لها تصنيف طيفي (Stellar Spectral classes). وجزء من هذه النجوم يشبه الشمس تماما، وبعضها أكبر وجزء منها أصغر ... .

(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (فصلت 12)

(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)) (الملك)

المبحث الثاني: مشاهد من النار

الفرع الأول: ففتحت لي أبواب السماء، و رأيت الجنة و النار

 (أتيت بالبراق، و هو دابة أبيض طويل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فلم نزايل ظهره أنا و جبريل، حتى أتيت بيت المقدس، ففتحت لنا أبواب السماء، و رأيت الجنة و النار ) ([6])

(أتيت بالبراق، و هو دابة أبيض طويل، يضع حافره عند منتهى طرفه فلم نزايل ظهره أنا وجبريل حتى أتيت بيت المقدس، ففتحت لي أبواب السماء، ورأيت الجنة و النار ) ([7]).

الفرع الثاني: رَأَى النبيُّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِه رِجَالاً تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ أو من حديدٍ ، وهم الْخُطَبَاءُ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ

خُطباءُ من أهلِ الدُّنيا، كانوا يأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ ويَنسَوْنَ أنفُسَهم

(مرَرْتُ ليلةَ أُسْريَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ من نارٍ، قال: قُلتُ: مَن هؤلاء؟ قالوا: خُطباءُ من أهلِ الدُّنيا، ممَّن كانوا يأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ ويَنسَوْنَ أنفُسَهم، وهم يَتْلونَ الكتابَ، أفلا يَعقِلونَ.) ([8]).  (قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرَرتُ ليلةَ أُسريَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قلتُ: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء خُطباءُ مِن أهلِ الدُّنيا، كانوا يَأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ، ويَنسَوْنَ أنفُسَهم وهُم يَتلونَ الكِتابَ، أفلا يَعقِلون؟) ([9]) .

أجابَ جِبريلُ عليه السَّلامُ بقَولِه: "هؤلاءِ خُطباءُ من أهلِ الدُّنيا"، وهذه الرواية لم تقصر كونهم من أمة رسول اللهِ محمد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، وأمة محمّد لم تقم قيامتهم بعد. وفي الحديث تَحذيرٌ وتَرهيبٌ وزْجرٌ شديدٌ للخُطَباءِ وغيرِهم ممَّنْ يَترُكونَ البِرِّ الذي يَأمُرون به غَيرَهم، أو يَأتونَ المُنكَرَ مع نَهيهِم لغيرهم عنه .

خُطباءُ من أمَّتِك، كانوا يأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ ويَنسَوْنَ أنفُسَهم

أتيتُ على سماءِ الدنيا

(أتيتُ على سماءِ الدنيا ليلةَ أُسرِيَ بي فرأيتُ فيها رجالًا تُقطَّعُ ألسنتُهم وشفاهُهم بمَقاريضَ من نارٍ فقلتُ: يا جبريلُ ما هؤلاءِ ؟ قال: هؤلاءِ خُطباءٌ من أمَّتِك .) ([10]).

هؤلاءِ خُطباءٌ من أمَّتِك : لو كان هؤلاء المعذّبون قد دخلوا النار، لدلّ الحديث صراحةً على أنّ النار في السماء الدنيا؛ وكون النار داخل السماء الدنيا معلومٌ بالضرورة، فهي أسفل الأرض السابعة.  لكنّ هذه الصيغة للحديث لم تذكر صراحة أنّهم قد أدخلوا النار، وبالتالي إن لم يكونوا قد دخلوا النار بعد، فهم في حالٍ يأتيهم من حرّ النار وسمومها كما أشار حديث الروح : (... وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ ‏نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ ‏الْمُسُوحُ ‏فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ ‏السَّفُّودُ ‏مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ ‏‏الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ ‏جِيفَةٍ ‏وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى ‏يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى ‏‏ يَلِجَ ‏‏ الْجَمَلُ فِي سَمِّ ‏‏ الْخِيَاطِ‏).  ‏فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي ‏سِجِّينٍ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ‏) [الحج 31].  ‏فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ‏وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ ‏هَاهْ ‏هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ ‏هَاهْ ‏هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ ‏هَاهْ ‏هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا ‏وَسَمُومِهَا ‏وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ ‏وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ)).

‏فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي ‏سِجِّينٍ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) . والسماء الدنيا تحيط بالأرضين السبع. ولا شكّ أن هذا هو حالهم (فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ) ، لأنّ أمة محمد لم تقم قيامتهم، ودخولُ أهلِ النارِ النارَ لا يكون إلا بعد قيام الساعة .

(أتيتُ ليلَةَ أُسْرِيَ بي علَى رِجالٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُم بمقاريضَ من نارٍ قلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جبريلُ قال هؤلاءِ خطباءُ أمتِكَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ الناسَ بالبرِّ وينسونَ أَنْفُسَهُمْ وهم يَتْلُونَ الْكِتابَ أفَلَا يعقِلونَ وفي روايةٍ تُقْرَضُ ألسنتُهُمْ بِمقَارِيضَ من نارٍ أوْ قال من حديدٍ وفي روايةٍ أتيتُ على سماءِ الدنيا ليلةَ أُسْرِيَ بي فرأَيْتُ فيها رجالًا تُقْطَعُ ألسنتُهم وشفاهُهم . . . .) ([11])

(رأَيْتُ ليلةَ أُسري بي رجالًا تُقرَضُ شفاهُهم بمقارضَ مِن نارٍ فقُلْتُ: مَن هؤلاء يا جبريلُ ؟ فقال: الخُطَباءُ مِن أمَّتِك يأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ وينسَوْنَ أنفسَهم وهم يتلونَ الكتابَ أفلا يعقِلونَ) ([12])

(رأيتَ ليلةَ أسري بي رجالا تُقْرَضُ شفاههُم بمقاريضَ من نارٍ ، قلتُ :من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاءِ خطباءٌ من أمتكَ يأمرونَ الناسَ بالبرِّ ، وينسونَ أنفسهَم وهم يتلونَ الكتابَ أفلا يعقلونَ) ([13])

(لما عُرج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يخمشون وجوهَهم وصدورَهم ! فقلتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلون لحومَ الناسِ ، ويقَعون في أعراضِهم) ([14])

(لما عَرجَ بي ربِّي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يخمشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ويقعونَ في أعراضِهم) ([15])

(لمَّا عرجَ بي ربِّي عز وجل مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهُم وصَدرَهُم، فقلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ قال: هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم .) ([16]).

(مررتُ - ليلةَ أُسري بي - بقومٍ تُقرضُ شفاهُهم بمقاريضَ من النارِ ، فقلتُ: يا جبريلُ ! من هؤلاء؟! قال: هؤلاء خطباءُ أمتِك الذين يقولون ما لا يعملون .). إسناده ضعيف لكن له طرق بعضها حسن ([17]).

الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم

(لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم ،  فقلتُ:من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال:هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناسِ ، ويقعون في أعراضِهم.) ([18]).

(لَمَّا عُرِج بي مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِن نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقُلْتُ مَن هؤلاءِ يا جِبْريلُ قال هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحمَ النَّاسِ ويقَعونَ في أعراضِهم) ([19])

(لمَّا عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لَهم أظفارٌ من نحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ من هؤلاءِ يا جبريلُ قال الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم) ([20])

(لمَّا عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهُم وصدورَهُم فقلتُ:  يا جبريلُ من هؤلاءِ ؟ قال:  هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم) ([21])

(لما عرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمشون وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ: يا جبريلُ من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومَ الناسِ ويقعون في أعراضِهم.) ([22]).

(لمَّا عُرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشون وجوهَهم وصدورَهم ، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاء الَّذين يأكلون لحومَ النَّاسِ ، ويقعون في أعراضِهم) ([23]).

(لما عرجَ بي ربِّي مررتُ بقومٍ لَهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ من هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهم) ([24]).

 (لمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقومٍ لهُمْ أَظْفَارٌ من نُحاسٍ ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وصُدُورَهُمْ ، فقلتُ: مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لُحُومَ الناسِ ، ويَقَعُونَ في أَعْرَاضِهِمْ .) ([25]).

(لما عَرَجَ بي ربي ؛ مَرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ، يَخْمِشُونَ وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ ! قال: هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، ويَقَعُونَ في أعراضِهِم .) ([26])

(لما عَرَجَ بي ربي عزَّ وجلَّ مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِنْ نُّحَاسٍ ، يَخْمِشونَ وجوهَهم وصدورَههم ، فقلتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ، ويقعونَ في أعراضِهِم) ([27]).

(لَمَّا عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لَهم أظافِرُ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِمْ .) ([28])

 (لمَّا عَرجَ بي ربِّي مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ ، يَخمُشونَ وجوهَهُم وصدورَهُم . فقلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ، ويَقَعونَ في أعراضِهِم .) ([29]).

الإسلامُ دينُ الأخلاقِ الحسَنةِ، وقد أمَرَ بحِفظِ الأعْراضِ مِن أنْ تُنتَهكَ بالقولِ أو الفعلِ؛ لأنَّه ممَّا يورِثُ العَداوةَ والبَغضاءَ بينَ المسلِمينَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:"لَمَّا عُرِجَ بِي"، أي: لَمَّا صُعِدَ بي إلى السماءِ ليلةَ الإسْراءِ والمعْراجِ، "مرَرتُ بِقومٍ"، وهُم أهل النارِ الذين سيدخلونها يوم القيامة، "لهمْ أظْفارٌ مِن نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهم وصُدورَهم"، أي:يخدِشُونَ ويمزِّقونَ وجوهَهم وصُدورَهم بأظفارِهم، فقلتُ:"مَن هؤلاءِ يا جِبريلُ؟"، أي:ما الذي فَعلوهُ ليُجازَوْا بهذا العذابِ؟ فقالَ جِبريلُ عليهِ السَّلامُ:"هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لحُومَ الناسِ، ويَقعونَ في أعراضِهم"، أي:كأنَّ الذي يَغتابُ غَيرَه من المسلمينَ كمَن يأكلُ لحمَه، فيتَناولُونَ بالكلامِ في أعراضِهم ولا يَحفظونَهم في غِيبَتِهم، فكانَ جزاؤُه مِن جِنس عمَلِه، فيمزِّقونَ لحمَ أنفُسِهم بأظفارِهم، وقد قال اللهُ تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات:12]، وهذا يدلُّ على أنَّ الوقوعَّ في أعراضِ النَّاسِ وغِيبتَهم مِن الكبائرِ العِظامِ..  وفي الحديثِ: الترهيبُ من الغِيبةِ، والتحذيرُ الشديدُ من الوقوعِ في أعراضِ الناسِ.

على هذا الحال الذي بيّنته طرق هذا الحديث رأى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم القومَ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ يَخْمِشونَ وجوهَهم وصدورَههم.  إذا كان الرّسول قد رآهم وهم في النار، فيقتضي ذلك أن يكونوا من أهل دورة كونية سابقة لدورة الكون الحالية، وذلك أنّ دخول النار يكون بعد العرض والحساب يوم القيامة.  لكن طرق وروايات هذا الحديث لم تذكر وبشكل صريح أنّ النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قد رآهم وهم في النار.

خطباءُ من أمتِك يأمرونَ الناسَ بالبرِّ وينسَون أنفسَهم

(مررتُ ليلةَ أسريَ بي على ناسٍ تُقرَضُ شفافهم بمقاريضَ من نارٍ، فقلتُ:يا جبريلُ ما هؤلاءِ؟ قالَ:هؤلاءِ الخطباءُ من أمَّتِكَ الَّذينَ يأمرونَ النَّاسَ بالبرِّ وينسونَ أنفسَهُم) ([30]).

(أتَيْتُ ليلةَ أُسْرِي بي على سَماءِ الدُّنيا فإذا فيها رِجالٌ تُقرَضُ ألسنتُهم وشِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ فقُلْتُ يا جِبريلُ مَن هؤلاءِ فقال هؤلاءِ خُطَباءُ أُمَّتِكَ) ([31]) .

(رأَيْتُ ليلةَ أُسرِي بي رِجالًا تُقطَعُ ألسنتُهم بمقاريضَ مِن نارٍ فقُلْتُ يا جِبريلُ مَن هؤلاء قال هؤلاء خُطَباءُ مِن أُمَّتِكَ يأمُرونَ النَّاسَ بما لا يفعَلونَ) ([32]).

(أنَّ النبيَّ عليه السلامُ رأى خطباءَ أُمَّتِه تُقرَضُ شفاههم بمقاريضَ من نارٍ) ([33]).

(رأيتُ ليلةَ أُسري بي رجالًا تُقرضُ ألسنتُهم وشفاهُهم بمقاريضَ من نارٍ فقلتُ يا جبريلُ من هؤلاء قال هؤلاء الخطباءُ من أمَّتِك الَّذين يأمرون النَّاسَ بالبرِّ وينسَوْن أنفسَهم وهم يتلون الكتابَ أفلا يعقلون) ([34]).

(رأيت ليلةَ أُسرِيَ بي رجالًا تُقرَضُ شفاهُهم بمقاريضَ من نارٍ؟فقلت مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال هؤلاءِ خطباءُ من أمتِك يأمرونَ الناسَ بالبرِّ وينسَون أنفسَهم) ([35]).

(مررتُ ليلةَ أسريَ بي بقومٍ تُقرُضُ شفاهُهم بمقاريضَ من النَّارِ فقلتُ يا جبريلُ من هؤلاءِ قالَ هؤلاءِ خُطباءُ أمَّتِك الَّذينَ يقولونَ ما لا يعملونَ) ([36]).

(مررت ليلة أسرى بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار . قال: قلت :من هؤلاء ؟ قالوا:  خطباء أمتك من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ،  وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون) ([37]).

(أتيْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرضُ شِفاهُهُمْ بِمَقاريضَ من نارٍ ، كلَّما قُرِضَتْ وفَتْ قُلْتُ:يا جبريلُ مَنْ هؤلاءِ ، قال: خُطَباءُ من أمتِكَ، الذينَ يقولونَ ولا يفعلونَ ويقرؤونَ كتابَ اللهِ ولا يعملونَ) ([38]).

(مررْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي بأقوامٍ تُقرضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ من نارٍ ، قُلْتُ :من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال:  خُطَباءُ أمتِكَ الذينَ يقولونَ ما لا يفعلونَ ويقرؤونَ كتابَ اللهِ ولا يعملونَ بِه) ([39])

(أتيتُ ليلةَ أُسريَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمقاريضَ من نارٍ ، كلما قرُضِتْ وفَتْ ، فقلتُ يا جبريلُ مَن هؤلاءِ ؟ قال: خطباءُ أُمَّتِك الذين يقولون ما لا يفعلون ، و يقرأون كتابَ اللهِ و لا يعملون به) ([40]).

(رأيتُ ليلةَ أُسري بي رجالًا تُقرضُ شِفاهُهم بمقاريضَ من النَّارِ فقلتُ من هؤلاء يا جبريلُ قال الخطباءُ من أمَّتك الَّذين يأمرون النَّاسَ بالبرِّ وينسَوْن أنفسَهم وهو يتلون الكتابَ أفلا يعقلون) ([41]).

طرق وروايات هذا الحديث تبين الحال في حياة البرزخ لخطباء من أُمَّة رسولنا محمد، وهم الذين يقولون ما لا يفعلون.  فيأتيهم حرّ النار وسمومها وعذابها على شكل " تُقرَضُ شِفاهُهم بمقاريضَ من نارٍ ".  إنّ دخول النار يكون بعد العرض والحساب يوم القيامة.  وإن طرق وروايات هذا الحديث لم تذكر بشكل صريح أنّ النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قد رآهم وهم في النار، وإنّما وردت العبارة: (تُقرضُ شِفاهُهم بمقاريضَ من النَّارِ).

الفرع الثالث: لمَّا عُرِج بالنبي مرّ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشون وجوهَهم وصدورَهم وهم الَّذين كانوا في الدنيا يأكلون لحومَ النَّاسِ ، ويقعون في أعراضِهم

وقد رأى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - الجنّة وما فيها من النّعيم، وفي المقابل رأى أيضاً بعض أحوال النّاس الذين يعذّبون في نار جهنّم، ومنهم من يقعون في الغيبة، والذين يخوضون في أعراض المسلمين.  وهذا ما تؤكده الأحاديث الشريفة:

1 – (لمَّا عُرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ:  من هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال:  هؤلاء الَّذين يأكلون لحومَ النَّاسِ، ويقعون في أعراضِهم) ([42])

أنظر الحاشية للمزيد من طرق الحديث ([i]).

وقال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12[

الفرع الرابع: لَمَّا عَرَجَ النبيُّ نظر في النارِ فإذا قومٌ يأكلون الِجيفَ؛ فأعلمه جبريلُ أن هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ

1 - ليلةَ أُسرِيَ بِنبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ الجنةَ ، فَسمعَ في جانبِها وجْسًا فقال: يا جبريلُ ، ما هذا ؟ قال:  هذا بِلالٌ المؤذِّنُ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ جاءَ إلى الناسِ : قد أفلحَ بِلالٌ، قد رأيْتُ لهُ كذا وكذا قال:  فَلَقِيَهُ مُوسَى عليهِ السلامُ فَرَحَّبَ بهِ ، وقال:  مرحبًا بِالنبيِّ الأُمِّيِّ ، قال:  وهوَ رجلٌ آدمُ طَوِيلٌ ، سَبْطٌ شَعْرُهُ مع أُذُنَيْهِ أوْ فوقَهُما ، فقال مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال:  هذا مُوسَى . قال:  فَمَضى ، فَلَقِيَهُ عيسَى فَرَحَّبَ بهِ ، وقال:  مَنْ هذا يا جبريلُ؟ قال:  هذا عيسَى . قال:  فمضَى ، فَلَقِيَهُ شيخٌ جَلِيلٌ متهَيَّبٌ فَرَحَّبَ بهِ وسَلَّمَ عليهِ ، و كلُّهُمْ يُسَلِّمُ عليهِ ، قال:  مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال:  هذا أبوكَ إبراهيمُ . قال:  ونظرَ في النارِ ، فإذا قومٌ يأكلونَ الجِيَفَ ، قال:  مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال:  هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لحمَ الناسِ : ورأى رجلًا أحمرَ أَزْرَقَ جدًّا ، قال:  مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال:  هذا عَاقِرُ النَّاقَةِ . قال:  فلمَّا أَتَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المسجدَ الأَقْصَى قامَ يصلِّي ، فالتَفَتَ ثُمَّ التَفَتَ فإِذَا النبيُّونَ أجمعونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ . فلمَّا انصرفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ ، أحدُهُما عن اليَمِينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمالِ ، في أَحَدِهما لَبَنٌ وفي الآخَرِ عَسَلٌ ، فأخذَ اللَّبَنَ فَشربَ مِنْهُ ، فقال الذي كان مَعَهُ القَدَحُ : أَصَبْتَ الفِطْرَةَ) ([43]).

2 - ليلة أسرِيَ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل الجنَّةَ فسَمِعَ في جانبها وجسًا، فقال: يا جبرائيلُ، ما هذا؟ قال: هذا بلال المؤذِّن، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين جاء إلى الناس: قد أفلح بلالٌ، رأيت له كذا وكذا، فلَقِيَه موسى فرحَّب به، وقال: مرحبًا بالنبيِّ الأميِّ- قال: وهو رجل آدَمُ طويل سَبطٌ شَعرُه مع أذنيه أو فَوقها- فقال: من هذا يا جبرائيل؟ قال: هذا موسى، فمضى فلَقِيَه شيخ جليلٌ متهيبٌ، فرحب به وسلَّم عليهم، وكلُّهم يسَلِّمُ عليه، قال: من هذا يا جبرائيلُ؟ قال: هذا أبوك إبراهيمُ، قال: ونظر في النارِ، فإذا قوم يأكلونَ الجِيَف، قال: من هؤلاء يا حبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومَ النَّاسِ، ورأى رجلًا أحمَرَ أزرَقَ جِدًّا، قال: من هذا يا جبرائيلُ؟ قال: هذا عاقِرُ الناقة، فلما أتى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسجد الأقصى قام يصلِّي، فإذا النبيون أجمعون يصلُّونَ معه، فلما انصرف جيءَ بقَدَحينِ أحدُهما عن اليمينِ، والآخرُ عن الشِّمالِ، في أحدِهما لبَنٌ، وفي الآخر عسلٌ، فأخذ اللبَن فشَرِبَ منه، فقال الذي كان معه القَدَح: أصبتَ الفِطرةَ) ([44]).

3 - ليلةَ أسرِيَ بالنَّبي دخلَ الجنَّةَ فسمعَ في جانبِها وجَسًا فقالَ يا جبريلُ ما هذا فقالَ هذا بلالٌ المؤذِّنُ فقالَ النَّبي حينَ جاءَ إلى النَّاسِ قد أفلحَ بلالٌ رأيتُ لَهُ كذا وَكذا فلقيَهُ موسى عليْهِ الصلاةُ والسَّلامُ فرحَّبَ بِهِ وقالَ مرحبًا بالنَّبيِّ الأمِّيِّ قالَ وَهوَ رجلٌ آدمُ طويلٌ سَبطٌ شعرُهُ معَ أذنيْهِ أو فوقَهما فقالَ من هذا يا جبريلُ قالَ هذا موسى فمضى فلقيَهُ رجلٌ فرحَّبَ بِهِ قالَ من هذا قالَ هذا عيسى عليه السَّلامُ فمضى فلقيَهُ شيخٌ جليلٌ مهيبٌ فرحَّبَ بِهِ وسلَّمَ عليْهِ وَكلُّهم يسلِّمُ عليْهِ قالَ من هذا يا جبريلُ قالَ أبوكَ إبراهيمُ عليه السلامُ قالَ ونظرَ في النَّارِ فإذا قومٌ يأْكلونَ الجِيَفَ قالَ من هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ورأى رجلًا أحمرَ أزرقَ جِدًّا قالَ من هذا يا جبريلُ قالَ هذا عاقرُ النَّاقةِ فلمَّا أتى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المسجدَ الأقصى قامَ يصلِّي ثمَّ التفتَ فإذا النَّبيُّونَ أجمعونَ يصلُّونَ معَه فلمَّا انصرفَ جيءَ بقدحينِ أحدِهما عنِ اليمينِ والآخرِ عنِ الشِّمالِ في أحدِهما لبَنٌ وفي الآخرة عسلٌ فأخذَ اللَّبنَ فشربَ منْهُ فقالَ الَّذي كانَ معَهُ القدَحُ أصبتَ الفطرةَ) ([45]).

5 - ليلةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ودخل الجنةَ فسمع من جانبِها وجسًا قال:  يا جبريلُ ما هذا قال:  هذا بلالٌ المؤذِّنُ فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حين جاء إلى الناسِ : قد أَفْلَحَ بلالٌ رأيتُ له كذا وكذا قال:  فلَقِيَهُ موسَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَرَحَّبَ به وقال:  مرحبًا بالنبيِّ الأميِّ قال:  فقال وهوَ رجلٌ آدمُ طويلٌ سَبْطٌ شَعْرُهُ مع أذنيه أو فوقَهما فقال:  مَن هذا يا جبريلُ قال:  هذا موسَى عليه السلامُ قال:  فمضَى فلقيهُ عيسَى فرحَّبَ به وقال:  من هذا يا جبريلُ قال:  هذا عيسَى قال:  فمضى فلقيَهُ شيخٌ جليلٌ مُهيبٌ فرحَّبَ به وسلَّمَ عليه وكُلُّهم يُسلِّمُ عليه قال:  من هذا يا جبريلُ قال:  هذا أبوكَ إبراهيمُ قال:  فنظر في النارِ فإذا قومٌ يأكلون الِجيفَ فقال:  من هؤلاء يا جبريلُ قال:  هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ورأى رجلًا أحمرَ أزرقَ جَعْدًا شَعْثًا إذا رأيته قال:  من هذا يا جبريلُ قال:  هذا عاقرُ الناقةِ قال:  فلمَّا دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المسجدَ الأقصَى قام يُصلِّي فالتفتَ ثم التفتَ فإذا النبيونَ أجمعونَ يُصلونَ معه فلما انصرف جِيءَ بقَدَحَيْنِ أحدِهما عن اليمينِ والآخرُ عن الشمالِ في أحدِهما لبنٌ وفي الآخرِ عسلٌ فأخذ اللبنَ فشرب منه فقال الذي كان معه القَدَحُ : أصبتَ الفِطْرَةَ) ([46]).

لكنّ الرّوايات السابقة لهذا الحديث عن عبدالله بن عباس يوجد من المحدّثين من حكم بضعفها:

 المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 8/95 ، خلاصة حكم المحدث : فيه قابوس وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح.  التخريج : أخرجه أحمد (2324)، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (188)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (10/457) باختلاف يسير

المحدث : الهيتمي المكي ، المصدر : الزواجر، الصفحة أو الرقم: 2/10 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح إلا مختلف فيه وثقه كثيرون

المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 2324 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف.  التخريج : أخرجه أحمد (2324) واللفظ له، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (188)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (10/457)

المحدث : الألباني ، المصدر : ضعيف الترغيب، الصفحة أو الرقم: 1687 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف. التخريج : أخرجه أحمد (2324)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (10/457) واللفظ لهما، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (188) باختلاف يسير

الفرع الخامس: الذين تثاقلَتْ رؤوسُهم عن الصلاةِ المكتوبةِ

1 - ثمَّ أتى يعني النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على قَومٍ تُرضَخُ رؤوسُهم بالصَّخرِ كلَّما رُضِخَت عادت كما كانَت ولا يُفتَّرُ عنهُم من ذلِكَ شيءٌ قال:  يا جبريلُ ، مَن هؤلاءِ قال:  هؤلاءِ الَّذينَ تَثاقَلت رُؤوسُهم عنِ الصَّلاةِ المَكْتوبةِ) ([47]).

2 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُتي بفرسٍ يجعلُ كلَّ خطوةٍ معه أقصَى بصرِه فسار وسار معه جبريلُ عليه السَّلامُ فأتَى على قومٍ يزرعون في يومٍ ويحصدون في يومٍ كلَّما حصدوا عاد كما كان فقال يا جبريلُ من هؤلاء قال هؤلاء المجاهدون في سبيلِ اللهِ تُضاعَفُ لهم الحسنةُ بسبعِمائةِ ضعفٍ وما أنفقوا من شيءٍ فهو يخلفُه ثمَّ أتَى على قومٍ ترضخُ رؤوسُهم بالصَّخرِ كلَّما رضخت عادت كما كانت ولا يفترُ عنهم من ذلك شيءٌ قال يا جبريلُ من هؤلاء قال هؤلاء الَّذين تثاقلت رؤوسُهم عن الصَّلاةِ ثمَّ أتَى على قومٍ على أدبارِهم رِقاعٌ وعلى أقبالِهم رِقاعٌ يسرحون كما تسرحُ الأنعامُ إلى الضَّريعِ والزَّقُّومِ ورضفِ جهنَّمَ قال ما هؤلاء يا جبريلُ قال هؤلاء الَّذين لا يُؤدُّون صدقاتِ أموالِهم وما ظلمهم اللهُ وما اللهُ بظلَّامٍ للعبيدِ) ([48]).

وضعّف هذا الحديثَ بعضُ المحدثين:

(ثم أتى - يعني النبيَّ - (على) قومٍ تُرضَخُ رؤوسُهم بالصَّخرِ ، كلما رُضِخَتْ عادت كما كانت ، ولا يفتُر عنهم من ذلك شيءٌ . قال:  يا جبريلُ ! من ( هؤلاء ؟ قال:  ) هؤلاءِ الذين تثاقلَتْ رؤوسُهم عن الصلاةِ المكتوبةِ ؟ فذكر الحديث في قصةِ الإسراءِ وفرْضِ الصلاةِ) ([49]).

8 - أنَّ رسولَ اللهِ أُتِيَ بِفَرَسٍ يَجعلُ كُلَّ خُطوَةٍ مِنهُ أقْصَى بَصَرَهُ ، فسارَ وسارَ مَعهُ جِبريلُ ، فأَتَى على قَومٍ يَزرعُونَ في يومٍ ، ويَحصُدُونَ في يومٍ ، كُلَّما حَصَدُوا عادَ كَمَا كان ! فقال:  يا جِبرائِيلُ ! مَنْ هؤلاءِ ؟ قال:  هؤلاءِ المُجاهِدُونَ في سبيلِ اللهِ ، تُضاعَفُ لَهُمُ الحسنَةُ بِسبْعِمائةِ ضِعْفٍ ، وما أنْفَقُوا من شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ . ثُمَّ أتَى على قَومٍ تَرضَخُ رؤُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ ، كُلَّمَا رَضَخَتْ عادَتْ كَما كانَتْ ، ولا يَفْتُرُ عنْهُمْ من ذلِكَ شَيءٌ . قال:  يا جِبريلُ ! من هَؤلاءِ ؟ قال:  هؤُلاءِ الَّذِينَ تَثاقَلَتْ رُؤُوسُهُمْ عنِ الصلاةِ . ثُمَّ أتَى على قوْمٍ على أدْبارِهِم رِقاعٌ ، وعلى أقْبالِهمْ رِقاعٌ ، يَسرَحُونَ كَمَا تَسْرحُ الأنْعامُ إلى الضَّرِيعِ والزَّقُّومِ ورَضْفِ جَهَنَّمَ . قال:  ما هَؤلاءِ يا جِبريلُ ! قال:  هؤلاءِ الذين لا يُؤَدُّونَ صَدقاتِ أمْوالِهِمْ ، ومَا ظَلَمَهُمْ اللهُ ، وما اللهُ بِظلَّامٍ لِلعبِيدِ الْحديثُ بِطُولِهِ في قِصَّةِ الإِسْراءِ وفَرْضِ الصلَاِة .) ([50]).

الفرع السادس: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ

عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ.) ([51]).

(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ حَبَسَتْها حتَّى ماتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ قالَ: فقالَ: واللَّهُ أعْلَمُ: لا أنْتِ أطْعَمْتِها ولا سَقَيْتِها حِينَ حَبَسْتِيها، ولا أنْتِ أرْسَلْتِها، فأكَلَتْ مِن خَشاشِ الأرْضِ.) (الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2365 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[  )

(دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ .) ([52]).

تدُلُّ روايات هذا الحديث على أنَّ تعذيبَ الحيوانِ يترتَّبُ عليه العقوبةُ والنَّارُ.  وفي الحديث الوعيدُ الشَّديد لِمَن عذَّبَ عبادَ الله تعالى.

(أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الكُسُوفِ، فَقَامَ فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ، فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ، فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقالَ: قدْ دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ، حتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا، لَجِئْتُكُمْ بقِطَافٍ مِن قِطَافِهَا، ودَنَتْ مِنِّي النَّارُ حتَّى قُلتُ: أَيْ رَبِّ، وأَنَا معهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قُلتُ: ما شَأْنُ هذِه؟ قالوا: حَبَسَتْهَا حتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لا أَطْعَمَتْهَا، ولَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ: مِن خَشِيشِ - أَوْ خَشَاشِ الأرْضِ.) ([53])

يقول شارح الحديث: "... ولَمَّا دنَتْ منه النَّارُ رأى امرأةً تخدِشُها هِرَّةٌ، أي: تقشُرُ جِلدَها وتجرَحُها، فسأل عن ذنبِ هذه المرأةِ الَّذي أوقَعها في هذا العذابِ، فقيل له: إنَّ هذه المرأةَ حبسَتِ الهرَّةَ حتَّى ماتت جوعًا، فلا أطعمَتْها ولا تركَتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأرضِ. ... وهذا يدُلُّ على أنَّ تعذيبَ الحيوانِ يترتَّبُ عليه العقوبةُ والنَّارُ.  وفي الحديث الوعيدُ الشَّديد لِمَن عذَّبَ عبادَ الله تعالى ".

" ودَنَتْ مِنِّي النَّارُ حتَّى قُلتُ: أَيْ رَبِّ، وأَنَا معهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ ، قُلتُ: ما شَأْنُ هذِه؟ قالوا: حَبَسَتْهَا حتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لا أَطْعَمَتْهَا، ولَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ ". هذا النصّ من الحديث ، لربّما أنّه يوضّح مآل وجزاء المرأة التي فعلت فعلتها في هذه الهرة ، وتقع هذه العقوبة على هذه المرأة يوم القيامة.  وأمّا إذا كانت هذه المرأة في النار وقد دخلتها على الحقيقة قبل أن يخبِرنا بشأنها هذا الحديث للرسول عليه السلام، فمعنى هذا أنّ هذه المرأة من دورة كونية سابقة لدورة الكون التي نعيشها الآن.

الفرع السابع: اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ والمساكينَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الأغنياءَ والنِّساءَ يَكْفُرن العشيرَ، ويَكْفُرن الإحسانَ

 (انخَسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فصلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقام قيامًا طويلًا ، نحوًا مِن قراءةِ سورةِ البقرةِ ، ثم ركَعَ ركوعًا طويلًا ، ثم رَفَعَ فقامَ قيامًا طويلًا ، وهو دونَ القيامِ الأولِ ، ثم ركَعَ ركوعًا طويلًا ، وهو دونَ الركوعِ الأولِ ، ثم سَجَدَ ، ثم قام قيامًا طويلًا ، وهو دونَ القيامِ الأولِ ، ثم ركَعَ ركوعًا طويلًا ، وهو دونَ الركوعِ الأولِ ، ثم رفَعَ فقامَ قيامًا طويلًا ، وهو دونَ القيامِ الأولِ ، ثم ركَعَ ركوعًا طويلًا ، وهو دونَ الركوعِ الأولِ ، ثم سَجَدَ ، ثم انصرَفَ وقد تَجَلَّتِ الشمسُ ، فقال صلى الله عليه وسلم :إن الشمسَ والقمرَ آيتان مِن آياتِ اللهِ ، لا يَخْسِفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه ، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللهَ . قالوا: يا رسولَ اللهِ ، رأيناك تناوَلْتَ شيئًا في مَقَامِك ، ثم رأَيناك كَعْكَعْتَ ؟ قال صلى الله عليه وسلم :إني أُرِيتُ الجنةَ ، فتناوَلْتُ عُنْقُودًا ، ولو أَصَبْتُه لأَكَلْتُم منه ما بَقِيَتِ الدنيا ، وأُرِيتُ النارَ ، فلم أرَ منظرًا كاليومِ قطُّ أَفَظَعَ ، ورأيتُ أكثرَ أهلِها النساءَ . قالوا: بِمَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال: بكفْرِهِنَّ . قيل: يَكْفُرْنَ باللهِ ؟ قال: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ ، ويَكْفُرْنَ الإحسانَ ، لو أَحْسَنْتَ إلى أحدِاهن الدهرَ كلَّه ، ثم رأَتْ منك شيئًا، قالت : ما رأيتُ منك خيرًا قطُّ .) ([54]).

شرح الحديث :

يَحكي ابنُ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ الشَّمسَ انخَسَفَتْ عَلى عَهدِ النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلَّم فَصَلَّى بهم صَلاةَ الكُسوفِ جَماعةً. فَقامَ قيامًا طَويلًا، أي: فَوَقَفَ بَعدَ تَكبيرةِ الإحرامِ وُقوفًا طَويلًا مِقدارَ الوَقتِ الَّذي يَكفي لِقِراءةِ سورةِ البَقرةِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا، ثمَّ رَفَعَ فَقامَ قيامًا طَويلًا، وهو دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا، وهو دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثمَّ رَفَعَ، يَعني: أنَّ كُلَّ قيامٍ ورُكوع تَقدَّم فَهو أطوَلُ مِمَّا بَعدَه، ثمَّ سَجَدَ، أي: ثمَّ سَجَدَ سَجدتَينِ، ثمَّ قامَ قيامًا طَويلًا، وهو دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا، وهو دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثمَّ رَفَعَ فَقامَ قيامًا طَويلًا، وهو دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا، وهو دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثمَّ سَجَدَ، أي: سَجَدَ سَجدتَينِ، وتَشَهَّد وسلَّم مِن صَلاتِه، ثمَّ انْصَرفَ وقَدْ تَجلَّت الشَّمسُ، أي: ظَهَرتْ، وعادَ إليها الضَّوءُ وزالَ الكُسوفُ. ثمَّ يُبيِّن صَلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ لا يَنكسِفان ولا يَخسِفانِ لِمَوتِ أحَد، ولا لحَياتِه، فَإِذا رَأيتُم ذلك، فاذْكُروا اللهَ، قالوا: يا رَسولَ الله، رَأيناكَ تَناوَلتَ شَيئًا في مَقامِك، ثمَّ رَأيناكَ "كَعْكَعْتَ"، أي: تَأخَّرتَ، أو تَقَهقَرتَ. فَأجابَهم صَلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه رَأى الجنَّةَ، أي: رُؤْيا عَينٍ كُشِفَ له عنها، فَرَآها عَلى حَقيقتِها فتَناوَل في حالِ قيامِه الثَّاني مِن الرَّكعةِ الثَّانيةِ عُنقودًا، "ولَوْ أصَبتُه"، أي: ولَوْ تَمكَّنتُ مِن قَطفِه لأكَلتُم منه، أي: مِن العُنقودِ ما بَقيَت الدُّنيا. وأنَّه رَأى النَّارَ فلَم يَرَ مَنظرًا أفظَعَ وأقبَحَ وأشنَعَ وأسوَأَ منها. ورَأى أكثرَ أهلِها النِّساءَ "بِكُفرِهنَّ العَشيرَ"، أي: إحسانَ الزَّوجِ، وبِكُفرهنَّ الإِحسانَ، أي: عَدَم الاعتِرافِ بِه، أو جَحْده وإنكاره حَتَّى إنَّها تَقولُ: ما رَأيتُ مِنك خَيرًا قَطُّ إذا رَأت مِنك ما لا يُعجِبها.

في الحَديثِ: المُبادَرةُ إلى طاعةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، عِندَ حُصولِ ما يَخافُ مِنه وما يَحذَر عنه، وطَلَبُ دَفعِ البَلاءِ بذِكرِ اللهِ تَعالى وتَمجيدِه وأنواعِ طاعتِه.   وفيه: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ لِلنَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلَّم، وما كانَ عليه مِن نُصحِ أُمَّتِه وتَعليمِهم ما يَنفَعهم وتَحذيرِهم ممَّا يَضُرُّهم.   وفيه: مُراجَعةُ المُتَعلِّمِ لِلعالِم فيما لا يُدرِكه فَهمُه.   وفيه: النَّهيُ عَن كُفرانِ الإِحسانِ.   وفيه: إطلاقُ الكُفرِ عَلى جُحودِ النِّعمةِ .

(.... فقال:إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ مِن آياتِ اللهِ، لا يَخسفانِ لِموتِ أحدٍ وَلا لِحياتِه، فإذا رَأيتُم ذلكَ فاذْكُروا اللهَ، قالوا يا رَسولَ اللهِ، رَأيناكَ تَناوَلتَ شَيئًا في مَقامِكَ هذا، ثُمَّ رَأيناكَ تَكعكَعتَ. فقال:إنِّي رَأيتُ الجنَّةَ أو أُريتُ الجنَّةَ، فتَناولْتُ مِنها عُنقودًا، وَلو أَخذتُه لَأكلتُم مِنه ما بَقِيَتِ الدُّنيا. ورَأيتُ النَّار فَلم أرَ كاليومِ مَنظرًا قطُّ، ورَأيتُ أَكثَر أَهلِها النِّساءَ، قالوا:لِمَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال:بِكُفرِهنَّ. قيلَ:يَكفرنَ باللهِ. قال:يَكفرُنَ العَشيرَ، ويَكفُرنَ الإحسانَ، لو أَحسنتَ إلى إِحداهنَّ الدَّهرَ، ثُمَّ رَأتْ منكَ شَيئًا، قالَت:ما رَأيتُ مِنكَ خيرًا قطُّ.) ([55]).

(.... فقال: " إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ . لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه . فإذا رأيتُم ذلك فاذكروا اللهَ " قالوا: يا رسولَ اللهِ ! رأيناك تناولتَ شيئًا في مقامِك هذا . ثم رأيناك كففتَ . فقال " إني رأيتُ الجنةَ . فتناولتُ منها عنقودًا . ولو أخذتُه لأكلتُم منه ما بقِيت الدنيا . ورأيتُ النارَ . فلم أرَ كاليومِ منظرًا قطُّ . ورأيتُ أكثرَ أهلِها النساءَ " قالوا: بم ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال " بكُفرهنَّ " قيل :أَيكفُرْنَ باللهِ ؟ قال " بكفرِ العشيرِ . وبكفرِ الإحسانِ . لو أحسنْت إلى إحداهنَّ الدهرَ ، ثم رأتْ منك شيئًا ، قالت :ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ " . وفي روايةٍ :بمثله . غير أنه قال: ثم رأيناك تكَعْكَعْتَ .) ([56]).

 (.... فقال: إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ مِن آياتِ اللهِ لا يخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه فإذا رأيتُم ذلك فاذكُروا اللهَ . قالوا: يا رسولَ اللهِ رأيناكَ تناوَلتَ في مقامِكَ هذا شيئًا ، ثم رأيناكَ كأنَّكَ تكَعكَعتَ . قال: رأيتُ – أو أُريتُ - الجنةَ فتناوَلتُ منها عنقودًا فلو أخَذتُه لأكلتُم [ منه ] ما بَقِيَتِ الدنيا . ورأيتُ - أو أُريتُ - النارَ فلم أرَ [ كاليومِ ] منظرًا ، ورأيتُ أكثرَ أهلِها النساءَ . قالوا: ولِمَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال: بكُفرِهِنَّ . قيل :أيَكفُرنَ باللهِ ؟ قال: يَكفُرنَ العَشيرَ ، ويَكفُرنَ الإحسانَ ، لو أحسَنتَ إلى إحداهُنَّ الدهرَ ثم رأَتْ مِنكَ شيئًا قالتْ :ما رأيتُ مِنكَ خيرًا قَطُّ) ([57]).

(... فقال: إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ مِنْ آياتِ اللهِ لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه فإذا رأيتُم ذلك فاذكُروا اللهَ قالوا: يا رسولَ اللهِ رأيناك تناولتَ شيئًا في مقامِك هذا ثم رأيناك تكَعْكَعْتَ قال: إني رأيتُ الجنةَ أو أُريتُ الجنةَ ولم يشُكَّ إسحاقُ قال: رأيتُ الجنةَ فتناولتُ منها عُنقودًا ولو أخذتُه لأكلتُم منه ما بَقِيَتِ الدنيا ورأيتُ النارَ فلمْ أرَ كاليومِ منظرًا أفظعَ ورأيتُ أكثرَ أهلِها النساءَ قالوا: لِمَ يا رسولَ اللهِ قال: بكُفْرِهنَّ قال: أَيَكْفُرْنَ باللهِ عز وجل قال: لا ولكنْ يَكْفُرْن العَشِيرَ ويِكْفُرْنَ الإحسانَ لو أحسنتَ إلى إحداهن الدهرَ كلَّه ثم رأتْ منك شيئًا قالتْ :ما رأيتُ منك خيرًا قطُّ) ([58]).

(.... فقالَ إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللَّهِ لا يَخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ فإذا رأيتُم ذلِكَ فاذْكروا اللَّهَ عزَّ وجلَّ قالوا يا رسولَ اللَّهِ رأيناكَ تناولتَ شيئًا في مقامِكَ هذا ثمَّ رأيناكَ تَكعْكعتَ قالَ إنِّي رأيتُ الجنَّةَ - أُرِيتُ الجنَّةَ - فتَناولتُ منْها عنقودًا ولو أخذتُهُ لأَكلتُم منْهُ ما بقيَتِ الدُّنيا ورأيتُ النَّارَ فلم أرَ كاليومِ منظرًا قطُّ رأيتُ أَكثرَ أَهلِها النِّساءَ قالوا لِمَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ بِكفرِهنَّ قيلَ يَكفرنَ باللَّهِ قالَ يَكفُرنَ العشيرَ ويَكفُرنَ الإحسانَ لو أحسنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأت منْكَ شيئًا قالت ما رأيتُ منْكَ خيرًا قطُّ) ([59]).

 (أُريتُ النارَ فإذا أكثرُ أهلِها النساءُ ، يَكْفُرن. قيل: أيَكْفُرن باللهِ ؟ قال: يَكْفُرن العشيرَ، ويَكْفُرن الإحسانَ، لو أحسنتَ إلى إحداهُن الدهرَ، ثم رأتْ منك شيئًا ، قالت:ما رأيتُ منك خيراً قطُّ.) ([60]).

شرح الحديث : وعَظ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النِّساءَ يومًا فقال لهنَّ: إنِّي أُريتَ النَّارَ، أي: أطلَعني اللهُ تعالى على النَّارِ وكشَف لي عنها، فرأيتُها رأيَ العينِ، فلمَّا نظرتُ إليها، وشاهدتُ مَن فيها، كان أكثرُ أهلِها النِّساءَ، فقالت إحداهنَّ: ولمَ يا رسولَ الله؟ فأجابها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِه: (يكفُرْنَ)، أي: إنَّما كنَّ أكثرَ أهلِ النَّارِ؛ لأنَّهنَّ يكفُرْنَ، ولم يُبيِّنْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يكفُرْنَ بماذا؛ لتتطلَّعَ نفوسُهنَّ لمعرفةِ هذا الكفرِ الَّذي وصفَهنَّ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويشتَدَّ خوفُهنَّ، ولم يكَدِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينطِقُ بهذه الكلمةِ حتَّى قالت إحداهنَّ: أيكفُرْنَ باللهِ؟ فقال: يكفُرْنَ العَشيرَ، ويكفُرْنَ الإحسانَ، أي: يُنكِرْنَ نعمةَ الزَّوجِ وإحسانَه إليهنَّ، فلو أحسَنْتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ، أي: العمرَ كلَّه، ثمَّ رأَتْ منك شيئًا واحدًا ممَّا تكرَهُ، قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطُّ، أي: ما وجدتُ منك شيئًا ينفَعُني أو يسُرُّني طيلةَ حياتي كلِّها.

وإنَّما كان جَحْدُ النِّعمةِ حرامًا؛ لأنَّ المرأةَ إذا جحَدتْ نِعمةَ زوجِها، فقد جحَدتْ نِعمةَ اللهِ؛ لأنَّ هذه النِّعمةَ الَّتي وصلَتْ إليها مِن زوجِها هي في الحقيقةِ واصلةٌ مِن اللهِ.

والحديثُ يدلُّ على أنَّ الكفرَ كُفرانِ، وأنَّ الكفرَ قد يُطلَقُ على غيرِ الكفرِ بالله، كأنْ يُرادَ كفرُ النِّعمةِ، أي: إنكارُها.  وفي الحديثِ: دلالةٌ على أنَّ الأعمالَ مِن الإيمانِ، وأنَّ الإيمان تصديقٌ وقولٌ وعملٌ؛ إذْ بالعملِ الصَّالحِ يَزيدُ، وبالعمَلِ السَّيِّئِ ينقُصُ.  وخَصَّ كُفرانَ العَشيرِ مِن بين أنواعِ الذُّنوبِ لدقيقةٍ بديعةٍ، وهي قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لو أمَرتُ أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها"؛ فقرَن حقَّ الزَّوجِ على الزَّوجةِ بحقِّ اللهِ، فإذا كفَرتِ المرأةُ حقَّ زوجِها وقد بلَغ مِن حقِّه عليها هذه الغايةَ- كان ذلك دليلًا على تهاوُنِها بحقِّ اللهِ؛ فلذلك يُطلَقُ عليها الكفرُ؛ لكنَّه كفرٌ لا يُخرِجُ عنِ الملَّةِ .

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ) ([61]).

(اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أكْثَرَ أهْلِها الفُقَراءَ، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أكْثَرَ أهْلِها النِّساءَ) ([62])

(اطَّلعتُ في الجنةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءُ ، و اطَّلعتُ في النارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النساءِ) ([63]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ) ([64]).

(اطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ واطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ) ([65]).

(اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فرَأَيْتُ أكثرَ أهلِها الضُّعفاءَ والفقراءَ واطَّلَعْتُ في النَّارِ فرأَيْتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ) ([66]).

(نظرتُ في الجنَّةِ ، فإذا أكثرُ أهلِها من الفقراءِ ، ونظرتُ في النَّارِ ، فإذا أكثرُ أهلِها النِّساءُ) ([67]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ والمساكينَ واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ) ([68]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الأغنياءَ والنِّساءَ) ([69]).

(اطّلعتُ في الجنة فرأيتُ أكثرَ أهلها الفقراءُ واطلعتُ في النارِ فرأيتُ أكثرَ أهلها الأغنياءُ والنساءُ) ([70]).

(اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فرَأَيْتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ واطَّلَعْتُ في النَّارِ فرأَيْتُ أكثرَ أهلِها الأغنياءَ) ([71]).

(اطلعت في الجنةِ فرأيت أكثرَ أهلِها الفقراءُ . واطلعت في النارِ فرأيت أكثرَ أهلِها النساءُ . وفي روايةٍ: أن النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ اطلعَ في النارِ .) ([72]).

 شرح الحديث : في هذا الحَديثِ يُخبِرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه اطَّلع في الجَنَّة ورأى أنَّ أكثرَ أهلِها الفُقراءُ، وأنَّه اطَّلع في النَّار ورأى أنَّ أكثرَ أهلها النِّساءُ؛ فهذا حديثُ بِشَارَةٍ ونِذارةٍ، فالبِشارَةُ للمُؤمنينَ مِن الفُقراءِ الَّذين صَبروا على حالِهم فبُشِّروا بالفَوْزِ العَظيمِ، والنِّذارةُ لِلنِّساءِ لِمَن كان مِنهنَّ على حافَّةِ خَطرٍ لِتستَدْرِكَ مِن أمْرِها حتَّى تَنالَ رِضَا اللهَ ورِضوانَه؛ فالفُقراءُ أَكثرُ أَهْلِ الجَنَّةِ، وليسَ الفَقْرُ أَدخَلَهُمُ الجَنَّةَ، إنَّما أَدخلَهمُ اللهُ الجَنَّةَ بِصَلاحِهم مَع الفَقرِ؛ فالفَقيرُ إِذا لَمْ يَكُنْ صالحًا فلا فَضلَ لَه في الفَقرِ.

