بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه، وأفضل الصّلاة وأتمُّ التّسليم على رسول اللّه.

الأرضون السّبع وتوزيع الصفائح المجرِّيّة

الضخمة على نطاق كوني واسع

 

حسين يوسف العمري/ قسم الفيزياء/ جامعة مؤتة

rashed@mutah.edu.jo

ملخص

يرجّح البحث أن الأرضين سبع مستويات كروية وأنهنّ طباق وفتق . وتتوزّع عليها المجرات والعناقيد المجرية الموجودة في الكون.  هي الحاضن الجاذبي للمجرّات والعناقيد، وبالتالي فهي جزءٌ كبير من مادة الكون المعتمة أو المظلمة (Dark Matter).  إنّه كون ، تتوزّع مجرّاته وعناقيده على سبع أرضين (الشّكل)، بما يشابه توزيع إلكترونات الذّرات على المدارات الرّئيسة ذات المستويات الطاقيّة المتقطِّعة.  وليست الأرضون قارّات أو طبقات للكرة الأرضيّة الّتي نعيش عليها.

المقدمة:  تنتمي مجموعتنا الشّمسيّة إلى مجرّة درب التبانة؛ وهي مجرّة حلزونيّة كتلتها مائة مليار ضعف كتلة الشّمس. ويجتمع العديد من المجرّات معاً لتشكّل العناقيد المجرّيّة.

المادّة الكونيّة المظلمة:

إنّ 90% من كتلة المجرّة (درب التبانة) مظلم غير مضيء: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ) (الشكل).  ويُحسُّ بكتلة المادة المظلمة من خلال تأثيرها الجذبي على مستوى المجرّة أو العنقود.  ويؤكّده ثبات مقدار السرعة الدورانيّة قريباً من الأذرع اللّولبيّة للمجرّات؛ ممّا جعل الفلكيِّون يفترضون أنَّ كلّ مجرّة تغمرها مادة مظلمة كتلتها عشرة أمثال كتلة الجزء المضيء (الشكل ، الشكل).  الجزء المضيء هو بمقدار الزِّينة والحفظ : (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا).  تزداد نسبة المادة المظلمة إلى المضيئة كلّما كانت الدّراسة على نطاق كوني أوسع.  إلى أن تَثْبُتُ إلى المدى الذي يكون كافيا ليغطي عناقيد بامتداد 1.5 مليون برسك (1.5 M pc):

1 pc = 3.262 light years

وبالتالي فإنّ جزءاً كبيراً من المادة الكونيّة المعتمة يتواجد خارج هذه العناقيد.  ودليله (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا) من الآية:

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ  ) (فصلت 9-11).  معنى الأرض هنا هو:  الأرضون السّبع ، أو الجزء السفلي من الكون (عمري : بحثا خلق الكون و الأرضون السّبع).

وتواجد المادة المظلمة خارج العناقيد المجريّة يرشد إليه الحديث:

وفي الحديث: (حدَّثَني أنَّ محمَّدًا رَسولَ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ - لم يَر قريةً يريدُ دخولَها إلَّا قالَ حينَ يراها : اللَّهم ربَّ السَّماواتِ السَّبعِ وما أظلَلنَ ، وربَّ الأرَضينِ السَّبعِ وما أقلَلنَ ، وربَّ الشَّياطينِ وما أضلَلنَ ، وربَّ الرياحِ وما ذَرينَ ، فإنَّا نسألُكَ خَيرَ هذِه القَريَةِ ، وخيرَ أهلِها ، ونَعوذُ بكَ مِن شرِّها ، وشرِّ أَهْلِها وشرِّ ما فيها وحلَف كعبٌ : بالَّذي فلَق البحرَ لموسَى ، لأنَّها كانَت دعواتِ داودَ حينَ يرَى العدوَّ .) ([1]).

(عن أبي سُهَيلِ بنِ مالكٍ، عن أبيه أنَّه كان يَسمَعُ قِراءةَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ وهو يَؤُمُّ الناسَ في مسجِدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من دارِ أبي جُهَيمٍ، وقال كعبُ الأحبارِ: والذي فَلَقَ البَحرَ لموسى، إنَّ صُهَيبًا حدَّثني أنَّ مُحمَّدًا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَرَ قَريةً يُريدُ دُخولَها إلَّا قال حينَ يَراها: اللَّهُمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وما أظلَلْنَ، وربَّ الأرَضينَ السَّبعَ وما أقلَلْنَ، وربَّ الشَّياطينِ وما أضلَلْنَ، وربَّ الرِّياحِ وما ذَرَينَ، فإنَّا نسأَلُكَ خيرَ هذه القَريةِ وخيرَ أهْلِها، ونعوذُ بكَ من شرِّها وشرِّ أهلِها وشرِّ ما فيها.) ([2])

إنّ المادّة الباريونيّة (العادية التي تتكون ذرّاتها من بروتونات ونيوترونات) على نطاق درجات الحرارة عشرة مليون كلفن إلى ثلاثة كلفن لا تشكّل إلاّ جزءاً يسيراً من المادّة الكونية (الشكل).

كشفت الأرصاد الكونيّة عن عناقيد مجرّيّة على شكل شرائح ضخمة بامتداد ملياري سنة ضوئية؛ وأكثر .  المادّة المظلمة تتوزّع فتقاً وعلى مساحات كونيّة شاسعة كي تحقّق الإجتماع الجاذبي للعناقيد المجرّيّة الضّخمة (الشّكل).  وللمزيد أنظر مجموعة الأشكال (الأشكال) والتي يغطي بعضها مساحات أكبر.

السَّمواتُ السَّبعُ والأرضون السبع مادّة مظلمة (مُبْهَمَة: غير المادة الباريونية المعروفة)؛ فهي تماماً كما وصْفَها الحديثُ الشريف "مُبْهَمَة":

(قال: كنَّا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاء رَجُلٌ مِن أهلِ الباديةِ، عليه جُبَّةٌ سِيجانٍ مَزْرورةٌ بِالدِّيباجِ، فقال: ألَا إنَّ صاحبَكم هذا قد وضَعَ كلَّ فارسٍ ابنِ فارسٍ، قال: يريدُ أنْ يضَعَ كلَّ فارسٍ ابنِ فارسٍ، ويرفَعَ كلَّ راعٍ ابنِ راعٍ، قال: فأخَذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِمَجامِعِ جُبَّتِه، وقال: ألَا أرَى عليك لباسَ مَن لا يعقِلُ!، ثُمَّ قال: إنَّ نبيَّ اللهِ نوحًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا حضَرَتْه الوفاةُ قال لابنِه: إنِّي قاصٌّ عليك الوصيَّةَ: آمُرُكَ باثنتَينِ، وأنهاكَ عن اثنتَينِ: آمُرُكَ بلا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ لو وُضِعَتْ في كِفَّةٍ، ووُضِعَتْ لا إلهَ إلَّا اللهُ في كِفَّةٍ؛ رجَحَتْ بهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولو أنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ حَلْقةً (حَلقةً) مُبْهَمَةً؛ قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وسبحانَ اللهِ وبحَمدِه؛ فإنَّها صلاةُ كلِّ شيءٍ، وبها يُرزَقُ الخلقُ، وأنهاكَ عن الشِّركِ والكِبرِ، قال: قُلْتُ -أو قيل-: يا رسولَ اللهِ، هذا الشِّركُ قد عرَفْناه، فما الكِبرُ؟ قال: الكِبرُ أنْ يكونَ لأحدِنا نَعلانِ حسنتانِ لهما شِراكانِ حسنانِ، قال: لا، قال: هو أنْ يكونَ لأحدِنا حُلَّةٌ يلبَسُها؟ قال: لا، قال: الكِبرُ هو أنْ يكونَ لأحدِنا دابَّةٌ يركَبُها؟ قال: لا، قال: أفَهو أنْ يكونَ لأحدِنا أصحابٌ يجلِسونَ إليه؟ قال: لا، قيل: يا رسولَ اللهِ، فما الكِبرُ؟ قال: سَفَهُ الحقِّ، وغَمصُ النَّاسِ.) ([3])

