وَعْدُ الْآخِرَةِ نُزولُ المسيح عيسى عليه السلامُ لينهي طغيانَ اليهودِ وإفسادَهم

 

The Promise and Sign of the Hereafter is the coming of Messiah Jesus (PBUH) to End the Tyranny and Corruption of the Jewish

 

 

 

جمع وترتيب

أ.د. حسين يوسف العمري

Hussain yousef Omari

قسم الفيزياء / جامعة مؤتة / الأردن

rashed@mutah.edu.jo

 

 


الموضوعات

المبحث الأول: يخرجُ الدجَّالُ في أمتي فيمكثُ أربعينَ. فيبعثُ اللهُ عيسى بنَ مريمَ فيطلبُه فيهلكُه

الفرع الأول: إن يخرُج الدَّجَّالُ وأَنا فيكُم فأَنا حجيجُهُ دونَكُم، وإن يخرُجُ ولستُ فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسِهِ

الفرع الثاني‏: ‏ كان يُظنُّ أنّ ابن صياد هو الدّجال

الفرع الثالث: لم يسلَّط علَى الدَّجَّالِ إلَّا عيسَى ابنُ مَريمَ: يخرجُ الدجَّالُ في أمتي فيمكثُ أربعينَ. فيبعثُ اللهُ عيسى بنَ مريمَ فيطلبُه فيهلكُه . ثم يمكث الناسُ سبعَ سنينَ . ليس بين اثنين عداوةٌ. ثم يرسل اللهُ ريحًا باردةً من قِبَلِ الشأمِ . فلا يبقى على وجه الأرضِ أحدٌ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلا قبضتْه . فيبقى شرارُ الناسِ، ثم يُنفخُ في الصُّورِ، ويُصعقُ الناسُ

الفرع الرابع : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } قال : وهو خروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليهِ السلامُ قبل يومِ القيامةِ

المبحث الثاني: نزول المسيح عليه السلام وحملُهُ النَّاسَ كلَّهم على الدخولِ في الإسلامِ

الفرع الأول: والذي نفسي بيدِه ، ليُوشكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا مقسطًا ، فتكونُ الملَّةُ واحدةً وهي مِلَّةُ الإسلامِ ، ويضعُ الجزيةَ ، ويفيضُ المالُ

الفرع الثاني: ينزِلُ عيسى بنُ مريمَ مصدِّقًا بمحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى ملتِّهِ إمامًا مهديًّا وحكَمًا عدْلًا فَيَقْتُلُ الدجالَ

* مَنْ أدرَكَ منكم عيسى ابنَ مريَمَ ، فلْيُقْرِئْهُ منِّي السلامَ

الفرع الثالث: لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ إلى يومِ القيامَةِ

* ولنْ يخزيَ اللهُ أمةً أنا أولَها، و عيسى بنُ مريمَ آخرَها

عِصابَتانِ من أُمتِي أحْرَزَهُما اللهُ من النارِ ، عِصابَةٌ تَغزُو الهِندَ ، و عِصابةٌ تَكونُ مع عِيسَى بنِ مَرْيَمَ

المبحث الثالث: رحمة الله لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ يُؤْمِنُونَ

الفرع الأول: رحمة النبوة ورحمة الأنبياء

الفرع الثاني: رحمة الله بعباده الصالحين

الفرع الثالث: خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي

الفرع الرابع: رحمة الله بعباده

الفرع الخامس: رحمة الله باليهود وبأهل الكتاب هي أيمانهم بعيسى عليه السلام قبل موته وإقلاعهم عن الإفساد

المبحث الرابع: إفساد اليهود

الفرع الأول: اللهُ الرّب العزيز الجبّار تشتمُه اليهودُ

الفرع الثاني: اليهود كفرة قتلة أنبياء الله

الفرع الثالث: إفساد اليهود الوارد في سورة الإسراء

الإفسادة الأولى: غدر ومكر وخيانة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة

(دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ): الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه جاء من المدينة المنورة ليتسلم مفاتيح القدس، وكتب عمر بن الخطاب (العهدة العمرية)

تحرير صلاح الدين للقدس

الإفسادة الثانية: قائمة وهي بين يدي الساعة

للَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ: ألله ربّ كل شيء ومليكه على مرّ الزمان والمكان ومن قبلهما ومن بعدهما

عندما ترد كلمة الأولى غير مقترنة مع الآخرة ، فإنّها تأتي بمعنى السّابق والأول (the first)

المبحث الخامس : وَعْدُ الْآخِرَةِ

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : يَعْنِي نزول المسيح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِن السَّمَاء بين يدي السّاعة

الآية والأحاديث تسمّي وقت إنهاء الإفسادة الأولى لليهود بأنه لأول الحشر

بيتُ المقدسِ أرضُ المحشرِ وأرضُ المنشرِ مَنْ لم يستطِعْ أنْ يأتِيَهُ فلْيُهْدِ إليه زَيْتًا يُسْرِجُ فيه

نَبيِّنا محمَّد أَوْلى النَّاسِ بعيسى ابنِ مريمَ في الدُّنيا والآخِرةِ وإنّ عيسى خليفة محمَّد على أمّته

الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمتي الآخرة والدنيا مقترنتين و زوجين: في هذه المجموعة من الآيات كلمة الآخرة تعني يوم القيامة وأهواله من نفختي الصعق ثم الفزع والنشور والحساب والصِّرَاطِ ثم المآل إما إلى درجات الجنان أو دركات النار
معنى كلمة الآخرة في الآيات القرآنية التي لم ترد فيها كلمة الدنيا هو نفسه كما في الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمتي الآخرة والدنيا مقترنتين و زوجين

الْوَعْدُ الْحَقُّ: يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة

وَعْدُ الْحَقِّ: أن يقْضِيَ اللَّهُ بَيْن عِبَاده فَيدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّاتِ وَيُسْكِنَ الْكَافِرِينَ الدَّرَكَاتِ

وَعْد الصِّدْق: وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جَنَّات

وَعْدُ الله: وَعْدُهُ لِرُسُلِهِ بِالنُّصْرَةِ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بالإيمان بعيسى عليه السلام عند عودته

إنَّ الحَجَرَ والشَّجَرَ ليقولُ: يا مسلمُ إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتلْه، فيُهلكُ اللهُ الكافرين ثم يرجعُ الناسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم

تباعد الزمان أيام الدجال، وعلى شرار الناس تقوم الساعة

طول يوم القيامة (خمسين ألف سنة)

يوم القيامة تتبع كلّ أمّة ما كانت تعبد. ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عيسَى شيطانُ عيسَى، ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ


 

وَعْدُ الْآخِرَةِ نُزولُ المسيح عيسى عليه السلامُ لينهي طغيانَ اليهودِ وإفسادَهم

الملخّص:

لمّا كان العليم سبحانه يعلم بأنّ اليهود سيتمردون على منهج الله، وعلى رسله، ورسالاته، وأنهم سيُفسدون في الأرض،  حذّرهم اللهُ من هذا الإفساد في كتابهم، وكان عليهم أن يستحيوا من الله، وأن ينصاعوا لرسل الله ورسالاته.  وقد وَجَب علينا معشر المسلمين أن نزيد صلاحاً ، ونُكثِّف جُهودَنا في خدمة البشرية، كما يجب علينا الابتعاد عن صفات اليهود وطبائعهم؛ فلقد كتموا التوراة وحرّفوها.  لقد كثر إفساد اليهود وتعاظم طغيانهم، وتعدّدت صورُ إفسادهم وأشكاله؛ فقد شتموا الذات الإلهية، وقتلوا الأنبياء ، وعبدوا العجل ، وأخفَوا بعض نصوص التوراة، وحرّفوا بعضها الآخر.  الإفسادُ اليهودي شمل جوانب الحياة المادية والخلقية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية . . .  إلا أنّ لهم إفسادين مع المسلمين خصتهما سورة الإسراء بالذكر.

لقد كانت صفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معروفة لدى اليهود ؛ مكتوبةً عندهم في التوراة يعرفونه كما يعرفون أبناءهم: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة 146)، (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام 20).  إلا أنهم كفروا برسالة سيدنا محمّد رغم علمهم بها ومعرفتهم به وبأوصافه، ولم يؤمن به من اليهود إلا القليل.  بل إنّهم خانوا العهود والمواثيق وغدروا بالمسلمين في المدينة ؛ فهمُّوا بقتل الرسول واعتدوا على حرمات المسلمين وعلى الأعراض.

وبالعودة إلى إفسادتيّ اليهود، نذكر أنّ الشعراوي - رحمه الله- يرى أنّ الإفسادة الأولى لليهود هي ما كان من غدر ومكر وخيانة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة.  فنزل الأمر الرّباني بمقاتلتهم وإخراجهم من المدينة، ثم من خيبر ومن جزيرة العرب.  يقول الشعراوي إن هذا هو الإفساد الأول بدليل الآية الكريمة: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا) (الإسراء 5). ذلك أنّ (إِذَا) ظرف لما يستقبل من الزمن، وليس للماضي.  وقد نزلت سورة الإسراء في مكة قبل سورة الحشر (سُورَة بَنِي النَّضِير) التي نزلت في المدينة بمناسبة إجلاء بني النضير: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (الحشر 2).  سُورَة الْحَشْر: "وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول: سُورَة بَنِي النَّضِير.  وفي الحديث الشريف: (كانت غَزوةُ بني النَّضيرِ وَهم طائفةٌ منَ اليَهودِ على رأسِ ستَّةِ أشْهرٍ من وقعةِ بدرٍ وَكانَ منزلُهم ونخلُهم بناحيةٍ المدينةِ فحاصرَهم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى نزلوا على الجَلاءِ وعلى أنَّ لَهم ما أقلَّتِ الإبلُ منَ الأمتعةِ والأموالِ إلَّا الحلقةَ ـ يعني السِّلاحَ ـ فأنزلَ اللَّهُ فيهم }سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... إلى قولِه لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا { فقاتلَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى صالحَهم على الجَلاءِ فأجلاهم إلى الشَّامِ، وكانوا من سِبطٍ لم يصبْهم جلاءٌ فيما خلا وَكانَ اللَّهُ قد كتَبَ عليْهمُ ذلك، ولولا ذلِكَ لعذَّبَهم في الدُّنيا بالقتلِ والسَّبيِ .  وأمَّا قولُهُ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ فَكانَ جلاؤُهم ذلِكَ أوَّلَ حشرٍ في الدُّنيا إلى الشَّامِ) ([1]).

وكذلك الكلمة " وَعْدُ " (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ) لا يمكن ولا يصحّ أن تكون في الزمن الماضي وذلك لدلالة الجملة على الزمن المستقبل بفعلِ دخول (إِذَا) عليها.  يرى الشعراوي أن صفة ومسمى " عِبَادًا " تطلق على من ينصاع لأوامر الله ولمنهجهه في مجالات الاختيار كانصياعه في القهريّات التي لا مجال فيها للاختيار. وأما صفة ومسمى "عبيد" فتطلق على المتمردين على أوامر الله ومنهجهه في مجالات الاختيار.  وهذا التمييز (عباد، عبيد) يكون في الحياة الدنيا التي هي دار التكليف والاختبار.  وأما الآخرة فهي دار جزاء لا عمل؛ وهنالك لا مجال للتمرّد على أحكام الله وإرادته. فعلى سبيل المثال المؤمنون في الجنّة يُلهَمُون التسبيح من غير ما إرادة.  وعليه يرى الشعراوي أنّ المقصود بقوله تعالى: (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) هم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم؛ الذين طهّروا المدينة من رجس اليهود ودنسهم وإفسادهم، فاليهود أعداءُ الله وأعداء الإنسانية بل أعداء أنفسهم.

وبعد قرون من الزمن انتكس المسلمون وحادوا عن المنهج الرّباني وتحاكموا إلى الطاغوت ؛ فسلّط الله عليهم اليهود الشّراذم شذّاذ الآفاق لعلّ المسلمين يرجعون إلى الجادّة: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء 6).  لقد أصبحت الغلبة لليهود منذ عام 1967، ولا يزال الإفساد اليهودي يتنامى، وجيش الاحتلال يزداد قوة إلى قوة، بينما أمتنا الإسلامية تزداد ضعفا وهوانا وارتكاساً في إنفاذ مكر ومخططات أعداء الأمة.  وقضية بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين تتقزم في نفوس القادة العرب الذين يفترض أن يكونوا أصحاب قرار ويسعون لخدمة قضايا الأمة.  بل من عجب العجاب أن العرب يسهمون في حصار إخوانهم المسلمين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس؛ وما ذلك إلا هوانا وضعفاً في مقابل مكر الليل والنهار الذي جند له اليهود المال العالمي والنساء والسياسة والإعلام العالمي ومؤسّسات الضغط اليهودي، بل واستنفروا العالم ليقفوا في صف الشيطان حربا على الإسلام والمسلمين.  فنحنُ نعيشُ اليومَ الإفسادة الثانية لليهود: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء 6). 

وستبقى الكَرّةُ والغلبة لليهود حتى نعود إلى منهج الله ، سيبقى السوط اليهودي والاستعلاء الصهيوني يذكرنا بضرورة العودة إلى دين الله وحكمه : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة 82).  فإذا ما حصلت الاستفادة وعُدنا إلى الله نصرنا اللهُ على اليهود أعداءِ الله وأعداءِ الإنسانية بل أعداء أنفسهم حين اختاروا الطغيان والكفر والاستعلاءَ والتكبر على منهج الله: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).

اليهود هم أساس ومحور المكر والكيد لدين الإسلام وللمسلمين. إنّ الصراع مع اليهود صراع عقيدة؛ بيّنت مفاصلَهُ سورةُ الإسراء (سُورَة بني إسرائيل) والعديد من سور القرآن.  وحدّدتها أيضاً أحاديث الإسراء.  فالإسراء والمعراج معجزة خالدة نؤمن بها؛ فهي من عقيدتنا التي ربطتنا ببيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.  الصراعُ مع اليهود يقودهُ أولو العزم من الرّسل:  لقد همّت يهود بقتل المسيح عيسى ابن مريم عليه السّلام فرفعه اللهُ إليه.  وفي صدر الإسلام بدأ تآمر اليهود وكيدُهم للإسلام وللمسلمين ولنبيّ هذه الأمة خيرُ رسول محمد صلى الله عليه وسلم.  فأخرجَ المسلمون اليهودَ من المدينة ثم من خيبر ومن جزيرة العرب. وكان يقود الصراعَ ضدّ اليهود محمدٌ صاحب أعظم معجزتين: معجزة القرآن الخالدة ثم معجزة الإسراء والمعراج.  وسيُحسمُ هذا الصراعُ بقيادة المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.  الذي خصّه اللهُ بمعجزات عظيمة منها: مولده ، وكلامه في المهد، وإحياء الموتى بإذن الله، ثم رفْعهُ إلى اللهُ، ثم عودتُه وقتْلُه الدّجال.  سيقوم المسيح عيسى بنشر الإسلام ومقاتلة اليهود؛ ليُحسم آخر حلقات الصراع مع قوى البغي والكفر.  إنّه صراعُ عقيدة كما أبرزتهُ سورة الحشر (سُورَة بَنِي النَّضِير).  وإنّه صراعُ عقيدة كما أبرزتهُ سورةُ الإسراء (سُورَة بني إسرائيل): (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).  إنّهُ صراعٌ بين الإيمان والكفر، كما أنّه صراعٌ على بيت المقدس مهبط الديانات أولى القبلتين وثالث الحرمين.  لقد أسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس حيث أمّ الأنبياء؛ لتكون الوصاية لأمّته على بيت المقدس، ولتكون رسالة الإسلام ناسخة ومهيمنة على باقي الرسالات.  وعُرِجَ بنبينا محمد من بيت المقدس إلى السماوات السبع فالجِنان، وارتقى لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام حيث فرضَ علينا ربُّ العزة والجلال الصلاةَ بوحيٍ مباشر من الله إلى رسوله؛ من غير واسطة جبريل عليه السلام.

وفي الحديث: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ.) ([2])

لرُبّما سيُحسمُ الصراعُ مع اليهود بقيادة عيسى بن مريم بين يدي السّاعة؛ كما أوضحت بعضُ روايات أحاديث الإسراء والمعراج؛ والتي صحّحها بعضُ المحدّثين: (فقال عيسَى : أمَّا وجْبَتُها فلا يعلمُ بها أحدٌ إلَّا اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، وفيما عهِد إليَّ ربِّي، عزَّ وجلَّ ، أنَّ الدَّجَّالَ خارجٌ ، قال : ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوبُ الرَّصاصُ ، قال : فيهلكُه اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، إذا رآني ، حتَّى إنَّ الحجرَ والشَّجرَ يقولُ : يا مسلمُ ، إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتُلْه. قال: فيهلكُهم اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، ثمَّ يرجعُ النَّاسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم) ([3]).

إنّه صراع الحق يقوده أولو العزم من الرسل معهم صفوة الصفوة في مجابهة أعداء الله وأعداء الإنسانية وأعداء الفضيلة وأعداء العدالة والحرية، بل وأعداء الطفولة.  بدأ الصراع بقيادة خير الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار.  ويستمر الصراع ليتسلم قيادته بين يدي الساعة عيسى عليه السلام؛ ومعه النخبة: (عِصابَتانِ من أُمتِي أحْرَزَهُما اللهُ من النارِ، عِصابَةٌ تَغزُو الهِندَ ، و عِصابةٌ تَكونُ مع عِيسَى بنِ مَرْيَمَ) ([4]) .  وفي الحديث الآخر: (ليدركنَّ الدجالُ قومًا مثلكمْ أو خيرًا منكمْ، و لنْ يخزيَ اللهُ أمةً أنا أولَها، و عيسى بنُ مريمَ آخرَها) ([5]).

والصراع مستمرٌ :

(لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ إلى يومِ القيامَةِ. قال، فيَنْزِلُ عيسَى ابنُ مَريَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ أميرُهُم : تَعالَ صَلِّ لنا . فيقول : لا . إن بَعضَكُم علَى بعضٍ أُمَراءُ. تَكرِمَةَ اللهِ هذه الأُمَّةَ) ([6]) .

(لا يَزالُ مِن أُمَّتي أُمَّةٌ قائِمَةٌ بأَمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، ولا مَن خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَهُمْ أمْرُ اللَّهِ وهُمْ علَى ذلكَ.) ([7]).

(إذا فسَدَ أهلُ الشامِ فلا خيرَ فيكم ، لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي منصورينَ لا يَضُرُّهم مَن خذَلهم حتى تقومَ السَّاعةُ) ([8])

(إذا فسدَ أَهْلُ الشَّامِ فلا خيرَ فيكم : لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتِي منصورينَ لايَضُرُّهُمْ من خَذَلَهُمْ حتى تقومَ الساعةُ) ([9])

الشرح:

لبِلادِ الشَّامِ وأهلِهَا المُؤمنِينَ فَضائِلُ كثيرةٌ، وقدْ ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ في سُنَّتِه؛ فبَيَّنَ أنَّها أرضُ الْمَحشَرِ، وفيها تَبقَى الفِئَةُ المؤمِنَةُ على الحقِّ إلى قِيامِ السَّاعةِ، وفِيهَا بَيْتُ المقدِسِ.

وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا فسَدَ أهْلُ الشَّامِ"، أي: في دِينِهم، والمُرادُ بالشَّامِ هنا ما يَشمَلُ اليومَ الأُردنَ وفِلسطينَ وسُوريَةَ ولُبْنانَ، مع اختلافٍ يَسيرٍ في حُدودِ هذه الدِّولِ مع الدِّولِ المُجاورةِ لها، "فلا خيرَ فيكم"، أي: إنَّ فسادَ أهْلِ الشَّامِ علامةٌ على فَسادِ أُمَّةِ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّه بيَّنَ أنَّ هذا الفسادَ ليس عامًّا؛ فقال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي مَنْصورينَ"، أي: ستظَلُّ جماعةٌ من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهِدون في سبيلِ نُصرةِ الحقِّ، وهم مُنْتصِرون وغالِبونَ، "لا يضُرُّهم مَن خذَلَهُم"، أي: لا يضُرُّهم مَن ترَكَ نُصْرتَهم ومُعاونتَهم، وقولُه: "حتَّى تقومَ السَّاعةُ"، أي: سيظَلُّون على هذه الحالِ إلى يومِ القيامةِ طائفةً بعدَ طائفةٍ، وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا ينقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ، وأنَّ هناك مَن يتوارَثُه جِيلًا بعدَ جيلٍ، وفيه إشارةٌ إلى بقاءِ نَصْرِ اللهِ لهم وحفْظِهم. والمكانُ في نفْسِه لا يرفَعُ أحدًا، ولكنَّ عمَلَ أهْلِه هو الحَدُّ الفاصِلُ في الرِّفعةِ والضَّعَةِ، وأيُّ مكانٍ في الأرضِ مُدِحَ لا يدُلُّ على مدْحِ صاحبِه ومَن يسكُنُه إلَّا إذا اتَّقى اللهَ تعالى.

قيل: وفي الحديثِ دَلائلُ على نُبوَّةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندما تحدَّثَ بهذا الحديثِ كان أهْلُ الشَّامِ كُفَّارًا، والكُفْرُ أكبَرُ أنواعِ الفَسادِ؛ ففي هذا الحديثِ إشارةٌ إلى أنَّهم سيَدخُلونَ في دِينِ اللهِ، ويَصلُحون بعدَ فَسادِهم، وقد حصَلَ ما أشار إليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وكذلك فيه إخبارُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أُمَّتَه ستَفسُدُ بعدَ صَلاحِها، وسيكونُ آخِرُ النَّاسِ فَسادًا أهْلَ الشَّامِ.

وفيه: إخبارُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ دِينَ اللهِ الَّذي أتى به سيَبْقى قائمًا بقيامِ الطَّائفةِ المنصورةِ به، وبالحفاظِ عليه، والذَّبِّ عنه.

وإنّ عودة المسيح عليه السلام تكون بين يدي السّاعة: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف 61).  وهذا عَائِد عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ نُزُوله قَبْل يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته " أَيْ قَبْل مَوْت عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " ... قَالَ مُجَاهِد " وَإِنَّهُ لَعِلْم لِلسَّاعَةِ " أَيْ آيَة لِلسَّاعَةِ خُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام.

قَالَ ابن عباس: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لقُرَيشٍ: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، لا خيرَ مع أحَدٍ يُعبَدُ من دونِ اللهِ عزَّ وجلَّ، قالت: ألسْتَ تزعُمُ أنَّ عيسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان نَبِيًّا، وكان عبدًا صالحًا، فإنْ كُنْتَ صادقًا فإنَّه كآلهَتِهم، فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]. يعني: يضِجُّونَ و((إنَّه لَعَلَمٌ للسَّاعةِ)) ، قال: هو خروجُ عيسى ابنِ مَرْيَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قبْلَ يومِ القيامةِ، هكذا قال: لَعَلَمٌ، بالفَتْحِ.) ([10]) .

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : يَعْنِي نزول المسيح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِن السَّمَاء بين يدي السّاعة.  وهذا ما أكده المفسرون للآية الكريمة: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) (الإسراء 104).  " اسْكُنُوا الْأَرْضَ " أَيْ أَرْض الشَّأْم (الطبري: ص 292).  "وَعْدُ الْآخِرَةِ " أَيْ الْقِيَامَة (الطبري: ص 292)، السَّاعة (الجلالين، ص 377).  وَقَالَ الْكَلْبِيّ : " فَإِذَا جَاءَ وَعْد الْآخِرَة " يَعْنِي مَجِيء عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ السَّمَاء (البغوي).  المرّة الثانية التي يفسد فيها اليهود هي التي نعيشها الآن (تفسير القرآن المجيد للشيخ فضل حسن عبّاس).  "لَفِيفًا " أَيْ جَمِيعكُمْ أَنْتُمْ وَعَدُوّكُمْ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك: لَفِيفًا أَيْ جَمِيعًا أنتم وهم (ابن كثير: ص 292، الطبري: ص 292، الجلالين: ص 377).  إذاً هذه هي إفسادتهم الأخيرة والتي هي قُبيل نزول المسيح عليه السلام بين يدي السّاعة.  ويتجمّعُ اليهود الغاصبون في فلسطين، كما يجتمع المسلمون في شرق الأردن بفعل الأحداث التي جعلت من الأردن ملاذاً للمهجّرين.

أشار القرآن إلى نهاية الإفسادة الأولى بقوله سبحانه "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُولَاهُمَا" أُولَى مَرَّتَيْ الْفَسَاد" بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ".   أما الإفسادة الثانية فلم تذكر بلفظ مشابه: كأن تقول "فَإِذَا جَاءَ وَعْد ثانيهما" ثاني مَرَّتَيْ الْفَسَاد.  كما أنها لم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد الأخيرة" ، ولم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد الأخرى"، ولم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُخراهما".  وإنما جاءت في القرآن بقوله سبحانه : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) من الآيتين الكريمتين في سورة الإسراء (آية 7، 104).  يؤكُّد ذلك أنّ قوله تعالى: (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) يكون بين يدي الساعة (الآخرة) عندما ينزل عيسى عليه السلام.

وكما أنّ اليهود تعدُّ نفسها وتصرُّ على يهودية الدولة، فإنّه لا بدّ لنا من العودة إلى منهج الله وإلى الإسلام شرعة ومنهاجاً: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (أل عمران 103).  ويتوجب على علماء الأمة وقادتها أن يعيدوا لهذا الصراع هويته: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ... ) (المائدة 82).  فإذا ما حصلت الإستفادة وعدنا إلى الله نصرنا اللهُ على اليهود أعداء الله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة 64).  إذا عدنا إلى الله نصرنا اللهُ على اليهود أعداء الإنسانية (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيل) (آل عمران 75).  أَيْ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى جُحُود الْحَقّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي دِيننَا حَرَج فِي أَكْل أَمْوَال الْأُمِّيِّينَ وَهُمْ الْعَرَب فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَحَلَّهَا لَنَا؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَهُمْ يَعْلَمُونَ " أَيْ وَقَدْ اِخْتَلَقُوا هَذِهِ الْمَقَالَة وَائْتَفَكُوهَا بِهَذِهِ الضَّلَالَة فَإِنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَكْل الْأَمْوَال إِلَّا بِحَقِّهَا وَإِنَّمَا هُمْ قَوْم بُهُتٌ (ابن كثير: ص 59).  وهاهم اليوم يغتصبون بيت المقدس مسرى رسولنا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، بل يسعون لهدم المسجد الأقصى ليبنوا على أنقاضه هيكلهم المزعوم.  لقد بلغ إفسادهم الذروة ولا بدّ لنا من الاعتصام بحبل الله لينصرنا اللهُ على القوم الكافرين.

يتتبع الموضوع مفردات الآية (وَعْدُ ، الْآخِرَةِ ، أُولَاهُمَا، رحمة الله - عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ -) في جميع آيات القرآن الكريم؛ وذلك من أجل فهم مراد الله بقوله سبحانه (وَعْدُ الْآخِرَةِ).

المبحث الأول: يخرجُ الدجَّالُ في أمتي فيمكثُ أربعينَ. فيبعثُ اللهُ عيسى بنَ مريمَ فيطلبُه فيهلكُه

الدَّجَّالُ ممسوحُ العَينِ ، مكتوبٌ بين عينَيه كافرٌ ، يقرؤه كلُّ مسلمٍ

(الدجالُ ممسوحُ العينِ عليْها ظَفَرَةٌ غليظَةٌ مَكتوبٌ بين عَينَيهِ: كافِرٌ) ([11])

(الدَّجَّالُ ممسوحُ العَينِ ، مكتوبٌ بين عينَيه كافرٌ ، يقرؤه كلُّ مسلمٍ) ([12]).

(إنَّ الدَّجَّالَ مَمْسوحُ العَينِ اليُسرى، عليها ظَفَرَةٌ، مَكتوبٌ بيْنَ عَينَيهِ كافِرٌ.) ([13])

(الدَّجَّالُ مَمسوحُ العَينِ، مَكتوبٌ بيْنَ عَينَيهِ: كافِرٌ يُهَجَّاها -يَقرَؤه- كلُّ مُسلِمٍ: (ك ف ر). ) ([14]) .

(الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، ثُمَّ تَهَجَّاها ك ف ر يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ.) ([15]) .

(الدجَّالُ أعْورُ، وإنَّ ربَّكم ليس بأعْورَ، مَكتوبٌ بيْن عينَيهِ: كافرٌ، يَقرؤُه كلُّ مؤمِنٍ، كاتِبٌ وغيْرُ كاتِبٍ) ([16]).

الفرع الأول: إن يخرُج الدَّجَّالُ وأَنا فيكُم فأَنا حجيجُهُ دونَكُم، وإن يخرُجُ ولستُ فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسِهِ

 (إن يخرُج الدَّجَّالُ وأَنا فيكُم فأَنا حجيجُهُ دونَكُم).  هذا القول للرسول (صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) يؤكدُ أنّ أمر الدَّجَّال قريب؛ وما هو ببعيد.

 (ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما لَبْثُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ. 7484- [111-...] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ، وَالْوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، قالَ ابنُ حُجْرٍ: دَخَلَ حَديثُ أَحَدِهِما في حَديثِ الآخَرِ، عن عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ، بهذا الإسْنَادِ، نَحْوَ ما ذَكَرْنَا. وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ، وَهو جَبَلُ بَيْتِ المَقْدِسِ، فيَقولونَ: لقَدْ قَتَلْنَا مَن في الأرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَن في السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عليهم نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا وفي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: فإنِّي قدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَيْ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ.) ([17] ) .

 (ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الدَّجَّالَ الغداةَ، فخَفضَ فيهِ ورفعَ، حتَّى ظننَّا أنَّهُ في طائفةِ النَّخلِ، فلمَّا رُحنا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، عَرفَ ذلِكَ فينا، فقالَ : ما شأنُكُم؟ فقُلنا : يا رسولَ اللَّهِ ذَكَرتَ الدَّجَّالَ الغداةَ، فخفَضتَ فيهِ ثمَّ رفعتَ، حتَّى ظننَّا أنَّهُ في طائفةِ النَّخلِ، قالَ : غيرُ الدَّجَّالِ أخوَفُني عليكُم : إن يخرُج وأَنا فيكُم فأَنا حجيجُهُ دونَكُم، وإن يخرُجُ ولستُ فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسِهِ، واللَّهُ خَليفتي على كلِّ مسلمٍ، إنَّهُ شابٌّ قطَطٌ، عينُهُ قائمةٌ، كأنِّي أشبِّهُهُ بَعبدِ العزَّى بنِ قَطنٍ، فمَن رآهُ منكُم، فليقرَأْ علَيهِ فواتحَ سورةِ الكَهْفِ، إنَّهُ يخرُجُ مِن خلَّةٍ بينَ الشَّامِ، والعراقِ، فعاثَ يمينًا، وعاثَ شمالًا، يا عبادَ اللَّهِ اثبُتوا، قلنا : يا رسولَ اللَّهِ وما لبثُهُ في الأرضِ؟ قالَ أربعونَ يومًا، يومٌ كَسنةٍ، ويومٌ كَشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمعةٍ، وسائرُ أيَّامِهِ كأيَّامِكُم، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ فذلِكَ اليومُ الَّذي كسَنةٍ، تَكْفينا فيهِ صلاةُ يومٍ؟ قالَ: فاقدُروا لَهُ قدرَهُ، قالَ، قُلنا : فما إسراعُهُ في الأرضِ؟ قالَ : كالغَيثِ استَدبرتهُ الرِّيح، قالَ : فيأتي القومَ فيدعوهُم فيستَجيبونَ لَهُ، ويؤمنونَ بِهِ، فيأمرُ السَّماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرَ، ويأمرُ الأرضَ أن تُنْبِتَ فتُنْبِتَ، وتَروحُ عليهم سارحتُهُم أطولَ ما كانت ذُرًى، وأسبغَهُ ضروعًا، وأمدَّهُ خواصرَ، ثمَّ يأتي القومَ فيدعوهم فيردُّونَ علَيهِ قولَهُ، فينصرِفُ عنهم فيُصبحونَ مُمحِلينَ، ما بأيديهم شيءٌ، ثمَّ يمرَّ بالخَربَةِ، فيقولُ لَها : أخرِجي كُنوزَكِ فينطلقُ، فتتبعُهُ كنوزُها كيَعاسيبِ النَّحلِ، ثمَّ يَدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا، فيضربُهُ بالسَّيفِ ضربةً، فيقطعُهُ جزلتينِ، رَميةَ الغرضِ، ثمَّ يَدعوهُ، فيقبلُ يتَهَلَّلُ وجهُهُ يَضحَكُ، فبينَما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عيسى ابنَ مريمَ، فينزلُ عندَ المَنارةِ البيضاءِ، شَرقيَّ دمشقَ، بينَ مَهْرودتينِ، واضعًا كفَّيهِ على أجنحةِ ملَكَينِ، إذا طأطأَ رأسَهُ قَطرَ، وإذا رفعَهُ ينحدِرُ منهُ جُمانٌ كاللُّؤلؤِ، ولا يحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفَسِهِ إلَّا ماتَ، ونفَسُهُ ينتَهي حيثُ ينتَهي طرفُهُ، فينطلقُ حتَّى يُدْرِكَهُ عندَ بابِ لُدٍّ، فيقتلُهُ، ثمَّ يأتي نبيُّ اللَّهِ عيسى، قومًا قد عصمَهُمُ اللَّهُ، فيَمسحُ وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجنَّةِ، فبينَما هم كذلِكَ إذ أوحى اللَّهُ إليهِ : يا عيسى إنِّي قد أخرَجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحَدٍ بقتالِهِم، وأحرِزْ عبادي إلى الطُّورِ، ويبعَثُ اللَّهُ يأجوجَ، ومَأجوجَ، وَهُم كما قالَ اللَّهُ : مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فيمرُّ أوائلُهُم على بُحَيْرةِ الطَّبريَّةِ، فيَشربونَ ما فيها، ثمَّ يمرُّ آخرُهُم فيَقولونَ : لقد كانَ في هذا ماءٌ مرَّةً، ويحضر نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حتَّى يَكونَ رأسُ الثَّورِ لأحدِهِم خيرًا مِن مائةِ دينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ، فيرغَبُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ، فيُرسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغفَ في رقابِهِم، فيُصبحونَ فَرسَى كمَوتِ نَفسٍ واحِدةٍ، ويَهْبطُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ فلا يجِدونَ موضعَ شبرٍ إلَّا قد ملأَهُ زَهَمُهُم، ونَتنُهُم، ودماؤُهُم، فيرغَبونَ إلى اللَّهِ، فيرسلُ عليهم طيرًا كأعناقِ البُختِ، فتحمِلُهُم فتطرحُهُم حيثُ شاءَ اللَّهُ، ثمَّ يرسِلُ اللَّهُ علَيهِم مطرًا لا يُكِنُّ منهُ بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ، فيغسِلُهُ حتَّى يترُكَهُ كالزَّلقةِ، ثمَّ يقالُ للأرضِ : أنبِتي ثمرتَكِ، وردِّي برَكَتَكِ، فيومئذٍ تأكلُ العصابةُ منَ الرِّمَّانةِ، فتُشبعُهُم، ويستظلُّونَ بقِحفِها، ويبارِكُ اللَّهُ في الرِّسْلِ حتَّى إنَّ اللِّقحةَ منَ الإبلِ تَكْفي الفِئامَ منَ النَّاسِ، واللِّقحةَ منَ البقرِ تَكْفي القبيلةَ، واللِّقحةَ منَ الغنمِ تَكْفي الفخِذَ، فبينما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عليهم ريحًا طيِّبةً، فتأخذُ تَحتَ آباطِهِم، فتقبِضُ روحَ كلَّ مسلمٍ، ويبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ، كما تتَهارجُ الحُمُرُ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ) ([18]) .

(ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الدَّجَّالَ ذاتَ غداةٍ ، فخفَّضَ فيهِ ورفَّعَ حتَّى ظننَّاهُ في طائفةِ النَّخلِ ، فلمَّا رُحنا قال فانصَرفنا مِن عندِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ثمَّ رجَعنا إليه فعرفَ ذلك في وجوهِنا ، فقالَ : ما شأنُكُم؟ قال: قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ ذَكَرتَ الدَّجَّالَ الغداةَ فخفَّضتَ ، ورفَّعتَ حتَّى ظننَّاهُ في طائفةِ النَّخلِ، قال: غيرُ الدَّجَّالِ أخوَفُ لي عليكُم إن يخرُجْ وأَنا فيكُم ، فأَنا حَجيجُهُ دونَكُم ، وإن يخرُج ولستُ فيكُم فامرؤٌ حجيجُ نفسِهِ، واللَّهُ خَليفتي على كلِّ مسلمٍ إنَّهُ شابٌّ قططٌ ، عَينُهُ قائمةٌ شبيه بعبدِ العزَّى بنِ قطنٍ ، فَمن رآهُ منكُم فليَقرأْ فواتحَ سورةِ أصحاب الكَهْفِ قال: يخرُجُ ما بينَ الشَّامِ والعِراقِ، فعاثَ يمينًا وَ شمالًا ، يا عبادَ اللَّهِ فاثبُتوا قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ وما لُبثُهُ في الأرضِ ؟ قال: أربَعين يومًا ، يومٌ كَسنةٍ، ويومٌ كشَهْرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ ، وسائرُ أيَّامِهِ كأيَّامِكُم قال : قُلنا:  يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ اليومَ الَّذي كالسَّنةِ أتكفينا في صلاةُ يومٍ ؟ قال: لا ، ولكن اقدُروا لهُ. قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ فما سرعتُهُ في الأرضِ؟ قالَ: كالغيثِ استدبرتهُ الرِّيحُ فيأتي القومَ فيدعوهُم فيكذِّبونَهُ ويردُّونَ عليه قولَهُ فينصَرِفُ عنهُم فتتبعُهُ أموالُهم فيصبِحونَ ليسَ بأيديهِم شيءٌ. ثم يأتي القومَ فيدعوهُم فيستجيبونَ له ويصدِّقونَهُ ، فيأمرُ السَّماءَ أن تُمْطِرَ، فتُنبتُ، فتروحُ عليهم سارحتُهُم كأطوَلَ ما كانَت ذرًى، وأمدَّهُ خواصرَ، وأدرَّهُ ضروعًا، ثم يأتي الخَربةِ فيقولُ لَها: أخرِجي كنوزَكِ فينصرِفُ منها فتتبعُهُ كنوزُها كيعاسيب النَّحلِ ، ثم يدعو رجلًا شابا ممتلئًا شبابًا فيضربُهُ بالسَّيفِ فيقطعُهُ جزلتينِ ، ثمَّ يدعوهُ فيقبلُ يتَهَلَّلُ وجهُهُ يضحَكُ، فبينما هوَ كذلِكَ إذ هبطَ عيسى بنَ مريمَ بشرقيِّ دمشقَ عندَ المَنارةِ البيضاءِ بينَ مَهْرودتينِ، قال: ويمرُّ واضعًا يدَه على أجنحةِ ملَكَينِ ، إذ طَأطأَ رأسَهُ قطر ، وإذا رفَعهُ تحدَّرَ منه جُمانٌ كاللُّؤلؤِ، قال: ولا يحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفسِهِ – يعني أحدًا إلَّا ماتَ ، وريحُ نَفسِهِ مُنتهى بصرِهِ ، قال: فيطلُبُهُ حتَّى يدرِكَهُ بباب لدٍّ ، فَيقتلُهُ . قال :  فيَلبَثُ كذلِكَ ما شاء اللَّهُ ؟ قال : ثُمَّ يوحي اللَّهُ إليهِ أن جوِّزْ عِبادي إلى الطُّورِ فإنِّي قد أنزَلتُ عبادًا لي لا يَدَ لأحدٍ بقتالِهِم ، قالَ : ويبعَثُ اللَّهُ يأجوجَ ومأجوجَ وَهُم كما قال اللَّه : وهم من كلِّ حدَب ينسِلونَ ، أولهم ببُحَيرَةٍ الطَّبريَّة فيشرب ما فيها ، ثم يمر بِها آخرُهُم فيقولونَ : لقد كان بهذه مرَّةً ماءٌ ، ، ثم يسيرونَ حتى ينتَهوا إلى جبلِ بيتِ المقدِسِ فيقولونَ : لقد قتَلنا مَن في الأرضِ فهلمَّ فلنقتُلْ مَن في السَّماءِ ، فيرمون بنِشابِهم إلى السَّماءِ فيَردُّ اللَّهُ عليهم نِشابَهم مُحمرًّا دمًا، ويحاصَرُ عيسى بنُ مريَمَ وأصحابُهُ حتَّى يَكونَ رأسُ الثورِ يومئذٍ خيرًا لهم مِن مائةِ دينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ ، قال: فيرغبُ عيسى بنُ مريمَ إلى اللَّهِ وأصحابُهُ قال: فيرسلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغفَ في رقابِهِم فيُصبحونَ فَرسى مَوتى كمَوتِ نفسٍ واحدةٍ، قال: ويهبِطُ عيسَى وأصحابُهُ، فلا يجدُ موضعَ شبرٍ إلا وقد ملأته زَهمتُهم ونتَنُهم ودماؤهم. قال: ونتنُهُم فيرغبُ عيسى إلى اللَّهِ وأصحابُهُ قال، فيرسلُ اللَّهُ ، عليهم طيرًا كأعناقِ البُختِ ، فتحملُهُم فتطرحُهُم بالمهبَلِ ويستوقِدُ المسلِمونَ من قِسيِّهم ونشابِهم وجِعابِهم سبعَ سنينَ ، ويرسِلُ اللَّه علَيهِم مطرًا لا يَكُنُّ منهُ بيتُ وبَرٍ ولا مدَرٍ ، قال فيغسلُ الأرضَ فيترُكَها كالزَّلِفةِ ، قال ثمَّ يقالُ للأرضِ : أخرِجي ثَمرَتكِ وردِّي برَكَتَكِ ، فيومَئذٍ تأكُلُ العِصابةُ منَ الرُّمَّانةِ ويستظِلُّونَ بقَحفِها ، ويبارِكُ في الرِّسلِ حتَّى أنَّ الفئامَ مِن النَّاسِ ليكتفونَ باللِّقحَةِ منَ الإبلِ ، وأنَّ القَبيلةَ ليكتفونَ باللَّقحَةِ من البَقَرِ ، وإن الفخِذَ ليكتفونَ باللَّقحَةِ من الغنَمِ، فبينما هم كذلِكَ إذ بعثَ اللَّهُ ريحًا فقبضَت روحَ كلِّ مؤمنٍ ، ويَبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ كما يتَهارجَ الحُمُرِ ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ)  ([19])

(ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّجَّالَ فقال إن يخرُجْ وأنا فيكم ! فأنا حجيجُه دونكم ، وإن يخرُجْ ولست فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسِه ، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ ، فمن أدركه منكم فليقرَأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ، فإنَّها جِوارُكم من فتنتِه . قلنا: وما لُبثُه في الأرضِ ؟ قال : أربعون يومًا : يومٌ كسنةٍ ويومٌ كشهرٍ ، ويومٌ كجمعةٍ ، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامِكم فقلنا: يا رسولَ اللهِ : هذا اليومُ الَّذي كسَنةٍ أتكفينا فيه صلاةُ يومٍ وليلةٍ ؟ قال : لا ، اقدُروا له قدرَه ، ثمَّ ينزِلُ عيسَى بنُ مريمَ ، عند المنارةِ البيضاءِ شرقِيَّ دمشقَ فيُدرِكُه عند بابِ لُدٍّ فيقتُلُه) ([20])

الفرع الثاني‏: ‏ كان يُظنُّ أنّ ابن صياد هو الدّجال

‏عَنْ ‏ابْنِ عُمَرَ‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ ‏بِابْنِ صَائِدٍ ‏فِي نَفَرٍ ‏مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ ‏عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ ‏أُطُمِ ‏بَنِي مَغَالَةَ ‏وَهُوَ غُلامٌ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ ‏قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ‏ابْنُ صَيَّادٍ ‏فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأمِّيِّينَ ثُمَّ قَالَ ‏ابْنُ صَيَّادٍ ‏لِلنَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مَا يَأْتِيكَ قَالَ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏خُلِطَ عَلَيْكَ الأمْرُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً وَخَبَّأَ لَهُ ‏‏‏( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) [الدّخان 10].

قَالَ ‏ابْنُ صَيَّادٍ ‏هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ ‏عُمَرُ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏إِنْ يَكُنْ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ ‏يَعْنِي ‏الدَّجَّالَ ‏وَإِلا يَكُنْ هُوَ فَلا خَيْرَ فِي قَتْلِهِ ([21]).

وشرحه في عون المعبود شرح سنن أبي داود:

( وَهُوَ ) ‏: أَيْ اِبْن صَائِد وَالْوَاو لِلْحَالِ ‏( يَلْعَب مَعَ الْغِلْمَان ) ‏: جَمْع الْغُلام ... ‏( ثُمَّ قَالَ اِبْن صَيَّاد لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه ) ‏: زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ فَرَفَضَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  قَالَ النَّوَوِيّ: أَيْ تَرَكَ سُؤَاله الإسْلام لِيَأْسِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي سُؤَاله عَمَّا يَرَى. وَفِي الْمِشْكَاة فَرَصَّهُ بِتَشْدِيدِ الصَّاد الْمُهْمَلَة. قَالَ الْقَارِي: أَيْ ضَغَطَهُ حَتَّى ضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض اِنْتَهَى. ( فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْت بِاَللَّهِ وَرُسُله ) ‏: فَإِنْ قِيلَ كَيْف لَمْ يَقْتُلهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ اِدَّعَى بِحَضْرَتِهِ النُّبُوَّة ؟ فَالْجَوَاب مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُ كَانَ غَيْر بَالِغ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّام مُهَادَنَة الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ .

‏وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن بِهَذَا الْجَوَاب الثَّانِي . قَالَ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة إِنَّمَا جَرَتْ مَعَهُ أَيَّام مُهَادَنَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْد مَقْدَمِهِ الْمَدِينَة كَتَبَ بَيْنه وَبَيْن الْيَهُود كِتَاباً وَصَالَحَهُمْ فِيهِ عَلَى أَنْ لا يُهَاجِمُوا وَيَتْرُكُوا أَمْرهمْ وَكَانَ اِبْن صَيَّاد مِنْهُمْ أَوْ دَخِيلا فِي جُمْلَتهمْ، وَكَانَ يَبْلُغ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَره وَمَا يَدَّعِيه مِنْ الْكِهَانَة وَيَتَعَاطَاهُ مِنْ الْغَيْب فَامْتَحَنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِيَرُوزَ أَمْره وَيَخْبُر شَأْنه ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ عَلِمَ أَنَّهُ مُبْطِل وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَة السَّحَرَة أَوْ الْكَهَنَة أَوْ مِمَّنْ يَأْتِيه رِئْي مِنْ الْجِنّ أَوْ يَتَعَاهَدهُ شَيْطَان فَيُلْقِي عَلَى لِسَانه بَعْض مَا يَتَكَلَّم اِنْتَهَى مُخْتَصَراً .

‏( مَا يَأْتِيك) ‏: أَيْ مِنْ أَخْبَار الْغَيْب وَنَحْوه ‏( قَالَ) ‏: أَيْ اِبْن صَيَّاد ‏(صَادِق) ‏: أَيْ خَبَر صَادِق ‏(وَكَاذِب) ‏: أَيْ خَبَر كَاذِب . ‏قَالَ الْقَارِي: وَقِيلَ حَاصِل السُّؤَال أَنَّ الَّذِي يَأْتِيك مَا يَقُول لَك ، وَمُجْمَل الْجَوَاب أَنَّهُ يُحَدِّثنِي بِشَيْءٍ قَدْ يَكُون صَادِقاً وَقَدْ يَكُون كَاذِباً ‏(خُلِّطَ عَلَيْك الأمْر) ‏: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول مُشَدَّداً لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِير وَيَجُوز تَخْفِيفه أَيْ شُبِّهَ عَلَيْك الأمْر أَيْ الْكَذِب بِالصِّدْقِ . قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه: أَيْ مَا يَأْتِيك بِهِ شَيْطَانك مُخَلَّط.

‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ تَارَات يُصِيب فِي بَعْضهَا وَيُخْطِئ فِي بَعْضهَا فَلِذَلِكَ اِلْتَبَسَ عَلَيْهِ الأمْر:‏( قَدْ خَبَّأْت لَك ) ‏: أَيْ أَضْمَرْت لَك فِي نَفْسِي ‏( خَبِيئَة ) ‏: أَيْ كَلِمَة مُضْمَرَة لِتُخْبِرنِي بِهَا ‏( هُوَ الدُّخّ ) ‏‏: قَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَتَشْدِيد الْخَاء وَهِيَ لُغَة فِي الدُّخَان ، وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالدُّخِّ هُنَا الدُّخَان وَأَنَّهَا لُغَة فِيهِ ، وَخَالَفَهُمْ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ لا مَعْنَى لِلدُّخَانِ هُنَا لأنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُخَبَّأ فِي كَفّ أَوْ كُمّ كَمَا قَالَ إِلا أَنْ يَكُون مَعْنَى خَبَّأْت أَضْمَرْت لَك اِسْم الدُّخَان فَيَجُوز ، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ لَهُ آيَة الدُّخَان وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: { فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين  .{   قَالَ الْقَاضِي (أنظر كذلك صحيح مسلم بشرح النّووي): وَأَصَحّ الأقْوَال أَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ الآيَة الَّتِي أَضْمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا لِهَذَا اللَّفْظ النَّاقِص عَلَى عَادَة الْكُهَّان إِذَا أَلْقَى الشَّيْطَان إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يَخْطَف قَبْل أَنْ يُدْرِكهُ الشِّهَاب، وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اِخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُو قَدْرك ".  قال صاحب اللمعات: هذا إما لكونه صلى الله عليه وسلم تكلم في نفسه أو كلم بعض أصحابه فسمعه الشيطان فألقاه إليه ‏([22]).

‏( اِخْسَأْ ) ‏: بِفَتْحِ السِّين وَسُكُون الْهَمْزَة كَلِمَة تُسْتَعْمَل عِنْد طَرْد الْكَلْب مِنْ الْخُسُوء وَهُوَ زَجْر الْكَلْب ‏‏( فَلَنْ تَعْدُوَ ) ‏: بِضَمِّ الدَّال أَيْ فَلَنْ تُجَاوِز ‏( قَدْرك )‏: أَيْ الْقَدْر الَّذِي يُدْرِكهُ الْكُهَّان مِنْ الاهْتِدَاء إِلَى بَعْض الشَّيْء قَالَهُ النَّوَوِيّ (صحيح مسلم بشرح النّووي): وَقَالَ الطِّيبِيّ: أَيْ لا تَتَجَاوَز عَنْ إِظْهَار الْخَبِيئَات عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا هُوَ دَأْب الْكَهَنَة إِلَى دَعْوَى النُّبُوَّة فَتَقُول أَتَشَهَد أَنِّي رَسُول اللَّه ‏( إِنْ يَكُنْ ) ‏: أَيْ إِنْ يَكُنْ هَذَا دَجَّالا ( فَلَنْ تُسَلَّط عَلَيْهِ ) ‏: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ لا تَقْدِر عليه ‏( يَعْنِي الدَّجَّال ) ‏: هَذَا تَفْسِير لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُور فِي قَوْله عَلَيْهِ مِنْ بَعْض الرُّوَاة ‏( وَإِنْ لا يَكُنْ هُوَ ) : لَيْسَ فِي بَعْض النُّسَخ لَفْظ هُوَ، وَهُوَ خَبَر كَانَ وَاسْمه مُسْتَكِنّ فِيهِ وَكَانَ حَقّه أَنْ يُكِنّهُ فَوَضَعَ الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوْضِع الْمَنْصُوب الْمُتَّصِل عَكْس قَوْلهمْ لَوْلاهُ ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون تَأْكِيداً لِلْمُسْتَكِنِّ وَالْخَبَر مَحْذُوفاً عَلَى تَقْدِير إِنْ لا يَكُنْ هُوَ الدَّجَّال ‏( فَلا خَيْر فِي قَتْله ) ‏: أَيْ لِكَوْنِهِ صَغِيراً أَوْ ذِمِّيّاً أَوْ كَوْن كَلامه مُحْتَمِلا فِيهِ أَقْوَال وَقَدْ جَزَمَ الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّه بِالْقَوْلِ الثَّانِي (عون المعبود شرح سنن أبي داود،  صحيح مسلم بشرح النووي) .

‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ خَبَّأَ لَهُ ( يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين ). وَالإسْنَاد الَّذِي خَرَّجَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ رِجَاله ثِقَات

ظهور الدّجال من علامات السّاعة، وكان يُظنُّ أنّ ابن صياد هو الدّجال.  وبالتالي كان من المناسب أن يخبيء له الرّسولُ -‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  الدّخان الّذي هو من علامات السّاعةً أيضا ( فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين).

الفرع الثالث: لم يسلَّط علَى الدَّجَّالِ إلَّا عيسَى ابنُ مَريمَ: يخرجُ الدجَّالُ في أمتي فيمكثُ أربعينَ. فيبعثُ اللهُ عيسى بنَ مريمَ فيطلبُه فيهلكُه . ثم يمكث الناسُ سبعَ سنينَ . ليس بين اثنين عداوةٌ. ثم يرسل اللهُ ريحًا باردةً من قِبَلِ الشأمِ . فلا يبقى على وجه الأرضِ أحدٌ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلا قبضتْه . فيبقى شرارُ الناسِ، ثم يُنفخُ في الصُّورِ، ويُصعقُ الناسُ

(بينَما أَنا يومًا وغلامٌ منَ الأنصارِ نرمي غرضًا لَنا على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، حتَّى إذا كانتِ الشَّمسُ على قَدرِ رُمحَينِ أو ثلاثةٍ في عينِ النَّاظرِ في الأفقِ، اسودَّت حتَّى آضَت كأنَّها تنُّومةٌ، فقالَ أحدُنا لصاحبِهِ : انطلق بنا إلى المسجِدِ، فواللَّهِ ليُحْدِثَنَّ شأنُ هذِهِ الشَّمسِ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في أمَّتِهِ حدثًا. فدفَعنا إلى المسجدِ، فإذا هوَ بارزٌ، فوافَقنا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ خرجَ إلى النَّاسِ، قالَ : فتقدَّمَ وصلَّى بِنا كأطولِ ما قامَ بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمَعُ لَهُ صوتَهُ، ثمَّ سجدَ بنا كأطولِ ما سجدَ بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمعُ لَهُ صوتَهُ، قالَ : ثمَّ سلَّمَ، فحمدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ، وشَهِدَ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وشهِدَ أنَّهُ عبدُهُ ورسولُهُ، ثمَّ قالَ : يا أيُّها النَّاسُ، إنَّما أَنا بَشرٌ ورسولُ اللَّهِ، فأذَكِّرُكُمُ اللَّهَ إن كنتُمْ تعلَمونَ أنِّي قصَّرتُ عن شيءٍ مِن تبليغِ رِسالاتِ ربِّي لما أخبَرتُموني حتَّى أبلِّغَ رِسالاتِ ربِّي كَما ينبَغي أن تبلَّغَ، وإن كنتُمْ تعلمونَ أنِّي قد بلَّغتُ رِسالاتِ ربِّي لما أخبرتُموني قالَ : فقامَ النَّاسُ فقالوا : نشهدُ أنَّكَ قد بلَّغتَ رسالاتِ ربِّكَ، ونصَحتَ لأمَّتِكَ، وقَضيتَ الَّذي عليكَ . قالَ : ثمَّ سَكَتوا، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : أمَّا بعدُ، فإنَّ رجالًا يزعُمونَ أنَّ كُسوفَ هذِهِ الشَّمسِ، وَكُسوفَ هذا القمرِ، وزوالَ هذِهِ النُّجومِ عن مطالعِها لِموتِ رجالٍ عظماءَ من أَهْلِ الأرضِ، وأنَّهم كذَبوا، ولَكِن آياتٌ من آياتِ اللَّهِ يفتنُ بِها عبادَهُ لينظرَ مَن يُحدِثُ منهم تَوبةً، واللَّهِ لقد رأيتُ منذُ قمتُ أصلِّي ما أنتُمْ لاقونَ في دُنْياكم وآخرَتِكُم، وأنَّهُ واللَّهِ لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يخرجَ ثلاثونَ كذَّابًا، آخرُهُمُ الأعوَرُ الدَّجَّالُ مَمسوحُ العَينِ اليسرى كأنَّها عينُ أبي يحيى لشَيخٍ منَ الأنصارِ، وأنَّهُ متَى خرجَ فإنَّهُ يزعُمُ أنَّهُ اللَّهُ، فمَن آمنَ بِهِ وصدَّقَهُ واتَّبعَهُ فليسَ ينفعُهُ صالحٌ من عملٍ سلَفَ، ومن كفرَ بِهِ وَكَذَّبَهُ فليسَ يعاقَبُ بشيءٍ من عملِهِ سلفَ، وأنَّهُ سيظهرُ على الأرضِ كُلِّها إلَّا الحرمَ وبيتَ المقدسِ، وأنَّهُ يحصُر المؤمنينَ في بيتِ المقدسِ فيتزَلزلونَ زلزالًا شديدًا فيصبِحُ فيهم عيسى ابنُ مريمَ فيَهْزمُهُ اللَّهُ وجنودُهُ، حتَّى أنَّ أَجذُمَ الحائطِ وأصلَ الشَّجر ليُنادي : يا مؤمنُ، هذا كافرٌ يستترُ بي، فتعالَ اقتُلهُ، قالَ : فلن يَكونَ ذلِكَ حتَّى ترون أمورًا يتفاقَمُ شأنُها في أنفسِكُم، تساءلونَ بينَكُم: هَل كانَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ذَكَرَ لَكُم منها ذِكْرًا، وحتَّى تزولَ جبالٌ عن مَراسيها، ثمَّ على أثرِ ذلِكَ القَبضُ، وأشارَ بيدِهِ . قالَ : ثمَّ شَهِدْتُ خطبةً أخرى قالَ : فذَكَرَ هذا الحديثَ ما قدَّمَها ولا أخَّرَها) ([23]) .

