قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ

 

جمع وترتيب

 

أ.د. حسين يوسف العمري

Hussain yousef Omari

قسم الفيزياء / جامعة مؤتة / الأردن

rashed@mutah.edu.jo

 


 

الموضوعات

ملخص

المطلب الأول:  هذا القمرُ غاسقٌ إذا وقبَ

الأحاديث

تفسير القرطبي

الرَبّ الخالق

معاني كلمة وقب

تعريف و معنى غاسق في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر

معاني كلمة غاسق

الشمسُ والقمرُ ثورانِ مكوَّرانِ في النارِ يومَ القيامةِ

المطلب الثاني:  يوم القيامة

الفرع الأوّل:  تقارب الزّمان قبيل السّاعة

الفرع الثاني:  الجمع والحشر ودنوّ الشّمس

الفرع الثالث:  من احتمالات التفسير العلمي للآية

قذف الكرة الأرضية بالكويكبات (Bombardment of Earth by Planetoids)

 


 

 

ملخص

يقول تعالى:  (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) (الفلق 3-1).  ويبيّنً لنا الرسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنّ هذا القمر غاسقٌ إذا وقبَ.  إِذَا عبارة عن أداة لما يستقبل من الزمن.  ومعنى الآية: أي نستجير بالله رَبِّنا من شَرِّ سقوط كويكب على كرتنا الأرضيّة.  فإنّ هذا القمر مدمرٌّ لو سقط على الأرض.

المطلب الأول:  هذا القمرُ غاسقٌ إذا وقبَ

نظرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى القمرِ فقالَ: يا عائشةُ استعيذي باللَّهِ من شرِّ غاسقٍ إذا وقبَ هذا غاسقٌ إذا وقبَ.

الأحاديث

(أخذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدي فنظرَ إلى القمرِ فقالَ: يا عائشةُ استعيذي باللَّهِ من شرِّ غاسقٍ إذا وقبَ هذا غاسقٌ إذا وقبَ) ([1]) .  (تَعوَّذي باللهِ من شَرِّ هذا الغاسِقِ إذا وَقَبَ.) ([2]) .  (استعيذي باللهِ من هذا يعني القمرَ فإنَّه الغاسقُ إذا وقب) ([3]) .

 (أخذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِيَدِي، فنظر إلى القمرِ، فقال : يا عائشةُ ! استعيذي باللهِ ( مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) ؛ هذا غاسِقٌ إذا وقب .) ([4])

(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فَإِنَّ هَذَا هو الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ.) ([5])

شرح الحديث (رقم 36279 )

تَحْكي عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نظَر إلى القمَرِ، فقال: "يا عائشةُ، استَعيذي باللهِ"، أي: الْتَجِئي واحتَمي باللهِ "مِن شرِّ هذا"، أي: مِن القمَرِ؛ "فإنَّ هذا هو الغاسِقُ"، أي: المذكورُ في الآيةِ ( مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) ، والغاسِقُ كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "إذا وَقَب"، أي: دخَل في ظَلامِه، وقيل: إذا خُسِف فاسْوَدَّ، فكأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُنبِّهُ على خُسوفِ القَمرِ، وأنَّه آيةٌ مِن آياتِ اللهِ.  وهو من أحداث وأهوالٍ يومِ القيامةِ: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة 9-6 ).

وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الغاسِقَ هو القمَرُ.  وفيه الأمرُ بالاستعاذةِ مِن الغاسِقِ إذا وقَب يوم القيامةِ.

(أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال هو القمر [ أي { غاسق إذا وقب } ]) ([6])

(نظرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى القمرِ فقال اسْتعيذِي باللهِ مِنْ شرِّهِ فإنَّهُ الغاسقُ إذا وقبَ) ([7])

(أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نظر إلى القمرِ فقال يا عائشةُ استعيذي باللهِ فإنَّ هذا الغاسقُ إذا وقبَ) ([8])

(أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نظر إلى القمرِ فقال : يا عائشةُ استعيذي باللهِ من شرِّ هذا ، قال : هذا الغاسقُ إذا وقبَ) ([9])

(أخذَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بيدَيَّ فإذا القَمرَ حينَ طلعَ فقالَ تعوَّذي باللَّهِ من شرِّ هذا الغاسِقِ إذا وقَبَ) ([10])

(استعيذِي باللهِ مِنْ شَرِّ هذاْ ، فإنَّهُ الغاسقُ إذا وَقَبَ - يعني القمرَ) ([11])

(يا عائشةُ ! استَعِيذِي باللهِ من شَرِّ هذا ، فإنَّ هذا هو الغاسقُ إذا وقب - يعني القمرَ -) ([12])

(أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - نظرَ إلى القمَرِ ، فقالَ : يا عائشةُ استَعيذي باللَّهِ من شرِّ هذا، فإنَّ هذا هوَ الغاسِقُ إذا وقَبَ .) ([13])

- حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ) ([14]).