(إنَّ نبيَّ اللهِ نوحًا لما حضَرَتْه الوفاةُ قال لابنِه : إني قاصٌّ عليك الوصيَّةَ ، آمرُك باثنتَينِ و أنهاك عن اثنتَينِ ، آمرُك ب ( لاإله إلا اللهُ ) ، فإنَّ السمواتِ السبعَ و الأرَضينَ السبعَ لو وُضِعَتْ في كِفَّةٍ ، و وُضِعَتْ لا إلهَ إلا اللهُ في كِفَّةٍ ، رجَحَتْ بهنَّ لا إلهَ إلا اللهُ ، و لو أنَّ السمواتِ السبعَ و الأرَضَينَ السبعَ كُنَّ حَلْقةً مُبهَمةً قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلا اللهُ ، و سبحانَ اللهِ و بحمدِه فإنها صلاةُ كلِّ شيءٍ ، و بها يُرزَقُ الخلقُ ، و أنهاك عن الشركِ و الكِبرِ قال : قلتُ : أوْ قيل : يا رسولَ اللهِ هذا الشركُ قد عرفْناه فما الكِبْرُ؟ - قال - : أن يكون لأَحدِنا نعْلانِ حسَنتانِ لهما شِراكانِ حسنانِ ؟ قال : لا قال : هو أن يكون لأحدِنا أصحابٌ يجلسون إليه ؟ قال : لا . قيل : يا رسولَ اللهِ فما الكِبْرُ ؟ قال : سَفَهُ الحقِّ و غَمْصُ الناسِ) ([4])

(أنَّ نوحًا قال لابنِه عند موتِه: آمرُك بلا إلهَ إلا اللهُ؛ فإنَّ السَّمواتِ السبعَ والأرَضين السبعَ لو وُضِعَت في كِفَّةٍ ووُضِعَت لا إلهَ إلا اللهُ في كِفَّة، رجَحَت بهنَّ لا إلهَ إلا الله، ولو أنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ في حَلقةٍ مُبهمةٍ فَصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ.) ([5])

And if the seven heavens and the seven Grounds (Ardhean: cold dark matter) were an enigmatic ring, No God except Allah (the word of monotheism) would divide them.

ولو أنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ حَلقةً مُبْهَمَةً؛ قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ

حَلقة مُبهمة (mysterious ring):

أنظر: معجم اللغة العربية المعاصرة ([6])، وكذلك تعريف ومعنى مبهم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي ([7])

مُبْهَم [مفرد]: اسم مفعول من أبهمَ.

ما يصعب إدراكه، ما لا مأتى له.

غامض، لا يتحدد المقصود منه، لا يُعرف له وجه "عبارات مبهمة- كلامٌ/ رسمٌ مُبهَم" ، طريق مُبْهَم : خفيّ لا يستبين، حديث مُبْهَمٌ: لا يُعرف عن راويه غير اسمه.

 معجم الغني

تَحَدَّثَ بِكَلاَمٍ مُبْهَمٍ: غَامِضٍ لاَ يُدْرَكُ، مُلْتَبِسٍ. "أَمْرٌ مُبْهَمٌ"

سَارَ فِي طَرِيقٍ مُبْهَمٍ: غَيْرُ مُسْتَبِينٍ، غَيْرُ وَاضِحِ الْمَسَالِكِ

العَدَدُ الْمُبْهَمُ: عَدَدٌ يُعَبِّرُ عَنْ مَجْمُوعِ وَحَدَاتٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ طَبِيعَةِ هَذِهِ الوَحَدَاتِ ([8]).

 الرائد

مُبْهَمٌ : من الكلام: الغامض الذي لا يعرف له وجه.  من الأمور: الذي لا يدرك.  من الطرق: ما كان خفيا غير واضح.  من الأبواب: ما كان مغلفا.  من الحيطان: ما ليس فيه باب.

 المعجم الوسيط

المُبْهَمُ : ما يَصْعُبُ على الحاسَّة إِدراكهُ إِن كان محسوساً، وعلى الفَهْم إن كان معقولا

المُبْهَمُ من الأَشياء: الخالِص الذي لا شِيَة فيه تميِّزه

المُبْهَمُ من الأجْسَام: المُصْمَت

المُبْهَمُ من الظروف: ما ليس له تحْصِره، مثل: فوق، وتحت، وأمام، وخلف

معجم الفروق اللغوية

الفرق بين العام والمبهم:  أن العام يشتمل على أشياء والمبهم يتناول واحد الاشياء لكن غير معين الذات فقولنا شيء مبهم وقولنا الاشياء عام.

صفة الغموض "حَلقةٍ مُبهمةٍ"؛ والتي يبيّنها الحديث الشريف في العبارة: (ولو أنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ حَلقةً مُبْهَمَةً؛ قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ) تعكس كون الأرضين السبع مادة مظلمة باردة.  وعلى قانون الزّوجيّة في الخلق، فقد تكون السَّمواتُ السَّبعُ مادة مظلمة حارّة .

(قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ): تُفهم في سياق الآية الكريمة: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) [الأنبياء 30].  حالُ السَّمواتِ السَّبعِ والأرَضينَ السَّبع في الدّنيا فتق وبسط ؛ بعد أن كانتا رتقاً عند بداية الخلق .

معاني الكلمة الإنجليزية (Ground) والكلمة (Earth):

تجدت 46 معنى من ضمن المعاني العديدة للكلمة Ground، و 22 معنى للكلمة Earth .

بعض معاني الأرض

لقد نظرت في جزء من الآيات القرآنيّة ، فوجدت أنّ كلمة الأرض (في نطاق هذه الآيات) لها حوالي 21 معنى مختلف (معاني الأرض)، ومن هذه المعاني:

1)   الكرة الأرضيّة: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ مَهْدًا) .

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ () ( طه 53)

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الزخرف 10 )

2) اليابسة (التربة) من كرة الأرض : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (الحج 63)..

3) الحقول والبساتين والمزارع:  (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) (البقرة 71).  أَيْ إِنَّهَا لَيْسَتْ مُذَلَّلَة بِالْحِرَاثَةِ وَلَا مُعَدَّة لِلسَّقْيِ.

4) المرعى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أليم) (الأعراف 73).

5) أرض الجنّة: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (الزمر 74).  (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ): أَيْ أَرْض الْجَنَّة قِيلَ : إِنَّهُمْ وَرِثُوا الْأَرْض الَّتِي كَانَتْ تَكُون لِأَهْلِ النَّار لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ; قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَأَبُو صَالِح وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ.