يخرجُ مع الدجال اليهودُ: (ما يُبكيكِ ؟ ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ! ذكرتَ الدجالَ ، قال: فلا تَبْكِينَ ، فإن يخرجُ وأنا حيٌّ أكفيكُمُوه، وإن مُتُّ فإنَ ربَّكم ليس بأعورَ ، وإنَّهُ يخرجُ معه اليهودُ ، فيسيرُ حتى ينزلَ بناحيةِ المدينةِ، وهي يومئذٍ لها سبعةُ أبوابٍ ، على كلِّ بابٍ ملَكانِ ، فيُخرجُ اللهُ شرارَ أهلِها ، فينطلقُ [ حتى ] يأتي ( لُدًّا ) ، فينزلُ عيسى ابنُ مريمَ فيقتلُه ، ثم يلبثُ عيسى في الأرضِ أربعين سنةً؛ [ أو قريبًا من أربعين سنةً ] إمامًا عدلًا، وحكمًا مقسطًا) ([24]).

 (يمكثُ عيسَى في الأرضِ بعد ما ينزلُ أربعينَ سنةً ثمَّ يموتُ ويصلِّي عليه المسلمونَ ويدفنوهُ) ([25]) .

(إنَّ الأعورَ الدجالَ – مسيحُ الضلالةِ – يخرجُ من قِبلِ المشرقِ ، في زمانِ اختلافٍ من الناسِ وفُرقةٍ ، فيبلغُ ما شاء اللهُ من الأرضِ في أربعين يومًا، [ اللهُ ] أعلمُ ما مقدارَها، اللهُ أعلمُ ما مقدارَها (مرتين)؟ ! ويُنزلُ [ اللهُ ] عيسى ابن مريمَ ؛ فيَؤُمَّهم ، فإذا رفع رأسَه من الركعةِ قال : سمع اللهُ لمن حمدَه ، قتل اللهُ الدجالَ وأظهرَ المؤمنين) ([26] ) .

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([27]) ، ([28]) ، ([29]) ، ([30]) ، ([31]) ، ([32]) ، ([33]) ، ([34]) ، ([35]) ، ([36]) ، ([37]) ، ([38]) ، ([39]) ، ([40]) ، ([41]) ، ([42]) ، ([43])، ([44] )، ([45])، ([46]) .

الفرع الرابع : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } قال : وهو خروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليهِ السلامُ قبل يومِ القيامةِ

يقول تعالى: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) (الزخرف 57).  وعن عبدالله بن عباس: (لقد عُلِّمْتُ آيةً من القرآنِ ما سألني عنها رجلٌ قطُّ فما أدري أَعَلِمها الناسُ فلم يسألوا عنها أم لم يَفْطِنوا لها فيسألوا عنها ثم طَفِقَ يُحدِّثنا فلما قام تلاومنا أن لا نكونَ سألناهُ عنها فقلتُ : أنا لها إذا راح غدًا فلما راح الغدَ قلتُ : يا ابنَ عباسٍ ذكرتَ أمسَ أنَّ آيةً من القرآنِ لم يسألك عنها رجلٌ قطُّ فلا تدري أعلمها الناسُ فلم يسألوا عنها أم لم يَفطنوا لها فقلتُ : أَخْبِرْني عنها وعن اللاتي قرأتَ قبلها قال: نعم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لقريشٍ : يا معشرَ قريشٍ إنَّهُ ليس أحدٌ يُعْبَدُ من دونِ اللهِ فيهِ خيرٌ.  وقد عَلِمَتْ قريشٌ أنَّ النصارى تعبدُ عيسى بنَ مريمَ وما تقولُ في محمدٍ فقالوا: يا محمدُ ألست تزعمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا من عبادِ اللهِ صالحًا فلئن كنتَ صادقًا فإنَّ آلهتهم لكما تقولون قال: فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } قال : قلتُ : ما يصِدُّون قال : يضجُّون { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } قال : وهو خروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليهِ السلامُ قبل يومِ القيامةِ) ([47] ) .

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([48] ) ([49]) ، ([50]) ، ([51] ) ، ([52]) ، ([53]) ، ([54]) ، ([55]) ، ([56]) ، ([57]) .

وتفسير الحديث: ( تتبع كلّ أمّة ما كانت تعبد) هذا لمن رضي أن يعبد من دون الله.  أمّا بالنسبة لعيسى عليه السلام فإنّه رسولٌ يهدي إلى عبادة الله الواحد الفرد الصمد.  لذا (يُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عيسَى شيطانُ عيسَى، ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ).  وهذا ما تبينه الأحاديث في أواخر الكتاب، ومنها قولُ رسولنا صلى الله عليه وسلّم: (يجمَعُ اللَّهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ أربَعينَ سنةً ، شاخصةً أبصارُهُم إلى السَّماءِ ينتظرونَ فصلَ القضاء ، وينزلُ اللَّهُ في ظُللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثمَّ يُنادي مُنادٍ أيُّها النَّاسُ ألَم تَرضوا مِن ربِّكمُ الَّذي خلقَكُم ورزقَكُم وأمرَكُم أن تعبُدوهُ ولا تُشرِكوا بهِ شيئًا أن يولِّيَ كلَّ ناسٍ ما كان يتَولَّى ويعبُدُ في الدُّنيا أليسَ ذلِكَ عدلًا مِن ربِّكم قالوا بلَى فينطلِقونَ فيتمثَّلُ لَهُم أشباهُ ما كانوا يعبُدونَ فَمِنْهُم مَن ينطلقُ إلى الشَّمسِ وَمِنْهُم مَن ينطلقُ إلى القمَرِ وإلى الأوثانِ ويتمثَّلُ لمن كانَ يعبُدُ عيسَى شيطانُ عيسَى ولِمَن كانَ يعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ ويبقى محمَّدٌ وأُمَّتُه فيتمثَّلُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ لهم فيأتيهِم فيقولُ ما لَكُم لا تنطلِقونَ كما انطلقَ النَّاسُ فيقولونَ بينَنا وبينَهُ علامةً فإذا رأَيناه عرَفناه فيقولُ ما هي فيقولونَ يَكْشفُ عن ساقٍ فعندَ ذلِكَ يُكْشفُ عن ساقِهِ فيخرُّون ويبقَى قومٌ ظُهورُهُم كصَياصيِّ البقَرِ يريدونَ السُّجودَ فلا يَستَطيعونَ ثمَّ يقولُ ارفَعوا رؤوسَكُم فيعطيهِم نورَهُم علَى قدرِ أعمالِهِم والرَّبُّ عزَّ وجلَّ أمامَهُم) ([58]).

(وإنّه لعلم للساعة): عَائِد عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف 61).  الصَّحِيح أَنَّهُ عَائِد عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَإِنَّ السِّيَاق فِي ذِكْره ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ نُزُوله قَبْل يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته " أَيْ قَبْل مَوْت عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " ... قَالَ مُجَاهِد " وَإِنَّهُ لَعِلْم لِلسَّاعَةِ " أَيْ آيَة لِلسَّاعَةِ خُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَبْل يَوْم الْقِيَامَة وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَأَبِي الْعَالِيَة وَأَبِي مَالِك وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَبْل يَوْم الْقِيَامَة إِمَامًا عَادِلًا وَحَكَمًا مُقْسِطًا (ابن كثير) .

إِنَّهُ خُرُوج عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْلَام السَّاعَة . لِأَنَّ اللَّه يُنَزِّلهُ مِنْ السَّمَاء قُبَيْل قِيَام السَّاعَة ، كَمَا أَنَّ خُرُوج الدَّجَّال مِنْ أَعْلَام السَّاعَة .  وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَقَتَادَة وَمَالِك بْن دِينَار وَالضَّحَّاك " وَإِنَّهُ لَعَلَم لِلسَّاعَةِ " ( بِفَتْحِ الْعَيْن وَاللَّام ) أَيْ أَمَارَة .(القرطبي).

(عنِ ابنِ عباسٍ ، رضي اللهُ عنهما ، قال: إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ، قال: نُزولُ عيسَى ابنِ مريمَ ، عليه السلامُ) ([59]).

 

المبحث الثاني: نزول المسيح عليه السلام وحملُهُ النَّاسَ كلَّهم على الدخولِ في الإسلامِ

الفرع الأول: والذي نفسي بيدِه ، ليُوشكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا مقسطًا ، فتكونُ الملَّةُ واحدةً وهي مِلَّةُ الإسلامِ ، ويضعُ الجزيةَ ، ويفيضُ المالُ

يقول تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) (النساء 157).

(والذي نفسي بيدِه ، ليُوشكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا مقسطًا ، فيكسرُ الصليبَ، ويقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجزيةَ ، ويفيضُ المالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ) ([60] ) .

(والذي نفسي بيدِه ، ليُوشِكن أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا عدلًا ، فيكسرَ الصليبَ ، ويقتلَ الخنزيرَ، ويضعَ الجزيةَ ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ ، حتى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيرًا من الدنيا وما فيها . ثم يقولُ أبو هريرةَ : واقرؤوا إن شئتم : {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } .) ([61] ) .

شرح الحديث: مِنَ العَلاماتِ الَّتي تكونُ قبْلَ قيامِ السَّاعةِ نزولُ عيسى ابنِ مريمَ عليه السَّلام، فإنَّه ينزلُ آخِرَ الزَّمانِ كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ أوشكَ على النُّزولِ، أي: اقتربَ (إنه لَحَقٌّ وأَمَّا إِنَّهُ قريبٌ فكُلُّ مَا هو آتٍ قَرِيبٌ).  فيكونُ حَكَمًا عدلًا بَيْنَ النَّاسِ، فَيكسِرُ الصَّليبَ؛ إشارةً إلى بُطلانِ دِينِ النَّصارى وما ادَّعَوْه كذبًا عليه، ويضعُ الجزيةَ، يعني: يَحمِلُ النَّاسَ كلَّهم على الدخولِ في الإسلامِ، فلا يبقَى أحدٌ يدفعُ الجزيةَ، أو أنَّه لا يأخذُ جِزيةً؛ لِوفرةِ المال وانعدامِ الفُقراءِ، ويَفيضُ المالُ فلا يقبلُه أحدٌ حتَّى تكون السَّجدةُ خيرًا مِنَ الدُّنيا وما فيها؛ لأنَّهم حينئذٍ لا يَتقرَّبون إلى اللهِ إلَّا بالعِباداتِ لا بِالتَّصدُّقِ بالمالِ، ثُمَّ قال أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: اقرؤوا إنْ شِئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159]، فاستدلَّ بِالآيةِ على نُزولِ عيسى عليه السَّلامُ في آخِرِ الزَّمان مِصداقًا لِلحديثِ، والمعنى: وإنْ مِن أهلِ الكتابِ مِن أحدٍ إلَّا لَيُؤمِننَّ بعيسى قبْلَ مَوتِ عيسى، وهم أهلُ الكِتابِ الَّذين يكونون في زَمانِ نُزولِه، فتكونُ الملَّةُ واحدةً وهي مِلَّةُ الإسلامِ.

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: (([62] ) ، ([63] ) ، ([64] ) ، ([65] ) ، ([66] ) ، ([67] ) ، ([68] ) ، ([69] ) ، ([70]) ، ([71] ) ، ([72] ) ، ([73] ) ، ([74] ) ، ([75] ) ).

وأقول هذه هي رحمة الله باليهود: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بالإيمان بعيسى عليه السلام عند عودته: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) (الإسراء 8).

(والَّذي نفسي بيدِه ليوشِكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مرْيمَ حَكمًا عدلًا فيَكسرُ الصَّليبَ، ويقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجِزْيةَ، ثمَّ يقولُ أبو هرَيرةَ اقرَؤوا إن شِئتُم وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ([76] ) .

(يَنْزِلُ عيسى عليه ثوبان مُمَصَّرَان فيَدُقُّ الصليبَ، ويَقْتُلُ الخنزيرَ، ويَضَعُ الجزيةَ، ويدعو الناسَ إلى الإسلامِ ، ويُهْلِكُ اللهُ في زمانِه المِلَلَ كلَّها إلا الإسلامَ ، وتَقَعُ الأَمَنَةُ في الأرضِ حتى تَرْتَعَ الأُسُودُ مع الإبلِ، وتَلْعَبُ الصبيانُ بالحيَّاتِ - وقال في آخرِه - ثم يُتَوَفَّى ، ويُصَلِّي عليه المسلمون.) ([77]) .

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي:-

 ([78]) ، ([79]) ، ([80]) ، ([81]) ، ([82]) ، ([83]) ، ([84]) ، ([85]) ، ([86]).

([87] ) ، ([88] ) ، ([89] ) ، ([90] ) .

الفرع الثاني: ينزِلُ عيسى بنُ مريمَ مصدِّقًا بمحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى ملتِّهِ إمامًا مهديًّا وحكَمًا عدْلًا فَيَقْتُلُ الدجالَ

 (واللهِ ! ليَنزِلَنَّ ابنُ مريمَ حَكَمًا عادلًا . فلَيَكسِرَنَّ الصليبَ . ولَيَقتُلَنَّ الخِنزيرَ . ولَيَضَعَنَّ الجِزيَةَ . ولَتُترَكَنَّ القِلاصُ فلا يُسعَى عليها . ولَتَذْهَبَنَّ الشَّحناءُ والتَّباغُضُ والتَّحاسُدُ . ولَيُدعَوُنَّ ( ولَيَدعُوَنَّ ) إلى المالِ فلا يَقبَلُه أحدٌ) ([91] ) .

(لا تقومُ الساعةُ حتَّى ينزلَ الرومُ بالأعماقِ ، أوْ بدابقٍ . فيخرجُ إليهمْ جيشٌ مِنَ المدينةِ . مِنْ خيارِ أهلِ الأرضِ يومئذٍ . فإذا تصافُّوا قالتِ الرومُ : خلُّوا بينَنا وبينَ الذينَ سُبُوْا مِنَّا نقاتلُهُمْ . فيقولُ المسلمونَ : لا . واللهِ ! لا نُخلِّي بينَكمْ وبينَ إخوانِنا . فيقاتلونَهُمْ . فينهزمُ ثلثٌ لا يتوبُ اللهُ عليهمْ أبدًا. ويقتلُ ثلثُهمْ ، أفضلُ الشهداءِ عندَ اللهِ . ويفتتحُ الثلثُ . لا يُفتنونَ أبدًا . فيفتتحونَ قُسطنطينيةَ . فبينَما همْ يقتسمونَ الغنائمَ، قدْ علَّقوا سيوفَهُمْ بالزيتونِ ، إذْ صاحَ فيهم الشيطانُ : إنَّ المسيحَ قدْ خلَفَكمْ في أهليكُمْ . فيخرجونَ . وذلكَ باطلٌ . فإذا جاءُوا الشامَ خرجَ . فبينَما همْ يعدونَ للقتالِ ، يسوونَ الصفوفَ ، إذْ أُقيمتِ الصلاةُ . فينزلُ عِيسى ابنُ مريمَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فأمَّهُمْ . فإذا رآهُ عدوُّ اللهِ ، ذابَ كما يذوبُ الملحُ في الماءِ . فلوْ تركَهُ لانذابَ حتى يهلكَ . ولكنْ يقتلُهُ اللهُ بيدِهِ . فيريهِمْ دمَهُ في حربتِهِ) ([92] ) .

شرح الحديث: يَحكي أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تنزلَ الرُّومُ بِالأعماقِ أو بِدابقٍ، والأعماقُ ودَابقٌ مَوضعانِ بِالشَّامِ بِالقُربِ مِن حَلَبٍ، فَيخرجُ إليهم جيشٌ مِنَ المدينةِ مِن خيارِ أهلِ الأرضِ يومَئذٍ؛ احترازًا مِن زمنِه صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم، فإذا تَصافُّوا قالتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَينَنا وَبَيْنَ الَّذينَ سُبَوْا مِنَّا نَقتُلهم؛ يريدونَ بذلك مُقاتَلَة المؤمنينَ ومُخادعَةَ بعضِهم عَن بعضٍ، ويَبغونَ بِه تفريقَ كلِمَتِهم، والْمُرادونَ بِذلك همُ الَّذينَ غَزَوْا بلادَهم، فَسَبَوْا ذُرِّيَّتَهم فَيقولُ المسلمونَ: لا واللهِ لا نُخَلِّي بيْنَكم وبين إخوانِنا، فَيُقاتلونَهم، أي: المسلمونَ (يقاتلون) الكفرةَ، فَينهزِمُ ثُلثٌ، أي: مِنَ المسلمينَ ولا يتوبُ اللهُ عليهم أبدًا كنايةً عَن موتِهم على الكفرِ، وتعذِيبِهم على التَّأبِيدِ، ويُقتلُ ثُلثُهم أفضلُ الشُّهداءِ عِندَ اللهِ ويَفتَتِحُ الثُّلثُ، أي: الباقي مِنَ المسلِمينَ لا يُفتَنونَ، أي: لا يُبتلَوْنَ بِبليَّةٍ، أو لا يُمتحنونَ بِمقاتَلةٍ، أو لا يُعذَّبون أبدًا، فَفيه إشارةٌ إلى حُسنِ خَاتمتِهم، فَيفَتتحونَ قُسطَنْطِينيَّةَ، أي: يَأخذونَها مِن أيدي الكفَّارِ، فَبينَما هم، أي: المسلمونَ يَقْتسِمونَ الغنائمَ قد علَّقُوا سُيوفَهم بِالزَّيتونِ: أرادَ الشَّجرَ المعروفَ، وهو دليلٌ على كمالِ الأمْنِ إذ صاحَ فيهمُ الشَّيطانُ، أي: نادى بِصوتٍ رفيعٍ، إنَّ المسيحَ، أي: أعْلَمَهم، والمرادُ بِالمسيحِ هَاهنا الدَّجَّالُ، قد خلَفَكم، أي: قامَ مَقامَكم في أهلِيكم، أي: في ذَرَارِيكم فَيَخرجونَ، أي: جيشُ المدينةِ مِن قُسْطَنطينِيَّةَ، وذلك، أي: القولُ مِنَ الشَّيطانِ باطلٌ، أي: كذِبٌ وزُورٌ، فإذا جاؤوا، أي: المسلمونَ الشَّامَ خرَجَ، فَبينما هم يَعْدُونَ، أي: يَستعِدُّون ويَتهيَّؤُونَ لِلقتالِ، يُسوُّونَ الصُّفوفَ إذْ أُقيمَتِ الصَّلاةُ، أي: وقتُ إقامةِ المؤذنِ لِلصَّلاةِ، فَينزلُ عيسى ابنُ مَريمَ عليه السلام، أي: مِنَ السَّماءِ على مَنارةِ مَسجدِ دِمشقَ فَيأتي القُدسَ فَأَمَّهم، أي: أَمَّ عِيسى المسلمينَ في الصَّلاةِ فَإِذا رآه، أي: رأى عِيسى عدُوُّ اللهِ، أي: الدَّجَّالُ ذَابَ، أي: شرَعَ في الذَّوبانِ كما يَذوبُ الملحُ في الماءِ فلو تَرَكه، أي: لَو تَركَ عِيسى الدَّجَّالُ ولم يقتُلْه لَانْذابَ حتَّى يَهلِكَ، أي: بِنفسِه بِالكلِّيَّةِ، ولكنْ يقتلُه اللهُ بِيدِه، أي: بِيدِ عيسى عليه السلام فَيُريهم دَمَه، أي: دمَ الدَّجَّالِ في حرْبَتِه: وهي رُمحٌ صغيرٌ.

في الحديثِ: إخبارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ الغَيبيَّاتِ.  وفيه: بيانُ فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ.  وفيه: بيانُ الملحمَةِ الكبرى.

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([93]) ، ([94])، ([95])، ([96]) ، ([97]) ، ([98])، ([99]) .

([100]) ، ([101]) ، ([102]) ، ([103]) ، ([104]) .

مَنْ أدرَكَ منكم عيسى ابنَ مريَمَ ، فلْيُقْرِئْهُ منِّي السلامَ

(مَنْ أدرَكَ منكم عيسى ابنَ مريَمَ ، فلْيُقْرِئْهُ منِّي السلامَ) ([105]).  (إنِّي لأَرْجو إنْ طالَ بي عُمُرٌ أنْ أَلقى عيسى ابنَ مَريمَ، فإنْ عجِلَ بي مَوتٌ؛ فمَن لَقِيَه مِنكم فليُقرِئْه مِنِّي السَّلامَ) ([106]).

(إنِّي لأرجو إن طالَت بي حياةٌ أن أُدْرِكَ عيسى ابنَ مريمَ عليه السلام، فإن عجِلَ بي موتٌ ، فمن لقيه منكم؛ فليُقرئهُ منِّي السَّلامَ) ([107])

(إنِّي لأرجو إن طال بي عمرٌ أن ألقى عيسى بنَ مريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإن عجَّل بي موتٌ فمَن لقيه منكم فليُقرِئْه منِّي السَّلامَ) ([108])

الفرع الثالث: لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ إلى يومِ القيامَةِ

 (لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ إلى يومِ القيامَةِ. قال، فيَنْزِلُ عيسَى ابنُ مَريَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ أميرُهُم : تَعالَ صَلِّ لنا . فيقول : لا . إن بَعضَكُم علَى بعضٍ أُمَراءُ. تَكرِمَةَ اللهِ هذه الأُمَّةَ) ([109]) .

شرح الحديث: أُمَّةُ الإِسلامِ شأنُها عَظيمٌ؛ فإنَّها آخِرُ أُممِ الأَنبياءِ في الدُّنيا، ونبيُّها خاتَمُ الأَنبياءِ، وقدْ أُرسِلَ للناسِ كافَّةً بشيرًا ونذيرًا، ودعوتُهُ مُمتدَّةٌ إلى آخِرِ الزَّمانِ، فالأُمَّةُ الإِسلاميَّةُ ستظلُّ هي الدَّاعيَ الأخيرَ إلى اللهِ مُتمَسِّكةً بالحقِّ المبينِ، وستَتَكالَبُ عليْها الأُممُ بِسَببِ هذا الحقِّ، ولكنَّ طائفةً مِن الأمَّةِ ستظلُّ على الهُدى مُجاهِدةً في سبيلِ اللهِ حقًّا وصِدقًا حتى قِيامِ الساعةِ، ومِن علاماتِ يومِ القيامةِ نُزولُ عيسى بنِ مريمَ عليه السَّلامُ، وفي هذا الحديثِ يُخبِر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أي: ستظلُّ جماعةً من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهدونَ في سبيلِ نُصرةِ الحقِّ، وهُم مُنتَصِرونَ غَالِبونَ، وسيظلُّونَ على هذه الحالِ إلى يومِ القيامةِ طائفةً بعدَ طائفةً، وهذا مِمَّا يدلُّ على أنَّ الحقَّ لا ينقَطِعُ في أمَّةِ الإِسلامِ، فهُناك من يَتوارَثُهُ جِيلًا بعد جِيلٍ، حتَّى «يَنْزِلَ عِيسى ابنُ مرْيَمَ صلَّى الله عليه وسلَّم فيقولُ أَمِيرُ الطَّائِفَةِ المؤْمِنةِ - وهُوَ في ذلكَ الزَّمانِ المَهْدِيُّ، كما بيَّنَتْهُ رِوايةٌ أُخْرى- لِعيسَى: «تَعَالَ صَلِّ لَنا» أي: صلِّ لنا إمامًا، فيقولُ عِيسى: «لا، إِنَّ بَعْضَكُمْ على بعضٍ أُمَراءُ تَكْرِمةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ». أي: إنَّ أئِمَّتَكُمْ مِنْكُمْ يؤُمُّ المسْلِمُ أَخَاهُ المُسلمَ، وَهَذا مِنْ تكريمِ اللهِ لأُمَّةِ الإسلامِ.

وقيلَ: إنَّ ذلكَ لبَيانِ أنَّ دِينَ الإِسلامِ الذي جاءَ بِهِ مُحمَّدٌ لا يُنْسَخُ إلى قيامِ السَّاعةِ، وأنَّ تَرْكَ عِيسى عليهِ السلامُ إِمامةَ المُسلِمينَ في الصَّلاةِ مَعَ كوْنِهِ نَبِيًّا؛ لِئَلَّا يُظَنَّ أنَّ شَريعةَ الإِسلامِ قدْ نُسِخَتْ.  وفي الحديثِ: عَلَمٌ منْ أَعلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ أَخبرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بما سيكُونُ بعدَه في أُمَّتهِ.

(لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي يُقاتِلون على الحقِّ حتَّى تقومَ السَّاعةُ) ([110])

(لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي يقاتلونَ على الحقِّ ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ) ([111])

الشرح: الخَيرُ باقٍ في هذه الأُمَّةِ لا يَنقطِعُ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ.  وفي هذا الحديثِ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذه الأُمَّةِ أنَّها لا تَزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ، وهذه الطَّائفَةُ مُعانَةٌ مِنَ اللهِ مَنصورةٌ على مَن خَذَلها وحَاربَها، والهَزيمَةُ والخِذلانُ عَاقبةُ مَن حارَبَها أو عارَضَها، وقد بَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ هذه الطَّائفةَ ستَكونُ كذلِك على أمرِ اللهِ مُستمسِكين، وبه قائِمينَ حتَّى يَأتيَ أمرُ اللهِ، وهي الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَكونُ قبلَ قيامِ السَّاعةِ تَقبِضُ أَرواحَ المؤمنينَ.