والنِّساءُ أَكْثَرُ أهلِ النَّارِ؛ وسببُ ذلك ما جاءَ في حَديثٍ آخَرَ أنَّه لَمَّا ذَكرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ أَكثَرَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ النِّساءِ، قَالت إِحداهُنَّ: ولِمَ يا رَسولَ اللهِ؟ فَأَجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِقَولِه: يَكْفُرْنَ، أي: إنَّما كُنَّ أَكثرَ أَهلِ النَّارِ؛ لَأنَّهنَّ يَكفُرنَ، فَقالَتْ إِحداهُنَّ أيَكفُرنَ باللهِ؟ قال: يَكْفُرنَ العَشيرَ، أي: يُنْكِرنَ نِعمَةَ الزَّوجِ وإِحْسَانَه إِلَيْهِنَّ لو أَحْسَنْتَ إلى إِحداهُنَّ الدَّهرَ، أَيِ: العُمْرَ كُلَّه، ثُمَّ رَأتْ مِنكَ شَيئًا وَاحدًا مِمَّا تَكْرَهُ قالَت: مَا رأيتُ مِنك خَيرًا قَطُّ، أي: ما وَجدْتُ مِنكَ شيئًا يَنْفَعُني أو يَسُرُّني طيلَةَ حَياتي كُلِّها.

وفي الحديثِ: أنَّ الجَنَّةَ والنارَ مخلوقتانِ وموجودتانِ.  وفيه: معجزةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بإطْلاعِ اللهِ تعالى له على الجَنَّةِ والنَّارِ وهُما من الغَيبِ، ورُؤيتِه لأهلِهما.  وفيه: حثُّ النِّساءِ عَلى المُحافَظةِ عَلى أَمْرِ الدِّينِ؛ لِئَلَّا يَدخُلْنَ النَّارَ.

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها المساكينُ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءُ، قالوا: لمَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال: بكُفرهنَّ ، قيلَ :أيكفُرنَ باللهِ ؟ قال: ويكفُرنَ العَشيرَ ويكفُرنَ الإحسانَ) ([73]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها المَساكين ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءُ) ([74]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الفقراءَ واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها النِّساءَ) ([75]).

(اطلعْتُ في النارِ فرأيْتُ أكثرَ أهلِها النساءَ ، واطلعْتُ في الجنةِ فرأيْتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ) ([76]).

 (اطَّلَعْتُ في النَّارِ فوجَدْتُ أكثرَ أهْلِها النساءَ واطَّلَعْتُ في الجنةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ) ([77]).

(اطَّلعتُ في الجنةِ فرأيتُ أكثرَ أهلها الفقراءَ واطَّلعتُ في النارِ فرأيتُ أكثرَ أهلها النساءَ) ([78]).

(اطَّلعتُ في الجنَّةِ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الفقراءَ ، واطَّلعتُ في النَّارِ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها النِّساءُ) ([79]).

الفقراء الصالحون الذين رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأخبرنا أنهم أكثر أهلها، إن كانوا قد دخلوها بالجسد والروح، فهم ولا شك من دورة كونية سابقة.  النِّساءُ أللواتي هنّ أَكثرَ أَهلِ النَّارِ لكونهنّ يكفُرنَ العَشيرَ ويكفُرنَ الإحسانَ، إن كنّ الآن في النار فهنّ ولا شك من دورة كونية سابقة. 

الفرع السابع: سؤال : كيف رأى النبيُّ أهلَ الجنةِ وأهلَ النارِ قبل أن تقوم الساعة

الجواب على موقع الإسلام ([80])

1- دخوله بروحه كما هو حال الأموات ، فهذا ثابت للأنبياء ، والشهداء الذين تكون أرواحهم في حاصل (حواصل) طير خضر تسرح في الجنة. وكما هو الحال في الأحاديث التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها أنه رأى أشياء في الجنة في منامه (رؤيا النوم: تكون للروح) .

أما الجنة والنار فلا يدخلها أحد دخولا تاما إلا بعد المرحلة الثانية من الحساب ، وهي حساب الآخرة .  ولكن قد تدخل بعض الأرواح الجنة ، فيصيبها بعض نعيمها ، كرامة منه سبحانه وتعالى .  يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ ) رواه مالك في الموطأ (1/240) وصححه ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/614)

نسمة المؤمن : روحه . يعلق : أي يأكل ويرعى .

2- أما دخول الجنة بالجسد والروح للبشر وللجن فإنه يكون يومَ القيامة. ويستثنى من هذا ما ذكر أن آدم عليه السلام كان في الجنة قبل أن ينزل إلى الارض ، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله وغيره .

يجب على كل مسلم أن يعتقد أن الحساب بعد الموت حق، وأن الجزاء يكون بعد الحساب .  ثم إن هذا الحساب يكون على مرحلتين (في البرزخ، وفي الدار الآخرة).

أقول: لعل الرجال والنساء الذين رءاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في النار هم من دورات كونية سابقة.  فكيف للرسول صلى الله عليه وسلم أن يميز روح الرجل من روح المرأة، والروح من أمر ربي، ولم يرها أحد من الرسل على حقيقتها.  وهذا يؤكده حديث المعراج الذي وصف الأرواح بلفظة نسم، وعلى صورة أسودة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب، ممتلىء حكمة وإيمانا، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا، قال جبريل لخازن السماء : افتح، قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل، قال : هل معك أحد ؟ قال: نعم، معي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال : أرسل إليه ؟ قال : نعم . فلما فتح علونا السماء الدنيا، فإذا رجل قاعد، على يمينه أسودة، وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل : من هذا؟ قال : هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، حتى عرج بي إلى السماء الثانية، فقال لخازنها : افتح، فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح . قال أنس : فذكر : أنه وجد في السماوات آدم، وإدريس، وموسى، وعيسى، وإبراهيم، صلوات الله عليهم، ولم يثبت كيف منازلهم، غير أنه ذكر : أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة، قال أنس : فلما مر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بإدريس، قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . فقلت : من هذا ؟ قال : هذا إدريس، ثم مررت بموسى، فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، قلت : من هذا ؟ قال : هذا موسى، ثم مررت بعيسى، فقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى، ثم مررت بإبراهيم، فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم صلى الله عليه وسلم . قال ابن شهاب فأخبرني ابن حزم : أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري : كانا يقولان : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام . قال ابن حزم وأنس بن مالك : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك، حتى مررت على موسى، فقال : ما فرض الله لك على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة، قال : فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعني (فراجعت) فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، قلت : وضع شطرها، فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه، فقال ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته، فقال : هي خمس، وهي خمسون، لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى، فقال : راجع ربك، فقلت : استحييت من ربي، ثم انطلق بي، حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، وغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها حبايل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك . ) (الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 349، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3342، خلاصة حكم المحدث: [صحيح])

وهنالك الحديث الذي يذكر أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر:

(إنه لَمَّا أُصِيبَ إخوانُكم يومَ أُحُدٍ ؛ جعل اللهُ أرواحَهم في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ ، تَرِدُ أنهارَ الجنةِ ؛ تأكلُ من ثمارِها ، وتَأْوِي إلى قناديلَ من ذهبٍ مُعَلَّقةٍ في ظِلِّ العرشِ ، فلما وجدوا طِيبَ مَأْكَلِهِم ومَشْرَبِهِم ومَقِيلِهم ؛ قالوا : مَن يُبَلِّغُ إخوانَنا عنا أننا أحياءٌ في الجنةِ ؛ لئلا يَزْهَدوا في الجنةِ ، ولا يَنْكُلُوا عند الحربِ ؟ ! فقال اللهُ - تعالى - : أنا أُبَلِّغُهم عنكم ، فأنزل اللهُ - تعالى - : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ . . . ) . إلى آخِرِ الآياتِ .) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الألباني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 3776 ، خلاصة حكم المحدث : حسن ،  انظر شرح الحديث رقم 114448)

(يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا ؟ قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ استُشْهِدَ أبي قُتِلَ يومَ أُحُدٍ، وترَكَ عيالًا ودَينًا، قالَ: ( أفلَا أبشِّرُكَ بما لقيَ اللَّهُ بِهِ أباكَ ؟ ) قلتُ : بلَى يا رسولَ اللَّهِ قالَ : ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابِه وأحيى أباكَ فَكَلَّمَهُ كِفاحًا فقالَ : يا عَبدي تَمنَّ عليَّ أُعْطِكَ قالَ : يا ربِّ تُحييني فأقتلَ فيكَ ثانيةً قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالَى : إنَّهُ قد سبقَ منِّي أنَّهم إليها لَا يُرجَعونَ قالَ : وأُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) الآيةَ) ([81])

(لمَّا أُصيبَ إخوانُكم بأُحُدٍ جعلَ اللَّهُ أرواحَهم في أجوافِ طَيرٍ خُضرٍ ترِدُ من أنهارِ الجنَّةِ وتأكلُ من ثمارِها وتأوي إلى قناديلَ من ذهبٍ معلقةٍ في ظلِّ العرشِ فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهم ومشربِهم ومقيلِهم فقالوا من يبلِّغُ إخوانَنا عنَّا أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نُرزَقُ؟ لئلا يزهَدوا في الجهادِ وينكلوا عن الحربِ فقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ أنا أُبلِغُهم عنكم فأنزلَ اللَّهُ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآيةَ) (الراوي : عبدالله بن عباس، المحدث: ابن الملقن، المصدر: شرح البخاري لابن الملقن، الصفحة أو الرقم: 17/403 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح.  التخريج : أخرجه أبو داود (2520)، وأحمد (2388) باختلاف يسير)

ورد في شرح الحديث:

قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "وأُنزِلَت هذه الآيةُ" في شأنِ الشُّهداءِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169 - 171]، {وَلَا تَحْسَبَنَّ} أي: لا تَظُنَّنَّ {الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ}، أي: استُشهِدوا في سَبيلِ اللهِ {أَمْوَاتًا} أي: قد فَقَدوا الحياةَ {بَلْ أَحْيَاءٌ}، أي: لهم حياةٌ كما شاء اللهُ {عِنْدَ رَبِّهِمْ}، أي: قَريبين مِن اللهِ بما نالوه مِن الدَّرَجاتِ العُلْيا والكَرامةِ، {يُرْزَقُونَ}، أي: يَرزُقُهم اللهُ مِن أنواعِ النَّعيمِ.

واستُشكِلَ قولُه: "أحيا أباك"، مع قولِه تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمِ}؛ لأنَّ التَّقديرَ هم أحياءٌ، فكيف يُحْيي الحيَّ؟ والجوابُ؛ قيل: جَعَل اللهُ تعالى تِلكَ الرُّوحَ في جَوفِ طيرٍ خُضْرٍ، فأحيا ذلك الطَّيرَ بتِلْك الرُّوحِ؛ فصَحَّ الإحياءُ، أو أرادَ بالإحياءِ زيادةَ قوَّةِ روحِه، فشاهَدَ الحقَّ بتِلك القوَّةِ.

المبحث الثالث: مراحل الحساب بعد الموت

المرحلة الأولى : فى القبر بعد الموت .  وذلك حين يأتيه الملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه ، كما جاءت بذلك الأحاديث المتواترة ، وهي فتنة القبر التي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منها.  عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ( أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُم تُفتَنُونَ فِي القُبُورِ ) رواه البخاري (1049) ومسلم (584).  "يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه في الموقف ؛ فيمحص في البرزخ ".

وأما الجنة أو النار فلا يدخل أيا منهما أحدٌ دخولا تاما إلا بعد المرحلة الثانية من الحساب؛ حساب الآخرة.  ولكن قد تدخل بعض الأرواح الجنة، فيصيبها بعض نعيمها.  يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ). رواه مالك في الموطأ (1/240) وصححه ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/614)
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "حادي الأرواح" (48)   " وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة ".

كما قد تُعرض بعض الأرواح على النار؛ فيصيبها من حرها: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/46.

وإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ) . رواه الترمذي (2308) وحسنه ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.

المرحلة الثانية من الحساب: الحساب بعد البعث في الآخرة، وهو الذي يميز فيه بين أهل الجنة وأهل النار، ويتقاص العباد فيه المظالم بينهم (يوم الحساب) .  يقول سبحانه وتعالى : ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ) (ص 53) ، ويقول سبحانه : (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) (غافر 27).  ولا يدخل أحد الجنة أو النار إلا بعد هذا الحساب.  وأحد الدلائل عليه من الآيات القرآنية قوله تعالى: (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) (16) ) (الإنفطار) (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ) : يَصْلَى هؤلاء الفجار الجحيم يوم القيامة، يوم يُدان العباد بالأعمال، فيُجازَوْنَ بها. 

وأما الأحاديث التي يذكرُ فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنّه رأى أحدا في الجنة أو في النار، فهي على أحد وجهين :

1- إما أنها في رؤيا المنام: كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: (يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ) .

2- يكشف الله للنبي صلى الله عليه وسلم ما سيكون في الأخرة حتى يراه رأي عيان أو رأي قلب، ومنه ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من أمور في الجنة وفي النار.

يقول الحافظ النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (6/207)  : " قال القاضي عياض: قال العلماء : تحتمل أنه رآهما (الجنة والنار) رؤية عين ، كشف الله تعالى عنهما ، وأزال الحجب بينه وبينهما ، كما فرج له عن المسجد الأقصى حين وصفه .

قالوا: ويحتمل أن يكون رؤية علم وعرض وحي ، باطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلا ما لم يعرفه قبل ذلك .

قال القاضي : والتأويل الأول (رؤية عين) أولى وأشبه بألفاظ الحديث ، لما فيه من الأمور الدالة على رؤية العين كتناوله صلى الله عليه وسلم العنقود ، وتأخره مخافة أن يصيبه لفح النار " .

النتيجة:  إذا كانت الأحاديث الشريفة تشير إلى وجود أناس في النار، فهل يقتضي هذا أن هؤلاء من دورة كونية قبل دورة الكون التي نعيشها؟ وبالتالي يكون هنالك دورات لهذا الكون ويفصل بين كل دورتين متتاليتين يومُ قيامةٍ وبعثٍ وحساب؟

المبحث الرابع : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ

خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض ، وذلك مدة العالم ، وللسماء والأرض وقت يتغيران فيه.

(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود 107).

الفرع الأول: خلاصة القول في الاستثناء

عن ابن عباس والحسن أن الاستثناء عائد على العصاة من أهل التوحيد ، ممن يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين ، من الملائكة والنبيين والمؤمنين ، حين يشفعون في أصحاب الكبائر: (فأنْطَلِقُ حتَّى أسْتَأْذِنَ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنَ لِي، فإذا رَأَيْتُ رَبِّي وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وسَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُهُ بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ إلَيْهِ فإذا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ الرَّابِعَةَ، فأقُولُ ما بَقِيَ في النَّارِ إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، ووَجَبَ عليه الخُلُودُ قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعالَى:  }خالِدِينَ فيها{).

ثم تأتي رحمة أرحم الراحمين ، فتخرج من النار من لم يعمل خيرا قط ، وقال يوما من الدهر : لا إله إلا الله . كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة.  (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) أي الكافرين، فَفِي النَّارِ خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض ، وذلك مدة العالم ، وللسماء والأرض وقت يتغيران فيه.  ولعلّ من مشيئة الله (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) المترتبة على سعة رحمته والتي سبقت غضبه، أنه وبعد هذا المكث الطويل للكافرين في النار، سيأتي على جهنمَ يومٌ لا يَبْقى فيها أحدٌ.  وقد روي في تفسير هذه الآية عن جابر، وأبي سعيد، من الصحابة: (إلا ما شاء ربُّك إنَّ ربَّك فعَّالٌ لما يُريدُ قال:  هذه الآيةُ قاضيةٌ على القرآنِ كلِّه، يقول حيثُ كان في القرآنِ : خالدينَ فيها تأتي عليهِ).

الفرع الثاني: تفسير الآية (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)

تفسير ابن كثير: (قال الإمام أبو جعفر بن جرير : من عادة العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدا قالت : " هذا دائم دوام السموات والأرض " ، وكذلك يقولون : هو باق ما اختلف الليل والنهار ، ...  يعنون بذلك كلمة : " أبداً " ، فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفونه بينهم ، فقال:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) .  وبالتالي فإنّ كلمة " أبداً " لا تعني مالانهاية: فإنّ فترة تعاقب الليل والنهار بدأت بعد تخلق النظام الشمسي؛ والذي بدأ تخلقه قبل أقل من خمس مليارات سنة.

قلت : ويحتمل أن المراد بـ  (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) : الجنس؛ لأنه لا بد في عالم الآخرة من سموات وأرض ، كما قال تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) [ إبراهيم : 48 ] ؛ ولهذا قال الحسن البصري في قوله : (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) قال:  تبدل سماء غير هذه السماء ، وأرض غير هذه الأرض ، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض .  .  وبالتالي فإنّ كلمة " أبداً " لا تعني مالانهاية، وإنما تعني طيلة فترة دورة كونية: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ).

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) قال:  لكل جنة سماء وأرض .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما دامت الأرض أرضا ، والسماء سماء .

وقوله : (إلا ما شاء ربُّك إنَّ ربَّك فعَّالٌ لما يُريدُ) كقوله تعالى : (النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) [ الأنعام : 128 ] .

" مَا دَامَتْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الظَّرْف ؛ أَيْ دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض ، وَالتَّقْدِير : وَقْت ذَلِكَ ([82]) (أي: طيلة فترة دورة كونية).  وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيل هَذَا ؛ فَقَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ الضَّحَّاك : الْمَعْنَى مَا دَامَتْ سَمَوَات الْجَنَّة وَالنَّار وَأَرْضهمَا وَالسَّمَاء كُلّ مَا عَلَاك فَأَظَلَّك ، وَالْأَرْض مَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَدَمك ؛ وَفِي التَّنْزِيل : " وَأَوْرَثَنَا الْأَرْض نَتَبَوَّأ مِنْ الْجَنَّة حَيْثُ نَشَاء " [ الزُّمَر : 74 ] . وَقِيلَ : أَرَادَ بِهِ السَّمَاء وَالْأَرْض الْمَعْهُودَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَأَجْرَى ذَلِكَ عَلَى عَادَة الْعَرَب فِي الْإِخْبَار عَنْ دَوَام الشَّيْء وَتَأْبِيده ؛ كَقَوْلِهِمْ: لَا آتِيك مَا جَنَّ لَيْل، أَوْ سَالَ سَيْل ، وَمَا اِخْتَلَفَ اللَّيْل وَالنَّهَار ، وَمَا نَاحَ الْحَمَام ، وَمَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض ،  وَنَحْو هَذَا مِمَّا يُرِيدُونَ بِهِ طُولًا مِنْ غَيْر نِهَايَة ؛ فَأَفْهَمَهُمْ اللَّه تَخْلِيد الْكَفَرَة بِذَلِكَ .  وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْبَرَ بِزَوَالِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ جَمِيع الْأَشْيَاء الْمَخْلُوقَة أَصْلهَا مِنْ نُور الْعَرْش، وَأَنَّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي الْآخِرَة تُرَدَّانِ إِلَى النُّور الَّذِي أُخِذَتَا مِنْهُ ؛ فَهُمَا دَائِمَتَانِ أَبَدًا فِي نُور الْعَرْش . (تفسير القرطبي).

وقد اختلف المفسرون في المراد من هذا الاستثناء ، على أقوال كثيرة ، حكاها الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في كتابه " زاد المسير " وغيره من علماء التفسير، ونقل كثيرا منها الإمام أبو جعفر بن جرير، رحمه الله ، في كتابه واختار هو ما نقله عن خالد بن معدان، والضحاك، وقتادة ، وأبي سنان، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن أيضا : أن الاستثناء عائد على العصاة من أهل التوحيد ، ممن يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين، من الملائكة والنبيين والمؤمنين ، حين يشفعون في أصحاب الكبائر ، ثم تأتي رحمة أرحم الراحمين ، فتخرج من النار من لم يعمل خيرا قط ، وقال يوما من الدهر: لا إله إلا الله . كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة المستفيضة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمضمون ذلك من حديث أنس ، ولا يبقى بعد ذلك في النار إلا من وجب عليه الخلود فيها ولا محيد له عنها . وهذا الذي عليه كثير من العلماء قديما وحديثا في تفسير هذه الآية الكريمة .

حديث أنس: (يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَومَ القِيامَةِ، فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا إلى رَبِّنا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فيَقولونَ: أنْتَ أبو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، وأَسْجَدَ لكَ مَلائِكَتَهُ، وعَلَّمَكَ أسْماءَ كُلِّ شيءٍ، فاشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّكَ حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِي، ائْتُوا نُوحًا، فإنَّه أوَّلُ رَسولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إلى أهْلِ الأرْضِ، فَيَأْتُونَهُ فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ سُؤالَهُ رَبَّهُ ما ليسَ له به عِلْمٌ فَيَسْتَحِي، فيَقولُ: ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَهُ فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وأَعْطاهُ التَّوْراةَ، فَيَأْتُونَهُ فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بغيرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي مِن رَبِّهِ، فيَقولُ: ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ ورَسولَهُ، وكَلِمَةَ اللَّهِ ورُوحَهُ، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فأنْطَلِقُ حتَّى أسْتَأْذِنَ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنَ لِي، فإذا رَأَيْتُ رَبِّي وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وسَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُهُ بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ إلَيْهِ فإذا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ الرَّابِعَةَ، فأقُولُ ما بَقِيَ في النَّارِ إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، ووَجَبَ عليه الخُلُودُ قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعالَى:  }خالِدِينَ فيها{) ([83])

(اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِن أهْلِ البَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إلى أنَسِ بنِ مَالِكٍ، وذَهَبْنَا معنَا بثَابِتٍ البُنَانِيِّ إلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عن حَديثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هو في قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فأذِنَ لَنَا وهو قَاعِدٌ علَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لا تَسْأَلْهُ عن شيءٍ أوَّلَ مِن حَديثِ الشَّفَاعَةِ، فَقالَ: يا أبَا حَمْزَةَ هَؤُلَاءِ إخْوَانُكَ مِن أهْلِ البَصْرَةِ جَاؤُوكَ يَسْأَلُونَكَ عن حَديثِ الشَّفَاعَةِ، فَقالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا كانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فيَقولونَ: اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، فيَقولُ: لَسْتُ لَهَا، ولَكِنْ علَيْكُم بإبْرَاهِيمَ فإنَّه خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إبْرَاهِيمَ، فيَقولُ: لَسْتُ لَهَا، ولَكِنْ علَيْكُم بمُوسَى فإنَّه كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فيَقولُ: لَسْتُ لَهَا، ولَكِنْ علَيْكُم بعِيسَى فإنَّه رُوحُ اللَّهِ، وكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فيَقولُ: لَسْتُ لَهَا، ولَكِنْ علَيْكُم بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَأْتُونِي، فأقُولُ: أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي، فيَقولُ: انْطَلِقْ فأخْرِجْ منها مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِن إيمَانٍ، فأنْطَلِقُ فأفْعَلُ، ثُمَّ أعُودُ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أخِرُّ له سَاجِدًا، فيُقَالُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي، فيَقولُ: انْطَلِقْ فأخْرِجْ منها مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - أوْ خَرْدَلَةٍ - مِن إيمَانٍ فأخْرِجْهُ، فأنْطَلِقُ، فأفْعَلُ، ثُمَّ أعُودُ فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ أُمَّتي أُمَّتِي، فيَقولُ: انْطَلِقْ فأخْرِجْ مَن كانَ في قَلْبِهِ أدْنَى أدْنَى أدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمَانٍ، فأخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فأنْطَلِقُ فأفْعَلُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِن عِندِ أنَسٍ قُلتُ لِبَعْضِ أصْحَابِنَا: لو مَرَرْنَا بالحَسَنِ وهو مُتَوَارٍ في مَنْزِلِ أبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بما حَدَّثَنَا أنَسُ بنُ مَالِكٍ، فأتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عليه، فأذِنَ لَنَا فَقُلْنَا له: يا أبَا سَعِيدٍ، جِئْنَاكَ مِن عِندِ أخِيكَ أنَسِ بنِ مَالِكٍ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَ ما حَدَّثَنَا في الشَّفَاعَةِ، فَقالَ: هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بالحَديثِ، فَانْتَهَى إلى هذا المَوْضِعِ، فَقالَ: هِيهْ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا علَى هذا، فَقالَ: لقَدْ حدَّثَني وهو جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فلا أدْرِي أنَسِيَ أمْ كَرِهَ أنْ تَتَّكِلُوا، قُلْنَا: يا أبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ، وقالَ: خُلِقَ الإنْسَانُ عَجُولًا ما ذَكَرْتُهُ إلَّا وأَنَا أُرِيدُ أنْ أُحَدِّثَكُمْ حدَّثَني كما حَدَّثَكُمْ به، قالَ: ثُمَّ أعُودُ الرَّابِعَةَ فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أخِرُّ له سَاجِدًا، فيُقَالُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ ائْذَنْ لي فِيمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فيَقولُ: وعِزَّتي وجَلَالِي، وكِبْرِيَائِي وعَظَمَتي لَأُخْرِجَنَّ منها مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.) ([84])

شرح الحديث

إِذا كانَ يَومُ القيامةِ، وَجُمِعَ الخَلْقُ في المَحشَرِ، وَدَنَت الشَّمسُ مِن الرُّؤوسِ، واشتَدَّت الحَرارةُ، وَتَصَبَّبَ العَرَقُ، وَأصابَ النَّاسَ مِن الكَربِ ما أصابَهم، وَيَحكي أنَس رضي الله عنه عِندَما سَألَه بَعضُ أهلِ البَصْرةِ عَن حَديثِ الشَّفاعةِ، فَحَدَّثَهم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ: إِذا كانَ يَومُ القيامةِ "ماجَ النَّاسُ"، أي: اضْطَربوا مِن هَوْلِ ذَلك اليَوْمِ، فَأخَذوا يَلتمِسونَ الشَّفاعةَ عِندَ الأنْبياءِ واحِدًا واحِدًا، وَكُلُّ واحِد منهم يَعتذِر عَن الشَّفاعةِ قائِلًا: لَستُ أهْلًا لَها، وَيَذكُر شَيْئًا يَراه ذَنْبًا، وَيَقولُ: إِنَّ رَبِّي قَد غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا شَديدًا حتَّى يَصِلوا إلى مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم فيُجيبهم إلى طَلَبِهم، وَيَتَصدَّى للشَّفاعةِ، وَيَقولُ: "أنا لَها"، فَيَسْأَل صلَّى الله عليه وسلَّم الشَّفاعةَ لأُمَّتِه، قائلاً: أُمَّتي أُمَّتي، وَذلك بَعدَ أن يَخِرَّ لهً ساجِدًا وَيَأمُره رَبُّه بأن يَرفَع رَأسَه وَأن يَشْفَعَ يُشَفَّع.   وَهُنا تَتَجَلَّى رَحمةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأن يَقولَ للحَبيبِ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْطَلِق فَأخْرِج مِنها مَن كانَ في قَلبِه مِثقالُ شُعَيْرةٍ مِن إيمانٍ.

ثُمَّ يَفعَل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِثْلَما فَعَلَ سابقًا فَتَتَجَلَّى رَحمةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَحمتُه لا تَنقطِع وَيَقول للحَبيبِ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْطَلِقْ، فَأخْرِج مَن كانَ في قَلبِه مِثقالُ "ذَرَّة".

ثُمَّ يَفعَل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِثْلَما فَعَلَ سابقًا مَرَّةً أُخرى، وَيَزيدُ الرَّحمنُ في رَحمتِه بِعِبادِه، وَيَقول لِلحَبيبِ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْطَلِق، فَأخْرِج مَن كانَ في قَلْبِه أدْنى أدْنى أدْنى مِثْقالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ فَأَخْرِجه مِن النَّارِ.

وَزادَ الحَسَنُ البَصريُّ أنَّ أنَسًا حَدَّثَه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَفعَل مِثلَما فَعَلَ سابقًا، وَيَقول لَه الرَّحمنُ اشْفَعْ تُشَفَّع، فَيَقول: يا رَبِّ، ائْذَن لي فيمَن قالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَقول: وَعِزَّتي وَجَلالي وَكِبريائي وَعَظَمتي لَأُخرِجَنَّ مِنها مَن قالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

وقالَ لِمَن سَألوه لا أدْري أَنَسي أَنَسٌ أن يُحدِّثَكم بِهَذا أَم كَرِهَ أن تَتَّكِلوا.

في الحَديثِ: إِثْباتُ صِفةِ الكَلامِ لله عَزَّ وَجَلَّ.   وفيه: رَحمةُ اللهِ بِعِبادِه.  وفيه: إثْباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَوْمَ القيامةِ

وقد روي في تفسيرها عن جابر، وأبي سعيد، من الصحابة: (إلا ما شاء ربُّك إنَّ ربَّك فعَّالٌ لما يُريدُ قال:  هذه الآيةُ قاضيةٌ على القرآنِ كلِّه، يقول حيثُ كان في القرآنِ : خالدينَ فيها تأتي عليهِ) ([85]).

وقال السدي : هي منسوخة بقوله : (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) [ النساء : 57 ] .  وهذا الرأي غير مقبول ؛ قال ابن جرير : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ) ما ينقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره، وذلك أن يحول الحلال حراما والحرام حلالا والمباح محظورا، والمحظور مباحا. ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة . فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ؛ لأن هذا يفضي إلى البداء.

تفسير القرطبي

قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ما دامت في موضع نصب على الظرف ؛ أي دوام السماوات والأرض ، والتقدير: وقت ذلك (طيلة فترة دورة كونية). واختلف في تأويل هذا؛ فقالت طائفة منهم الضحاك: المعنى ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما ، والسماء كل ما علاك فأظلك ، والأرض ما استقر عليه قدمك ؛ وفي التنزيل: وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء (الأرض بمعنى أرض الجنة). وقيل (ما دامت السماوات والأرض): أراد به السماء والأرض المعهودتين في الدنيا وأجرى ذلك على عادة العرب في الإخبار عن دوام الشيء وتأبيده (أي: طيلة فترة دورة كونية)؛ كقولهم : لا آتيك ما جن ليل ، أو سال سيل ، وما اختلف الليل والنهار ، وما ناح الحمام ، وما دامت السماوات والأرض ، ونحو هذا مما يريدون به طولا (من غير نهاية!) ؛ فأفهمهم الله تخليد الكفرة بذلك .  وإن كان قد أخبر بزوال السماوات والأرض .  وأرى أنّ هذا القول فيه اعتراف ضمني أنّ الخلود لا يعني اللانهاية ولا يكافئها.  وبالتالي فإنّ كلمة " أبداً " لا تعني مالانهاية.

قوله تعالى : إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ في موضع نصب ؛ لأنه استثناء ليس من الأول ؛ وقد اختلف فيه على أقوال عشرة : الأولى : أنه استثناء من قوله : ففي النار كأنه قال:  إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ من تأخير قوم عن ذلك ؛ وهذا قول رواه أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري وجابر - رضي الله عنهما - . وإنما لم يقل من شاء ؛ لأن المراد العدد لا الأشخاص ؛ كقوله : ما طاب لكم . .. . الثاني : أن الاستثناء إنما هو للعصاة من المؤمنين في إخراجهم بعد مدة من النار ؛ وعلى هذا يكون قوله : فأما الذين شقوا عاما في الكفرة والعصاة ، ويكون الاستثناء من " خالدين " ؛ قاله قتادة والضحاك وأبو سنان وغيرهم . وفي الصحيح قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لَيُصِيبَنَّ أقْوامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ، بذُنُوبٍ أصابُوها عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقالُ لهمُ الجَهَنَّمِيُّونَ.) ([86]). الثالث : أن الاستثناء من الزفير والشهيق ؛ أي لهم فيها زفير وشهيق إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ من أنواع العذاب الذي لم يذكره ، وكذلك لأهل الجنة من النعيم ما ذكر ، وما لم يذكر . حكاه ابن الأنباري . الرابع : قال ابن مسعود : (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) لا يموتون فيها ، ولا يخرجون منها إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ وهو أن يأمر النار فتأكلهم وتفنيهم ، ثم يجدد خلقهم . قلت : وهذا القول خاص بالكافر والاستثناء له في الأكل ، وتجديد الخلق . الخامس : أنّ إلا بمعنى " سوى " كما تقول في الكلام : ما معي رجل إلا زيد ، ولي عليك ألفا درهم إلا الألف التي لي عليك. قيل : فالمعنى ما دامت السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلود . السادس : أنه استثناء من الإخراج ، وهو لا يريد أن يخرجهم منها . كما تقول في الكلام : أردت أن أفعل ذلك إلا أن أشاء غيره ، وأنت مقيم على ذلك الفعل ؛ فالمعنى أنه لو شاء أن يخرجهم لأخرجهم ؛ ولكنه قد أعلمهم أنهم خالدون فيها ، ذكر هذين القولين الزجاج عن أهل اللغة ، قال:  ولأهل المعاني قولان آخران ، فأحد القولين : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ من مقدار موقفهم على رأس قبورهم ، وللمحاسبة ، وقدر مكثهم في الدنيا ، والبرزخ ، والوقوف للحساب . والقول الآخر : وقوع الاستثناء في الزيادة على النعيم والعذاب ، وتقديره : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ من زيادة النعيم لأهل النعيم ، وزيادة العذاب لأهل الجحيم . قلت : فالاستثناء في الزيادة من الخلود على مدة كون السماء والأرض المعهودتين في الدنيا ، واختاره الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي ، أي خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض ، وذلك مدة العالم ، وللسماء والأرض وقت يتغيران فيه (وهذه العبارة صريحة في تعاقب الأكوان عبر الزمان)، وهو قوله سبحانه : " يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ " فخلق الله سبحانه الآدميين وعاملهم ، واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنة ، وعلى ذلك بايعهم يوم الميثاق ، فمن وفى بذلك العهد فله الجنة، ومن ذهب برقبته يخلد في النار بمقدار دوام السماوات والأرض ؛ فإنما دامتا للمعاملة ؛ وكذلك أهل الجنة خلود في الجنة بمقدار ذلك ؛ فإذا تمت هذه المعاملة وقع الجميع في مشيئة الله ؛ قال الله تعالى : وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق فيخلد أهل الدارين بمقدار دوامهما ، وهو حق الربوبية بذلك المقدار من العظمة ؛ ثم أوجب لهم الأبد في كلتا الدارين لحق الأحدية ؛ فمن لقيه موحدا لأحديته بقي في داره أبدا ، ومن لقيه مشركا بأحديته إلها بقي في السجن أبدا؛ فأعلم الله العباد مقدار الخلود ، ثم قال:  إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ من زيادة المدة التي تعجز القلوب عن إدراكها لأنه لا غاية لها ؛ فبالاعتقاد دام خلودهم في الدارين أبدا. وقد قيل : إن إلا بمعنى الواو ، قاله الفراء وبعض أهل النظر وهو الثامن : والمعنى : وما شاء ربك من الزيادة في الخلود على مدة دوام السماوات والأرض في الدنيا . وقد قيل في قوله تعالى : إلا الذين ظلموا أي ولا الذين ظلموا . وقال الشاعر :

وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان

أي والفرقدان . وقال أبو محمد مكي : وهذا قول بعيد عند البصريين أن تكون إلا بمعنى الواو ، وقد مضى في البقرة بيانه . وقيل : معناه كما شاء ربك ؛ كقوله تعالى : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف أي كما قد سلف ، وهو: التاسع ، العاشر: وهو أن قوله تعالى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إنما ذلك على طريق الاستثناء الذي ندب الشرع إلى استعماله في كل كلام؛ فهو على حد قوله تعالى: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين فهو استثناء في واجب، وهذا الاستثناء في حكم الشرط كذلك؛ كأنه قال:  إن شاء ربك؛ فليس يوصف بمتصل ولا منقطع ؛ ويؤيده ويقويه قوله تعالى : عطاء غير مجذوذ ونحوه عن أبي عبيد قال:  تقدمت عزيمة المشيئة من الله تعالى في خلود الفريقين في الدارين؛ فوقع لفظ الاستثناء ، والعزيمة قد تقدمت في الخلود، قال:  وهذا مثل قوله تعالى: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وقد علم أنهم يدخلونه حتما ، فلم يوجب الاستثناء في الموضعين خيارا ؛ إذ المشيئة قد تقدمت ، بالعزيمة في الخلود في الدارين والدخول في المسجد الحرام ؛ ونحوه عن الفراء . وقول - حادي عشر - : وهو أن الأشقياء هم السعداء ، والسعداء هم الأشقياء لا غيرهم ، والاستثناء في الموضعين راجع إليهم ؛ وبيانه أن " ما " بمعنى " من "، استثنى الله - عز وجل - من الداخلين في النار المخلدين فيها الذين يخرجون منها من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بما معهم من الإيمان ، واستثنى من الداخلين في الجنة المخلدين فيها الذين يدخلون النار بذنوبهم قبل دخول الجنة ثم يخرجون منها إلى الجنة . وهم الذين وقع عليهم الاستثناء الثاني ؛ كأنه قال تعالى : فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ألا يخلده فيها ، وهم الخارجون منها من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بإيمانهم وبشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ فهم بدخولهم النار يسمون الأشقياء ، وبدخولهم الجنة يسمون السعداء ؛ كما روى الضحاك عن ابن عباس إذ قال:  الذين سعدوا شقوا بدخول النار ثم سعدوا بالخروج منها ودخولهم الجنة . وقرأ الأعمش وحفص وحمزة والكسائي وأما الذين سعدوا بضم السين . وقال أبو عمرو : والدليل على أنه سعدوا أن الأول شقوا ولم يقل أشقوا . قال النحاس : ورأيت علي بن سليمان يتعجب من قراءة الكسائي سعدوا مع علمه بالعربية ! إذ كان هذا لحنا لا يجوز ؛ لأنه إنما يقال:  سعد فلان وأسعده الله ، وأسعد مثل أمرض ؛ وإنما احتج الكسائي بقولهم : مسعود ولا حجة له فيه ؛ لأنه يقال:  مكان مسعود فيه ، ثم يحذف فيه ويسمى به . وقال المهدوي : ومن ضم السين من سعدوا فهو محمول على قولهم : مسعود وهو شاذ قليل ؛ لأنه لا يقال:  سعده الله ؛ إنما يقال:  أسعده الله . وقال الثعلبي : سعدوا بضم السين أي رزقوا السعادة ؛ يقال:  سعد وأسعد بمعنى واحد وقرأ الباقون " سعدوا " بفتح السين قياسا على شقوا واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . وقال الجوهري : والسعادة خلاف الشقاوة ؛ تقول: منه سعد الرجل بالكسر فهو سعيد ، مثل سلم فهو سليم ، وسعد فهو مسعود ؛ ولا يقال فيه : مسعد ، كأنهم استغنوا عنه بمسعود . وقال القشيري أبو نصر عبد الرحيم : وقد ورد سعده الله فهو مسعود ، وأسعده الله فهو مسعد ؛ فهذا يقوي قول الكوفيين وقال سيبويه : لا يقال سعد فلان كما لا يقال شقي فلان ؛ لأنه مما لا يتعدى .

تفسير الطبري

وقوله:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) ، يعني تعالى ذكره بقوله:  (خَالِدِينَ فِيهَا)، (لابثين فيها) ، ويعني بقوله: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)، (أبدًا).  وذلك أن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوام السموات والأرض ، بمعنى أنه دائم أبدًا، وكذلك يقولون: " هو باقٍ ما اختلف الليل والنهار ...  يعنون بذلك كله " أبدًا ".  فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفون به بينهم فقال:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)، والمعنى في ذلك: خالدين فيها أبدًا.  وبالتالي فإنّ كلمة " أبداً " لا تعني مالانهاية.

وكان ابن زيد يقول في ذلك بنحو ما قلنا فيه. 18572- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ، قال: ما دامت الأرض أرضًا، والسماءُ سماءً.

 ثم قال: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)، واختلف أهل العلم والتأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: هذا استثناءٌ استثناه الله في بأهل التوحيد ، أنه يخرجهم من النار إذا شاء ، بعد أن أدخلهم النار.  ذكر من قال ذلك:

 18573- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)، قال: الله أعلم بثُنَياه.

 وذكر لنا أن ناسًا يصيبهم سَفْعٌ من النار بذنوب أصابوها، ثم يدخلهم الجنة.
18574-
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، والله أعلم بثَنيَّته.  وفي الحديث: (لَيُصِيبَنَّ أقْوامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ، بذُنُوبٍ أصابُوها عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقالُ لهمُ الجَهَنَّمِيُّونَ.) ([87]).

حدثنا محمد بن المثني قال ، حدثنا شيبان بن فروخ قال ، حدثنا أبو هلال قال ، حدثنا قتادة، وتلا هذه الآية: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) ، إلى قوله:  (لما يريد) ، فقال عند ذلك: حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ ما مَسَّهُمْ مِنْها سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فيُسَمِّيهِمْ أهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ.) ( [88]).

شرح الحديث: مِمَّا يَمُنُّ اللهُ تعالى به على بَعضِ أهلِ التَّوحِيد-وإنْ كانوا استَحَقُّوا دخولَ النارِ بمعاصِيهم-: أنْ يُخرِجَهم منها بعدما يَمَسُّهم منها سَفْعٌ، أي: تَغيِيرٌ في لَوْنِ جُلودِهم للسُّمْرة بسببِ حرارة النارِ وحرْقِها لهم؛ يُقال: سَفعَتْه النَّارُ: إذا لفَحَتْه لَفْحًا يَسيرًا، فغيَّرتْ لونَ البَشَرةِ. فيُدخِلهم الله تعالى الجنَّةَ برحمتِه، فيُسمِّيهم أهلُ الجنَّةِ مِمَّنْ سَبقهم إليها: الجَهَنَّمِيِّينَ؛ نِسبةً لِجَهَنَّمَ، وهذه التَّسميَّةُ ليستْ تَنقيصًا لهم، بل هي استذكارٌ؛ ليَزيدوا فرحًا على فرَحٍ، وابتهاجًا على ابتهاجٍ، ولِيَعلموا أنَّهم عُتقاءُ اللهِ تعالى.

وأقول : إنّ سفعة النار هذه " سَفعَتْه النَّارُ: إذا لفَحَتْه لَفْحًا يَسيرًا" لا يستساغ أن تكون هي المقصودة في الآية الكريمة: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ).  فظاهرٌ جليّاً أنّ العذاب الذي تذكره الآية الكريمة يليق بالكفار؛ بينما سفعة النار " سَفعَتْه النَّارُ: إذا لفَحَتْه لَفْحًا يَسيرًا" تليق بالمؤمنين الذين رجحت سيئاتهم.

18576- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب، عن أبي مالك، يعني ثعلبة، عن أبي سنان في قوله: ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، قال: استثناء في أهل التوحيد.

18577- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الضحاك بن مزاحم:  (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ)، إلى قوله:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)، قال: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فهم الذين استثنى لهم.

18578- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، ثني معاوية، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان في قوله: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ، (سورة النبأ: 23) ، وقوله: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، أنهما في أهل التوحيد.

وقال آخرون: الاستثناء في هذه الآية في أهل التوحيد، إلا أنهم قالوا: معنى قوله: (إلا ما شاء ربك) ، إلا أن يشاء ربك أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار. ووجهوا الاستثناء إلى أنه من قوله: ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ ) ، (إلا ما شاء ربك)، لا من " الخلود ".

*ذكر من قال ذلك: 18579- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال ، حدثنا ابن التيمي، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن جابر أو: أبي سعيد ، يعني الخدري ، أو : عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في قوله:  (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) ، قال: هذه الآية تأتي على القرآن كلِّه يقول: حيث كان في القرآن (خَالِدِينَ فِيهَا)، تأتي عليه ، قال: وسمعت أبا مجلز يقول: هو جزاؤه، فإن شاء الله تجاوَزَ عن عذابه.

(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود 107).

وقال آخرون: عنى بذلك أهل النار وكلَّ من دخلها.

*ذكر من قال ذلك : 18580- حدثت عن المسيب عمن ذكره، عن ابن عباس:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ، لا يموتون، ولا هم منها يخرجون ما دامت السموات والأرض، (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، قال: استثناءُ الله. قال: يأمر النار أن تأكلهم. قال: وقال ابن مسعود: ليأتين على جهنَّم زمان تخفِقُ أبوابُها ، ليس فيها أحد، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابًا.  وفي الحديث: (عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاصِ رضيَ اللهُ عنهما قال يأتي على النارِ زمانٌ تُخفقُ أبوابُها ليس فيها أحدٌ يعني منَ الموحِّدِينَ) ([89]).

(وقد ذكر هذا القرطبي في تفسيره: " قال ابن مسعود : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض لا يموتون فيها ، ولا يخرجون منها إلا ما شاء ربك وهو أن يأمر النار فتأكلهم وتفنيهم ، ثم يجدد خلقهم . قلت : وهذا القول خاص بالكافر والاستثناء له في الأكل ، وتجديد الخلق ".)

18581- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن بيان، عن الشعبي قال: جهنم أسرع الدارين عمرانًا وأسرعهما خرابًا.

وقال آخرون: أخبرنا الله بمشيئته لأهل الجنة، فعرَّفنا معنى ثُنْياه بقوله: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ، أنها في الزيادة على مقدار مدَّة السموات والأرض .قال: ولم يخبرنا بمشيئته في أهل النار. وجائز أن تكون مشيئته في الزيادة ، وجائز أن تكون في النقصان.

*ذكر من قال ذلك: 18582- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:  (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، فقرأ حتى بلغ: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ، قال: وأخبرنا بالذي يشاء لأهل الجنة، فقال: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ، ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.

* قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل هذه الآية بالصواب، القولُ الذي ذكرنا عن قتادة والضحاك: من أن ذلك استثناء في أهل التوحيد من أهل الكبائر أنه يدخلهم النار، خالدين فيها أبدًا إلا ما شاءَ من تركهم فيها أقل من ذلك، ثم يخرجهم فيدخلهم الجنة، كما قد بينا في غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصحة في ذلك ، لأن الله جل ثناؤه أوعد أهل الشرك به الخلود في النار، وتظاهرت بذلك الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغير جائز أن يكون استثناءً في أهل الشرك ، وأن الأخبار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يدخل قومًا من أهل الإيمان به بذنوبٍ أصابوها النارَ، ثم يخرجهم منها فيدخلهم الجنة ، فغير جائز أن يكون ذلك استثناء في أهل التوحيد قبل دُخُولها ، مع صحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا ، وأنّا إن جعلناه استثناء في ذلك، كنا قد دخلنا في قول من يقول: " لا يدخل الجنة فاسق ، ولا النار مؤمن "، وذلك خلاف مذاهب أهل العلم ، وما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا فسد هذان الوجهان ، فلا قول قال به القُدْوة من أهل العلم إلا الثالث.

ولأهل العربية في ذلك مذهبٌ غير ذلك، سنذكره بعدُ، ونبينه إن شاء الله .

وقوله: (إن ربك فعال لما يريد) ، يقول تعالى ذكره: إن ربك ، يا محمد ، لا يمنعه مانع من فعل ما أراد فعله بمن عصاه وخالف أمره ، من الانتقام منه، ولكنه يفعل ما يشاء فعلَه ، فيمضي فيهم وفيمن شاء من خلقه فعلُه وقضاؤهُ.

الفرع الثالث: الخلود في جهنم

 اللّه سبحانه هو الأول لاشيء قبله، وهو الآخِر لا شيء بعده، وله الأسماء الحسنى والصفات العلى، ولهُ الكمال المطلق أللانهائي. ولا رادّ لأمره ؛ وله المشيئة المطلقة:

 (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (يس 82)

 ويقول سبحانه:  (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (سورة البروج).

 وخلود الكافرين في النار تحكمه المشيئة المطلقة في قوله سبحانه: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) (هود 107)

وبالتالي فإنّ الزعم أو القول بعدم وجود تتابع زماني للأكوان هو حدّ وتقييد لمشيئة الله المطلقة.

(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود 107).

(قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) [ الأنعام : 128 ]

(إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (النساء 169).

(خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) (الأحزاب 65).

(إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (الجن 23).

الفرع الرابع: لابثين فيها أحقابا

 (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) (النبإ 23)

يقول ابن كثير:

وقوله : (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) أي : ماكثين فيها أحقابا ، وهي جمع " حقب " ، وهو : المدة من الزمان . وقد اختلفوا في مقداره . فقال ابن جرير ، عن ابن حميد ، عن مهران ، عن سفيان الثوري ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد قال:  قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري : ما تجدون الحقب في كتاب الله المنزّل ؟ قال:  نجده ثمانين سنة ، كل سنة اثنا عشر شهرا ، كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة (28.8 مليون سنة ممّا نعدّ) .

وهكذا روي عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن ميمون، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والضحاك . وعن الحسن والسدي أيضا : سبعون سنة كذلك (25.2 مليون سنة ممّا نعدّ). وعن عبد الله بن عمرو : الحقب أربعون سنة ، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون : (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (الحج 47). رواهما ابن أبي حاتم .

وقال بشير بن كعب : ذكر لي أن الحقب الواحد ثلاثمائة سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم منها كألف سنة . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .  أي الحقب حوالي 108 مليون سنة ممّا نعدّ .

وقال البزار : حدثنا محمد بن مرداس ، حدثنا سليمان بن مسلم أبو المعلى قال:  سألت سليمان التيمي : هل يخرج من النار أحد ؟ فقال حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:  " والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا " . قال:  والحقب : بضع وثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون .

ثم قال:  سليمان بن مسلم بصري مشهور (أنظر الحاشسة [90]).

وقال السدي : (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) سبعمائة حقب ، كل حقب سبعون سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم كألف سنة مما تعدون .

وقد قال مقاتل بن حيان : إن هذه الآية منسوخة بقوله : ( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا )

وقال خالد بن معدان : هذه الآية وقوله : ( إلا ما شاء ربك )  (هود : 107 ) في أهل التوحيد . رواهما ابن جرير .

ثم قال:  ويحتمل أن يكون قوله : ( لابثين فيها أحقابا ) متعلقا بقوله : (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابا من شكل آخر ونوع آخر . ثم قال:  والصحيح أنها لا انقضاء لها ، كما قال قتادة والربيع بن أنس وقد قال قبل ذلك حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير ، عن سالم : سمعت الحسن يسأل عن قوله : (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) قال:  أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار ، ولكن ذكروا أن الحقب سبعون سنة ، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون .  أي الحقب حوالي 26 مليون سنة ممّا نعدّ .

وقال سعيد ، عن قتادة : قال الله تعالى : (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) وهو : ما لا انقطاع له ، كلما مضى حقب جاء حقب بعده ، وذكر لنا أن الحقب ثمانون سنة .