(ما منكم من أحدٍ إلا له منزلانِ ، منزلٌ في الجنةِ ، ومنزلٌ في النارِ ، فإذا مات ، فدخل النارَ ، ورث أهلُ الجنةِ منزلَه ، فذلك قولُه تعالى : {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{) ([9])

6) قطعة من الأرض (بلد، أو منطقة): (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) (يوسف آية 9).  إِمَّا بِأَنْ تَقْتُلُوهُ أَوْ تُلْقُوهُ فِي أَرْض مِنْ الْأَرَاضِي (ابن كثير).

(يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (المائدة 21).  ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد وَالدُّخُول إِلَى الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ.

عن ابن عباس في قوله: ( ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) قال: هي الطور وما حوله. وكذا قال مجاهد وغير واحد .

يقول الطبري:

وعنى بقوله: " المقدسة " المطهرة المباركة، عن مجاهد: " الأرض المقدسة "، قال: المباركة.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: هي الأرض المقدّسة، كما قال نبي الله موسى صلى الله عليه، لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تُدرك حقيقةُ صحته إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به. غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر، لإجماع جميع أهل التأويل والسِّير والعلماء بالأخبار على ذلك.

7) لذات الأرض ونعيمها:  (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) (الأعراف 176).

وَقَوْله تَعَالَى " وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ : أَيْ مَالَ إِلَى زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزَهْرَتهَا وَأَقْبَلَ عَلَى لَذَّاتهَا وَنَعِيمهَا وَغَرَّتْهُ كَمَا غَرَّتْ غَيْره (بن كثير).  لزم لذات الأرض فعبّر عنها بالأرض (القرطبي م 4 ج 7 ص 204).  وقد تعني هنا كذلك المستوى الأدنى (Lowest level).

8) وقد ترد كلمة الأرض في الآية الواحدة بأكثر من معنى؛ ومثاله الآية: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (ابراهيم 48)

Ardh (Earth; and seven Ardhean) will be changed

حال الكرة الأرضيّة يوم القيامة هو المدّ والبسط:

(وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ) (الانشقاق 3): وَإِذَا الأرْض بُسِطَتْ ، فَزِيدَ فِي سَعَتهَا: " إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَدَّ اللَّه الأرْض حَتَّى لا يَكُون لِبَشَرٍ مِنْ النَّاس إِلا مَوْضِع قَدَمَيْهِ" (ابن كثير، جـ 4، ص 296؛ الطبري 1995، م 15 ، ص 214)

حال الأرضين السّبع يوم القيامة هو القبض والجمع:

(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الزمر 67].

هذا وسيعود الكون يوم القيامة إلى حالة الرّتق والقبض.

9) الجزء السفلي من كلِّ شيءٍ يسمّى أرض.

10) الأرضون السّبع: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة 29).

Who created for you all that is in coupled Ardhean.

 (الأرض هنا تعني الأرضين السّبع مجموعة ورتقاً، وهي تمثّل الجزء السفلي من الكون في بداية خلقه.  ويؤكده الزّمخشري: "فإن قلت: هل لقول من زعم أنّ المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحّة؟ قلت: أنّ أراد بالأرض الجهات السّفليّة دون الغبراء (الكرة الأرضيّة) كما تذكر السّماء وتراد الجهات العلويّة جاز ذلك، فإنّ الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السّفليّة (الزمخشري م 1، ص 270.)".  وهو عين ما قاله كثيرٌ من أئمّة التّفسير:(النيسابوري، نظام الدين الحسن بن محمد القمّي (ت 728 هـ)، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، تحقيق زكريا عميرات، دار الكتب العلميّة (بيروت 1416 هـ- 1996 م).  ج 1، ص 210. ؛ العمادي، أبي السعود محمد بن محمد، تفسير أبي السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم. ج 1 ، ص 78.؛ البيضاوي، ناصر الدين الشيرازي، أنوار التنـزيل وأسرار التأويل. ج 1، ص 273.) (الأرضون السّبع).

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (فصلت 9)

)اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (الطلاق 12)

(مثلهنّ) بالنّصب عطفاً على (سبع سموات) أو على تقدير فعَل: أي وخلق من الأرض مثلهنّ (إيجاز حذف: أي وخلق سبعاً من الأرض) (الشوكاني، فتح القدير الجامع ، ج 5، ص 247).

ومن هذا القبيل الآيات التي تتحدّث عن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.  فالمراد هنا هو السموات السّبع والأرضين السّبع؛ كما في الآية: (الّذي خلق السّموات والأرض في ستّة أيّام) [هود 7] ، [الحديد 4].

هنا الترجمة خطأ ولا بدّ من تصويبها إنصافا لكلام اللّه.  Earth ترجمة غير صحيحة ويجب العمل على تغييرها.

11) الجزء السفلي من الكون: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) [البقرة 29].  في اللّحظة الّتي تلت الانفجار بدأ أيضاً خلقُ الأرض (الأرض بمعنى جهة السُّفل؛ أي الأرضين السّبع) ([10]). ويراد بجهة السّفل الاتّجاه نحو مركز الكون، ويُقصدُ بجهة العلوّ الاتّجاه نحو السّماء ([11]).  فإنّ كلمة (جَمِيعًا) في الآية قد تُعتبر حالاً من الأرض.  ويدلُّ على ذلك قوله جلّ وعلا: (أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) [الأنبياء 30].  (رتقاً) أي كان الجميع متّصلاً بعضه ببعض متلاصقاً متراكماً بعضُه فوق بعضٍ في ابتداء الأمر ([12]).

إنّ السماوات والأرض كانتا رتقاً في بداية خلقهما، ثمّ فتقت السّماء الدّخانيّة في مستويات مختلفة للطاقة، لتُشكّلَ أصلاً لخلق طبقات البناء السّماوي ([13])، كما أنّ الأرض فتقت سبعاً ([14]).  إذن ليس هنالك ما يمنع أن تكون كلمة (جَمِيعًا) حالاً من الأرض، أو حالاً من (ما).  وعندها يكون الخلق الّذي تتحدّث عنه الآيةُ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) هو خلقُ الله - سبحانه وتعالى- وإيجاده للأرض أو للمادّة الأوّليّة في الأرض (بمعنى جهة السُّفل؛ أي الأرضين السّبع وما كان فيها) عندما كانت الأرضُ رتقاً، وهذه المادّةُ ضروريّة لمراحل الخلق الّتي جاءت متأخّرة.  ويؤكّده الزّمخشري في تفسيره الكشّاف: "فإن قلت: هل لقول من زعم أنّ المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحّة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السّفليّة دون الغبراء (الكرة الأرضيّة) كما تذكر السّماء وتراد الجهات العلويّة جاز ذلك، فإنّ الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السّفليّة ([15])".  وهو عين ما قاله كثيرٌ من أئمّة التّفسير: النيسابوري، والعمادي والبيضاوي ([16]).

-  (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) [البقرة 29].  تشير الآية إلى أنّ حال الأرضين عند بداية خلقهنّ هو القبض والرّتق في جهة السّفل.  وهو ما تشير إليه الآية: (أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) [الأنبياء 30].  أي كان الجميع متّصلاً بعضه ببعض في ابتداء الأمر، ثمَّ فتقت السّماوات سبعاً، كما فتقت الأرضُ سبعاً؛ وللمزيد أنظر مجموعة الأشكال (الأشكال) .  هذا وسيعود الكون يوم القيامة إلى حالة الرّتق والقبض: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الزمر 67].