وقد اختُلِفَ في المقصودِ بهذِه الطَّائفةِ، وكذلك اختُلِف في مكانها؛ فقيل: هُم العُلماءُ والفقهاء، وقيل: هُم أصحابُ الحديثِ، وقيل: هُم المُجاهِدُون في سَبيلِ اللهِ تعالى، وقد ورَدَ أنَّهم بالشَّام، وأنَّهم ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدس، وورَد أنَّ آخِرَهم بِبيتِ المقْدِسِ، والأولى الجَمْعُ بين هذه الأقوال كلِّها بأنَّ هذه الطَّائفةَ تكون مُتناثِرةً بَينَ طَوائفِ الأُمَّةِ؛ فَمنَ المُمكنِ أن يَكونوا مِنَ العُلماءِ والمُجاهِدين والفُقهاءِ والآمِرين بالمَعروفِ والنَّاهينَ عنِ المُنكرِ، وقَدْ يَكونون مُجتمِعينَ في مَكانٍ أو مُتفرِّقينَ في البُلدانِ.

والحديثُ آيةٌ على صِدقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه مُنذُ أخبَرَ بذلكَ وهذه الطَّائفَةُ لا تَزالُ مَوجودَةً في الأُمَّةِ لم تَنقَطِعْ في زَمانٍ منَ الأزمنَةِ.  وفي الحديثِ: فَضلُ الثَّباتِ على الحقِّ والعملِ به.  وفيه: فَضلُ لُزومِ هذِه الطائِفةِ؛ فإنَّهم مَنصورونَ مُعانونَ.

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([112] ) ، ([113]) ، ([114]) .

ولنْ يخزيَ اللهُ أمةً أنا أولَها، و عيسى بنُ مريمَ آخرَها

(ليدركنَّ الدجالُ قومًا مثلكمْ أو خيرًا منكمْ، و لنْ يخزيَ اللهُ أمةً أنا أولَها، و عيسى بنُ مريمَ آخرَها) ([115]).  وهذا الحديث يوفق بين إمامة عيسى للمسلمين في الصلاة، وبين قوله : (إِنَّ بَعْضَكُمْ على بعضٍ أُمَراءُ تَكْرِمةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ).  فعيسى عليه السلام هو من هذه الأمة: (و لنْ يخزيَ اللهُ أمةً أنا أولَها، و عيسى بنُ مريمَ آخرَها).

(كنَّا جلوسًا في المسجِدِ إذْ خَرَجَ علَيْنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال إِنَّكُمْ تَتَحَدَّثونَ أَنِّي من آخرِكُم وفاةً ألَا وَأَنِّي مِنْ أوَّلِكُمْ وَفَاةً وَتَتَّبِعُنِّي أفْنَادًا يُفْنِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا ثم نَزَعَ بهذِهِ الآيةِ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ حتى بلغ لِكُلِّ نَبَأٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ثم قال لا تبرحُ عِصابَةٌ من أمَّتِي يقاتِلونَ على الحقِّ ظَاهرينَ لَا يُبَالُونَ خِذْلانَ مَنْ خَذَلَهُمْ ولَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يأتِيَ أمرُ اللهِ على ذلِكَ ثم نزعَ بهذِهِ الآيَةِ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ([116]).

عِصابَتانِ من أُمتِي أحْرَزَهُما اللهُ من النارِ ، عِصابَةٌ تَغزُو الهِندَ ، و عِصابةٌ تَكونُ مع عِيسَى بنِ مَرْيَمَ

(عِصابَتانِ من أُمتِي أحْرَزَهُما اللهُ من النارِ، عِصابَةٌ تَغزُو الهِندَ ، و عِصابةٌ تَكونُ مع عِيسَى بنِ مَرْيَمَ) ([117] ) .

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([118] ) ، ([119] ) .

شرح الحديث : الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أفضَلِ الأعمالِ والقُرُباتِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ.   وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "عِصابَتان مِن أُمَّتي"، أي: جَماعَتان، ويُرادُ بلَفظِ العِصابةِ هنا: مُطلَقُ الكَثرَةِ لا الَّذي يَدُلُّ عليه اللَّفظُ وهو الجَماعَةُ مِن عَشَرةٍ إلى أربَعين، "أحرَزَهما اللهُ مِن النَّارِ"، أي: حَفِظَهما اللهُ منها ومِن عَذابِها، والمقصودُ: كلُّ مَن يَكونُ في هاتَينِ الجَماعَتينِ، الأُولى: "عِصابةٌ تَغزو الهِندَ"، أي: تَخرُجُ مُجاهِدةً إلى أرضِ الهِندِ فتَغزوها، وسواءٌ ظَفِرَتْ أَم لا، وقيل: المقصودُ بهذه العصابةِ هي التي تكونُ مع المهديِّ المنتظَرِ الذي يَفتَحُ الهندَ، حتَّى لا يُوجَدَ فيها عابدُ بقرٍ، فيَدخُلونَ في الإسلامِ كافَّةً على يَدِه في آخِرِ الزَّمانِ، مع أنَّ المُسلِمينَ قدْ غَزَوْا بلادَ السِّندِ والهِندِ في زمَنِ مُعاويةَ وبني أُميَّةَ، وفَتَحوا بعضَ حُصونِها، وأقاموا شَريعةَ الإسلامِ، إلَّا أنَّ المهديَّ سوف يَفتَحُها فتحًا كاملًا ومعه هذِه العُصبةُ مِن المُسلِمينَ. والثَّانيةُ: "وعِصابةٌ تكونُ مع عيسى ابنِ مريمَ"، أي: حينَما يَخرُجُ آخِرَ الزَّمانِ لقَتلِ المسيحِ الدَّجَّالِ، فيُقاتِلون الدَّجَّالَ مع نبيِّ اللهِ عيسى عليه السَّلامُ.

وفي الحديثِ: إخبارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأحْداثِ آخِرِ الزَّمانِ، وهو عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه.

المبحث الثالث: رحمة الله لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ يُؤْمِنُونَ

وفيما يلي آيات الرحمة:

الفرع الأول: رحمة النبوة ورحمة الأنبياء

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود 28).  يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا رَدَّ بِهِ نُوح عَلَى قَوْمه فِي ذَلِكَ " أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْت عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّي " أَيْ عَلَى يَقِين وَأَمْر جَلِيّ وَنُبُوَّة صَادِقَة وَهِيَ الرَّحْمَة الْعَظِيمَة مِنْ اللَّه بِهِ وَبِهِمْ " فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ " أَيْ خَفِيَتْ عَلَيْكُمْ فَلَمْ تَهْتَدُوا إِلَيْهَا وَلَا عَرَفْتُمْ قَدْرهَا بَلْ بَادَرْتُمْ إِلَى تَكْذِيبهَا وَرَدّهَا " أَنُلْزِمُكُمُوهَا " أَيْ نَغْصِبكُمْ بِقَبُولِهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (ابن كثير).  وكذلك الآية: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (هود 63).  " قَالَ يَا قَوْم أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْت عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّي " فِيمَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ عَلَى يَقِين وَبُرْهَان " وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَة فَمَنْ يَنْصُرنِي مِنْ اللَّه إِنْ عَصَيْته " وَتَرَكْت دَعْوَتكُمْ إِلَى الْحَقّ وَعِبَادَة اللَّه وَحْده فَلَوْ تَرَكْته لَمَا نَفَعْتُمُونِي وَلَمَا زِدْتُمُونِي" غَيْر تَخْسِير " أَيْ خَسَارَة (ابن كثير).

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 107).  يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ اللَّه جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ أَيْ أَرْسَلَهُ رَحْمَة لَهُمْ كُلّهمْ فَمَنْ قَبِلَ الرَّحْمَة وَشَكَرَ هَذِهِ النِّعْمَة سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَنْ رَدَّهَا وَجَحَدَهَا خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار " وَقَالَ تَعَالَى فِي صِفَة الْقُرْآن " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانهمْ وَقْر وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَان بَعِيد " وَقَالَ مُسْلِم فِي صَحِيحه حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عُمَر حَدَّثَنَا مَرْوَان الْفَزَارِيّ عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان عَنْ اِبْن أَبِي حَازِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قِيلَ يَا رَسُول اللَّه اُدْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ " إِنِّي لَمْ أُبْعَث لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْت رَحْمَة " اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم  ([120]) (ابن كثير).  وفيما يلي شرح الحديث: إِنِّي لَم أُبعثْ لَعَّانًا، أي: مُبالِغًا في اللَّعنِ، أي: الإبعادِ عنِ الرَّحمةِ؛ يَعني: لَو كُنتُ أَدعو عَليهمْ لأُبْعِدوا عنْ رَحمةِ اللهِ، ولصِرْتُ قاطِعًا عنِ الخيرِ؛ إِنِّي لم أُبعَثْ لهَذا، وإنَّما بُعِثتُ رَحمةً، أي: للنَّاسِ عامَّةً، وللمُؤمنينَ خاصَّةً.

في الحديثِ: النَّهيُ عنِ اللَّعنِ.  وفيهِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بُعِثَ رَحمةً للعالَمينَ.

 (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (القصص 46).  وَمَعْنَى الْآيَة مَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ كَلَّمْنَا مُوسَى فَنَادَيْنَا أُمَّتك (في أصلاب آبائهم) وَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَتَبْنَاهُ لَك وَلِأُمَّتِك مِنْ الرَّحْمَة إِلَى آخِر الدُّنْيَا (القرطبي).

(وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ) (القصص 86).  "وَمَا كُنْت تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك الْكِتَاب " أَيْ مَا كُنْت تَظُنّ قَبْل إِنْزَال الْوَحْي إِلَيْك أَنَّ الْوَحْي يَنْزِل عَلَيْك " وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك " أَيْ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْوَحْي عَلَيْك مِنْ اللَّه مِنْ رَحْمَته بِك وَبِالْعِبَادِ بِسَبَبِك فَإِذَا مَنَحَك بِهَذِهِ النِّعْمَة الْعَظِيمَة " فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا " أَيْ مُعِينًا " لِلْكَافِرِينَ " وَلَكِنْ فَارِقْهُمْ وَنَابِذْهُمْ وَخَالِفْهُمْ (ابن كثير).

(إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) (الإسراء 87).  يَذْكُر تَعَالَى نِعْمَته وَفَضْله الْعَظِيم عَلَى عَبْده وَرَسُوله الْكَرِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَوْحَاهُ إِلَيْهِ مِنْ الْقُرْآن الْمَجِيد الَّذِي لَا يَأْتِيه الْبَاطِل مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفه تَنْزِيل مِنْ حَكِيم حَمِيد (ابن كثير).

(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف 32 ).  " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك " أَيْ لَيْسَ الْأَمْر مَرْدُودًا إِلَيْهِمْ بَلْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَاَللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَاته فَإِنَّهُ لَا يُنَزِّلُهَا إِلَّا عَلَى أَزْكَى الْخَلْق قَلْبًا وَنَفْسًا وَأَشْرَفَهُمْ بَيْتًا وَأَطْهَرهمْ أَصْلًا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مُبَيِّنًا أَنَّهُ قَدْ فَاوَتَ بَيْن خَلْقه فِيمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَرْزَاق وَالْعُقُول وَالْفُهُوم وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْقُوَى الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة فَقَالَ " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" .... ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ " أَيْ رَحْمَة اللَّه بِخَلْقِهِ خَيْر لَهُمْ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَال وَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا (ابن كثير).

(أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الدخان 5-6 ).  "أَمْرًا مِنْ عِنْدنَا " أَيْ جَمِيع مَا يَكُون وَيُقَدِّرهُ اللَّه تَعَالَى وَمَا يُوحِيه فَبِأَمْرِهِ وَإِذْنه وَعِلْمه " إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ" أَيْ إِلَى النَّاس رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَات اللَّه مُبَيِّنَات فَإِنَّ الْحَاجَة كَانَتْ مَاسَّة إِلَيْهِ.  " رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ " أَيْ الَّذِي أَنْزَلَ الْقُرْآن هُوَ رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض (ابن كثير).

(ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (مريم 2).  أَيْ هَذَا ذِكْر رَحْمَة اللَّه بِعَبْدِهِ زَكَرِيَّا (ابن كثير).

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء 84).  وَقَوْله " رَحْمَة مِنْ عِنْدنَا " أَيْ فَعَلْنَا بِهِ ذَلِكَ رَحْمَة مِنْ اللَّه بِهِ (ابن كثير).

 (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود 73).  أَيْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة لَهَا (زوج إبراهيم عليه السلام) لَا تَعْجَبِي مِنْ أَمْر اللَّه فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون . فَلَا تَعْجَبِي مِنْ هَذَا وَإِنْ كُنْت عَجُوزًا عَقِيمًا وَبَعْلك شَيْخًا كَبِيرًا فَإِنَّ اللَّه عَلَى مَا يَشَاء قَدِير " رَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته عَلَيْكُمْ أَهْل الْبَيْت إِنَّهُ حَمِيد مَجِيد " أَيْ هُوَ الْحَمِيد فِي جَمِيع أَفْعَاله وَأَقْوَاله مَحْمُود مُمَجَّد فِي صِفَاته وَذَاته (ابن كثير).  (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) (الحجر 56).  فَأَجَابَهُمْ (إبراهيم عليه السلام) بِأَنَّهُ لَيْسَ يَقْنَط وَلَكِنْ يَرْجُو مِنْ اللَّه الْوَلَد وَإِنْ كَانَ قَدْ كَبِرَ وَأَسَنَّتْ اِمْرَأَته فَإِنَّهُ يَعْلَم مِنْ قُدْرَة اللَّه وَرَحْمَته مَا هُوَ أَبْلَغ مِنْ ذَلِكَ (ابن كثير).

(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا) (الإسراء 28).  أَيْ إِذَا سَأَلَك أَقَارِبك وَمَنْ أَمَرْنَاك بِإِعْطَائِهِمْ وَلَيْسَ عِنْدك شَيْء وَأَعْرَضْت عَنْهُمْ لِفَقْدِ النَّفَقَة " فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا " أَيْ عِدْهُمْ وَعْدًا بِسُهُولَةٍ وَلِين إِذَا جَاءَ رِزْق اللَّه فَسَنَصِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه (ابن كثير).

(وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (ص 43).  وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " رَحْمَة مِنَّا " أَيْ بِهِ عَلَى صَبْره (أيوب) وَثَبَاته وَإِنَابَته وَتَوَاضُعه وَاسْتِكَانَته (ابن كثير).

الفرع الثاني: رحمة الله بعباده الصالحين

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة 218)

(أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر 9).  يَحْذَر الْآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمَة رَبّه " أَيْ فِي حَال عِبَادَته خَائِف رَاجٍ وَلَا بُدَّ فِي الْعِبَادَة مِنْ هَذَا وَهَذَا وَأَنْ يَكُون الْخَوْف فِي مُدَّة الْحَيَاة هُوَ الْغَالِب وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَحْذَر الْآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمَة رَبّه " فَإِذَا كَانَ عِنْد الِاحْتِضَار فَلْيَكُنْ الرَّجَاء هُوَ الْغَالِب عَلَيْهِ ... (ابن كثير).

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (غافر 7 ).  يَقُولُونَ إِذَا اِسْتَغْفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا " رَبَّنَا وَسِعْت كُلّ شَيْء رَحْمَة وَعِلْمًا " أَيْ رَحْمَتك تَسَعُ ذُنُوبهمْ وَخَطَايَاهُمْ وَعِلْمك مُحِيط بِجَمِيعِ أَعْمَالهمْ وَأَقْوَالهمْ وَحَرَكَاتهمْ وَسَكَنَاتهمْ " فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلك " أَيْ فَاصْفَحْ عَنْ الْمُسِيئِينَ إِذَا تَابُوا وَأَنَابُوا وَأَقْلَعُوا عَمَّا كَانُوا فِيهِ وَاتَّبَعُوا مَا أَمَرْتهمْ بِهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرَات وَتَرْك الْمُنْكَرَات" وَقِهمْ عَذَاب الْجَحِيم " أَيْ وَزَحْزِحْهُمْ عَنْ عَذَاب الْجَحِيم وَهُوَ الْعَذَاب الْمُوجِع الْأَلِيم (ابن كثير).

 (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران 8).  ثَبِّتْنَا عَلَى صِرَاطك الْمُسْتَقِيم وَدِينك الْقَوِيم" وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْك رَحْمَة " تُثَبِّت بِهَا قُلُوبنَا وَتَجْمَع بِهَا شَمْلنَا وَتَزِيدنَا بِهَا إِيمَانًا وَإِيقَانًا (ابن كثير).

(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) (النساء 175).  "فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَة مِنْهُ وَفَضْل " أَيْ يَرْحَمهُمْ فَيُدْخِلهُمْ الْجَنَّة وَيَزِيدهُمْ ثَوَابًا وَمُضَاعَفَة وَرَفْعًا فِي دَرَجَاتهمْ مِنْ فَضْله عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ (ابن كثير).

(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) (الكهف 10).  أَيْ هَبْ لَنَا مِنْ عِنْدك رَحْمَة تَرْحَمنَا بِهَا وَتَسْتُرنَا عَنْ قَوْمنَا (ابن كثير).

(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) (الكهف 65).  وَهَذَا هُوَ الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ابن كثير).  يقول القرطبي: وَالْخَضِر نَبِيّ عِنْد الْجُمْهُور . وَقِيلَ : هُوَ عَبْد صَالِح غَيْر نَبِيّ ، وَالْآيَة تَشْهَد بِنُبُوَّتِهِ لِأَنَّ بَوَاطِن أَفْعَاله لَا تَكُون إِلَّا بِوَحْيٍ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِنْسَان لَا يَتَعَلَّم وَلَا يَتَّبِع إِلَّا مَنْ فَوْقه ، وَلَيْسَ يَجُوز أَنْ يَكُون فَوْق النَّبِيّ مَنْ لَيْسَ نَبِيّ.  الرَّحْمَة فِي هَذِهِ الْآيَة النُّبُوَّة وَقِيلَ : النِّعْمَة (القرطبي).

(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) (الكهف 80-81).  (وَأَقْرَبَ رُحْمًا) : أَيْ دِينًا وَصَلَاحًا (القرطبي).

(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) (الكهف 82).  أَيْ هَذَا الَّذِي فَعَلْته فِي هَذِهِ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة إِنَّمَا هُوَ مِنْ رَحْمَة اللَّه بِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَاب السَّفِينَة وَوَالِدَيْ الْغُلَام وَوَلَدَيْ الرَّجُل الصَّالِح وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي أَيْ لَكِنِّي أُمِرْت بِهِ وَوَقَفْت عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلَالَة لِمَنْ قَالَ بِنُبُوَّةِ الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام (ابن كثير).

الفرع الثالث: خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي

 (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) (الإسراء 100).  قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد لَوْ أَنَّكُمْ أَيّهَا النَّاس تَمْلِكُونَ التَّصَرُّف فِي خَزَائِن اللَّه لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَة الْإِنْفَاق قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : أَيْ الْفَقْر أَيْ خَشْيَة أَنْ تُذْهِبُوهَا مَعَ أَنَّهَا (خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) لَا تَفْرُغ وَلَا تَنْفَد أَبَدًا (ابن كثير).

(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) (ص 9 ).  أَيْ الْعَزِيز الَّذِي لَا يُرَام جَنَابه الْوَهَّاب الَّذِي يُعْطِي مَا يُرِيد لِمَنْ يُرِيد وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة شَبِيهَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا وَقَوْله تَعَالَى " قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِن رَحْمَة رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَة الْإِنْفَاق وَكَانَ الْإِنْسَان قَتُورًا " وَذَلِكَ بَعْد الْحِكَايَة عَنْ الْكُفَّار أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا بَعْثَة الرَّسُول الْبَشَرِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ابن كثير).

الفرع الرابع: رحمة الله بعباده

 (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف 156)

قَالَ" عَذَابِي أُصِيب بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء" أَيْ أَفْعَل مَا أَشَاء وَأَحْكُم مَا أُرِيد وَلِي الْحِكْمَة وَالْعَدْل فِي كُلّ ذَلِكَ سُبْحَانه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَقَوْله تَعَالَى" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء " الْآيَة عَظِيمَة الشُّمُول وَالْعُمُوم كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ حَمَلَة الْعَرْش وَمَنْ حَوْله أَنَّهُمْ يَقُولُونَ " رَبّنَا وَسِعْت كُلّ شَيْء رَحْمَة وَعِلْمًا" . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيّ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه الْجُشَمِيّ حَدَّثَنَا جُنْدُب هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيّ فَأَنَاخَ رَاحِلَته ثُمَّ عَقَلَهَا ثُمَّ صَلَّى خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى رَاحِلَته فَأَطْلَقَ عِقَالهَا ثُمَّ رَكِبَهَا ثُمَّ نَادَى اللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِك فِي رَحْمَتنَا أَحَدًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَقُولُونَ هَذَا أَضَلّ أَمْ بَعِيره أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ ؟ " قَالُوا بَلَى قَالَ " لَقَدْ حَظَرْت الرَّحْمَة الْوَاسِعَة إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ مِائَة رَحْمَة فَأَنْزَلَ رَحْمَة يَتَعَاطَف بِهَا الْخَلْق جِنّهَا وَإِنْسهَا وَبَهَائِمهَا وَأَخَّرَ عِنْده تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَة أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلّ أَمْ بَعِيره ؟ " . رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيّ بْن نَصْر عَنْ عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث بِهِ وَقَالَ أَحْمَد أَيْضًا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ سُلَيْمَان عَنْ أَبِي عُثْمَان عَنْ سَلْمَان عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِائَة رَحْمَة فَمِنْهَا رَحْمَة يَتَرَاحَم بِهَا الْخَلْق وَبِهَا تَعْطِف الْوُحُوش عَلَى أَوْلَادهَا وَأَخَّرَ تِسْعَة وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان هُوَ اِبْن طَرْخَان وَدَاوُد بْن أَبِي هِنْد كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عُثْمَان وَاسْمه عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلّ عَنْ سَلْمَان هُوَ الْفَارِسِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا حَمَّاد عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ مِائَة رَحْمَة عِنْده تِسْعَة وَتِسْعُونَ وَجَعَلَ عِنْدكُمْ وَاحِدَة تَتَرَاحَمُونَ بِهَا بَيْن الْجِنّ وَالْإِنْس وَبَيْن الْخَلْق فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ضَمَّهَا إِلَيْهِ " تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لِلَّهِ مِائَة رَحْمَة فَقَسَمَ مِنْهَا جُزْءًا وَاحِدًا بَيْن الْخَلْق بِهِ يَتَرَاحَم النَّاس وَالْوَحْش وَالطَّيْر " . ...  وَقَوْله " فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " الْآيَة . يَعْنِي فَسَأُوجِبُ حُصُول رَحْمَتِي مِنَّة مِنِّي وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " كَتَبَ رَبّكُمْ عَلَى نَفْسه الرَّحْمَة " وَقَوْله" لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " أَيْ سَأَجْعَلُهَا لِلْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَات وَهُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ" الَّذِينَ يَتَّقُونَ " أَيْ الشِّرْك وَالْعَظَائِم مِنْ الذُّنُوب قَوْله " وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة " قِيلَ زَكَاة النُّفُوس وَقِيلَ الْأَمْوَال وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون عَامَّة لَهُمَا فَإِنَّ الْآيَة مَكِّيَّة" وَاَلَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ " أَيْ يُصَدِّقُونَ (ابن كثير).  وهذا ما تشير إليه الآية: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف 157).

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (العنكبوت 23).  " وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّه وَلِقَائِهِ " أَيْ جَحَدُوهَا وَكَفَرُوا بِالْمَعَادِ" أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي " أَيْ لَا نَصِيب لَهُمْ فِيهَا" وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم " أَيْ مُوجِع شَدِيد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (ابن كثير).

(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف 56). تنهى الآية عن الفساد. "إِنَّ رَحْمَة اللَّه قَرِيب مِنْ الْمُحْسِنِينَ" أَيْ إِنَّ رَحْمَته مُرْصَدَة لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ أَوَامِره وَيَتْرُكُونَ زَوَاجِره كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " الْآيَة . (ابن كثير).

 (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام 147).  فَإِنْ كَذَّبَك يَا مُحَمَّد مُخَالِفُوك مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُود وَمَنْ شَابَهَهُمْ فَقُلْ " رَبّكُمْ ذُو رَحْمَة وَاسِعَة " وَهَذَا تَرْغِيب لَهُمْ فِي اِبْتِغَاء رَحْمَة اللَّه الْوَاسِعَة وَاتِّبَاع رَسُوله " وَلَا يُرَدّ بَأْسُهُ عَنْ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ " تَرْهِيب لَهُمْ فِي مُخَالَفَتهمْ الرَّسُول خَاتَم النَّبِيِّينَ (ابن كثير).

(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ) (يونس 21).  يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ إِذَا أَذَاقَ النَّاس رَحْمَة مِنْ بَعْد ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ كَالرَّخَاءِ بَعْد الشِّدَّة وَالْخِصْب بَعْد الْجَدْب وَالْمَطَر بَعْد الْقَحْط وَنَحْو ذَلِكَ " إِذَا لَهُمْ مَكْر فِي آيَاتنَا " قَالَ مُجَاهِد اِسْتِهْزَاء وَتَكْذِيب (ابن كثير).

(وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ) (فصلت 50 ) (ابن كثير).  "وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَة مِنَّا مِنْ بَعْد ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي " أَيْ إِذَا أَصَابَهُ خَيْر وَرِزْق بَعْدَمَا كَانَ فِي شِدَّة لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي إِنِّي كُنْت أَسْتَحِقّهُ عِنْد رَبِّي " وَمَا أَظُنّ السَّاعَة قَائِمَة " أَيْ يَكْفُر بِقِيَامِ السَّاعَة أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُ خُوِّلَ نِعْمَة يَبْطَر وَيَفْخَر وَيَكْفُر كَمَا قَالَ تَعَالَى " كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَان لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنَى" ... (ابن كثير).

(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ) (الشورى 48 ).  " وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَان مِنَّا رَحْمَة فَرِحَ بِهَا " أَيْ إِذَا أَصَابَهُ رَخَاء وَنِعْمَة فَرِحَ بِذَلِكَ " وَإِنْ تُصِبْهُمْ " يَعْنِي النَّاس " سَيِّئَة " أَيْ جَدْب وَنِقْمَة وَبَلَاء وَشِدَّة " فَإِنَّ الْإِنْسَان كَفُور " أَيْ يَجْحَد مَا تَقَدَّمَ مِنْ النِّعَم وَلَا يَعْرِف إِلَّا السَّاعَة الرَّاهِنَة فَإِنْ أَصَابَتْهُ نِعْمَة أَشِرَ وَبَطِرَ وَإِنْ أَصَابَتْهُ مِحْنَة يَئِسَ وَقَنِطَ كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ" يَا مَعْشَر النِّسَاء تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار " فَقَالَتْ اِمْرَأَة وَلِمَ يَا رَسُول اللَّه ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشِّكَايَة وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير لَوْ أَحْسَنْت إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر ثُمَّ تَرَكْت يَوْمًا قَالَتْ مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ " وَهَذَا حَال أَكْثَر النِّسَاء إِلَّا مَنْ هَدَاهُ اللَّه تَعَالَى وَأَلْهَمَهُ رُشْده وَكَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَالْمُؤْمِن كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاء فَشَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاء صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ". (ابن كثير).

(قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) (الكهف 98).  وَقَوْله : " قَالَ هَذَا رَحْمَة مِنْ رَبِّي " أَيْ لِمَا بَنَى ذُو الْقَرْنَيْنِ الجدار " قَالَ هَذَا رَحْمَة مِنْ رَبِّي " أَيْ بِالنَّاسِ حَيْثُ جَعَلَ بَيْنهمْ وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج حَائِلًا يَمْنَعهُمْ مِنْ الْعَبَث فِي الْأَرْض وَالْفَسَاد.

(وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (الروم 33).  ويقول سبحانه: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) (الروم 36).  هَذَا إِنْكَار عَلَى الْإِنْسَان مِنْ حَيْثُ هُوَ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّه وَوَفَّقَهُ فَإِنَّ الْإِنْسَان إِذَا أَصَابَتْهُ نِعْمَة بَطِرَ. وَقَالَ " ذَهَبَ السَّيِّئَات عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِح فَخُور " أَيْ يَفْرَح فِي نَفْسه وَيَفْخَر عَلَى غَيْره وَإِذَا أَصَابَهُ شِدَّة قَنِطَ وَأَيِسَ أَنْ يَحْصُل لَهُ بَعْد ذَلِكَ خَيْر بِالْكُلِّيَّةِ. قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات" أَيْ صَبَرُوا فِي الضَّرَّاء وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فِي الرَّخَاء كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح " عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّه لَهُ قَضَاء إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاء شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاء صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " . (ابن كثير).

(فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الروم 50).  " فَانْظُرْ إِلَى آثَار رَحْمَة اللَّه " يَعْنِي الْمَطَر " كَيْف يُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا " ثُمَّ نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى إِحْيَاء الْأَجْسَاد بَعْد مَوْتهَا وَتَفَرُّقهَا وَتَمَزُّقهَا فَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى " أَيْ إِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ لَقَادِر عَلَى إِحْيَاء الْأَمْوَات " إِنَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " (ابن كثير).

(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) (الأحزاب 17).  أَيْ لَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ مِنْ اللَّه مُجِير وَلَا مُغِيث (ابن كثير).

(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر 2).  يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّهُ لَا مَانِع لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعَ : (سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ خلف الصلاةِ: لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ.) ([121]). وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَإِنْ يَمْسَسْك اللَّه بِضُرٍّ فَلَا كَاشِف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْك بِخَيْرٍ فَلَا رَادّ لِفَضْلِهِ " وَلَهَا نَظَائِر كَثِيرَة (ابن كثير).

(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) (يس 43-44 ).  " إِلَّا رَحْمَة مِنَّا " وَهَذَا اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع تَقْدِيره وَلَكِنْ بِرَحْمَتِنَا نُسَيِّركُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر وَنُسَلِّمكُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: " وَمَتَاعًا إِلَى حِين " أَيْ إِلَى وَقْت مَعْلُوم عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (ابن كثير).

الفرع الخامس: رحمة الله باليهود وبأهل الكتاب هي أيمانهم بعيسى عليه السلام قبل موته وإقلاعهم عن الإفساد

وأقول أنّ الله يرحم اليهود خاصة وأهل الكتاب عامة بإيمانهم بعيسى عليه السلام عند عودته وانتهاء إفسادهم؛ كما توضح الآية: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) (الإسراء 8).   وإنّ رحمة الله والفوز بالجنة لا تكون إلا للمؤمنين المتقين ، ولا ينالها المفسدون: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص 83).  يقتضي هذا أنّ رحمة الله بأهل الكتاب هي كما تؤكد الأحاديث الصحيحة أيمانهم بعيسى عليه السلام قبل موته وإقلاعهم عن الإفساد.  وهذا بحق تحوّلٌ كبير، وليس على الله بعزيز:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر 53 ).  هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة دَعْوَة لِجَمِيعِ الْعُصَاة مِنْ الْكَفَرَة وَغَيْرهمْ إِلَى التَّوْبَة وَالْإِنَابَة وَإِخْبَار بِأَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْل زَبَد الْبَحْر وَلَا يَصِحّ حَمْل هَذِهِ عَلَى غَيْر تَوْبَة لِأَنَّ الشِّرْك لَا يُغْفَر لِمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ . قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَام بْن يُوسُف أَنَّ اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَهُمْ قَالَ يَعْلَى إِنَّ سَعِيد بْن جُبَيْر أَخْبَرَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل الشِّرْك كَانُوا قَدْ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ الَّذِي تَقُول وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَة فَنَزَلَ" وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ " وَنَزَلَ " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه " ([122]) وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج عَنْ يَعْلَى بْن مُسْلِم الْمَكِّيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا بِهِ  (ابن كثير).

شرح الحديث: مِن أصولِ أهلِ السُّنَّةِ: أنَّ جَميعَ مَن أسرفَ على نفْسِه مِن أهلِ الإيمانِ والشِّركِ إذا تابَ قَبلَ أنْ يموتَ؛ فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يَقبلُ توبتَه ويَغفرُه له إنْ شاءَ، وأمَّا مَن مات على الشرك ولم يتب فإنَّ اللهَ تعالى لا يَغفِرُ أنْ يُشرَكَ به، ويَغفِرُ ما دُونَ ذلك لِمَن يشاءُ؛ فالشِّركُ لا يُغفرَ إلا بعد توبةٍ كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وقال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60]، فأمَّا ما عدا الشِّرْكِ فإنَّ صاحبه في مَشيئةِ ربِّه؛ إنْ شاءَ تَفضَّلَ عليه، فعفَا له عنه، وإنْ شاءَ عدَلَ معه فجازاه به.

وفي هذا الحديثِ يرَوي ابنُ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما بأنَّ أُناسًا مِن أهلِ الشِّركِ كانوا قد أَسْرَفوا على أنْفسِهم فقَتَلوا وزَنَوْا وأكثروا مِنَ الزِّنا والمعاصِي، فأتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقالوا له: إنَّ الَّذي تقولُ وتدْعو إليه لَحسنٌ لو تُخبرُنا أنَّ لِمَا عمِلْنَا كفارةً، أي: إنَّ الإسلامَ وما تدعو إليه مِنَ التَّوحيدِ أمْرٌ حسَنٌ لو أنْ يكونَ لنا كفَّارةٌ مِمَّا اقترفناه قبل ذلك، فنَزَلَ قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ...} الآياتِ، والمرادُ قولُه تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 69- 70]، ونزلَ قولُه تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]؛ ليدلَّ على أنَّ اللهَ يغفرُ الذُّنوبَ جميعًا لو تابَ العبدُ وأنابَ إليه وأتاهُ غَيرَ مُشركٍ بِه.

الغرض من هذا المبحث هو لكي نفهم معنى الآيتين اللتين تشيران إلى إيمان اليهود بعد أن يقاتلهم عيسى عليه السلام هو ومن معه من الطائفة التي ستبقى على الحقّ من أمة محمد صلى الله عليه وسلّم.  وهذا بيّنٌ واضح في أحاديث سبقت ؛ والشاهد من الحديث: (ويقاتلُ الناسَ على الإسلامِ حتى يُهلكَ اللهُ في زمانِه المِلَلَ كلَّها ، ويُهلكَ اللهُ في زمانِه مَسيخَ الضلالةِ الكذَّابَ الدجَّالَ ، وتقعُ في الأرضِ الأمَنَةُ) . ومن هذه الأحاديث:

(والذي نفسي بيدِه، ليُوشِكن أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا عدلًا، فيكسرَ الصليبَ، ويقتلَ الخنزيرَ، ويضعَ الجزيةَ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ، حتى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيرًا من الدنيا وما فيها. ثم يقولُ أبو هريرةَ: واقرؤوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}) ([123] ) .  والآية : (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) : وَهَذَا مِمَّا أُخْبِرُوا بِهِ فِي كِتَابهمْ . و " عَسَى " وَعْد مِنْ اللَّه أَنْ يَكْشِف عَنْهُمْ . و " عَسَى " مِنْ اللَّه وَاجِبَة . " أَنْ يَرْحَمكُمْ " بَعْد اِنْتِقَامه مِنْكُمْ (القرطبي)

المبحث الرابع: إفساد اليهود

الفرع الأول: اللهُ الرّب العزيز الجبّار تشتمُه اليهودُ

العليم سبحانه وتعالى علم أنّ اليهود سيتمردون على الله الرّب الخالق القوي العزيز القهار.  وسيتمرّدون على منهج الله وعلى رسله ورسالاته وأنهم سيفسدون في الأرض:  (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة 64).  ومثلها الآية الكريمة: (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) (آل عمران 181).

هاتان الآيتان تبيّنان إفساداً يهوديا لانهائيّاً؛ كيف لا وهو شتمهم الذات الإلهية والتعدّي على أسمائه وصفاته؛ وربّنا سبحانه له الأسماء الحسنى وكلها يُجلّي الكمال المطلق اللانهائي.  الإفساد اليهودي استغرق الزمان والمكان والأحداث ؛ تعجز الكلمات عن وصفه وتعجز العقول والقلوب أن تتخيّله!.  يقول ابن كثير في تفسير القرآن العظيم: (قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة" قَالَتْ الْيَهُود : يَا مُحَمَّد : اِفْتَقَرَ رَبّك فَسَأَلَ عِبَاده الْقَرْض؟ فَأَنْزَلَ اللَّه " لَقَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْل الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه فَقِير وَنَحْنُ أَغْنِيَاء " الْآيَة رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيه وَابْن أَبِي حَاتِم . وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : دَخَلَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق بَيْت الْمِدْرَاسِ ([124]) فَوَجَدَ مِنْ يَهُود نَاسًا كَثِيرَة قَدْ اِجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل مِنْهُمْ يُقَال لَهُ فِنْحَاص وَكَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارهمْ وَمَعَهُ حَبْر يُقَال لَهُ أَشْيَع فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر : وَيْحك يَا فِنْحَاص اِتَّقِ اللَّه وَأَسْلِمْ فَوَاَللَّهِ إِنَّك لَتَعْلَم أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول مِنْ عِنْد اللَّه قَدْ جَاءَكُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْده تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل. فَقَالَ فِنْحَاص : وَاَللَّه يَا أَبَا بَكْر مَا بِنَا إِلَى اللَّه مِنْ حَاجَة مِنْ فَقْر وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَفَقِير مَا نَتَضَرَّع إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّع إِلَيْنَا وَإِنَّا عَنْهُ لَأَغْنِيَاء وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا مَا اِسْتَقْرَضَ مِنَّا كَمَا يَزْعُم صَاحِبكُمْ يَنْهَاكُمْ عَنْ الرَّبَّا وَيُعْطِينَا وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مَا أَعْطَاك الرِّبَا فَغَضِبَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَضَرَبَ وَجْه فِنْحَاص ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنك مِنْ الْعَهْد لَضَرَبْت عُنُقك يَا عَدُوّ اللَّه فَأَكْذِبُونَا مَا اِسْتَطَعْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . فَذَهَبَ فِنْحَاص إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّد أَبْصِرْ مَا صَنَعَ بِي صَاحِبك فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت يَا أَبَا بَكْر " فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ عَدُوّ اللَّه قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا يَزْعُم أَنَّ اللَّه فَقِير وَأَنَّهُمْ عَنْهُ أَغْنِيَاء فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ غَضِبْت لِلَّهِ مِمَّا قَالَ فَضَرَبْت وَجْهه فَجَحَدَ فِنْحَاص ذَلِكَ وَقَالَ : مَا قُلْت ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّه فِيمَا قَالَ فِنْحَاص رَدًّا وتَصديقًا لأبي بَكرٍ:  " لَقَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْل الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه فَقِير وَنَحْنُ أَغْنِيَاء " الْآيَة . رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم ([125]). وَقَوْله " سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا " تَهْدِيد وَوَعِيد وَلِهَذَا قَرَنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ " وَقَتْلَهُمْ الْأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ " أَيْ هَذَا قَوْلهمْ فِي اللَّه وَهَذِهِ مُعَامَلَتهمْ رُسُل اللَّه وَسَيَجْزِيهِمْ اللَّه عَلَى ذَلِكَ شَرّ الْجَزَاء .)

اليهود كفروا بالله؛ فهم أشدُّ حبا للمال وللفروج، فعبدوها وكفروا بالله الرّبّ الخالق الرّزاق .  لذا ليس غريبا أن ينال هؤلاء الكفرة من الله ومن الرسل الكرام.  بل إنهم قد شتموا الذات الإلهية لأنها لم تغمرهم بالذهب الذي أحبوه بالقدر الذي أبغضوا الله وعادوا رسله ورسالاته.

الفرع الثاني: اليهود كفرة قتلة أنبياء الله

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة 91).

(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران 112).

(الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ۗ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران 183).  يقول القرطبي: الَّذِينَ " فِي مَوْضِع خَفْض بَدَلًا مِنْ " الَّذِينَ " فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) (آل عمران 181).

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء 155).

ولقد حذرهم اللهُ من هذا الإفساد في كتابهم وكان عليهم أن يستحيوا من الله وأن ينصاعوا لرسل الله ورسالاته.  إنّ علينا نحنُ المسلمين أن نزيد الصالح صلاحاً وأن تكون الجهود في خدمة البشرية.  يجب الإبتعاد عن مزايا اليهود الذين كتموا التوراة وحرفوها.  لقد كثر إفساد اليهود وتعاظم، وتعدّدت صور فسادهم وأشكاله: شتموا الذات الإلهية، عبدوا العجل، أخفوا بعض نصوص التوراة، وحرفوا البعض، قتلوا الأنبياء.  الإفساد اليهودي شمل جميع جوانب الحياة: المادية والخلقية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية . . .  إلا أنّ لهم إفسادان مع المسلمين خصتهما سورة الإسراء بالذكر (تفسير الشعراوي).

الفرع الثالث: إفساد اليهود الوارد في سورة الإسراء

الإفسادة الأولى: غدر ومكر وخيانة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة.

(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا * وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ) (الإسراء 1-5).  "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُولَاهُمَا" أُولَى مَرَّتَيْ الْفَسَاد.  "أُولِي بَأْس شَدِيد" أَصْحَاب قُوَّة فِي الْحَرْب وَالْبَطْش. "فَجَاسُوا" تَرَدَّدُوا لِطَلَبِكُمْ. "خِلَال الدِّيَار" وَسْط دِيَاركُمْ لِيَقْتُلُوكُمْ وَيَسْبُوكُمْ "وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا" (الجلالين: ص 366).

لقد كانت صفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معروفة لدى اليهود ؛ مكتوبة عندهم في التوراة يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.  إلا أنهم كفروا به رغم معرفتهم به وعلمهم برسالته وأوصافه ولم يؤمن به من اليهود إلا القليل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) (النساء 51).  إنّه لذروة وقمة الفساد والإفساد أن يقولوا لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.  وفي المدينة خانوا العهود والمواثيق وغدروا بالمسلمين؛ فهمُّوا بقتل الرسول واعتدوا على حرمات المسلمين وعلى الأعراض.  فيرى الشعراوي رحمه الله أنّ الإفسادة الأولى لليهود هي ما كان من غدر ومكر وخيانة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة.  فنزل الأمر الرّباني بمقاتلتهم وإخراجهم من المدينة ثم من خيبر ومن جزيرة العرب.  فمثلاً في شأن بني قُريظةَ لدينا الحديث: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لما رجع من طلبِ الأحزابِ رجع فلبِسَ لَأْمَتَه واستجمَر زاد دُحَيمٌ في حديثه قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فنزل جبريلُ عليه السلامُ فقال : عُذَيرُك من مُحارِبٍ ، ألا أُراكَ قد وضعْتَ الَّلأْمَةَ وما وضعْناها بعد؟ فوثَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فزعا، فعزم على الناسِ ألا يُصلُّوا العصرَ إلا في بني قُريظةَ فلبِسوا السِّلاحَ وخرجوا فلم يأْتوا بني قُريظةَ حتى غَربتِ الشمسُ واختصم الناسُ في صلاةِ العصرِ فقال بعضُهم صَلُّوا فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُرِدْ أن تتركوا الصلاةَ وقال بعضُهم عزَم علينا أن لا نُصَلِّيَ حتى نأتيَ بني قُريظةَ وإنما نحنُ في عزيمةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فليس علينا إثمٌ فصَلَّت طائفةٌ العصرَ إيمانًا واحتسابًا وطائفةٌ لم يُصلُّوا حتى نزلوا بني قُريظةَ بعد ما غَربتِ الشمسُ فصلَّوها إيمانًا واحتسابًا فلم يُعَنِّفْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واحدةً من الطائفتَينِ) ([126]).

(قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الأحْزَابِ: لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ فأدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ في الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نَأْتِيَهَا، وقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذلكَ، فَذُكِرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ واحِدًا منهمْ.) ([127]) .

الشرح: كانَ الرَّسولُ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم هو المَرجِعَ للصَّحابةِ في كُلِّ شُؤونِهم؛ فإذا حَدَث اختِلافٌ ردُّوه إليه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم؛ ليُبيِّنَ لهُم ما أَشْكَلَ عليهم، أو يُقرَّهم على ما اجتَهدوا فيه.

وفي هذا الحديثِ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يَومَ الأحزابِ: "لا يُصلِّينَّ أحدٌ العَصرَ إلَّا في بني قُرَيظةَ"، أي: أرادَ الحثَّ على الاستعجالِ في الذَّهابِ إلى بني قُرَيظة لا حقيقةَ تَركِ الصَّلاةِ؛ فإنَّه أرادَ إزعاجَ النَّاسِ إليها لِمَا كان أَخبَره جِبريلُ أنَّهُ لم يَضَع السِّلاحَ بَعدُ، وأَمَره ببني قُرَيظة، "فأَدرَك بَعضُهم العَصرَ في الطَّريقِ، فقالَ بَعضُهم: لا نُصلِّي حتَّى نَأتيَها"، "لا نُصلِّي حتَّى نَأتيَها" عَملًا بظاهِر قولِه: "لا يُصلِّينَّ أَحدٌ"؛ لأنَّ النُّزولَ مَعصيةٌ للأمرِ الخاصِّ بالإسراعِ؛ فخصُّوا عُمومَ الأمرِ بالصَّلاةِ أوَّلَ وقَتهِا بما إذا لم يَكُن عُذرٌ، وأن يُمتَثل أَمرُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم، وإن تأخَّرت الصَّلاةُ عن فَضيلتِها في أوَّلِ الوقتِ تَمسُّكًا بحُدودِ نُطقِ رسولِ اللَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم، "وقال بعضُهم: بل نُصلِّي"؛ نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهِرِ اللَّفظِ، "لم يُرِدْ منَّا ذلك"، أي: إنَّ وصيَّته صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم بذلك إنَّما هي على سَبيلِ الحَثِّ لهُم في السَّير كما فُهِمَ بامتثالٍ ما أَمَرَ به، فلمَّا دَخَل عليهم وقتُ العَصرِ، وعَرَفوا مَقصودَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم مِن ذلك، رَأوا أن يَنالوا فَضيلةَ الصَّلاةِ في وقتِها، وأنْ يَذهبوا إلى بَني قُرَيْظةَ مُمتَثلينَ أمْرَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم في الوُصولِ إليها، "فذُكِرَ ذلك" الفِعلُ المَذكورُ مِن فِعلِ الطَّائفتين "للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فلَم يُعنِّف واحدًا منهُم"، لا التَّاركينَ ولا الَّذين فَهِموا أنَّهُ كنايةٌ عن العَجَلةِ; لأنَّهُم مُجتهِدون.  وفي هذا الحَديثِ: إثابةُ المجتهِدِ في كُلِّ ما يُسوَّغُ الاجتِهادُ فيه.

يقول الشعراوي أن هذا هو الإفساد الأول بدليل الآية الكريمة: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا) (الإسراء 5).  إِذَا ظرف لما يستقبل من الزمن، وليس للماضي.  وقد نزلت سورة الإسراء (بني إسرائيل) في مكة قبل سورة الحشر (سُورَة بَنِي النَّضِير) والتي نزلت في المدينة بمناسبة إجلاء بني النضير.  وكذلك الكلمة " وَعْدُ " (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ) لا يمكن ولا يصحّ أن تكون في الزمن الماضي .  يرى الشعراوي أن صفة ومسمى " عِبَادًا " تطلق على من ينصاع لأوامر الله ولمنهجهه في مجالات الإختيار كانصياعه في القهريّات التي لا مجال له فيها أن يختار. وأما صفة ومسمى عبيد فتطلق على المتمردين على أوامر الله ومنهجهه في مجالات الإختيار.  وهذا يكون في الحياة الدنيا التي هي دار التكليف والإختبار.  وأما الآخرة فهي دار جزاء لا عمل.  فعلى سبيل المثال المؤمنون في الجنّة يُلهَمُون التسبيح من غير ما إرادة.  وعليه يرى الشعراوي أنّ المقصود بقوله تعالى: (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) هم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم؛ الذين طهّروا المدينة من رجس ودنس وإفساد اليهود أعداء الله وأعداء الإنسانية بل وأعداء أنفسهم.

(دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ): الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه جاء من المدينة المنورة ليتسلم مفاتيح القدس، وكتب عمر بن الخطاب (العهدة العمرية)

كانت القدس مدينة مهمة من المقاطعة البيزنطية في السنوات قبل الفتح الإسلامي، وفي عام 614 م غزا الساسانيون المدينة أثناء الحروب الساسانية البيزنطية، وقام الفرس بنهب المدينة، وذبحوا 90 ألف مسيحي، واضطهدوا جميع من في المدينة، وكان ذلك بمساعدة اليهود ([128]).

في عهد خلافة عمر بن الخطاب أطلق الامبراطور هرقل حملة كبيرة لاستعادة الأراضي المفقودة، لكن خاب ظنه وهُزم في معركة اليرموك عام 636 م.

لما انتهى أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من فتح دمشق، كتب إلى أهل إيلياء - القدس - يدعوهم إلى الإسلام فرفضوا ، فركب إليهم في جنوده، ثم حاصر بيت المقدس، وطلب من أهلها الصلح، ولكنهم رفضوا، وقال رهبانهم: "لن يفتحها إلا رجلٌ، وذكروا بعض الأوصاف الجسمية لرجل معين، وأن اسمه يتكون من ثلاثة حروف، فوجد المسلمون أن هذه المواصفات لا تنطبق إلا على أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه".

جاء عمر رضي الله عنه من المدينة المنورة ليتسلم مفاتيح القدس، في 13 رمضان 15هـ الموافق 18 تشرين الأول 636 م وصل عمرُ بن الخطاب إلى فلسطين، وتسلم مفاتيح مدينة القدس، وقام بتأمين المسيحيين على أرواحهم وشعائرهم الدينية.  وكتب عمر بن الخطاب (العهدة العمرية)، التي سطرها التاريخ بحروف من الذهب، وأجمع عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا نصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، ولا يُضَارّ أحدٌ منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، (لأنهم كانوا يعادون اليهود عداءً حقيقيا)، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرِجُوا منها الروم، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصُلُبَهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم، ومن أقام منهم فعليه مثل ما على أهل إيلياء، ومن شاء أن يسير مع الروم، سار مع الروم وهو آمن، ومن شاء أن يرجع إلى أهله، رجع إلى أهله، وهو آمن، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية، شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان وكُتِبَ وحُضِرَ سنة خمس عشرة".

دعا البطريرك صفرونيوس عمرَ بن الخطاب لتفقد كنيسة القيامة، فلبّى دعوته، وأدركته الصلاة وهو فيها، فالتفت إلى البطريرك، وقال له: "أين أصلي؟"، فقال: "صلِّ مكانك"، فخشي عمرُ أن يصلي فيها فيتخذها المسلمون من بعده مسجدا، فقال: "ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا"، وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلّى.  بعد ذلك بُني مسجد "عمر" في البقعة نفسها التي صلى فيها الخليفة عمر بن الخطاب.  واستمر الحكم الإسلامي على القدس لمدة 400 سنة متتالية، إلى أن جاءت الحملة الصليبية الأولى في عام 1099م (492هـ)؛ فاغتصب الصليبيون القدس.

تحرير صلاح الدين للقدس:  لقد تمّ تحرير المسجد الأقصى المبارك على يد صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين الذين دنسوه لفترة 91 عامًا ، وذلك في عام 583هـ.  وتوالت انتصارات صلاح الدين حتى توّجت بمعركة حطين 583هـ، وبعدها دخل بيت المقدس عنوة، ولم يبق للصليبين إلا مدينة صور وكانت مركزًا لتجمعهم ومدينة طرابلس ومدينة أنطاكية وبعض الحصون الصغيرة حولهم. عندها حشد الصليبيون الحملة الصليبية الثالثة والتي حققت بعض الانتصارات حتى وصلت أسوار القدس وانتهت بعقد الصلح مع صلاح الدين عام 588هـ وتوفي بعدها صلاح الدين عام 589هـ  ([129]).

الإفسادة الثانية: قائمة وهي بين يدي الساعة

 (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء 6).

أقتبسُ هنا من كتاب تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي:  وبعد قرون من الزمن انتكس المسلمون وحادوا عن المنهج الرّباني وتحاكموا إلى الطاغوت؛ فسلّط الله عليهم اليهود الشراذم شذّاذ الآفاق لعلّ المسلمين أن يرجعوا إلى الجادّة: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء 6).  لقد أصبحت الغلبة لليهود منذ عام 1967، ولا يزال الإفساد اليهودي يتنامى، وجيش الإحتلال يزداد قوة إلى قوته، بينما أمتنا الإسلامية تزداد ضعفا وهوانا وارتكاساً في إنفاذ مكر ومخططات أعداء الأمة.  أمّا بيت المقدس مسرى نبيّنا وأولى القبلتين وثالث الحرمين، فإنّ قضيّته تتقزم في نفوس القادة العرب الذين يفترض أن يكونوا أصحاب قرار يسعون لخدمة قضايا الأمة.  بل من عجب العجاب أن قادة العرب يدفعون الأموال الطائلة لأعداء الأمة في حين أنهم أنفسهم يسهمون في حصار إخوانهم المسلمين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس؛ وما ذلك إلا هوانا وضعفاً في مقابل مكر الليل والنهار الذي جنّدَ لهُ اليهودُ المالَ العالمي والنساءَ والسياسة والإعلام العالمي ومؤسّسات الضغط اليهودي، بل واستنفروا العالم ليقفوا في صف الشيطان حربا على الإسلام والمسلمين.

وستبقى الكَرّةُ والغلبة لليهود حتى نعود إلى منهج الله، سيبقى السوط اليهودي والإستعلاء الصهيوني يُذكِّرنا بضرورة العودة إلى دين الله وحُكم الله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة 82).  فإذا ما حصلت الإستفادة وعدنا إلى الله نصرنا اللهُ على اليهود أعداء الله وأعداء الإنسانية بل وأعداء أنفسهم حين اختاروا الطغيان والكفر والإستعلاء والتكبر عن منهج الله: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).

واليومَ أرضُ الأقصى تحت احتلال خبيث، هذه المرة على يد اليهود لعنهم الله؛ وذلك منذ حزيران سنة 1967 م.  اليهود هم أساس ومحور المكر والكيد لدين الإسلام وللمسلمين. إنّ الصراع مع اليهود صراع عقيدة؛ بيّنت مفاصلَهُ سورةُ الإسراء (سورةُ بني إسرائيل) والعديد من آيات القرآن وسوره.  وحدّدتها أيضاً الكثير من الأحاديث النبويّة، والتي منها أحاديث الإسراء: (فقال عيسَى : أمَّا وجْبَتُها فلا يعلمُ بها أحدٌ إلَّا اللهُ ، عزَّ وجلَّ، وفيما عهِد إليَّ ربِّي، عزَّ وجلَّ ، أنَّ الدَّجَّالَ خارجٌ ، قال : ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوبُ الرَّصاصُ ، قال : فيهلكُه اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، إذا رآني، حتَّى إنَّ الحجرَ والشَّجرَ يقولُ: يا مسلمُ، إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتُلْه. قال: فيهلكُهم اللهُ، عزَّ وجلَّ، ثمَّ يرجعُ النَّاسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم) ([130])..  فالإسراء والمعراج معجزة خالدة نؤمن بها؛ فهي من عقيدتنا التي ربطتنا ببيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.