وقال الربيع بن أنس : (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا الله ، ولكن الحقب الواحد ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم كألف سنة مما تعدون . رواهما أيضا ابن جرير .

نلاحظ أنّ الحدّ الأعلى للحقب على أقوال المفسرين هو حوالي 108 مليون سنة ممّا نعدّ .  وبالتالي فإنّ عمر الكون إلى يومنا هذا هو حوالي 128 حِقْب (حِقْبَة) .  وبالتالي فإنّ قوله تعالى (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) لا يفيد الخلود أللانهائي.

الحقبة من منظور كوني أو جيولوجي

Main geological Eras (https://en.wikipedia.org/wiki/Cenozoic ) الحقب الجيولوجية الرئيسة

Holocene (present–11.784 ka) Pleistocene (11.784 ka–2.58 Ma)

Quaternary (present–2.58 Ma)

Cenozoic Era

(present – 66.0 Ma)

Pliocene (2.588–5.333 Ma) Miocene (5.333–23.03 Ma)

Neogene (2.58–23.03 Ma)

Oligocene (23.03–33.9 Ma) Eocene (33.9–56.0 Ma) Paleocene (56.0–66.0 Ma)

Paleogene (23.03–66.0 Ma)

Late (66.0–100.5 Ma) Early (100.5–145.0 Ma)

Cretaceous (66.0–145.0 Ma)

Mesozoic Era

(66.0 –251.902 Ma)

Late (145.0–163.5 Ma) Middle (163.5–174.1 Ma) Early (174.1–201.3 Ma)

Jurassic (145.0–201.3 Ma)

Late (201.3–237 Ma) Middle (237–247.2 Ma) Early (247.2–251.902 Ma)

Triassic (201.3–251.902 Ma)

Lopingian (251.902–259.8 Ma) Guadalupian (259.8–272.3 Ma) Cisuralian (272.3–298.9 Ma)

Permian (251.902–298.9 Ma)

Paleozoic Era

(251.902 –541.0 Ma)

Pennsylvanian (298.9–323.2 Ma) Mississippian (323.2–358.9 Ma)

Carboniferous (298.9–358.9 Ma)

 

Devonian (358.9–419.2 Ma)

Pridoli (419.2–423.0 Ma) Ludlow (423.0–427.4 Ma) Wenlock (427.4–433.4 Ma) Llandovery (433.4–443.8 Ma)

Silurian (419.2–443.8 Ma)

 

Ordovician (443.8–485.4 Ma)

Furongian (485.4–497 Ma) Miaolingian (497–509 Ma) Series 2 (509–521 Ma) Terreneuvian (521–541.0 Ma)

Cambrian (485.4–541.0 Ma)

Ediacaran (541.0–635 Ma) Cryogenian (635–720 Ma) Tonian (720 Ma–1 Ga)

Neoproterozoic (541.0 Ma–1 Ga)

Proterozoic Eon

(541.0 Ma – 2.5 Ga)

Stenian (1–1.2 Ga) Ectasian (1.2–1.4 Ga) Calymmian (1.4–1.6 Ga)

Mesoproterozoic (1–1.6 Ga)

Statherian (1.6–1.8 Ga) Orosirian (1.8–2.05 Ga) Rhyacian (2.05–2.3 Ga) Siderian (2.3–2.5 Ga)

Paleoproterozoic (1.6–2.5 Ga)

Neoarchean (2.5–2.8 Ga)

 

Archean Eon

(2.5–4 Ga)

Mesoarchean (2.8–3.2 Ga)

 

Paleoarchean (3.2–3.6 Ga)

 

Eoarchean (3.6–4 Ga)

 

 

 

Hadean Eon (4– ~4.6 Ga)

ka = (thousands years ago) قبل ألف سنة ; Ma = (millions years ago)قبل مليون سنة ; Ga = (billions years ago): قبل مليار سنة

يبين العمود الثالث في الجدول حوالي 42 حقبة فرعية من الحقب الجيولوجية لتخلق الكرة الأرضية.  ويبين العمود الثاني في الجدول حوالي 15 حقبة .

أحقابا ([91]):

أحقابا ، حِقَبٌ ، وحُقُوبٌ (جمعُ) مفردها حِقْبةُ أو حُقُب.  قيل: والحِقْبةُ مدَّة طويلة من الدَّهر تعادل ثمانون عاما أو أكثر، والصحيح أن الحِقْبة مدة من الزمان

حقَّب التَّاريخَ البشريّ: قسّمه إلى حِقَب زمنية مختلفة

الحِقْبةُ من الدَّهر: المدة لا وقت (محدّد) لها ؛ فطولها الزماني مبهم.

حِقْبةُ جيولوجية: قسم كبير من الزَّمن الجيولوجيّ يضمّ عدَّة أدوار، ويمتدّ عشرات ملايين السِّنين

الحقبة: Era, epoch

Epoch: a period of time that is very important in history

Era: a period of time that is associated with a particular quality, event, person, etc.

Main cosmological Eras ([92])

Diagram of Evolution of the universe from the Big Bang (left) to the present

Timeline of the early universe ([93])

The timeline of the early universe outlines the formation and subsequent evolution of the Universe from the Big Bang (13.799 ± 0.021 billion years ago) to the present day. An epoch is a moment in time from which nature or situations change to such a degree that it marks the beginning of a new era or age.

Times on the following list are measured from the moment of the Big Bang.

·       1The first 20 minutes

o   1.1 Planck epoch

o   1.2 Grand unification epoch

o   1.3 Electroweak epoch

o   1.4 Quark epoch

o   1.5 Hadron epoch

o   1.6 Lepton epoch

o   1.7 Photon epoch

·       2 Matter era

o   2.1 Matter and radiation equivalence

o   2.2 Cosmic Dark Age

o   2.3 Galaxy epoch

o   2.4 Acceleration

·       3 Epochs of the formation of the solar system

·       4 Recent history

بما أنّ كلمة أحقاباً هي جمع (محدود ومعدود) لكلمة حِقْبة وهي مدة من الزمان (المحدود) ، فإنّ الآية الكريمة: (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) ، تشير إلى أنّ مكث الكافرين المكذبين في عذاب النار هو فترة زمنية طويلة جداً؛ لربما من رتبة عمر الكون مثلا (13.8 مليار سنة) ، إلا أنّ مقامهم في النار ليس إلى مالانهاية (infinity).

الفرع الخامس: وما هم عنها بغائبين

(وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) (16) ) (الإنفطار)

في تفسير الطبري: وَإِنَّ الْفُجَّارَ ) الذين كفروا بربهم ( لَفِي جَحِيمٍ . (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ) : يَصْلَى هؤلاء الفجار الجحيم يوم القيامة، يومَ يُدان العباد بالأعمال، فيُجازَوْنَ بها.  وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.  ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ الدينِ ) من أسماء يوم القيامة، عظَّمه الله، وحذَّره عباده.  (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) : وما هؤلاء الفجار من الجحيم بخارجين أبدا، فغائبين عنها، ولكنهم فيها مخلَّدون ماكثون، وكذلك الأبرار في النعيم، وذلك نحو قوله: وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ.

ويقول ابن كثير: (أي لا يغيبون عن العذاب ساعة واحدة ولا يخفف عنهم من عذابها ولا يجابون إلى ما يسألون من الموت أو الراحة ولو يوما واحدا.).

الفرع السادس: الخلود في الجنة

 (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) (النساء 57).  قال أبو جعفر: خالدين فيها أبدًا "، يقول: باقين فيها أبدًا بغير نهاية ولا انقطاع، دائمًا ذلك لهم فيها أبدًا (تفسير الطبري).

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) (النساء 122).

قال أبو جعفر: باقين في هذه الجنات التي وصفها  " أبدًا "، دائمًا.

(قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (المائدة 119).

خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ، يقول: باقين في الجنات التي أعطاهموها " أبدًا "، دائمًا، لهم فيها نعيم لا ينتقل عنهم ولا يزول

(خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التوبة 22).

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره (خالدين فيها)، ماكثين فيها، يعنى في الجنات. أبدا: لا نهاية لذلك ولا حدَّ. (الطبري).  وفي الحديث: (" إنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتابًا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهو مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ ".) ([94])

شرح الحديث: أنَّ رحمتَه تعالى سَبَقَتْ غَضَبَه؛ فهو سبحانه وتعالى الغَفُور الرَّحِيم، فكانتْ رحمتُه أسبقَ لعبادِه مِن الغَضَبِ؛ فهو قد ابْتَدَأَ خَلْقَه بالنِّعمَة بإخراجِهم مِن العَدَمِ إلى الوُجُودِ، وبَسَطَ لهم- مِن رحمتِه- في قلوبِ الأَبَوَيْنِ على الأبناءِ مِنَ الصَّبرِ على تَرْبِيَتِهم ومباشرةِ أقذارِهم ما إذا تدبَّره متدبِّرٌ أَيْقَنَ أنَّ ذلك مِن رحمتِه تعالى، ومِن رحمتِه تعالى السابقةِ أنَّه يَرزُق الكُفَّارَ ويُنعِّمهم، ويَدْفَع عنهم الآلامَ، ثُمَّ رُبَّما أَدْخَلَهم الإسلامَ- رحمةً منه لهم- وقد بَلَغوا مِن التمرُّد عليه والخَلْعِ لرُبوبِيَّتِه غاياتٍ تُغضِبُه، فتَغلِب رحمتُه ويُدخِلهم- بعد إسلامِهم- جَنَّتَه، ومَن لم يَتُبْ عليه حتَّى توفَّاه فقد رَحِمَه مُدَّةَ عُمرِه بِتَرَاخِي عُقوبتِه عنه، وقد كان له ألَّا يُمْهِلَه بالعقوبةِ ساعةَ كُفرِه به ومعصيتِه له، لكنَّه أَمْهَلَه رحمةً له، فكلُّ ذلك مِن شَوَاهِدِ سَبْقِ رحمتِه تعالى لغَضَبِه، ومع هذا فإنَّ رحمةَ الله السابقةَ أكثرُ مِن أن يُحِيطَ بها وصْفٌ.

وفي الحديثِ: دليلٌ على استواءِ اللهِ تعالى على عرشِه، وعُلُوِّه على خَلْقِه.

ويَتَضَمَّنُ: سَعَةَ رحمةِ الله، وكثرةَ فضلِه في حِلْمِه قبلَ انتِقامِه، وعَفْوِه قبلَ عُقوبَتِه.

سؤال: هل من رحمة الله بالكفار أن يكون مقامهم في النار أقل زمنا وبكثير من مقام المؤمنين في الجنة؛ والذي قد يكون لا نهاية له؟.  ولعلّ الإجابة في الحديث الشريف: (ما أنا بالذي لا أقولُ : بأنه سيأتي على جهنمَ يومٌ لا يَبْقى فيه أحدٌ ، وقرأ قولَه : " فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . . . " الآية) ([95])

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة 100).

(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التغابن 9).

(رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا) (الطلاق 11).

(جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البينة 8).

يقول ابن كثير: (قال الإمام أبو جعفر بن جرير : من عادة العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدا قالت : " هذا دائم دوام السموات والأرض ").

الفرع السابع: الموت (المخلوق) يؤتى به على هيئة كبش

الموت (المخلوق): (خلق الموت والحياة ليبلوكم)

(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) ( الملك : 2)

يقول ابن كثير:

"ثم قال : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ) واستدل بهذه الآية من قال : إن الموت أمر وجودي لأنه مخلوق. ومعنى الآية : أنه أوجد الخلائق من العدم ، ليبلوهم ، ويختبرهم أيهم أحسن عملا ؟ كما قال : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) [ البقرة : 28 ] فسمى الحال الأول - وهو العدم - موتا ، وسمى هذه النشأة حياة . ولهذا قال : ( ثم يميتكم ثم يحييكم ) [ البقرة : 28 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا خليد ، عن قتادة في قوله : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ) قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله أذل بني آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ، ثم دار موت ، وجعل الآخرة دار جزاء ، ثم دار بقاء " .

ورواه معمر ، عن قتادة .

وقوله : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) أي : خير عملا كما قال محمد بن عجلان : ولم يقل أكثر عملا .  ثم قال : ( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) أي : هو العزيز العظيم المنيع الجناب ، وهو مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب ، بعدما عصاه وخالف أمره ، وإن كان تعالى عزيزا ، هو مع ذلك يغفر، ويرحم، ويصفح، ويتجاوز ." انتهى

يُؤْتَى بالمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ

(يُقالُ لأهْلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ لا مَوْتَ، ولِأَهْلِ النَّارِ: يا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لا مَوْتَ.) (الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 6545 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ، انظر شرح الحديث رقم 5415

(يُؤْتَى بالمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، فيُنادِي مُنادٍ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنادِي: يا أهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: وهلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، فيُذْبَحُ، ثُمَّ يقولُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ويا أهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}، وهَؤُلاءِ في غَفْلَةٍ أهْلُ الدُّنْيا {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39].) (الراوي : أبو سعيد الخدري ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 4730 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[

شرح الحديث

(كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرَقِّقُ قلوبَ النَّاسِ بالترغيبِ تارةً وبالترهيبِ أُخرى، وكان يخبرُهم بما أطلَعَه اللهُ عليه من أمورِ يومِ القيامةِ، وما سيكونُ مِن خُلودٍ في الجنَّةِ أو النَّارِ؛ حتى يكونَ النَّاسُ على حَذَرٍ ووَجَلٍ، فيَعمَلوا ويجتَهِدوا في الصَّالحاتِ، ويَبتَعِدوا عن الذُّنوبِ والسَّيِّئاتِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يؤتَى بالموتِ، وهو مخلوقٌ من مخلوقاتِ ربِّ العِزَّة، ويدُلُّ عليه قَولُه تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2]، وذلك الموتُ يُصَوَّرُ يومَ القيامةِ، «كهيئةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ»، أي: فيه بَياضٌ وسَوادٌ، لكنَّ سَوَادَه أقلُّ، والكبْشُ: فَحْلُ الضَّأْنِ، وعند الترمذيِّ: «فيوقَفُ على السُّورِ الذي بين الجنَّةِ والنَّارِ»، «فيُنادِي مُنادٍ» أي: يقولُ الملَكُ الموكَّلُ بالنِّداءِ: «يا أَهلَ الجنَّة، فيَشْرَئبُّون»، أي: يَمُدُّون أعناقَهم ورِقابَهم ويَرفَعون رُؤوسَهم ويَنظُرون، «فيَقول لهم: هل تَعرفونَ هذا؟ فيقولون: نعمْ، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآه»، أي: عَرَفَه بما يُلْقِيه اللهُ في قُلوبِهم أنَّه الموتُ، «ثمَّ يُنادِي المنادِي: يا أهلَ النَّار، فيَشْرَئِبُّون ويَنظُرون، فيقول: هلْ تَعرِفون هذا؟ فيقولون: نعمْ، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآهُ، فيُذبَح»، وذلك زيادةٌ في نَعِيم المؤمنين، فلا يُفكِّروا أنَّ النَّعيم سيَنتَهي، ونِكايةٌ في عذابِ الكافرين فلا يُفكِّروا أنَّ العذابَ سينتهي. «ثمَّ يَقول الْمُنادي: يا أهلَ الجنَّة خلودٌ» أبَدَ الآبدِين، «فلا مَوتَ، ويا أهلَ النَّارِ خُلودٌ» أبدَ الآبدين، ((فلا موتَ»، وكما هو مُقَرَّرٌ في عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ وما ثبت في النُّصوصِ أنَّ الخلودَ في الجنَّةِ يختَصُّ بكُلِّ من آمَنَ باللهِ عزَّ وجَلَّ، سواءٌ كان من أمَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو من الأُمَمِ السَّابقةِ، ويختصُّ بالخلودِ في النَّارِ كُلّ من أشرك باللهِ عزَّ وجَلَّ وكَفَر به.

ثمَّ قرَأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَأَنْذِرْهُمْ} أي: أنذِرْ -يا محمَّدُ- جَميعَ النَّاسِ {يَوْمَ الْحَسْرَةِ}، يعني: يومَ القيامةِ يتحَسَّرُ المسيءُ ويندَمُ إذ لم يُحسِنْ، والمقصِّرُ إذ لم يزدَدْ من الخيرِ، ومن موجِباتِ تلك الحَسرةِ ما جاء في هذا الحديثِ، وهو خلودُ الكُفَّارِ في النَّارِ. {إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} بأنْ فُصِل بين أهلِ الجنَّة والنَّار، ودخَل كلٌّ إلى ما صار إليه مُخلَّدًا فيه، {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} في الدُّنيا؛ إذِ الآخِرةُ ليسَتْ دارَ غَفْلةٍ، {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]؛ نفَى عنهم الإيمانَ على سَبيلِ الدَّوامِ مع الاستمرارِ في الأزمنةِ الماضِية والآتِيةِ على سَبيلِ التَّأكيدِ والمبالَغةِ.

وفي الحَديثِ: خُلودُ أهلِ النَّارِ مِن الكافِرِينَ فيها لا إلى أَمدٍ ولا غايةٍ، بلا موتٍ ولا حياةٍ نافعةٍ ولا راحةٍ، وأنَّهم لا يَخرُجون مِنها، وأنَّ النارَ لا تَفْنَى، ولا تَزولُ، ولا تَبقَى خاليةً، وأنَّها إنَّما تُخلَى فقط مِن عُصاةِ أهلِ التَّوحيدِ.

وفيه: التحذيرُ مِن يومِ القيامةِ وما يقع فيه.)  انتهى .

المناقشة:

«ثمَّ يُنادِي المنادِي: يا أهلَ النَّار، فيَشْرَئِبُّون ويَنظُرون، فيقول: هلْ تَعرِفون هذا؟ فيقولون: نعمْ، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآهُ، فيُذبَح» .  أقول: ولعلّ من دلائل هذا الحديث أيضاً: أنّ الموتَ الّذي كان يفعل فعله في مخلوقات الله طيلة الحياة الدنيا هو أيضاً يموت ويتوقف فعله.  وكما أنّ المخلوقات تموت وتبعث؛ فإنّ الموت كذلك قد يموت ويبعث.  وبالتالي فإنّ كلّ مخلوق ومهما طالت حياته فإنّ له أجلاً لا يجاوزه.  وحتى إبليس عليه لعنة الله، والذي طلب من الله أن يمهله إلى يوم الوقت المعلوم ، فإنه يموت يوم القيامة ويبعث ليتقدّم أتباعه إلى جهنم وبئس المصير.  وبالتالي فإنّ هذا الموت والذي يُصَوَّرُ يومَ القيامةِ، «كهيئةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ» ، فيُذبَح ، وذلك زيادةٌ في نَعِيم المؤمنين، ونِكايةٌ في عذابِ الكافرين هو أيضاً  سيبعث؛ فإنّ الموت كذلك هو مخلوق يموت ويبعث.

ولعلّ من دلالة هذا الحديث أنّ يوم القيامة هو نهاية دورة كونية، وفيما يخصّ هذه الدورة وأهلها فإنّ الموت فيهم يكون قد تحقّق وأنهم يوم القيامة يبعثوا من جديد ليواجهوا حياة طويلة الأمد (بلا موت): أهل الجنة في النعيم المقيم، وأهل النار في العذاب والبؤس والشقاء.  فنعيم أهل الجنة مخلوق يتجدّد ، وعذاب أهل النار لظى وسعير يُوقدُ فيزيدهم سعيراً .  ولا أرجّح أنّ الكافر الّذي سيدخل النار سيبقى فيها حيّا ومعذباً إلى زمن لانهائي (infinity).

الفرع الثامن: اللانهائي والرياضيات ([96])

كلمة لانهاية (بالإنجليزية: infinity) تدل على "ما لا حدود له" أو " اللامنتهي" أو "غير المحدود" تستخدم بعدة مفاهيم مختلفة لكن يجمع بينها جميعا فكرة واحدة هي "عدم وجود نهاية".  من هذا المنطلق فهي ترتبط بالفلسفة والرياضيات والإلهيات .

وأوّل من استعمل الرمز المعروف الآن (∞) لهذا التعبير، كان جون واليس سنة 1655 في مؤلَّفيه: الأوّل De Sectionibus Conicis ، وبعدها في  Arithmetica Infinitorum  .

في الثقافة الشعبية، اللانهاية عادة هي شيء يمكن تشبيهه "بأكبر عدد ممكن" أو أبعد مسافة ممكنة، ففي ذهن الكثير يبقى التساؤل: ما هو بعد اللانهاية، لكن الكثير أصبح يعتبر سؤال ما بعد اللانهاية أمرا سخيفا لأن اللانهاية تمثل رمز لما لا يمكن تخيل ما هو أكبر منه.

في الرياضيات، اللانهاية تستخدم لقياس كمية غير محدودة، ويرمز لها بالرمز () . وهو كيان مختلف عن أي كيان عددي آخر في خاصياته وسلوكه.

كانت لدى القدماء العديد من المفاهيم حول طبيعة اللانهاية، إذ لم يكن قدماء الهنود، والإغريق قادرين على التعبير عنها في صورة رياضياتية أكثر منها فلسفية.

تأتي الدلائل التاريخية للانهاية ربما في (زينون من إيليا) وتعود في قدمها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي فلسفة ما قبل سقراط. بالمقابل، فإن الهلنستيين فضلوا تمييز اللانهاية الكامنة من اللانهاية الحقيقية. على سبيل المثال، وبدلاً من القول بوجود عدد لا نهائي من الأعداد الأولية، فضل إقليدس الاستعاضة عن ذلك بقوله أن هناك أعداد أولية أكثر من تلك المحتواة في أي مجموعة من الأعداد الأولية. كما أن دراسات حديثة أشارت إلى أن أرشيمدس كانت له حدسية بشأن الكميات اللانهائية الفعلية.

كذلك جاء في مخطوطة هندية قديمة أنه "إذا عزلنا جزء من لا نهاية أو أضفنا جزء إلى لا نهاية، فإن ما يتبقى يظل لا نهائياً". صنف علماء الرياضيات الهنود في القرن الرابع قبل الميلاد - صنفوا الأعداد إلى ثلاث فئات: معدودة، غير معدودة، ولا نهائية.

اللانهاية المطلقة (Absolute Infinity): بشكل عام تحاول الفلسفة والإلهيات أن تستكشف اللانهاية ضمن نقاشها للأعظم والمطلق The Absolute، والله.

الفرع التاسع: العرب واللانهائي ([97])

والعرب أيضًا هم الذين سبقوا أوروبا بنحو سبعمائة عام قبل إنجلترا وألمانيا، إلى إيجاد الحساب الخلافي (التفاضلي)، وصاحِبَا الفضل في إيجاده: الطبيب الفيلسوف ابن سينا (890 - 1038)، واللاهوتي الغزالي (1053 - 1111)...، لقد أضاف ابن سينا - عن طريق بحوثه العلمية التي لم يسبقه إليها أحد - الكثير من النظريات الطبيعية، كذلك عالج اللانهائي ... في الطبيعة والرياضيات، ولا شك أن أوروبا لم تنتبه إلى مثل هذه النظريات الخاصة باللانهائي... إلا في القرن السابع عشر الميلادي، بفضل أمثال: نيوتن، وليبنيتز...

أشار ابن كثير إلى قول الإمام أبو جعفر بن جرير : (من عادة العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدا قالت : " هذا دائم دوام السموات والأرض ").  وإنّ فترة دوام السموات والأرض هي فترة زمنية محدودة تتضاءل في مقابل المالانهاية (infinity).  وبالتالي فإن العرب قبل الإسلام لم يكن لديهم أي فهم أو تصور للانهائي (infinite).  وإنما جاءهم هذا المفهوم من خلال عقيدة الإسلام وتوحيد الله وإفراده سبحانه وتعالى بصفات الجمال والكمال المطلق واللانهائي ([98]).  وبالتالي فإن "أبدا" هي زمناً من رتبة فترة دوام السموات والأرض؛ تعادل عمر الكون منذ بداية خلقه إلى أن تقوم الساعة؛ وهذ فترة زمنية محدودة لم ولن تبلغ المالانهاية.

مفهوم المالانهاية (infinity) لا يتجلى إلا من خلال الكمال المطلق الذي تفردت به أسماء الله ([99]).  وفيما يلي بعض الآيات:

(وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ):  هذا الكون الذي لا يقل نصف قطره عن سبعة تريليون سنة ضوئية هو مجموع مقبوض يوم القيامة بيد العزيز الجبار سبحانه !.

The universe is at least 250 times larger than the observable universe, or at least:

250*28 Billion Lyrs = 7 trillion light-years across.

بينما قد يزيد قطر الكون عن 250 ضعف قطر الكون المرئي؛ حوالي 7 تريليون سنة ضوئية ([100]).

 (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا): التضخم الكوني (inflation) تفسره الآية : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( يس: 82)

(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ): التضخم الكوني يعكس قدرة لانهائية بالمفهوم الفيزيائي؛ حيث القدرة هي الشغل المبذول في وحدة الزمن، والشغل مهول والزمن يؤول إلى الصفر؛ وبالتالي فالقدرة لانهائية.  والتوسع الكوني هذا (سبعة تريليون سنة ضوئية) والذي دام ويدوم بمقدار عمر الكون يقبض يوم القيامة في لحظة: (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) .  وهذا أيضا يعكس قدرة لانهائية.

الله هو الخالق الحي القيوم المبديء المعيد الواحد الأحد الفرد الصمد المتفرد بالجمال والكمال أللانهائي.  وأما ما عداه سبحانه ، فالكل مخلوق يموت؛ وكذا الكون ؛ ليستبدل بآخر: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (إبراهيم: (48)؛ ويكون هذا والناس على الصراط: ([101]).  وكذا الجنة والنار؛ فلكل دورة كونية جنتها ونارها الخاصين بها.  النار مخلوقة وتفنى بعد زمن يقدر بطول فترة حياة الكون ؛ وليخلق بعدها نار جديدة للكفرة والعصاة من أهل دورة كونية جديدة.  ولا يجوز أن نزعم أنّ النار تدوم فترة لانهائية من الزمن؛ فالله سبحانه وتعالى هو وحده الأوّل لا شيء قبله، وهو الآخر لا شيء بعده، وكل ما سواه فهو مخلوق له بداية في الزمان والمكان؛ كما أنّ لها نهاية في الزمان والمكان.

الفرع العاشر: معاني كلمة أبداً ([102])

أبَداً: (اسم)

ظرف زمان لتأكيد المستقبل ويدلّ على الاستمرار ويستعمل مع الإثبات والنفي ، مدى الدَّهْر لا أفعله أَبَدًا .

دائمًا أَبَدًا : باستمرار.

تعريف ومعنى أبدا في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ، الرائد ، لسان العرب، القاموس المحيط. قاموس عربي عربي

أبَدًا : ظرف زمان للمستقبل ، يستعمل مع الإثبات والنفي ، ويدُل على الاستمرار ، نحو : (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) (الأحزاب آية 65). وقد يُقيَّد هذا الاستمرار بقرينة، نحو : (إنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا ما دَامُوا فِيهَا) (المائدة آية 24) .

المعجم: المعجم الوسيط

أبَداً: ظَرْفُ زَمَانٍ لِلتَّأْكِيدِ نَفْياً بِمَعْنَى قَطْعاً وَمُطلَقاً .

1 - لَنْ أَفعَلَ مَا يُسِيءُ إِلَيْكَ أبَداً :- : لَنْ أقُومَ بذَلِكَ مُطْلَقاً ، قَطْعًا . الكهف آية 20 وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أبَداً ( قرآن ) التوبة آية 83 فَقُل لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أبَدًا وَلنْ تُقَاتِلوا ( قرآن )

وأرى أنّ هذا الاستمرار على مدى الحياة القصيرة والفانية.

2 - أرَأيْتَ مُتْعَتَنَا هَذِهِ أَلِعَامِنَا أمْ لِلأبَدِ . (سراقة بن مالك ) : أيْ إِلَى آخِرِ العُمْرِ ، عَلَى الدَّوَامِ : لأبَدِ الآبِدِ .

المعجم: الغني

وهذا الاستمرار على مدى الحياة الدنيا الفانية: (بعثت أنا والساعة كهاتين إن كادت لتسبقني)

" الأَبَدُ : الدهر ؛ وهو فترة محدودة بهذا الفهم ([103])، والجمع آباد وأُبود ؛ وفي حديث الحج : (ثمَّ قام سُراقةُ بنُ مالكٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أرأَيْتَ مُتْعَتَنَا هذه لعامِنا هذا أمْ للأبَدِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بلْ هي أبَدٌ.) ([104]).

(أَهْللنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بذي الحُلَيْفةِ بالحجِّ خالِصًا ، لا نخلطُهُ بعمرةٍ . فقدِمنا مَكَّةَ لأربعِ ليالٍ خَلونَ مِن ذي الحجَّةِ ، فلمَّا طُفنا بالبيتِ ، وسَعينا بينَ الصَّفا والمروةِ ، أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن نَجعلَها عُمرةً ، وأن نَحلَّ إلى النِّساءِ . فقُلنا: ليسَ بينَنا وبينَ عرفةَ إلَّا خمسُ ليالٍ، فنخرجُ إليها وذَكَرُ أحدنا يقطرُ مَنيًّا.  فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنِّي لأبرُّكم وأصدقُكُم، فلَولا الهديُ ، لحلَلتُ فقامَ سُراقةُ بنُ مالِكِ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ مُتعتُنا هذِهِ ، لعامِنا هذا أم للأبَدِ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: بل لأبَدِ الأبَدِ) ([105]).

(أَهْلَلنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بالحجِّ خالِصًا لا يخالِطُهُ شيءٌ فقدِمنا مَكَّةَ لأربعِ ليالٍ خلَونَ من ذي الحجَّةِ فطُفنا وسعينا ثمَّ أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أن نُحلَّ وقالَ لَولا هديي لحلَلتُ ثمَّ قامَ سُراقةُ بنُ مالِكٍ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ مُتعتَنا هذِهِ ألعامِنا هذا أم للأبَدِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بل هيَ للأبَدِ قالَ الأوزاعيُّ سَمِعْتُ عطاءَ بنَ أبي رباحٍ يحدِّثُ بِهَذا فلَم أحفَظهُ حتَّى لقيتُ ابنَ جُرَيْجٍ فأثبتَهُ لي) ([106])

(وفي روايةٍ : فقال:  أحِلُّوا من إحرامِكم ، فطوفوا بالبيتِ ، وبين الصفا والمروةِ وقصّرُوا ، وأقيموا حلالًا . حتى إذا كان يومَ الترويةِ فأهِلُّوا بالحجِّ واجعلوا التي قدِمْتُمْ بها متعةً ) . فقام سراقةُ بنُ مالكِ بنُ جعشمٍ ( وهو في أسفلِ المروةَ ) فقال:  يا رسولَ اللهِ [ أرأيتَ عُمْرَتَنا ( وفي لفظٍ : مُتْعَتَنا ) هذه ] [ أ ] لعامِنا هذا أم لأبدِ [ الأبدِ ] ؟ [ قال ] فشبَّك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أصابعَه واحدةً في أخرى وقال:  دخلتِ العمرةُ في الحجِّ [ إلى يومِ القيامةِ ] لا بل لأبدِ الأبدِ ، [ لا بل لأبدِ الأبدِ ] ، [ ثلاثَ مراتٍ ]  . ..  ) ([107]) .

أَرأَيت مُتْعَتَنا هذه أَلِعامنا أَم للأَبد ؟ فقال:  بل هي للأَبد ؛ وفي رواية : أَلعامنا هذا أَم لأَبَدٍ ؟ فقال:  بل لأَبَدِ أَبَدٍ ؛ وفي أُخرى : بل لأَبَدِ الأَبَد أَي هي لآخر الدهر .  وهذا الاستمرار يكون فقط على مدى الحياة الدنيا الفانية.

حديث لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ: (بَلَغَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنِّي أَصُومُ أَسْرُدُ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إلَيَّ وإمَّا لَقِيتُهُ، فَقالَ: أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي اللَّيْلَ؟ فلا تَفْعَلْ، فإنَّ لِعَيْنِكَ حَظًّا، وَلِنَفْسِكَ حَظًّا، وَلأَهْلِكَ حَظًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ مِن كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ تِسْعَةٍ قالَ: إنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِن ذلكَ، يا نَبِيَّ اللهِ، قالَ: فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ قالَ: وَكيفَ كانَ دَاوُدُ يَصُومُ؟ يا نَبِيَّ اللهِ، قالَ: كانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى قالَ: مَن لي بهذِه؟ يا نَبِيَّ اللهِ، قالَ عَطَاءٌ: فلا أَدْرِي كيفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأبَدِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ، لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ، لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ.) (الراوي : عبدالله بن عمرو، المحدث : مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1159 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 8094)

(قالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ، هَجَمَتْ له العَيْنُ، وَنَهَكَتْ لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ قُلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى. [وفي رواية]: بهذا الإسْنَادِ، وَقالَ وَنَفِهَتِ النَّفْسُ.) (الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث: مسلم، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1159 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ )

الأبَدَ هنا طيلة فترة عمر الإنسان .

المعاني اللغوية

‏ وأَبَدٌ أَبيد : كقولهم دهر دَهير .

‏ ولا أَفعل ذلك أَبد الأَبيد وأَبَد الآباد وأَبَدَ الدَّهر ... ، وقولهم لا أَفعله أَبدَ الآبدين كما تقول دهرَ الداهرين.

‏ والأَبَدُ : الدائم، والتأْبيد : التخليد ‏.

‏ وأَبَدَ بالمكان يأْبِد ، بالكسر ، أُبوداً : أَقام به ولم يَبْرَحْه ‏ .

‏ وأَبَدْتُ به آبُدُ أُبوداً ؛ كذلك ‏ .

‏ وأَبَدَت البهيمةُ تأْبُد وتأْبِدُ أَي توحشت ‏ .

‏ والتأَبُّد : التوحش.

‏ وأَبِدَ الرجلُ ، بالكسر : توحش، فهو أَبِدٌ.

‏ قال رافع بن خديج : (... وأَصَبْنَا نَهْبَ إبِلٍ وغَنَمٍ، فَنَدَّ منها بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لِهذِه الإبِلِ أوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ منها شيءٌ فَافْعَلُوا به هَكَذَا.) (الراوي : رافع بن خديج ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5509 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ).

الأَوابد جمع آبدة ؛ وهي التي قد توحشت ونفرَت من الإِنس؛ ومنه قيل الدار إِذا خلا منها أَهلها وخلفتهم الوحش بها ؛ قد تأَبدت‏ .

‏ وأَتان أَبَدٌ : وحشية.

‏ والآبدة : الداهية تبقى على الأَبد ‏.

‏ والآبدة : الكلمة أَو الفعلة الغريبة.

‏ويقال للطير المقيمة بأَرضٍ شتاءَها وصيفها : أَوابد من أَبَدَ بالمكان يأْبِدُ فهو آبد ، فإِذا كانت تقطع في أَوقاتها فهي قواطع ، والأَوابد ضد القواطع من الطير‏ .

‏ وأَتان أَبِد: في كل عام تلد.

‏ قال: وليس في كلام العرب فَعِلٌ إِلا أَبِدٌ وأَبِلٌ وبلِحٌ ونَكِحٌ وخَطِبٌ إِلا أَن يتكلف فيبني على هذه الأَحرف ما لم يسمع عن العرب ؛ ابن شميل : الأَبِدُ الأَتان تَلد كل عام ؛ قال أَبو منصور: أَبَلٌ وأَبِد مسموعان، وأَما نَكِحٌ وخَطِبٌ فما سمعتهما ولا حفظتهما عن ثقة ولكن يقال بِكْحٌ وخِطْبٌ .

‏وقال أَبو مالك: ناقة أَبِدَةٌ إِذا كانت ولوداً، قيَّد جميع ذلك بفتح الهمزة؛ قال الأَزهري: وأَحسبهما لغتين أَبِد وإِبِدٌ.

‏ويقال:  وقف فلان أَرضه مؤَبَّداً إِذا جعلها حبيساً لا تُباع ولا تورث .

‏وقال عبيد بن عمير : الدنيا أَمَدٌ والآخرة أَبَدٌ.

الأحاديث كثيرة جدا ومنها:

(يُنادِي مُنادٍ: إنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا فلا تَمُوتُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَنْعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أبَدًا فَذلكَ قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {وَنُودُوا أنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: 43[) ([108]).

(يُنادِي مُنادٍ: إنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا فلا تَمُوتُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَنْعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أبَدًا فَذلكَ قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {وَنُودُوا أنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: 43[) ([109]).

(... قال أبو هُريرةَ ... إنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ( كان رجُلانِ مِن بني إسرائيلَ متواخيَيْنِ أحدُهما مُجتهِدٌ في العبادةِ والآخَرُ مُذنِبٌ فأبصَر المُجتهدُ المُذنِبَ على ذنبٍ فقال له: أقصِرْ فقال له: خَلِّني وربِّي قال: وكان يُعيدُ ذلك عليه ويقولُ: خَلِّني وربِّي حتَّى وجَده يومًا على ذنبٍ فاستعظَمه فقال وَيْحَك أقصِرْ قال خلِّني وربِّي أبُعِثْتَ عليَّ رقيبًا ؟! فقال: واللهِ لا يغفِرُ اللهُ لك أبدًا أو قال: لا يُدخِلُك اللهُ الجنَّةَ أبدًا فبُعِث إليهما ملَكٌ فقبَض أرواحَهما فاجتمَعا عندَه جلَّ وعلا فقال ربُّنا للمُجتهِدِ: أكُنْتَ عالِمًا أم كُنْتَ قادرًا على ما في يدي أم تحظُرُ رحمتي على عبدي؟ اذهَبْ إلى الجنَّةِ يُريدُ المُذنِبَ وقال للآخَرِ: اذهبَوا به إلى النَّارِ فوالَّذي نفسي بيدِه لَتكلَّم بكلمةٍ أوبقَتْ دنياه وآخِرتَه ) ([110]).

(فينادي مع ذلك أنَّ لكم أنْ تَحيوا فلا تَموتوا أبدًا وأنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تسقموا أبدًا وأنَّ لكم أنْ تشِبُّوا فلا تَهْرموا أبدًا وأنَّ لكم أنْ تَنْعَموا فلا تَبْأسوا أبدًاقال يتنادونَ بهذهِ الأربعةِ) ([111]).

(ينادى مُنادٍ : إنَّ لكم أن تَصِحُّوا فلا تسقَموا أبدًا ، و إنَّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا ، و إنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تهرَمواأبدًا ، و أنَّ لكم أن تنعَموا فلا تبْأسوا أبدًا) ([112]).

(يُنادي مُنادٍ : إنَّ لَكُم أن تَحيوا فلا تموتوا أبدًا ، وإنَّ لَكُم أن تَصِحُّوا فلا تسقَموا أبدًا ، وإنَّ لَكُم أن تَشبُّوا فلا تَهْرَمواأبدًا ، وإنَّ لَكُم أن تنعَموا فلا تبأَسوا أبدًا ، فذلِكَ قولُهُ تعالى : وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتي أُورِثتُمُوهَا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ([113]).

(فيُنادَى مع ذلك: إنَّ لكم أنْ تَحيَوْا فلا تموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تَسقَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمواأبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَنْعَموا فلا تَبْأَسوا أبدًا. قال: يَتَنادَوْن بهذه الأربعةِ.) ([114]).

(إنَّ لكم أنْ تَحيَوْا، فلا تَموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تَسقَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَشِبُّوا فلا تَهرَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَنعَّموا فلا تَبأَسوا أبدًا"، قال: "يُنادَوْنَ بهؤلاء الأربعِ".) ([115]).

(مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهو في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فيه خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا.) ([116]).

في هذا الحَديثِ يَقولُ أبو هُريرَةَ رَضيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قالَ: مَن تَردَّى مِن جَبلٍ، أيْ: أسقَطَ نَفسَه مِنهُ فَقَتلَ نَفسَه، أيْ: تَعمَّدَ قَتلَ نَفسِه، فَهوَ في نارِ جَهنَّمَ يَتردَّى فيها خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا. وَمَن تَحسَّى، أيْ: تَجرَّع سُمًّا فَقتَلَ نَفسَه، أيْ: تَعمَّدَ ذَلكَ، فسُمُّه في يَدهِ يَتحسَّاه، أيْ: يَتَعاطاهُ ويَتجرَّعُه في نارِ جَهنَّمَ خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا. ومَنْ قَتلَ نَفسَه بحَديدَةٍ، أيْ: طَعنَ نَفسَه بسِلاحٍ وَغَيرِه، فَحَديدَتُه في يَدِه يَجأُ، أي: يَطْعُن بها في بَطنِه في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا.
وقوله: "خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا" محمولٌ على مَن فَعَل ذلِك مُستحِلًّا له مع عِلْمِه بالتَّحريمِ، أو على أنَّه يَعْني طُولَ المُدَّةِ والإقامةِ التي يُخلَّدُ فيها قاتلُ نفْسِه إنْ أُنفِذَ عليه الوعيدُ، ولا يَعنِي خُلودَ الدَّوامِ.
في الحَديثِ: الوَعيدُ الشَّديدُ لِمَن قَتلَ نَفسَهُ.

المبحث الخامس: هل الكون يتأرجح ويهتز ويعيد نفسه

Oscillating universes

Oscillating Universe Theory

The Oscillating Universe Theory is a cosmological model that combines both the Big Bang and the Big Crunch as part of a cyclical event. That is, if this theory holds true, then the Universe in which we live in exists between a Big Bang and a Big Crunch:

ويدلُّ على ذلك قوله جلّ وعلا:

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) [الأنبياء 30].  

(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر 67 ).

(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).

In other words, our universe can be the first of a possible series of universes or it can be the nth universe in the series.

As we know, in the Big Bang Theory, the Universe is believed to be expanding from a very hot, very dense, and very small entity. In fact, if we extrapolate back to the moment of the Big Bang, we are able to reach a point of singularity characterized by infinitely high energy and density, as well as zero volume.

This description would only mean one thing – all the laws of physics will be thrown out of the window. This is understandably unacceptable to physicists. To make matters worse, some cosmologists even believe that the Universe will eventually reach a maximum point of expansion and that once this happens, it will then collapse into itself.

This will essentially lead to the same conditions as when we extrapolate back to the moment of the Big Bang. To remedy this dilemma, some scientists are proposing that perhaps the Universe will not reach the point of singularity after all.

Instead, because of repulsive forces brought about by quantum effects of gravity, the Universe will bounce back to an expanding one. An expansion (Big Bang) following a collapse (Big Crunch) such as this is suitably called a Big Bounce. The bounce marks the end of the previous universe and the beginning of the next.

The probability of a Big Bounce, or even a Big Crunch for that matter, is however becoming negligible. The most recent measurements of the CMBR or cosmic microwave background radiation shows that the Universe will continue on expanding and will most likely end in what is known as a Big Freeze or Heat Death.

CMBR readings are currently being gathered by a very accurate measuring device known as the WMAP or Wilkinson Microwave Anisotropy Probe. It is the same device that has measured with sharp precision the age of our universe. It is therefore highly unlikely that future findings will deviate largely from what has been discovered regarding the Universe’s expansion now.

There is however one mysterious entity whose deeper understanding of may change the possibilities. This entity, known as dark energy, is believed to be responsible for pushing the galaxies farther apart and subsequently the universe’s accelerated expansion. Unless its actual properties are very dissimilar from what it is showing now, we may have to shelve the Oscillating Universe Theory.

المخرج من هذا هو أنّ الله سبحانه وتعالى بقوته يوسع بناء السماء المحكم الشديد الذي ليس في شقوق أو فطور؛ فتتولد طاقة الفراغ (dark energy) : (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ): التضخم الكوني يعكس قدرة لانهائية بالمفهوم الفيزيائي.  والتوسع الكوني هذا (سبعة تريليون سنة ضوئية) والذي دام ويدوم بمقدار عمر الكون سينتهي يوم القيامة حيث يتشقق هذا البناء ويتفطر وتطوى المادة المظلمة في طور نقيض حقبة التضخم: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر 67 ).

وهذا أيضا يعكس قدرة لانهائية.  فيكون يوم القيامة مع نهاية دورة كونية: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).

Implications for the fate of the universe [ [117] ]

Cosmologists estimate that the acceleration began roughly 5 billion years ago.[78][notes 1] Before that, it is thought that the expansion was decelerating, due to the attractive influence of matter. The density of dark matter in an expanding universe decreases more quickly than dark energy, and eventually the dark energy dominates. Specifically, when the volume of the universe doubles, the density of dark matter is halved, but the density of dark energy is nearly unchanged (it is exactly constant in the case of a cosmological constant).

Projections into the future can differ radically for different models of dark energy. For a cosmological constant, or any other model that predicts that the acceleration will continue indefinitely, the ultimate result will be that galaxies outside the Local Group will have a line-of-sight velocity that continually increases with time, eventually far exceeding the speed of light.[79] This is not a violation of special relativity because the notion of "velocity" used here is different from that of velocity in a local inertial frame of reference, which is still constrained to be less than the speed of light for any massive object (see Uses of the proper distance for a discussion of the subtleties (الدّقة) of defining any notion of relative velocity in cosmology). Because the Hubble parameter is decreasing with time, there can actually be cases where a galaxy that is receding from us faster than light does manage to emit a signal which reaches us eventually.[80][81] However, because of the accelerating expansion, it is projected that most galaxies will eventually cross a type of cosmological event horizon where any light they emit past that point will never be able to reach us at any time in the infinite future[82] because the light never reaches a point where its "peculiar velocity" toward us exceeds the expansion velocity away from us (these two notions of velocity are also discussed in Uses of the proper distance). Assuming the dark energy is constant (a cosmological constant), the current distance to this cosmological event horizon is about 16 billion light years, meaning that a signal from an event happening at present would eventually be able to reach us in the future if the event were less than 16 billion light years away, but the signal would never reach us if the event were more than 16 billion light years away.[81]

As galaxies approach the point of crossing this cosmological event horizon, the light from them will become more and more redshifted, to the point where the wavelength becomes too large to detect in practice and the galaxies appear to vanish completely[83][84] (see Future of an expanding universe). Planet Earth, the Milky Way, and the Local Group of which the Milky way is a part, would all remain virtually undisturbed as the rest of the universe recedes and disappears from view. In this scenario, the Local Group would ultimately suffer heat death, just as was hypothesized for the flat, matter-dominated universe before measurements of cosmic acceleration.

There are other, more speculative ideas about the future of the universe. The phantom energy model of dark energy results in divergent expansion, which would imply that the effective force of dark energy continues growing until it dominates all other forces in the universe. Under this scenario, dark energy would ultimately tear apart all gravitationally bound structures, including galaxies and solar systems, and eventually overcome the electrical and nuclear forces to tear apart atoms themselves, ending the universe in a "Big Rip". It is also possible the universe may never have an end and continue in its present state forever [citation needed] (see The second thermodynamics law as a law of disorder). On the other hand, dark energy might dissipate with time or even become attractive. Such uncertainties leave open the possibility that gravity might yet rule the day and lead to a universe that contracts in on itself in a "Big Crunch",[85] or that there may even be a dark energy cycle, which implies a cyclic model of the universe in which every iteration (Big Bang then eventually a Big Crunch) takes about a trillion (1012) years.[86][87] While none of these are supported by observations, they are not ruled out.

 

A small minority of sources argue that distant supermassive black holes whose large size is hard to explain so soon after the Big Bang, such as ULAS J1342+0928,[58] may be evidence that our universe is the result of a Big Bounce, instead of a Big Bang, with these supermassive black holes being formed before the Big Bounce.[59][60]

Perhaps the inflation era or the Big Bounce occurs late as evidenced by the verse: ([10] And He placed on the Ardh firmly set rawasi over its surface, and He blessed it and determined therein its [creatures'] sustenance in four days exactly - for [the information] of those who ask.

[11] Then He directed Himself to the heaven while it was smoke (coupled matter and radiation era) and said to it and to the Ardh, "Come [into being], willingly or by compulsion." They said, "We have come willingly.").  The immediate response to the command of God and by the will of God: (Coming willingly or unwillingly, saying: We will obey) is the evidence of inflation, or the evidence of Big Bounce, inflation was not during the first second of the history of the universe, but after a period of time that exceeds four days (periods); Perhaps it is more than four thousand solar years.

هنالك القليل من المصادر البحثية تزعم أن الثقوب السوداء البعيدة وذات الكتل الهائلة يصعب تفسير اكتسابها الكتل الكبيرة بعد فترة وجيزة من الانفجار العظيم، ومثالها العملاق ULAS J1342+0928، هذه الثقوب السوداء البعيدة وذات الكتل الهائلة قد تكون دليلًا على أن كوننا هو نتيجة ارتداد كبير، بدلاً من ذلك الانفجار العظيم، مع تشكل هذه الثقوب السوداء الهائلة قبل الارتداد الكبير. [59][60]

ولعلّ حقبة التضخم أو الارتداد الكبير جاءت متأخرة بدليل الآية: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).  الاستجابة الفورية لأمر الله وبأمر الله: (ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) هي دليل التضخم، أو دليل الارتداد الكبير، والذي لم يكن خلال الثانية الأولى من عمر الكون، وإنما بعد فترة زمنية تزيد على (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)؛ لعلّها تزيد على أربع آلاف سنة شمسيّة.

 

Cyclic model of the universe could be inferred from Quraan ([118]):

الكون ومقارنة بدايته مع نهايته : الكون غيب وشهادة.  الجزء العلوي من الكون هو سبع سماوات، وأمّا الجزء السفلي أو الداخلي فهو سبع أرضين.  هنالك أحاديث نبوية توضّح أنّ الأرضين السّبع تقلُّ وتحمل فوقها ما تحمله (من مجرّات ونحوها).  السماوات السبع والأرضين السّبع ستعود يوم القيامة إلى حالة الطيّ والقبض والرّتق التي كانت عليها عند بدء الخلق؛ إذ هي الآن فتق ومهاد.  وبالتالي لسوف تتفلت النجوم والمجرّات من عقدها الذي كان يجمعها ، ويسهم في انفراط عقد المجرات والنجوم قبضُ الأرضين التي كانت قبل القيامة مهاداً يحتضن المجرات والعناقيد.  ولسوف تعود السماء يوم القيامة إلى حالة الدّخان التي كانت عليها عند بدء الخلق.  وإنّ اضطراباً قليلاً في كثافة الكون الوليد تنتشر كأمواج صوتيّة.  وتؤثّر هذه بإحداث تغاير بسيط في درجة حرارة إشعاع الخلفية الكوني ، ممّا يؤكد أنّ أمواجا صوتية كانت تغمر الكون الوليد.  ويوم القيامة كذلك تعود الأمواج الصوتيّة لتغمر الكون: فيكون النفخ في الصور، وإنّ عِظَمَ دارَةٍ فيه لكعرضِ السماءِ والأرض.  فينفخ فيه نفخة الصعق ، ثمّ نفخة القيام لرب العالمين.  وسيعود الكون إلى حالة الظلمة التي كان عليها عند بدء الخلق: فهنالك ظلمة يوم القيامة، والظلمة على جسر جهنم ، وظلمة النار وأَدْرَاكها (دركاتها) التي قد تناهى حرُّ أسفلها.