تفسير القرطبي

الْغَسَق : أَوَّل ظُلْمَة اللَّيْل ؛ يُقَال مِنْهُ : غَسَقَ اللَّيْل يَغْسِق أَيْ أَظْلَمَ . ... . وعَلَى هَذَا التَّفْسِير " وَقَبَ " : أَظْلَمَ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس .  وَالضَّحَّاك : دَخَلَ . قَتَادَة : ذَهَبَ . يَمَان بْن رِئَاب : سَكَنَ . وَقِيلَ : نَزَلَ ; يُقَال : وَقَبَ الْعَذَاب عَلَى الْكَافِرِينَ ؛ نَزَلَ . قَالَ الشَّاعِر : وَقَبَ الْعَذَاب عَلَيْهِمُ فَكَأَنَّهُمْ لَحِقَتْهُمُ نَار السَّمُوم فَأُحْصِدُوا وَقَالَ الزَّجَّاج: قِيلَ اللَّيْل غَاسِق لِأَنَّهُ أَبْرَد مِنْ النَّهَار . وَالْغَاسِق : الْبَارِد . وَالْغَسَق : الْبَرْد ... . قَالَ الْقُتَبِيّ : " إِذَا وَقَبَ " الْقَمَر: إِذَا دَخَلَ فِي سَاهُوره ، وَهُوَ كَالْغِلَافِ لَهُ ، وَذَلِكَ إِذَا خُسِفَ بِهِ .  ساهور (اسم) :

السَّاهُورُ : دَارَةُ القَمَر

السَّاهُورُ : التِّسعُ البَواقِي من ليالي الشَّهْرِ

السَّاهُورُ : ظِلُّ الساهِرَة ، وَجْه الأَرضِ

السَّاهُورُ من عين الماء : أَصلُهَا ومَنْبَعُ مائِها

وَكُلّ شَيْء أَسْوَد فَهُوَ غَسَق. وَقَالَ قَتَادَة : " إِذَا وَقَبَ " إِذَا غَابَ ... . وَقِيلَ : الْغَاسِق : الْحَيَّة إِذَا لَدَغَتْ. وَكَأَنَّ الْغَاسِق نَابهَا; لِأَنَّ السُّمّ يَغْسِق مِنْهُ ؛ أَيْ يَسِيل . وَوَقَبَ نَابهَا : إِذَا دَخَلَ فِي اللَّدِيغ . وَقِيلَ : الْغَاسِق : كُلّ هَاجِم يَضُرّ، كَائِنًا مَا كَانَ ؛ مِنْ قَوْلهمْ : غَسَقَتْ الْقُرْحَة: إِذَا جَرَى صَدِيدهَا .

وقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :  (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ). الْغَاسِقُ اللَّيْلُ إِذَا لَبِسَ الْأَشْيَاءَ وَغَطَّاهَا ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ هُجُومُهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ هُجُومَ السَّيْلِ.

الرَبّ الخالق

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ الْفَلَق * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ }. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْفَلَق، فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ سِجْن فِي جَهَنَّم يُسَمَّى هَذَا الِاسْم . ... و الْفَلَق : جُبّ فِي جَهَنَّم مُغَطًّى... وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء جَهَنَّم . وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَلَق : الصُّبْح . .... وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَلَق : الْخَلْق ، وَمَعْنَى الْكَلَام: قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ الْخَلْق . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ ، أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول : { أَعُوذ بِرَبِّ الْفَلَق } وَالْفَلَق فِي كَلَام الْعَرَب : فَلَق الصُّبْح ، تَقُول الْعَرَب : هُوَ أَبْيَن مِنْ فَلَق الصُّبْح ، وَمِنْ فَرَق الصُّبْح . وَجَائِز أَنْ يَكُون فِي جَهَنَّم سِجْن اِسْمه فَلَق . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَضَعَ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ { بِرَبِّ الْفَلَق } بَعْض مَا يُدْعَى الْفَلَق دُون بَعْض ، وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره رَبّ كُلّ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْء ، وَجَبَ أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ كُلّ مَا اِسْمه الْفَلَق ، إِذْ كَانَ رَبّ جَمِيع ذَلِكَ (الطبري).  فاللّه هو الرّبُ الخالق لكلّ شيء : فيتوجّب إطلاق المعاني وعدم تقييدها.

معاني كلمة وقب

تعريف و معنى وقب في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر، معجم كلمات القران، المعجم الرائد، معجم الأصوات ([15])

(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)  ( الفلق: 3).

وَقَبَ: (فعل)

وقَب اللّيلُ : دَخَل في كُلِّ شيءٍ وشمله بظلامه .

وقب الظّلامُ : جاء وأقبل ، دخل على الناس وانتشر.

وقب : أقبل وجاء .

وقب : دخل في الوقب .

وَقَبَتِ الشَّمْسُ : غَابَتْ

وَقَبَ القَمَرُ : دَخَلَ فِي الخُسُوفِ

وَقَبَتِ العَيْنَانِ : غَارَتَا

وَقَبَ الوَلَدُ : غَارَتْ عَيْنَاهُ

الوَقْبُ : نُقْرَةٌ في الصَّخْرَة يجتمع فيها الماء ، أَو هو نحو البئر في الصَّفا تكون قامةً أَو قامتين .

وَقْبُ الصَّخْرَةِ : نُقْرَتُهَا ، أَيِ الْحُفْرَةُ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ

الوَقْبُ : كلُّ نُقرة في الجسد ، كنقرة العين والكتف

الوَقْبُ مِن المَحَالة (الرافعة أو البكرة العظيمة): ثَقْبٌ يدخل فيه المِحْوَرُ

وَقْبُ الشَّيْءِ : كُوَّتُهُ

 الأَوْقابُ : الكُوَى ، واحدُها وَقْبٌ ‏ .

‏ والوَقْبةُ : كُوَّة عظيمة فيها ظِلٌّ ‏[16] .

‏ والوَقْبُ والوَقْبةُ : نَقْرٌ في الصَّخْرة يجتمع فيه الماءُ ؛ وقيل : هي نحوُ البئر في الصَّفَا ، تكون قامة أَو قامتين ، يَسْتَنْقِـع فيها ماءُ السماء ‏ .