12) إطلاق المعاني في الآية الواحدة:  وذلك كما في الآيات التي تذكر الرَبّ الخالق الرّزّاق؛ ومنها :-

** آية الكرسي : (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة 255).

(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ): مطلق معاني السماء والأرض (كافة المعاني المحتملة)؛ فالله سبحانه هو المالك لكلّ المخلوقات.

(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ): السماوات السبع والأرضون السّبع.

** الرَبّ الخالق: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) (سبإ آية 22).

 (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف 84).

(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الجاثية 36).

(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (النجم 31).  يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ مَالِك السَّمَوَات وَالْأَرْض (ابن كثير).

** لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ:   (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة 284). 

** وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلْقًا وَمِلْكًا وَعَبْدًا

(أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) (هود 20).  هَؤُلَاءِ (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه) لَمْ يَكُونُوا بِاَلَّذِينَ يُعْجِزُونَ رَبّهمْ بِهَرَبِهِمْ مِنْهُ فِي الْأَرْض إِذَا أَرَادَ عِقَابهمْ وَالِانْتِقَام مِنْهُمْ (الطبري).

** علم الله وسع كلّ شيء:

 (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) (آل عمران 5) السماء والأرض بكل المعاني.  يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَم غَيْب السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ .

وإنّ ترجمات معاني القرآن إلى اللّغة الإنجليزية قد أغفلت المعاني الثلاثة الأخيرة، ممّا يعطي هذا الموضوع أهمية كبيرة.

الأرضون السّبع

 (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) .

 (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة).

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ  ) (فصلت 9-11).  معنى الأرض هنا هو:  الأرضون السّبع ، أو الجزء السفلي من الكون (عمري : بحثا خلق الكون و الأرضون السّبع).

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء 30].

 (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) [الطلاق 12].

وخلق من الأرض مثلهنّ (إيجاز حذف: أي وخلق سبعاً من الأرض).

قول الجمهور : إنّها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السّماء والسّماء (الشكل ، الشّكل).

إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ

حيثما ورد (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) فالمراد هو السماوات السّبع والأرضين السّبع

السورة

رقم السورة

رقم الآية

الآية

الأعراف

7

54

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ

يونس

10

3

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

هود

11

7

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

الفرقان

25

59

الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا

السجدة

32

4

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ

ق

50

38

وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ

الحديد

57

4

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

حال الأرضين بين القبض والبسط

بدأت الأرضون قبضاً، ثمّ فتقها الخالق سبحانه وتعالى سبعاً:

 (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء 30].  فتقت السماء في سبع سماوات طباق، وفتقت الأرض في سبع أرضين طباق (عمري 2004 : الأرضون السّبع).

"Do not the Unbelievers see that the Samawat (plural of Sama: upper part of universe) and the Ardh (lower - interior - part of the Universe; dark matter) were Ratq (joined, coupled), before We Fatq (clove asunder, decoupled) them?" (Surat Al-Anbiyaa No. 21, verse 30).

Explosive Origin of Cosmic Voids:

Title: Dark Matter is Missing From Cosmic Voids:

Cosmic voids really are devoid of matter. Astronomers have found that even the pervasive (منتشر، متغلغل) 'dark matter' which accounts for about 80% of the mass of the universe is not present in these voids, which are areas of vast emptiness in space that can be tens of millions of light-years across.

هذا وستعود الأرضون يوم القيامة إلى حالة القبض:

عبدالله بن عمر يحْكِي (يحاكي ويقلّد) رسولَ الله قال: (يأخذُ الله عزّ وجلّ سمواته وأرضيه بيديْه فيقولُ: أنا الله – ويقبضُ أصابعهُ ويبسُطها- أنا الملكُ).

شرح صحيح مسلم: "قبض النَّبيِّ أصابعه وبسطها تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها (في الآخرة) بعد بسطها، وحكاية للمبسوط (في الدّنيا) المقبوض (في الآخرة) وهو السّموات والأرضون، لا إشارة إلى القبض والبسط الّذي هو صفة القابض والباسط سبحانه وتعالى".

جاء حبرٌ فقال يا محمّد إنّا نجدُ أنّ الله يجعلُ السّموات على إصبعٍ والأرضين على إصبعٍ والشّجر على إصبع والماءَ والثّرى على إصبعٍ وسائر الخلق على إصبع فيقول أنا الملك فضحك النّبيُّ حتى بدت نواجذهُ تصديقاً لقول الحبر ثمّ قرأ رسولُ الله (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).  الأرضون غير الثّرى.  والظاهر أنّ العبارة (تصديقا لقول الحبر) هي من كلام الرّاوي. والدليل هو أنّ الآية التي قرأها الرسول: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كانت ردّا على قول الحبر، وتبيّن صورة مختلفة ، وأكّدت أنّ اليهود لم يقدروا اللّه حقّ قدره، وهي تنزّه اللّه عن شرك اليهود (ملحق).

وممّا يؤكد أنّ قراءة الرسول للآية: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كان ردّا على قول الحبر الآتي:

العبارة (والجبالَ والشَّجرَ على أصبعٍ) لا تتفق مع آيات دكّ الجبال وتسييرها :-

- (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) (طه 105)

- (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) (الطور 10-9).  وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا : أَيْ تَذْهَب فَتَصِير هَبَاء مُنْبَثًّا وَتُنْسَف نَسْفًا (ابن كثير).

العبارة (وسائرَ الخلائقِ على إصبَعٍ) لا تتفق مع الحديث الصحيح الذي بيّن أنّ الناس يومئذ على جسر جهنم:

(قالَ ابنُ عبَّاسٍ أتَدري ما سَعةُ جهنَّمَ ؟ قلتُ : لا ، قالَ : أجَل واللَّهِ ما تدري أنَّ بينَ شَحمةِ أُذنِ أحدِهِم وبينَ عاتقِهِ مَسيرةَ سبعينَ خَريفًا تَجري فيها أوْديةُ القَيحِ والدَّمِ قلتُ أنهارًا قالَ لا بلْ أوْديةً ثمَّ قالَ أتدرونَ ما سَعةُ جهنَّمَ قلتُ لا قالَ أجَل واللَّهِ ما تَدري حدَّثتني عائشةُ أنَّها سألَت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ عن قولِهِ وَالْأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ فأينَ النَّاسُ يومئذٍ يا رسولَ اللَّهِ قالَ هم علَى جِسرِ جهنَّمَ) ([17]) .  (قالَ ابنُ عبَّاسٍ: أتَدري ما سَعةُ جهنَّمَ ؟ قلتُ : لا : قال : أجَلْ واللَّهِ ما تدري ، حدَّثتني عائشةُ ، أنَّها سألتْ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ عن قولِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قالَت : قلتُ فأينَ النَّاسُ يومَئذٍ ؟ ، قالَ : على جسرِ جَهَنَّمَ) ([18]) .