الفرع الأول: لعلّ تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى

الإنسان مخلوق فصفاته مكتسبة طارئة على خلقه، وقد تختلف حسب أحواله.  ألله هو الخالق الباريء المصور له الأسماء الحسنى؛ أسماء الله وصفاته أزلية وذاتية.  فهو الأول لا شيء قبله والآخر لاشيء بعده.  فهو الحيّ القيوم.  وبالتالي فأنت تتكلم عن أدقّ وصف للمالانهاية.  والإنسان ليس بوسعه أن يتصور المالانهاية ولا يمكنه أن يدرك حقيقتها.  وبالتالي حتى المؤمنون عندما يرون الله في الجنة؛ فإنّ ذلك يكون بالقدر الذي يأذن به الله، لأنه يستحيل على الإنسان المحدود بطاقته و وسعه أن يدرك كنه وحقيقة الذات الإلهية التي هي الكمال المطلق واللانهائي: (لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

لعلّ تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى ؛ والتي تعلو على الزمن؛ وليس عملها محدود بزمن دورة كونية واحدة: ألله هو الربُّ الخالق قبل أن يخلق الخلق، الله هو المعبود قبل أن يخلق عباده، الله هو الربُّ الرّزاق قبل أن يخلق الأرزاق.

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ

(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) (الذاريات 58).  إن الله وحده هو الرَّزَّاقُ لخلقه، المتكفل بأقواتهم، ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، لا يُقْهَر ولا يغالَب، فله القدرة و الْقُوَّةُ كلها. (التفسير الميسّر).

(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) يعني : لجميع خلقه ( تفسير البغوي ) .

تفسير السعدي: } إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ { أي: كثير الرزق، الذي ما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا على الله رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، } ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ { أي: الذي له القوة والقدرة كلها، الذي أوجد بها الأجرام العظيمة، السفلية والعلوية، وبها تصرف في الظواهر والبواطن، ونفذت مشيئته في جميع البريات، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يعجزه هارب، ولا يخرج عن سلطانه أحد، ومن قوته، أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم، ومن قدرته وقوته، أنه يبعث الأموات بعد ما مزقهم البلى، وعصفت بترابهم الرياح، وابتلعتهم الطيور والسباع، وتفرقوا وتمزقوا في مهامه القفار، ولجج البحار، فلا يفوته منهم أحد، ويعلم ما تنقص الأرض منهم، فسبحان القوي المتين.

تفسير ابن كثير: وقوله : (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم وأبو سعيد قالا حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأنا الرزاق ذو القوة المتين " .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث إسرائيل ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

(أقرأَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : إنِّي أنا الرزاقُ ذو القوةِ المتينُ) (الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الموارد، الصفحة أو الرقم: 1477 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح)

(أَقرَأَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ [الذاريات: 58].) (الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3993 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح وهذه القراءة شاذة)

وهذه قراءةٌ مَنسوبةٌ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، ولكنَّها غيرُ مُتواتِرَةٍ لفظًا، وإنْ كانت مُتواتِرَةً معنًى.

ومعنى الآية : أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له ، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء ، ومن عصاه عذبه أشد العذاب ، وأخبر أنه غير محتاج إليهم ، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم ، فهو خالقهم ورازقهم.

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عمران - يعني ابن زائدة بن نشيط - عن أبيه ، عن أبي خالد - هو الوالبي - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: ابنَ آدمَ، تَفرَّغْ لعبادتي؛ أَملَأْ صَدرَك غِنًى، وأَسُدَّ فقرَك، وإلَّا تَفعَلْ؛ ملَأتُ صدرَك شُغْلًا، ولَم أَسُدَّ فقرَك.) ([119])

الآية: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) (الزخرف 32).

 في الرياضيات لا يجوز القسمة على صفر.  وبالتالي لعلّ استمرار رحمة الله واستمرار قسمة الأرزاق مؤشر على استمرار الأكوان وتعاقبها في الزمان.

الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (الحجر 86)

} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ { لكل مخلوق } الْعَلِيمُ { بكل شيء، فلا يعجزه أحد من جميع ما أحاط به علمه وجرى عليه خلقه، وذلك سائر الموجودات. (تفسير السعدي)

تفسير ابن كثير: " وقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) تقرير للمعاد ، وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة ، فإنه الْخَلَّاقُ الذي لا يعجزه خلق ما يشاء، وهو الْعَلِيمُ بما تمزق من الأجساد، وتفرق في سائر أقطار الأرض، كما قال تعالى : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ) ( يس : 81 - 83 )

ومرشدا إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء العظيمة، كقوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) ( غافر : 57 ) . وقال هاهنا : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم) أي : مثل البشر ، فيعيدهم كما بدأهم . قاله ابن جرير .

وهذه الآية كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ ۚ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( الأحقاف : 33 ) ، وقال : ( بلى وهو الخلاق العليم ) . "

سبق القول، لعلّ تعدد الأكوان وتعاقبها في الزمان من مقتضى دلالة أسماء الله الحسنى.  وبالتالي فإنّ الزعم أو القول بعدم وجود تتابع زماني للأكوان هو حدّ وتقييد لإرادة الله المطلقة ولمشيئة سبحانه:

مطلق المشيئة والإرادة   فعّالٌ لما يريد

(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (يس 82)

وفي سورة البروج (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ)، يقول سبحانه: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (سورة البروج: 16-13).  هذه الآيات من سورة البروج تؤكد الإرادة الرّبانية المطلقة (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)، كما وتؤكد ديمومة الخلق والإعادة: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)؛ مما قد يشير إلى خلق الأكوان المتعاقبة في الزمان.  وهنالك إشارة ضمنية لهذا الأمر وهي أنّ هذه الآيات موجودة في سورة اسمها (البروج) ، ومعنى البروج هو النجوم والمجرات وعناقيدها.  ونحن نحيا الآن في دنيا الأكوان المتوازية.  وبالتالي فإن من مضامين نظام الزوجية في الخلق أن يكون هنالك تعاقب للأكوان عبر الزمان.

وخلود الكافرين في النار تحكمه المشيئة المطلقة في قوله سبحانه: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) (هود 107).

لقد خلق الله الكون وأسكن فيه مخلوقا عاقلا مكلفاً مخيراً ، ونرى في جنس بني آدم نموذجاً على كوكبنا الأرضي، وأرسل اللهُ إليه الرّسل من جنسه وبلسانه ليبينوا له الهدف والغاية من خلقه، ومراد الله منه ؛ ألا وهو عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد؛ ليصبح هذا المخلوق خليفة ومستخلفا من أجل عمارة كوكبه بتوحيد الله وعبادته.  فالغاية من خلق الكون تجسدها الآية الكريمة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 30).  ورتب على ذلك الجزاء إما الجنة أو النار.  فالحكمة البالغة تقتضي هذا الأمر؛ فلا يمكن لنا أن نتصور أن هنالك من يبني العمارات ليتركها من غير سكان.  ولا يعقل أن تقوم دولة ببناء المدن وتتركها أيضا من غير سكان.  ولا يعقل أن تبنى المعاهد والجامعات وتبقى من غير طلبة.  ومن البدهيات أن يكون في الجامعات اختبارات يترتب عليها نجاحٌ أو رسوب.

لعلّ قول الملائكة (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) أن يشير لرؤيتهم نموذجا لهذا الفساد وسفك الدماء على كوكب ما يتبع لنجمه وتشبه ظروفه أحوال كرتنا الأرضية؛ ولم يشاهدوا مسبقا نموذجا لهذا الفساد وسفك الدماء على كوكبنا الأرضي: كما يفهم من مدلول الكلمة (أَتَجْعَلُ)؛ فالجعل يفيد الصيرورة وتغيّر الحال. بل لعلّ الكواكب الصالحة للحياة عديدة في هذا الكون الواسع؛ وهي تتواجد في العديد من مجرات الكون الفسيح.  وبالتالي يمكننا القول: أنّ الحكمة البالغة والمشيئة المطلقة تقتضي وجود العديد من الكواكب المأهولة والتي جعل الله فيها مخلوقات عاقلة مكلفة ومخيرة على غرار بني آدم.  وهذا له شواهد علمية ([120]) :

“Daughter Universes: The theory of quantum mechanics, which controls over the tiny world of subatomic particles, suggests another way multiple universes might arise. Quantum mechanics describes the world in terms of probabilities, rather than definite outcomes. And the mathematics of this theory might suggest that all possible outcomes of a situation do occur — in their own separate universes. For example, if you reach a crossroads where you can go right or left, the present universe gives rise to two daughter universes: one in which you go right, and one in which you go left.

"And in each universe, there's a copy of you witnessing one or the other outcome, thinking — incorrectly — that your reality is the only reality (التفكير - غير الصحيح - أن واقعك هو الواقع الوحيد)," Greene wrote in "The Hidden Reality." ”([121]).

التفكير - غير الصحيح - أن واقعك هو الواقع الوحيد:

علمُ الله سبحانه وتعالى وسعَ كلّ شيء؛ مما يستلزم إطلاق معاني كلمتي السماء والأرض في الآيات التي تذكر علم الله.  ومنها الآية : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا) 55] الإسراء [17.  و مَنْ تستخدم للعاقل.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج 18).

الآيات من سورة فصّلت: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ  * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ  * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ  * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت 9-12].

يفيد قوله تعالى: (وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا) بأنّ أسباب الحياة الآن موجودة في كل أرجاء الكون (في معظم المجرات) ؛ وذلك من دلالة معنى كلمة الأرض في هذه الآيات: فهي لا تعني الكرة الأرضية (عمري : خلق الكون بين الآيات القرآنيّة والحقائق العلميّة ؛ التفسير الفيزيائي للآية (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا) من سورة فصّلت ). الأرض في هذه الآيات تعني المادة المظلمة الحاضن الجاذبي لنجوم ومجرات الكون.

وفي هذا بعض الروايات :

(عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما في قولِه عزَّ وجلَّ: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ { (الطلاق: 12)، قال: في كلِّ أرضٍ نحوُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ.) ([122]).

 (عنِ ابنِ عباسٍ في قولِهِ تعالى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قال في كلِّ أرضٍ نحوَ إبراهيمَ) ([123]).

 (عن ابنِ عباسٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطلاق : 12 قال سبعُ أرضينَ ، وفي كلِّ أرضٍ نبيٌّ كنبيِّكم، وآدمُ كآدَمِكم ونوحٌ كنوحٍ وإبراهيمُ كإبراهيمَ وعيسى كعيسى) ([124]).

 (عن ابنِ عباسٍ في هذه الآية ومن الأرض مثلهن قال: في كلِّ أرضٍ مثلَ إبراهيمَ ، ونحوٍ ما على الأرضِ من الخلقِ.) ([125]).

 (عن ابنِ عباسٍ في قولِه تعالى (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) قال سَبْعُ أَرَضِينَ في كلِّ أرضٍ نَبِيٌّ كنبيِّكم ، وآدمُ كآدَمِكم ، ونوحٌ كنوحٍ ، وإبراهيمُ كإبراهيمَ ، وعيسى كعيسى) ([126]).

(إنِّي سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يذكرُ السَّبعَ فذَكرَ سبعَ سماواتٍ ومنَ الأرضِ مثلَهنَّ وخلقَ الإنسانَ من سبعٍ ونبتُ الأرضينَ من سبعٍ فقالَ عُمَرُ واللَّهِ إنِّى لأرى القولَ كما قلتَ) ([127]).

لقد ذكرت هذه الروايات؛ علماً أنّ تصوري وتفسيري لماهية الأرضين السبع تختلف (الأرضون السبع: عمري 2004).

Earth analog (نظائر الكرة الأرضية): Earth-size planets within the habitable zones of their stars ([128]).  In 2011 NASA's Jet Propulsion Laboratory (JPL) and based on observations from the Kepler Mission is that about 1.4% to 2.7% of all Sun-like stars are expected to have Earth-size planets within the habitable zones of their stars. This means there could be two billion of them in the Milky Way galaxy alone, and assuming that all galaxies have a similar number as the Milky Way, in the 200 billion galaxies in the observable universe, there may be as many as a    of them

Exploding Star May Have Sparked Formation of Our Solar System ([129]): “The shock wave from an exploding star likely helped trigger the formation of our solar system, according to a new 3D computer model, researchers say.

The solar system is thought to have coalesced from a giant rotating cloud of gas and dust known as the solar nebula about 4.6 billion years ago. For decades, scientists have suspected a star explosion called a supernova helped trigger our solar system's formation. In particular, the shock wave from the explosion is thought to have compressed parts of the nebula, causing these regions to collapse.”.

تقدير عدد الأنظمة على غرار مجموعتنا الشمسية:

There is on average, one supernova explosion every century within our own galaxy …. Recent estimates say there are approximately two trillion galaxies in the observable universe …. Our milky way galaxy is thought to be average in size, so this means there have been approximately two trillion supernova explosions in the observable universe just in the past 100 years!.  It seems likely that we could observe at least millions of supernovae per day if we had instruments pointed in the right directions all the time, but of course this is impossible ([130]).

الفرق بين الجعل والخلق دليل لغوي على وجودها:

يقول السّامرائي: "هناك فرق بين الجعل والخلق فالجعل هو أن تُغيّر الصيرورة فنقول جعلت الماء ثلجاً أي أنه لم يكن فصار (تغيّر حالة المادّة).  وكما جاء في قوله تعالى (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي) (طه 30-29).  لم يكن هارون وزيراً من قبل فصار وزيراً.  وقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة 30): لم يكن فيها خليفة فصار فيها.  وقوله تعالى (وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) بالجملة الفعلية التي تفيد الحدوث ومعلوم أن (جعل) فعل ماض ومعنى ذلك أن الغشاوة لم تكن قبل الجعل.  الجعل في الغالب حالة بعد الخلق أو الإنشاء، فالخلق أقدم وأسبق.  جعل الزرع حطاماً ليست مثل خلق الزرع حطاماً.  جعل بمعنى صيّر، هو خلقه ثم جعله. (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) (المائدة 60):

لا يعني خلقهم وإنما يعني صيّرهم.  إذاً في الغالب الجعل بعد الخلق (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) (البقرة 124) صيّره إماماً وليس خلقه إماماً".

وأمثلة أخرى كثيرةٌ توضّحها الكلمة جَعَلَ ومنها:

بدأ خلق المجرّات والنجوم بعد خلق السّماء ؛ أي بعد الانفجار العظيم بحوالي1.6  مليون سنة -400  مليون سنة.  وهذا الفاصل الزمني تشير إليه الكلمة جَعَلْنَا في قوله سبحانه: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) (الحجر آية 16).  وبدأ تخلق مجموعتنا الشمسيّة بعد الانفجار العظيم بحوالي 8.7 مليار سنة، وهذا ما تؤكّده الكلمة جعل في الآيات: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) (نوح 15 - 16(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا) (الفرقان آية 61).  لقد تأخر خلق البروج (النجوم والمجرّات) عن خلق السّماء: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا).  كما وقد تأخّر خلق الشمس والقمر عن خلق مجرّتنا: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا).

مثال 2: عندما كان عمر الأرض أقل من 600 مليون سنة، كانت درجة حرارة سطحها مرتفعة لا تسمح باستقرار الماء السائل على سطحها.  وبالتالي استمرّت فترة تبخّر وتكثف وهطول الماء على سطح الأرض لفترة زمنيّة بطول 600 مليون سنة، إلى أن بردت واستقرّ سائل الماء على سطحها، وهذا مقتضى الكلمة جَعَلَ في الآية: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) (الرّعد آية 3)؛ فقد تكوّنت الجبال بعد تبرّد الأرض كما وضّحت الآية.

مثال 3: يتحدّد العقم في حالة أسرة ما بعد الزّواج بسنة على الأقلّ.  وهو طارئ لا أصل كما تشير كلمة يَجْعَلُ في الآية: (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا).  فالأصل هو الإنجاب لا العقم كما تقرّر حكمة الخلق وديمومة الحياة والاستخلاف في الأرض.

وقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة 30): لم يكن فيها خليفة فصار فيها.  وبالتالي لعلّ النماذج التي رأتها الملائكة كانت في العديد من الكواكب خارج نظامنا الشمسي والتي تتبع للعديد من مجرات الكون الواسع.

الفرع الثاني: يحيي ويميت

قوله سبحانه واصفاً ذاته " يُحْيِي وَيُمِيتُ "  بالفعل المضارع الذي دلالته الاستمرار؛ بما يناسب الحياة المطلقة: (الحيُّ القيوم).  هاتان الصفتان " يُحْيِي وَيُمِيتُ " وردتا في الآيات التالية:

البقرة - الآية 258 : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).  في كل يوم، وفي غالب بقاع الكرة الأرضية نشاهد هذا الحدث اليومي؛ ألا وهو طلوع الشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ ومغيبهَا في الْمَغْرِبِ؛ ليعكس هذا الحدث في النفوس صورة للإحياء والإماتة: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُوهذا ما لا يقدر عليه أحدٌ إلا الله المتفرد بالجلال والكمال: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ).

آل عمران - الآية 156 : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). 

كما تتوالى الأقوام (آل عمران) في الزمان والمكان ، فكذلك تفعل القدرة الإلهية : (وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ).

الأعراف - الآية 158 : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).  يوم البعث والحساب تتغاير النتائج والمقامات والمساكن (الجنة ودرجاتها، الأعراف، النار ودركاتها)، فتكون المنازلُ بناءً على أفعال المكلفين (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ؛ ويكون ذلك بعد دورات حياة المكلفين : (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ).  يكون يوم القيامة مع نهاية دورة كونية: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).  خَلْقٍ نكرة: ما دلالته؟ إرادة تفصيلهم خلْقاً خلْقاً . أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده (الكشاف للزمخشري صفحة 687 ).

الأحاديث :

(تُحْشَرُونَ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: }كما بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] فأوَّلُ مَن يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ برِجَالٍ مِن أَصْحَابِي ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: أَصْحَابِي، فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عليهم، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ شَهِيدٌ، إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبَادُكَ، وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118]، قالَ: مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ الفَرَبْرِيُّ، ذُكِرَ عن أَبِي عبدِ اللَّهِ، عن قَبِيصَةَ، قالَ: هُمُ المُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا علَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه.) ([131]).

2 - إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: }كما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وعْدًا عليْنا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، وأَوَّلُ مَن يُكْسَى يَومَ القِيامَةِ إبْراهِيمُ، وإنَّ أُناسًا مِن أصْحابِي يُؤْخَذُ بهِمْ ذاتَ الشِّمالِ، فأقُولُ أصْحابِي أصْحابِي، فيَقولُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقابِهِمْ مُنْذُ فارَقْتَهُمْ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ : {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة: 117]- إلى قَوْلِهِ - {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [البقرة: 129].) ([132]).

3 - خَطَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إلى اللَّهِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، }كما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وعْدًا عليْنا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ}، ثُمَّ إنَّ أوَّلَ مَن يُكْسَى يَومَ القِيامَةِ إبْراهِيمُ، ألا إنَّه يُجاءُ برِجالٍ مِن أُمَّتِي، فيُؤْخَذُ بهِمْ ذاتَ الشِّمالِ، فأقُولُ: يا رَبِّ أصْحابِي، فيُقالُ: لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا، ما دُمْتُ فيهم} إلى قَوْلِهِ {شَهِيدٌ} فيُقالُ: إنَّ هَؤُلاءِ لَمْ يَزالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقابِهِمْ مُنْذُ فارَقْتَهُمْ) ([133]).

4 - قَامَ فِينَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، فَقالَ: إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا: }كما بَدَأْنَا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآيَةَ، وإنَّ أوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ، وإنَّه سَيُجَاءُ برِجَالٍ مِن أُمَّتي فيُؤْخَذُ بهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: يا رَبِّ أصْحَابِي، فيَقولُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم} [المائدة: 117]- إلى قَوْلِهِ - {الحَكِيمُ} [البقرة: 32] قالَ: فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقَابِهِمْ.) ([134]).

5 - خَطَبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إلى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قالَ: }كمابَدَأْنَا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} إلى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قالَ: ألَا وإنَّ أوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ، ألَا وإنَّه يُجَاءُ برِجَالٍ مِن أُمَّتي فيُؤْخَذُ بهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: يا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيبَ عليهم وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ شَهِيدٌ} فيُقَالُ: إنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.) ([135]).

6 - قَامَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَطِيبًا بمَوْعِظَةٍ، فَقالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إلى اللهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، }كما بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] أَلَا وإنَّ أَوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى، يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ، أَلَا وإنَّه سَيُجَاءُ برِجَالٍ مِن أُمَّتِي، فيُؤْخَذُ بهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: يا رَبِّ أَصْحَابِي، فيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ، كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عليهم، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ شَهِيدٌ، إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبَادُكَ، وإنْ تَغْفِرْ لهمْ، فإنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118] قالَ: فيُقَالُ لِي: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. وفي حَديثِ وَكِيعٍ وَمُعَاذٍ، فيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أَحْدَثُوا بَعْدَكَ.) ([136]).

تفسير البغوي: ( كما بدأنا أول خلق نعيده ) أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا كذلك نعيدهم يوم القيامة نظيره قوله تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) ( الأنعام 94 ) ، وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنكم محشورون حفاة عراة غرلا " ثم قرأ : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) يعني الإعادة والبعث .

تفسير ابن كثير: وقوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) يعني : هذا كائن لا محالة ، يوم يعيد الله الخلائق خلقا جديدا ، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم ، وذلك واجب الوقوع ، لأنه من جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل ، وهو القادر على ذلك . ولهذا قال:  ( إنا كنا فاعلين ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وابن جعفر المعنى ، قالا : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:  قام فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بموعظةٍ، فقال: يا أيُّها الناسُ، إنَّكم مَحْشورونَ إلى اللهِ حُفاةً، عُراةً، غُرلًا: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) ]الأنبياء: 104[ " ؛ وذكر تمام الحديث ، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة . ورواه البخاري عند هذه الآية في كتابه : (قَامَ فِينَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، فَقالَ: إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا: {كما بَدَأْنَا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآيَةَ، وإنَّ أوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ، وإنَّه سَيُجَاءُ برِجَالٍ مِن أُمَّتي فيُؤْخَذُ بهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: يا رَبِّ أصْحَابِي، فيَقولُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عليهم شَهِيدًا ما دُمْتُ فيهم} [المائدة: 117]- إلى قَوْلِهِ - {الحَكِيمُ} [البقرة: 32] قالَ: فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقَابِهِمْ.) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6526 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 9925.  التخريج : أخرجه البخاري (6526) واللفظ له، ومسلم (2860)

وقد روى ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو ذلك.

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده ) قال:  نهلك كل شيء ، كما كان أول مرة .

تفسير القرطبي: كما بدأنا أول خلق نعيده أي نحشرهم حفاة عراة غرلا كما بدئوا في البطون . وروى النسائي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:  يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلا ، أول الخلق يكسى يوم القيامة إبراهيم - عليه السلام - - ثم قرأ - كما بدأنا أول خلق نعيده أخرجه مسلم أيضا عن ابن عباس قال:  قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموعظة فقال:  يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم - عليه السلام - وذكر الحديث . وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب ( التذكرة ) مستوفى .

وقال ابن عباس : المعنى . نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أول مرة ؛ وعلى هذا فالكلام متصل بقوله: يوم نطوي السماء أي نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئا . وقيل : نفني السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها ؛ كقوله : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات والقول الأول أصح وهو نظير قوله : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وقوله - عز وجل -: وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة وعدا نصب على المصدر ؛ أي وعدنا وعدا علينا إنجازه والوفاء به أي من البعث والإعادة ففي الكلام حذف . ثم أكد ذلك بقوله جل ثناؤه : إنا كنا فاعلين قال الزجاج : معنى إنا كنا فاعلين إنا كنا قادرين على ما نشاء . وقيل إنا كنا فاعلين أي ما وعدناكم وهو كما قال:  كان وعده مفعولا . وقيل : كان للإخبار بما سبق من قضائه . وقيل : صلة .

تفسير الطبري: ثم ابتدأ الخبر عما الله فاعل بخلقه يومئذ فقال تعالى ذكره (كما بدأنا أول خلق نعيده ).  فالكاف التي في قوله (كَما) من صلة نعيد ، تقدّمت قبلها ، ومعنى الكلام: نعيد الخلق عُراة حفاة غُرْلا يوم القيامة ، كما بدأناهم أوّل مرّة في حال خلقناهم في بطون أمَّهاتهم ، على اختلاف من أهل التأويل في تأويل ذلك.

وبالذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل ، وبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلذلك اخترت القول به على غيره.   ذكر من قال ذلك والأثر الذي جاء فيه: حدثني محمد بن عمرو ، قال:  ثنا أبو عاصم ، قال:  ثنا عيسى -وحدثني الحارث ، قال:  ثنا الحسن ، قال:  ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) قال: حُفاة عُراة غُرْلا.

حدثنا القاسم ، قال:  ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله ( أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) قال: حفاة غلفا ، قال ابن جريج أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، أنه سمع مجاهدا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نسائه: " يَأْتُونَهُ حُفاةً عُرَاةً غُلْفا، فاسْتَتَرتْ بِكُمِّ دِرْعِها ، وقالَتْ وَا سَوأتاهُ" قال ابن جريج: أخبرت أنها عائشة قالت: يا نبيّ الله ، لا يحتشمُ الناس بعضهم بعضا؟ قال:  "لكُلّ امْرئٍ يَوْمَئذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه ".

حدثنا ابن بشار ، قال:  ثنا يحيى بن سعيد ، قال:  ثنا سفيان ، قال: ثني المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " يُحْشَرُ النَّاسُ حُفاةً عُرَاةً غُرْلا فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهيمُ" ثم قرأ ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) .

حدثنا ابن بشار ، قال:  ثنا إسحاق بن يوسف ، قال:  ثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال: " وقام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة ، فذكره نحوه " .

حدثنا محمد بن المثنى، قال:  ثنا محمد بن جعفر، قال:  ثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان النخَعيّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره نحوه" .

حدثنا أبو كريب ، قال:  ثنا وكيع ، عن شعبة ، قال:  ثنا المغيرة بن النعمان النخَعيّ ، عن سعيد بن جُبير ، عن أبن عباس ، نحوه.

حدثنا عيسى بن يوسف بن الطباع أبو يحيى ، قال:  ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: " إنكم مُلاقُو اللهِ مُشاةً غُرْلا ".

حدثنا أبو كريب ، قال:  ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة ، قالت: " دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي عجوز من بني عامر ، فقال: مَنْ هَذه العَجُوزُ يا عائِشةُ؟ فقلت: إحدى خالاتي ، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال: إنّ الجَنَّةَ لا يَدْخُلُها العَجَزةُ ، قالت: فأخذَ العجوز ما أخذها ، فقال: إنّ اللهَ يُنْشِئُهُنَّ خَلْقا غيرَ خَلْقِهِنَّ، ثم قال: يُحْشَرُونَ حُفاةً عُرَاةً غُلْفا ، فقالت: حاش لله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَلى إنّ الله قال: ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا ) ... إلى آخر الآية ، فأوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الله ".

حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال:  ثنا عبيد الله ، قال:  ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عطاء ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال: يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة ، كما خلقوا أول يوم.

حدثنا القاسم ، قال:  ثنا الحسين ، قال: ثني عباد بن العوام ، عن هلال بن حبان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يحشر الناس يوم القيامة حُفاة عراة مشاة غرلا قلت: يا أبا عبد الله ما الغرل؟ قال: الغلف ، فقال بعض أزواجه: يا رسول الله ، أينظر بعضنا إلى بعض إلى عورته؟ فقال لِكُلّ امْرئٍ يَوْمَئذٍ ما يَشْغَلُهُ عَن النَّظَر إلى عَوْرَة أَخِيهِ" ، قال هلال: قال سعيد بن جبير وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ قال: كيوم ولدته أمه ، يردّ عليه كل شيء انتقص منه مثل يوم وُلد.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: كما كنا ولا شيء غيرنا قبل أن نخلق شيئا ، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فانية ، حتى لا يكون شيء سوانا.

ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه، عن ابن عباس ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) . . . الآية ، قال: نهلك كل شيء كما كان أوّل مرّة. وقوله ( وَعْدًا عَلَيْنَا ) يقول: وعدناكم ذلك وعدا حقا علينا أن نوفي بما وعدنا ، إنا كنا فاعلي ما وعدناكم من ذلك أيها الناس ، لأنه قد سبق في حكمنا وقضائنا أن نفعله ، على يقين بأن ذلك كائن ، واستعدوا وتأهبوا.

دورة خلق بني آدم: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى

يقول تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ). (طه 55)

الحديث: (خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ مِنَ الأنصارِ، فانتَهَيْنا إلى القبرِ ولمَّا يُلْحَدْ، قال: فجلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجلَسْنا حَولَه كأنَّ على رُؤوسِنا الطَّيرَ، وفي يدِه عُودٌ يَنكُتُ به، قال: فرفَعَ رأسَه، وقال: استَعيذُوا باللهِ مِن عذابِ القبرِ؛ فإنَّ الرَّجلَ المؤمنَ إذا كان في انقِطاعٍ مِنَ الدُّنيا وإقبالٍ مِنَ الآخِرةِ نزَلَ إليه ملائِكةٌ مِنَ السَّماءِ بِيضُ الوُجوهِ وكأنَّ وُجوهَهُمُ الشَّمسُ، معهم حَنُوطٌ مِن حَنُوطِ الجنَّةِ وكَفَنٌ مِن كَفَنِ الجنَّةِ، حتَّى يَجلِسُوا منه مَدَّ البَصرِ، ثمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الموتِ حتَّى يَجلِسَ عند رأسِه فيقولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبةُ، اخرُجي إلى مَغفِرةٍ مِنَ اللهِ ورِضوانٍ، قال: فتَخرُجُ نفسُه فتَسيلُ كما تَسيلُ القَطرةُ مِن فَمِ السِّقاءِ، فيأخُذُها، فإذا أخَذَها لم يَدَعْها في يدِه طَرْفةَ عَينٍ حتَّى يأخُذَها، فيَجْعَلَها في ذلك الكَفَنِ وفي ذلك الحَنوطِ، وتخرُجُ منها كأطيَبِ نَفحةِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ على ظَهرِ الأرضِ، فلا يَمرُّونَ بمَلأٍ مِنَ الملائِكةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرِّيحُ الطَّيِّبةُ؟! فيَقولونَ: فلانٌ بنُ فلانٍ، بأحسَنِ أسمائِه الَّذي كان يُسمَّى بها في الدُّنيا، حتَّى يَنتَهِيَ بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيُفتَحُ له، فيُشَيِّعَه مِن كلِّ سماءٍ مُقَرَّبُوها إلى السَّماءِ الَّتي تَلِيها، حتَّى يَنتَهِيَ بها إلى السَّماءِ السَّابعةِ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكتُبوا عَبدي في عِلِّيِّينَ في السَّماءِ السَّابعةِ، وأَعيدوه إلى الأرضِ؛ فإنِّي منها خلَقْتُهم، وفيها أُعيدُهم، ومنها أُخرِجُهم تارةً أخرى، فتُعادُ رُوحُه في جسَدِه، فيَأتيهِ مَلَكانِ، فيُجلِسانِه، فيقولانِ: مَن ربُّكَ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللهُ، فيقولانِ: وما دِينُكَ؟ فيقولُ: ديني الإسلامُ، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم؟ فيقولُ: هو رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدرِيكَ؟ فيقولُ: قرَأْتُ كتابَ اللهِ عزَّ وجلَّ فآمَنْتُ به وصدَّقْتُ، قال: فيُنادي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ أنْ صَدَقَ عبدي، فأَفْرِشوه مِنَ الجنَّةِ، وأَلبِسوه مِنَ الجنَّةِ، وافتَحوا له بابًا مِنَ الجنَّةِ، فيَأتيه مِن رُوحِها وطيبِها، ويُفسَحُ له في قَبرِه مَدَّ بَصَرِه، ويأتيه رجلٌ حسَنُ الوجِه طَيِّبُ الرِّيحِ، فيقولُ له: أَبشِرْ بالَّذي يسُرُّكَ، فهذا يومُكَ الَّذي كنتَ تُوعَدُ، فيقولُ: مَن أنتَ؟ فوَجْهُكَ الوَجهُ الَّذي يأتي بالخيرِ، فيقولُ: أنا عمَلُكَ الصَّالِحُ، فيقولُ: ربِّ أَقِمِ السَّاعةَ! ربِّ أَقِمِ السَّاعةَ! حتَّى أَرجِعَ إلى أهلي ومالي، وأمَّا العبدُ الكافِرُ إذا كان في انقِطاعٍ مِنَ الدُّنيا، وإقبالٍ مِنَ الآخِرةِ، نزَلَ إليه مِنَ السَّماءِ ملائِكةٌ سُودُ الوُجوهِ، معهمُ المُسوحُ، حتَّى يَجلِسُوا منه مَدَّ البصَرِ، ثمَّ يأتيه مَلَكُ الموتِ، فيَجلِسُ عند رأسِه، فيقولُ: أيَّتُها النَّفسُ الخَبيثةُ، اخرُجي إلى سَخَطِ اللهِ وغَضَبِه، قال: فتُفَرَّقُ في جسَدِه، فيَنتَزِعُها ومعها العَصَبُ والعُروقُ كما يُنتَزَعُ السفودُ مِنَ الصُّوفِ المَبْلولِ، فيأخُذُها، فيَجْعَلونَها في تلك المُسوحِ، قال: ويخرُجُ منها أَنْتَنَ مِن جِيفةٍ وُجِدَتْ على وَجْهِ الأرضِ، فلا يَمرُّونَ بها على مَلأٍ مِنَ الملائِكةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرُّوحُ الخَبيثةُ؟! فيقولونَ: فلانُ بنُ فلانٍ، بأقبَحِ أسمائِه الَّتي كان يُسمَّى بها في الدُّنيا، حتَّى يَنتَهيَ بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيَستَفتِحَ له فلا يُفتَحَ له، ثمَّ قرَأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف: 40] إلى آخِرِ الآيةِ، قال: فيقولُ اللهُ تبارَكَ وتعالى: اكتُبوا كِتابَه في سِجِّينٍ في الأرضِ السَّابعةِ السُّفلى، وأَعيدوا إلى الأرضِ؛ فإنَّا منها خلَقْناهم، وفيها نُعيدُهم، ومنها نُخرِجُهم تارةً أخرى، قال: فتُطرَحُ رُوحُه طَرْحًا، ثمَّ قرَأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31] الآية، ثمَّ تُعادُ رُوحُه في جسَدِه، فيَأتيه مَلَكانِ، فيُجلِسانِه، فيقولانِ له: مَن ربُّكَ؟ فيقولُ: هاه هاه لا أَدرِي! فيقولانِ له: ما دِينُكَ؟ فيقولُ: هاه هاه لا أَدري! فيقولانِ له: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم؟ فيقولُ: هاه هاه لا أَدرِي! فيُنادي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ: إنْ كذَبَ فأَفْرِشوهُ مِنَ النَّارِ، وأَلبِسُوه مِنَ النَّارِ، وافتَحُوا له بابًا مِنَ النَّارِ، فيَأتيه مِن حَرِّها وسُمومِها، ويَضِيقُ عليه قبرُه حتَّى تَختلِفَ فيه أضلاعُه، قال: ويأتيهِ رجلٌ قَبيحُ الوَجهِ مُنتِنُ الرِّيحِ، فيقولُ: أَبشِرْ بالَّذي يَسوءُكَ، هذا يومُكَ الَّذي كنتَ تُوعَدُ، قال: فيقولُ: مَن أنتَ؟ فوَجهُكَ الوَجهُ الَّذي يَجيءُ بالشَّرِّ، فيقولُ: أنا عمَلُكَ الخَبيثُ، فيقولُ: ربِّ لا تُقِمِ السَّاعةَ، ربِّ لا تُقِمِ السَّاعةَ.) ([137]).

تفسير القرطبي: ومعنى وفيها نعيدكم أي بعد الموت ومنها نخرجكم أي للبعث والحساب . تارة أخرى يرجع هذا إلى قوله : منها خلقناكم لا إلى نعيدكم . وهو كقولك اشتريت ناقة ودارا وناقة أخرى ؛ فالمعنى : من الأرض أخرجناكم ونخرجكم بعد الموت من الأرض تارة أخرى .

تفسير ابن كثير: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)
أي : من الأرض مبدؤكم ، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض ، ( وفيها نعيدكم ) أي : وإليها تصيرون إذا متم وبليتم ، ومنها نخرجكم تارة أخرى .  ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا )  ] الإسراء : 52 [ .

وهذه الآية كقوله تعالى : ( قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون )  ] الأعراف : 25 [  .

 تفسير الطبري: منها خلقناكم

يقول تعالى ذكره : من الأرض خلقناكم أيها الناس ، فأنشأناكم أجساما ناطقة .وفيها نعيدكم.  يقول : وفي الأرض نعيدكم بعد مماتكم ، فنصيركم ترابا ، كما كنتم قبل إنشائنا لكم بشرا سويا .ومنها نخرجكم

يقول : ومن الأرض نخرجكم كما كنتم قبل مماتكم أحياء ، فننشئكم منها ، كما أنشأناكم أول مرة .

وقوله :  ( تارة أخرى ) يقول : مرة أخرى ، كما : 18222 - حدثنا بشر ، قال:  ثنا يزيد ، قال:  ثنا سعيد ، عن قتادة ( ومنها نخرجكم تارة أخرى ) يقول : مرة أخرى . 18223 - حدثني يونس ، قال:  أخبرنا ابن وهب ، قال:  قال ابن زيد ، في قوله : ( تارة أخرى ) قال:  مرة أخرى الخلق الآخر . قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذن : من الأرض أخرجناكم ولم تكونوا شيئا خلقا سويا ، وسنخرجكم منها بعد مماتكم مرة أخرى ، كما أخرجناكم منها أول مرة .

التوبة - الآية 116 : (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).

غافر - الآية 68 : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ).

اسما الله (التواب والغفار) يستلزما هذا التكليف والاستخلاف المحكوم بالحياة والموت الذي يتبعه البعث والحساب ثم يتوب الله على المؤمنين ويغفر لهم فيسكنهم الجنة.

يونس - الآية 56 : (هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).  كما تتعاقب الرسل وتتوالى في الزمان والمكان: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير)، فكذلك تفعل القدرة الإلهية : (هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

المؤمنون - الآية 80 : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).  أفلا تعقلون أيها الناس، أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل، لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم، وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه. (الطبري).  وله اختلاف الليل والنهار أي جعلهما مختلفين ؛ كقولك : لك الأجر والصلة ؛ أي إنك تؤجر وتوصل ؛ قاله الفراء . وقيل : اختلافهما نقصان أحدهما وزيادة الآخر . وقيل : اختلافهما في النور والظلمة . وقيل : تكررهما يوما بعد ليلة وليلة بعد يوم . ويحتمل خامسا : اختلاف ما مضى فيهما من سعادة وشقاء وضلال وهدى . (القرطبي).  ولعلّ تكررهما (اللَّيْل وَالنَّهَار) يوما بعد ليلة وليلة بعد يوم هو صورة من صور الإحياء والإماتة.

الدخان - الآية 8 : (لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).  وهذه الآية كقوله تعالى: ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله) (الأعراف : 158 ) . (ابن كثير).  أي :  لا معبود لكم أيها الناس غير ربّ السموات والأرض وما بينهما، فلا تعبدوا غيره، فإنه لا تصلح العبادة لغيره، ولا تنبغي لشيء سواه فهو الذي يحيي الأموات ويميت الأحياء . وهو مالككم ومالك من تقدم منكم . واتقوا تكذيب محمد لئلا ينزل بكم العذاب (القرطبي، الطبري) .  ولعلّ ذكرهم وذكر آبَائِهم الْأَوَّلِينَ (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) يشير إلى صورة من صور الإحياء والإماتة؛ حيث أنّ آبَائِهم الْأَوَّلِينَ هم الآن أموات من بعد أن كانوا أحياء، وأما هم فلسوف يموتون كما مات آباؤهم الْأَوَّلِين.

الحديد - الآية 2 :)سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) ) (الحديد).

أي هو المالك المتصرف في خلقه فيحيي ويميت ويعطي من يشاء ما يشاء"وهو على كل شيء قدير "أي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. (ابن كثير).

(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ): فلعلهما أي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يخضعان للإحياء والإماتة وبشكل دوري؛ متكرّر.

 (وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) (النجم: 44) كقوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ) [ الملك : 2 ] (ابن كثير).

 (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ) (الملك).

 (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)) (البروج).

 ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى} ، كقوله: { أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى} ؟ وقوله تعالى: { وأن عليه النشأة الأُخْرى} ، أي كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة، وهي النشأة الآخرة يوم القيامة.

 ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ) ، كقوله : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) [ القيامة : 36 - 40 ] . (ابن كثير)

 أنت أيها الإنسان لست بمفردك.  الأمم تترى، والشعوب والبلدان كثرى.  فهل الأكوان كذلك؟

ما يشدّ الإنتباه هو أنّ هذه الآيات هي في سور : (النجم ، البروج، الملك).  وأسماء السور هذه تمثل الكون (الملك) ومكوناته من (النجم ، البروج ).  أليس هذا من شأنه أن يشير ضمناً إلى أنّ الإحياء والإماتة والإبتداء والإعادة تقع أيضا على الكون بكامله؛ فهي أكوان تتوالى في الزمان:

(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) [يس 36]

 الفرع الثالث: المُبْدِئُ المُعِيدُ ([138])

ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في كتابه العزيز أنه سبحانه هو (المُبْدِئُ ، المُعِيدُ) كما في الآيات:

(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)) (البروج).

الآية من سورة البروج ، فهل تعدد البروج يعكس تعدد الأكوان ؟.

وقال الله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) ( يونس 4)

وقال الله تعالى: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ( يونس 34)

 الآيتان من سورة يونس (وهو اسم لأحد رسل الله)، فهل تعدد الرسل على مرّ الزمان والمكان يعكس تعدد الأكوان على مرّ الزمان والمكان؟  وهل التكرار ضمن نفس السورة لقوله تعالى (يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) يعكس ضمنياً تعدد الأكوان على مرّ الزمان والمكان؟  وهل خروج يونس من الظلمات في بطن الحوت يعكس خروج كون جديد بعد أن يجوز المؤمنون ظلمة الصراط؟

وقال الله تعالى : (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (النمل 64).  قوله تعالى (يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) يرد في سورة النمل،  والنمل أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ... إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (الأنعام 38).  ليس في الأرض حيوان يَدِبُّ على الأرض أو طائر يطير في السماء بجناحيه إلا جماعات متجانسة الخلق مثلكم. ما تركنا في اللوح المحفوظ شيئًا إلا أثبتناه، ثم إنهم إلى ربهم يحشرون يوم القيامة، فيحاسب الله كلا بما عمل.

(اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (الروم 11).

يقول البغوي: قوله تعالى : ( الله يبدأ الخلق ثم يعيده ) أي : يخلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد الموت أحياء ، ولم يقل : يعيدهم ، رده إلى الخلق ([139])، (ثم إليه ترجعون) فيجزيهم بأعمالهم .

يقول ابن كثير: أي : كما هو قادر على بداءته فهو قادر على إعادته.

يقول الطبري: يقول تعالى ذكره: الله تعالى يبدأ إنشاء جميع الخلق منفردا بإنشائه من غير شريك ولا ظهير، فيحدثه من غير شيء، بل بقدرته عزّ وجل، ثم يعيد خلقا جديدا بعد إفنائه وإعدامه، كما بدأه خلقا سويا، ولم يك شيئا.

والحشر هو من مقتضى حكمة الله البالغة.  وبالتالي لا بدّ من التنويه إلى أن جمع الكون وحشره هنالك ما بعده كما تقتضي المشيئة الربانية المطلقة للربّ الحكيم سبحانه: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر 67 ).

 كما يساق الثقلان إلى حياة أخرويّة طويلة؛ إما إلى جنة أو نار؛ فلعلّ بعثاً جديدا يحصل لهذا الكون بعد هذا القبض والطيّ؛ واللهُ تعالى أعلم. ولعلّ هذا يستشرف من خلال أسماء الله:  الخالق والخلاّق والباعث والواسع والمحيي والمميت (والمبدئ والمعيد) والرّزاق والحافظ واللّطيف والقابض والباسط.  والله هو الواحد الفرد وما عداه مخلوقات فهي أزواجٌ وأصناف.  وبالتالي لعل لهذا الكون دورات ودورات (Oscillating universe).

 وقال الله جل جلاله : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).  لعلّ بعثاً جديدا يحصل لهذا الكون بعد هذا الطيّ.  والآية هي من سورة الأنبياء ، ولعلّ تعدد الأنبياء على مرّ الزمان والمكان أن يعكس تعدد الأكوان على مرّ الزمان والمكان؟

وقال الله جل جلاله : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ( الروم 27) .  الآية هي من سورة الروم ، ولعلّ تعدد الأمم والأقوام على مرّ الزمان والمكان أن يعكس تعدد الأكوان على مرّ الزمان والمكان.  وإن صيغة الفعل المضارع " يَبْدَأُ " تفيد التجدّد .  وكذلك الآية: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) (البروج (13.  وكذلك يخبرنا الرّبُ سبحانه وتعالى أنّه (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) ، فليس من المعقول أن نسثني السماوات السبع والأرضين السبع من إعادة الخلق، والله سبحانه يؤكده لنا وفي نفس الآية: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .  والله سبحانه يؤكد لنا أنه القدير القوي العزيز (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).  وكما أنّ هنالك حياة جديدة جنة أو نار أعقبت موت الخلائق والحشر والسراط، فيناسبه أنّ هنالك دورة كونية جديدة { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم 48]) ، وهذه الدورة تعقب قبض وطي الكون الحالي: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون} [الزمر: 67].  وفي الحديث: ) - سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم 48] فأين يكون الناس يومئذ ؟ يا رسول الله! فقال " على الصراط " . ) ([140]).

وقال مجاهد وعكرمة : " وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ " : أي : أيسر ، ووجهه أنه على طريق ضرب المثل ، أي : هو أهون عليه على ما يقع في عقولكم ، فإن الذي يقع في عقول الناس أن الإعادة تكون أهون من الإنشاء ، أي: الابتداء . وقيل : هو أهون عليه عندكم وقيل : هو أهون عليه ، أي : على الخلق، يقومون بصيحة واحدة، فيكون أهون عليهم من أن يكونوا نطفا ، ثم علقا ثم مضغا إلى أن يصيروا رجالا ونساء ، وهذا معنى رواية ابن حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس . (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) أي : الصفة العليا (فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قال ابن عباس : هي أنه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: 11). وقال قتادة : هي أنه (لا إله إلا هو)  (وهو العزيز) في ملكه ( الحكيم ) في خلقه . (تفسير البغوي، تفسير ابن كثير).  ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض، وهو أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ليس كمثله شيء، فذلك المثل الأعلى، تعالى ربنا وتقدّس (تفسير الطبري).

 ( وهو العزيز ) الذي لا يغالب ولا يمانع ، بل قد غلب كل شيء ، وقهر كل شيء بقدرته وسلطانه ، (الحكيم) في أفعاله وأقواله ، شرعا وقدرا (تفسير ابن كثير)، وسع كلّ شيء علما .

 واسم الله ( المُبْدِئُ ): من مَعْنَاهُ الموجد ، ولَكِن الإيجاد إِذا لم يكن مَسْبُوقا بِمثلِهِ سمي إبداء، وَإِذا كَانَ مَسْبُوقا بِمثلِهِ سمي إِعَادَة ، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَدَأَ الخلق ثمَّ هُوَ الَّذِي يعيدهم.  وقيل أن (المُبْدِئُ) : هو المظهر للأكوان ، والذي انشأ الأشياء وابتدعها من غير سابق مثال ، وهو الخالق للعوالم على نسق الكمال.  ويبدئ في كل وقت يريد موجوداً لم يكن له تقدُّم ، ثم يعيده إلى الحالة الأولى وهكذا كل معاد. ([141])

والمعيد: هو الله الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلى الحياة.  فهما من صفات الأفعال؛ لأن الإبداء والإعادة فعلان واقعان بقدرة الله تعالى.

 ومن معاني المبدئ : أن الله كان ولا شيء قبله ، ثم بدأ الخلق من العدم إلى الوجود، فأحسن كل شيء خلقه بعلم وتقدير وتدبير.

 وفي دلالة هذين الاسمين يقول أبو القاسم القشيري: "المبدئ بمعنى الخالق المنشئ من العدم إلى الوجود. فأما الإعادة فهو خلق الشئ بعدما عدم، والله تعالى قادرٌ على إعادة الحوادث إذا عدمت جواهرها وأعراضها خلافاً لمن قال إنّ الإعادة للشيء بمعنى خلق مثله لا إعادة عينه. ... فكما قدر أن يخلقه ابتداء وجب أن يكون قادراً على أن يخلقه ثانياً ؛ والإعادة ابتداء ثان؛ وهي ردّ الشيء إلى مثل تركيبه الأول. ويجوز أن تكون الإعادة أيضاً جمع الأجزاء المتفرقة من الهالكين ؛ فإذا بعث الخلق وحشرهم فقد أعادهم .  والله تعالى يبدأ الخلق أي يخلقهم في الدنيا ثم يعيدهم أي يحشرهم في القيامة ... " ([142])

وعليه تقتضي الآية الكريمة: ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ( الروم 27) .  أنّ هنالك إعادة خلق وبعث للكون بسماواته وأرضيه .

بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (البقرة 117).  أي خالقهما ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسْن والخلق البديع، والنظام العجيب المحكم ([143]).

)وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (الروم 27).

بعد آخر للآية: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).  يقول تعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (غافر 57).  ويقول تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: 11).  ويقول تعالى: (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (النحل  74).  يقول الطبري: " وقوله ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ ) يقول: فلا تمثلوا لِلهِ الأمثال، ولا تشبِّهوا له الأشباه، فإنه لا مِثْل له ولا شِبْه."[ho1]   وبالتالي فلعل لهذه الآية بعد آخر، وهو أنّ أعلى مثل في القدرة على إعادة الخلق نجده في إعادة خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (غافر 57).  لعلّ الآيات معاً تفيد كذلك أن إعادة بعث السماوات والأرض يعكس العظمة الربانية المطلقة أكثر مما يعكسها إعادة أي خلق آخر؟

هو الذي يبدأ إيجاد المخلوقات شيئا فشيئاً ، ثم يعيدها كل وقت ([144]).