وكلُّ نَقْرٍ في الجَسدِ : وَقْبٌ ، كنَقْرِ العين والكَتِفِ. ‏ ووَقْبُ العَيْن : نُقْرَتُها ؛ تقول : وَقَبَتْ عَيْناه ، غارَتَا ‏ . ‏ وفي حديث جَيْشِ الخَبَطِ : فاغْتَرَفْنا من وَقْبِ عَيْنه بالقِلالِ الدُّهْنَ ؛ الوَقْبُ : هو النُّقْرة التي تكون فيها العين الإِيقابُ إِدْخالُ الشيءِ في الوَقْبةِ .

ووَقَبَ الشيءُ يَقِبُ وَقْباً : دَخَلَ ، وقيل : دَخَل في الوَقْبِ ‏.

وأَوْقَبَ الشيءَ : أَدْخَلَه في الوَقْبِ ‏.

ورَكِـيَّةٌ وَقْباءُ : غائرةُ الماء .

‏والوُقُوبُ : الدُّخُولُ في كل شيء ؛ وقيل : كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ وَقْباً ‏ .

‏ووَقَبَ الظلامُ : أَقْبَلَ ، ودخَل على الناس ؛ قال الجوهري : ومنه قوله تعالى : ومن شَرِّ غاسقٍ إِذا وَقَبَ ؛ قال الحسنُ : إِذا دخَل على الناس .

‏وأَوْقَبَ القومُ : جاعُوا.

معاني كلمة غاسق

تعريف و معنى غاسق في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر. قاموس عربي عربي ([17])

أغسق المؤذّن : أخَّر أذانَ المغرب إلى غسَق اللّيل ، أي أوله حين يختلط الظلام .

أغسق فلان : صار في الغَسَق ، أي ظُلْمة الليل .

ما يسيل من جلود أهل النار وصديدهم من قيحٍ ونحوه :- { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ {

الغَسَاقُ ما يَسيلُ من جلود أَهل النار وصديدهم .

وعليه قُرِئ : { إلا حميما وغَسَّاقا } (النبأ : 25).

الغَسَّاقُ البارد المُنتِن يُخفف (الغَسَاقُ) ويُشدد وقُرئ بهما قوله تعالى { إلا حميما وغَسَّاقا }

غاسِق: اسم فاعل من الفعل غَسَقَ

لَيْلٌ غَاسِقٌ : لَيْلٌ اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ

جَرَى دَمْعٌ غَاسِقٌ مِنْ عَيْنَيْهِ : دَمْعٌ مَمْلُوءٌ حُزْناً وَغَمّاً

بَلَغَ الغَاسِقُ تَمَامَهُ : القَمَرُ

عين غاسِقة : إذا أظلمت ودمعت

الغاسِق :

غَسَقَ اللَّيْلُ : أَظْلَمَ ، اشتدَّت ظلمتُه .  لَيْلٌ غَاسِقٌ :  لَيْلٌ اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ

غَسَق: ظلمة اللّيل . دخولُ أوّله حين يختلط الظّلامُ .  يستمّر في عمله من الصباح حتَّى الغسَق ، { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } .

الغَاسِقُ القمرُ إِذا أَظلم بالخسوف: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } (الفلق آية 3) .  غَسَقَ القَمَرُ : أَظْلَمَ سَاعَةَ الْخُسُوفِ : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ).

يوم القيامة يظلم القمر ؛ فهو يعكس ضياء الشمس التي ستصبح نجم قزم أبيض يوم القيامة: (إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ) (التكوير 2-1)، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة 9): قَالَ مُجَاهِد كُوِّرَا.  يوم القيامة يخسف القمر ويذهب ضوءه؛ كما توضح الآيات:

(يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة 9-6 ).  (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) : أَيْ ذَهَبَ ضَوْءُهُ . (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ).  قَالَ مُجَاهِد كُوِّرَا وَقَرَأَ اِبْن زَيْد عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ " .  فالجمع هو التكوير ؛ فتضغط مادة الشمس مع توقف تفاعلات الإندماج النووي داخلها لتصبح نجم قزم أبيض.  كما تضغط مادة النجوم مع توقف تفاعلات الإندماج النووي داخلها لتصبح ذات كثافة عالية (compact stars) .

 وَرُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَ " وَجُمِعَ بَيْن الشَّمْس وَالْقَمَر"  ، ولعلها من القراءات المنسوخة؛ أو الشّاذة.  فيكون المعنى أنّ الشمس تبتلع مادة القمر أو جزءا كبيرا منها من خلال ما يعرف بعملية النماء (accretion) .  أو كما جاء في الحديث : (الشمسُ و القمرُ ثورانِ مكوَّرانِ في النارِ يومَ القيامةِ) ؛ هذا الجمع أنهما يجتمعان في النار ولا يفترقان.  وفي مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل :  (وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) (القيامة : [8]) أظلم وذهب نوره وضوءه .

(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة 9): صارا أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران . وقيل : يجمع بينهما في ذهاب الضياء . وقال كعطاء بن يسار : يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في النار . وقيل : يجمعان فيطلعان من المغرب .