أي: إنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى يَقبِضُ الأرَضينَ السَّبْعَ بكُلِّ أجزائِها وطبَقاتِها، وكذلك يَقبِضُ السَّمَواتِ في قَبضةِ يَدِه اليُمْنى، وكِلْتا يَدَيْه يَمينٌ سُبحانَه وتَعالى، ولهما صِفةُ الكَمالِ على ما يَلِيقُ بالربِّ الجليلِ سُبحانَه، ولا تُمثَّلُ صِفاتُه بصِفاتِ خَلْقِه؛ فليسَ كمِثْلِه شيءٌ، ولا يَعلَمُ كيفيَّتَها إلَّا هو سُبحانَه، فتعَجَّبَتْ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها، وسأَلتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فأين الناسُ يومَئذٍ يا رسولَ اللهِ؟ قال: همْ على جِسْرِ جهنَّمَ " وهُو الصِّراطُ الذي يُنصَبُ على ظَهْرِ "جَهَنَّمَ"، والمعنى: يَكونون واقِفينَ على الصِّراطِ، وهذا بَيانٌ لِمَدى سَعَةِ النَّارِ؛ حيثُ اجتمَعَتْ تلكَ الخلائقُ كلُّها على جِسْرٍ جهنَّمَ.

(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): حال الأرضين يوم القيامة هو القبض والطّيُّ، والمراد بالأرض الأرضون السّبع.  وأنَّ حالة القبض هذه تعود يوم القيامة.  أمّا حالهنّ في الدّنيا ففتق وبسط؛ بعد أن كانتا رتقاً عند بداية الخلق: (كانتا رتْقاً ففتقناهما).

- (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ).  أي الأرضين السّبع.  فإنّ كلمة (جَمِيعًا) في الآية تُعتبر حالاً من الأرض: (أولم ير الّذين كفروا أنّ السّموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما).  الخلق الّذي تتحدّث عنه الآيةُ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) هو خلقُ الله وإيجاده للمادّة الأوّليّة في جهة السُّفل (على اعتبار أنّ كلمة جَمِيعًا حالٌ من مَا)؛ أو خلق الأرضين السّبع عندما كانت رتقاً (على اعتبار أنّ كلمة جَمِيعًا حالٌ من الْأَرْضِ).

ويؤكّده الزّمخشري في الكشّاف: "هل لقول من زعم أنّ المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحّة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السّفليّة دون الغبراء كما تذكر السّماء وتراد الجهات العلويّة جاز ذلك، فإنّ الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السّفليّة".  وقاله أيضاً النيسابوري، والعمادي والبيضاوي.

إنّ حال الأرضين يوم القيامة هو القبض في جهة السّفل: (مَن أخَذَ شيئًا مِنَ الأرْضِ بغيرِ حَقِّهِ، خُسِفَ به يَومَ القِيامَةِ إلى سَبْعِ أرَضِينَ.) ([19]).  والآية: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

الأرضون سبع: هنالك عدّة أحاديث تحدّد عدد الأرضين بسبع:

الذي يغتصب جزءاً من أرض جاره يجعل له هذا الجزء طوقاً في عنقه يوم القيامة؛ ويكون اغتصابه للأرض سبباً لأن يُخسف به يوم القيامة إلى أسفل الأرضين السبع : (مَن أخَذَ شيئًا مِنَ الأرْضِ بغيرِ حَقِّهِ، خُسِفَ به يَومَ القِيامَةِ إلى سَبْعِ أرَضِينَ.)؛ الأحاديث:

(عَنْ أبِي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ، وكَانَتْ، بيْنَهُ وبيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ في أرْضٍ، فَدَخَلَ علَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذلكَ، فَقالَتْ: يا أبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأرْضَ، فإنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ.) ([20])

(أنَّه دخَلَ على عائِشةَ وهو يُخاصِمُ في دارٍ، فقالَتْ عائِشةُ: يا أبا سَلَمةَ، اجْتَنِبِ الأرضَ؛ فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: مَن ظلَمَ شِبرًا مِنَ الأرضِ طُوِّقَه يَومَ القيامةِ مِن سَبعِ أرَضينَ.) ([21])

(أنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ، وَكانَ بيْنَهُ وبيْنَ قَوْمِهِ خُصُومَةٌ في أَرْضٍ، وَأنَّهُ دَخَلَ علَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ ذلكَ لَهَا، فَقالَتْ: يا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأرْضَ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ.) ([22])

أمّا الذين يغتصبون المقدسات فما قدروا اللّه حقّ قدره:

(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ]الزمر آية67  [.

بل قد شتموا الإله وسبّوه : )وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة 64)

‏مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ ‏مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ:

 (‏ ‏أَعْظَمُ ‏الْغُلُولِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذِرَاعٌ مِنْ أَرْضٍ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ‏أَوْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ‏لِلدَّارِ فَيَقْتَسِمَانِ فَيَسْرِقُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ فَيُطَوَّقُهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ‏).

الغلول:

"وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْم الْقِيَامَة" حَامِلًا لَهُ عَلَى عُنُقه "ثُمَّ تُوَفَّى كُلّ نَفْس" الْغَالّ وَغَيْره جَزَاء "مَا كَسَبَتْ" عَمِلَتْ "وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" شَيْئًا.

(لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا‏ ‏ثُغَاءٌ ‏‏عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ ‏حَمْحَمَةٌ ‏‏يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ ..‏).

إنَّ من يغلل شيئاً يأت يوم القيامة يحمله على رقبته: فالّذي يغلل فرساً يحمل على رقبته يوم القيامة فرساً واحداً ولا زيادة.

وإنّ الّذي يظلم قدر شبر من الأرض يحمله (أي الشّبر) على رقبته يوم القيامة ويكون كالطوق في عنقه.  ويقتطع له نفسُ الشّبر الّذي ظلمه من الأرضين السّبع اللّواتي هنَّ مقبوضات ومجموعات بيد الجبار يوم القيامة.  وممّا يؤكّد صحّة هذا الرّبط: (‏أَعْظَمُ ‏الْغُلُولِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذِرَاعٌ مِنْ أَرْضٍ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ‏أَوْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ‏لِلدَّارِ فَيَقْتَسِمَانِ فَيَسْرِقُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ فَيُطَوَّقُهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ).  الأرضون فتقٌ في الدنيا، وسيقبضهنّ الجبّار يوم القيامة: (‏مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).

حديث الرّوح وطبقيّةُ الأرضين

• روح المؤمن: (‏‏‏اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ)

المؤمن (قَدَرُهُ ومآلهُ بسبب إيمانه) في عِلِّيِّينَ

• روح الكافر: (اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي‏ ‏سِجِّينٍ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى).

الكافر كتابه (قَدَرُهُ ومآلهُ بسبب كفره) في سجين في الأرض السفلى

تتكوّن الأرضون من طبقات، وشاهده: (اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي‏ ‏سِجِّينٍ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى). إذن هناك أرضٌ سفلى وأخرى عليا يتوسّطهما بقيّة الأرضين.

وفي الفتح الرّباني وتفسير ابن كثير: "إنَّ الأفلاك السّبعة (أي السّماوات) كلُّ واحدٍ منها أوسع وأعلى من الّذي دونه، وكذلك الأرضون كلّ واحدةٍ أوسع من الّتي دونها حتّى ينتهي السّفول المطلق والمحلّ الأضيق أي المركز في وسط الأرض السّابعة (السّفلى)" (الشكل).