اليهودُ قتلةُ أنبياء الله كما سبق بيانه. لذا ليس غريباً أنّ صراع البشريّة مع اليهود يقودهُ أولوا العزم من الرّسل:  لقد همّت يهود بقتل المسيح عليه السّلام فرفعَهُ اللهُ إليه. كما همّت مراراً بقتل رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.  في صدر الإسلام تفانى اليهود في المكر والخداع والتآمر على الإسلام والمسلمين، وعلى شخص الرسول محمد.  فلم يكن للمسلمين خيارٌ غيرُ خيار إخرج اليهود من المدينة ثم من خيبر ومن جزيرة العرب، وكان إخراجهم هذا تنفيذا لأمر الله جزاء كفر اليهود وإفسادهم وطغيانهم.  التصدّي لإفسادة اليهود الأولى بدأها محمدٌ صاحب أعظم معجزتين: معجزة القرآن الخالدة ثم معجزة الإسراء والمعراج.

وفي الحديث الشريف: (لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي يقاتلونَ على الحقِّ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ) ([131]). هذه الطائفة تتصدى اليوم لإفسادة اليهود الكبرى والأخيرة.  وسيُحسمُ هذا الصراعُ لصالح المسلمين بقيادة المسيح عيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام - ومعه هذه الطائفة التي ذكرها الحديث الشريف. ولقد خصَّ اللهُ المسيح عيسى بن مريم بمعجزات عظيمة منها: مولده ، وكلامه في المهد، وإحياء الموتى بإذن الله، ثم رفعَهُ اللهُ إليه، ثم عودتُه وقتله الدّجال.  سيقوم المسيح بنشر دين الإسلام ومقاتلة اليهود؛ ليحسم آخر حلقات الصراع مع قوى البغي والكفر.  إنّه صراعُ عقيدة كما أبرزتهُ سورة الحشر (سُورَة بَنِي النَّضِير).  وإنّه صراعُ عقيدة كما أبرزتهُ سورةُ الإسراء (بني إسرائيل): (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).  إنّهُ صراعٌ بين الإيمان والكفر ، كما أنّه صراعٌ على بيت المقدس مهبط الديانات أولى القبلتين وثالث الحرمين.  لقد أسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلّم إلى بيت المقدس حيث أمّ الأنبياء، وعُرِجَ به من هناك إلى السماوات السبع فالجِنان وارتقى لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام حيث فرضَ علينا ربُّ العزة والجلال الصلاةَ بوحيٍ مباشر من الله إلى رسوله؛ من غير واسطة جبريل عليه السلام.  سيكون الصراعُ مع اليهود بقيادة عيسى بن مريم بين يدي السّاعة.  إنّه صراع الحق يقوده أولوا العزم من الرسل معهم صفوة الصفوة في مجابهة أعداء الله وأعداء الإنسانية وأعداء الفضيلة وأعداء العدالة والحرية، بل وأعداء الطفولة.

جاء في تفسير الوسيط للطنطاوي: فإذا جاء وقت عقوبتكم يا بنى إسرائيل على إفسادكم الثاني في الأرض، بعثنا عليكم أعداءكم ليسوءوا وجوهكم أى: ليجعلوا آثار المساءة والحزن بادية على وجوهكم، قال الجمل ما ملخصه: وقوله لِيَسُوؤُا الواو للعباد أولي البأس الشديد. ... وقرأ ابن عامر وحمزة بالياء المفتوحة والهمزة المفتوحة آخر الفعل ليَسوءَ والفاعل إما الله- تعالى- وإما الوعد، وإما البعث.

يقول ابن عاشور في معرض تفسير الآية: والآخرة ضد الأولى . وعليه يقول تعالى مخاطبا نبيّهُ محمد : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) (الضحى 4).  وَلَلدَّار الْآخِرَة خَيْر لَك مِنْ هَذِهِ الدَّار (تفسير ابن كثير).  وكذلك الآية في حقّ الطاغية فرعون الذي ادّعى الربوبية: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) (النازعات 25).  أَيْ اِنْتَقَمَ اللَّه مِنْهُ اِنْتِقَامًا جَعَلَهُ بِهِ عِبْرَة وَنَكَالًا لِأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُتَمَرِّدِينَ فِي الدُّنْيَا " وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود " كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَدْعُونَ إِلَى النَّار وَيَوْم الْقِيَامَة لَا يُنْصَرُونَ " وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي مَعْنَى الْآيَة أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى " أَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقِيلَ الْمُرَاد بِذَلِكَ كَلِمَتَيْهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَة وَقِيلَ كُفْره وَعِصْيَانه وَالصَّحِيح الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ الْأَوَّل (ابن كثير).

(وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص 70).

يحمده أولياؤه في الدنيا، ويحمدونه في الآخرة في الجنة  (تفسير البغوي).

ولعلّ هذا يوضح مراد الله في الآية الكريمة: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ).  أي فإذا اقتربت السّاعة جاء وقت عقوبتكم يا بنى إسرائيل على إفسادكم الثاني في الأرض: هذا الإفساد الذي طال زمنه، وتعدّت صوره وأشكاله، هذا الإفساد الذي بلغ ذروته حين استنفرتم كلّ قوى البغي لتكريسه ؛ هذا الإفساد الذي بسببه طالت المعاناة كلّ البشرية.  وعندما تضيق الخلائقُ ذرعاً بإفسادتكم الثانية والأخيرة هذه، يبعث اللهُ عليكم أعداءَكم لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).  وهذا كائن إذا اقتربت السّاعة عند عودة المسيح عيسى عليه السلام.  وهذه رحمة الله بكم إذ أنكم عندما ينحسر طغيانكم وتجبركم، ويحيق بكم الذُّلُ والهوان ؛ فلم تعد لكم القدرة على الإفساد، سيكون خياركم الوحيد الدخول في دين الإسلام ؛ حيث لن يقبل منكم المسيحُ الجزيةَ (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ).  وفي هذا المعنى مرّ معنا الأحاديث النبوية، والشاهد منها: (ويقاتلُ الناسَ على الإسلامِ حتى يُهلكَ اللهُ في زمانِه المِلَلَ كلَّها، ويُهلكَ اللهُ في زمانِه مَسيخَ الضلالةِ الكذَّابَ الدجَّالَ ، وتقعُ في الأرضِ الأمَنَةُ).

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : هي من قبيل (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) (الأنبياء 97 ).   وَقَوْله " وَاقْتَرَبَ الْوَعْد الْحَقّ " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة (تفسير ابن كثير).

للَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ: ألله ربّ كل شيء ومليكه على مرّ الزمان والمكان ومن قبلهما ومن بعدهما

(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى) (النجم25 )  أَيْ إِنَّمَا الْأَمْر كُلّه لِلَّهِ مَالِك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْمُتَصَرِّف فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ (ابن كثير)

(وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص 70)

قَوْله : " وَهُوَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ " أَيْ هُوَ الْمُنْفَرِد بِالْإِلَهِيَّةِ فَلَا مَعْبُود سِوَاهُ كَمَا لَا رَبّ يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار سِوَاهُ " لَهُ الْحَمْد فِي الْأُولَى وَالْآخِرَة " أَيْ فِي جَمِيع مَا يَفْعَلهُ هُوَ الْمَحْمُود عَلَيْهِ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَته " وَلَهُ الْحُكْم " أَيْ الَّذِي لَا مُعَقِّب لَهُ لِقَهْرِهِ وَغَلَبَته وَحِكْمَته وَرَحْمَته " وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " أَيْ جَمِيعكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَيَجْزِي كُلّ عَامِل بِعَمَلِهِ مِنْ خَيْر وَشَرّ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَة فِي سَائِر الْأَعْمَال (ابن كثير).

عندما ترد كلمة الأولى غير مقترنة مع الآخرة ، فإنّها تأتي بمعنى السّابق والأول (the first) :

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (القصص 43)

(قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى) (طه 51)

(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى) (النجم 50)

(قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى) (طه 21)

(وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) (طه 133)

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب 33)

(إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (الصافات 59)

(إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) (الدخان 35)

(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (الدخان 56)

(هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى) (النجم 56)

(إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى) (الأعلى 18)

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ) (الواقعة 62)

المبحث الخامس : وَعْدُ الْآخِرَةِ

)وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف 61).  سبق التفصيل في موضوع الآية.  (وَإِنَّهُ) عَائِد عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ نُزُوله قَبْل يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته " أَيْ قَبْل مَوْت عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " ... قَالَ مُجَاهِد " وَإِنَّهُ لَعِلْم لِلسَّاعَةِ " أَيْ آيَة لِلسَّاعَةِ خُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام.  وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَقَتَادَة وَمَالِك بْن دِينَار وَالضَّحَّاك " وَإِنَّهُ لَعَلَم لِلسَّاعَةِ " ( بِفَتْحِ الْعَيْن وَاللَّام ) أَيْ أَمَارَة (القرطبي).

(إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).  قَوْله تَعَالَى " إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " أَيْ فَعَلَيْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا " وَقَوْله " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ " أَيْ يُهِينُوكُمْ وَيَقْهَرُوكُمْ " وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِد " أَيْ بَيْت الْمَقْدِس " كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّل مَرَّة " ؛ وكان وقتها تحت نفوذ وسيطرة النصارى. " وَلِيُتَبِّرُوا " أَيْ يُدَمِّرُوا وَيُخَرِّبُوا " مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" أَيْ مَا ظَهَرُوا عَلَيْهِ (ابن كثير) .

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : يَعْنِي نزول المسيح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِن السَّمَاء بين يدي السّاعة

(وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) (الإسراء 104). "اسْكُنُوا الْأَرْضَ" أَيْ أَرْض الشَّأْم (الطبري: ص 292).  "وَعْدُ الْآخِرَةِ " أَيْ الْقِيَامَة (الطبري: ص 292السَّاعة (الجلالين: ص 377).  وَقَالَ الْكَلْبِيّ : " فَإِذَا جَاءَ وَعْد الْآخِرَة " يَعْنِي مَجِيء عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ السَّمَاء  (البغوي).  المرّة الثانية التي سيفسدون فيها، وهي التي نعيشها الآن (تفسير القرآن المجيد للشيخ فضل حسن عبّاس).   لَفِيفًا " أَيْ جَمِيعكُمْ أَنْتُمْ وَعَدُوّكُمْ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك: لَفِيفًا أَيْ جَمِيعًا (ابن كثير، الطبري، الجلالين: ص 377).  إذاً هذه هي إفسادتهم الأخيرة والتي هي قُبيل نزول المسيح عليه السلام بين يدي السّاعة.  ويتجمع اليهود في فلسطين، كما يجتمع المسلمون في شرق الأردن بفعل الأحداث التي جعلت من الأردن ملاذاً للمهجّرين.

أشار القرآن إلى نهاية الإفسادة الأولى بقوله سبحانه "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُولَاهُمَا" أُولَى مَرَّتَيْ الْفَسَاد" بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ".   أما الإفسادة الثانية فلم تذكر بلفظ مشابه: كأن تقول "فَإِذَا جَاءَ وَعْد ثانيهما" ثاني مَرَّتَيْ الْفَسَاد.  كما أنها لم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد الأخيرة"، ولم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد الأخرى"، ولم تذكر بلفظ "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُخراهما".  وإنما جاءت في القرآن بقوله سبحانه: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) من الآية الكريمة: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7).  يؤكُّد ذلك أنّ قوله تعالى: (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) يكون بين يدي الساعة (الآخرة) عندما ينزل عيسى عليه السلام: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ).  يقول الشعراوي: لا بدّ لنا من العودة إلى منهج الله لكي يتحقق لنا دخول المسجد والنصر على يهود.  وأقول : إذا كان أهل الكتاب يستعجلون نزول المسيح بتكريس الإفساد والطغيان اليهودي، فلا بدّ للمسلمين من العودة لهذا الدين لكي يكونوا أهلا لاستقبال المسيح، وليكونوا من جنوده؛ جنود الله الذين يقفون في وجه الكفر والكافرين.

(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا) : يقول سبحانه: (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (الأعراف 38-39).  لاحظ الإستخدام اللغوي: " وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ " أَيْ قَالَ الْمَتْبُوعُونَ لِلْأَتْبَاعِ ، في مقابل (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ).  وأما آية الإسراء فكان الإستخدام اللغوي مختلفاً: (وَعْدُ أُولَاهُمَا) مقابل (وَعْدُ الْآخِرَةِ) ليكون المرادُ: وَعْدُ يوم القيامة وعلامته ، وهذا لا يكافؤه أن تقول (وَعْد أُخراهما) بمعنى ثانيهما على غرار آيتي الأعراف.

بل إنّ آيات القرآن الكريم لم تستخدم كلمة الْآخِرَةِ إلا بمعنى انتهاء الحياة الدنيا أو يوم النشور والبعث والحساب والعرض على الله.  ولا استثتاء ولا خلاف في هذا إلا ما ذهب إليه بعض المفسرين في الآية السابعة من سورة الإسراء: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ).  ومع ذلك فإنّ غالبيّة المفسرين على أنّه كائن بين يدي السّاعة.

وأمّا قول الكفار في الآية: (مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) (ص 7). فهي تتحدّث عن الماضي ؛ لا المستقبل.  أَيْ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّد مِنْ التَّوْحِيد فِي الْمِلَّة الْآخِرَة قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَأَبُو زَيْد يَعْنُونَ دِين قُرَيْش وَقَالَ غَيْرهمْ يَعْنُونَ النَّصْرَانِيَّة قَالُوا مُحَمَّد بْن كَعْب وَالسُّدِّيّ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّة الْآخِرَة يَعْنِي النَّصْرَانِيَّة قَالُوا لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآن حَقًّا لَأَخْبَرَتْنَا بِهِ النَّصَارَى (ابن كثير).

بل إن القرآن يشير إلى وقت إنهاء الإفسادة الأولى لليهود بأنه لأول الحشر: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (الحشر 2).  سُورَة الْحَشْر : " وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : سُورَة بَنِي النَّضِير " قَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور حَدَّثَنَا هُشَيْم عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاس سُورَة الْحَشْر ؟ قَالَ أُنْزِلَتْ فِي بَنِي النَّضِير وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ هُشَيْم بِهِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي عَوَانَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس سُورَة الْحَشْر ؟ قَالَ سُورَة بَنَى النَّضِير (ابن كثير).   " مِنْ دِيَارهمْ لِأَوَّلِ الْحَشْر " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عُمَر حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ أَبِي سَعْد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: مَنْ شَكَّ فِي أَنَّ أَرْض الْمَحْشَر هَهُنَا يَعْنِي الشَّام فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَة " هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ " (ابن كثير).

(يَخرُجُ الدَّجَّالُ في خَفْقةٍ منَ الدِّينِ، وإدْبارٍ منَ العِلمِ، فله أربَعونَ ليلةً يَسيحُها في الأرضِ، اليومُ منها كالسَّنةِ، واليومُ منها كالشهْرِ، واليومُ منها كالجمُعةِ، ثُم سائرُ أيَّامِه كأيَّامِكم هذه، وله حِمارٌ يَركَبُه، عَرضُ ما بيْنَ أُذنَيْهِ أربعونَ ذِراعًا، فيقولُ للنَّاسِ: أنا رَبُّكم، وهو أعْوَرُ، ورَبُّكم ليس بأعْوَرَ، مكتوبٌ بيْنَ عَينَيْهِ: كافرٌ، يَقرَؤُه كلُّ مُؤمِنٍ من كاتبٍ وغيرِ كاتبٍ، يَرِدُ كلَّ ماءٍ ومَنهَلٍ إلَّا المدينةَ ومكَّةَ، حرَّمَهما اللهُ تعالى عليه، وقامَتِ الملائكةُ بأبوابِها، ومعه جِبالٌ من خُبزٍ وخُضرةٍ، يَسيرُ بها في النَّاسِ، والنَّاسُ في جَهدٍ إلَّا مَنِ اتَّبَعَه، ومعه نَهرانِ، أنا أعلَمُ بهما منه: نَهرٌ يقولُ: الجَنَّةُ، ونَهرٌ يقولُ:النَّارُ، مَن أُدخِلَ الذي يُسمِّيه الجَنَّةَ، فهو النَّارُ، ومَن أُدخِلَ الذي يُسمِّيه النَّارَ، فهو الجَنَّةُ، ويُبعَثُ معه شياطينُ تُكلِّمُ النَّاسَ، ومعه فِتنةٌ عظيمةٌ، يأمُرُ السماءَ فتُمطِرُ، فيما يَرى النَّاسُ، ويَقتُلُ نفْسًا فيُحْييها فيما يَرى النَّاسُ، فيقولُ للنَّاسِ: هل يَفعَلُ هذا إلَّا الرَّبُّ؟ فيَفِرُّ المُسلِمونَ إلى جَبلِ النَّارِ بالشامِ، فيَأْتيهم فيُحاصِرُهم، فيَشتَدُّ حِصارُهم، ويُجهِدُهم جَهدًا شَديدًا، ثُم يَنزِلُ عيسى، فيُنادي مِنَ السَّحَرِ، فيقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، ما يَمنَعُكم أنْ تَخرُجوا إلى الكذَّابِ الخَبيثِ؟ فيقولونَ: هذا رَجلٌ جِنِّيٌّ، فيَطَّلِعونَ فإذا هم بعيسى ابنِ مَرْيمَ صَلَواتُ اللهِ عليه، فتُقامُ الصلاةُ، فيُقالُ: تَقدَّمْ يا رُوحَ اللهِ، فيقولُ: ليَتقدَّمْ إمامُكم فيُصلِّيَ بكم، فإذا صلَّى صلاةَ الصبْحِ خَرَجوا إليه، فحين رآهُ الكذَّابُ يَنْماثُ كما يَنْماثُ المِلحُ في الماءِ، فيَمْشي إليه فيَقتُلُه، ومَن كان معه على اليَهوديَّةِ، حتى إنَّ الشَّجَرَ والحَجَرَ يُنادي، ثُم قطَعَ الحديثَ.) ([132]). 

قولهم: (هذا رَجلٌ جِنِّيٌّ) : ظنوا أنّ المنادي رجلٌ جِنِّيٌّ؛ فتبين لهم أنّ المنادي هوعيسى ابن مَرْيمَ صَلَواتُ اللهِ عليه؛ قد عاد للتو من السماء.  ولاحظ أن الحديث ذكر الدجال بصفة الكذَّابِ الخَبيثِ؛ وليس الجنّ كذلك؛ فالرَجلٌ الجِنِّيٌّ قد يكون مؤمناً.

يَنْماثُ: يذلُّ ويذوب.

وفي رواية ضعيفة: (يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في خِفَّةٍ من الدِّينِ، وإدبارٍ من العلمِ، وله أربعون يومًا يَسِيحُها، اليومُ منها كالسنةِ، واليومُ كالشهرِ، واليومُ كالجُمُعةِ، ثم سائرُ أيامِهِ مثلُ أيامِكم، وله حمارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ ما بين أُذُنَيْهِ أربعون ذراعًا، يأتي الناسَ، فيقول: أنَا ربُّكم، وإن ربَّكم ليس بأَعْوَرَ، مكتوبٌ بين عَيْنَيْهِ ك ف ر، يَقْرَأُهُ كلُّ مؤمنٍ، كاتبٌ وغيرُ كاتبٍ، يَمُرُّ بكلِّ ماءٍ ومَنْهَلٍ، إلا المدينةَ ومكةَ، حَرَّمَهُما اللهُ عليه، وقامتِ الملائكةُ بأبوابِهِما) ([133])

 (يخرجُ الدجالُ في خفْقَةٍ مِنَ الدينِ وإدْبَارٍ من العلمِ ولَهُ أربعونَ لَيْلَةً يَسيحُها في الأرضِ اليومُ منْها كالسنَةِ واليومُ منْهَا كالشَّهْرِ واليومُ منْهَا كالجمعَةِ ثم سائِرُ أيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هذِهِ ولَهُ حِمَارٌ يركَبُهُ عُرْضُ ما بينَ أُذُنَيْهِ أربعونَ ذِرَاعًا فَيَقُولُ للناسِ أنا ربُّكُم وهو أَعْوَرُ وإنَّ ربَّكُمْ عزَّ وجلَّ ليس بأعْوَرَ مَكْتُوبٌ بينَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ مُهَجَّاةٌ يَقْرُؤُهُ كُلُّ مؤمِنٍ كاتِبٌ وغيرُ كاتِبٍ يردُ كلَّ ماءٍ ومَنْهَلٍ إلَّا المدينَةَ ومَكةَ حرمَهُمَا اللهُ عزَّ وجلَّ عليه وقامَتْ الملائِكَةُ بأبْوابِها مَعَهُ جِبَالٌ من خبزٍ والناسُ في جَهْدٍ إلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ ومعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أعلَمُ بِهِمَا مِنْهُ نَهْرٌ يقولُ الجنةُ ونهرٌ يقولُ النارُ فمن أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الجنَّةَ فهو النارُ ومن أُدْخِلَ الَّذِي يسميهِ النارَ فهو الجنةُ قال وتُبْعَثُ معه شياطينُ تُكَلِّمُ الناسَ ومعَهُ فتنةٌ عظيمةٌ يأمُرُ السماءَ فتمطِرْ فيما يَرَى الناسُ فيقولُ للناسِ أيُّها الناسُ هلْ يفعلُ مثلَ هذَا إلَّا الربُّ قال فيفِرُّ الناسُ إلى جبلِ الدخانِ في الشامِ فيُحَاصِرُهُمْ فيشتَدُّ حصارُهُم ويَجْهَدُهُمْ جَهْدًا شديدًا ثم ينزلُ عيسى عليه السلامُ فينادِي مِنَ السحرِ فيقولُ يا أيُّها الناسُ ما يَمْنَعُكُمْ أن تَخْرُجُوا إلى هَذَا الكذَّابِ الخبيثِ فيقولونَ هَذَا رجلٌ جِنِّيٌّ فينطلِقُونَ فإِذَا هم بِعِيسى عليه السلامُ فتقامُ الصلاةُ فيقالُ له تَقَدَّمْ يَا روحَ اللهِ فيقولُ لِيَتَقَدَّمْ إمامُكم فيُصَلِّي بِكُمْ فإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصبحِ خرجَ إليه قال فحينَ يَرَاهُ الكذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الملْحُ في الماءِ فيمشي إليه فيقتُلُهُ حتى إِنَّ الشجرَ والحجرَ ينادي هذا يهوديٌّ فلا يَتْرُكُ مِمَّنْ كان يَتَّبِعُهُ أحدًا إلا قَتَلَهُ) ([134])

 (يَخرُجُ الدَّجَّالُ في خَفْقةٍ مِن الدِّينِ، وإدْبارٍ مِن العِلمِ، فلَه أرْبعونَ لَيلةً يَسيحُها في الأرضِ، اليومُ منها كالسَّنةِ، واليومُ منها كالشَّهرِ، واليومُ منها كالجُمُعةِ، ثُمَّ سائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكُم هذه، وله حِمارٌ يَركَبُه عَرضُ ما بَينَ أُذُنَيه أرْبعونَ ذِراعًا، فيقولُ للنَّاسُ: أنا رَبُّكُم، وهو أعْوَرُ، وإنَّ ربَّكُم ليس بِأعْوَرَ، مَكتوبٌ بَينَ عَينَيهِ كافِرٌ - ك ف ر مُهَجَّاةٌ- يَقرَؤُه كلُّ مُؤمِنٍ كاتِبٍ، وغَيرِ كاتِبٍ، يَرِدُ كلَّ ماءٍ ومَنهَلٍ إلَّا المدينةَ ومكَّةَ، حرَّمَهُما اللهُ عليه، وقامَتِ الملائِكةُ بِأبْوابِها، ومعه جِبالٌ مِن خُبزٍ، والنَّاسُ في جَهْدٍ إلَّا مَن تَبِعَه، ومعه نَهرانِ أنا أعْلَمُ بهما منه، نَهرٌ يقولُ: الجَنَّةُ، ونَهرٌ يقولُ: النَّارُ، فمَن أُدخِلَ الذي يُسَمِّيه الجَنَّةَ، فهو النَّارُ، ومَن أُدخِلَ الذي يُسَمِّيه النَّارَ، فهو الجَنَّةُ، قال: ويَبعَثُ اللهُ معه شياطينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ، ومعه فِتْنةٌ عَظيمةٌ، يَأمُرُ السماءَ فتُمطِرُ فيما يَرى النَّاسُ، ويَقتُلُ نَفسًا ثُمَّ يُحييها فيما يَرى النَّاسُ، لا يُسَلَّطُ على غَيرِها مِن النَّاسِ، ويقولُ: أيُّها النَّاسُ: هل يَفعَلُ مِثلَ هذا إلَّا الربُّ، قال: فيَفِرُّ المُسلِمون إلى جَبَلِ الدُّخانِ بالشامِ فيَأتيهِم، فيُحاصِرُهم، فيَشتَدُّ حِصارُهم ويُجهِدُهُم جَهْدًا شَديدًا، ثُمَّ يَنزِلُ عيسى ابنُ مَريَمَ فيُنادي مِن السَّحَرِ، فيقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، ما يَمنَعُكُم أنْ تَخرُجوا إلى الكَذَّابِ الخَبيثِ؟ فيقولونَ: هذا رَجُلٌ جِنِّيٌّ، فيَنطَلِقون فإذا هُم بعيسى ابنِ مَريَمَ، فتُقامُ الصلاةُ، فيُقالُ له: تَقدَّمْ يا رُوحَ اللهِ، فيقولُ: لِيتقَدَّمْ إمامُكُم فلْيُصَلِّ بِكُم، فإذا صلَّى صلاةَ الصبحِ خَرَجوا إليه، قال: فحينَ يَرى الكَذَّابُ يَنْماثُ كما يَنْماثُ المِلْحُ في الماءِ، فيَمْشي إليه، فيَقتُلُه حتى إنَّ الشَّجَرةَ والحَجَرَ يُنادي: يا رُوحَ اللهِ، هذا يَهوديٌّ، فلا يَترُكُ ممَّن كان يَتبَعُه أحَدًا إلَّا قَتَلَه.) ([135])

العبارة (فيَمْشي إليه فيَقتُلُه، ومَن كان معه على اليَهوديَّةِ، حتى إنَّ الشَّجَرَ والحَجَرَ يُنادي) لربما تدلل على استمرار الإفساد اليهودي في بيت المقدس إلى أن ينزل المسيح عليه السلام ويقاتلهم بمن معه من العصبة المؤمنة.