الشمسُ و القمرُ ثورانِ مكوَّرانِ في النارِ يومَ القيامةِ

 (الشمسُ و القمرُ ثورانِ مكوَّرانِ في النارِ يومَ القيامةِ) ([18] )

(الشمسُ والقمرُ ثوران مكوَّران في النارِ يومَ القيامةِ) ([19])

(إنَّ الشمسَ و القمرَ ثَوْرانِ عَقيرانِ في النَّارِ) ([20])

(عن عبدِ اللهِ الدَّاناجِ، قال: شهِدْتُ أبا سَلَمةَ بنَ عبدِ الرَّحمنِ جلَس في مسجِدٍ في زمنِ خالدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ خالدِ بنِ أَسيدٍ قال: فجاء الحَسنُ فجلَس إليه فتحَدَّثا فقال أبو سَلَمةَ: حدَّثنا أبو هُرَيْرةَ عنِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ قال: الشَّمسُ والقمرُ ثَوْرانِ مُكَوَّرانِ يومَ القِيامةِ، فقال الحَسنُ: ما ذَنْبُهما؟ فقال: إنَّما أُحدِّثُكَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسكَت الحَسنُ.) ([21])

قيلَ: إنَّ الشمسَ والقمرَ خُلِقا مِنَ النَّارِ، فأُعيدا فيها، ولا يَلزَمُ مِن جَعلِهما في النارِ تَعذيبُهما؛ فإنَّ اللهَ تعالَى خَلَقَ لِلنَّارِ مَلائِكةً لِتَكونَ عَذابًا لِأهلِ النَّارِ ؛ وهؤلاء الملائكة والذين هم خزنة النار لا يتأذون من النار رغم وجودهم فيها.

(الشمسُ و القمرُ يُكورانِ يومَ القيامةِ) ([22]) .

(عن ابنِ مسعودٍ في قولهِ تعالى { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ } قال : طلوعُ الشمسِ مع القمرِ من مغربِها كالبعيرَينِ القرِنَينِ) ([23])

غَسَقَتْ عَيْنُهُ : دَمَعَتْ .  عين غاسِقة : إذا أظلمت ودمعت.   والصورة المشابهة في حالة القمر يوم القيامة هي انصهار سطح القمر مع دنوه من الشمس (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة: 9 ).  فتبتلع الشمس هذه الصهارة (دمعت) من خلال ما يعرف بعملية النماء ؛ حيث تسقط الصهارة على الشمس كما ينهمر المطر الغزير من السحابة على سطح الأرض.  وأما الظلمة فسببها أنّ الشمس تصبح نجم قزم أبيض.

غَسَقَتِ السَّمَاءُ : أَظْلَمَتْ وَأَمْطَرَتْ .  والصورة المشابهة في حالة القمر يوم القيامة هي قتامة سطحه عندما تصبح الشمس نجم قزم أبيض : (إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ).  وتمطرُ مادّتُه الشمسَ بفعل قوة جاذبيتها للقمر.

غسق ،  يغسق ، غسقا وغسقا وغسقانا :

غسق الغيم : نزل مطرا .  غسَقتِ السَّماءُ : أظلمت و أنزلت المطر.  غسَق الغيمُ : نزل مطرًا.  غَسَقَ الْمَاءُ: اِنْصَبَّ.

غسَقَتِ العينُ : أظلمت ودَمعت ، وقيل : انصبَّت

غَسَقَ اللَّبَنُ ،  وغَسَق اللبنُ غَسْقاً : انصب من الضَّرْع .

غَسَقَ الْجُرْحُ : سَالَ مِنْهُ مَاءٌ أَصْفَرُ

هذه الصور الأخيرة يناظرها في حالة القمر يوم القيامة ما ذُكر آنفاُ من انصهار سطح القمر مع دنوه من الشمس .  والانصهار تعكسه معاني المفردات (سَالَ ، نزل، اِنْصَبَّ ، دمعت).  ، ثمّ أنّ الشمس تجذب إليها صهارة القمر؛ فتسقط عليهما كما تسقط حبات المطر الغزير من السحاب على سطح الأرض.  لكن السقوط هنا يكون بسرعات كبيرة وبطاقة حركية كبيرة جدّاً.  وأما الظلمة فناتجة عن جمع الشمس يوم القيامة على صورة نجم قزم أبيض: (إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ) (التكوير 2-1)، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ).

المطلب الثاني:  يوم القيامة

الفرع الأوّل:  تقارب الزّمان قبيل السّاعة

- (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار) (الألباني، صحيح الجامع 7، مشكاة المصابيح، 3765).

- السنة كالشهر:  زمن دورة الأرض حول الشّمس قلّت بنسبة 0.083 ، وحسب قانون كبلر الثالث (الشكل):

 

حيث  نصف المحور الرّئيس، و  زمن دورة الأرض حول الشّمس .  إذن بعد الأرض عن الشّمس تناقص ليصبح حوالي   من القيمة الحاليّة.  إذن لا تقوم الساعة حتى تقترب كرتنا الأرضيّة من الشّمس، وعند حصول المزيد من الاقتراب يصبح النَّهار سرمديّاً (Synchronous Rotation): معظم الكواكب التي ترتبط بنجوم مثل شمسنا ويكون بعدها عن شمسها أقل من0.15 AU تكون قيم التغاير المركزي لمداراتها أقل من 0.05.  وبالتالي، يفترض تزامن دورة هذه الكواكب حول نفسها مع زمن دورانها حول نجمها (Bodenheimer et al 2001).  وبالتالي فإنَّ نفس الوجه من الكوكب هو الّذي يقابل نجمه دائماً.  ويشبهه حال القمر الآن مع الأرض؛ ممّا يجعلنا دائماً نرى أحد وجهي القمر(Parker 1984، p. 157).  وبيّنت الأحاديث أن هذا الأمر سيحصل للكرة الأرضيّة يوم القيامة؛ حيث ستقترب الأرض كثيرا من الشّمس (بحث مدّ الأرض : عمري).  وبالتالي هذا ما سيحصل للقمر أيضاً ليبقى مخسوفاً كما يتبين من المعنى أللغوي : وَقَبَ القَمَرُ : دَخَلَ فِي الخُسُوفِ .  ولبيانه؛ فإنّ كتلة الشمس  ، بينما كتلة الأرض   .  كتلة الشمس تزيد على كتلة الأرض بحوالي 334806 ضعف.  وبالتالي مع دنو الشمس يوم القيامة؛ فإنّ الشمس ستنتزعُ القمر ولا يعود تابعاً للأرض : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [القيامة 9]، (وَجُمِعَ بَيْن الشَّمْس وَالْقَمَر).  والوُقُوبُ : الدُّخُولُ في كل شيء ؛ وقيل : كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ وَقْباً.  سيغيبُ القمرُ عن حاضنة الأرض ليلتحق بالشمس.  ومع هذا الانتزاع ترجُّ الأرضُ : (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ) (الواقعة: 4).