ويقول سبحانه وتعالى:

(خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود  107)

(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (16))  (البروج).

(فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ):  يقول أبو القاسم القشيري: "وهذا من كمال قوته ونفوذ مشيئته وقدرته، أنّ كل أمر يريده يفعله بلا ممانع، ولا معارض.  وليس له ظهير ولا عوين، على أي أمر يكون.  بل إذا أراد شيئا قال له (كن فيكون).  ومع أنه الفعال لما يريد، فإرادته تابعة لحكمته وحمده.  فهو موصوف بكمال القدرة، ونفوذ المشيئة.  وموصوف بشمول الحكمة، لكل ما فعله ويفعله" (صفحة : 174-175).

خلق مجموعتنا الشمسية

خلق اللهُ السموات العلى والأرضين ، ثمّ خلق مجموعتنا الشمسية ودحى الأرض : (ءأنتم أشدُّ خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوّاها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها  * أخرج منها مآءها ومرعها) [النّازعات 27- 31].  ومن ثمّ ابتدأ خلق آدم أبي البشر عليه الصلاة والسلام من طين: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) ( السجدة : 7)

 ومن معاني(المعيد جل جلاله): أنه يعيد خلقه من بعد الحياة إلى الموت، ثم يعيدهم من بعد الموت إلى الحياة : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ( البقرة  28).  وقوله سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)) ( العنكبوت : 20-19).

 فالله عز وجل هو المبدئ المعيد، وهو بارئ الخلق، ومبتدئهم ابتداءً من غير أصل، ومعيدهم بعد الفناء للبعث، وقد دل عليه بضروب من الدلائل والآيات، وضرب له الأمثال .  فقال الله تعالى :

 (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ) (سورة يس)

 وفي مناسبة نزول هذه الآيات: عَنِ ابن عباس، أن العاصى بْنَ وَائِلٍ أَخَذَ عَظْمًا مِنَ الْبَطْحَاءِ ففتَّه بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُحْيِي اللَّهُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرَى؟  فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “نَعَمْ، يُمِيتُكَ اللَّهُ ثُمَّ يُحْيِيكَ، ثُمَّ يدخلك جهنم”.  قال: وَنَزَلَتِ هذه الْآيَاتُ مِنْ آخَرِ “يس”..

 وقال بعض العلماء: وإعادته أهون عليه عندكم لأن الابتداء من غير شيء والإعادة رد إلى أصل قد كان. قال الفراء: هما سواء عنده عز وجل.

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) (الحجر 86).

يقول ابن كثير: وقوله : ( إن ربك هو الخلاق العليم ) تقرير للمعاد ، وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة ، فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق ما يشاء ، وهو العليم بما تمزق من الأجساد ، وتفرق في سائر أقطار الأرض ، كما قال تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)) ( يس : 81 - 83 ) .

 

 

 (جَاءَ الحَقُّ وَما يُبْدِئُ البَاطِلُ وَما يُعِيدُ) [سبأ: 49].

 الأحاديث:

 (دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ يَومَ الفَتْحِ، وحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وثَلاثُ مِئَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُها بعُودٍ في يَدِهِ، ويقولُ: جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ، جاءَ الحَقُّ وما يُبْدِئُ الباطِلُ وما يُعِيدُ.) ([145]) .

(دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ، وحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وثَلَاثُ مِئَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بعُودٍ في يَدِهِ، ويقولُ: {جَاءَ الحَقُّ وزَهَقَ البَاطِلُ، إنَّ البَاطِلَ كانَ زَهُوقًا} (الإسراء 81)، {جَاءَ الحَقُّ وما يُبْدِئُ البَاطِلُ وما يُعِيدُ{ (سبإ 49)) ([146]).

(دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ، وَحَوْلَ الكَعْبَةِ ثَلَاثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بعُودٍ كانَ بيَدِهِ، ويقولُ: {جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] {جَاءَ الحَقُّ وَما يُبْدِئُ البَاطِلُ وَما يُعِيدُ} [سبأ: 49] زَادَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: يَومَ الفَتْحِ. وفي روايةٍ: بهذا الإسْنَادِ إلى قَوْلِهِ: زَهُوقًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الآيَةَ الأُخْرَى، وَقالَ: بَدَلَ نُصُبًا صَنَمًا.) ([147]).

(دخلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مَكَّةَ عامَ الفتحِ وحولَ الكعبةِ ثلاثمائةٍ وستُّونَ نُصُبًا فجعلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يطعنُها بمخصرةٍ في يدِهِ وربَّما قالَ بعودٍ ويقولُ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء: 81] ، جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ.) ([148]).

 الفرع الرابع: النباتات لها دورات حياة تشهد على البعث بعد الموت

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) (الزمر 21).

وقوله (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) يقول تعالى ذكره: إن في فعل الله ذلك كالذي وصف لذكرى وموعظة لأهل العقول والحجا يتذكرون به، فيعلمون أن من فعل ذلك فلن يتعذر عليه إحداث ما شاء من الأشياء، وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض، وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه، كهيئته قبل فنائه، كالذي فعل بالأرض التي أنـزل عليها من بعد موتها الماء، فأنبت بها الزرع المختلف الألوان بقدرته.  و كذلك قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)) (الأنعام).  والشجر ما دام قائمًا على أصوله لم يجفّ، والنبات على ساقه لم ييبَس، فإن العرب تسميه" حَيًّا "، فإذا يبس وجفّ أو قطع من أصله، سمّوه" ميتًا ". (الطبري).  ولعلّ الأكوان أيضا تتعدّد في الزمكان وتتعاقب في الزمان.

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ): مثاله انفجار السوبرنوفا (عمري: إنزال الحديد):

 "يتمّ إنتاج العناصر التي هي أثقل من الهيليوم داخل النّجوم بفعل تفاعلات الاندماج النّووي (nuclear fusion reactions).  ومع تقدّم عمر النّجم فإنّه يتم إنتاج العناصر الأثقل ثمّ الأثقل، إلى أن يبلغ النّجم مرحلة إنتاج نظير الحديد ذي العدد الكتلي (A = 56) (شكل) .

 يشتعل وقود كلّ مرحلة من مراحل تفاعل الاندماج بفعل الحرارة والضغط النّاجمين عن التقلّص الجاذبي (gravitational contraction) التّدريجي للنجم.  في حالة النّجوم ذات الكتل الكبيرة،  M > 11Ms، حيث Ms كتلة الشّمس ، يمكن أن تصل درجة حرارة باطن النّجم حوالي  ثلاثة مليار كلفن.  وهذا المستوى لدرجة الحرارة ضروريّ من أجل حدوث المرحلة الأخيرة للتفاعل، والّذي يستهلك السيليكون من أجل إنتاج نظير الحديد (A = 56) والعناصر القريبة منه.

يبين (الشكل) أنّ هذا النّجم تتطوّر دخيلته (core) إلى تركيب طبقي متمركز ورتيب (يشبه رأس البصل)، تتألف طبقاته من الخارج إلى الداخل وبشكل رئيسي من: الهيدروجين، الهيليوم، الكربون، النيون، الأوكسجين، ثمّ السيليكون الذي يحيط بقلب النّجم المكوّن بشكل رئيسيّ من الحديد والعناصر القريبة منه في العدد الكتليّ (Phillips 1994 page 28؛ Clark 1998 p 158؛ Zeilik 1994, page 389.).  عندما تكون كتلة النّجم كبيرة،  ، يستغرق السيليكون 24 ساعة حتى يُستهلك لإنتاج الحديد في قلب النّجم.

يتعرّض الحديد في قلب النّجم لضغط هائل.  عندما تصبح كثافته 1012 kg/m3 تمتاز إلكترونات ذرّة الحديد بمنزلة متراصّة ذات مستويات طاقيّة متشعّبة (degenerate electrons) كما هو الحال في نجوم الأقزام البيض (White dwarf stars).  تمتلك الإلكترونات المتشعِّبة طاقة كبيرة تمكنها من الدّخول إلى أنوية الحديد، مما يحوّل أحد بروتونات النّواة إلى نيوترون.  عندها يصبح عدد البروتونات في معظم أنوية ذرّات قلب الحديد مساويا لرقم الآية: 25=26-1 .  وبالتالي فإن هذا الفرق (1) بين رقم الآية (25) والعدد الذّري لنواة الحديد (26) هو إشارة قرآنيّة معجزة لهذا التّفاعل المعروف بمعكوس انحلال بيتا (inverse beta decay):  بروتون زائدا إلكترون يعطي نيوتروناً زائداً نيوترينو (Zeilik 1994, page 375 )  .  ينبعث النيوترينو حاملاً معه الطّاقة التي تدعم أنوية ذرّات دخيلة القلب الحديديّ للنجم.  وبالتالي يحصل إنزال وسحق لإلكترونات ذرّات دخيلة القلب الحديديّ للنجم داخل أنوية الذرّات لتصبح دخيلة القلب بمنزلة نيوترونات متراصّة بمستويات طاقيّة متشعّبة؛ أو لنقل تصبح نجماً نيوترونيّا (degenerate neutron star ) ذا كثافة هائلة .  تتضاعف كثافة القلب حوالي مائة ألف مرّة، وبالتالي يُضغط قلب النّجم ليصبح حجمه جزءاً من مائة ألف من حجمه الأصلي.  وبالتالي يتمكّن ضغط النيوترونات المتشعِّبة من إيقاف انهيار قلب النّجم (وَأَنزلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ).  يقفز القلب قليلا إلى نصف قطره الجديد (Clark 1998, p 158-159)، مما يتسبّب بحصول موجة الصّدمة (Shock Wave) ذات البأس الشديد والإنزال الّذي يدفع وبقوّة هائلة حطام النّجم المنهار وينثره في الفضاء (شكل ، شكل).  وبالتالي تحصل عملية إنـزال وطرد للحديد ولبقية مادّة النّجم المنهار بفعل تأثير إنزال موجة الصّدمة المرافقة لتشكّل النّجم النيوتروني ذي الكثافة الهائلة.  مع انفجار السوبرنوفا (supernova explosion) هذا، يتمّ إنـزال (إرسال) الحديد من باطن النّجم ليبعث في كلّ اتّجاه.  وذلك أنّ موجة الصّدمة تمتلك قوّة دفعيّة هائلة تتسبّب في تفجير النّجم حين ينـزل النّجم (يسقط) في قاع الموجة (as the star is send into the trench of the shock wave).  وبالتالي يتمّ إنـزال (إرسال وطرد) الحديد ومادّة النّجم المنهار بفعل إنزال قوّة الدّفع للموجة الصّدميّة (شكل).

 يمتلك نظير الحديد 56 والعناصر المجاورة له أعظم قيمة لطاقة الرّبط النّوويّ لكلّ نيوكليون (شكل ، شكل : Phillips 1994 page 26): (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ).  لذا فإنّ طاقة الوضع النّوويّ لكلّ نيوكليون تكون أقلّ ما يمكن لنظير الحديد A = 56 وللعناصر المجاورة له: (وَأَنزلْنَا الْحَدِيدَ).  لذا فإنّ التّفاعل الذي يستهلك نظير الحديد (A = 56) لينتج أي عنصر كتلته أعلى من نظير الحديد A = 56 يكون ماصّا للطاقة.  فبالرغم من أن نواتي الحديد 58  والنيكل 62 يمتلكان طاقة ربط أكبر (شكل)، إلا أنه لا يمكن إنتاجهما داخل النجم بفعل تفاعلات الاندماج النووي.  وهذه الطّاقة تتوفّر عند حصول السوبرنوفا (Clark 1998, p 158- 159).  وعليه فإنّه يلزم بذل طاقة لحدوث التفاعلات التي تستهلك الحديد (A = 56) من أجل إنتاج أيّ عنصر عدده الكتلي يساوي أو أكبر (عدديّا) من رقم سورة الحديد.  إنّ التّفاعل ماصّ للطاقة (endothermic) لإنتاج أول عنصر عدده الكتلي يساوي أو أكبر من رقم سورة الحديد (57)! (شكل).  وبالتالي فإن رقم السورة هو إشارة قرآنية معجزة لهذه الحقيقة.  تتأتّى هذه الطّاقة من انفجار السوبرنوفا (شكل) المتجسّد في إنزال الحديد الضّروريّ لإنزال (إنتاج وإرسال) العناصر الثّقيلة التي توجد في أجسادنا (Serway 2000, p 1446؛ Zeilik 1994, page 388))."

 انفجار السوبرنوفا هذا قد يخلّفُ نجما نيوترونياً نابضاً: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ).  وهذا النجم النيوتروني النابض (الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ) وصف في سورة الطارق: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) (الطَّارِق 1-4). وشبّه القرءانُ ولادته بصورة : (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) (الطَّارِق 7-5).

 تشير الأبحاث الحديثة إلى أن العناصر الأثقل من الحديد قد تتشكل في المقام الأول في عمليات تداخل النجوم النيوترونية بدلاً من المستعرات الأعظمية (Frebel & Beers, Physics Today, Jan 2018)  .  وهذا أيضاً صورة لحياة على إثر موت: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ).  وذلك أنّ سحابة الغاز التي تشكل منها نظامنا الشمسي تحتوي على معادن ثقيلة ، لذا يجب أن يكون ضمن مكونات هذه السحابة بعض من بقايا (لربما) عدة انفجارات مستعر أعظم (several supernova explosions).

المبحث الخامس: نهاية الكون أشبه ببدايته (عمري: الكون ومقارنة بدايته مع نهايته)

 الحالة الدّخانيّة

الفرع الأوّل: الحالة الدّخانيّة في بدايات تخلّق الكون

يقول تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصّلت آية 11 ] .  يشيرُ قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) إلى ارتفاع درجة حرارة الكون خلال أيّام تخلّق السماء.

في مادّة مبدأ الخلق والوجود حدث الانفجار العظيم، ليبدأ خلقُ الكون واسعاً ومتوسّعاً (Zeilik, Michal, Astronomy  1994, p 496؛ Weinberg, pp 49-113 ؛ بناء السماء، عمري 2002).  علا وسما بعضُ الإشعاع والجسيمات الأوّليّة للمادّة (Radiation and elementary particles)، وسُمّي هذا العلوُّ من مزيج الإشعاع والجسيمات الأوّليّة سماء، وهو ما تسمّيّه كتبُ التّفسير دخاناً (ابن كثير  م 1، ص 102 ؛ السيوطي، جـ 1، ص 106-107.).  لقد كانت درجة حرارة الإشعاع T مرتفعة جدّاً.  وبفعل الاندفاع الناجم عن الانفجار يتوسّع الكون، فتنخفض درجة الحرارة (Zeilik, Michal, 1994, p483.).  وتبدأ المادّة بالتّشكُّل، وتكون المادّة والإشعاع مقرونين (Matter and radiation are coupled)؛ لهما نفس درجة الحرارة (شكل).  وعندما تنخفض درجة الحرارة إلى أقلّ من 3000 كلفن يبدأ التّمايز (Decoupling) بين الإشعاع والمادّة ويصبح الكون شفّافاً ومنفذاً للإشعاع (Weinberg: pp 48-49؛ pp 104-105.) (شكل).  وبعد انقضاء الفترة الدخانيّة تبدأ ذرّات المادّة تتجمّع بفعل قوة الجاذبية لتشكّل النجوم والمجرّات، وللمزيد أنظر بحث خلق الكون (عمري 2004).

الفرع الثاني: الحالة الدّخانيّة قبل يوم القيامة (دخان السّماء المرتقب: عمري قيد النشر)

اسْتَعْصَتْ ‏ ‏قُرَيْشٌ عَلَى النَّبِيِّ ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏-  فَدَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي ‏ ‏يُوسُفَ ‏ ‏فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجَهْدِ وَحَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ (القرطبي ، م 8، ج 16، ص 88؛ ابن كثير، ج 4 ، ص 176).  فَأَتَى النَّبِيَّ ‏ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‏ ‏رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ اللَّهَ ‏ ‏لِمُضَرَ ‏ ‏فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا فَقَالَ ‏ ‏لِمُضَرَ ‏ ‏إِنَّكَ لَجَرِيءٌ .  فَدَعَا اللَّهَ لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏‏(إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) [الدخان 15].  فَمُطِرُوا فَلَمَّا أَصَابَتْهُمْ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ  فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ *يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الدّخان 10-11].  أَيْ يَتَغَشَّاهُمْ وَلَوْ كَانَ أَمْراً خَيَالِيّاً يَخُصّ أَهْل مَكَّة الْمُشْرِكِينَ لَمَا قِيلَ فِيهِ " يَغْشَى النَّاس" (الصابوني م 3 ص 301).  وإنّ قوله تعالى (فَارْتَقِبْ) يؤكّد أنّ أمرَ الدُّخان لم ينقض ولا زال منتظراً ومتوقّعاً.  ويمكن أن نلاحظ هذا جليّاً في الآيات الّتي وردت فيها اللفظة (ارْتَقِبْ) أو مشتقّاتها.  وإنَّ قوله تعالى: (يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) هو حديثٌ عن دخانٍ حقيقيّ بيّن واضح (بِدُخَانٍ مُبِينٍ) تأتي به السّماءُ ، وهو من العلامات الكبرى ليوم القيامة.  وأنزل اللّهُ الآية: (يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) بسبب ومناسبة أنّهم عادوا إلى ما كانوا عليه من قبل؛ كفراً وعناداً؛ وذلك بعد أن دعا لهم الرّسول وأمطروا.  إنّهم قد مُطِرُوا فَلَمَّا أَصَابَتْهُمْ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ من الكفر والعناد فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ *يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) .  الآية تتوعّد بدخان مرتقب بسبب عودتهم إلى الكفر والعناد بعد أن استغفر لهم الرسول -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  وإنَّ قوله تعالى (عَذَابٌ أَلِيمٌ) يدلّ قطعاً على أنّ الدّخان الّذي يغشى النّاس ويُلحق بهم هذا العنت هو ممّا يجاوز حدود العنت الدّنيوي العادي، وبالتالي فهو من ضمن الانقلابات الكونيّة قبيل السّاعة، وليس المقصود ما شاهدوه: (حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجَهْدِ).

 إنّ قوله تعالى (فَارْتَقِبْ) يؤكّد أن أمر الدخان لم ينقض ولا زال منتظرا ومتوقّعا.

 (يَوْمَ تَأْتِي): عند تتبّع الآيات القرآنيّة الّتي ترد فيها كلمة (يَوْمَ) متبوعة بفعل مضارع، نجد أنّ الحديث دائما هو عن يوم القيامة.  وشواهده من القرآن الكريم كثيرة، ومنها: (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ) إلى قوله (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) [المعارج: 8-11].  العبارة القرآنيّة (يَوْمَ تَأْتِي) أو (يَوْمَ يَأْتِي) هي قطعاً حديث عن اليوم الآخر أو أماراته الكبرى لا غير.  يشهد لذلك آيات قرآنيّة كثيرة.

 ومن هذا القبيل الآية: ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) [الدخان 10].  يقول ابن كثير:  هُوَ مِنْ أَمَارَات السَّاعَة كَمَا في الحَدِيث: (اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر . فقال " ما تذاكرون ؟ " قالوا: نذكر الساعة . قال " إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات " . فذكر الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويأجوج ومأجوج . وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب . وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم " . ) ([149]). 

(بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة ) ([150]).

 لعلّ هذا الدخان أو الحالة من العتوميّة ستنتج يوم القيامة عن عودة الكون إلى حالته الأولى التي كان عليها عندما كانت المادة والإشعاع مقرونين في بداية خلق الكون.  فعندما ترتفع درجة الحرارة إلى أكثر من 3000 كلفن تبدأ حالة الرّتق (Coupling) بين الإشعاع والمادّة ويصبح الكون معتماً لا يسمح للإشعاع بالنفاذ (Weinberg: pp 48-49؛ pp 104-105.).  وبالتالي يعود الكون إلى حالة القبض والطّي والرّتق ، وتتفلّت النجوم والمجرّات من عقدها الذي كان يجمعها: (وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر) (75 القيامة آية 8).  ويسهم في انفراط عقدِ المجراتِ والنجومِ قبضُ الأرضين التي كانت تعمل قبل القيامة بمثابة حاضن جاذبي للنجوم والمجرات والعناقيد (الأرضون السبع: عمري 2004).  وإنّ النجوم سيعتريها: الانكدار (إذا الشمس كوّرت * وإذا النّجوم انكدرت) (التكوير 1-2 )، وقال الحسن تكوّر حتى يذهب ضوؤها، والتكوير هو اللّفّ والجمع والرمي بها وذهاب ضوئها (ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق/ باب 4 / ص 367).  و سيعتريها الانتثار (إذا السماء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت) (الانفطار 1-2) ، والهوى (والنجم إذا هوى) (النجم 1 ).

 وللمزيد أنظر بحث: الوصف القرآني لحالة الأرض والجبال والكواكب مع نهاية العالم وبداية يوم القيامة

الأمواج الصوتية

الفرع الأوّل: الأمواج الصوتيّة الغامرة والتغاير في إشعاع الخلفيّة الكوني

من المعلوم أنّ الكون المبكّر كان يتصرف وهو في حالة الرّتق (coupling) كغاز واحد (Coupled system of photons, electrons, protons and neutrons) يحتجز الفوتونات التي تتشتّت (scattered) عند اصطدامها خاصة مع الإلكترونات.  إنّ اضطراباً قليلاً في الكثافة ينتشر كأمواج صوتيّة محدثة تضاغطات (compressions) وتخلخلات (rarefactions).  التضاغطات تسخّن الغاز، بينما تبرّده التّخلخلات.  وبالتالي فإنّ أيّ اضطراب في الكون المبكر يبقى ظاهراً كتغاير بسيط في درجة حرارة إشعاع الخلفية الكوني ((الشكل (1)  ، شكل ، شكل).  إنّ الفوتونات التي انطلقت من المناطق الأسخن والأكثر كثافة كانت تمتلك طاقة أكبر من طاقة تلك الفوتونات التي انبعثت من المناطق المخلخلة (rarefied) والباردة نسبيّاً.  وبالتالي فإنّ النمذجة والنسق (Pattern) للمناطق الحارّة والباردة الذي أحدثته الأمواج الصوتية قد تجسّد كتغاير طفيف في إشعاع الخلفيّة الكوني CMB (حبك السماء بالأمواج الصوتيّة: عمري 2009؛ Hu and white 2004).

 الفرع الثاني: النفخ في الصور (عمري: الكون ومقارنة بدايته مع نهايته):

 (... لا تفضلوا بين أنبياء الله ، فإنه ينفخ في الصور ، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فأكون أول من بعث ، فإذا موسى آخذ بالعرش ، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور ، أم بعث قبلي ، ولا أقول: إن أحداً أفضل من يونس بن متى ) ([151]).

(بيْنَما يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً له أُعْطِيَ بهَا شيئًا، كَرِهَهُ، أَوْ لَمْ يَرْضَهُ، شَكَّ عبدُ العَزِيزِ، قالَ: لَا، وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السَّلَامُ علَى البَشَرِ قالَ: فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ، قالَ: تَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السَّلَامُ علَى البَشَرِ وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيْنَ أَظْهُرِنَا؟ قالَ فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا أَبَا القَاسِمِ إنَّ لي ذِمَّةً وَعَهْدًا، وَقالَ: فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ قالَ: قالَ، يا رَسولَ اللهِ، وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السَّلَامُ علَى البَشَرِ وَأَنْتَ بيْنَ أَظْهُرِنَا، قالَ: فَغَضِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى عُرِفَ الغَضَبُ في وَجْهِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُفَضِّلُوا بيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فإنَّه يُنْفَخُ في الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ، قالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فأكُونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ، أَوْ في أَوَّلِ مَن بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى عليه السَّلَامُ آخِذٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، وَلَا أَقُولُ: إنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى عليه السَّلَامُ.) ([152])

شرح الحديث:

نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن المفاضَلةِ بينَ الأنبياءِ تبعًا للأهواءِ، وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أبو هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ: "بَينما يَهودِيٌّ يعرِضُ سِلعةً له"، أي: للبَيعِ، "أُعطِيَ بها شيئًا، كرِهَه أو لم يَرضهُ- شكَّ عبد العزيز، وهو ابنُ أبي سلمةَ، أي: في روايتهِ للحديثِ- "أي: عُرِضَ على اليهوديِّ في ثمنِها أقلُّ مما يريدُ، فقالَ اليهوديُّ: "لا، والذي اصْطفى موسى عليه السلامُ على البَشرِ"، أي: رفَضَ بَيعَها بذلك الثَّمنِ، مُقسِمًا باللهِ أنَّه لا يَصلُح بيعُها بذلكَ الثمنِ، قالَ أبو هُريرةَ: "فسمِعَه رجلٌ من الأنصارِ فلطمَ وجهَه"، أي: ضربَ اليهوديَّ على صيغةِ قَسمِه تلكَ، وقالَ الأنصاريُّ: "تقولُ: والذي اصْطفى موسى عليه السَّلامُ على البَشرِ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بينَ أظهُرِنا؟!"، أي: حيٌّ بَيننا؛ مفاضِلًا برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على نبيِّ اللهِ موسى عليه السلامُ، قالَ أبو هريرةَ: "فذَهبَ اليهوديُّ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: ليَشتكيَ وليقْضيَ له مِن الأنصاريِّ، فقال اليهوديُّ: "يا أبا القاسمِ، إنَّ لي ذِمَّةً وعهدًا، فلانٌ لطَمَ وَجهي"؛ وذلكَ أنَّ أهلَ الكِتابِ كان لهم أَمانٌ وعهدٌ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهُم بالمدينةِ، وكانتْ كُنيةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبا القاسِم.

فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مخاطبًا الأنصاريَّ: "لِمَ لطَمتَ وجهَه؟"، أي: ما سَببُ ضَربُكَ له؟ قال الأنصاريُّ: "قالَ يا رسولَ اللهِ: والذي اصْطفَى موسى عليه السلامُ على البَشرِ، وأنتَ بينَ أظهُرِنا"، أي: إنَّ السَّببَ كان بذلكَ القَسمِ. قالَ أبو هريرة: "فغضِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى عُرِفَ الغضبُ في وجهِه"، أي: ظَهرتْ على وجههِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علاماتُ الغَضبِ، ثم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تُفضِّلوا بينَ أنبياءِ اللهِ"، أي: لا تَجعلوا نبيًّا أفضلَ من نبيٍّ.

وقد قيلَ: إنَّ نهيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أنْ تكونَ المفاضلةُ دون علمٍ أو تبعًا لهوًى، ولكن لتَكُنِ المفاضلةُ بما نصَّ عليه اللهُ عزَّ وجلَّ وبيَّنته أقوالُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما في قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253].

ثمَّ بيَّنَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فضْلَ موسى عليه السَّلامُ بقولِه: "فإنَّه يُنفَخ في الصُّورِ"، والصُّورُ: قيلَ هو شيءٌ مِثلُ القرنِ يُنفَخ فيه يومَ القيامةِ، "فيَصْعَقُ مَن في السمواتِ ومَن في الأرض إلَّا مَن شاءَ الله"، أي: يموتونَ من شِدَّة الفزَعِ من تِلك النَّفْخةِ، "ثم يُنفَخ فيه أُخرى"، أي: في الصورِ، وتلكَ نَفخةُ البعثِ والإحياءِ للمَوتى، "فأكونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ- أو في أوَّلِ من بُعِثَ"، أي: يكونُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوَّلَ مَن يُبعَث يومَ القيامةِ عندَ تلكِ النفخةِ، "فإذا موسى عليه السلامُ آخِذٌ بالعَرشِ"، أي: مُمسِكٌ بقائمةٍ من قَوائمِه، وهذا إشارةٌ إلى بَعْثِ موسى عليه السلامُ؛ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فلا أدْري أحُوسِبَ بصَعْقتِه يومَ الطُّورِ"، أي: إنَّه لم يَمُتْ بالنَّفخةِ الأولى مِثلَ موت باقي الخلائقِ، وذلكَ أنَّه قد صَعِقَ مِن قبلُ كما في قولهِ تَعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143]، "أو بُعِثَ قَبلي"، أي: أو إنَّه قد صَعِقَ ولكنَّه بُعِث قبلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إشارةً إلى ما له مِن فَضيلةٍ.

"ولا أقول: إنَّ أحدًا أَفْضلُ مِن يونُسَ بنِ متَّى عليهِ السلامُ"، أي: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُفاضِلُ بأحدٍ من الأنبياءِ على نبيِّ اللهِ يُونسَ عليهِ السلامُ، وقدْ خصَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالذِّكرِ بما كانَ مِن نبيِّ اللهِ يونسَ من تَوْليتِه عن قومِه لَمَّا امتَنعوا من إجابَتِه، وقلةِ تحمُّله لهم كما في قولهِ تَعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القلم: 48- 50]، والمرادُ أنَّ كلَّ الأنبياءِ سَواءٌ، فلا يُخيَّرُ أحدٌ على أحدٍ اقتداءً بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

وقيل: إنَّ كُرهَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمُفاضلةِ بين الأنبياءِ هو تواضُعٌ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحتَّى لا يكونَ هناك نِزاعٌ في ذلكَ؛ فتكونَ مدخلًا للشيطانِ.

وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن الاعتِداءِ على مَن لهم ذِمَّةٌ وعهدٌ.

ورد في الأحايث: (ثم ينفخ فيه أخرى)؛ ممّا يدلُّ على أنّهما فقط نفختان اثنتان: نفخة الصعق التي يبدأ معها تدمير الكون وموت الخلائق، ثمّ نفخة القيام لرب العالمين.  ولقد مرّ بنا أنّ أمواجاً صوتيّة كانت تغمر الكون الوليد.  وأنّ طول الموجة الأساسيّة في الزمان يمتدُّ من حقبة التضخّم إلى بداية الفتق؛ حوالي 380000 سنة .  ويوم القيامة كذلك تعود الأمواج الصوتيّة لتغمر الكون:  فيكون النفخ في الصور، وإن عظم دارة فيه لكعرض السماء والأرض.

(وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَاۤءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِیَامࣱ یَنظُرُونَ﴾ (الزمر 68)

(اسْتَبَّ رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ وَرَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقالَ: المُسْلِمُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى العَالَمِينَ وَقالَ اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السَّلَامُ علَى العَالَمِينَ قالَ فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذلكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْبَرَهُ بما كانَ مِن أَمْرِهِ وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا تُخَيِّرُونِي علَى مُوسَى، فإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فأكُونُ أَوَّلَ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بجَانِبِ العَرْشِ، فلا أَدْرِي أَكَانَ، فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي أَمْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ. وفي روايةٍ : اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ.) ([153])

فَصَعِقَ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ: "وأما ما ذكر ابن الجوزي في وصف موت الملائكة الأربعة فإنه لم يثبت فيه نص، ولكن وردت آثار ضعيفة الأسانيد، كما قال البيهقي في شعب الإيمان، وابن كثير في البداية تفيد موت هؤلاء الملائكة الأربعة، ولم تذكر التفاصيل التي ذكر ابن الجوزي." ([154]).

نصّان من الحديثين الصحيحين آنفا الذكر: " فإنَّه يُنْفَخُ في الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ، قالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فأكُونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ، أَوْ في أَوَّلِ مَن بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى عليه السَّلَامُ آخِذٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي .".

" فلا أَدْرِي أَكَانَ، فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي أَمْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ "

سؤال:  هل هذان النّصان من الحديثين الصحيحين آنفا الذكر يبقيان فسحة لعدم موت أكابر الملائكة كجبريل عليه السلام؟  النّصان هما: (فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، فلا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي أَمْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ ، "فَصَعِقَ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ") ؟

أقول بغض النظر عن الإجاية، وحتى لو شملت صعقة الفزع أكابر الملائكة وماتوا، فإنّهم يبعثون مع نفخة القيام لربّ العالمين: (وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَاۤءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِیَامࣱ یَنظُرُونَ﴾ (الزمر 68).  إذاً هنالك بعث لكل المخلوقات: الحيوانات، والإنس ، والجنّ، والملائكة، وأكابر الملائكة.  وبالتالي لماذا لا يكون هنالك بعث أيضاً للكون؛ فتتعاقب الأكوان في الزمان كما ثبت وجودها المتوازي في أنحاء المكان.

المبحث السابع : ستعود السماوات السبع و الأرضون السبع إلى حالة القبض التي كانت عليها عند بدء الخلق

الفرع الأوّل: حالة الرّتق التي كان عليها الكون ابتداءً

 (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) 29] سورة البقرة[.  لقد أرشدنا الخالق سبحانه وتعالى إلى حقيقة أنّ الأجزاء الداخلية أو السفليّة من الكون كانت في حالة جمع ورتق: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا).  ويبيّن سبحانه وتعالى أنّه قد خلق سبع سماوات محكمات البناء مستويات السطوح تامّات الخلق والتكوين، رفع بعضهنّ فوق بعض بقدرته: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (عمري، بناء السماء2004 ).  ولقد كانت السماء دخاناً: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصّلت آية 11 ].

 أوردنا آنفاً الأحاديث التي أوضحت أنَّ الأرضين سبع.  ويقول سبحانه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ..) [البقرة 29].  تؤكّد هذه الآية والأحاديث آنفة الذّكر أنَّ حالة الأرضين (المادة الكونية المظلمة) قبضٌ في بداية الخلق، وأمّا الآن فهنَّ بسط وفتق.  كشفت الأرصاد الكونيّة عن عناقيد مجرّيّة على شكل شرائح ضخمة بامتداد ملياري سنة ضوئية؛ وأكثر .  المادّة المظلمة (الأرضين السبع) تتوزّع فتقاً وعلى مساحات كونيّة شاسعة كي تحقّق الإجتماع الجاذبي للعناقيد المجرّيّة الضّخمة (الشّكل).  وللمزيد أنظر مجموعة الأشكال (الأشكال) والتي يغطي بعضها مساحات أكبر.

 في اللّحظة الّتي تلت الانفجار العظيم (Big Bang) بدأ أيضاً خلقُ الأرض (الأرض بمعنى جهة السُّفل؛ أو الأرضين السّبع والتي هي المادة المظلمة) (البيضاوي، جـ 3، ص 221). ويراد بجهة السّفل الاتّجاه نحو مركز الكون، ويُقصدُ بجهة العلوّ الاتّجاه نحو السّماء.  إنّ كلمة (جَمِيعًا) في الآية قد تُعتبر حالاً من الأرض.  ويدلُّ على ذلك قوله جلّ وعلا: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) [الأنبياء 30].  (رتقاً): أي كان الجميع متّصلاً بعضه ببعض متلاصقاً متراكماً بعضُه فوق بعضٍ في ابتداء الأمر (الزمخشري ، م 2، ص 570 ؛ الصابوني،  م 2، ص 506 ).  وهذا يعني من النّاحية الفيزيائيّة أنّ الدقائق الأوليّة كان لها نفس درجة حرارة الإشعاع (coupled) (Weinberg, pp 48-49).

 وأقول: إنّ السماوات والأرض كانتا رتقاً في بداية خلقهما، ثمّ فتقت السّماء الدّخانيّة في مستويات مختلفة للطاقة، لتُشكّلَ أصلاً لخلق طبقات البناء السّماوي (بناء السماء، عمري 2002؛ السيوطي، جـ 1، ص 107)، كما وأنّ الأرض فتقت سبعاً (شكل) (السيوطي، جـ 1، ص 106-107).  إذن ليس هنالك ما يمنع أن تكون كلمة (جَمِيعًا) حالاً من الأرض، بل لعلّها كذلك.  وعندها يكون الخلق الّذي تتحدّث عنه الآيةُ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) هو خلقُ الله - سبحانه وتعالى- وإيجاده للأرض (المادة المظلمة) وللمادّة الأوّليّة في الأرض (الأرض: بمعنى جهة السُّفل؛ أو الأرضين السّبع) عندما كانت الأرضُ رتقاً (الأرضون السبع، عمري 2004).  وكذلك كانت الدقائق الأوّليّة والإشعاع رتقاً.

 الفرع الثاني: طيُّ السماوات وقبض الأرضين يوم القيامة

- (يطوي الله السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول: أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين ، ثم يأخذهن بيده الأخرى ، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ) ([155]).

) - يطوي الله السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول: أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين ، ثم يأخذهن بيده الأخرى ، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ) ([156]).

) - يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة.  ثم يأخذهن بيده اليمنى . ثم يقول: أنا الملك . أين الجبارون؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله . ثم يقول: أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ) ([157]).

) - يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون) ([158]).

(أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال وهو على المِنبَرِ: ( يأخُذُ اللهُ سمَواتِه وأَرَضيه بيدِه ثمَّ يقولُ: أنا اللهُ ـ ويقبِضُ أصابِعَه ويبسُطُها ـ أنا الرَّحمنُ أنا الملِكُ ) حتَّى نظَرْتُ إلى المِنبَرِ يتحرَّكُ مِن أسفَلَ منه حتَّى إنِّي لَأقولُ : أساقِطٌ هو برسولِ اللهِ) ([159])

أخبَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أوصافِ السَّاعةِ وما يكونُ فيها، ومِن ذلك ما ذُكِرَ في القُرآنِ مِن قبْضِ السَّمواتِ والأرضِ، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يَطْوي اللهُ السَّمواتِ يومَ القيامةِ، ثمَّ يأخُذُهن بيَدِه اليُمنى"، وهذا يُوافِقُ قولَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون} [الزمر: 67]، فالسَّمواتُ والأرضُ في يَدِ اللهِ سُبحانَه وفي قَبْضتِه، لا يَفوتُه منها شَيءٌ، ولا يَخْفى عن عِلْمِه منها شَيءٌ، ولا يَعزُبُ عن قُدرتِه منها قليلٌ ولا كثيرٌ، "ثمَّ يقولُ: أنا المَلِكُ، أين الجبَّارونَ؟" أي: الَّذين كانوا يَتسلَّطونَ على العِبادِ، ويتجبَّرونَ عليهم في الدُّنيا ظُلمًا وعُدوانًا، "أين المُتكبِّرون؟" أي: المُتعالُون على النَّاسِ بمالِهم وجاهِهم، "ثمَّ يَطْوي الأرضينَ . . . وما ورَدَ في هذا الحَديثِ مِن صِفاتٍ للمَولى عَزَّ وجَلَّ: اليدُ، والقبْضُ، والبَسطُ، يُثبِتُها أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ للهِ عَزَّ وجَلَّ على الوجْهِ الَّذي أثبَتَها هو لنَفْسِه سُبحانَه، دونَ تَكييفٍ أو تَعطيل، أو تَحريفٍ أو تَمثيل، كما في قولِه تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: 11)

وفي الحديثِ: بيانُ قُدرةِ اللهِ المُطلقَةِ واللانهائية في تَسخيرِ الكونِ لقُوَّتِه: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) .  وهذه الآية لعلها أجلُّ آية في بيان قُدرةِ اللهِ المُطلقَةِ واللانهائية.  (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) على الحقيقة وليس على المجاز، ومن يصرفها إلى المجاز ولو جاهلا فهو من الذين يصدق فيهم قول اللهِ عَزَّ وجَلَّ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ).  وفي الحديث  إثباتُ صِفاتِ اللهِ سُبحانَه مِن اليدِ والقبْضِ والبَسْطِ.

ويقول الطبري: وقال بعض أهل العربية من أهل البصرة (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) يقول في قدرته نحو قوله: وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أي وما كانت لكم عليه قدرة وليس الملك لليمين دون سائر الجسد، قال: وقوله ( قَبْضَتُهُ ) نحو قولك للرجل: هذا في يدك وفي قبضتك. والأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن أصحابه وغيرهم، تشهد على بطول هذا القول ([160]).

العبارة: (ويقبِضُ أصابِعَه ويبسُطُها) بصيغة المضارع تفيد تكرار كلّ من القبض والبسط .  وبالتالي لعلها أن تشير إلى دورات كونية متتالية في الزمن.

) - يطوي الله السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين ، ثم يأخذهن بشماله ، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون . [ حكم الشيخ بنكارة لفظة " بشماله " ، انظر " السلسلة الصحيحة ": رقم 3136 ] ) ([161]).

(إنَّ المقسِطين عند اللهِ يومَ القيامةِ على منابرَ من نورٍ عن يمينِ الرحمنِ ، و كلتا يدَيه يمينٌ : الذين يعدِلون في حكمِهم ، و أهليهم و ما وَلُوا) ([162]).

 (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر 67].

وفي الحديث الصحيح الذي يرويه عبدالله بن مسعود :-

 (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد ، إنا نجد: أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع ، فيقول أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر 67] }. ) ([163]).

العبارة (تصديقا لقول الحبر) هي من كلام الرّاوي. والدليل هو أنّ الآية التي قرأها الرسول: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كانت ردّا على قول الحبر، وتبيّن صورة مختلفة ، وأكّدت أنّ اليهود لم يقدروا اللّه حقّ قدره، وهي تنزّه اللّه عن شرك اليهود (ملحق).

وفي رواية عبدالله بن عمر:-

) - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به ) ([164]).

) - عن النضر بن أنس أنه حدثه عن ربيعة الجرشي وله صحبة قال في قوله تعالى { وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } قال: بيده ) ([165]).

 (يا رسول الله } وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } فأين المؤمنون يومئذ قال على الصراط يا عائشة ) ([166]).

 - (قال ابن عباس: (.. حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال: هم على جسر جهنم ) ([167]).

الفرع الثالث: أحاديث تبدّل الأرض

) - سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم 48] فأين يكون الناس يومئذ ؟ يا رسول الله ! فقال " على الصراط " . ) ([168]).

شرح الحديث:

أخبَر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ما يَكونُ يَومَ القِيامةِ؛ للإيمانِ به، والاستعداد لَه بالعَملِ الصَّالح.  وفي هذا الحديثِ أنَّ عائشَةَ رضِي الله عنها سَألَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن قَولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} [إبرهيم: 48]، فَأيْنَ يَكونُ النَّاسُ يَومئذٍ؟ أي: عِندَ طَيِّ الأَرْضِ؟ فَقال: على الصِّراطِ.

) - تلت عائشة هذه الآية: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ{ قالت: يا رسول الله! فأين يكون الناس؟ قال: على الصراط ) ([169]).

- (كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد ! فدفعته دفعة كاد يصرع منها . فقال: لم تدفعني ؟ فقلت: ألا تقول يا رسول الله ! فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي " فقال اليهودي: جئت أسألك . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أينفعك شيء إن حدثتك ؟ " قال: أسمع بأذني . فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه . فقال " سل " فقال اليهودي: أين يكون الناس يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هم في الظلمة دون الجسر " ... ألخ) ([170]).

المبحث الثامن: عودة الكون إلى حالة الظلمة

الفرع الأوّل: إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة (عمري: الكون ومقارنة بدايته مع نهايته):

(إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ، فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل ، فلذلك أقول: جف القلم على علم الله ) ([171]).

الفرع الثاني: يوم الظلمة (عمري: الكون ومقارنة بدايته مع نهايته):

كما أنّ بداية الخلق تمّت في ظلمة، فإنّ العبور على الصراط يوم القيامة يكون في ظلمة.  ففي الحديث الشريف: ( من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة ) ([172]).

(كان في خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم، ...، فاستضيئوا منه ليوم الظلمة ، ...) ([173]).

الظلمة على جسر جهنم

(يجيءُ الظالمُ يومَ القيامةِ حتَّى إذا كان على جسرِ جهنَّمَ بينَ الظُّلمةِ والوُعْرةِ لقيه المظلومُ فعرَفه وعرَف ما ظلَمه به فما يبرحُ الَّذين ظُلِموا يقصُّونَ من الَّذين ظلَموا حتَّى ينزَعوا ما في أيديهم من الحسناتِ فإن لم تكنْ لهم حسناتٌ رُدَّ عليهم من سيِّئاتِهم حتَّى يُورَدَ الدَّرْكَ الأسفلَ من النَّارِ) ([174]).

الظلم ظلمات يوم القيامة

وفي الحديث الصحيح الذي يرويه: عبدالله بن عمر: (أيها الناسُ اتَّقوا الظلمَ فإنَّهُ ظلماتٌ يومَ القيامةِ) ([175]).

ظلمة النار (للمزيد أنظر بحث: ظلمة النار وأدراكها)

يقول سبحانه: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) (المرسلات 32-33).  أَيْ كَالْإِبِلِ السُّود قَالَهُ مُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير (بن كثير).  كَأَنَّ الشَّرَر الَّذِي تَرْمِي بِهِ جَهَنَّم كَالْقَصْرِ جِمَالَات سُود: أَيْ أَيْنُق سُود؛ وَقَالُوا: الصُّفْر فِي هَذَا الْمَوْضِع، بِمَعْنَى السُّود ... وقالوا عَظْم الْقَصْر، وَلَوْن الْقَار (الطبري). 

- (أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل المظلم) ([176]).

(نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم فقال رجل: إن كانت لكافية، فقال: لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً حراً فحراً ) ([177]).

المبحث التاسع: هل يعكس مصير الملائكة مصير الكون؟  وهل بعث الملائكة وحياتهم بعد الموت يعكس بعثاً جديدا للكون؟

سئل الصفار – من علماء الحنفية - : أتكون الملائكة في الجنة ؟ قال:  " نعم إنهم موحدون ، وبعضهم يطوفون حول العرش يسبحون بحمد ربهم ، وبعضهم يبلغون السلام من الله تعالى على المؤمنين كما قال تعالى : ( يَدخَلونَ عَلَيهِم مِن كُلِ بابٍ، سَلامُ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبى الَدار ) " . "الحبائك في أخبار الملائك" ، للسيوطي (ص 88) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة : نعتقد أن الله تعالى يدخل من آمن به من الثقلين الجنة ، ويدخل من كفر به منهما النار يوم القيامة ، فما منزل الملائكة ؟

فأجابوا : " قد أخبر الله سبحانه عن الملائكة بأنهم ( عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الآيات، فهم محل كرامته وإحسانه وتحت تصرفه وأمره . فمنهم الموكل بأهل الجنة، ومنهم الموكل بأهل النار، ومنهم حملة العرش ، ومنهم الحافون بالعرش، والله أعلم بتفاصيل أعمال بقيتهم " انتهى .

تتعدّد أصناف الملائكة (عمري : أزواج (أصناف) الملائكة):

ومن أصناف الخلق الملائكة، ولهم مهام ووظائف مختلفة .  أكابرهم جبريل -عليه السّلام- هو الملك الموكلُ بالوحي، وتتخذه اليهودُ عدوّا لها.  وميكائيلُ مسؤول عن نسم المؤمنين، وهو الملك الموكل بأرزاق العباد.  إسرافيل موكل بالنفخ في الصور.  وهناك حملة العرش.

مَلَائِكَةُ السّماء والأرض وملائكة الجبال ، والملائكة الموكلة بتصريف الرّياح والسّحاب ، خزنة السّماء، خزنة الأرضِ، ملائكة الاستغفار، الملائكة السياحون الذين يسيحون يتبعون مجالس الذكر، الملائكة الذين يتعاقبون فينا (ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)،  الملائكة الموكلون بالأجنّة، والملائكة الّتي تنفخ الرّوح في الجنين، الملائكة المعقبات الحفظة الذين يحفظون الإنسان، ملك يرفع حكمة الآدمي إذا تواضع وإذا تكبر وضع حكمته ، والملائكة الموكلون بمراقبة أعمال المكلفين و حفظها و تسجيلها: ولم يرد نص في موت كتبة الحسنات والسيئات عند موت من تولوا كتابة حسناته وسيئاته، ولا نص ببقاء حياتهم ولا عن مصيرهم ، وذلك إلى الله ([178]).

وهناك ملائكةُ العذاب، والرّحمة، وملك النّار والجنّة ، خزنة النار: أربعة مليار وتسعمائة مليون ملَكٍ يجرُّونَ جهنَّمَ.  الموكلون بالنار (خزنة النار) في مقدمتهم مالك عليه السلام ، أربعة مليار وتسعمائة مليون ملَكٍ يجرُّونَ جهنَّمَ.  ملائكة الجنة ، وهم خزنة الجنة.

وملك الموت (وأعوانه) الموكل بقبض الأرواح ، ملائكة حياة البرزخ، ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، الموكل بفتنة القبر هما منكر ونكير عليهما السلام: الإنسانُ إذا دُفِنَ فتفرق عنه أصحابُه جاءه مَلَكٌ في يدِه مِطراقٌ فأقعده.  الكافرُ يُضَيَّقُ عليهِ في القبرِ ويُملأُ حيَّاتٌ مثلُ أعناقِ البختِ تأكلُ لحمَهُ فلا يدعنَّ من عظامِهِ شيئًا ثمَّ يرسلُ عليهِ ملائكةٌ صمٌّ عميٌ معهم فطاطيسُ من حديدٍ لا يبصروهُ فيرحمونَهُ ولا يسمعونَ صوتَهُ فيرحمونهُ فيضربونهُ ويخبطونهُ.  وملائكة تدبير الأمر.  وملائكة الآيات والبشارات.

الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُون

الفرع الأوّل : جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ

وفاة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم:

(أُغمي على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورأسُه في حِجْري فجعَلْتُ أمسَحُه وأدعو له بالشِّفاءِ فلمَّا أفاق قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( لا بَلْ أسأَلُ اللهَ الرَّفيقَ الأعلى مع جِبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ) ([179]).

- (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا) (النساء 172)

الْمَلَائِكَةُ ذُكِرُوا لِأَنَّهُمْ اِتُّخِذُوا آلِهَة مَعَ اللَّه كَمَا اِتُّخِذَ الْمَسِيحُ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ عَبِيد مِنْ عِبَاده وَخَلْق مِنْ خَلْقه كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا سُبْحَانه بَلْ عِبَاد مُكْرَمُونَ " (ابن كثير)

 (لمَّا خلقَ اللَّهُ آدمَ وذرِّيَّتَه قالتِ الملائِكةُ يا ربُّ خلقتَهم يأكلونَ ويشرَبونَ وينكِحونَ ويركبون فاجعل لَهم الدُّنيا ولنا الآخرةَ قالَ اللَّهُ تعالى لا أجعلُ مَن خَلقتُه بيديَّ ونفختُ فيهِ من رُوحي كَمن قلتُ لَه كن فَكانَ) ([180]) .

وكذلك السماء والأرض قالتا أتينا طائعين: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصّلت آية 11-12 ].