• يتّضح أنَّ الأرضين كانت مجتمعةً في بداية الخلق: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، وأنَّهنَّ الآن فتقٌ (كانتا رتْقاً ففتقناهما).  هذا وسيرجعن يوم القيامة إلى حالة القبض (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الزمر 67].  وبالتالي فإنَّ الّذي يظلم قدر شبر من الأرض يبعث يوم القيامة يحمله (أي شبر الأرض) على رقبته ويكون له كالطوق في عنقه (‏مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).  ويقتطعُ له نفسُ الشّبر الّذي ظلمه من الأرضين السّبع (المادة المظلمة التي هي الحاضن الجاذبي للمجرّات) اللّواتي هنَّ مقبوضات مجموعات بيد الجبّار يوم القيامة: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).  الأرضون سبعٌ طباق، وهنَّ الآن فتقٌ تفصل مسافات بين كلّ أرضٍ والأخرى الّتي تليها.  فحالُ الأرضين هو كحال السّماوات من حيث أنّهنَّ سبعٌ وطباق: فدليل الطّباق (اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي ‏ ‏سِجِّينٍ ‏ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى)، ودليله أيضاً: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ).  يرى الجمهور (من المفسّرين) أنّها سبع أرضين طباقاً بعضها فوق بعض، بين كلّ أرض وأرض مسافة كما بين السّماء والسّماء (الشكل).

الأرضون السّبع غير الكرة الأرضيّة

*  ردّ الألوسي على الزعم بمساواة الأرضين السّبع بطبقات الكرة الأرضيّة قائلاً: "ولا يخفى أنّه أشبه شيءٍ بالهذيان".

خلق وتكوّن مجموعتنا الشّمسيّة

قبل حوالي خمس مليارات سنة حدث انفجار سوبرنوفا داخل مجرّتنا، وأرسل هذا الانفجار غيمة من المادّة داخل المجرّة.  ومن ثمّ اتّحدت معظم العناصر الخفيفة (hydrogen and helium) فكوّنت الشّمس، وأما العناصر الثّقيلة فشكّلت قرصاً مسطّحاً دار حول الشّمس.  ومع مرور فترة زمنيّة تربو على 100 مليون سنة ونتيجة لما يعرف بالتّجمّعات الاصطداميّة (collisional accumulation) يكون القرص قد بدأ عمليّة تفتّق (clumping) وشكّل عدداً هائلاً من الكتل الصّغيرة (شكل).  ويزداد كلٌّ من حجم وجاذبيّة هذه الكتل بسبب المدّ (accretion) أو الكنس (sweeping) (Clark 1998, p. 85) (الشكل ، شكل).  وإن صفتي الكنس والجري ذكرتهما الآية القرآنيّة: (الجوارِ الكُنّس).  وفي الأثر: (سَمِعْتُ عليًّا وسُئِلَ عن لَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ فقال : هيَ النُّجُومُ تَخْنِسُ بِالنَّهارِ وتَكْنِسُ بِالليلِ) (الراوي: خالد بن عرعرة، إسناده جيد، المحدث: ابن كثير، المصدر: تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم :8/359 ).

النجوم تكنس في كلّ لحظة.  وأكثرها كنساً وخنساً (اختفاءً) الثقوب السوداء ثمّ النجوم النيوترونية ثم نجوم الأقزام البيض.

إن مادّة القرص تتجمّع في ملايين الأجسام المسماة بـ (Runaway planetesimals).  ومن ثم تبدأ هذه في تشكيل عدد قليل نسبيّا من الكواكب الأوليّة (protoplanets)، إلى أن انتهى الحال بتشكّل كواكب المجموعة الشّمسيّة (solar system) (Dormand and Woolfson 1989 P: 89-96; Silk 2001, P 106).  تتوافق مكتشفات علم الكون والفلك مع ما قرّره القرآن الكريم: (ءأنتم أشدُّ خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوّاها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها) [النّازعات 27-29].  في البدء خلق الله السّماوات السّبع والأرضين السّبع في ستة أيّام من أيام الله (عمري  2004، خلق الكون). 

بعد انقضاء الأيّام السّتة الخاصّة بخلق السّماء والأرض (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا)، تمدّدت السّماء ( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) .  لقد توسّع الكونُ فتبرَّد وجانب حالة الاتّزان الحراري الثيرموديناميكي فأظلم: (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا) (الشكل).

Description: BBCOMMONX

لقد استغرق الأمر حوالي380,000  سنة حتى تنخفض درجة الحرارة إلى أقلّ من 3000 كلفن ويبدأ التّمايز (Decoupling) بين الإشعاع والمادّة.  وعندها احتُجزت الإلكترونات في مدارات حول النواة، ممّا شكّل الذرات الأولى: الهيدروجين والهليوم ، والتي لا تزال حتى الآن العناصر الأكثر وفرة في الكون.  وفي وقت لاحق يقدّر بحوالي1.6  مليون سنة -400  مليون سنة ، استطاعت قوّة الجاذبيّة أن تشكل النجوم والمجرات من سحب الغاز: (وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) أي وأبرز ضوء نجومها، كقوله تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا).

وأمّا الذّرات الأثقل مثل الكربون والأكسجين والحديد، فهي ومنذ ذلك الحين يتم إنتاجها في قلوب النجوم ذات الكتل الكبيرة، وهي تقذف في جميع أنحاء الكون من خلال الانفجارات النجمية السوبرنوفا

(http://home.web.cern.ch/about/physics/early-universe).

*  لماذا تقترن الأرض بالسّماء في الآيات القرآنيّة، وتقترن الشمس مع القمر؟

يؤكّد القرآن وعلم الكون وكذلك بعض كتب التفسير أنَّ خلق المجموعة الشمسيّة وخلق الكرة الأرضيّة متأخّرٌ عن خلق السّماوات والأرضين، بل إنَّ خلقهما متأخّرٌ عن بدء تخلق مجرّتنا.

قبل حوالي خمسة مليار سنة حدث انفجار سوبرنوفا (انفجار نجم كبير وقديم) داخل مجرتنا .  المجموعة الشمسية بدأت تتكوّن قبل حوالي خمس مليارات سنة من وعلى إثر بقايا هذا الانفجار.  وبعدها أخرج الله سبحانه وتعالى ضحى سماء الأرض بنور الشّمس (عمري  2004، خلق الكون، شكل).  (وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) أي بنور الشّمس، ومن ثمّ (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا).

الشمس تقترن مع القمر لأنّهما وجميع كواكب المجموعة الشّمسيّة وكرتنا الأرضيّة خلقت من أصلٍ واحد.  وهي من أصناف الأجرام الّتي يمكن إبصارها (يصدر عنها إشعاع).

هذا وإنَّ الأرض تقترن بالسّماء لأنَّهما زوجان: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ).  فإذا عنت كلمةُ السّماء البناء، فإنَّ الأرض تعني الأرضين السّبع.  وإذا عنت كلمةُ السّماء العلوّ، فإنَّ الأرض تعني السفول.  وفي الحالتين فإنَّ الأرض هنا لا علاقة لها بالكرة الأرضيّة.  إنَّ السّماء والأرض بمفهوم البناء هما من قبيل المادّة المظلمة.