الفرع الثاني:  الجمع والحشر ودنوّ الشّمس

ويتزايد الاقتراب في الجمع والحشر: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [القيامة 9].  إنَّ الشّمس تدنو يوم القيامة حيث يبعث الله محمداً مقاماً يحمده أهل الجمع كلهم.  إنّ الأحاديث الشّريفة الّتي تؤكّد هذا الأمر عديدة، ومنها:

- ( تُدْني الشمسُ ، يومَ القيامةِ ، مِنَ الخلقِ ، حتى تكونَ منهمْ كمقدارِ ميلٍ . قال سليمُ بنُ عامرٍ : فواللهِ! ما أدري ما يعني بالميلِ ؟ أمسافةُ الأرضِ ، أمْ الميلُ الذي تَكتحلُ بهِ العينُ . قال : فيكونُ الناسُ على قدرِ أعمالِهمْ في العرقِ . فمنهمْ مَنْ يكونُ إلى كعبيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى ركبتيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى حقويهِ . ومنهمْ مَنْ يُلجمُهُ العرقُ إلجامًا . قال وأشارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى فيهِ) (الراوي: المقداد بن الأسود المحدث:مسلم - المصدر:صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم:2864، خلاصة حكم المحدث:صحيح ).

شرح الحديث: يومُ القيامةِ يومٌ عظيمٌ، وأهوالُه ومَواقفُه مُتعدِّدةٌ، منَ الحَشرِ، وانتِظارِ الحِسابِ، والمرورِ على الصِّراطِ وغيرِ ذَلك، ومِن أَوائلِ تلكَ المَواقفِ أن يَجمعَ اللهُ الخَلائقَ في ذلكَ المَحشرِ العَظيمِ فيَشتدَّ الكَرْبُ، وتَدنو الشَّمس منَ الرُّؤوسِ فتَشتدُّ الحرارةُ، وتَرشحُ الأَجسامُ بالعَرقِ الغزيرِ.

وفي هذا الحَديثِ تَدنِّي الشَّمس يومَ القيامةِ منَ الخَلقِ، حتَّى تكونَ منهم كمِقدارِ مِيلٍ، قال سُليمُ بنُ عامرٍ: فَواللهِ ! ما أدْري ما يَعني بالمِيلِ؟ أَمسافةُ الأرضِ، أمِ الميلُ الَّذي تَكتِحلُ به العينُ.  فيَكونُ النَّاس على قَدرِ أَعمالِهم في العَرَقِ، فمِنهم مَن يَكونُ إلى كَعبيْه، ومِنهم مَن يَكونُ إلى رُكبتَيْه، ومِنْهم مَن يَكونُ إلى حِقوَيْه، وهوَ مَعقِدُ الإِزار، أو طَرفا الوَركَيْنِ، ومِنهم مَن يَلجُمُه العرقُ إلجامًا، أي: يصلُ إلى فيهِ وأُذنَيْه فيكونُ له بمَنزلَةِ اللِّجامِ منَ الحَيواناتِ، كَما قالَ الرَّاوي: (وأَشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بيدِه إلى فيهِ)، فَتَتراكمُ في هذا الموقفِ الأَهوالُ، وتَدنو الشَّمسُ، ويَكونُ زحامُ بعضِهم بعضًا، فيُشدَّد أمرُ العَرقِ على البعضِ ويُخفَّف على البَعض بحَسَبِ أَعمالِهم

( . . . إن الشّمس تدنو يوم القيامة، حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم. وزاد عبد الله: حدثني الليث: حدثني ابن أبي جعفر: فيشفع ليقضي بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم) (صحيح البخاري، الجامع الصحيح 4147).

- (إن الشّمس تدنو، حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم، فيقول: لست صاحب ذلك، ثم بموسى، فيقول كذلك، ثم بمحمد، فيشفع بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقه الجنة، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم) (الألباني، السلسلة الصحيحة، 2460) .

(تدنو الشمس يوم القيامة على قيد ميل ويزاد في حرها كذا وكذا تغلي منها الهام كما تغلي القدور يعرقون فيها على قدر خطاياهم فمنهم من يبلغ إلى كعبيه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه) (الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث:البوصيري - المصدر:إتحاف الخيرة المهرة- الصفحة أو الرقم:8/165، خلاصة حكم المحدث:رواته ثقات )

- (تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ) (الراوي: المقداد بن الأسود المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:2933، خلاصة حكم المحدث:صحيح)

- (تدنو الشمس من الأرض ، فيعرق الناس ، فمن الناس من يبلغ عرقه كعبيه ، [ ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق ] ، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه ، ومنهم من يبلغ إلى العجز ، ومنهم من يبلغ إلى الخاصرة، ومنهم من يبلغ عنقه ، ومنهم من يبلغ وسط فيه – وأشار بيده فألجم فاه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير هكذا - ، ومنهم من يغطيه عرقه ؛ وضرب بيده إشارة ) (الراوي: عقبة بن عامر المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الموارد- الصفحة أو الرقم:2189، خلاصة حكم المحدث:صحيح )

أنظر الملحق للمزيد من أحاديث الشفاعة ([i]) .