أكابر الملائكة و منهم سيدنا جبريل و ميكائيل

وفي التنويه بهما قال الله تعالى:} إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (التكوير 21-19).  يقول ابن كثير في تفسير القرآن العظيم : "يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْقُرْآن لَتَبْلِيغ رَسُول كَرِيم ....وَهُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام  .... " ذِي قُوَّة " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " عَلَّمَهُ شَدِيد الْقُوَى ذُو مِرَّة " أَيْ شَدِيد الْخَلْق شَدِيد الْبَطْش وَالْفِعْل " عِنْد ذِي الْعَرْش مَكِين " أَيْ لَهُ مَكَانَة عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْزِلَة رَفِيعَة.

- (أنَّ حَبرًا من اليهودِ سأل النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : أيُّ البقاعِ خيرٌ ؟ فسكتَ عنهُ ، وقال:  أسكُتُ ، حتَّى يجيءَ جبريلُ ، فسكَت ، ثمَّ جاء جبريلُ ، فسألَه ؟ فقال:  " ما المَسؤولُ عنها بأعلَمَ من السَّائلِ ، ولكن أسألُ ربِّي تبارك وتعالى ؛ ثمَّ قال جبريلُ : يا مُحمَّدُ ! إنِّي دَنوتُ من اللهِ دنُوًّا ما دَنوتُ مثلَه قطُّ ؛ قال:  كيفَ كان يا جبريلُ ؟ ، قال:  كان بَيني وبينَه سَبعونَ ألفَ حِجابٍ مِن نورٍ ، فقال:  شرُّ البقاعِ أسواقُها ، وخيرُ البقاعِ مَساجدُها) (.[181])

- (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (القدر 4)

أَيْ يَكْثُر تَنَزُّل الْمَلَائِكَة فِي هَذِهِ اللَّيْلَة لِكَثْرَةِ بَرَكَتهَا وَالْمَلَائِكَة يَتَنَزَّلُونَ مَعَ تَنَزُّل الْبَرَكَة وَالرَّحْمَة كَمَا يَتَنَزَّلُونَ عِنْد تِلَاوَة الْقُرْآن وَيُحِيطُونَ بِحِلَقِ الذِّكْر وَيَضَعُونَ أَجْنِحَتهمْ لِطَالِبِ الْعِلْم بِصِدْقٍ تَعْظِيمًا لَهُ وَأَمَّا الرُّوح فَقِيلَ الْمُرَاد بِهِ هَهُنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام (ابن كثير).

وفي ‏[‏ صحيح مسلم ‏]‏ عن مسروق قال‏:‏ صحيح البخاري بدء الخلق ‏(‏3062‏)‏، صحيح مسلم الإيمان ‏(‏177‏)‏، سنن الترمذي تفسير القرآن ‏(‏3068‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/50‏)‏‏.‏  (كنت متكئا عند عائشة، فقالت‏:‏ يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قال‏:‏ وكنت متكئا فجلست، فقلت‏:‏ يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل‏:‏ سورة التكوير الآية 23 ‏{‏وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ‏}‏ سورة النجم الآية 13 ‏{‏وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى‏}‏ فقالت‏:‏ أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض، فقالت‏:‏ أولم تسمع أن الله عز وجل يقول‏:‏ سورة الأنعام الآية 103 ‏{‏لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ‏}‏ أولم تسمع أن الله عز وجل يقول‏:‏ سورة الشورى الآية 51 ‏{‏وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا‏}‏ إلى قوله‏:‏ سورة الشورى الآية 51 ‏{‏عَلِيٌّ حَكِيم‏}‏، الحديث البخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏4612، 4855، 7380‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏177‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏3070‏)‏‏.‏

جبريل عليه السلام هو صاحب الوحي إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام وفي التنويه بوظيفته وأمانته قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء: 192- 194)

 فسيدنا جبريل من أسمائه في كتاب الله أنه أمين وحي السماء، و من أسمائه أنه الروح الأمين قال الله: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (الشعراء : 193)

وجبريل سماه الله روح القدس، والقدس خلاصة الطهارة وأصلها وسرها شيء مقدس طاهر نقي وذلك تكريماً له؛ فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (البقرة: 87)

- (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) (الْمُرْسَلَات 5 :). جاء في تفسير القرطبي : " (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) : الْمَلَائِكَة بِإِجْمَاعٍ ؛ أَيْ تُلْقِي كُتُبَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام ؛ قَالَهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقِيلَ : هُوَ جِبْرِيل وَسُمِّيَ بِاسْمِ الْجَمْع ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْزِل بِهَا . وَقِيلَ : الْمُرَاد الرُّسُل يُلْقُونَ إِلَى أُمَمهمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ ؛ قَالَهُ قُطْرُب . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس " فَالْمُلَقَّيَات " بِالتَّشْدِيدِ مَعَ فَتْح الْقَاف ؛ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَإِنَّك لَتُلَقَّى الْقُرْآن " [ النَّمْل : 6 ]".

وأثنى الله سبحانه وتعالى على جبريل في ست صفات معروضة في كتاب الله فقال:  ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (التكوير : 19-21).

لذلك قال بعض العلماء: إن سيدنا جبريل رئيس الملائكة ، ومما يدل على رياسته (رئاسته)، إنه أمين في تبليغ رسالات ربه القوليّة والعملية.

(يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) (النحل 2)

أَيْ بِالْوَحْيِ وَهُوَ النُّبُوَّة ؛ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . نَظِيره " يُلْقِي الرُّوح مِنْ أَمْره عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده " [ غَافِر : 15 ] . الرَّبِيع بْن أَنَس : بِكَلَامِ اللَّه وَهُوَ الْقُرْآن . وَقِيلَ : هُوَ بَيَان الْحَقّ الَّذِي يَجِب اِتِّبَاعه .... الرُّوح هُنَا جِبْرِيل . وَالْبَاء فِي قَوْله : " بِالرُّوحِ " بِمَعْنَى مَعَ ، كَقَوْلِك : خَرَجَ بِثِيَابِهِ ، أَيْ مَعَ ثِيَابه . ... أَيْ عَلَى الَّذِينَ اِخْتَارَهُمْ اللَّه لِلنُّبُوَّةِ . وَهَذَا رَدّ لِقَوْلِهِمْ : " لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم " [ الزُّخْرُف : 31 [   (القرطبي)

(اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (الحج 75 ).

اللَّه يَخْتَار مِنَ الْمَلَائِكَة رُسُلًا كَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل اللَّذَيْنِ كَانَا يُرْسِلهُمَا إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَاده وَمِنَ النَّاس ، كَأَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى عِبَاده مِنْ بَنِي آدَم . وَمَعْنَى الْكَلَام : اللَّه يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَة رُسُلًا، وَمِنَ النَّاس أَيْضًا رُسُلًا (الطبري).

وفي معرض تفسير الآية : (فَالتَّالِيَات ذِكْرًا ) (الصافات : 3) قَالَ السُّدِّيّ الْمَلَائِكَة يَجِيئُونَ بِالْكِتَابِ وَالْقُرْآن مِنْ عِنْد اللَّه إِلَى النَّاس وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا "   (ابن كثير).

وفي معرض تهذيب نساء الرسول حينما تظاهرن عليه بيّن الله سبحانه وتعالى أفضلية جبريل إذ شرفه فخصه بالذكر و قدمه في الترتيب على سائر الملائكة وجعله ناصراً للرسول محمّد ؛ فقال الله: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (التحريم : 4)

 (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ): وصالح المؤمنين كما يقال في تفسير هذه الآية أبو بكر وعمر، والملائكة بعد ذلك ظهير كل هؤلاء ليقفوا في وجه كيد نساء الرسول حينما تظاهرن عليه.

وزيرا النّبيّ من أهل السماء جبريل وميكائيل: (إن لي وزيرين من أهل السماء، و وزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل و ميكائيل، و وزيراي من أهل الأرض أبو بكر و عمر) ([182]).

جبريل و ميكائيل وإسرافيل كانوا في الصفوف يوم بدر: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ولأبي بكر مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في الصف) ([183]).

- (قيلَ لعليٍّ ولأبي بَكْرٍ يومَ بدرٍ : معَ أحدِكُما جِبريلُ ، ومعَ الآخرِ ميكائيل وإسرافيلُ ملَكٌ عظيمٌ يشهَدُ القتالَ أو قال:  يشهَدُ الصَّفَّ) ([184]).

لا بلْ أسألُ اللهَ الرفيقَ الأعلَى مع جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ

(عنْ عائشةَ رضي اللهُ عنها قالتْ : أُغميَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ورأسهُ في حِجري فجعلتُ أمسحهُ وأدعوا له بالشفاءِ ، فلمَّا أفاق قال عليه الصلاةُ والسلامُ : لا بلْ أسألُ اللهَ الرفيقَ الأعلَى مع جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ) ([185]).

آخرَ من يبقى جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ وملكُ الموتِ

- (عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ آخرَ من يبقى جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ وملكُ الموتِ ثمَّ يموتُ الثَّلاثةُ ثمَّ يقولُ اللَّهُ لملكِ الموتِ: مُت فيموتُ) ([186]).

حملة العرش

- (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (غافر 7).

يُخْبِر تَعَالَى عَنْ الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبِينَ مِنْ حَمَلَة الْعَرْش وَمَنْ حَوْله مِنْ الْمَلَائِكَة الْكَرُوبِيِّينَ بِأَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ أَيْ يَقْرُنُونَ بَيْن التَّسْبِيح الدَّالّ عَلَى نَفْي النَّقَائِص وَالتَّحْمِيد الْمُقْتَضِي لِإِثْبَاتِ صِفَات الْمَدْح" وَيُؤْمِنُونَ بِهِ " أَيْ خَاشِعُونَ لَهُ أَذِلَّاء بَيْن يَدَيْهِ وَأَنَّهُمْ " يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا " أَيْ مِنْ أَهْل الْأَرْض مِمَّنْ آمَنَ بِالْغَيْبِ فَقَيَّضَ اللَّه تَعَالَى مَلَائِكَته الْمُقَرَّبِينَ أَنْ يَدْعُوا لِلْمُؤْمِنِينَ بِظَهْرِ الْغَيْب وَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ سَجَايَا الْمَلَائِكَة عَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانُوا يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاء الْمُؤْمِن لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم " إِذَا دَعَا الْمُسْلِم لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب قَالَ الْمَلَك آمِينَ وَلَك بِمِثْلِهِ " ...(تفسير ابن كثير).

- ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (الحاقة : 16-17)

(وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الزمر 75)

"أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ مَلَائِكَته أَنَّهُمْ مُحْدِقُونَ مِنْ حَوْل الْعَرْش الْمَجِيد يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ وَيُمَجِّدُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ وَيُنَزِّهُونَهُ عَنْ النَّقَائِص وَالْجَوْر وَقَدْ فَصَلَ الْقَضِيَّة وَقَضَى الْأَمْر وَحَكَمَ بِالْعَدْلِ وَلِهَذَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " وَقُضِيَ بَيْنهمْ " أَيْ بَيْن الْخَلَائِق " بِالْحَقِّ ". ثُمَّ قَالَ " وَقِيلَ الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أَيْ نَطَقَ الْكَوْن أَجْمَعهُ نَاطِقه وَبَهِيمه لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ بِالْحَمْدِ فِي حُكْمه وَعَدْله " . (ابن كثير).

الأحاديث :

- (أنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ عمرٍو قال:  قالت الملائِكَةُ يا ربَّنا منِّا الملائِكَةُ المقرَّبونَ ، ومنِّا حملةُ العرشِ ، ومنَّا الكرامُ الكاتِبينَ ، ونحنُ نسبِّحُ اللَّيلَ والنَّهارَ لا نسأمُ ولا نفتُرُ ، خَلقتَ بَني آدم فجعلت لَهُم الدُّنيا ، فاجعل لَنا الآخرةَ ، قالَ ثمَّ عادوا فأجهَدوا المسألةَ فقالوا مثلَ ذلِكَ . فقالَ جلَّ جلالُهُ : لن أجعلَ صالِحَ ذرِّيَّةِ من خلقتُ بيديَّ كمَن قلتُ لَهُ كُن فَكانَ) ([187]) .

(لما خلق اللهُ الجنةَ قالت الملائكةُ يا ربنا اجعل لنا هذهِ نأكلُ منها ونشربُ فإنك خلقتَ الدنيا لبني آدمَ فقال اللهُ لن أجعلَ صالحَ ذريَّةَ من خلقتُ بيديَّ كمن قلتُ لهُ كن فكانَ) ([188])

- (حَملةُ العَرشِ ثمانيةٌ يَتجاوَبونَ بِصَوتٍ حسَنٍ رخيمٍ ، فيقولُ أربعَةٌ منهُم : سُبحانَكَ وبحمدِكَ علَى حِلمِكَ بعدَ عِلمِكَ . ويقولُ أربعةٌ : سُبحانَكَ وبحمدِكَ علَى عفوِكَ بعدَ قُدرتِكَ) ([189]).

- (عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن الذي وُكِلَ بالنفخِ في الصورِ هو إسرافيلُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ أحدُ حملَةِ العرشِ) ([190]).

حملة العرش وتنزّل الأمر

قوله سبحانه وتعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أنّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الطلاق 12].

ومن الأحاديث:-

- (أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ الأنْصَارِ، أنَّهُمْ بيْنَما هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رُمِيَ بنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ، إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فإنَّهَا لا يُرْمَى بهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هذِه السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قالَ: الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ لِحَمَلَةِ العَرْشِ: مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ فيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قالَ: قالَ فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضًا، حتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ هذِه السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ به، فَما جَاؤُوا به علَى وَجْهِهِ فَهو حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فيه وَيَزِيدُونَ) ([191]).

من الشرح: "حتَّى يَبلغَ، أي: يَصلَ الخبرُ هذه السَّماءَ الدُّنيا، أي: أَهلَها مِنَ الملائكةِ فَيخطِفُ الجنُّ السَّمعَ، أي: المسموعَ "فَيَقذِفونَ"، أي: الجنُّ يَرمونَ مَسموعَ الملائكةِ إلى أَولِيائِهم مِنَ الكهنةِ والمنجِّمينَ وَيُرْمَوْنَ ، أي: الجنُّ يُقذَفون بِالشُّهبِ، وهذا رميُهم بِالشِّهابِ بعْدَ إِلقائِهمُ الكلمةَ إلى أَوليائِهم فما جاءوا، أي: أَولياؤُهم به على وَجهِه، أي: مِن غيرِ تُصرُّفٍ فيه فهو حقٌّ، أي: كائنٌ واقعٌ، ولكنَّهم "يُقَرِّفون"، أي: يَكذبون فيه ويُوقعونَ الكذبَ في المسموعِ الصَّادقِ، ويَخلطونَه ولا يَتركونَه على وجهٍ غالبَا، ويَزيدونَ، أي: دائمًا كذِبَاتٍ أُخَرَ مُنْضمَّةً إليه."

ملاحظة هامة:  يقول الصحابي: "رُمِيَ بنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ".  والحقيقة أنّ الشهاب ليس بنجم، وإنما هي كتلة صغيرة جداً تتوهج وتحترق عندما تسقط في جاذبية الأرض .  بينما في الحديث يقول الرسول الذي يوحى إليه: " مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ، إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟".  إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا ولم يقل بمِثْلِ هذا النجم!

- (إنَّها لا يُرْمَى بِها لِموتِ أحدٍ ولا لحياتِه ، ولكنْ ربُّنا تباركَ وتعالى إذا قَضى أمرًا ، سبَّح حملةُ العرشِ : ماذا قال ربُّكم ؟ فيُخبرونَهم ماذا قالَ ، فيَستخبِرُ بعضُ أهلِ السَّمواتِ بَعضًا ، حتَّى يبلُغَ الخبرُ هذهِ السَّماءَ الدُّنيا ، فيخطَفُ الجنُّ السَّمعَ فَيقذِفونَ إلى أوليائِهم ، ويُرمَوْنَ ، فَما جاؤوا بهِ علَى وجهِه ، فهوَ حقٌّ ، ولكنَّهم يُفرِّقونَ فيهِ فيَزيدونَ) ([192]).

- (حدَّثني رجالٌ من الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهم كانوا جلوسًا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ ليلةٍ إذ رُمِيَ بنجمٍ فذكر الحديثَ إلا أنَّهُ قال:  إذا قضى ربنا أمرًا سبَّحَهُ حملةُ العرشِ ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغَ التسبيحُ السماءَ الدنيا فيقولون الذين يلونَ حملةَ العرشِ لحملةِ العرشِ: ماذا قال ربكم: فيقولون الحقَّ وهو العليُّ الكبيرُ فيقولون كذا كذا فيُخبرُ أهلُ السمواتِ بعضهم بعضًا حتى يبلغَ الخبرُ السماءَ الدنيا قال:  ويأتي الشياطينُ فيستمعون الخبرَ فيقذفونَ بهِ إلى أوليائهم ويرمونَ بهِ إليهم فما جاءوا بهِ على وجهِهِ فهو حقٌّ ولكنَّهم يزيدون فيهِ ويَقرِفُونَ ويَنقُصُون) ([193]).

- (إذا أحبَّ اللهُ عبدًا نادى جَبرائيلَ فقال:  إنِّي أحبُّ عبدي فأحِبُّوهُ فينوِّهُ به جَبرائيلُ في حملَةِ العرشِ ، فتسمَعُ أهلُ السَّماءِ لغطَ حملةِ العرشِ ، فيحبُّهُ أهلُ السَّماءِ السَّابعةِ ثمَّ سماءٍ سماءٍ حتَّى ينزلَ إلى السَّماءِ الدُّنيا ثمَّ يهبطُ إلي الأرضِ فيحبُّهُ أهلُ الأرضِ) ([194]).

- (إنَّ العبدَ ليلتَمِسُ مرضاةَ اللهِ عزَّ وجلَّ فلا يزالُ كذلك فيقولُ يا جبريلُ إنَّ عبدي فلانًا يلتَمِسُ أن يُرضِيَني برضائي عليه قال فيقولُ جبريلُ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم رحمةُ اللهِ على فلانٍ وتقولُ حَمَلةُ العرشِ ويقولُ الَّذين يَلُونَهم حتَّى يقولَ أهلُ السَّماواتِ السَّبعِ ثُمَّ يهبِطُ إلى الأرضِ ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم وهي الآيةُ الَّتي أنزَل اللهُ عليكم في كتابِه {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} وإنَّ العبدَ ليلتمِسُ سخطَ اللهِ فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ يا جبريلُ إنَّ فلانًا يستَسخَطُني ألا وإنَّ غضبي عليه فيقولُ جبريلُ غضبُ اللهِ على فلانٍ وتقولُ حملةُ العرشِ ويقولُ مَن دونَهم حتَّى يقولَه أهلُ السَّماواتِ السَّبعِ ثُمَّ يهبِطُ إلى الأرضِ) ([195])

ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة سنة

- (أُذِن لي أنَّ أُحَدِّثَ عن مَلَكٍ مِن حملةِ العرشِ، ما بيْن شحمةِ أُذُنِهِ إلى عاتِقِهِ مسيرةُ سَبْعِ مِئةِ سَنَةٍ.) ([196]).

- (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مئة عام) ([197]).

- (أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ : إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ) ([198])

- (أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن ملكٍ من حملةِ العرشِ ما بين شحمةِ أذنِه إلى عاتقِه مسيرةَ سبعمائةِ عامٍ) ([199]).

إنّ ثبات هذا النصّ يتطلّب تحديد سرعة المسير وأن تكون السرعة ذات دلالة.  ونحن نعلم أنّ سرعة الضوء ثابت كوني.  لذا أفهم أنّ مدلول الحديث هو : أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة (الضوء) سبع مائة سنة.  وفيما نعلم ليس هناك من شيء مخلوق يتحرّك في العالم العلوي سوى الملائكة أو الضوء.  وفي حركة الملائكة وأجنحتها لدينا الآية الكريمة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فاطر 1].  والحديث : (يَتَعاقَبونَ فيكُم: ملائِكَةٌ بالليلِ وملائِكةٌ بالنهارِ، ويجتمعونَ في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العصرِ، ثم يَعْرُجُ الذينَ باتوا فيكُم، فيَسألُهُم وهو أعلَمُ بِهِم: كيفَ تَرَكتُم عِبادي ؟ فيقولون : تَرَكْناهُم وهُم يُصلونَ، وأتَيناهُم وهُم يُصلونَ .) ([200]).

ملائكة الموقف للحساب وملائكة الجنة وخزنة النار

الموقف للحساب

وينزلُ الجبَّارُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ من الغمامِ والملائكةُ

- (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا) (الفرقان 25)

وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : " فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ وَاهِيَة وَالْمَلَك عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِل عَرْش رَبّك فَوْقهمْ يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة " (ابن كثير).  وفي الحديث :  (أنَّ الناسَ إذا اهتَمُّوا لموقفِهم في العَرَصاتِ تشَفَّعوا إلى ربِّهم بالأنبياءِ واحدًا واحدًا من آدمَ فمن بعدَه فكلُّهم يحيدُ عنها حتى ينتهوا إلى محمدٍ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه فإذا جاؤوا إليه قال أنا لها أنا لها فيذهبُ فيسجدُ لله تحت العرشِ ويشفَعُ عند اللهِ في أن يأتيَ لفصلِ القضاءِ بين العبادِ فيُشَفِّعَه اللهُ ويأتي في ظُلَلٍ من الغَمامِ بعد ما تنشقُّ السماءُ الدُّنيا وينزلُ من فيها من الملائكةِ ثم الثانيةُ ثم الثالثةُ إلى السابعةِ وينزلُ حمَلَةُ العرشِ والكُروبيُّون قال وينزلُ الجبَّارُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ من الغمامِ والملائكةُ ولهم زجَلٌ من تَسْبيحِهم يقولون سبحان ذي المُلْكِ والملَكوتِ سبحان ربِّ العرشِ ذي الجبَروتِ سبحانَ الحيِّ الذي لا يموتُ سبحان الذي يميتُ الخلائقَ ولا يموتُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ ربُّ الملائكةِ والرُّوحِ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ سبحانَ ربِّنا الأعلى سبحان ذي السلطانِ والعَظمةِ سبحانه أبدًا أبدًا) ([201]).

يُخْبِر تَعَالَى عَنْ هَوْل يَوْم الْقِيَامَة وَمَا يَكُون فِيهِ مِنْ الْأُمُور الْعَظِيمَة فَمِنْهَا اِنْشِقَاق السَّمَاء وَتَفَطُّرهَا وَانْفِرَاجهَا بِالْغَمَامِ وَهُوَ ظُلَل النُّور الْعَظِيم الَّذِي يُبْهِر الْأَبْصَار وَنُزُول مَلَائِكَة السَّمَوَات يَوْمئِذٍ فَيُحِيطُونَ بِالْخَلَائِقِ فِي مَقَام الْمَحْشَر ثُمَّ يَجِيء الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاء . قَالَ مُجَاهِد وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيهِمْ اللَّه فِي ظُلَل مِنْ الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة " الْآيَة (ابن كثير).  وقوله تعالى:

- (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (الأنعام 158)

يَقُول تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لِلْكَافِرِينَ بِهِ وَالْمُخَالِفِينَ لِرُسُلِهِ وَالْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ وَالصَّادِّينَ عَنْ سَبِيله" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيهِمْ الْمَلَائِكَة أَوْ يَأْتِي رَبّك " وَذَلِكَ كَائِن يَوْم الْقِيَامَة " أَوْ يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا" وَذَلِكَ قَبْل يَوْم الْقِيَامَة كَائِن مِنْ أَمَارَات السَّاعَة وَأَشْرَاطهَا كَمَا قَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد حَدَّثَنَا عُمَارَة حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قال:  قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاس آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَلِكَ حِين لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل... . وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طُرُق أُخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة كَمَا اِنْفَرَدَ مُسْلِم بِرِوَايَتِهِ مِنْ حَدِيث الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَعْقُوب مَوْلَى الْحُرَقَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِهِ وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا اِبْن فُضَيْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قال:  قَالَ رَسُول اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ (ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ.) ([202]).  وَرَوَاهُ أَحْمَد عَنْ وَكِيع عَنْ فُضَيْل بْن غَزْوَان عَنْ أَبِي حَازِم سَلْمَان عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِهِ وَعِنْده وَالدُّخَان . ... عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيد بْن أَبِي سَرِيحَة الْغِفَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ فُرَات عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيد الْغِفَارِيّ قال:  أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَة وَنَحْنُ نَتَذَاكَر السَّاعَة فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَرَوْا عَشْر آيَات : طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا وَالدُّخَان وَالدَّابَّة وَخُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَخُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَخُرُوج الدَّجَّال وَثَلَاثَة خُسُوف : خَسْف بِالْمَشْرِقِ وَخَسْف بِالْمَغْرِبِ وَخَسْف بِجَزِيرَةِ الْعَرَب وَنَار تَخْرُج مِنْ قَعْر عَدَن تَسُوق أَوْ تَحْشُر النَّاس تَبِيت مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَأَهْل السُّنَن الْأَرْبَعَة مِنْ حَدِيث فُرَات الْقَزَّاز عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيد بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح . (ابن كثير).

وتبياناً لطول يوم القيامة (يوم العرض والحساب حتى يرى المكلّف سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار) يقول سبحانه وتعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج 4)

" وَالرُّوح " جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ؛ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس. دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين " [ الشُّعَرَاء : 193 [ (القرطبي).

ولقد بيّنت الأحاديث الصحيحة طول يوم القيامة، ومنها الحديث :

- ( ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم. فيجعل صفائح. فيكوى بها جنباه وجبينه. حتى يحكم الله بين عباده. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر. كأوفر ما كانت. تستن عليه. كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها. حتى يحكم الله بين عباده. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها. إلا بطح لها بقاع قرقر. كأوفر ما كانت. فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها. ليس فيها عقصاء ولا جلحاء. كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها. حتى يحكم الله بين عباده. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". قال سهيل : فلا أدري أذكر البقر أم لا. قالوا:  فالخيل ؟ يا رسول الله ! قال:  " الخيل في نواصيها (أو قال) الخيل معقود في نواصيها (قال سهيل : أنا أشك) الخير إلى يوم القيامة. الخيل ثلاثة : فهي لرجل أجر. ولرجل ستر. ولرجل وزر. فأما التي هي له أجر. فالرجل يتخذها في سبيل الله ويعدها له. فلا تغيب شيئا في بطونها إلا كتب الله له أجرا. ولو رعاها في مرج، ما أكلت من شيء إلا كتب الله له بها أجرا. ولو سقاها من نهر، كان له بكل قطرة تغيبها في بطونها أجر. (حتى ذكر الأجر في أبوالها وأوراثها) ولو استنت شرفا أو شرفين كتب له بكل خطوة تخطوها أجر. في عسرها ويسرها. وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا .ولا ينسى حق ظهورها و بطونها. في عسرها ويسرها. وأما الذي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء الناس. فذاك الذي هي عليه وزر". قالوا:  فالحمر ؟ يا رسول الله ! قال:  "ما أنزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}". وفي رواية : (بدل عقصاء) "عضباء". وقال:  " فيكوى بها جنبه وظهره " ولم يذكر : جبينه. وفي رواية : " إذا لم يؤد المرء حق الله أو الصدقة في إبله) وساق الحديث بنحو حديث سهيل عن أبيه.(حديث صحيح، مسلم، المسند الصحيح، 987).

- (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى) (النجم 26).  هَذَا كَقَوْلِهِ " مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ" " وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ" فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقّ الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبِينَ فَكَيْف تَرْجُونَ أَيّهَا الْجَاهِلُونَ شَفَاعَةَ هَذِهِ الْأَصْنَام وَالْأَنْدَاد عِنْد اللَّه وَهُوَ تَعَالَى لَمْ يُشَرِّع عِبَادَتَهَا وَلَا أَذِنَ فِيهَا بَلْ قَدْ نَهَى عَنْهَا عَلَى أَلْسِنَة جَمِيع رُسُله وَأَنْزَلَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ جَمِيع كُتُبِهِ .(ابن كثير).

والملك صفّا صفّا

(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (الفجر 22): " وَجَاءَ رَبّك " يَعْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَسْتَشْفِعُونَ إِلَيْهِ بِسَيِّدِ وَلَد آدَم عَلَى الْإِطْلَاق مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...  فَيَجِيء الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاء كَمَا يَشَاء وَالْمَلَائِكَة يَجِيئُونَ بَيْن يَدَيْهِ صُفُوفًا صُفُوفًا .(ابن كثير).

(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا) (النبإ 38)

فيجيبني ملَكٌ فيقولُ : وهل تدري ما أحدثوا بعدك:

(تردُ عليَّ أمتي الحوضَ. وأنا أذودُ الناسَ عنه كما يذودُ الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبلِه. قالوا:  يا نبيَّ اللهِ! أتعرفُنا؟ قال:  نعم . لكم سيما ليست لأحدٍ غيرِكم . تردون عليَّ غرًا محجّلين من آثارِ الوضوءِ . وليصدن عني طائفةٌ منكم فلا يصلون . فأقولُ : يا ربِّ ! هؤلاءُ من أصحابي . فيجيبني ملَكٌ فيقولُ : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟) ([203]).

- (ترِدُ عليَّ أُمَّتي الحوضَ ، وأنا أزودُ الناسَ عنه ، كما يزودُ الرجلُ إبِلَ الرجلِ عن إبلِه ، قالوا:  يا نبيَّ اللهِ تعرفُنا ؟ قال:  نعم ، لكم سِيمًا ليست لأحدٍ غيرِكم ، ترِدون عليَّ غُرًّا محجَّلين من آثارِ الوضوءِ ، وليصدَّنَ عني طائفةٌ منكم ، فلا يصِلون ، فأقول : يا ربِّ هؤلاءِ مِن أصحابي ! فيجيبُني ملَكٌ فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدَك؟) ([204]).

ملائكة الجنة ، وهم خزنة الجنة

ومن أصناف الملائكة أيضاً ملائكة الجنة، وفي وصف استقبال ملائكة الجنة لأهل الجنة، قال الله تعالى في سورة الرعد: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ (الرعد : 23-24)

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) (الزمر 73)

- (يُساقُ الَّذين اتَّقَوْا ربَّهم إلى الجنَّةِ زُمَرًا حتَّى إذا انتهَوْا إلى بابٍ من أبوابِها وجَدوا عنده شجرةً يخرُجُ من تحتِ ساقِها عينان تجريان فعمَدوا إلى إحداهما كأنَّما أُمِروا بها فشربوا منها فأذهبتْ ما في بطونِهم من أذًى أو قذًى أو بأسٍ ثمَّ عمَدوا إلى الأخرَى فتطهَّروا منها فجَرتْ عليهم بنضْرةِ النَّعيمِ فلن تتغيَّرَ أبشارُهم تغيُّرًا بعدها أبدًا ، ولن تشعَثَ أشعارُهم كأنَّما دُهِنوا بالدَّهانِ ، ثمَّ انتهَوْا إلى خزَنةِ الجنَّةِ فقالوا:  سلامٌ عليكم طِبتم فادخلوها خالدين . قال:  ثمَّ تلقَّاهم أو يلقاهم الوِلدانُ يُطيفون بهم كما يُطيفُ وِلدانُ أهلِ الدُّنيا بالحميمِ ، يقدُمُ من غيبتِه فيقولون : أبشِرْ بما أعدَّ اللهُ لك من الكرامةِ . قال:  ثمَّ ينطلِقُ غلامٌ من أولئك الوُلدانِ إلى بعضِ أزواجِه من الحورِ العينِ، فيقولُ: قد جاء فلانٌ باسمِه الَّذي يُدعَى به في الدُّنيا، فتقولُ: أنت رأيتَه؟ فيقولُ : أنا رأيتُه وهو ذا بإثري ، فيستخِفُّ إحداهنَّ الفرْحُ حتَّى تقومَ على أسكُفَّةِ بابِها، فإذا انتهَى إلى منزلِه نظر إلى أيِّ شيءٍ أساسُ بنيانِه ، فإذا جندَلُ اللُّؤلؤِ فوقه صرحٌ أخضرُ وأصفرُ وأحمرُ ومن كلِّ لونٍ ، ثمَّ رفع رأسَه فنظر إلى سقْفِه ، فإذا مثلُ البرقِ لولا أنَّ اللهَ قدَّر له لألمَّ أن يذهبَ ببصرِه ، ثمَّ طأطأ رأسَه فنظر إلى أزواجِه ، وأكوابٍ موضوعةٍ ، ونمارقَ مصفوفةٍ ، وزرابيَّ مَبثوثةٍ فنظروا إلى تلك النِّعمةِ ، ثمَّ اتَّكئوا وقالوا:  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ، الآيةَ ، ثمَّ يُنادي منادٍ تحَيْون فلا تموتون أبدًا ، وتُقيمون فلا تظعنون أبدًا وتصحون . أراه قال:  فلا تمرَضون أبدًا) ([205]).

ثبت بالأحاديث الصحيحة أنّ هنالك ملائكة موكلون بالجنة؛ وهم خزنة الجنة.  وفيما يلي الأحاديث التي تبيّن : (فإذا جازوا الصِّراطِ فكُّل خزَنةِ الجنةِ يدعوه يا مسلمُ ها هنا خيرٌ لك)

(مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، دَعاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بابٍ: أيْ فُلُ هَلُمَّ، قالَ أبو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللَّهِ، ذاكَ الذي لا تَوَى عليه، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ.) ([206]).

(مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ، دَعاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بابٍ: أيْ فُلُ، هَلُمَّ فقالَ أبو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللهِ، ذلكَ الذي لا تَوَى عليه، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ.) ([207]).

(سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، دَعَتْهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، أيْ فُلُ هَلُمَّ فَقالَ أبو بَكْرٍ: ذَاكَ الذي لا تَوَى عليه، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ.) ([208]).

- (قال قائلون : يا رسولَ اللهِ : هل نرَى ربَّنا يومَ القيامةِ ؟ . قال:  هل تُضارون في رؤيةِ الشَّمسِ في ظهيرةٍ ليس فيها سحابٌ؟ قالوا:  لا ، قال:  فهل تُضارون في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ، ليس فيها سحابٌ؟ قالوا:  لا ، قال:  فوالَّذي نفسي بيدِه : ما تُضارون إلَّا كما تُضارون في رؤيتِهما ، يلقَى العبدَ فيقولُ : - أي قُلْ - : ألم أُكرِمْك ؟ ، ألم أُزوِّجْك ؟ ألم أُسخِّرْ لك الخيلَ والإبلَ ؟ . ألم أترُكَّك ترأسُ وتربَعُ ؟ فيقولَ: بلَى . فيقولُ : فظننتَ أنَّك مُلاقيَّ . فيقولَ : لا ، فيقولُ : إنِّي أنساك كما نسيتَني . قال:  ثمَّ يلقَى الثَّانيَ فيقولُ : أي قُلْ : ألم أُكرِمْك ؟ ألم أُزوِّجْك ؟ ألم أُسخِّرْ لك الخيلَ والإبلَ ؟ ألم أترُكَّك ترأسُ وتربعُ ؟ فيقولَ : بلَى . فظننتَ أنَّك مُلاقيَّ ؟ ، ثمَّ يلقَى الثَّالثَ : فيقولُ : ربِّ آمنتُ بك وبكتابِك ، وصلَّيتُ وتصدَّقتُ . قال:  فيقولُ : ألا أبعثُ شاهدًا يشهَدُ عليك ، فيُنكِرُ في نفسِه ، من ذا الَّذي يشهَدُ عليه ؟ . قال:  فيُختَمُ على فيه ، ويقولُ لفخِذِه : انطِقي ، فنطق فخِذُه ، وعظمُه ولحمُه بما كان يفعلُ . فذلك المنافقُ . وذلك الَّذي يعذِلُ نفسَه . وذلك الَّذي سخِط اللهُ عليه . فيُنادي منادٍ : ألا تتَّبِعُ كلُّ أمَّةٍ ما كانت تعبُدُ ، فيُتَّبعُ الشَّياطينُ ، والصَّليبُ وأولياؤُهم إلى جهنَّمَ ، وبَقينا أيُّها المؤمنون ، فيأتينا ربُّنا فيقولُ : على ما هؤلاء ؟ فنقولُ : نحن عبادُ اللهِ المؤمنون آمنَّا بربِّنا ، ولم نُشرِكْ به شيئًا وهو ربُّنا – تبارك وتعالَى – وهو يأتينا ، وهو يُثبِّتُنا ، وهذا مقامُنا حتَّى يأتيَنا ربُّنا ، فيقولُ : أنا ربُّكم فانطلِقوا . فننطلِقُ حتَّى نأتيَ الجِسرَ ، وعليه كلاليبُ من نارٍ تخطِفُ . عند ذلك حلَّت الشَّفاعةُ . – أي اللَّهمَّ سلِّمْ ، اللَّهمَّ سلِّمْ ، فإذا جازوا الجِسرَ ، فكلُّ من أنفق زوجًا من المالِ في سبيلِ اللهِ ممَّا يملِكُ فتُكلِّمُه خزَنةُ الجنَّةِ تقولُ : يا عبدَ اللهِ ، يا مسلمُ هذا خيرٌ . فقال أبو بكرٍ – رضِي اللهُ عنه – : يا رسولَ اللهِ : إنَّ هذا عبدٌ لا تِوًى عليه ، يدَعُ بابًا ويلِجُ من آخرَ ، فضرب كتِفَه وقال:  إنِّي لأرجو أن تكونَ منهم) ([209]).

- (يُنفخُ في الصورِ والصورُ كهيئةِ القَرنِ فيُصعَقُ من في السَّماواتِ ومن في الأرضِ وبين النفختَين أربعينَ عامًا ويمطِرُ اللهُ في تلك الأربعينَ مطرًا فينبُتونَ من الأرضِ كما ينبُتُ البَقْلُ ومن الإنسانِ عظمٌ لا تأكلُه الأرضُ عَجْبُ ذنَبِه وفيه يركَّبُ الجسَدُ خلقهُ يومَ القيامةِ ، قال:  ثمَّ ذكر البعثَ وذكر الحسابَ فيوضعُ الصِّراطُ ويتمثَّلُ لهم ربُّهم فيقال:  لتنطلقْ كلُّ أمةٍ إلى ما كانت تعبدُ حتَّى إذا بَقِيَ المسلمونَ قيل لهم : ألا تذهبونَ قد ذهب النَّاسُ فيقولون : حتَّى يأتيَ ربُّنا فيقولُ : من ربُّكم فيقولونَ : ربُّنا اللهُ لا شريكَ له فيقال:  هل تعرِفونَ ربَّكم إذا رأيتموهُ ؟ فيقولون : إذا تعرَّف لنا عرفناهُ فيقولُ : أنا ربُّكم ، فيقولونَ : نعوذُ باللهِ منك فيكشفُ لهم عن ساقٍ فيقعونَ له سُجَّدًا ويجسُرُ أصلابُ المنافقينَ ولا يستطيعونَ سجودًا فذلك قوله : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } [ القلم : 42 ] ثمَّ ينطلقُ ويتبعُ أثرهُ وهو على الصِّراطِ حتَّى يجوزوا على النارِ فإذا جازوا فكُّل خزَنةِ الجنةِ يدعوه يا مسلمُ ها هنا خيرٌ لك ، فقال أبو بكرٍ : من ذلك المسلمُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال:  إني لأطمعُ أنْ تكونَ أحدهُم) ([210]).

- (يُنفَخُ في الصور... فيقعون له سجَّدًا ويجفو أصلابُ المنافقين فلا يستطيعون شيئًا، فذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] ثم ينطلِقُ ويتَّبِعون أثَرَه وهو على الصراط حتى يجيزوا، فإذا جازوا فكل خَزَنة الجنة يدعوهم: يا مسلم هلمَّ هاهنا، يا مسلم خيرٌ لك، فقال أبو بكر: يا رسولَ الله، من ذلك الرجل؟ فقال: إني لأطمَعُ أن تكون أحدَهم، ما نفعني مالٌ قطُّ ما نفعني مالُ أبي بكرٍ رضي الله عنه) ([211]).

(يُساقُ الَّذين اتَّقَوْا ربَّهم إلى الجنَّةِ زُمَرًا حتَّى إذا انتهَوْا إلى بابٍ من أبوابِها وجَدوا عنده شجرةً يخرُجُ من تحتِ ساقِها عينان تجريان فعمَدوا إلى إحداهما كأنَّما أُمِروا بها فشربوا منها فأذهبتْ ما في بطونِهم من أذًى أو قذًى أو بأسٍ ثمَّ عمَدوا إلى الأخرَى فتطهَّروا منها فجَرتْ عليهم بنضْرةِ النَّعيمِ فلن تتغيَّرَ أبشارُهم تغيُّرًا بعدها أبدًا ، ولن تشعَثَ أشعارُهم كأنَّما دُهِنوا بالدَّهانِ ، ثمَّ انتهَوْا إلى خزَنةِ الجنَّةِ فقالوا:  سلامٌ عليكم طِبتم فادخلوها خالدين . قال:  ثمَّ تلقَّاهم أو يلقاهم الوِلدانُ يُطيفون بهم كما يُطيفُ وِلدانُ أهلِ الدُّنيا بالحميمِ ، يقدُمُ من غيبتِه فيقولون : أبشِرْ بما أعدَّ اللهُ لك من الكرامةِ . قال:  ثمَّ ينطلِقُ غلامٌ من أولئك الوُلدانِ إلى بعضِ أزواجِه من الحورِ العينِ ، فيقولُ : قد جاء فلانٌ باسمِه الَّذي يُدعَى به في الدُّنيا، فتقولُ : أنت رأيتَه ؟ فيقولُ : أنا رأيتُه وهو ذا بإثري ، فيستخِفُّ إحداهنَّ الفرْحُ حتَّى تقومَ على أسكُفَّةِ بابِها ، فإذا انتهَى إلى منزلِه نظر إلى أيِّ شيءٍ أساسُ بنيانِه ، فإذا جندَلُ اللُّؤلؤِ فوقه صرحٌ أخضرُ وأصفرُ وأحمرُ ومن كلِّ لونٍ ، ثمَّ رفع رأسَه فنظر إلى سقْفِه ، فإذا مثلُ البرقِ لولا أنَّ اللهَ قدَّر له لألمَّ أن يذهبَ ببصرِه ، ثمَّ طأطأ رأسَه فنظر إلى أزواجِه ، وأكوابٍ موضوعةٍ ، ونمارقَ مصفوفةٍ ، وزرابيَّ مَبثوثةٍ فنظروا إلى تلك النِّعمةِ ، ثمَّ اتَّكئوا وقالوا:  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ، الآيةَ ، ثمَّ يُنادي منادٍ تحَيْون فلا تموتون أبدًا ، وتُقيمون فلا تظعنون أبدًا وتصحون . أراه قال:  فلا تمرَضون أبدًا) ([212]).

- ( ... ثم ينادي منادٍ : ألا تتبعُ كلُّ أمةٍ ما كانت تعبدُ ، قال:  فتتبعُ أولياءُ الشياطينِ الشياطينَ ، قال:  واتبعتْ اليهودُ والنصارى أولياءَهم إلى جهنمَ ، ثم نبقى أيُّها المؤمنون فيأتينا ربُّنا وهو ربُّنا فيقولُ : علام هؤلاءِ قيامٌ ؟ فنقولُ نحن عبادُ اللهِ المؤمنون عبدناه وهو ربُّنا، وهو آتينا ويثيبُنا وهذا مُقامُنا فيقولُ: أنا ربُّكم فامضوا، قال:  فيوضعُ الجسرُ وعليه كلاليبٌ من النارِ تخطفُ الناسَ، فعند ذلك حلّت الشفاعةُ لي، اللهمَّ سلمْ اللهم سلم، قال:  فإذا جاءوا الجسرَ فكلُّ من أنفق زوجًا من المالِ مما يملكُ في سبيلِ اللهِ فكلُّ خزنةِ الجنةِ يدعونه: يا عبدَ اللهِ يا مسلمُ هذا خيرٌ فتعال، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه : يا رسولَ اللهِ ذلك العبدُ لا تلوي عليه يدعُ بابًا ويلجُ من آخرٍ، فضرب النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على منكبيه وقال:  والذي نفسي بيدِه إني لأرجو أن تكونَ منهم) ([213]).

( ... ثم يُنادي منادٍ: ألا لتتبعْ كلُّ أمةٍ ما كانتْ تعبدُ مِن دونِ اللهِ فتتبعُ الشياطينَ والصلبَ أولياؤهم إلى جهنَّمَ قال: وبَقينا أيُّها المؤمنونَ فيأتينا ربُّنا عزَّ وجلَّ وهو ربُّنا وهو يُثيبُنا فيقولَنَّ: علامَ هؤلاءِ ؟ فيقولونَ: نحن عبادُ اللهِ المؤمنينَ آمَنَّا باللهِ لا نُشرِكُ به شيئًا وهذا مقامُنا حتى يأتيَنا ربُّنا عزَّ وجلَّ وهو ربُّنا وهو مُثبِتُنا قال: ثم ينطلقُ حتى يأتيَ الجسرَ وعليه كلاليبُ مِن نارٍ تخطفُ الناسَ فعندَ ذلك حلَّتِ الشفاعةُ ودعوى الرسلِ يومئذٍ: اللهم سلِّمْ أي اللهم سلِّمْ فإذا جاوَزوا الجسرَ فكلُّ مَن أنفَق زوجًا مما ملَكَتْ يمينُه منَ المالِ في سبيلِ اللهِ فكلُّ خزنةِ الجنةِ يدعونَه: يا عبدَ اللهِ يا مسلمُ هذا خيرٌ فتعالَ قال: فقال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ هذا العبدَ لا تَوى عليه يدعُ بابًا ويلِجُ بابًا قال: فضرَبه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدِه ثم قال: والذي نفسُ محمدٍ بيدِه إني لأرجو أن تكونَ منهم) ([214]).

- ( ... قال: وتَشهَدُ عليهِم أَلسِنَتُهم وأيديهِم وأرجُلُهم بِما كانوا يَعمَلونَ، قال: فيَقومُ مُنادٍ، فيُنادي: ألَا يَتْبَعُ كلُّ أُمَّةٍ ما كانتْ تَعبُدُ، فيَتبَعُ أَصحابُ الشَّياطينِ الشَّياطينَ، وأَصحابُ الأَصنامِ الأَصنامَ، وَمَن كانَ يَعبدُ شَيئًا اتَّبعَه، حتَّى يُورِدوهنَّ جَهنَّمَ! قال النَّبيُّ: وَنَبقى أيُّها المُؤمنونَ، فيَقولُها ثَلاثًا، فنُقامُ عَلى مَقامِ هؤلاءِ، فنَقولُ: نَحنُ المُؤمنونَ، فيَقولونَ: آمَنَّا باللهِ ولَم نُشرِكْ بِه شَيئًا، وهَذا مَقامُنا حتَّى يَأتيَنا رَبُّنا، وَهوَ يَأتينا، ثُمَّ يَنطَلِقونَ، حتَّى يَأتوا الصِّراطَ أوِ الجِسرَ، وعَليه كَلاليبُ مِن نارٍ يَخطَفُ النَّاسَ، فعِندَ ذلكَ حَلَّتِ الشَّفاعةُ: اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ، اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ، فإذا جاوَزَ الجِسرَ، فَمَن أنفَقَ زَوجَينِ مِن مالِه فَكلُّ خَزَنةِ الجنَّةِ تُناديه: يا عَبدَ اللهِ، يا مُسلِمُ، هذا خيرٌ فتَعالَ، قال: فقال أبو بَكرٍ: إنَّ العبدَ لا ثِواءَ عَليهِ، قال: إنِّي لَأرجو أنْ تَكونَ مِنهُم.) ([215]).

- (من أنفقَ زَوجينِ في سبيلِ اللَّهِ ، دعتْهُ خزنةُ الجنَّةِ من أبوابِ الجنَّةِ يا فلانُ هلمَّ فادخُل ». فقالَ أبو بَكرٍ يا رسولَ اللَّهِ ذاكَ الذي لاَ تَوي عليْه. فقالَ رسولُ اللَّه : إني لأرجو أن تَكونَ منْهم) ([216]).

خزنة النار

أربعة مليار وتسعمائة مليون ملَكٍ يجرُّونَ جهنَّمَ

- (إنَّ جهنَّمَ يؤتَى بها تُقادُ بسبعينَ ألفِ زمامٍ مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ ملَكٍ) ([217]).

- (يؤتَى بجَهنَّمَ يومئذٍ لَها سبعونَ ألفَ زمامٍ . معَ كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ ملَكٍ يجرُّونَها) ([218]).

-(يُؤْتَى بجهنمَ يومَئِذٍ ، لها سبعونَ ألفَ زِمامٍ ، مع كلِّ زِمامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها) ([219]).

الموكلون بالنار (خزنة النار) وفي مقدمتهم مالك عليه السلام

ومن أصناف الملائكة ملائكة النار واسمهم الزبانية.  وفي تسمية ملائكة التعذيب بالزبانية ورد قوله تعالى: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (العلق : 15-19)

هذا هو رأس الكفر أبو جهل أنزل اللهُ فيه (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ).  قال ابنُ عباسٍ (لو دعا ناديَهُ أخذتْهُ زبانيةُ العذابِ من ساعتِه).  وفي الأحاديث:

- (قالَ أَبُو جَهْلٍ: هلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قالَ فقِيلَ: نَعَمْ، فَقالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذلكَ لأَطَأنَّ علَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في التُّرَابِ، قالَ: فأتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ علَى رَقَبَتِهِ، قالَ: فَما فَجِئَهُمْ منه إلَّا وَهو يَنْكُصُ علَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بيَدَيْهِ، قالَ: فقِيلَ له: ما لَكَ؟ فَقالَ: إنَّ بَيْنِي وبيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِن نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لو دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لا نَدْرِي في حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ شيءٌ بَلَغَهُ، : {كَلَّا إنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إنَّ إلى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الذي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إنْ كانَ علَى الهُدَى أَوْ أَمَرَ بالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، {أَلَمْ يَعْلَمْ بأنَّ اللَّهَ يَرَى، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ، كَلَّا لا تُطِعْهُ}[العلق من 6: 19]. زَادَ عُبَيْدُ اللهِ في حَديثِهِ قالَ: وَأَمَرَهُ بما أَمَرَهُ بهِ. وَزَادَ ابنُ عبدِ الأعْلَى {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، يَعْنِي قَوْمَهُ.) ([220]).