يُقدّرُ عمر الكون بحوالي 13.78 مليار سنة، وقد مضى من عمر الشّمس فقط حوالي 5 مليار سنة.  بينما مضى على تكوّن القشرة الصلبة للأرض فقط حوالي 4.5 مليار سنة، ومضى أقلّ من ذلك على تكوّن المحيطات الأوّليّة (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا).  لذا فإنّ الأرضين السّبع الّتي خلقت في بدايات خلق الكون هي شيءٌ عظيم خلاف الكرة الأرضيّة.

الأرضون السّبع ليست طبقات الكرة الأرضيّة: إنَّ قبض النَّبيِّ أصابعه وبسطها تمثيل لقبض السّماوات والأرضين وجمعها (في الآخرة) بعد بسطها (في الدّنيا).  ولو كان المقصود هو طبقات لكرتنا الأرضيّة، لكانت مجتمعةً أصلاً.

وإنّ طبقات الكرة الأرضيّة أربع: النّواة الدّاخليّة، النّواة الخارجيّة، أللحاء( mantle)، والقشرة (شكل).

ويختلف حال الكرة الأرضيّة عن حال الأرضين السّبع يوم القيامة.  فحال الأرضين السَّبع هو القبض.  وأمَّا حال الكرة الأرضيّة فهو المدُّ والبسط: (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ).

علماً أنّ تصور سعة السّماء من الوضوح والجلاء ومعروفة بالضرورة لكلّ إنسان مبصر، فإنّ معنى الاستمرارية في التوسعة يتبادر إلى الذهن من الآية (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) 47] الذاريات[.  وليس في الآية دليل على حصر التوسعة على وصف البناء عند خلقه، لأنّ قوله تعالى (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) مطلق غير مقيد بزمن أو حال أو صفة.   وكما هو معلومٌ، فإنّ صيغة اسم الفاعل الواردة (لَمُوسِعُونَ) تدلُّ على الاستمرارية والإنعتاق من الزّمن.  وبالتالي تفيد الاستمرارية، فالخالق سبحانه قادر وذو سعة يرزق خلقه في كل حين، كما أنّه يوسع بناء السّماء في كلّ لحظة.  لقد كانت السّماء واسعة عندما خلقها الله عزّ وجلّ ابتداءً؛ فلقد كان الكون يتوسّع بتسارع كبير (الشكل).  وإنّ التوسّع فيها دائم ومستمر حتى فناء الكون يوم القيامة.

وإنّ قوله سبحانه: (وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) لهو دليل قاطع على استمراريّة فرش الأرض (الأرضين السّبع) ومهادها، فإنّ صيغة اسم الفاعل الواردة (فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) تدلُّ على الاستمرارية والانعتاق من الزّمن.  ويظهر ذلك من خلال الإزاحة الحمراء التي تقضي باستمراريّة فرش ومهاد الأرض (الحاضن الجاذب للمجرّات) حاملة معها المجرّات التي تتباعد عن بعضها البعض بسبب فرش ومهاد الأرض.

يمتلك كلٌّ من الإشعاع والمادّة العاديّة والمادّة المظلمة ضغطاً موجباً؛ وبالتالي تؤثّر جميعها بقوة جذب ثقالي.  بينما تؤكّد النسبيّة العامّة أنّ قّوة تنافر ثقالي تصاحب الطاقة المظلمة أو الضغط السّالب (negative pressure).  ويطلق الضغط السّالب على الحالة التي يكون فيها ضغط منطقة محصورة أقل من ضغط محيطها.  وبالتالي يمتاز الفراغ بجسامة ضغطه السّالب وامتلاكه طاقة مظلمة كبيرة.  لو تخيّلنا أنّ مكبسا (أنقر الشكل: Piston) يغطّي أسطوانة مفرغة.  عند سحب المكبس للخارج يتعاظم الفراغ داخل الأسطوانة، وتزداد طاقته المظلمة بفعل القوّة التي تسحب المكبس للخارج.  في نفس الوقت نلاحظ أنّ الفراغ يؤثّر على المكبس بقوّة للداخل؛ وذلك أنّ ضغطه سالبٌ ([23]).

مباشرة بعيد الانفجار العظيم وأثناء حقبة التضخّم كانت كثافة الطاقة المظلمة كبيرة في الكون؛ وبالتالي كان الكون يتوسّع بتسارع كبير (الشكل).

يوسّع الله سبحانه وتعالى  بناء السّماء، فيتعاظم الفراغ في الكون، وتزداد الطاقة المظلمة.  فينتج عنه فرش ومهاد الأرضين (المادّة المظلمة التي تحضن جاذبيّا مجرّات الكون).  وبالتالي تتباعد المسافات بين المجرّات.

ويدلل على الضغط السالب غيابُ الفطور الذي أكدته الآية الكريمة: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) (ق 6).  "وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوج " قَالَ مُجَاهِد يَعْنِي مِنْ شُقُوق وَقَالَ غَيْره فُتُوق وَقَالَ غَيْره صُدُوع وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَن مِنْ تَفَاوُت فَارْجِعْ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور ثُمَّ اِرْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير " أَيْ كَلِيل عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا أَوْ نَقْصًا (ابن كثير).

الأرصاد الفلكيّة

الأرضون على الرّاجح هي حاضن جذبي يجمع نجوم المجرّات، ويجمع مجرّات العناقيد والصفائح المجريّة الضّخمة.  وكذلك فإنَّ ممَّا ينفي التجاور وأن تكون جميع المجرّات تنتمي لأرض واحدة هو أنَّ الإزاحة الحمراء لأطياف بعض المجرَّات لا تحقّق العلاقة الخطيّة في قانون هابل.  لذا فإنَّ توزيع المجرّات على نطاق كوني واسع يعكس توزيع المادّة المظلمة الباردة المنتظم على شرائح طباق ومتباعدة، وبالتالي يبيِّن شكل الأرضين السَّبع.  لذا فإنَّ الأرضين طباق وفتق إتِّفاقاً بين الآيات والأحاديث.  وهذه الصَّورة رجّحها جمهور المفسِّرين.  وهي تتّفق تماماً مع مكتشفات علم الكون والفلك: فإنَّ الفراغات الكونيّة على نطاق الكون الواسع تؤكّدُ أنَّ الأرضين (الحاضن الجذبي) فتق.  هذا وإذا أخذنا بعين الاعتبار أنَّ الكون متماثل المناحي الاتّجاهيّة (Isotropic)؛ فإنَّ تدوير (الشّكل) في البعدين الزّاويّين       و      ، يعطي الطبقيّة المبيّنة في الشكل. هذا وإنَّ اجتماع المجرّات في شرائح ضخمة تعيد نفسها بشكل دوري يؤكّد أنَّ الأرضين السَّبع فتق وطباق .