وإنّ اقتراب الشمس من الأرض قد يكون في مرحلة تصبح الشمس فيها عملاقا أحمر (Red giant).  أو في مرحلة القزم الأبيض ذي الكثافة العالية (compact white dwarf star).

يوم القيامة قد ينشقق القمر (اقتربت الساعة وانشق القمر)، ولربما ينصهر سطح القمر مع دنوه من الشمس (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة: 9 ) .  فتبتلع الشمس مادة القمر أو جزءا منها من خلال ما يعرف بعملية النماء (accretion).  تسقط مادة القمر باتجاه الشمس بسرعة تزيد على سرعة الصوت، ويتحول جزء من كتلة القمر وطاقة وضعه إلى طاقة حركية ثمّ حرارية تشعها الشمس يوم تكون قريبة من الأرض كما تبين من الأحاديث السابقة: ( تُدْني الشمسُ ، يومَ القيامةِ ، مِنَ الخلقِ ، حتى تكونَ منهمْ كمقدارِ ميلٍ).  هذه الطاقة قد تكون بعض أشكال الدخان المشار له في الآية الكريمة: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الدّخان 10-11].  ولو قدّر لبعض أجزاء القمر أن تسقط على الأرض، فإنها ستصطدم معها بسرعة كبيرة تحدث فوهات وحفر كبيرة على سطح الأرض.

الفرع الثاني:  من احتمالات التفسير العلمي للآية

يبين الشكل الجهد الجاذبي للشمس في مواقع الكواكب القريبة من الشمس (gravitational potential (GJ/kg)in the near solar system) .  ويبيّن الجهد الجاذبي الذي تؤثر به الأرض على القمر ([24]).  المنحنيان يشبهان البئر، وطاقة حركة الجرم هي التي تحدد قدرته على الابتعاد عن قعر البئر.

الشكل 1: الجهد الجاذبي للشمس في مواقع الكواكب القريبة من الشمس (gravitational potential (GJ/kg)in the near solar system) .  والجهد الجاذبي الذي تؤثر به الأرض على القمر.

The gravitational field of a planet or star is like a well. The kinetic energy of a satellite in orbit or a person on the surface sets the limit as to how high they can "climb out of the pit.

 

Effective Potential

Figure 2: A contour plot of the effective potential (not drawn to scale!).:  We see that the Lagrangian points L4 and L5 correspond to hilltops and L1, L2 and L3 correspond to saddles (i.e. points where the potential is curving up in one direction and down in the other). This suggests that satellites placed at the Lagrange points will have a tendency to wander off (try sitting a marble on top of a watermelon or on top of a real saddle and you get the idea). But when a satellite parked at L4 or L5 starts to roll off the hill it picks up speed. At this point the Coriolis force comes into play - the same force that causes hurricanes to spin up on the earth - and sends the satellite into a stable orbit around the Lagrange point. (originally written (with mathematical equations) by Neil J. Cornish as part of WMAP's education and outreach program.)

 

طاقة الوضع الجاذبي  لجسم كتلته  على بعد  من مجال جاذبي لجسم كتلته  هي

لو بسّطنا الصورة وفرضنا أنّ الجسم ذا الكتلة  يدور في مسار دائري حول الجسم ذي الكتلة الكبيرة  ، فإنّ القوة المركزية هي

الطاقة الحركية للجرم  الذي يدور في مسار دائري هي

الطاقة الحركية للجرم الذي يدور في مسار دائري هي التي تحدد بعده  عن الكتلة (الأكبر) الجاذبة له.

لو عدنا للمعاني اللغوية السابقة: ذُكر أنّ الْغَاسِق : كُلّ هَاجِم يَضُرّ، كَائِنًا مَا كَانَ؛ وفي الحديث الشريف: (فإنَّ هذا هوَ الغاسِقُ إذا وقَبَ).  والمعاني للكلمة وقب: دَخَلَ ، نَزَلَ ، أقبل وجاء .  في ضوء هذه المعاني يمكننا القول أنه عندما يتناقص بعد القمر عن الأرض (إذا وقب: دَخَلَ ، نَزَلَ، أقبل وجاء)، تزداد طاقته الحركية مقابل نقص طاقة الوضع ؛ فينقضّ القمرُ باتجاه الأرض.

المعنى اللغوي وَقَبَ : سَكَنَ يفيد اضمحلال طاقة القمر الحركية؛ فيهوي القمرُ ويسقط باتجاه الأرض ؛ كما حال طائرة يتعطل محركها أو ينفد وقودها.

يبين الشكل رقم 2 أنّ القمر يقع داخل فوّهة الجهد الجاذبي لكرة الأرض ؛ وبالتالي فهو غاسقٌ إذا وقب.

قذف الكرة الأرضية بالكويكبات (Bombardment of Earth by Planetoids)

إنَّ الكرة الأرضيّة فتقٌ وطبقاتها متمايزة، بعد أن كانت رتقاً ومنصهرة في بداية تشكّلها.  إنّ فصل الستار عن القلب يتطلب صهر غالبية الكرة الأرضية، وهذا يدعم نظرية أن الأرض في بداياتها قد قذفت مراراً بكويكبات كبيرة (large planetoids) (شكل، شكل) ([25]) ، أكبرها كان بحجم المريخ (Mars) وقبل حوالي 4.5 مليار سنة، مما أسهم في صهر معظم الكرة الأرضيّة، وتسبّب في الفصل بين القلب والستار (Minarik et al.، 1996) ، وكان سببا لتخلق القمر.