- (مَرَّ أبو جهلٍ فقال ألمْ أنْهَكَ فانتهره النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لِمَ تَنْتَهِرُنِي يا محمدُ فواللهِ لقدْ علمْتُ ما بِهَا رجلٌ أكثرُ نادِيًا مِنِّي قال فقال له جبريلُ عليه السلامُ فَلْيَدْعُ نادِيَهْ قال ابنُ عباسٍ فوَاللهِ لو دعا نادِيَهْ لأخذتْهُ الزبانيةُ بالعذابِ) ([221]).

- (كان يُصلِّي عند المقامِ ، فمرَّ به أبو جهلِ بنِ هشامٍ ، فقال:  يا محمدُ ألم أنهَكَ عن هذا ؟ ‍‍‍‍‍و توعَّدَه ، فأغلظ له رسولُ اللهِ وانتهرَه، فقال:  يا محمدُ بأيِّ شيٍء تُهدِّدُني؟ ‍‍‍‍‍‍‍ أما و اللهِ إني لأكثرُ هذا الوادي ناديًا، فأنزل اللهُ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال ابنُ عباسٍ : لو دعا ناديَهُ أخذتْهُ زبانيةُ العذابِ من ساعتِه) ([222]).

- (كانَ النَّبيُّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ - يصلِّي فجاءَ أبو جهلٍ فقال:  ألَم أنهَكَ عن هذا، ألَم أنهَكَ عن هذا، ألَم أنهَكَ عن هذا ؟ فانصرفَ النَّبيُّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ - فزَبرَهُ فقالَ أبو جهلٍ : إنَّكَ لتعلَمُ ما بهِ نادٍ أكثرُ منِّي، فأنزلَ اللَّهُ تباركَ وتعالى : (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ( قالَ ابنُ عبَّاسٍ : واللَّهِ لَو دعا ناديَهُ لأخذَتهُ زبانيةُ اللَّهِ) ([223]).

الشرح: "فانصرَف النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فزَبَره"، أي: زجَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أبا جهلٍ، وأغلَظ له في القولِ، وفي روايةٍ مُوضِّحةٍ: "فأغلَظ له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وانتهَرَه"، فقال أبو جهلٍ: "إنَّك لتعلَمُ ما بها"، أي: بمكَّةَ، "نادٍ أكثرُ منِّي"، أي: أهلٌ وعَشيرةٌ يَنتصِرون له ويُعينونَه على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال ابنُ عبَّاسٍ: فأنزَل اللهُ تبارَك وتعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 17، 18]، والزَّبانيَةُ: الملائكةُ الغِلاظُ الشِّدادُ، وقيل: زَبانيةُ جهنَّمَ، سُمُّوا بها؛ لأنَّهم يدفَعون أهلَ النَّارِ فيها.

ملائكة النار غلاظ شداد:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم 6)

"  وَقَوْله تَعَالَى " عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شِدَاد " أَيْ طِبَاعهمْ غَلِيظَة قَدْ نُزِعَتْ مِنْ قُلُوبهمْ الرَّحْمَة بِالْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ. " شِدَاد " أَيْ تَرْكِيبهمْ فِي غَايَة الشِّدَّة وَالْمَنْظَر الْمُزْعِج كَمَا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم ثَنَا أَبِي ثَنَا سَلَمَة بْن شَبِيب ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَكَم بْن أَبَانَ ثَنَا أَبِي عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ إِذَا وَصَلَ أَوَّل أَهْل النَّار إِلَى النَّار وَجَدُوا عَلَى الْبَاب أَرْبَعمِائَةِ أَلْف مِنْ خَزَنَة جَهَنَّم سُود وُجُوههمْ كَالِحَة أَنْيَابهمْ قَدْ نَزَعَ اللَّه مِنْ قُلُوبهمْ الرَّحْمَة لَيْسَ فِي قَلْب وَاحِد مِنْهُمْ مِثْقَال ذَرَّة مِنْ الرَّحْمَة لَوْ طُيِّرَ الطَّيْر مِنْ مَنْكِب أَحَدهمْ لَطَارَ شَهْرَيْنِ قَبْل أَنْ يَبْلُغ مَنْكِبَهُ الْآخَر ثُمَّ يَجِدُونَ عَلَى الْبَاب التِّسْعَةَ عَشَرَ عَرْض صَدْر أَحَدهمْ سَبْعُونَ خَرِيفًا ثُمَّ يَهْوُونَ مِنْ بَاب إِلَى بَاب خَمْسمِائَةِ سَنَة ثُمَّ يَجِدُونَ عَلَى كُلّ بَاب مِنْهَا مِثْل مَا وَجَدُوا عَلَى الْبَاب الْأَوَّل حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى آخِرهَا وَقَوْله " لَا يَعْصُونَ اللَّه مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " أَيْ مَهْمَا أَمَرَهُمْ بِهِ تَعَالَى يُبَادِرُوا إِلَيْهِ لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهُ طَرْفَة عَيْن وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى فِعْله لَيْسَ بِهِمْ عَجْز عَنْهُ . وَهَؤُلَاءِ هُمْ الزَّبَانِيَة - عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْهُمْ ." (ابن كثير).

" يعْنِي الْمَلَائِكَة الزَّبَانِيَة غِلَاظ الْقُلُوب لَا يَرْحَمُونَ إِذَا اُسْتُرْحِمُوا خُلِقُوا مِنْ الْغَضَب ، وَحُبِّبَ إِلَيْهِمْ عَذَاب الْخَلْق كَمَا حُبِّبَ لِبَنِي آدَم أَكْل الطَّعَام وَالشَّرَاب . " شِدَاد " أَيْ شِدَاد الْأَبْدَان . وَقِيلَ : غِلَاظ الْأَقْوَال شِدَاد الْأَفْعَال . وَقِيلَ غِلَاظ فِي أَخْذهمْ أَهْل النَّار شِدَاد عَلَيْهِمْ . يُقال:  فُلَان شَدِيد عَلَى فُلَان ؛ أَيْ قَوِيّ عَلَيْهِ يُعَذِّبهُ بِأَنْوَاعِ الْعَذَاب . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْغِلَاظِ ضَخَامَة أَجْسَامهمْ ، وَبِالشِّدَّةِ الْقُوَّة . قَالَ اِبْن عَبَّاس: مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الْوَاحِد مِنْهُمْ مَسِيرَة سَنَة ، وَقُوَّة الْوَاحِد مِنْهُمْ أَنْ يَضْرِب بِالْمِقْمَعِ فَيَدْفَع بِتِلْكَ الضَّرْبَة سَبْعِينَ أَلْف إِنْسَان فِي قَعْر جَهَنَّم . وَذَكَرَ اِبْن وَهْب قال:  وَحَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد قال:  قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَزَنَة جَهَنَّم : ( مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ أَحَدهمْ كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ). " (القرطبي).

(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (المدّثر 31)

يَقُول تَعَالَى " وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَاب النَّار " أَيْ خُزَّانهَا" إِلَّا مَلَائِكَة " أَيْ زَبَانِيَة غِلَاظًا شِدَادًا وَذَلِكَ رَدّ عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْش حِين ذَكَرُوا عَدَد الْخَزَنَة فَقَالَ أَبُو جَهْل يَا مَعْشَر قُرَيْش أَمَا يَسْتَطِيع كُلّ عَشَرَة مِنْكُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتَغْلِبُونَهُمْ ؟ فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَاب النَّار إِلَّا مَلَائِكَة " أَيْ شَدِيدِي الْخَلْق لَا يُقَاوَمُونَ وَلَا يُغَالَبُونَ ..... وَقَوْله تَعَالَى " وَمَا يَعْلَم جُنُود رَبّك إِلَّا هُوَ " أَيْ مَا يَعْلَم عَدَدهمْ وَكَثْرَتهمْ إِلَّا هُوَ تَعَالَى .... " وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء الْمَرْوِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي صِفَة الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء السَّابِعَة " فَإِذَا هُوَ يَدْخُلهُ فِي كُلّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْف مَلَك لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ آخِر مَا عَلَيْهِمْ" .

وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَسْوَد حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر عَنْ مُجَاهِد عَنْ مُوَرِّق عَنْ أَبِي ذَرّ قال:  قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَع مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتْ السَّمَاء وَحُقّ لَهَا أَنْ تَئِطّ مَا فِيهَا مَوْضِع أُصْبُع إِلَّا عَلَيْهِ مَلَك سَاجِد لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَم لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَات وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَات تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّه تَعَالَى" فَقَالَ أَبُو ذَرّ وَاَللَّه لَوَدِدْت أَنِّي شَجَرَة تُعْضَد وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث إِسْرَائِيل وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن غَرِيب وَيُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرّ مَوْقُوفًا .

(إنِّي أرَى ما لا ترَوْن، وأَسمَعُ ما لا تَسمَعون! إنَّ السَّماءَ أطَّتْ، وحُقَّ لها أن تَئِطَّ؛ ما فيها موضِعُ أربَعِ أصابِعَ إلَّا ومَلَكٌ واضِعٌ جَبهتَه ساجدًا للهِ...) ([224])

(إنِّي لأرى ما لا تَرَوْنَ، وأسمَعُ ما لا تَسْمَعون، أطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ، ما فيها مَوضِعُ أربعِ أصابِعَ إلَّا وفيها مَلَكٌ واضِعٌ جبهتَه للهِ ساجِدًا، واللهِ لو تَعْلَمون ما أعلَمُ لَضَحِكْتم قليلًا، ولَبَكَيْتم كثيرًا، وما تلذَّذْتُم بالنِّساءِ على الفُرُشِ، ولخَرَجْتُم إلى الصُّعُداتِ تَجأَرون إلى اللهِ، ولوَدِدتُ أَنِّي شَجَرةٌ تُعضَدُ.) (الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج العواصم والقواصم، الصفحة أو الرقم: 9/395 ، خلاصة حكم المحدث : فيه إبراهيم بن المهاجر، وهو لين الحديث.  توضيح حكم المحدث: إسناده ضعيف)

(إني أرى ما لاترَوْنَ، وأسمعُ ما لا تسمَعون، أطَّتِ السماءُ وحقَّ لها أنْ تئِطَّ، والذي نفسي بيدِهِ ؛ ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ ؛ إلا وملكٌ واضعٌ جبهتَهُ ساجدًا للهِ، واللهِ لو تعلمونَ ما أعلمُ ؛ لضحِكتُم قليلًا ولبكًيتُم كثيرًا، وما تلذَّذتمْ بالنساءِ على الفُرُشاتِ، ولخرجتُم إلى الصُّعُداتِ تجأَرون إلى اللهِ .) (الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : الألباني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5277 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف لكنه صح غير جملتين، جملة "التلذذ بالنساء" ، و الزيادة التي في آخره مدرجة)

(إنِّي أرى ما لا ترونَ وأسمعُ ما لا تسمعونَ أطَّتِ السَّماءُ وحُقَّ لَها أن تئطَّ والَّذي نفسي بيدِه ما فيها موضعُ أربعةِ أصابعَ إلَّا ملَكٌ واضعٌ جبهتَهُ ساجدًا للَّهِ واللَّهِ لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحِكتُم قليلًا ولبَكيتُم كثيرًا وما تلذَّذتُم بالنِّساءِ على الفرشاتِ ولخرجتُم إلى الصُّعُداتِ تجأرونَ إلى اللَّهِ قالَ أبو ذرٍّ يا ليتَني كنتُ شجرةً تُعضَدُ) ([225])

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن عَرَفَة الْمِصْرِيّ حَدَّثَنَا عُرْوَة بْن مَرْوَان الرَّقِّيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو عَنْ عَبْد الْكَرِيم بْن مَالِك عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قال:  قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ما في السَّماواتِ السَّبعِ موضعُ قدمٍ ولا شِبْرٍ ولا كفٍّ إلَّا وفيه مَلَكٌ قائمٌ ومَلَكٌ راكعٌ أو مَلَكٌ ساجدٌ فإذا كان يومُ القيامةِ قالوا جميعًا سبحانَك ما عبَدْنَاك حقَّ عبادتِك إلَّا أنَّا لم نُشرِكْ بك شيئًا) ([226]).  وَقَالَ مُحَمَّد بْن نَصْر الْمَرْوَزِيّ فِي كِتَاب الصَّلَاة حَدَّثَنَا عَمْرو بْن زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَهَّاب عَنْ عَطَاء عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ صَفْوَان بْن مُحْرِز عَنْ حَكِيم بْن حِزَام قَالَ بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابه إِذْ قَالَ لَهُمْ : (هل تسمعونَ ما أسمَعُ؟ قالوا ما نسمَعُ من شيءٍ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أطَّتِ السَّماءُ وما تُلامُ أن تئطَّ ما فيها موضِعُ شبرٍ إلَّا وعليهِ ملَكٌ ساجِدٌ أو قائمٌ) (الراوي : حكيم بن حزام ، المحدث : البزار ، المصدر : الأحكام الشرعية الكبرى، الصفحة أو الرقم: 1/278 ، خلاصة حكم المحدث : لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا من حديث حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم)

(أتَسمَعونَ ما أسمَعُ؟ قالوا: ما نَسمَعُ مِن شيءٍ، قال: إنِّي لَأسمَعُ أطيطَ السماءِ، وما تُلامُ أنْ تَئِطَّ، وما فيها مَوضِعُ شِبرٍ إلَّا وعليه مَلَكٌ ساجدٌ أو قائمٌ.) (الراوي : حكيم بن حزام ، المحدث : شعيب الأرناووط، المصدر: تخريج شرح السنة، الصفحة أو الرقم: 14/370 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي).

(هل تسمعونَ ما أسمعُ ؟ قالوا : ما نَسمعُ من شَيء ، قال : إنّي لأسمع أطيطَ السماءِ ، وما تُلامُ أن تئِطّ، وما فيها موضعُ شبرٍ إلا وعليهِ ملكٌ ساجدٌ ، أو قائمٌ) (الراوي : حكيم بن حزام ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 1060 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح رجاله ثقات)

وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن قُهْزَاذ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد النَّحْوِيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يُحَدِّث عَنْ مَسْرُوق بْن الْأَجْدَع عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  (ما في السماءِ الدنيا موضعُ قدمٍ إلا عليهِ ملكَ ساجِدٌ أو قائمٌ ، وذلك قولُ الملائكةِ : } وَمَا مِنَّا إِلّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ المُسَبِّحُونَ {) (الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : ابن كثير ، المصدر : تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 8/296 ، خلاصة حكم المحدث: مَرْفُوع غَرِيب جِدًّا) (تفسير ابن كثير).

(إنَّ للهِ تَعالى مَلائكةً ترعَدُ فَرائصُهم مِن خيفتِه ، ما مِنهُم مَلَكٌ تقطُرُ دَمعةٌ مِن عينِهِ إلَّا وقَعتْ علَى ملَكٍ يُصلِّي ، وإنَّ منْهُم ملائكةً سجودًا منذُ خَلقَ اللهُ السَّمواتِ والأرضَ لَم يرفَعوا رؤوسَهم ولا يرفَعونَها إلى يومِ القيامةِ ، وإنَّ منْهُم ملائِكةً رُكوعًا لَم يرفَعُوا رؤوسَهم مُنذُ خلقَ اللهُ السَّمواتِ والأرضَ ولا يَرفعونَها إلى يومِ القِيامةِ ، فإذا رفعُوا رؤوسَهم نظَروا إلى وجْهِ اللهِ عزَّ وجلَّ قالوا:  سُبحانَك ما عَبدنَاك حقَّ عبادَتِكَ) ([227]).

أَيْ وَمَا يَدْرِي عَدَد مَلَائِكَة رَبّك الَّذِينَ خَلَقَهُمْ لِتَعْذِيبِ أَهْل النَّار " إِلَّا هُوَ " أَيْ إِلَّا اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَهَذَا جَوَاب لِأَبِي جَهْل حِينَ قال:  أَمَا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْجُنُود إِلَّا تِسْعَةَ عَشَرَ !

وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَطَّتْ السَّمَاء وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطّ ، مَا فِيهَا مَوْضِع أَرْبَع أَصَابِع إِلَّا وَمَلَك وَاضِع جَبْهَتَهُ لِلَّهِ سَاجِدًا ) (القرطبي).

ورئيس ملائكة النار وخازنها اسمه مالك و الدليل على ذلك من قوله تعالى:

﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ (الزُخرف : 77) .  وفي الحديث:  (أما أهل النارِ الذين هُمْ أهلها ، فإنهم لا يموتونَ فيها ولا يحيونَ . ...) ([228]).

خازن النار مالك ودليله من السّنّة الأحاديث:

- (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قال:  يُخَلَّي عنهم أربعين عامًا لا يُجيبُهم ، ثُمَّ أجابَهم إِنَّكم مَّاكِثًونَ فيقولونَ : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قال:  فيُخَلَّي عنهم مثلَ الدنيا ثُمَّ أجابَهم اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ قال:  واللهِ ما يَنْبِسُ القومُ بعدَ هذه الكلمةِ ، إِنَّ كان إلَّا الزفيرُ والشهيقُ) ([229]).

- (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قال:  يُخَلَّي عنهم أربعين عامًا لا يُجيبُهم ، ثُمَّ أجابَهم إِنَّكم مَّاكِثًونَ فيقولونَ : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قال:  فيُخَلَّي عنهم مثلَ الدنيا ثُمَّ أجابَهم اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ قال:  واللهِ ما يَنْبِسُ القومُ بعدَ هذه الكلمةِ ، إِنَّ كان إلَّا الزفيرُ والشهيقُ) ([230]).

- (رأيتُ الليلةَ رجلينِ أتياني ، قالا : الذي يُوقِدُ النارَ مالكٌ خازنُ النارِ ، وأنا جبريلُ ، وهذا ميكائيلُ) ([231]).

- (عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضِي اللهُ عنهما قال:  إنَّ أهلَ النَّارِ يدْعون مالكًا فلا يُجيبُهم أربعين عامًا ، ثمَّ يقولُ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، ثمَّ يدعون ربَّهم فيقولون : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فلا يُجِيبُهم مثلَ الدُّنيا ، ثمَّ يقولُ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ، ثمَّ يَيْئسُ القومُ فما هو إلَّا الزَّفيرُ والشَّهيقُ تُشبِهُ أصواتُهم أصواتَ الحميرِ أوَّلُها شهيقٌ وآخرُها زفيرٌ) ([232]).

- (عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو قال: إنَّ أهلَ النارِ يَدْعونَ مالِكًا، فلا يُجيبُهم أربَعينَ عامًا، ثمَّ يقولُ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، ثمَّ يَدْعونَ رَبَّهم، فيقولونَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، فلا يُجيبُهم مِثلَ الدُّنْيا، ثمَّ يقولُ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، ثمَّ ييأَسُ القَومُ، فما هو إلَّا الزَّفيرُ والشَّهيقُ، تُشبِهُ أصواتُهم أصواتَ الحَميرِ، أوَّلُها شَهيقٌ، وآخِرُها زَفيرٌ.) ([233])‏‏‏‏.

- (عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرو قال:  إنَّ أهلَ النارِ يَدعون مالكًا ، فلا يجيبُهم أربعينَ عامًا ، ثم يقولُ ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ( ثم يَدعون ربَّهم فيقولون ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) فلا يجيبُهم مثلُ الدنيا ثم يقول ( اخْسَؤُا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ ) ثم ييأسُ القومِ فما هو إلا الزفيرُ والشهيقُ ، تشبه أصواتُهم أصواتَ الحميرِ أولُها شهيقٌ ، وآخرُها زفيرٌ .) ([234]).

- (عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضِي اللهُ عنهما قال:  إنَّ أهلَ النَّارِ يدْعون مالكًا فلا يُجيبُهم أربعين عامًا ، ثمَّ يقولُ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، ثمَّ يدعون ربَّهم فيقولون : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فلا يُجِيبُهم مثلَ الدُّنيا ، ثمَّ يقولُ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ، ثمَّ يَيْئسُ القومُ فما هو إلَّا الزَّفيرُ والشَّهيقُ تُشبِهُ أصواتُهم أصواتَ الحميرِ أوَّلُها شهيقٌ وآخرُها زفيرٌ) ([235]).

- (عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضِي اللهُ عنهما قال:  إنَّ أهلَ النَّارِ يدْعون مالكًا فلا يُجيبُهم أربعين عامًا ، ثمَّ يقولُ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، ثمَّ يدعون ربَّهم فيقولون : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فلا يُجِيبُهم مثلَ الدُّنيا ، ثمَّ يقولُ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ، ثمَّ يَيْئسُ القومُ فما هو إلَّا الزَّفيرُ والشَّهيقُ تُشبِهُ أصواتُهم أصواتَ الحميرِ أوَّلُها شهيقٌ وآخرُها زفيرٌ) ([236]).

- (يُلقَى على أهلِ النَّارِ الجوعُ فيعدِلُ ما هم فيه من العذابِ ، فيستغيثون بطعامٍ من ضريعٍ لا يُسمِنُ ولا يُغني من جوعٍ فيستغيثون فيُغاثون بطعامٍ ذي غُصَّةٍ فيذكرون أنَّهم يُجيزون الغُصَصَ في الدُّنيا بالشَّرابِ فيستغيثون بالشَّرابِ فيُدفعُ إليهم بكلاليبِ الحديدِ فإذا دنت من وجوهِهم شوَتْ وجوهَهم ، فإذا دخلت بطونَهم قطَّعت ما في بطونِهم فيقولون : ادْعوا خزَنةَ جهنَّمَ ، فيقولون : أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ، قال:  فيقولون : ادعوا مالكًا فيقولون: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ، قال:  فيُجيبُهم إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، قال الأعمَشُ : نُبِّئتُ أن بين دعائِهم وبين إجابةِ مالِكٍ إيَّاهم ألفَ عامٍ . قال:  فيقولون : ادعوا ربَّكم فلا أحدَ خيرٌ من ربِّكم ، فيقولون : رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قال:  فيُجيبُهم : اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ قال:  فعند ذلك يئسوا من كلِّ خيرٍ ، وعند ذلك يأخذون في الزَّفيرَ والحسرةَ والويلَ) ([237]).

(عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ، قال: إنَّ أهلَ النارِ يَدعونَ مَالِكًا، فلا يُجيبُهم أربعينَ عامًا، ثم يَرُدُّ عليهم: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، قال: هانَتْ واللهِ دَعوَتُهم على مالكٍ، وعلى ربِّ مالكٍ، ثم يَدعونَ ربَّهم، فيقولونَ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 106 - 107]، قال: فيَسكُتُ عنهم قَدرَ الدنيا مرَّتَينِ، ثم يَرُدُّ عليهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، قال: فواللهِ ما نَبَسَ القومُ بَعدَها بكلمةٍ، وما هو إلَّا الزَّفيرُ والشهيقُ في نارِ جَهنَّمَ، فشَبَّهَ أصواتَهم بأصواتِ الحَميرِ، أوَّلُها زَفيرٌ، وآخِرُها شَهيقٌ.) (الراوي: أبو أيوب، المحدث: شعيب الأرناووط، المصدر: تخريج شرح السنة، الصفحة أو الرقم: 4420 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات )

خزنة جهنم (النّار) وخزنةُ الأرضِ وتُربةُ الجنَّةِ

- (قال ناسٌ مِن اليَهودِ لأناسٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل يعلَمُ نبيُّكم عَدَدَ خَزَنةِ جهنَّمَ؟ قالوا: لا ندري حتى نسألَه، فجاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا محمَّدُ، غُلِبَ أصحابُك اليومَ، قال: وبمَ غُلِبوا؟ قال: سألهم يهودُ هل يعلَمُ نبيُّكم كم عدَدُ خَزَنةِ جهنَّمَ. قال: فما قالوا؟ قال: قالوا: لا ندري حتى نسألَ نبيَّنا. قال: أيُغلَبُ قومٌ سُئِلوا عمَّا لا يَعلَمونَ، فقالوا: لا نعلَمُ حتى نسأَل نبيَّنا، لكِنَّهم قد سألوا نبيَّهم، فقالوا: أَرِنَا اللهَ جَهرةً. عليَّ بأعداءِ اللهِ، إنِّي سائِلُهم عن تربةِ الجنَّةِ، وهي الدَّرمَكُ، فلمَّا جاؤوا قالوا: يا أبا القاسِمِ: كم عددُ خزنةِ جهنَّمَ؟ قال: هكذا وهكذا. في مرَّةٍ عشرةٌ، وفي مرةٍ تِسعةٌ. قالوا: نعم. قال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما تُربةُ الجنَّةِ؟ قال: فسَكَتوا هُنَيهةً. ثمَّ قالوا: أخُبزةٌ يا أبا القاسِمِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الخُبزُ مِن الدَّرمَكِ) ([238])

(أنَّ ابْنَ صَيَّادٍ، سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن تُرْبَةِ الجَنَّةِ؟ فَقالَ: دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ.) ([239]) .  (قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لاِبْنِ صَائِدٍ: ما تُرْبَةُ الجَنَّةِ؟ قالَ: دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ، مِسْكٌ يا أَبَا القَاسِمِ قالَ: صَدَقْتَ.) ([240]) .

الدَّرْمَك (اسم): دُقاق كلَّ شيءٍ، التُّرابُ الناعم ، الدقيقُ الأبيض .

الشرح: في هذا الحَديثِ يَسألُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ابنَ صيَّادٍ اختبارًا لَه؛ ولِيعرِفَ مُنتَهى أَمرِه أَهوَ الدَّجَّالُ أمْ هوَ مِن الكهَنَةِ أَعوانِ الشَّياطينِ: (ما تُربةُ الجنَّةِ؟) قال: دَرمكةٌ بَيضاءُ، وهوَ الدَّقيقُ الحَوَّاريُّ الخالصُ البَياضِ، (مِسكٌ يا أَبا القاسمِ)، يَعني أَنَّها في البَياضِ دَرمكةٌ وفي الطِّيبِ مِسكٌ، فَقالَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: صَدقْتَ .

(إذا قُبِض العبدُ المؤمنُ جاءَتْه ملائكةُ الرحمةِ فتسيلُ نفسُه في حريرةٍ بيضاءَ فيقولونَ: ما وجَدْنا ريحًا أطيبَ مِن هذه فيسألونَه فيقولونَ: ارفُقوا فإنَّه خرَج مِن غمِّ الدنيا فيقولونَ: ما فعَل فلانٌ ، ما فعَل فلانٌ؟ وأما الكافرُ فتخرُجُ نفسُه فتقولُ خزنةُ الأرضِ : ما وجَدْنا ريحًا أنتنَ مِن هذه فيهبطُ به إلى أسفلِ الأرضِ) ([241]).

- (إنَّ المؤمنَ إذا حضره الموتُ ؛ حضرتْه ملائكةُ الرحمةِ ، فإذا قُبِضَتْ نفسُه جُعِلَت في حريرةٍ بيضاءَ ، فيُنطَلَقُ بها إلى ربِّ السماءِ ، فيقولون: ما وجدْنا ريحًا أطيبَ من هذه، فيقال:  دعوه يستريحْ؛ فإنه كان في غمٍّ ، فيسأل : ما فعل فلانٌ ؟ ما فعل فلانٌ ؟ ما فعلتْ فلانةٌ ؟ وأما الكافرُ ؛ فإذا قُبِضَتْ نفسُه ، وذُهِبَ بها إلى بابِ الأرضِ ؛ يقول خزَنَةُ الأرضِ : ما وجدْنا ريحًا أنتنَ من هذه ، فيُذهَبُ بها إلى الأرضِ السُّفْلى) ([242]).

تدلّل العبارة (يقول خزَنَةُ الأرضِ : ما وجدْنا ريحًا أنتنَ من هذه ، فيُذهَبُ بها إلى الأرضِ السُّفْلى) على أنّ جهنّم أسفل الأرض السابعة السفلى؛ فهي أسفل سافلين.

هل بعث الملائكة المربوطين بحياة المكلفين مؤشّر على دورات كونية متعاقبة

وفي شأن موت الملائكة ، اختلف أهل العلم على قولين ([243]) :

القول الأول :

أن الملائكة تموت ، وهو قول أكثر أهل العلم ، حتى نقل المناوي الإجماع عليه في "فيض القدير" (3/561)، ثم إذا ماتوا أحياهم الله تعالى قبل الناس .

واستدل من قال به بعدة أدلة :

1 - يقول الله سبحانه وتعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (القصص: 88)

قالوا : فقد كتب الله تعالى الهلاك على كل ما سواه ، ولم يستثن أحدا من خلقه ، فشمل بذلك الملائكة .

تفسير القرطبي:

(وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ((الرحمن 10) .  الأنام : الناس، عن ابن عباس. الحسن: الجن والإنس. الضحاك : كل ما دب على وجه الأرض، وهذا عام .

(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن 26)

قوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) الضمير في عَلَيْهَا للأرض، وقد جرى ذكرها في أول السورة في قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (وقد يقال: هو أكرم من عليها يعنون الأرض وإن لم يجر لها ذكر. وقال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلك أهل الأرض فنزلت: كل شيء هالك إلا وجهه فأيقنت الملائكة بالهلاك، وقاله مقاتل . ووجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت، ومع الموت تستوي الأقدام . وقيل : وجه النعمة أن الموت سبب النقل إلى دار الجزاء والثواب .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (4/259) : " الذي عليه أكثر الناس أن جميع الخلق يموتون، حتى الملائكة، وحتى ملك الموت ، وروي في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى .

وانظر السيوطي في "الحبائك في أخبار الملائك" (91)

القول الثاني :

أن الملائكة لا تموت ، وقد ذهب إلى هذا ابن حزم ، وبعض المفسرين . ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يأتي :

1 - يقول الله عز وجل : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) الزمر/68

وقد فسر كثير من السلف هذا الاستثناء بالملائكة، وهو اختيار ابن جرير الطبري في "تفسيره" (21/330) وأسند إلى قتادة قوله : قد استثنى الله ، والله أعلم إلى ما صارت ثنيته .

إلا أنه يمكن الجواب عن هذا الدليل بأن استثناء الملائكة من الصعقة لا يلزم منه استثناءهم من الموت، فهم يموتون بعد الصعقة التي يموت منها ما على الأرض.

يقول الحسن البصري: يستثني الله ، وما يدع أحدا من أهل السموات ولا أهل الأرض إلا أذاقه الموت .

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (7/116) :

" هذه النفخة هي الثانية، وهي نفخة الصعق ، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، كما هو مصرح به مفسرا في حديث الصور المشهور. ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت ، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا وهو الباقي آخرا بالديمومة والبقاء " انتهى .

2 - قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) الأعراف/20

يقول الإمام الواحدي في "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" (389( : " (إِلاَّ أَن تَكُونَا) لا هاهنا مضمرة أي: إِلاَّ أَن لا تَكُونَا (ملكين) يبقيان ولا يموتان كما لا تموت الملائكة، يدل على هذا المعنى قوله: (أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) " انتهى .  وجاء نحوه في "بحر العلوم" للسمرقندي (2/102).

وقد يجاب عن هذا الاستدلال بأن يقال: الحرف (أو) في الآية (إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) دليل على المغايرة، يعني أن الملائكية غير الخلود، وهذا ما جاء عن السلف في تفسير الآية: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ (قراءة تفسيرية) هذه الآية : فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا . "الدر المنثور" (3/431)

- وعلى تسليم الخلود ، فلا يلزم منه عدم الموت ، فإن الشيطان أطمعَ آدمَ إذا أكلَ من الشجرة كي يطول عمره ويبقى فيما هو فيه من النعيم أزمانا طويلة ، كما هو حال الملائكة التي إن ماتت فإن موتها يكون لفترة يسيرة يوم القيامة فقط ، ثم لا تلبث أن تحيا مرة أخرى.

يقول القرطبي في تفسيره (7/178) : " وقيل : طمع آدم في الخلود؛ لأنه علم أن الملائكة لا يموتون إلى يوم القيامة " انتهى .

3 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ) (رواه البخاري (7383) ومسلم (2717)).

قالوا : مفهوم الحديث ، أن غير الجن والإنس لا يموتون . وقولهم هذا غير صحيح؛ الصحيح أنّ دلالة الحديث هي: أنَّ الخلقَ كُلَّهم يموتونَ، ولا يَبْقى إلا الحيُّ القيومُ.

وأجاب عن ذلك الجمهور ، فقال ابن حجر في "فتح الباري" (13/370) : " قوله : ( وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ) استدل به على أن الملائكة لا تموت ، ولا حجة فيه ؛ لأنه مفهوم لقب ولا اعتبار له ، وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه ، وهو عموم قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) .. " .

4 - يقول ابن حزم في "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (4/21) : " ولا نص ولا إجماع على أن الملائكة تموت ، ولو جاء بذلك نص لقلنا به ، بل البرهان موجب أن لا يموتوا ؛ لأن الجنة دار لا موت فيها ، والملائكة سكان الجنان ، فيها خلقوا وفيها يخلدون أبدا ، وكذلك الحور العين ، وأيضا فإن الموت إنما هو فراق النفس للجسد المركب ، وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الملائكة خلقوا من نور ، فليس فيهم شيء يفارق شيئا فيسمى موتا " انتهى .([244]).

والحاصل أن الخلاف في هذه المسألة خلاف معتبر، وقد اجتهد الأئمة في البحث عما يرجح أحد القولين ، إلا أنهم وجدوا أن المسألة لا ينبني عليها كبير شأن ولا عظيم أمر، بل هي من عالم الغيب الذي لا يضرنا الجهل به، ولو كان أمرا مهماً في الدين لجاءت به النصوص الصريحة الصحيحة ، فالأمر يرجع إلى الاجتهاد والنظر ، ولعل السكوت عنه أولى وأفضل .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/185-186) :

" أفتونا عن الملائكة الموكلين بالإنسان لإحصاء أعماله في مدة الحياة ، وهم رقيب وعتيد ، عندما يموت الإنسان هل يموت الملكان الموكلان به ، أو أين يكون مصيرهما بعد وفاة الإنسان ؟"

فكان الجواب : أحوال الملائكة وشؤونهم من الغيبيات، ولا تعرف إلا من قبل السمع ، ولم يرد نص في موت كتبة الحسنات والسيئات عند موت من تولوا كتابة حسناته وسيئاته ، ولا نص ببقاء حياتهم ولا عن مصيرهم ، وذلك إلى الله، وليس ما سئل عنه مما كلفنا اعتقاده ، ولا يتعلق به عمل ، فالسؤال عن ذلك دخول فيما لا يعني ؛ لذا ننصح السائل أن لا يدخل فيما لا يعنيه ، ويبذل جهده في السؤال عما يعود عليه وعلى المسلمين بالنفع في دينهم ودنياهم .  وقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال بشكل مختصر في موقعنا في رقم : (26071) ، (96306) والله أعلم ."

يقول تعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (غافر 57).  وجاء في تفسير ابن كثير: يقول تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة ، وأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه - بأنه خلق السموات والأرض ، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة ، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى ، كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ ۚ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)  ( الأحقاف : 33 ) . وقال هاهنا : ( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ؛ فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها ، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله خلق السموات والأرض ، وينكرون المعاد ، استبعادا وكفرا وعنادا ، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا .

وبعد هذا النقاش، أطرح على غراره التساؤل الآتي:

إذا علمنا أنّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ السّبع وَالْأَرْضِين السّبع أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ؛ بل وإنّهما يمتثلان لأمر الله وعلى غرار الملائكة: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (فصّلت 11).  (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحج 65 ).  فهل نستطيع أن نتساءل ما إذا كان الموت يحكم الملائكة ويطالهم كما سيطال السَّمَاوَاتِ السّبع وَالْأَرْضِين السّبع والكون بنجومه وكواكبه ومجراته، وفي ذلك سور من القرآن ومنها: الانشقاق؛ الانفطار؛ التكوير.  كما أنّ هنالك آيات كثيرة ومنها:

- (فَإِذَا انشَقَّتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) (الرحمن 37 ).

- (وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ) (الحاقة 16).

- (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا) (الفرقان 25 ).

- (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ) (المعارج 8 ).

- (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ) (المرسلات 9 ).

- (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ) (التكوير 11 ).

- (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ) (الانفطار 1 ).

- (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ) (الانشقاق 1 ).

(وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)

سيعود الكون إلى حالة القبض والطي: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104).) ؛ والتي كان عليها في بداية الخلق: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) (الأنبياء 30).

وفي موت النجوم لدينا الآيات:

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ) (التكوير: 1-2)

(وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ) (الإنفطار 2)

 (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ) (النجم 1)

هل نستطيع أن نتساءل ما إذا سيكون هنالك بعث جديد سيحكم السَّمَاوَاتِ السّبع وَالْأَرْضِين السّبع ليظهر كون جديد : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (إبراهيم: (48)؛ وعلى غرار بعث الملائكة.

حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ

(فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ) (الرحمن 56).

تفسير البغوي:  قال مقاتل في قوله :  ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) لأنهن خلقن في الجنة . فعلى قوله : هؤلاء من حور الجنة .

أقول: آدم عليه السلام خلقه اللهُ في الجنة من تراب رفع من الكرة الأرضية إلى الجنّة.  وبالتالي كون الحور العين خلقت في الجنة، لا يحدّد أصل خلقتها، ولا ينفي أن تكون مخلوقة من الطين مثلا كما هو آدم عليه السلام.

الآية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم 21).  (مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) .  أقول في الدنيا يتحقق السكن بين الزوجين عندما يكون كلاهما من بني آدم، فليس هنالك سكن في زواج بين آدمي وجنيّ مثلا.  أما الجنّة ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.  فيكون فيها من أشكال النعيم ما لم يكن متاحاً في الدنيا.  وبالتالي قد يكون لأهل الجنة من بني آدم سكن و مَّوَدَّة وَرَحْمَة مع بني جنسهم، ومع غيرهم أيضاً من الحور العين، حتى ولو لم يكن أصل خلقهن هو الطين.  وفي هذا المعنى إشارة متضمنة في الحديث الشريف: (لمَّا خلقَ اللَّهُ آدمَ وذرِّيَّتَه قالتِ الملائِكةُ يا ربُّ خلقتَهم يأكلونَ ويشرَبونَ وينكِحونَ ويركبون فاجعل لَهم الدُّنيا ولنا الآخرةَ قالَ اللَّهُ تعالى لا أجعلُ مَن خَلقتُه بيديَّ ونفختُ فيهِ من رُوحي كَمن قلتُ لَه كن فَكانَ) ([245]) .

ففي الآخرة وفي الجنة قد يكون الأكل والشرب والنّكاح متاحاً لغير الثقلين (الإنس والجنّ).  وكذلك الآية في حور الجنة، فقد قصرت: ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) ؛ لا إِنسٌ وَلَا جَانٌّ.

وفي الرياضيات يمكن التزاوج بين الإقترانات الزائديّة والدائريّة، وإليك بعض هذه التزاوجات أو الإقترانات (Gradshteyn and Ryzhik 1983 p. 24):

,          

,          

,                   

تابع تفسير البغوي:  ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) .  وقال الشعبي : هن من نساء الدنيا لم يمسسن منذ أنشئن خلقا ، وهو قول الكلبي يعني : لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان .

(حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) (الرحمن72 )

تفسير البغوي:

وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال:  (لو أنَّ امرأةً من نساءِ أهلِ الجنةِ اطَّلعت إلى (أهل) الأرضِ لأضاءَتْ ما بينَهما ولملأَتْ ما بينهما رِيحًا، ولَنَصيفُها على رأسِها خيرٌ من الدنيا وما فيها) ([246]).  (فِي الْخِيَامِ) جمع خيمة .

صفة الْخِيَامِ في الأحاديث الشريفة

(فِي الجَنَّةِ خَيْمَةٌ مِن لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُها سِتُّونَ مِيلًا، في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنْها أهْلٌ، ما يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ.) ([247]) .  (إنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُها سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فيها أهْلُونَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ فلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا.) ([248]) .

(أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: الخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، طُولُهَا في السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، في كُلِّ زَاوِيَةٍ منها لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لا يَرَاهُمُ الآخَرُونَ. [وفي رِوايةٍ]: سِتُّون مِيلًا.) ([249]).

الشرح: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ الجنَّةَ وما فيها مِن النَّعيمِ؛ حثًّا للنَّاسِ على الاجتهادِ في الطَّاعاتِ حتَّى يَنالوا الجنَّةَ.  وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صِفةَ الخَيْمةِ في الجنَّةِ، والخَيمةُ في الدُّنيا هي بَيتٌ مَعروفٌ مِن بُيوتِ الأعرابِ، فيُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الخَيمةَ في الجنَّةِ «دُرَّةٌ»، أي: لُؤلؤةٌ، «مُجوَّفةٌ»، وهي التي قُطِعَ داخلُها، أو المفرَّغةُ مِن الدَّاخلِ، طُولُها ارتفاعًا في السَّماءِ ثَلاثُونَ مِيلًا، وفي رِوايةٍ «سِتُّون مِيلًا»، وهذا كلُّه يدُلُّ على السَّعةِ والارتفاعِ، وفي كلِّ ناحيةٍ مِن هذه الخَيمةِ زَوجاتٌ مِن الحُورِ العِينِ للمؤمنِ، ولكنْ لا يَرَى بَعضُهنَّ بَعضًا مِن شِدَّةِ سَعةِ تلك الخَيمةِ وكَثرةِ مَرافِقِها وأرجائِها.

وفي الحديثِ: أنَّ الجَنَّةَ مَخلوقةٌ، وعِظَمُ خَلْقِها ونَعيمِها، وما أعَدَّه اللهُ تعالَى للمُؤمنين فيها.

وحال المؤمنة في الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا ، وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث والآثار ولكن لا يثبت منها شيء ، ولكن المرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخلها جزاء على العمل الصالح وكرامة من الله لها لدينها وصلاحها ، أما الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة من أجل غيرها وجعلت جزاء للمؤمن على العمل الصالح ، وشتان بين من دخلت الجنة جزاء على عملها الصالح ، وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل الصالح ، فالأولى ملكة سيدة آمرة ، والثانية على عظم قدرها وجمالها إلا أنها لا شك دون الملكة وهي مأمورة من سيدها المؤمن ، حيث خلقها الله تعالى جزاء له . المرجع:

https://islamqa.info/ar/answers/60188/ صفات-الحور-العين-في-الكتاب-والسنة

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا ؟

فأجاب : الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين ، حتى في الصفات الظاهرة ، والله أعلم . " فتاوى نور على الدرب ( شريط رقم 282 ) " .

مم خلقت الحورالعين؟

الجواب (https://www.islamweb.net/ar/fatwa/35406/): ... أما بعد: فالله تعالى لم يطلعنا إلا على القليل من المعلومات المتعلقة بمخلوقاته، قال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء:85). وإن الحور العين قد خلقهنَّ الله زيادة في نعيم أهل الجنة، ولم نقف على الذي خلقن منه، ومثل هذا الموضوع لا يفتى فيه بالرأي. والله أعلم.

القول في جنس الحور العين: الحور العين في الجنة من أي جنس هن؟

https://binbaz.org.sa/fatwas/10948/بيان-القول-في-جنس-الحور-العين

الجواب:  يقول الشيخ ابن باز: " ... فالمقصود أنهن (الحورالعين) نساء خلقهن الله جل وعلا لإكرام أهل الجنة ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الذي خلقهن ، بخلاف نساء الدنيا فهن من ماء مهين معروفات ويكن في الجنة في غاية من الجمال ، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله جل وعلا هو الكريم الجواد وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواءً كن لأزواجهن في الدنيا أو لغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي ﷺ فهن له في الآخرة عليه الصلاة والسلام." انتهى

كلمة زوج جاءت في القرآن الكريم بمعنى الصنف أو القرين من الذكر والأنثى أو غيرهما، قال تعالى: (وجعل منها زوجها) ، (اسكن أنت وزوجك الجنة) ، (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ)، (سبحان الذي خلق الأزواج كلها)، (ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين)، (من كل زوج كريم)، (ثمانية أزواج)، (وكنتم أزواجا ثلاثة)، (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) أي قرناهم بهم.

والأصل في الزوج الصّنف والنوع من كلّ شيء. وكلّ شيئين مقترنين، شكلين كانا أو نقيضين، فهما زوجان؛ وكلّ واحد منهما زوج.  وعن ابن سيدة: الرّجل زوج المرأة وبعلها، وهي زوجه وزوجته وامرأته ... . قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) [الأحزاب 28].  وقال الله تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان 54] أي قرناهم بهنّ، وقوله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) [الصافات 22] معناها: ونظراءهم وضرباءهم وقرناءهم وأمثالهم (ابن منظور 1993 ج 6 ص 107-109).  وهنا يجدر ذكر الآية: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) ( ق  27).  فإنّ قرينه شيطانه من الجنّ، يقول الطبري: "عن ابن عباس قوله (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ) قال: قرينه شيطانه.... عن مجاهد، قوله (قَالَ قَرِينُهُ) قال: الشيطان (الذي) قُيِّض له. ...  قال ابن زيد، في قوله (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ) قال: قرينه من الجنّ."

وتزاوج القوم وازدوجوا: تزوّج بعضهم بعضا ... وازدوج الكلام وتزاوج: أشبه بعضُه بعضاً في السّجع أو الوزن، أو كان لإحدى القضيّتين تعلّق بالأخرى.  وزوّج الشيء بالشيء، وزوّجه إليه: قرنه ... وكذلك الزّوج المرأة، والزّوج المرء، قد تناسبا بعقد النكاح.  وقوله تعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا) [الشورى 50] قال الفراء: يجعل بعضهم بنين وبعضهم بنات، فذلك التّزويج.  قال أبو منصور: أراد بالتّزويج التّصنيف؛ والزّوج: الصّنفُ.  والذّكر صنف، والأنثى صنف ... والزّوج: الصّنف من كلّ شيء.  وفي التنـزيل: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) [الحج 5] قيل: من كلّ لون أو ضرب حسن من النبات (ابن منظور 1993 ج 6 ص 107-109).

وقوله تعالى: (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) [ص 58] قال: معناه ألوان وأنواع من العذاب، ووصفه بالأزواج، لأنّه عنى به الأنواع من العذاب والأصناف منه (ابن منظور 1993 ج 6 ص 107-109).

أخرج ابن المنذر عن ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا) [يس 36]: الأصناف كلّها. الملائكة زوج، والإنس زوج، والجنّ زوج، ومما تنبت الأرض زوج، وكل صنف من الطير زوج، ثم فسر فقال: (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) [يس 36] الروح لا يعلمه الملائكة ولا خلق الله، ولم يطلع على الرّوح أحد (السيوطي م7، ص 55).

وقال بعض المحقّقين كلّ ما سوى الله فهو زوج كالفوق والتحت واليمين واليسار والقدّام والخلف والماضي والمستقبل والصيف والشتاء والربيع والخريف (أبو حيّان 1992 ج 9 ص 361، الرّازي 1995 م 14 ج 27 ص 198، العمادي 1994 ج 8 ص 41).  وكونها أزواجاً يدلّ على كونها محدثة مسبوقة بالعدم، فأمّا الحقّ سبحانه فهو فرد مطلقٌ منـزّه عن الضّدّ والنّدّ والمقابل والمعاضد والمعارض، هو الفرد الذي يقدر على خلق الشيء وخلافه، وابتداع زوجين من كلّ شيءٍ (أبو حيّان 1992 ج 9 ص 361، الرّازي 1995 م 14 ج 27 ص 198، أبو حيّان 1992 ج 9 ص 560، الزّمخشري 19  م 4 ص 20، الطبري م 13 ج 27 ص 12-13).

وإنَّ في الجنّة من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.  فأعلمنا سبحانه وتعالى بوجوده وإعدادِه ولم يعلمنا به ما هو (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة 17].

المصادر

1) القرآن الكريم

2) كتب السّنّة المطهّرة

3) التفاسير:

1) ابن كثير القرشي الدمشقي، عمادالدين أبي الفداء (ت 774 هجري)، تفسير القرآن العظيم، دار الفيحاء (دمشق الطبعة الأولى 1414 هـ -1994 م)، أربع مجلدات.

2) الطبري، ابن جرير، (ت 310 هـجامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر للطباعة والنشر (بيروت 1415 هـ - 1995 م).

3) القرطبي، أبي عبد الله محمد بن أحمد (ت671 هـالجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية (بيروت-لبنان الطبعة الخامسة 1417 هـ -1996  م)، واحد وعشرون مجلّدا.

4) تفسير البغوي 

5) الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (538-467 هـ) ، الكشاف عن حقائق التّنـزيل وعيون الأقاويل في وجوه التّأويل، دار الفكر (بيروت-لبنان 1397 هـ - 1977 م) ، أربع مجلّدات.

المراجع العربية

1) عمري، حسين، بناء السماء والمادّة المظلمة الباردة دراسة مقارنة بين الفلك والقرآن، مؤتة للبحوث والدّراسات (سلسلة العلوم الإنسانية والإجتماعيّة)، المجلد السابع عشر، العدد السادس، 2002، ص 187211 .

 1) http://eijaz.mutah.edu.jo/samaacdm.htm

2) عمري، حسين، خلق الكون بين الآيات القرآنيّة والحقائق العلميّة، مؤتة للبحوث والدّراسات (سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعيّة)، المجلد 19، العدد 4 ، 2004، ص  1141 .

 2) http://eijaz.mutah.edu.jo/univcreation.htm

3) عمري، حسين، الأرضون السبع لغز المادّة المظلمة وبوّابة تكميم الكون، مجلّة كليّة المعارف الجامعة، الأنبار، (2004)، العدد السادس، ص 10.