الآية والأحاديث تسمّي وقت إنهاء الإفسادة الأولى لليهود بأنه لأول الحشر

(كانت غَزوةُ بني النَّضيرِ وَهم طائفةٌ منَ اليَهودِ على رأسِ ستَّةِ أشْهرٍ من وقعةِ بدرٍ وَكانَ منزلُهم ونخلُهم بناحيةٍ المدينةِ فحاصرَهم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى نزلوا على الجَلاءِ وعلى أنَّ لَهم ما أقلَّتِ الإبلُ منَ الأمتعةِ والأموالِ إلَّا الحلقةَ ـ يعني السِّلاحَ ـ فأنزلَ اللَّهُ فيهم }سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ... إلى قولِه لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا { فقاتلَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى صالحَهم على الجَلاءِ فأجلاهم إلى الشَّامِ وكانوا من سِبطٍ لم يصبْهم جلاءٌ فيما خلا وَكانَ اللَّهُ قد كتَبَ عليْهمُ ذلك ولولا ذلِكَ لعذَّبَهم في الدُّنيا بالقتلِ والسَّبيِ وأمَّا قولُهُ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ فَكانَ جلاؤُهم ذلِكَ أوَّلَ حشرٍ في الدُّنيا إلى الشَّامِ) ([136])

(كانت غزوةُ بني النَّضيرِ- وهم طائفةٌ منَ اليهودِ- على رأسِ ستَّةِ أشهرٍ من وقعةِ بدرٍ وكانت مَنزِلُهم ونخلُهُم بناحيةِ المدينةِ فحاصَرهم رسولُ اللَّه صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى نزلوا على الجَلاءِ وعلى أنَّ لهم ما أقلَّتِ الإبلُ منَ الأمتعةِ والأموالِ إلَّا الحلقةَ يعني السِّلاحَ فأنزلَ اللَّه عزَّ وجلَّ فيهم سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ . . . لأوَّلِ الحشرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فقاتلَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ حتَّى صالحَهم على الجَلاءِ فأجلاهم إلى الشَّامِ وكانوا من سبطٍ لم يصبْهُم جَلاءٌ وكانَ اللَّه قد كتبَ عليهم ولولا ذلكَ لعذَّبَهُم في الدُّنيا بالقتلِ والسَّبيِ) ([137])

بيتُ المقدسِ أرضُ المحشرِ وأرضُ المنشرِ مَنْ لم يستطِعْ أنْ يأتِيَهُ فلْيُهْدِ إليه زَيْتًا يُسْرِجُ فيه

(قالتْ يا رسولَ اللهِ أَفْتِنَا في بيتِ المقدسِ قال أرضُ المحشرِ وأرضُ المنشرِ ائْتُوهُ فصلُّوا فيه فإنَّ صلاةً فيه كأَلْفِ صلاةٍ قلْنَا يا رسولَ اللهِ فمَنْ لم يستطَعْ أن يَتَحَمَّلَ إليه قال مَنْ لم يستطِعْ أنْ يأتِيَهُ فلْيُهْدِ إليه زَيْتًا يُسْرِجُ فيه فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى إليه زيتًا كان كَمَنْ أَتَاهُ) ([138])

(الشامُ أرضُ المحشرِ والمنشرِ) ([139])

(أنَّهُ سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ عَن الصَّلاةِ في بَيتِ المقدِسِ أفضلُ أو في مسجِدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فَقالَ صلاةٌ في مسجِدي هذا ، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيهِ ، ولنِعْمَ المصلَّى ، هوَ أرضُ المَحشرِ والمنشَرِ، وليأتيَنَّ على النَّاسِ زمانٌ ولقَيْدُ سَوطِ أو قال : قوسِ الرَّجلِ حَيثُ يرى مِنهُ بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ لهُ أو أحبَّ إليه مِنَ الدُّنيا جميعًا) ([140])

(يا رسولَ اللَّهِ أفتِنا في بيتِ المقدسِ؟ قالَ : أرضُ المحشَرِ والمنشَرِ ائتوهُ فصلُّوا فيهِ فإنَّ صلاةً فيهِ كألفِ صلاةٍ في غيرِهِ قلتُ أرأيتَ إن لم أستطع أن أتحمَّلَ إليهِ قالَ فتُهْدي لَه زيتًا يُسرَجُ فيهِ فمن فعلَ ذلِكَ فَهوَ كَمن أتاهُ) ([141])

(قُلْتُ يا رسولَ اللهِ : أَفْتِنا في بَيتِ المَقْدِسِ . قال : أَرْضُ المَحْشَرِ والمَنْشَرِ ، ائْتُوهُ فَصلُّوا فيهِ ؛ فإنَّ صَلاةً فيهِ كَأَلْفِ صَلاةٍ في غَيْرِهِ . قُلْتُ : أرأيْتَ إنْ لمْ أَسْتَطِعْ أنْ أَتَحَمَّلَ إليهِ ؟ قال : فَتُهْدِي لهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فيهِ ، فمَنْ فعلَ ذلكَ فهوَ كَمَنْ أَتَاهُ .) ([142]).

(عن مَيمونةَ مَوْلاةِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها سألتْهُ فقالت: أَفْتِنا في بيتِ المَقدِسِ. فقال: أرضُ المَحشَرِ، والمَنشَرِ، وائْتوهُ فصلُّوا فيه، فإنَّ صلاةً فيه كألْفِ صلاةٍ في غيْرِهِ. قالت: أرأيْتَ إنْ لمْ أستطِعْ أنْ أتحمَّلَ عليه؟ قال: فلْتُهْدي له زَيتًا يُسرَجُ فيه، فمَن فعَل ذلك فهو كمَن أتاهُ.) ([143]).

(عن مَيمونةَ مَوْلاةِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها سألتْهُ فقالت: أَفْتِنا في بيتِ المَقدِسِ، فقال: أرضُ المَحشَرِ، والمَنشَرِ، وائْتوهُ فصلُّوا فيه، فإنَّ صلاةً فيه كألْفِ صلاةٍ في غيْرِهِ. قالت: أرأيْتَ إنْ لمْ أستطِعْ أنْ أتحمَّلَ عليه؟ قال: فلْتُهْدي له زَيتًا يُسرَجُ فيه، فمَن فعَل ذلك فهو كمَن أتاهُ.) ([144])

(قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ ! أفتِنا في بيتِ المقدِسِ ، قالَ : أرضُ المحشَرِ والمنشَرِ ائتوهُ فصلُّوا فيهِ فإنَّ صلاةً فيهِ كألفِ صلاةٍ في غيرِهِ قلتُ : أرأيتَ إن لم أستَطِعْ أن أتحمَّلَ إليهِ ؟ قالَ : فتُهْدي لَه زيتًا يُسرَجُ فيهِ ، فمن فعلَ ذلِكَ فَهوَ كَمن أتاهُ) ([145])

(يا رسولَ اللهِ ، أفتِنا في بيتِ المَقدِسِ ، قال: أرضُ المَحشَرِ والمَنشَرِ ائتوه فصلُّوا فيه ، فإنَّ صلاةً فيه كألفِ صلاةٍ فيما سِواه قالتْ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن لم نُطِقْ محملًا إليه ، قال : فلْيُهدِ له زيتًا يُسرَجُ فيه ، مَن أهدى إليه شيئًا كان كمَن صلَّى فيه) ([146]) .

نَبيِّنا محمَّد أَوْلى النَّاسِ بعيسى ابنِ مريمَ في الدُّنيا والآخِرةِ وإنّ عيسى خليفة محمَّد على أمّته

(أنا أَوْلى النَّاسِ بعيسى ابنِ مريمَ في الدُّنيا والآخِرةِ، والأنبياءُ إخوةٌ لِعَلَّاتٍ، أمَّهاتُهم شتَّى ودِينُهم واحدٌ.) ([147]) .  (أنا أولى الناسِ بابنِ مريمَ ، والأنبياءُ أولادُ عَلّاتٍ ، ليس بيني وبينه نبيٌّ) ([148]).

شرح الحديث: بَشَّر نَبيُّ اللهِ عيسى عليه السَّلامُ بنُبُوَّةِ نَبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال كما أخبَرَ اللهُ تعالى في كِتابِه العَزيزِ: { وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]؛ ولذلك فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَوْلَى النَّاسِ بعيسى؛ لأنَّه بَشَّرَ به، ولأنَّه لم يَكُنْ بَينَهم نَبِيٌّ، والأنبياءُ عمومًا مِثلُ أولادِ عَلَّاتٍ، يَعنِي: أنَّهم أُخَوةٌ لِأبٍ واحدٍ من أُمَّهاتٍ مُختلفةٍ، والمعنى: أنَّ شَرائعَهم مُتَّفقةٌ من حيثُ الأُصولُ، وإنِ اختَلَفت مِن حيثُ الفُروعِ حَسَبَ الزَّمنِ وحَسَبَ العُمومِ والخُصوصِ.

(أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، في الأُولَى وَالآخِرَةِ قالوا: كيفَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: الأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فليسَ بيْنَنَا نَبِيٌّ.) ([149])

(أنا أوْلى النَّاسِ بعيسى، الأنبياءُ إخوةٌ، أولادُ عَلَّاتٍ، وليس بَيني وبَينَ عيسى عليه السَّلامُ نَبيٌّ.) ([150])

(الأنبياءُ إخوةٌ لِعَلَّاتٍ؛ أمهاتُهم شتًّى، و دينُهم واحدٌ، و أنا أولى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ لأنه [ ليس بيني و بينه نبيٌّ ، و إنه نازلٌ ، فإذا رأيتُموه فاعرَفوه ، رجلٌ مربوعٌ ، إلى الحُمرةِ و البياضِ ، بين مُمُصَّرَتَينِ ، كأنَّ رأسَه يقطُرُ ، و إن لم يُصِبْه بللٌ ، فيقاتِلُ الناسَ على الإسلامِ ، فيَدُقُّ الصليبَ ، و يقتُلُ الخنزيرَ ، و يَضَعُ الجزيةَ ، و يُهلِكُ اللهُ في زمانه المِلَلَ كلَّها إلا الإسلامَ ، و يُهلِكُ اللهُ المسيحَ الدَّجَّالَ ، [ وتقعُ الأمَنَةُ في الأرضِ حتى ترتَعُ الأسُودُ مع الإبلِ ، و النِّمارُ مع البقرِ ، و الذئابُ مع الغنمِ ، و يلعب الصبيانُ بالحيَّاتِ لا تَضُرُّهم ] ، فيمكث في الأرضِ أربعين سنةً ، ثم يُتوفَّى ، فيُصلِّي عليه المسلمون) ([151])

(الأنبياءُ إخوةٌ لعَلَّاتٍ ، أمهاتُهم شتَّى ، ودينُهم واحدٌ ، وأنا أولى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ ؛ لأنه لم يكنْ بيني وبينَه نبيٌّ ، وإنه خليفتي على أمتي ، وإنه نازلٌ ، فإذا رأيتموه فاعرِفوه ، فإنه رجلٌ مربوعُ الخَلْقِ إلى الحُمرةِ والبياضِ، سَبِطُ الشَّعْرِ ، كأنَّ شَعْرَه يقطُرُ ، وإنْ لم يُصبْه بللٌ ، بين ممصرتين ، يدُقُّ الصليبَ ، ويقتُلُ الخِنزيرَ ، ويَفيضُ المالُ ، ويقاتلُ الناسَ على الإسلامِ حتى يُهلكَ اللهُ في زمانِه المِلَلَ كلَّها، ويُهلكَ اللهُ في زمانِه مَسيخَ الضلالةِ الكذَّابَ الدجَّالَ ، وتقعُ في الأرضِ الأمَنَةُ حتى ترتَعَ الأسودُ مع الإبلِ ، والنُّمُرُ مع البقرِ، والذئابُ مع الغنمِ ، وتلعبَ الغِلمانُ بالحياتِ، لا يضرُّ بعضُهم بعضًا ، فيثبُتُ في الأرضِ أربعين سنةً ، ثم يُتوفَّى ويصلِّي المسلمون عليه ويدفِنوه) ([152])

(الأنبياءُ إخوةٌ لعِلاتٍ أمَّهاتُهُم شتَّى ودينُهُم واحدٌ ، وإنِّي أولى النَّاسِ بعيسى ابنِ مريمَ ؛ لأنَّهُ لم يَكُن بيني وبينَهُ نبيٌّ ، وإنَّهُ نازلٌ ، فإذا رأيتُموهُ فاعرِفوهُ : رجلٌ مَربوعٌ إلى الحمرةِ والبياضِ ، عليهِ ثوبانِ مُمصَّران ، كأنَّ رأسَهُ يقطرُ وإن لم يُصبهُ بلَلٌ ، فيدقُّ الصَّليبَ ، ويقتُلُ الخنزيرَ ، ويضعُ الجزيةَ ، ويدعو النَّاسَ إلى الإسلامِ ، ويُهْلِكُ اللَّهُ في زمانِهِ المِللَ كلَّها إلَّا الإسلامَ ، ويُهْلِكُ اللَّهُ في زمانِهِ المسيحَ الدَّجَّالَ، ثمَّ تقعُ الأمَنةُ على الأرضِ، حتَّى ترتَعَ الأسودُ معَ الإبلِ، والنِّمارُ معَ البقرِ، والذِّئابُ معَ الغنمِ، ويَلعبَ الصِّبيانُ بالحيَّاتِ لا تضرُّهم ، فيمكثُ أربعينَ سنةً ، ثمَّ يُتوفَّى ويصلِّي عليهِ المسلِمونَ) ([153]).

الشرح: بيَّنَ القُرآنُ أنَّ الدِّينَ عندَ اللهِ الإسلامُ، وقد شرَعَ اللهُ سُبحانَه لِنَبيِّه محمَّدٍ ما وَصَّى به الأنبياءَ مِن قَبلِه؛ فالدِّينُ واحدٌ، والشَّرائعُ تَتناسَبُ مع عَصرِ كلِّ رسولٍ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الأنبياءُ إخوةٌ لِعَلَّاتٍ؛ أُمَّهاتُهم شَتَّى، ودِينُهم واحدٌ"، يَعنِي: أنَّهم أُخَوةٌ لِأبٍ واحدٍ مِن أُمَّهاتٍ مُختلفةٍ، والمعنى: أنَّ شَرائعَهم مُتَّفِقةٌ مِن حيثُ الأُصولُ، وإنِ اختَلَفت مِن حيثُ الفُروعُ حَسَبَ الزَّمنِ، وحَسَبَ العُمومِ والخُصوصِ.
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: "وإنِّي أوْلى النَّاسِ بعِيسى ابنِ مَريمَ؛ لأنَّه لم يكُنْ بيْني وبيْنه نَبِيٌّ" وقد بَشَّرَ نَبيُّ اللهِ عِيسى عليه السَّلامُ بنُبُوَّةِ نَبيِّنا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقال كما أخبَرَ اللهُ تعالى في كِتابِه العَزيزِ: { وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } [الصف: 6]؛ ولذلك فالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَوْلى النَّاسِ بعِيسى؛ لأنَّه بَشَّرَ به، ولأنَّه لم يَكُنْ بَينَهم نَبِيٌّ، فهو أخوهُ الأقرَبُ إليه، "وإنَّه نازلٌ"، أي: يَنزِلُ عِيسى عليه السَّلامُ مِن السَّماءِ إلى الأرضِ، "فإذا رَأيتُمُوه فاعْرِفوهُ"، أي: فاعرِفوهُ؛ فإنَّ مِن أوصافِه أنَّه: "رَجلٌ مَربوعٌ"، أي: ليسَ بالطَّويلِ ولا القَصيرِ، "إلى الحُمرةِ والبَياضِ"، أي: إنَّ لَونَه يَميلُ إلى الحُمرةِ والبَياضِ، "عليه ثَوبانِ مُمَصَّرانِ"، أي: يكونُ عليهِ ثَوبانِ لَونُهما مائلٌ للصُّفرةِ، "كأنَّ رأسَه يَقْطُرُ، وإنْ لم يُصِبْهُ بَللٌ"، وهذا كِنايةٌ عن نَضارتِه ونَظافتِه، "فيدُقُّ الصَّليبَ"، أي: يَكسِرُه، "ويَقتُلُ الخِنزيرَ، ويَضَعُ الجِزيةَ، ويَدْعُو النَّاسَ إلى الإسلامِ"، أي: إنَّ الإِسلامَ هوَ الشَّرطُ الوَحيدُ على مَن يُقاتِلُه، فلا يُقبَلُ مِنهم جِزيةٌ، "ويُهلِكُ اللهُ في زَمانِه المِللَ كلَّها إلَّا الإسلامَ"، أي: لنْ يُبقِيَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ للكُفرِ شَوكةً، فتكونُ الوِلايةُ والقُدرةُ لأهلِ الإسلامِ، وليس المُرادُ هَلاكَ أبدانِ أهلِ الكُفرِ، ولكنَّ المُرادَ أنَّ الغلبةَ والعزَّةَ تكونُ للإسلامِ؛ فالكفَّارُ سيكونونَ مَوجودِينَ؛ ولهذا مَن آمَنَ عندَ طُلوعِ الشَّمسِ مِن مغربِها لنْ يَنفَعَه إيمانُه، والسَّاعةُ ستقومُ على شِرارِ الخَلقِ؛ "ويُهلِكُ في زَمانِه المَسيحَ الدَّجَّالَ"، أي: يُمِيتُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ المسيحَ الدجَّالَ في عَهدِ عِيسى عليه السَّلامُ، وفي الرِّواياتِ أنَّ عيسى عليه السَّلامُ هوَ الَّذي سيَقتُلُه.

"ثمَّ تقَعُ الأَمنةُ على الأرضِ"، أي: يَسودُ الأمانُ والسَّلامُ في كلِّ الأرضِ، "حتَّى تَرتَعَ الأُسودُ مع الإبلِ، والنِّمارُ مع البقَرِ، والذِّئابُ مع الغنَمِ، ويَلعَبُ الصِّبيانُ بالحيَّاتِ لا تَضُرُّهم"
ثمَّ قال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فيَمكُثُ"، أي: سيَظَلُّ ويَبقى، "في الأرضِ أربَعينَ سَنَةً، ثمَّ يُتوفَّى ويُصَلِّي عليهِ المُسلِمونَ"، أي: يُصلُّونَ عليه بما شرَعَهُ اللهُ مِن الصَّلاةِ على الميِّتِ في الإسلامِ.

الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمتي الآخرة والدنيا مقترنتين و زوجين: في هذه المجموعة من الآيات كلمة الآخرة تعني يوم القيامة وأهواله من نفختي الصعق ثم الفزع والنشور والحساب والصِّرَاطِ ثم المآل إما إلى درجات الجنان أو دركات النار

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة 114)

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (البقرة 130)

(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) (البقرة 200)

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة 201)

(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (آل عمران  145)

(فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران 148)

(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران 152)

(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة 33)

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة 41)

(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (الأنعام 32)

(وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف 156)

(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال 67)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (التوبة 38)

(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (يونس 64)

(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) (الرعد 26)

(لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) (الرعد 34)

(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) (إبراهيم 3)

(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (إبراهيم 27)

(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) (النحل 30)

(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (النحل 41)

(ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (النحل 107)

(وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (النحل 122). وَإِنَّهُ فِي الدَّار الْآخِرَة يَوْم الْقِيَامَة لمِنْ صَلُحَ أَمْره وَشَأْنه عِنْد اللَّه وَحَسُنَتْ فِيهَا مَنْزِلَته وَكَرَامَته (تفسير الطبري).

(وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) (المؤمنون 33)

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص 77)

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (العنكبوت 27). أَيْ جَمَعَ اللَّه لَهُ بَيْن سَعَادَة الدُّنْيَا الْمَوْصُولَة بِسَعَادَةِ الْآخِرَة (ابن كثير).

(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت 64)

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم 7)

(فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (الزمر 26)

(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) (غافر 39)

(لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) (غافر 43)

(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ) (فصلت 16)

(نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت 31)

(مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى 20)

(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد 20)

(وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ) (الحشر 3)

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة 217)

(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة 220).

(أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (آل عمران 22)

(إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (آل عمران 45).

وأما قوله: " اسمهُ المسيح عيسى ابن مريم "، فإنه جل ثناؤه أنبأ عباده عن نسبة عيسى، وأنه ابن أمّه مريم، ونفى بذلك عنه ما أضاف إليه الملحدون في الله جل ثناؤه من النصارى، من إضافتهم بنوّته إلى الله عز وجل، وما قَرَفَتْ أمَّه به المفتريةُ عليها من اليهود (الطبري).

(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (آل عمران 56).

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (النساء 77)

(مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء 134).

(كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (التوبة 69).

(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (التوبة 74).

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف 101).

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الحج 11).

(مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (الحج 15).

(وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور 14).

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور 19).

(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور 23).

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) (الأحزاب 57).

(وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (الزخرف 35).

معنى كلمة الآخرة في الآيات القرآنية التي لم ترد فيها كلمة الدنيا هو نفسه كما في الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمتي الآخرة والدنيا مقترنتين و زوجين:

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف 147).  وَمُنْكِر لِقَاء اللَّه فِي آخِرَته (الطبري).

(لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (النحل 109).  أَيْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة (ابن كثير).

(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى 17).

الْوَعْدُ الْحَقُّ: يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة

(حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) (الأنبياء - 96 97).   هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ وَقَوْله " وَاقْتَرَبَ الْوَعْد الْحَقّ " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة (ابن كثير).  وفي الحديث أن من علامات الساعة نُزُول عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَخروج قوم يَأَجُوج وَمَأْجُوج:

(اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقالَ: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ.) ([154]) .

وللمزيد من طرق الحديث أنظر: ([155])

وَعْدُ الْحَقِّ: أن يقْضِيَ اللَّهُ بَيْن عِبَاده فَيدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّاتِ وَيُسْكِنَ الْكَافِرِينَ الدَّرَكَاتِ

(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم 22)

يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا خَاطَبَ بِهِ إِبْلِيس أَتْبَاعه بَعْدَمَا قَضَى اللَّه بَيْن عِبَاده فَأَدْخَلَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّاتِ وَأَسْكَنَ الْكَافِرِينَ الدَّرَكَاتِ فَقَامَ فِيهِمْ إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه يَوْمئِذٍ خَطِيبًا لِيَزِيدَهُمْ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ وَغَبْنًا إِلَى غَبْنِهِمْ وَحَسْرَة إِلَى حَسْرَتِهِمْ فَقَالَ " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ " أَيْ عَلَى أَلْسِنَة رُسُله وَوَعَدَكُمْ فِي اِتِّبَاعهمْ النَّجَاة وَالسَّلَامَة وَكَانَ وَعْدًا حَقًّا وَخَبَرًا صِدْقًا وَأَمَّا أَنَا فَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا " ثُمَّ قَالَ " وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " أَيْ مَا كَانَ لِيَ دَلِيل فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ وَلَا حُجَّة فِيمَا وَعَدْتُكُمْ بِهِ " إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي " بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَقَامَتْ عَلَيْكُمْ الرُّسُل الْحُجَج وَالْأَدِلَّة الصَّحِيحَة عَلَى صِدْق مَا جَاءُوكُمْ بِهِ فَخَالَفْتُمُوهُمْ فَصِرْتُمْ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ " فَلَا تَلُومُونِي" الْيَوْم " وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ " فَإِنَّ الذَّنْب لَكُمْ لِكَوْنِكُمْ خَالَفْتُمْ الْحُجَج وَاتَّبَعْتُمُونِي بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى الْبَاطِل (ابن كثير).

وَعْد الصِّدْق: وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جَنَّات

 (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (الأحقاف 16).  قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّل عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَز عَنْ سَيِّئَاتهمْ فِي أَصْحَاب الْجَنَّة " أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفُونَ بِمَا ذَكَرْنَا التَّائِبُونَ إِلَى اللَّه الْمُنِيبُونَ إِلَيْهِ الْمُسْتَدْرِكُونَ مَا فَاتَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار هُمْ الَّذِينَ نَتَقَبَّل عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَز عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَيُغْفَر لَهُمْ الْكَثِير مِنْ الزَّلَل وَنَتَقَبَّل مِنْهُمْ الْيَسِير مِنْ الْعَمَل مِنْ أَصْحَاب الْجَنَّة أَيْ هُمْ فِي جُمْلَة أَصْحَاب الْجَنَّة ، وَهَذَا حُكْمهمْ عِنْد اللَّه كَمَا وَعَدَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَعْدَ الصِّدْق الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ " قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ الْغِطْرِيف عَنْ جَابِر بْن زَيْد عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّوح الْأَمِين عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ" يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْد وَسَيِّئَاته فَيُقْتَصّ بَعْضهَا بِبَعْضٍ فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَة وَسَّعَ اللَّه تَعَالَى لَهُ فِي الْجَنَّة" قَالَ فَدَخَلْت عَلَى يَزْدَاد فَحَدَّثَ بِمِثْلِ هَذَا قَالَ : قُلْت فَإِنْ ذَهَبَتْ الْحَسَنَة قَالَ " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّل عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَز عَنْ سَيِّئَاتهمْ فِي أَصْحَاب الْجَنَّة وَعْد الصِّدْق الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ " وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ عَنْ الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان بِإِسْنَادِهِ مِثْله وَزَادَ عَنْ الرُّوح الْأَمِين قَالَ : (قال الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ يؤتى بحسناتِ العبدِ وسيِّئاتِه يومَ القيامةِ فيَقيضُ بعضَها ببعضٍ فإنْ بقِيَتْ حسنةٌ واحدةٌ أدخَله اللهُ الجَنَّةَ قال قلتُ فإنْ لم يبْقَ قال } أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ } قال قلتُ أرأَيْتَ قولَه { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لِهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } قال هو العبدُ يعمَلُ السِّرَّ أسَرَّه اللهُ له يومَ القيامةِ فيرى قُرَّةَ أعينٍ) ([156])

"وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ " فِي قَوْله تَعَالَى "وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جَنَّات" (الجلالين: ص 668). نُصِبَ لِأَنَّهُ مَصْدَر مُؤَكِّد لِمَا قَبْله، أَيْ وَعَدَ اللَّه أَهْل الْإِيمَان أَنْ يَتَقَبَّل مِنْ مُحْسِنهمْ وَيَتَجَاوَز عَنْ مُسِيئِهِمْ وَعْد الصِّدْق . وَهُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفْسه لِأَنَّ الصِّدْق هُوَ ذَلِكَ الْوَعْد الَّذِي وَعَدَهُ اللَّه ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " حَقّ الْيَقِين " [ الْوَاقِعَة : 95 ] . وَهَذَا عِنْد الْكُوفِيِّينَ، فَأَمَّا عِنْد الْبَصْرِيِّينَ فَتَقْدِيره : وَعْد الْكَلَام الصِّدْق أَوْ الْكِتَاب الصِّدْق ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوف (القرطبي).

وَعْدُ الله: وَعْدُهُ لِرُسُلِهِ بِالنُّصْرَةِ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (يونس 4). يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ إِلَيْهِ مَرْجِع الْخَلَائِق يَوْم الْقِيَامَة (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا) ، لَا يَتْرُك مِنْهُمْ أَحَدًا حَتَّى يُعِيدهُ كَمَا بَدَأَهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ كَمَا بَدَأَ الْخَلْق كَذَلِكَ يُعِيدهُ " وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ " (ابن كثير).

(أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يونس 55-56).   وَأَنَّ وَعْده حَقّ كَائِن لَا مَحَالَة (ابن كثير).  يَعْنِي : إِنَّ عَذَابَهُ الَّذِي أَوْعَدَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى كُفْرهمْ حَقّ ، فَلَا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَسْتَعْجِلُوا بِهِ فَإِنَّهُ بِهِمْ وَاقِع لَا شَكَّ (تفسير الطبري).

(وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (الرعد 31).  " حَتَّى يَأْتِي وَعْد اللَّه " يَعْنِي فَتْح مَكَّة وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَوْم الْقِيَامَة وَقَوْله " إِنَّ اللَّه لَا يُخْلِف الْمِيعَاد " أَيْ لَا يَنْقُض وَعْده لِرُسُلِهِ بِالنُّصْرَةِ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (ابن كثير).

(وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) (الكهف 21).  " لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَأَنَّ السَّاعَة لَا رَيْب فِيهَا " ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَنَّهُ كَانَ قَدْ حَصَلَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَان شَكّ فِي الْبَعْث وَفِي أَمْر الْقِيَامَة وَقَالَ عِكْرِمَة : كَانَ مِنْهُمْ طَائِفَة قَدْ قَالُوا تُبْعَث الْأَرْوَاح وَلَا تُبْعَث الْأَجْسَاد فَبَعَثَ اللَّه أَهْل الْكَهْف حُجَّة وَدَلَالَة وَآيَة عَلَى ذَلِكَ (ابن كثير).

(فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (القصص 13).  وَقِيلَ: أَيْ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ وَعْد اللَّه فِي كُلّ مَا وَعَدَ حَقّ (القرطبي).

(وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم 6).  أَيْ هَذَا الَّذِي أَخْبَرْنَاك بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ أَنَّا سَنَنْصُرُ الرُّوم عَلَى فَارِس وَعْد مِنْ اللَّه حَقّ وَخَبَر صِدْق لَا يُخْلَف وَلَا بُدّ مِنْ كَوْنه وَوُقُوعه (ابن كثير).