وإنَّ قذف الأرض بالكويكبات هو بعضٌ من إيحاءات الآيات الكريمة: (وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا) (الحجر سورة 15 آية 19، ق سورة 50 آية 7)، (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ) (الرعد سورة 13 آية 3).

سؤال: هل من الممكن أن يكون من ضمن الأحداث الكونية المروعة قبيل يوم القيامة أن تصطدم بعض هذه الكويكبات بالأرض لتسهم ببعض أشكال مدّ الأرض يوم القيامة: (وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ) (الانشقاق 3): وَإِذَا الأرْض بُسِطَتْ ، فَزِيدَ فِي سَعَتهَا: " إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَدَّ اللَّه الأرْض حَتَّى لا يَكُون لِبَشَرٍ مِنْ النَّاس إِلا مَوْضِع قَدَمَيْهِ" (ابن كثير، جـ 4، ص 296؛ الطبري 1995، م 15 ، ص 214) . وعَنْ مُجَاهِد ، قَوْله: { مُدَّتْ } قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة (الطبري ، م 15 ، ص 214).  وذكر القرطبي: أَيْ بُسِطَتْ وَدُكَّتْ جِبَالهَا: (تُمَدُّ مَدَّ الأدِيم). قَالَ اِبْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود : وَيُزَاد وَسِعَتهَا كَذَا وَكَذَا ; لِوُقُوفِ الْخَلائِق عَلَيْهَا لِلْحِسَابِ حَتَّى لا يَكُون لأحَدٍ مِنْ الْبَشَر إِلا مَوْضِع قَدَمه، لِكَثْرَةِ الْخَلائِق فِيهَا (القرطبي 1996، م 10، جـ 19، ص 177). لو قُدّر لبعض هذه الكويكبات أن تقذف كوكب الكرة الأرضية لكان فيه تجسيد وتصوير لكل المعاني أللغوية لكلمات الآية الكريمة: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)  ( الفلق: 3).  وللحديث الشريف: (أخذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدي فنظرَ إلى القمرِ فقالَ: يا عائشةُ استعيذي باللَّهِ من شرِّ غاسقٍ إذا وقبَ هذا غاسقٌ إذا وقبَ)  (شكل، شكل).  كما يتضح من هذين الشكلين؛ فإنّ القمر أو أي من الكويكبات الكبيرة مدمرٌ لكلّ أشكال الحياة لو قدر له السقوط على الكرة الأرضيّة.  ونلاحظ دقة أللفظ في الحديث الشريف : (هذا غاسقٌ إذا وقبَ)، (هذا الغاسقٌ إذا وقبَ).  ومن دقة أللفظ في الحديث الشريف؛ أنّ معناه لا يجزم بسقوط القمر على الأرض.  وهذا قد لا يكون؛ حيث أنّ القمر (أو جزءا منه) سيسقط يوم القيامة على الشمس : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة: 9 ) ، وَرُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَ (وَجُمِعَ بَيْن الشَّمْس وَالْقَمَر) .   أي: أنّ الشمس تبتلع مادة القمر أو جزءا منها من خلال ما يعرف بعملية النماء (accretion).  وذُكر آنفاً أنّ الشمس ذات الكتلة الهائلة عندما تدنو من الأرض يوم القيامة، فإنّها ستختطف القمر ليصبح ملاصقا وتابعاّ لها.

قال الرسول (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ): (هذا غاسقٌ إذا وقبَ)؛ وإن كان قوله في بعض الروايات الغاسقُ إذا وقبَ.  إنّ القول الأول (هذا غاسقٌ إذا وقبَ) لا ينفي عن غيره من أجرام السماء هذه الصفة (غاسقٌ إذا وقبَ).  وبالتالي؛ يمكن القول:  إنّ الثقب الأسود غاسقٌ (مظلمٌ) وهو شرٌّ مدمّرٌ إذا وقب (وقب : أقبل وجاء).  الثقب الأسود هو أكثر الأجرام ظلمة؛ حتى الضوء لا يستطيع أن يفلت من جذبه داخل أفق الحدث (event horizon).  و الثقب الأسود أشدُّ الأجرام بلاءً وفتكاً إذا أقبل وجاء؛ فهو بفعل قوة جذبه الهائلة يبتلعُ كلّ شىء في محيطه.

المصادر

1) القرآن الكريم

2) كتب السّنّة المطهّرة

3) التفاسير:

القرطبي

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

المراجع

العمري، حسين يوسف راشد وآخرون .  الإعجاز الفيزيائي في آيات مدّ الأرض على الرابط:

www.quraan-physics.com/eijaz/eartharabic.htm

https://eijaz.mutah.edu.jo/eartharabic.htm

المراجع الأجنبية

 

 

 



[1] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم: 3/24 ، خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]

[2] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 24323 ، خلاصة حكم المحدث : حسن.  التخريج : أخرجه الترمذي (3366)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10138)، وأحمد (24323) واللفظ له

[3] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم : 372 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه الترمذي (3366)، وأحمد (25844)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10137) ، انظر شرح الحديث رقم 80033

[4] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : الألباني،  المصدر: تخريج مشكاة المصابيح ، الصفحة أو الرقم:  2409 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه أحمد (25752)

[5] الراوي : عائشة أم المؤمنين ،  المحدثون : الترمذي ،  المصدر : سنن الترمذي ، الصفحة أو الرقم: 3366 ،  خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح ؛ الألباني ،  المصدر : صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم: 3366 ،  خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

[6] الراوي : - ،  المحدث : ابن العربي ،  المصدر: عارضة الأحوذي ، الصفحة أو الرقم:  6/409،  خلاصة حكم المحدث : صحيح