 3) http://eijaz.mutah.edu.jo/sevenardhoan.htm

4) عمري، حسين يوسف راشد، دخان السّماء المتوعدُ به على الرابط

http://eijaz.mutah.edu.jo/samadokhan.htm

www.quraan-physics.com/eijaz/samadokhan.htm

5) عمري، حسين يوسف راشد، الوصف القرآني لحالة الأرض والجبال والكواكب مع نهاية العالم وبداية يوم القيامة  الرابط:

https://eijaz.mutah.edu.jo/QDSEMPDJ.htm

www.quraan-physics.com/eijaz/QDSEMPDJ.htm

6) عمري، حسين يوسف راشد، إنزال الحديد

http://eijaz.mutah.edu.jo/ironarabic.htm

7) عمري، حسين يوسف راشد، الكون ومقارنة بدايته مع نهايته

http://eijaz.mutah.edu.jo/beginingend.htm

8) عمري، حسين يوسف راشد، حبك السماء بالأمواج الصوتيّة

http://eijaz.mutah.edu.jo/samaasoundwaves.htm

9) عمري، حسين يوسف راشد، أزواج (أصناف) الملائكة

http://eijaz.mutah.edu.jo/Angels.htm

10) عمري، حسين يوسف راشد، أللامحدودية ، ما لا نهاية (infinity) تجليها أسماءُ الله وصفاتُه :

https://eijaz.mutah.edu.jo/infinity.htm

11) عمري، حسين يوسف راشد، الكون ومقارنة بدايته مع نهايته (د. حسين العمري):

 https://eijaz.mutah.edu.jo/beginingend.htm

 

 

 

 



[1] https://islamqa.info/ar/answers/ موت-الملاىكة

موقع الإسلام سؤال وجواب.  سؤال رقم (105309 تاريخ النشر: 03-08-2010

[5] تفسير الكشاف للزمخشري، الطبعة الثالثة، 1430 هج - 2009 م ، دار المعرفة بيروت، ص 1143

[6] الراوي: حذيفة بن اليمان - خلاصة الدرجة:إسناده حسن - المحدث:الألباني - المصدر:السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم 874

[7] الراوي:حذيفة بن اليمان - خلاصة الدرجة:حسن - المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 128

[8] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 12211 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح .  التخريج : أخرجه أحمد (12211) واللفظ له، وابن أبي شيبة (37731)، وأبو يعلى (3996)

[9] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 12856 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه أحمد (12856) واللفظ له، وابن أبي شيبة (37731)، وأبو يعلى (3996)

[10] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 84 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح . التخريج : أخرجه أحمد (13445) بنحوه، وأبو يعلى (4160) واللفظ له

[11] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم:7/279 ، خلاصة حكم المحدث: أحد أسانيد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح ، انظر شرح الحديث رقم 120971

التخريج : أخرجه أحمد (13445)، وأبو يعلى (3992) واللفظ له. والرواية: أخرجها أبو يعلى (4160)

[12] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 53 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات، إلا أن المغيرة ختن مالك، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يغرب. وقال الأزدي: منكر الحديث. لكنه قد توبع عليه، فالحديث صحيح بهذه المتابعات

[13] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: البغوي ، المصدر: شرح السنة ، الصفحة أو الرقم:7/362 ، خلاصة حكم المحدث: حسن

التخريج : أخرجه أحمد (13539) باختلاف يسير، والطيالسي (2172) مختصراً، وابن حبان (53) واللفظ له

[14] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: أبو داود ، المصدر: سنن أبي داود ، الصفحة أو الرقم:4878 ، خلاصة حكم المحدث: حدثناه يحيى بن عثمان عن بقية ليس فيه أنس

[15] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: محمد المناوي، المصدر: تخريج أحاديث المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4/327 ، خلاصة حكم المحدث: [ورد] عن عبد الرحمن بن جبير يرفعه ولم يذكر أنساً فيكون مرسلاً

[16] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: فقه السيرة ، الصفحة أو الرقم:138 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح وقد روي مرسلا. ولكن المسند أصح. التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) باختلاف يسير.

[17] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم:4729 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف لكن له طرق بعضها حسن

[18] الراوي :أنس بن مالك، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح أبي داود ، الصفحة أو الرقم:4878 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[19] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الطبراني ، المصدر: المعجم الأوسط ، الصفحة أو الرقم:1/7 ، خلاصة حكم المحدث: لم يروه عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير إلا صفوان تفرد به أبو المغيرة

[20] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: عبد الحق الإشبيلي ، المصدر: الأحكام الصغرى ، الصفحة أو الرقم:855 ، خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد]

[21] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن مفلح ، المصدر: الآداب الشرعية ، الصفحة أو الرقم: 1/31 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[22] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن باز ، المصدر: حاشية بلوغ المرام لابن باز ، الصفحة أو الرقم: 798 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

[23] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم:4/12 ، خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]

[24] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم:4/452 ، خلاصة حكم المحدث: [حسن كما قال في المقدمة].

التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340)

[25] الراوي : أنس بن مالك، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترغيب ، الصفحة أو الرقم:2839 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[26] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم:4973 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[27] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم:5213 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[28] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الوادعي ، المصدر: الصحيح المسند ، الصفحة أو الرقم:118 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 71388

[29] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الوادعي ، المصدر: الصحيح المسند ، الصفحة أو الرقم:131 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[30] الراوي :أنس ، المحدث: البزار ، المصدر: البحر الزخار المعروف بمسند البزار ، الصفحة أو الرقم:14/21 ، خلاصة حكم المحدث: لا نعلم رواه عن علي بن زيد غير حماد بن سلمة ممن يحتج بحديثه

[31] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الطبراني ، المصدر: المعجم الأوسط ، الصفحة أو الرقم:3/170 ، خلاصة حكم المحدث: لم يرو هذا الحديث عن المغيرة عن مالك إلا هشام

[32] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: الطبراني ، المصد: المعجم الأوسط ، الصفحة أو الرقم:1/131 ، خلاصة حكم المحدث: لم يرو هذا الحديث عن سليمان التيمي إلا عيسى بن يونس

[33] الراوي :أنس بن مالك ، المحدث: ابن العربي ، المصدر: عارضة الأحوذي ، الصفحة أو الرقم:5/445 ، خلاصة حكم المحدث: غير صحيح

[34] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: ابن عساكر ، المصدر: معجم الشيوخ ، الصفحة أو الرقم:2/667 ، خلاصة حكم المحدث: غريب

[35] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: محمد المناوي ، المصدر: تخريج أحاديث المصابيح ، الصفحة أو الرقم:4/365 ، خلاصة حكم المحدث: في الصحيح ما يشهد له

[36] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم:4/370 ، خلاصة حكم المحدث: [حسن كما قال في المقدمة]

[37] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم:1/109 ، خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]

[38] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: اقتضاء العلم ، الصفحة أو الرقم:111 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

[39] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترغيب ، الصفحة أو الرقم:125 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[40] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم:129 ، خلاصة حكم المحدث: حسن

[41] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 3/236 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.

التخريج : أخرجه أحمد (13539) باختلاف يسير، والطيالسي (2172) مختصراً، وابن حبان (53) واللفظ له

[42] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 4/12 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما. التخريج : أخرجه أبو داود (4878) واللفظ له، وأحمد (13340)

[43] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: ابن كثير ، المصدر: تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 5/25 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[44] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الخصائص الكبرى، الصفحة أو الرقم: 1/159 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[45] الراوي: ابن عباس ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الدر المنثور، الصفحة أو الرقم: 9/203 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[46] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/93 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[47] الراوي: أبو هريرة، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم:1/268 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.  التخريج : أخرجه البزار (9518)، والطبري في ((تفسيره)) (17/337)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/397) مطولاً باختلاف يسير

[48] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/14 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما

[49] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: ضعيف الترغيب.  الصفحة أو الرقم: 315 ، خلاصة حكم المحدث: ضعيف.  التخريج : أخرجه البزار (9518)، والطبري في ((تفسيره)) (17/337)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/397) مطولاً

[50] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: ضعيف الترغيب، الصفحة أو الرقم: 467 ، خلاصة حكم المحدث: ضعيف

[51] الراوي: عبدالله بن عمر ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو  الرقم: 3482 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 3272.  التخريج : أخرجه البخاري (3482) واللفظ له، ومسلم (2242)

[52] الراوي: عبدالله بن عمر ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو  الرقم: 3318 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 3271

التخريج : أخرجه البخاري (3318) واللفظ له، ومسلم (2242)

[53] الراوي: أسماء بنت أبي بكر ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو  الرقم: 745 ، خلاصة حكم المحدث:  ]صحيح[

[54] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم:1052 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[55] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم:5197 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[56] الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم:907 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[57] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: توالي التأسيس ، الصفحة أو الرقم:1/241 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[58] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم:5/127 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[59] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح النسائي ، الصفحة أو الرقم:1492 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[60] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم:29 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[61] الراوي: عمران بن الحصين ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم:6546 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]. التخريج : أخرجه البخاري (3241)، ومسلم (2738) بنحوه

[62] الراوي : عمران بن الحصين ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5198 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[ .  التخريج : أخرجه البخاري (5198)، ومسلم (2738)

[63] الراوي: عبدالله بن عباس و عمران بن الحصين ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم:1030 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[64] الراوي :عمران بن الحصين ،  المحدث: البخاري ،  المصدر: صحيح البخاري :

الصفحة أو الرقم: (6546 ، 3241) ،  خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .  التخريجأخرجه البخاري (3241)، ومسلم (2738) بنحوه

الصفحة أو الرقم:6449 ،  خلاصة حكم المحدث: [أورده في صحيحه] وقال :تابعه أيوب وعوف. وقال صخر وحماد بن نجيح:عن أبي رجاء عن ابن عباس. ،  انظر شرح الحديث رقم 21370 .  التخريجأخرجه البخاري (3241)، ومسلم (2738) بنحوه

الراوي :- ،  المحدث: ابن تيمية ،  المصدر: مجموع الفتاوى ، الصفحة أو الرقم:11/129 ،  خلاصة حكم المحدث: ثبت في الصحاح ،  انظر شرح الحديث رقم 21361

الراوي : عبدالله بن عباس ،  المحدثون:

أحمد شاكر ،  المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم:3/347 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح .

الألباني ،  المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم:2602 ،  خلاصة حكم المحدث: صحيح

الألباني ،  المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم:1030 ،  خلاصة حكم المحدث: صحيح

[65] الراوي: عمران بن الحصين ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم:2603 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[66] الراوي: عمران بن الحصين ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم:10/264 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح غير الضحاك بن يسار وقد وثقه ابن حبان‏‏

[67] الراوي: عمران بن الحصين و عبدالله بن عباس ، المحدث: أبو نعيم ، المصدر: حلية الأولياء ، الصفحة أو الرقم:2/349 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح متفق عليه [أي:بين العلماء] على شرط الجماعة

[68] الراوي: عبدالله بن عباس ،  المحدث: ابن عساكر ،  المصدر: معجم الشيوخ ، الصفحة أو الرقم:2/1037 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[69] الراوي: عبدالله بن عمرو ،  المحدث: المنذري ،  المصدر: الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم:4/164 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

[70] الراوي: عبدالله بن عمرو ،  المحدث: أحمد شاكر ،  المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم:10/109 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[71] الراوي: عبدالله بن عمرو ،  المحدث: الهيثمي ،  المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم:10/264 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد‏‏

[72] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم:2737 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[73] الراوي: - ، المحدث: ابن عبدالبر ، المصدر: الاستذكار ، الصفحة أو الرقم:2/409 ، خلاصة حكم المحدث: قوله: [يكفرن العشير] بغير واو، هو المحفوظ الصحيح

[74] الراوي: - ، المحدث: ابن عبدالبر ، المصدر: الاستذكار ، الصفحة أو الرقم:2/409 ، خلاصة حكم المحدث: روي من وجوه شتى متواترة

[75] الراوي: - ، المحدث: ابن تيمية ، المصدر: مجموع الفتاوى ، الصفحة أو الرقم:11/129 ، خلاصة حكم المحدث: ثبت في الصحاح

[76] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: ابن القيم ، المصدر: حادي الأرواح ، الصفحة أو الرقم:116 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[77] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم:15/97 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[78] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم:3/347 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[79] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم:2602 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[81] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3010 ، خلاصة حكم المحدث: حسن.   التخريج : أخرجه الترمذي (3010) واللفظ له، وابن ماجه (190) باختلاف يسير، وأحمد (14881) مختصراً

[82] وجاء في تفسير البغوي  ما يشير إلى هذا المعنى: " وقيل : إلا ما شاء ربك : سوى ما شاء ربك ، [ معناه خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض سوى ما شاء ربك ] . من الزيادة على قدر مدة بقاء السماوات والأرض ، وذلك هو الخلود فيها ، كما تقول : لفلان علي ألف إلا الألفين ، أي : سوى الألفين اللتين تقدمتا .".

[83] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4476 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .  التخريج : أخرجه البخاري (4476) واللفظ له، ومسلم (193)

[84] الراوي: أنس بن مالك، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7510 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].  التخريج : أخرجه البخاري (7510) واللفظ له، ومسلم (193)

[85] الراوي: أبو سعيد الخدري و جابر بن عبدالله ، المحدث: الألباني ، المصدر: رفع الأستار، الصفحة أو الرقم: 78 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح موقوفا

[86] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7450 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[87] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7450 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[88] الراوي: أنس بن مالك ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6559 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]) .  قال قتادة: ولا نقول مثل ما يقول أهل حَرُوراء . (25).

[89] الراوي: عمرو بن ميمون ، المحدث: ابن حجر، العسقلاني ، المصدر: الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 148 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات

[90] سألتُ سُليمانَ التَّيميَّ هل يخرجُ منَ النَّارِ أحدٌ؟ فقالَ: حدَّثني نافعٌ، عن ابنِ عمرَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم أنَّه قالَ: واللَّهِ لا يخرجُ منَ النَّارِ أحدٌ حتَّى يمْكُثَ فيها أحقابًا. قالَ: والحِقبُ بضعٌ وثمانونَ سنةً كلُّ سنةٍ ثَلَثُمِائةٍ وستُّونَ يومًا مِمَّا تعدُّونَ.) ( الراوي : ابن عمر ، المحدث: البزار ، المصدر: البحر الزخار المعروف بمسند البزار، الصفحة أو الرقم: 12/240 ، خلاصة حكم المحدث: لا نعلم رواه عن التيمي عن نافع إلا سليمان بن مسلم، وهو بصري مشهور

- { لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } قال الحِقبُ بضعٌ وثمانون سنةً كلُّ سنةٍ بثلاثمئةٍ وستين يومًا كُلُّ يومٍ كألفِ سنةٍ مما تَعُدُّونَ) (الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث: ابن حبان ، المصدر: المجروحين، الصفحة أو الرقم: 1/417 ، خلاصة حكم المحدث: [فيه] سليمان بن مسلم شيخ يروي عن سليمان التيمي ما ليس من حديثه لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص

[94] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7554 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[95] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: رفع الأستار، الصفحة أو الرقم: 75 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[101] عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال : قالت يا رسول الله ، فأين الناس يومئذ ؟ قال : " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي ، ذاك أن الناس على جسر جهنم .  وروى الإمام أحمد من حديث حبيب بن أبي عمرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى : ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ) [ الزمر : 67 ] فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : " هم على متن جهنم " .

[103] صامَ نوحٌ الدهرَ إلا يومَ الفطرِ و الأضحى، و صامَ داودُ نصفَ الدهرِ، و صامَ إبراهيمُ ثلاثةَ أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ، صامَ الدهرَ، و أفطرَ الدهرَ

الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير

الصفحة أو الرقم: 4969 ، خلاصة حكم المحدث: حسن

إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وتَقُومُ اللَّيْلَ؟، فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَ: إنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ هَجَمَتْ له العَيْنُ، ونَفِهَتْ له النَّفْسُ، لا صَامَ مَن صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، قُلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا ويُفْطِرُ يَوْمًا، ولَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى.

الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 1979 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 8127

[104] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: ابن تيمية ، المصدر: شرح العمدة (المناسك)، الصفحة أو الرقم: 1/468 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[105] الراوي: جابر بن عبد الله ، المحدث: العيني ، المصدر: نخب الافكار، الصفحة أو الرقم: 9/423 ، خلاصة حكم المحدث: طريقه صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 88166

[106] الراوي: جابر بن عبدالله ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1787 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[107] الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الألباني، المصدر: حجة النبي، الصفحة أو الرقم: 45 ، خلاصة حكم المحدث: مدار رواية جابر على سبعة من ثقات أصحابه الأكابر، و الأصل الذي اعتمدنا عليه إنما هو من صحيح مسلم ،  انظر شرح الحديث رقم 112460

[108] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم:  2837 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[109] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم:  2837 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[110] الراوي: ضمضم بن جوس ، المحدث: ابن حبان ، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم:  5712 ، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه

[111] الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم:  16/113، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 81902

[112] الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم:  8164، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 20658

[113] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3246 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 40086

[114] الراوي: أبو سعيد الخدري وأبو هريرة ، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 8258 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم

[115] الراوي: أبو سعيد الخدري ، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم:  11332 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم

[116] الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم:  5778 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  شرح الحديث.  التخريج : أخرجه البخاري (5778) واللفظ له، ومسلم (109)

[118]  بحث: الكون ومقارنة بدايته مع نهايته (د. حسين العمري):

https://eijaz.mutah.edu.jo/beginingend.htm

[119] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 8696 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده محتمل للتحسين.  التخريج : أخرجه الترمذي (2466)، وابن ماجه (4107)، وأحمد (8696) واللفظ له

[122] الراوي: مسلم بن صبيح أبو الضحى ،  المحدث: البيهقي ،  المصدر: الأسماء والصفات، الصفحة أو الرقم: 2/132 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناد هذا عن ابن عباس صحيح، وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعاً

[123] الراوي: أبو الضحى مسلم بن صبيح ، المحدث: الذهبي ، المصدر: العلو، الصفحة أو الرقم: 75 ، خلاصة حكم المحدث: رواته ثقات

[124] الراوي: أبو الضحى مسلم بن صبيح ،  المحدث: الذهبي ،  المصدر: العلو، الصفحة أو الرقم: 75 ،  خلاصة حكم المحدث: ]فيه] شريك وعطاء فيهما لين لا يبلغ بهما رد حديثهما، وهذه بلية تحير السامع، كتبتها استطرادا للتعجب، وهو من قبيل اسمع واسكت

[125] الراوي: أبو الضحى مسلم بن صبيح ،  المحدث: ابن حجر العسقلاني ،  المصدر: فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم: 338/6 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[126] الراوي:  ]مسلم بن صبيح أبو الضحى[ ،  المحدث: العجلوني ،  المصدر: كشف الخفاء، الصفحة أو الرقم: 1/123 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[127] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: ابن الملقن ، المصدر: شرح البخاري لابن الملقن، الصفحة أو الرقم: 13/582 ، خلاصة حكم المحدث: على شرط مسلم

[131] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3447 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  شرح الحديث

[132] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3349 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 9919

[133] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4740 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 9922

[134] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6526 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 9925

[135] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4625 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 9920

[136] الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2860 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 9918

[137] الراوي : البراء بن عازب ، المحدث : البيهقي ، المصدر : شعب الإيمان، الصفحة أو الرقم: 1/300 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 85303.  التخريج : أخرجه أبو داود (4753)، وأحمد (18557) باختلاف يسير، والنسائي (2001)، وابن ماجه (1549) مختصراً، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (395) واللفظ له)

[139] ثم يعيده

[140] الراوي: عائشة ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّثون:  مسلم ، المسند الصحيح، الصفحة أو الرقم 2791 ؛ الألباني ، صحيح ابن ماجه ، الصفحة أو الرقم 3471

[141] الأسنى في أسماء الله الحسنى، محمد بن أحمد القرطبي، صفحة  232 .

[142] شرح أسماء الله الحسنى - لأمام التصوف ابي القاسم القشيري.  صفحة 203 .

[143] شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة،  صفحة  174 .

[144] شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة،  صفحة  174-175 .

[145] الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4287 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].  التخريج : أخرجه البخاري (4287) واللفظ له، ومسلم (1781)

[146] الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4720 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .  التخريج : أخرجه البخاري (4720) واللفظ له، ومسلم (1781)

[147] الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1781 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .  التخريج : أخرجه البخاري (4287)، ومسلم (1781) واللفظ له

[148] الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3138 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح .  التخريج : أخرجه البخاري (4287)، ومسلم (1781)، والترمذي (3138) واللفظ له، وأحمد (3584)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11297)

[149] الراوي: حذيفة بن أسيد الغفاري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2901 ؛ المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم 1635

[150] الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدثون: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم 2947 ؛ الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم 2813

[151] الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدثون: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم 3414 ؛ الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم 7377؛ مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم 2373 ؛ الألباني، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم 3245 ؛ الترمذي ، المصدر: سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم 3245

[152] الراوي : أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2373 ، خلاصة حكم المحدث: ]صحيح[ .  التخريج : أخرجه البخاري (3414، 3415)، ومسلم (2373).

[153] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2373 ، خلاصة حكم المحدث: ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 6416

[155] الراوي: عبدالله بن عمر ، خلاصة الدرجة: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] ، المحدّث: أبو داود ، المصدر: سنن أبي داود ، الصفحة أو الرقم 4732

[156] الراوي: عبدالله بن عمر ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: الألباني ، المصدر: صحيح أبي داود ، الصفحة أو الرقم 4732

[157] الراوي: عبدالله بن عمر ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: مسلم ، المصدر: المسند الصحيح ، الصفحة أو الرقم 2788

[158] الراوي: عبدالله بن عمر ، خلاصة الدرجة: رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن حماد سجادة وهو ثقة‏‏ ، المحدّث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم 10/347

[159] الراوي: عبد الله بن عمر ، المحدثون : ابن حبان ، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 7324 ، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.

شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 7324 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين

[160] بُطول: مصدر بطَلَ.

المعجم: اللغة العربية المعاصر

بطل - يبطل بطلا وبطولا وبطلانا

1 - بطل الشيء: ذهب ضياعا. 2 - بطل الشيء : فسد .

المعجم: الرائد

بطل

" بَطَل الشيءُ يَبْطُل بُطْلاً وبُطُولاً وبُطْلاناً: ذهب ضيَاعاً وخُسْراً ، فهو باطل ، وأَبْطَله هو.

ويقال : ذهب دَمُه بُطْلاً أَي هَدَراً .

المعجم: لسان العرب

[161] الراوي: عبدالله بن عمر و أبو هريرة ، خلاصة الدرجة: صحيح، المحدّث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم 8101

[162] الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم  1953، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[163] المحدّثون: البخاري ، المصدر: الجامع الصحيح ، الصفحة أو الرقم: 4811؛ مسلم ، المصدر: المسند الصحيح ، الصفحة أو الرقم: 2786؛ ابن خزيمة ، المصدر: التوحيد ، الصفحة أو الرقم (179/1، 184/1) ؛ أبو نعيم ، حلية الأولياء ، الصفحة أو الرقم 7/141 ؛ الألباني ، المصدر: كتاب السنة ، الصفحة أو الرقم 543 ؛ احمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم 6/170 ؛ الألباني ، المصدر: كتاب السنة ، الصفحة أو الرقم: 543

[164] الراوي: عبدالله بن عمر، خلاصة الدرجة: إسناده صحيح على شرط مسلم، المحدث: الألباني: السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم7/596 ؛ الألباني ، المصدر: كتاب السنة ، الصفحة أو الرقم 546 ؛ المحدّث: ابن خزيمة ، المصدر: التوحيد ، الصفحة أو الرقم 173/1 ، 171/1

[165] الراوي: ربيعة بن عمرو الجرشي ، خلاصة الدرجة: إسناده صحيح ، المحدّث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: الإصابة ، الصفحة أو الرقم 1/510

[166] الراوي: عائشة ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: ابن العربي ، المصدر: عارضة الأحوذي ، الصفحة أو الرقم 6/314 ؛ المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم 3242

[167] الراوي: عائشة ، خلاصة الدرجة: إسناده صحيح ، المحدث: الألباني ، المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم 2/103 ؛ الراوي: مجاهد ، خلاصة الدرجة: إسناده صحيح ، المحدّث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم 3241 ؛ الراوي: عبدالله بن عباس ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: الوادعي ، المصدر: الصحيح المسند ، الصفحة أو الرقم 599: ، 652

[168] الراوي: عائشة ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّثون:  مسلم ، المسند الصحيح، الصفحة أو الرقم 2791 ؛ الألباني ، صحيح ابن ماجه ، الصفحة أو الرقم 3471

[169] الراوي: مسروق ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم 3121

[170] التكملة: قال: فمن أول الناس إجازة ؟ قال " فقراء المهاجرين " قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال " زيادة كبد النون " قال: فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال " ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " قال: فما شرابهم عليه ؟ قال " من عين فيها تسمى سلسبيلا " قال: صدقت . قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض . إلا نبي أو رجل أو رجلان. قال " ينفعك إن حدثتك ؟ " قال: أسمع بأذني . قال جئت أسألك عن الولد ؟ قال " ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر . فإذا اجتمعا ، فعلا مني الرجل مني المرأة، أذكرا بإذن الله . وإذا علا مني المرأة مني الرجل ، آنثا بإذن الله " قال اليهودي: لقد صدقت . وإنك لنبي . ثم انصرف فذهب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه . وما لي علم بشيء منه . حتى أتاني الله به " . وفي رواية: كنت قاعداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال: زائدة كبد النون . وقال: أذكر وآنث . ولم يقل: أذكرا وآنثا . ) (الراوي: ثوبان مولى رسول الله ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: مسلم ، المصدر: المسند الصحي ، الصفحة أو الرقم: 315 ؛ طريقه حسن ، المحدّث: البزار ، المصدر: البحر الزخار ، الصفحة أو الرقم 10/105.

[171] الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص ، خلاصة الدرجة: حسن ، المحدّث: الترمذي ، المصدر: سنن الترمذي ، الصفحة أو الرقم: 2642؛ الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص ، خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدّث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم: 2642 ؛ المحدث: ابن العربي ، المصدر: عارضة الأحوذي، الصفحة أو الرقم: 5/316 ؛ الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص ، خلاصة الدرجة: إسناده صحيح رجاله ثقات ، المحدّث: الألباني ، المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم: 1076 ؛ خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدث: الألباني ، المصدر: النصيحة ، الصفحة أو الرقم: 254 ؛ خلاصة الدرجة: صحيح ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 1764

[172] الراوي: أبو الدرداء ، خلاصة الدرجة: إسناده حسن ، المحدّث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم: (1/207 ،1/171) ؛ خلاصة الدرجة:  رجاله ثقات‏، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم 2/33 ). وفي لفظ: (من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نورا يوم القيامة ) (الراوي: أبو الدرداء ، خلاصة الدرجة: ]إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ، المحدث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم 1/171؛ خلاصة الدرجة: صحيح لغيره ، المحدّث: الألباني، المصدر: صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم 318 ؛ خلاصة الدرجة: صحيح لغيره ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الموارد ، الصفحة أو الرقم 360

[173] الراوي: نعيم بن نمحة ، خلاصة الدرجة: إسناده جيد ، المحدث: ابن كثير، المصدر: تفسير القرآن ، الصفحة أو الرقم 8/103

[174] الراوي: أبو أمامة الباهلي ، المحدث : الهيثمي ، المصدر:  مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم:  10/357 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله وثقوا.   التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (5976)

المحدث: السيوطي ، المصدر: البدور السافرة ، الصفحة أو الرقم 288، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن

[175] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدثون : أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 8/42 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح. المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 5662 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[176] الراوي: أبو هريرة ، خلاصة الدرجة:  ]إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما[ ، المحدّث: المنذري ، المصدر: الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم4/339

[177] الراوي: أبو هريرة ، خلاصة الدرجة: على شرط مسلم ، المحدّث: ابن كثير، المصدر: تفسير القرآن ، الصفحة أو الرقم: 8/490

[179] الراوي: عائشة ،  المحدثون : ابن حبان ،  المصدر: صحيح ابن حبان ، الصفحة أو الرقم: 6591 ،  خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه

الألباني ،  المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم: 7/285 ،  خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين

[180] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/251 ، خلاصة حكم المحدث : ]حسن كما قال في المقدمة[.  التخريج : أخرجه الطبراني في ((مسند الشاميين)) (521)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (149) واللفظ لهما، والديلمي في ((الفردوس)) (5289) باختلاف يسير

[181] الراوي: أبو أمامة الباهلي ، المحدث: الألباني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 683 ، خلاصة حكم المحدث: له شاهد إسناده حسن، ورواه مسلم مختصرا.  التخريج : ذكره الذهبي في ((العلو)) (1/98) باختلاف يسير

[182] الراوي: أبو سعيد الخدري و ابن عباس المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم  2438، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[183] الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم  9/61، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح

[184] الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 2/308، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[185] الراوي: عائشة أم المؤمنين ، المحدث: ابن الملقن ، المصدر: الإعلام ، الصفحة أو الرقم: 1/591 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[186] الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم 11/378 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[187] الراوي : عطاء بن يسار ، المحدث : الذهبي ، المصدر : العلو، الصفحة أو الرقم: 82 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صالح

[188] الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدث: ابن كثير، المصدر : البداية والنهاية، الصفحة أو الرقم: 1/49 ، خلاصة حكم المحدث : مرفوع وهو أصح

[189] الراوي: حسان بن عطية المحدث: الألباني - المصدر: مختصر العلو - الصفحة أو الرقم  42، خلاصة حكم المحدث: إسناده قوي

[190] الراوي: - المحدث: ابن عثيمين - المصدر: تفسير سورة يس - الصفحة أو الرقم: 180، خلاصة حكم المحدث: ثابت

[191] الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم  2229، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[192] الراوي: عبدالله بن عباس و رجل من الأنصار المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم  2439، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[193] الراوي: عبدالله بن عباس المحدثون: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم  3/269، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح؛ الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم  3224، خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

[194] الراوي: أبو هريرة المحدث: الذهبي - المصادر: العلو - الصفحة أو الرقم  42، خلاصة حكم المحدث: محفوظ ثابت؛ العرش - الصفحة أو الرقم  44، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج : أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/258)

[195] الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 10/275 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات

[196] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : الذهبي ، المصدر : العلو، الصفحة أو الرقم: 97 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 72811.  التخريج : أخرجه أبو داود (4727)

[197] الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم  5/298، خلاصة حكم المحدث: حسن كما قال في المقدمة

[198] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4727 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  شرح الحديث

[199] الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم  8/533، خلاصة حكم المحدث: إسناده على شرط الصحيح

[200] الراوي: أبو هريرة المحدثون: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم ، 555، 7486 ، 7429 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[201] الراوي: أبو هريرة المحدثون: ابن كثير - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 1/362، خلاصة حكم المحدث: مشهور؛ الحكمي - المصدر: معارج القبول - الصفحة أو الرقم: 303/1، خلاصة حكم المحدث: مشهور

[202] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 158 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  شرح الحديث

[203] الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم  247، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[204] الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصادر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم 2936، خلاصة حكم المحدث: صحيح؛ السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم  3952، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[205] الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/361، خلاصة حكم المحدث:  ]إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما[

[206] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2841 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 11599.  التخريج : أخرجه البخاري (2841)، ومسلم (1027)

[207] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1027 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ،  انظر شرح الحديث رقم 11598. التخريج : أخرجه البخاري (2841)، ومسلم (1027).

[208] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3216 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 11600.  التخريج : أخرجه البخاري (3216) واللفظ له، ومسلم (1027) مطولاً

[209] الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم  371/1، خلاصة حكم المحدث: أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح

[210] الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن منده - المصدر: الإيمان لابن منده - الصفحة أو الرقم  301، خلاصة حكم المحدث: مقبول رواته مشاهير.  التخريج : أخرجه ابن منده في ((الإيمان)) (811)

[211] أبو هريرة ، المحدث : ابن منده ، المصدر : الإيمان لابن منده، الصفحة أو الرقم: 301 ، خلاصة حكم المحدث : مقبول رواته مشاهير

التخريج : أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (732) بنحوه، وابن منده في ((الإيمان)) (812) واللفظ له

[212] الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/361، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما

[213] الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم  6/490، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[214] الراوي: أبو هريرة المحدث: البوصيري - المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم  8/171، خلاصة حكم المحدث: سنده صحيح

[215] الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم  632، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد على شرط مسلم

[216] الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم 3184، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[217] الراوي: - المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم  9/260، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[218] الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم  2842، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[219] الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصادر:

صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم  8001، خلاصة حكم المحدث: صحيح.  التخريجأخرجه مسلم  (2842)

صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2573 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه مسلم (2842)

[220] الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم  2797، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[221] الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم  7/142، خلاصة حكم المحدث: رجال أحمد رجال الصحيح.  التخريج: أخرجه الترمذي (3349)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11684)، وأحمد (2321) واللفظ له

[222] الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم  275، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم

التخريج: أخرجه الترمذي (3349)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11684)، وأحمد (2321) باختلاف يسير، والطبري في ((التفسير)) (24/525) واللفظ له

[223] الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم  675، خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط البخاري

[224] الراوي : - ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج شرح الطحاوية، الصفحة أو الرقم: 408 ، خلاصة حكم المحدث : ]له شاهدان يتقوى بهما ويصح[

التخريج : أخرجه الترمذي (2312)، وابن ماجه (4190)، وأحمد (21516) باختلاف يسير

[225] الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/71 ، خلاصة حكم المحدث : ]حسن كما قال في المقدمة[

[226] الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 10/361 ، خلاصة حكم المحدث : فيه عروة بن مروان قال الدارقطني‏‏ ليس بقوي في الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح‏‏.   التخريج : أخرجه الطبراني (2/184) (1751)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (1403)

[227] الراوي: رجل من الصحابة المحدث: ابن كثير - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم  8/297؛ خلاصة حكم المحدث: إسناده لا بأس به ؛ المحدث: الحكمي - المصدر: معارج القبول - الصفحة أو الرقم  671/2؛ خلاصة حكم المحدث: إسناده لا بأس به ؛ المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم  1988؛ خلاصة حكم المحدث: ضعيف

[228] الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 185، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[229] الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: رفع الأستار - الصفحة أو الرقم  135، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[230] الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: رفع الأستار - الصفحة أو الرقم  135، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[231] الراوي: سمرة بن جندب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم  3236، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[232] الراوي: ]عبدالله بن عمرو[ المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/358، خلاصة حكم المحدث: رواته محتج بهم في الصحيح

[233] الراوي: - المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم  10/399، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح

[234] الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم  3691، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[235] الراوي: ]عبدالله بن عمرو[ المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/358، خلاصة حكم المحدث: رواته محتج بهم في الصحيح

[236] الراوي: ]عبدالله بن عمرو[ المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/358، خلاصة حكم المحدث: رواته محتج بهم في الصحيح

[237] الراوي: أبو الدرداء المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم  4/351، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما

[238] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : ابن العربي ، المصدر : عارضة الأحوذي، الصفحة أو الرقم: 6/384 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه الترمذي (3327) باختلاف يسير، وأحمد (14883) مختصراً

[239] الراوي : أبو سعيد الخدري ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2928 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[

[240] الراوي: أبو سعيد الخدري ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2928 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[

[241] الراوي: أبو هريرة المحدث: البوصيري - المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم  2/439، خلاصة حكم المحدث: سنده صحيح

[242] الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم  605، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[243] https://islamqa.info/ar/answers/ موت-الملاىكة

موقع الإسلام سؤال وجواب.  سؤال رقم (105309 تاريخ النشر: 03-08-2010

[244] وأرى أنّه يمكن الرّد على هذا القول؛ بأنّ الملائكة عالم غيبي؛ وبالتالي لا نعلم كيف يكون موتهم؛ وعدم علمنا هذا لا ينفي الموت عن الملائكة.  وقد نمثّل لهذا بأنّ موت النجوم يحصل عند توقف تفاعلات الإندماج النّووي داخلها.

[245] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/251 ، خلاصة حكم المحدث : ]حسن كما قال في المقدمة[.  التخريج : أخرجه الطبراني في ((مسند الشاميين)) (521)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (149) واللفظ لهما، والديلمي في ((الفردوس)) (5289) باختلاف يسير

[246] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : البغوي ، المصدر : تفسير البغوي، الصفحة أو الرقم: 1/97 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه مطولاً البخاري (6568) باختلاف يسير، والترمذي (1651)، وأحمد (13780) واللفظ لهما

[247] الراوي : أبو موسى الأشعري ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2838 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ،  انظر شرح الحديث رقم 10623.  التخريج : أخرجه البخاري (4879)، ومسلم (2838).

[248] الراوي : أبو موسى الأشعري ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2838 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[

[249] الراوي : أبو موسى الأشعري ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3243 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[



[i][i] 2 – (لمَّا عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهُم وصدورَهُم فقلتُ : يا جبريلُ من هؤلاءِ ؟ قالَ : هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن مفلح ، المصدر: الآداب الشرعية، الصفحة أو الرقم: 1/31 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 62115.  التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) باختلاف يسير.

3 – (ليلةَ أُسرِيَ بِنبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ الجنةَ ، فَسمعَ في جانبِها وجْسًا فقال : يا جبريلُ ، ما هذا ؟ قال : هذا بِلالٌ المؤذِّنُ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ جاءَ إلى الناسِ : قد أفلحَ بِلالٌ ، قد رأيْتُ لهُ كذا وكذا قال : فَلَقِيَهُ مُوسَى عليهِ السلامُ فَرَحَّبَ بهِ ، وقال : مرحبًا بِالنبيِّ الأُمِّيِّ ، قال : وهوَ رجلٌ آدمُ طَوِيلٌ ، سَبْطٌ شَعْرُهُ مع أُذُنَيْهِ أوْ فوقَهُما ، فقال مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا مُوسَى . قال : فَمَضى ، فَلَقِيَهُ عيسَى فَرَحَّبَ بهِ ، وقال : مَنْ هذا يا جبريلُ؟ قال : هذا عيسَى . قال : فمضَى ، فَلَقِيَهُ شيخٌ جَلِيلٌ متهَيَّبٌ فَرَحَّبَ بهِ وسَلَّمَ عليهِ ، و كلُّهُمْ يُسَلِّمُ عليهِ ، قال : مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا أبوكَ إبراهيمُ . قال : ونظرَ في النارِ ، فإذا قومٌ يأكلونَ الجِيَفَ ، قال : مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لحمَ الناسِ : ورأى رجلًا أحمرَ أَزْرَقَ جدًّا ، قال : مَنْ هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا عَاقِرُ النَّاقَةِ . قال: فلمَّا أَتَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المسجدَ الأَقْصَى قامَ يصلِّي ، فالتَفَتَ ثُمَّ التَفَتَ فإِذَا النبيُّونَ أجمعونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ . فلمَّا انصرفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ ، أحدُهُما عن اليَمِينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمالِ ، في أَحَدِهما لَبَنٌ وفي الآخَرِ عَسَلٌ ، فأخذَ اللَّبَنَ فَشربَ مِنْهُ ، فقال الذي كان مَعَهُ القَدَحُ : أَصَبْتَ الفِطْرَةَ

الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدثون:

ابن كثير ، المصدر: تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 5/25 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

السيوطي ، المصدر : الدر المنثور، الصفحة أو الرقم: 9/203 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/93 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 2324 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف

التخريج : أخرجه أحمد (2324) واللفظ له، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (188)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (10/457)

4 – (لما عرجَ بي ربِّي مررتُ بقومٍ لَهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ من هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهم) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4/452 ، خلاصة حكم المحدث:  ]حسن كما قال في المقدمة[ ، انظر شرح الحديث رقم 121221.  التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) )

5 – (لمَّا عُرِجَ بي إلى ربِّي عزَّ و جلَّ مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ، يَخمُشُونَ وجوهَهم و صدورَههم، فقلتُ : منْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، و يقعونَ في أعراضِهم) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 7353 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 123045)

6 – (ليلة أسرِيَ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل الجنَّةَ فسَمِعَ في جانبها وجسًا، فقال: يا جبرائيلُ، ما هذا؟ قال: هذا بلال المؤذِّن، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين جاء إلى الناس: قد أفلح بلالٌ، رأيت له كذا وكذا، فلَقِيَه موسى فرحَّب به، وقال: مرحبًا بالنبيِّ الأميِّ- قال: وهو رجل آدَمُ طويل سَبطٌ شَعرُه مع أذنيه أو فَوقها- فقال: من هذا يا جبرائيل؟ قال: هذا موسى، فمضى فلَقِيَه شيخ جليلٌ متهيبٌ، فرحب به وسلَّم عليهم، وكلُّهم يسَلِّمُ عليه، قال: من هذا يا جبرائيلُ؟ قال: هذا أبوك إبراهيمُ، قال: ونظر في النارِ، فإذا قوم يأكلونَ الجِيَف، قال: من هؤلاء يا حبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومَ النَّاسِ، ورأى رجلًا أحمَرَ أزرَقَ جِدًّا، قال: من هذا يا جبرائيلُ؟ قال: هذا عاقِرُ الناقة، فلما أتى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسجد الأقصى قام يصلِّي، فإذا النبيون أجمعون يصلُّونَ معه، فلما انصرف جيءَ بقَدَحينِ أحدُهما عن اليمينِ، والآخرُ عن الشِّمالِ، في أحدِهما لبَنٌ، وفي الآخر عسلٌ، فأخذ اللبَن فشَرِبَ منه، فقال الذي كان معه القَدَح: أصبتَ الفِطرةَ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الخصائص الكبرى، الصفحة أو الرقم: 1/159 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)

7 – (ليلةَ أسرِيَ بالنَّبي دخلَ الجنَّةَ فسمعَ في جانبِها وجَسًا فقالَ يا جبريلُ ما هذا فقالَ هذا بلالٌ المؤذِّنُ فقالَ النَّبي حينَ جاءَ إلى النَّاسِ قد أفلحَ بلالٌ رأيتُ لَهُ كذا وَكذا فلقيَهُ موسى عليْهِ الصلاةُ والسَّلامُ فرحَّبَ بِهِ وقالَ مرحبًا بالنَّبيِّ الأمِّيِّ قالَ وَهوَ رجلٌ آدمُ طويلٌ سَبطٌ شعرُهُ معَ أذنيْهِ أو فوقَهما فقالَ من هذا يا جبريلُ قالَ هذا موسى فمضى فلقيَهُ رجلٌ فرحَّبَ بِهِ قالَ من هذا قالَ هذا عيسى عليه السَّلامُ فمضى فلقيَهُ شيخٌ جليلٌ مهيبٌ فرحَّبَ بِهِ وسلَّمَ عليْهِ وَكلُّهم يسلِّمُ عليْهِ قالَ من هذا يا جبريلُ قالَ أبوكَ إبراهيمُ عليه السلامُ قالَ ونظرَ في النَّارِ فإذا قومٌ يأْكلونَ الجِيَفَ قالَ من هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ورأى رجلًا أحمرَ أزرقَ جِدًّا قالَ من هذا يا جبريلُ قالَ هذا عاقرُ النَّاقةِ فلمَّا أتى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المسجدَ الأقصى قامَ يصلِّي ثمَّ التفتَ فإذا النَّبيُّونَ أجمعونَ يصلُّونَ معَه فلمَّا انصرفَ جيءَ بقدحينِ أحدِهما عنِ اليمينِ والآخرِ عنِ الشِّمالِ في أحدِهما لبَنٌ وفي الآخرة عسلٌ فأخذَ اللَّبنَ فشربَ منْهُ فقالَ الَّذي كانَ معَهُ القدَحُ أصبتَ الفطرةَ) (الراوي : ابن عباس ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الدر المنثور، الصفحة أو الرقم: 9/203 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح )

8 – (عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهما قالَ : ليلةَ أُسْريَ بنبيِّ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - نظرَ في النَّارِ فإذا قومٌ يأكلونَ الجيَفَ قالَ من هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ورأى رجلًا أحمرَ أزرقَ جدًّا قالَ : من هذا يا جبريلُ قالَ : هذا عاقِرُ النَّاقةِ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: الهيتمي المكي ، المصدر: الزواجر، الصفحة أو الرقم: 2/10 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح إلا مختلف فيه وثقه كثيرون)

9 – (ليلةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ودخل الجنةَ فسمع من جانبِها وجسًا قال : يا جبريلُ ما هذا قال : هذا بلالٌ المؤذِّنُ فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حين جاء إلى الناسِ : قد أَفْلَحَ بلالٌ رأيتُ له كذا وكذا قال : فلَقِيَهُ موسَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَرَحَّبَ به وقال : مرحبًا بالنبيِّ الأميِّ قال : فقال وهوَ رجلٌ آدمُ طويلٌ سَبْطٌ شَعْرُهُ مع أذنيه أو فوقَهما فقال : مَن هذا يا جبريلُ قال : هذا موسَى عليه السلامُ قال : فمضَى فلقيهُ عيسَى فرحَّبَ به وقال : من هذا يا جبريلُ قال : هذا عيسَى قال : فمضى فلقيَهُ شيخٌ جليلٌ مُهيبٌ فرحَّبَ به وسلَّمَ عليه وكُلُّهم يُسلِّمُ عليه قال : من هذا يا جبريلُ قال : هذا أبوكَ إبراهيمُ قال : فنظر في النارِ فإذا قومٌ يأكلون الِجيفَ فقال : من هؤلاء يا جبريلُ قال : هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ورأى رجلًا أحمرَ أزرقَ جَعْدًا شَعْثًا إذا رأيته قال : من هذا يا جبريلُ قال : هذا عاقرُ الناقةِ قال : فلمَّا دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المسجدَ الأقصَى قام يُصلِّي فالتفتَ ثم التفتَ فإذا النبيونَ أجمعونَ يُصلونَ معه فلما انصرف جِيءَ بقَدَحَيْنِ أحدِهما عن اليمينِ والآخرُ عن الشمالِ في أحدِهما لبنٌ وفي الآخرِ عسلٌ فأخذ اللبنَ فشرب منه فقال الذي كان معه القَدَحُ : أصبتَ الفِطْرَةَ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/93 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)

10 – (لما عرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمشون وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ: يا جبريلُ من هؤلاء؟ قال:هؤلاء الذين يأكلون لحومَ الناسِ ويقعون في أعراضِهم.) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن باز ، المصدر: حاشية بلوغ المرام لابن باز، الصفحة أو الرقم: 798 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد ،  انظر شرح الحديث رقم 75676.   التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) )

11 – (لما عُرِجَ به مَرَّ على قومٍ لهم أظافرٌ من نحاسٍ يخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم فقال : يا جبريلُ من هؤلاء؟ فقال:هؤلاءِ الذين يأكلون لحومَ الناسَ ويقعون في أعراضِهم) (الراوي : [أنس بن مالك] ، المحدث: ابن باز ، المصدر: مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم: 239/9 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 141747

12 -  (أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رأى ليلةَ أُسرِيَ به قومًا لهم أظافرٌ من نحاسٍ يخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم، فسأل عنهم ، فقيل له: هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، ويقعون في أعراضِهم) (الراوي : ]أنس بن مالك[ ، المحدث: ابن باز، المصدر: مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم: 381/8 ، خلاصة حكم المحدث: ]ثابت[

13 – (أنه لما عُرِجَ به مرَّ على قومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يَخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم، فقال : يا جبريلُ من هؤلاءِ؟ فقال : هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ويقعونَ في أعراضِهم) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: ابن باز ، المصدر: مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم: 401/5 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد ،  انظر شرح الحديث رقم 121803

14 – (أنه رأى ليلةَ أُسرِيَ به قومًا لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يَخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم، فسأل عنهم فقيل له : هؤلاءِالذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ويقعونَ في أعراضِهم) (الراوي : ]أنس بن مالك[ ، المحدث: ابن باز ، المصدر: مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم: 421/5 ، خلاصة حكم المحدث: ]ثابت[ ،  انظر شرح الحديث رقم 121804

15 – (لمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقومٍ لهُمْ أَظْفَارٌ من نُحاسٍ ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وصُدُورَهُمْ ، فقُلْتُ: مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لُحُومَ الناسِ ، ويَقَعُونَ في أَعْرَاضِهِمْ .) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 2839 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 61216.   التخريج : أخرجه أبو داود (4878) واللفظ له، وأحمد (13340) )

16 - (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم ، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ ، ويقعون في أعراضِهم.) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4878 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  شرح الحديث

التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) )

17 – (لمَّا عرجَ بي ربِّي عز وجل مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهُم وصَدرَهُم ، فقلتُ : مَن هؤلاءِ يا جبريلُ قالَ : هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَلحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِم .) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: فقه السيرة، الصفحة أو الرقم: 138 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح وقد روي مرسلا. ولكن المسند أصح ،  انظر شرح الحديث رقم 114684.  التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) باختلاف يسير.)

18 – (لما عَرَجَ بي ربي ؛ مَرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ، يَخْمِشُونَ وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ ؟! قال : هؤلاء الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، ويَقَعُونَ في أعراضِهِم .) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4973 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 114872.  التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340)

19 – (لما عَرَجَ بي ربي عزَّ وجلَّ مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِنْ نُّحَاسٍ ، يَخْمِشونَ وجوهَهم وصدورَههم ، فقلْتُ : من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ، ويقعونَ في أعراضِهِم) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 5213 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 114394.   التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340)

20 – (لمَّا عَرجَ بي ربِّي مررتُ بقومٍ لَهُم أظفارٌ من نُحاسٍ ، يَخمُشونَ وجوهَهُم وصدورَهُم . فقُلتُ : مَن هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قالَ : هؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ، ويَقَعونَ في أعراضِهِم .) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الوادعي ، المصدر: الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 131 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 111432.   التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) باختلاف يسير.)

21 – (لَمَّا عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لَهم أظافِرُ من نُحاسٍ يخمِشونَ وجوهَهم وصدورَهم فقلتُ : من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قالَهؤلاءِ الَّذينَ يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ ويقعونَ في أعراضِهِمْ .) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: الوادعي ، المصدر: الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 118 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 71388

التخريج : أخرجه أبو داود (4878)، وأحمد (13340) باختلاف يسير.)

22 – (الحديثُ السَّابقُ [أي حديثَ: لمَّا عُرِجَ بي مَرَرتُ بقَومٍ لهم أظْفارٌ من نُحاسٍ يَخمِشون بها وُجوهَهم وصُدورَهم، فقُلتُ: مَن هؤلاء يا جِبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يَأكُلون لُحومَ النَّاسِ، ويَقَعون في أعْراضِهم].) (الراوي : راشد بن سعد و عبد الرحمن بن جبير، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم:4878/ 2 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات)

23 - (لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بقوْمٍ لهم أظْفارٌ من نُحاسٍ يَخْمِشون وُجُوهَهُم وصُدُورَهُم، فقُلتُ: مَن هؤلاءِ يا جِبريلُ؟ قال:هؤلاءِ الذين يَأْكُلُون لُحُومَ الناسِ، وَيَقَعون في أعْراضِهِم".) (الراوي : أنس بن مالك، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج رياض الصالحين، الصفحة أو الرقم: 1526 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)

24 -  (لَمَّا عَرَجَ بي ربِّي مرَرْتُ بقَومٍ لهم أَظْفارٌ مِن نُحاسٍ، يَخمِشونَ وُجوهَهم وصُدورَهم. فقلْتُ: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكُلونَ لُحومَ الناسِ، ويَقَعونَ في أعراضِهم.) (الراوي : أنس بن مالك ، المحدث: شعيب الأرناؤوط ، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 13340 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)

 

 


 [ho1]