الخلاصة

الأرضون السَّبع طباق وفتق، تتوزَّع عليها المجرّات والعناقيد والصفائح المجرّيّة؛ بما يشابه توزيع إلكترونات الذَّرات على المدارات الرئيسة.  بل لعلَّ الأرضين هي ما يسميّه علماء الكون بالمادَّة المظلمة الباردة. فلكلِّ مستوى أو أرض مادَّته المظلمة الّتي تحتضن نصيبها من المجرَّات والعناقيد.  ودليل وجودها هو تأثيرها الجذبي الواضح عندما تكون الدِّراسة على مستوى المجرّة أو العنقود.  وإنّ المادة الكونيّة المظلمة اللازمة لغلق الكون تتواجد خارج العناقيد.  ينسجم هذا الفهم مع النّصوص الواردة في ظلم الأرض.  ويتّفق مع حديث الرّوح الّذي جزم بأنَّ الأرضين طباق: (اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي ‏سِجِّينٍ ‏فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى) . وذكر المفسِّرون: (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) يعني سبعاً طباقاً؛ مبسوطة ومفتوقة في الحياة الدّنيا، بعد أن كانت رتقاً عند بدء الخلق. هذا وسيقبضهنَّ الجبّارُ يوم القيامة.

المصادر

1) القرآن الكريم

2) كتب السّنّة المطهّرة

3) التفاسير:

1) ابن كثير القرشي الدمشقي، عمادالدين أبي الفداء (ت 774 هجري)، تفسير القرآن العظيم، دار الفيحاء (دمشق الطبعة الأولى 1414 هـ -1994 م)، أربع مجلدات.

2) البيضاوي، ناصر الدين الشيرازي، أنوار التنـزيل وأسرار التأويل. ج 1، ص 273.)

3) الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (538-467 هـ) ، الكشاف عن حقائق التّنـزيل وعيون الأقاويل في وجوه التّأويل، دار الفكر (بيروت-لبنان 1397 هـ - 1977 م) ، أربع مجلّدات.  م 2، ص 570.

4) السيوطي، عبدالرحمن جلال الدين، الدّر المنثور في التفسير المأثور911 هـ)، دار الفكر (بيروت-لبنان الطبعة الثانية 1414 هـ - 1993 م)، ثمانية أجزاء.

5) الصابوني، محمد علي، مختصر تفسير بن كثير، دار القرآن الكريم (بيروت- 1402هج- 1981 م). ثلاثة أجزاء.  م 2، ص 506.

6) العمادي، أبي السعود محمد بن محمد (951 هجري)، تفسير أبي السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، دار احياء التراث العربي (بيروت الطبعة الرابعة 1414 هج-1994 م)، تسعة أجزاء.

7) النيسابوري، نظام الدين الحسن بن محمد القمّي (ت 728 هـ)، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، تحقيق زكريا عميرات، دار الكتب العلميّة (بيروت 1416 هـ- 1996 م).  ج 1، ص 210.

المراجع:

1) عمري، حسين، خلق الكون بين الآيات القرآنيّة والحقائق العلميّة، مؤتة للبحوث والدّراسات (سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعيّة)، المجلد 19، العدد 4 ، 2004، ص  1141 .

1) https://eijaz.mutah.edu.jo/univcreation.htm

2) عمري، حسين، الأرضون السبع لغز المادّة المظلمة ، مجلّة كليّة المعارف الجامعة، الأنبار، (2004)، العدد السادس، ص 10.

2) https://eijaz.mutah.edu.jo/sevenardhoan.htm

3) العمري، حسين، بناء السّماء والمادّة المظلمة الباردة دراسة مقارنة بين الفلك والقرآن. مؤتة للبحوث والدّراسات، سلسلة العلوم الإنسانيّة والإجتماعيّة، 2002. م 17، عدد 6، ص 187-211

https://eijaz.mutah.edu.jo/samaacdm.htm

 



[1] الراوي: صهيب بن سنان الرومي القرشي المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 509 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[2] الراوي : صهيب ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم : 2529 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[3] الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدثون : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 6583 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه أحمد (6583) واللفظ له، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (548)، والطبراني في ((الدعاء)) (1714)

ابن كثير ، المصدر : البداية والنهاية، الصفحة أو الرقم : 1/112 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 118395

أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم : 10/87 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 116100

الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم : 809 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم : 4/222 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات ، انظر شرح الحديث رقم 121008

الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الأدب المفرد، الصفحة أو الرقم : 426 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 113267

[4] الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم : 134 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[5] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : الألباني ، المصدر : كلمة الإخلاص وتحقيق معناها، الصفحة أو الرقم : 57 ، خلاصة حكم المحدث : ]إسناده صحيح[

[8] أي هنالك عَدَدٌ (رقم) بدون وحدة قياس؛ فلا يوجد تمييز للعدد: فلا نعلم ما إذا كان العَدَدُ يعبّرُ عن أشخاص ، أو كتب ، أو مساحة ، أو طول ، أو زمن ، أو كتلة ، أو طاقة ، أو درجة حرارة ... ألخ

[9] ) الراوي : أبو هريرة ،  المحدثون

القرطبي المفسر ،  المصدر : تفسير القرطبي ، الصفحة أو الرقم: 15/16 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

القرطبي المفسر ،  المصدر : التذكرة للقرطبي ، الصفحة أو الرقم: 435 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

الوادعي ،  المصدر : الصحيح المسند ، الصفحة أو الرقم: 1338 ،  خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين

البوصيري ،  المصدر : مصباح الزجاجة ، الصفحة أو الرقم: 4/266 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين

 

[10] البيضاوي أنوار التنـزيل وأسرار التأويل. ج 3، ص 221.

[12]) العمري، حسين، بناء السّماء والمادّة المظلمة الباردة دراسة مقارنة بين الفلك والقرآن. مؤتة للبحوث والدّراسات، سلسلة العلوم الإنسانيّة والإجتماعيّة، 2002. م 17، عدد 6، ص 187-211؛ الصابوني، مختصر تفسير بن كثير.  م 2، ص 506؛ الزمخشري، الكشّاف. م 2، ص 570. 

45- Weinberg, the first three minutes pp 48-49.

[13] العمري، حسين، بناء السّماء والمادّة المظلمة الباردة دراسة مقارنة بين الفلك والقرآن. مؤتة للبحوث والدّراسات، سلسلة العلوم الإنسانيّة والإجتماعيّة، 2002. م 17، عدد 6، ص 187-211.

 [14]السيوطي، عبد الرحمن، الدرّ المنثور في التفسير المأثور. ج 1، ص 106-107.

[15] الزمخشري، أبو القاسم جار الله، الكشّاف. م 1، ص 270؛ مجمع اللّغة العربيّة الإدارة العامّة للمعجمات وإحياء التراث، مصر، المعجم الوسيط. دار الدعوة استنبول تركية، ج 1، ص 643.          

[16] ) النيسابوري، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان.  ج 1، ص 210؛ أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم. ج 1 ، ص 78؛ البيضاوي، أنوار التنـزيل وأسرار التأويل. ج 1، ص 273.

[17] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 652 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  شرح الحديث.  التخريج : أخرجه الترمذي (3241)، وأحمد (24856) واللفظ له

[18] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 599 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 85057.  التخريج : أخرجه الترمذي (3241) واللفظ له، وأحمد (24856)

[19] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 3196 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ، انظر شرح الحديث رقم 16329

[20] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 3195 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[. التخريج : أخرجه البخاري (3195)، ومسلم (1612)

[21] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 26224 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (2453)، ومسلم (1612) باختلاف يسير، وأحمد (26224) واللفظ له ، انظر شرح الحديث رقم 138977

[22] الراوي : محمد بن إبراهيم التيمي ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم : 1612 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ، انظر شرح الحديث رقم 11141