[7] الراوي: عائشة أم المؤمنين ،  المحدث : الجورقاني ،  المصدر : الأباطيل والمناكير ، الصفحة أو الرقم: 2/375،  خلاصة حكم المحدث : صحيح

[8] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : ابن القطان ، المصدر : أحكام النظر ، الصفحة أو الرقم:424 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح كما أشار في المقدمة]

[9] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : فتح الباري لابن حجر ، الصفحة أو الرقم: 8/613 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن

[10] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : الفتوحات الربانية، الصفحة أو الرقم: 4/334 ،  خلاصة حكم المحدث : حسن غريب

[11] الراوي : [عائشة] ، المحدث : الزرقاني، المصدر : مختصر المقاصد ، الصفحة أو الرقم: 93 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح كما قاله الترمذي خلافا للنووي

[12] الراوي : عائشة أم المؤمنين ،  المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 7916 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[13] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند ، الصفحة أو الرقم: 1634 ، خلاصة حكم المحدث : حسن

[14] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 26000 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن.  التخريج : أخرجه الترمذي (3366)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10137)، وأحمد (26000) واللفظ له

[15] ) https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/وقب/

[16] )              كُوَّة

نافِذة صغيرة مُسْتديرة يدخل منها الهواء والضَّوء.

"غرفة تضيئُها كُوَّة"

مَنْوَر، فُتْحة أو خَرْق في سقف للإضاءة والتَّهوية.

"كُوَّةُ سَقْف"

خَرْق، فُتحة، فُرْجة، مَنْفَذ صغير.

"كُوَّة في جدار"

خَرْق من جانِب إلى آخَر، ثغْرة، فُتْحة.

"كُوَّة باب"

خَرْق مربَّع الزَّوايا في جانب سفينة، يمكن إغلاقه بمصراع.

فُتْحة مستطيلة في سطح سفينة تمكِّن من الوصول إلى الطَّوابق السُّفلى.

"غِطاءُ كُوَّة"

خَرْق أو فُتحة في أَفْران زَجَّاجين ونحوها، ليدخل منها الهواء وينبعث منها الدُّخان.

"كُوَّةُ فُرْن"

فُتْحة في مُنْشإٍ مُحصَّن تُطْلَق منها نِيران مِدْفَع.

[17] ) http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/غاسق/

[18] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 124 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط البخاري ،  انظر شرح الحديث رقم 63473

التخريج : أخرجه مسدد كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (1357) واللفظ له، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (183)، وتمام في ((فوائده)) (1534)

[19] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5620 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح . التخريج : أخرجه البخاري (3200)

[20] الراوي : أنس بن مالك ،  المحدث : الألباني ،  المصدر : صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 1643 ،  خلاصة حكم المحدث : صحيح

[21] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 183 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين

[22] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 3737 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (3200) ، انظر شرح الحديث رقم 114131

[23] الراوي : مسروق بن الأجدع بن مالك ،  المحدث : السيوطي ،  المصدر : اللآلئ المصنوعة ، الصفحة أو الرقم: 1/59 ،  خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[24] https://physics.info/gravitation-energy/

[25] ) http://en.wikipedia.org/wiki/File:Big_Slash.gif



3 ) الضيق في الجمع والحشر وطلب الشفاعة

 (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [44 الزمر].

يجمع الله يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد.  وتدنو الشّمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون، وما لا يحتملون. وفي المحشر يعتذر الرّسل عليهم السّلام عن أن يشفعوا للناس، ويكون جوابهم نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.  إلاّ سيد الناس يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم فهو أهلٌ للشفاعة.

(أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم، فرفع إليه الذّراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ثم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناسَ الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشّمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ ... فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجداً لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير، أو: كما بين مكة وبصرى.) (صحيح البخاري، الجامع الصحيح، رقم 1247، 1336 ، 3340 ، صحيح مسلم، المسند الصحيح 419).

(يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا. فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ... ، ائتوا عيسى فيأتونه فيقول: لست هناكم، ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك: سل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمني، ثم أشفع فيحد لي حدّاً، ثم أخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً مثله في الثالثة، أو الرابعة، حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن). وكان قتادة يقول عند هذا: أي وجب عليه الخلود) (صحيح البخاري، الجامع الصحيح  5656).

(يجمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون له: أنت آدم أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك الملائكة، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا، فيقول لهم: لست هناكم، فيذكر لهم خطيئته التي أصاب) (صحيح البخاري، الجامع الصحيح  5167).

ولتصوّر مدى الضيق في الجمع والحشر، فإنَّ الشام هي أرض المحشر و المنشر.  فإنّ كلّ الخلائق محشرهم الشام: (الشام أرض المحشر و المنشر) (صحيح، الألباني، صحيح الجامع 2637).

- (صلاة في مسجدي هذا، أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط – أو قال: قوس – الرجل حيث يرى منه بيت المقدس ؛ خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعا) (صحيح، الألباني، صحيح الترغيب 1179). 

 (يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال: أرض المحشر والمنشر. ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه) (صحيح، الوادعي، الصحيح المسند، 2166).

(يحشر الله العباد أو قال يحشر الله الناس قال و أومى بيده إلى الشام عراة غرلا بهما قال قلت ما بهما قال ليس معهم شيء فينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان ... ) (صحيح، الألباني، كتاب السنة 145).

ولتصوّر مدى الضيق في الجمع والحشر؛ يحشر الناس على قدمي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:  (لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد ) (صحيح البخاري، الجامع الصحيح 3235،6489 ؛ صحيح، مسلم، المسند الصحيح 4235 ؛ صحيح، الألباني، صحيح الترمذي 1892 ، 6227).