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) (الروم 60).  فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ " أَيْ اِصْبِرْ عَلَى مُخَالَفَتهمْ وَعِنَادهمْ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى مُنْجِز لَك مَا وَعَدَك مِنْ نَصْره إِيَّاكَ عَلَيْهِمْ وَجَعْله الْعَاقِبَة لَك لَا مِرْيَة فِيهِ وَلَا تَعْدِل عَنْهُ وَلَيْسَ فِيمَا سِوَاهُ هُدًى يُتَّبَع بَلْ الْحَقّ كُلّه مُنْحَصِر فِيهِ (ابن كثير).  أَيْ اِصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ فَإِنَّ اللَّه يَنْصُرك (القرطبي).

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (لقمان 9).  وهذا كائنٌ بعد العرض والحساب.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (لقمان 33).  أَيْ الْبَعْث (القرطبي).  يَقُول تَعَالَى مُنْذِرًا لِلنَّاسِ يَوْم الْمَعَاد وَآمِرًا لَهُمْ بِتَقْوَاهُ وَالْخَوْف مِنْهُ وَالْخَشْيَة مِنْ يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ " لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَده " أَيْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْدِيه بِنَفْسِهِ لَمَا قُبِلَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْوَلَد لَوْ أَرَادَ فِدَاء وَالِده بِنَفْسِهِ لَمْ يُقْبَل مِنْهُ ثُمَّ عَادَ بِالْمَوْعِظَةِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ " فَلَا تَغُرَّنكُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا " (ابن كثير).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر 5).  " يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ " أَيْ الْمَعَاد كَائِن لَا مَحَالَة (ابن كثير).

(لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ  لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) (الزمر 20).  عَنْ سَهْل بْن سَعْد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إنَّ أَهْلَ الجنَّةِ ليتراءَونَ الغُرفةَ في الجنَّةِ كما تَراءونَ الكوكبَ في السَّماءِ . وفي رواية : سَمِعْتُ أبا سعيدٍ الخدريَّ يقولُ: كما تَراءونَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في الأفقِ الشَّرقيِّ أوِ الغربيِّ) ([157])." ... وَقَوْله تَعَالَى " تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار " أَيْ تَسْلُك الْأَنْهَار بَيْن خِلَال ذَلِكَ كَمَا يَشَاءُونَ وَأَيْنَ أَرَادُوا " وَعْد اللَّه " أَيْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَعْد وَعَدَهُ اللَّه عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ (في الجنة) (ابن كثير).  نَصْب عَلَى الْمَصْدَر ؛ لِأَنَّ مَعْنَى " لَهُمْ غُرَف " وَعَدَهُمْ اللَّه ذَلِكَ وَعْدًا . وَيَجُوز الرَّفْع بِمَعْنَى ذَلِكَ وَعْدُ اللَّه (القرطبي).

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) (غافر 55).  قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " فَاصْبِرْ " أَيْ يَا مُحَمَّد " إِنَّ وَعْدَ اللَّه حَقّ " أَيْ وَعَدْنَاك أَنَّا سَنُعْلِي كَلِمَتك وَنَجْعَل الْعَاقِبَة لَك وَلِمَنْ اِتَّبَعَك " وَاَللَّه لَا يُخْلِف الْمِيعَاد" وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرْنَاك بِهِ حَقّ لَا مِرْيَة فِيهِ وَلَا شَكّ (ابن كثير).  "إنَّ وَعْد اللَّه" بِنَصْرِ أَوْلِيَائِهِ "حَقّ" (الجلالين: ص 625).  وَأَيْقِنْ بِحَقِيقَةِ وَعْد اللَّه الَّذِي وَعَدَك مِنْ نُصْرَتك ، وَنُصْرَة مَنْ صَدَّقَك وَآمَنَ بِك ، عَلَى مَنْ كَذَّبَك ، وَأَنْكَرَ مَا جِئْته بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك ، وَإِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ لَا خُلْف لَهُ وَهُوَ مُنْجِز لَهُ (الطبري).

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) (غافر 77).  فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعَدَكَ مِنْ النَّصْر وَالظَّفَر عَلَى قَوْمك وَجَعْل الْعَاقِبَة لَك وَلِمَنْ اِتَّبَعَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (ابن كثير).

(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) (الجاثية 32). أَيْ الْبَعْث كَائِن (القرطبي).

(وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (الأحقاف 17).  "وَاَلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَج" أَيْ أَنْ أُبْعَث. ... (وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) أَيْ صَدِّقْ بِالْبَعْثِ.  أَيْ (البعث) صِدْق لَا خُلْف فِيهِ (القرطبي).

عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بالإيمان بعيسى عليه السلام عند عودته

(عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) (الإسراء 8).  عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بالإيمان بعيسى عليه السلام عند عودته : (والذي نفسي بيدِه ، ليُوشِكن أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكمًا عدلًا ، فيكسرَ الصليبَ ، ويقتلَ الخنزيرَ، ويضعَ الجزيةَ ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ ، حتى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيرًا من الدنيا وما فيها . ثم يقولُ أبو هريرةَ : واقرؤوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } .) ([158] ) .

(عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) : وَهَذَا مِمَّا أُخْبِرُوا بِهِ فِي كِتَابهمْ . و " عَسَى " وَعْد مِنْ اللَّه أَنْ يَكْشِف عَنْهُمْ . و " عَسَى " مِنْ اللَّه وَاجِبَة . " أَنْ يَرْحَمكُمْ " بَعْد اِنْتِقَامه مِنْكُمْ (القرطبي).  اتضح جليّاً أنّ (وَعْدُ الْآخِرَةِ) هو وَعْدُ إنهاء إفساد اليهود عند نزول المسيح عليه السلام بين يدي السّاعة، وعندها يؤمن أهل الكتاب ، ويؤمن اليهود، فيَرْحَمَهُمُ اللهُ بدخول الإسلام والإيمان بعيسى عليه السلام، وذلك بَعْد اِنْتِقَامه مِنْهُمْ (القرطبي).

إنَّ الحَجَرَ والشَّجَرَ ليقولُ: يا مسلمُ إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتلْه، فيُهلكُ اللهُ الكافرين ثم يرجعُ الناسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم

(لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى تُقاتِلوا اليَهودَ، حتَّى يقولَ الحَجَرُ وراءَه اليَهوديُّ: يا مُسلِمُ، هذا يَهوديٌّ ورائي، فاقْتُلْه.) ([159])

(لا تَقومُ السَّاعةُ حتى تُقاتِلوا اليَهودَ، حتى يَختَبئَ اليَهوديُّ وراءَ الحَجَرِ، فيَقولَ الحَجَرُ: يا مُسلِمُ، هذا يَهوديٌّ يَختَبئُ ورائي، تَعالَ فاقتُلْهُ.) ([160])

(لا تَقومُ السَّاعةُ حتى تُقاتِلوا اليَهودَ، حتى يَختَبئَ اليَهوديُّ وراءَ الحَجَرِ، فيَقولَ الحَجَرُ: يا مُسلِمُ، هذا يَهوديٌّ يَختَبئُ ورائي، تَعالَ فاقتُلْهُ.) ([161])

شرح الحديث: في هذا الحديثِ يُخبِر الصَّادقُ المصدوقُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعلامةٍ مِن علاماتِ قيامِ السَّاعةِ، وهي قيامُ حربٍ بَيْنَ المسلمين واليهودِ، وفي هذه الحربِ تَتكلَّمُ الجماداتُ مِنَ الحجَرِ ونحوِها كلَّما اختبأَ يهوديٌّ وراءَ شيءٍ منها تكلَّمتْ ونادَتْ على المسلمِ فقالتْ: هذا يَهوديٌّ ورائي تعالَ فاقتُلْه.

(لقيتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي إبراهيمَ وموسَى وعيسَى قال : فتذاكروا أمرَ الساعةِ فردُّوا أمرَهم إلى إبراهيمَ فقال: لا عِلْمَ لي بها فردُّوا الأمرَ إلى موسَى فقال : لا عِلْمَ لي بها فردُّوا الأمرَ إلى عيسَى فقال : أمَّا وَجْبَتُهَا فلا يعلمُها أَحَدٌ إلا اللهُ ذلكَ وفيما عهدَ إليَّ ربي عزَّ وجلَّ أنَّ الدجالَ خارجٌ قال : ومعي قضيبانِ فإذا رآني ذابَ كما يذوبُ الرَّصاصُ قال : فيُهلكُه اللهُ حتى إنَّ الحَجَرَ والشَّجَرَ ليقولُ: يا مسلمُ إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتلْه قالَ : فيُهلكُهم اللهُ ثم يرجعُ الناسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم قال : فعندَ ذلكَ يخرجُ يأجوجُ ومأجوجُ وهم من كلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فيَطؤُونَ بلادَهم لا يأتونَ على شيٍء إلا أهلكوهُ ولا يَمرُّونَ على ماءٍ إلا شربوهُ ثم يرجعُ الناسُ إليَّ فيَشكونهم فأدعو اللهَ عليهم فيُهلكُهم اللهُ ويُميتُهم حتى تَجْوَى الأرضُ من نَتْنِ ريحِهم قال : فيُنزلُ اللهُ عزَّ وجلَّ المطرَ فتَجْرُفُ أجسادَهم حتى يَقذفَهم في البحرِ قال أبي: ذهبَ عليَّ هاهُنا شيٌء لم أفهمْهُ كأديمٍ وقال يزيدُ يعني ابنَ هارونَ : ثم تُنسفُ الجبالُ وتُمَدُّ الأرضُ مَدَّ الأديمِ ثم رجعَ إلى حديثِ هُشَيمٍ قال : ففيمَ عَهِدَ إليَّ ربي عزَّ وجلَّ أنَّ ذلكَ إذا كان كذلكَ فإنَّ الساعةَ كالحاملِ المُتِمِّ التي لا يدري أهلُها متى تَفْجَؤُهمْ بولادِهَا ليلًا أو نهارًا) ([162]) .

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه تجد في الحاشية: روايات ثابتة } ([163]) ، ([164]) { ، وروايات ضعيفة ([165]) .

"يَرْحَمكُمْ" بَعْد الْمَرَّة (الإفسادة) الثَّانِيَة إنْ تُبْتُمْ.  "وَإِنْ عُدْتُمْ" إلَى الْفَسَاد "عُدْنَا" إلَى الْعُقُوبَة (الجلالين: ص 367).  ولعلّ هذا كائن بعد موت عيسى عليه السلام؛ حيث تقوم الساعة على شرار الناس.

(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء 9).  " أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة. (ابن كثير)

(وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (الإسراء 10).  أَيْ وَيُبَشِّر الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا أَيْ يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم " . (ابن كثير)

تقارب الزّمان قبيل السّاعة : (يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويُقْبَضُ العِلْمُ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ؟ قالَ: القَتْلُ. وفي رواية: يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العِلْمُ.. وفي رواية: لَمْ يَذْكُرُوا: ويُلْقَى الشُّحُّ.) ([166]) . 

(يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العَمَلُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّمَ هُوَ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ. .) ([167])

الشرح:

يُبَيِّنُ النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلَّم عن بَعْضٍ مِن أشْراطِ السَّاعةِ وعَلاماتِ آخِرِ الزَّمانِ الدَّالَّةِ على إدْبارِ الدُّنيا وانتِهاءِ هَذِه الحَياةِ، وأَوَّلها تَقارُب الزَّمانِ فَتَقْصُر السُّنونَ والأَعْوامُ والشُّهورُ واللَّيالي والأَيَّامُ، فَتُصبِح السَّنةُ كالشَّهرِ، ويَنْقُص العِلمُ بِمَوتِ العُلَماءِ، أو يُرْفَع العِلمُ النَّافِعُ المُقْتَرِنُ بالعَمَلِ الصَّالِحِ، ويُلْقى الشُّحُّ، أي: يَنتشِر البُخلُ الشَّديدُ عَلى اختِلافِ أنْواعِه، ويَتمكَّن مِن قُلوبِ النَّاسِ حَتَّى يَبخَلَ الغَنيُّ بِمالِه، ويَبخَلَ العالِمُ بِعِلمِه، ويَبخَلَ الصَّانِعُ بِصِناعتِه، وتَظهَر الفِتَنُ، أي: تَتَكاثَر الأُمورُ الكَريهةُ الَّتي تَضُرُّ النَّاسَ في دينِهم ودُنياهم مِن الخيانةِ والظُّلمِ والحَرائِقِ والزَّلازِلِ وانْتِشار المَعاصي، "وَيَكثُر الهَرْج"، أي: ويَكثُر قَتلُ النَّاسِ بَعضِهم لِبَعضٍ ظُلمًا وعُدوانًا؛ لِمُجَرَّدِ هَوى النَّفسِ وإشْباعِ رَغَباتِها الخَبيثةِ، أو استِجابةً لِبَعضِ الأفْكارِ والآراءِ الهَدَّامةِ الَّتي تَخْدِم أعْداءَهم وهُم لا يَشعُرونَ.  في الحَديثِ: إخْبارُ النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلَّم عن الغَيبِ، وذِكرُه بَعضًا مِن عَلاماتِ السَّاعةِ، وهو عَلامةُ من علاماتِ نُبُوَّتِه صَلَّى الله عليه وسلَّم.

(يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العَمَلُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ. .) ([168])

(لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتقارَبَ الزَّمانُ ، فتَكونُ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ ، وتَكونُ الجمعةُ كاليَومِ، ويَكونُ اليومُ كالسَّاعةِ ، وتَكونُ السَّاعةُ كالضَّرمةِ بالنَّارِ) ([169])

(لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يتَقارَبَ الزَّمانُ، فتَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ، ويَكونَ الشَّهرُ كالجُمُعةِ، وتَكونَ الجُمُعةُ كاليومِ، ويَكونَ اليَومُ كالسَّاعةِ، وتَكونَ السَّاعةُ كاحتراقِ السَّعفةِ الخوصةِ.) ([170])

- السنة كالشهر:  زمن دورة الأرض حول الشّمس قلّت بمعامل 0.083 ، وحسب قانون كبلر الثالث (الشكل 1):

حيث a نصف المحور الرّئيس، و t زمن دورة الأرض حول الشّمس .  إذن بعد الأرض عن الشّمس تناقص ليصبح حوالي 0.19 من القيمة الحاليّة:

 

الشكل 1 : قانون كبلر الثالث يبيّن العلاقة بين زمن دورة الكواكب حول الشمس ونصف المحور الرئيس لمدار كلّ منها.

 

إذن لا تقوم الساعة حتى تقترب كرتنا الأرضيّة من الشّمس، وعند حصول المزيد من الاقتراب يوم القيامة يصبح النَّهار سرمديّاً (synchronous rotation) كما يتّضح من البحث؛ أنظر الحاشية: ([171]).

- والشهر كالجمعة:  زمن دورة القمر حول الأرض قلّت بمعامل 0.237.  وحسب قانون كبلر الثالث، فإن بعد الأرض عن القمر سيتناقص.

- (وتكون الجمعة كاليوم): يعكس زيادة السرعة الدّورانيّة للأرض، والّتي قد تنتج عن تقارب الشّمس والقمر من الأرض، وبالتالي تحول جزء من طاقة الوضع إلى طاقة حركة دورانيّة، وهذا يكون قبل يوم القيامة.

تباعد الزمان أيام الدجال، وعلى شرار الناس تقوم الساعة:

وعند حصول المزيد من الاقتراب لكرة الأرض من الشّمس (قبيل يوم القيامة) يزداد طول اليوم كما تبين أحاديث الدجال:

(غيرُ الدجالِ أخوفُني عليكُم ، إِنْ يخرُجْ وأنا فيكم فأنا حَجيجُهُ دونَكم ، وإِنْ يخرجْ ولسْتُ فيكم فامرؤٌ حَجِيجُ نفْسِهِ ، واللهُ خليفَتِي على كلِّ مسلِمٍ ، إِنَّهُ شابٌّ قطَطٌ ، إحدَى عيْنَيْهِ كأنَّها عِنَبَةٌ طافِيَةٌ ، كأنِّي أشبِّهُهُ بعبدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ ، فمَنْ أدْرَكَهُ منكم فلْيَقْرَأْ علَيْهِ فواتِحَ سورةِ الكهْفِ ، إِنَّهُ خارِجٌ خلَّةً بينَ الشامِ والعراقِ ، فعاثَ يمينًا ، وعاثَ شمالًا ، يا عبادَ اللهِ فاثبتُوا ، قالوا : يا رسولَ اللهِ ما لُبْثُهُ في الأرضِ ؟ قال : أربعونَ يومًا ، يومٌ كسَنَةٍ، ويومٌ كشهرٍ ، ويومٌ كجمعةٍ، وسائرُ أيامِهِ كأيَّامِكم ، قالوا : يا رسولَ اللهِ ! فذلِكَ اليومُ كسنَةٍ أتكْفينا فيه صلاةُ يَوْمٍ ؟ قال : لا، اقدُرُوا لَهُ ، قالوا : وما إسراعُهُ في الأرضِ ؟ قال : كالغيثِ استدبرتْهُ الريحُ ، فيأتِي على القومِ فيدعوهم، فيؤمنونَ بِهِ ، ويستجيبونَ له ، فيأمرُ السماءَ فتمطرُ ، والأرضَ فتُنْبِتُ ، فتروحُ عليهم سارِحَتُهم أطولَ ما كانتْ دَرًّا وأشبعَهُ ضروعًا ، وأمدُّهُ خواصِرَ ، ثُمَّ يأتِي القومَ فيدعوهم، فيردُّونَ عليْهِ قولَهُ ، فينصرِفُ عنهم ، فيُصْبِحونَ مُمْحِلينَ ، ليس بأيديهم شيءٌ من أموالِهم ، ويمرُّ بالخرِبَةِ فيقولُ لها : أَخْرِجِي كنوزَكِ ، فتَتْبَعُهُ كنوزُها كيعاسيبِ النحْلِ، ثُمَّ يدعو رجلًا مُمْتَلِئًا شبابًا ، فيضرِبُهُ بالسيفِ ، فيقْطَعُهُ جَزْلتينِ رميةَ الغرَضِ ، ثُمَّ يدعوه ، فيُقْبِلُ ويتهلَّلُ وجهُهُ ويضحَكُ، فبينما هو كذلِكَ ، إذْ بَعَثَ اللهُ المسيحَ ابنَ مرْيَمَ ، فينزِلُ عندَ المنارَةِ البيضاءِ شرقِيَّ دمشقَ ، بين مَهْرُودَتَيْنِ واضعًا كفَّيْهِ علَى أجنحَةِ ملَكَيْنِ ، إذا طأْطأَ رأسَه قطَرَ؛ وإذا رفَعَهُ تحدَّرَ منْهُ جُمانٌ كاللؤْلُؤِ ، فلا يَحِلُّ لكافِرٍ يجدُ ريحَ نفَسِهِ إلَّا ماتَ ، ونفَسُهُ ينتهِي حيثُ ينتهي طرَفُهُ، فيَطْلُبُهُ حتى يُدْرِكَهُ ببابِ لُدٍّ فيقتُلُهُ ، ثُمَّ يأتِي عيسى قومٌ قدْ عصمهمُ اللهُ منه، فيمْسَحُ عنْ وجوهِهِمْ، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهم في الجنَّةِ . فبينما همْ كذلِكَ إذْ أوحى اللهُ إلى عيسى: إِنَّي أخرجْتُ عبادًا لا يَدَانِ لأحَدٍ بقِتالِهِمْ فحرِّزْ عبادِي إلى الطُّورِ ، ويبعَثُ اللهُ يأجوجَ ومأجوجَ، وهم مِنْ كُلِّ حدَبٍ ينسِلُونَ ، فيَمُرُّ أوائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طبرِيَّةَ ، فيشربونَ ما فيها ويَمُرُّ آخرُهم، فيقولونَ : لقدْ كان بهذِهِ مرَّةً ماءً ! ثُمَّ يسيرونَ حتى ينتَهُوا إلى جبلِ الخمْرِ ، وهو جبَلُ بيتِ المقدِسِ فيقولونَ لقدْ قتَلْنا مَنْ في الأرضِ ، هلُمَّ فلْنَقَتُلْ مَنْ فِي السماءِ ، فيرمونَ بنشابِهم إلى السماءِ ، فيردُّ اللهُ عليْهِمْ نشابَهم مخضوبَةً دمًا ، ويُحْصَرُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُهُ، حتى يكونَ رأسُ الثورِ لأحدِهم خيرًا مِنْ مائَةِ دينارٍ لأحدِكُمْ اليومَ ، فيرْغَبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُهُ ، فيرسِلُ اللهُ عليْهم النغَفَ في رقابِهم ، فيَصبحونَ فَرْسَى كموْتِ نفْسٍ واحدَةٍ. ثُمَّ يَهْبِطُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ ، فلا يَجدونَ فِي الأرضِ موضِعٌ شبرٍ إلَّا مَلَأهُ زهَمُهُمْ ونَتَنُهُمْ ، فيرغَبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُهُ إلى اللهِ عزَّ وجل ، فيرسلُ اللهُ طيرًا كأعناقِ البُخْتِ ، فتحملُهم فتطرحُهم حيثُ شاءَ اللهُ، ثُمَّ يرسِلُ اللهُ قطْرًا لا يُكِنُّ منه بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ ، فيغسلُ الأرضَ حتى يتركَها كالزلَقَةِ، ثُمَّ يقالُ للأرضِ انبتِي ثَمَرتَكِ ، ودِرِّي بَرَكَتَكِ ، فيومئذٍ تأكُلُ العصابَةُ مِنَ الرمانَةِ ويستظلُّونَ بقحفِها، ويبارَكْ في الرِّسْلِ ، حتى إنَّ اللَّقْحَةَ مِنَ الإبلِ لَتَكْفِي الفئامَ مِنَ الناسِ، واللَّقْحَةَ مِنَ البقَرِ لَتَكْفِي القبيلَةَ منَ الناسِ ، واللِّقْحَةَ مِنَ الغنَمِ لَتَكْفِي الفخِذَ مِنَ الناسِ. فبينما هُمْ كذلِكَ إذ بعَثَ اللهُ ريحًا طيبَةً فتأخُذُهُمْ تَحَتَ آباطِهِم، فتَقْبضُ روحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مسلمٍ ، ويبقَى شرارُ الناسِ يتهارجونَ فيها تَهارُجَ الحمُرِ ، فعليْهِم تقومُ الساعَةُ) ([172] ) .

( يَخْرُجُ الدجالُ في أُمَّتِي ، فيمكثُ أربعينَ ، فيبعثُ اللهُ تعالى عيسى ابنَ مريمَ كأنه عُرْوَةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ، فيَطْلُبُه ، فيُهْلِكُه ، ثم يمكثُ الناسُ سبعَ سِنِينَ ، ليس بين اثنينِ عداوةٌ ، ثم يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا باردةً من قِبَلِ الشامِ ، فلا يَبْقَى على وجهِ الأرضِ أحدٌ في قلبِه مِثْقالُ ذَرَّةٍ من إيمانِ إلا قَبَضَتْهُ ، حتى لو أنَّ أحدَكم دخل في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْ عليه، حتى تَقْبِضَه، فيَبْقَى شِرَارُ الناسِ ، في خِفَّةِ الطيرِ ، وأحلامِ السِّباعِ، لا يَعْرِفُونَ معروفًا، ولا يُنْكِرونَ مُنْكَرًا، فيتمثلُ لهم الشيطانُ، فيقولُ: أَلَا تستجيبونَ؟ فيقولونَ: بِمَ تَأْمُرُنا؟ فيأمرُهم بعبادةِ الأوثانِ، فيعبدونَها، وهم في ذلك دارُّ رِزْقُهُم، حَسَنٌ عَيْشُهُم، ثم يُنْفَخُ في الصورِ، فلا يَسْمَعُ أحدٌ إلا أَصْغَى لِيتًا ، ورَفَع لِيتًا ، وأولُ مَن يَسْمَعُه رجلٌ يَلُوطُ حوضَ إِبِلِه ، فيُصْعَقُ ويُصْعَقُ الناسُ ، ثم يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا كأنه الطَّلُّ ، فيَنْبُتُ منه أجسادَ الناسِ ، ثم يُنْفَخُ فيه أخرى ، فإذا هم قِيامٌ ينظرونَ ثَمَّ ؟ يقالُ: يا أَيُّها الناسُ ! هَلُمَّ إلى ربِّكم وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ، ثم يُقالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النارِ ، فيُقالُ: مِن كم ؟ فيُقالُ : من كلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائةٍ وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، فذلك يومَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا ، وذلك يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ) ([173])

ثُمَّ يُنفَخ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعه أحدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا، أي: أَمَال صَفْحَةَ عُنُقِه خوفًا ودَهْشَةً «ورَفَع لِيتًا»، والمراد منه: أنَّ السامعَ يُصعَقُ، فيُصغِي لِيتًا ويَرفع لِيتًا، «وأوَّلُ مَن يَسمَعه رجلٌ يَلُوطُ»، أي: يُطيِّنُ ويُصلِح «حَوْضَ إبِلِه، قال: فيَصعَقُ»، أي: يموت هو أولًا «ويَصْعَقُ الناسُ» معه، «ثُمَّ يُرسِل الله مَطَرًا كأنَّه الطَّلُّ»، أي: المَطَرُ الضَّعيفُ القَطْرِ، «فتَنبُت منه» بسَببِه «أجسادُ الناسِ»، أي: النَّخِرَةُ في قُبورِهم، (ثُمَّ يُنفَخ فيه أُخرَى فإذا هُم قِيامٌ يَنظُرون).

الجمع والحشر ودنوّ الشّمس (عمري: مدّ الأرض)

ويتزايد الاقتراب في الجمع والحشر: (وجمع الشّمس والقمر) [القيامة 9].  إنَّ الشّمس تدنو يوم القيامة حيث يبعث الله محمداً مقاماً يحمده أهل الجمع كلهم.  إنّ الأحاديث الشّريفة الّتي تؤكّد هذا الأمر عديدة، ومنها:

 

- ( تُدْني الشمسُ ، يومَ القيامةِ ، مِنَ الخلقِ ، حتى تكونَ منهمْ كمقدارِ ميلٍ . قال سليمُ بنُ عامرٍ : فواللهِ ! ما أدري ما يعني بالميلِ ؟ أمسافةُ الأرضِ ، أمْ الميلُ الذي تَكتحلُ بهِ العينُ . قال : فيكونُ الناسُ على قدرِ أعمالِهمْ في العرقِ . فمنهمْ مَنْ يكونُ إلى كعبيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى ركبتيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى حقويهِ . ومنهمْ مَنْ يُلجمُهُ العرقُ إلجامًا . قال وأشارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى فيهِ .) ([174])

(ما يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حتَّى يَأْتِيَ يَومَ القِيَامَةِ ليسَ في وجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ. [1475] وقالَ: إنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَومَ القِيَامَةِ، حتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبيْنَا هُمْ كَذلكَ اسْتَغَاثُوا بآدَمَ، ثُمَّ بمُوسَى، ثُمَّ بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وزَادَ عبدُ اللَّهِ بنُ صَالِحٍ، حدَّثَني اللَّيْثُ، حدَّثَني ابنُ أَبِي جَعْفَرٍ: فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بيْنَ الخَلْقِ، فَيَمْشِي حتَّى يَأْخُذَ بحَلْقَةِ البَابِ، فَيَومَئذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ وقالَ مُعَلًّى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ رَاشِدٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عن حَمْزَةَ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْأَلَةِ.) ([175])

(إذا كانَ يومُ القيامةِ أُدْنيَتِ الشَّمسُ مِنَ العبادِ حتَّى تَكونَ قيدَ ميلٍ أو اثنينِ، قالَ سُلَيْمٌ بن عامر: لَا أدري أيَّ الميلينِ عنَى ؟ أمسافةُ الأرضِ ، أمُ الميلُ الَّذي تكتحلُ بِهِ العينُ ؟ ، قالَ : فتَصهرُهُمُ الشَّمسُ ، فيَكونونَ في العَرقِ بقدرِ أعمالِهِم ، فَمِنْهُم من يأخذُهُ إلى عَقِبيهِ ، وَمِنْهُم من يأخذُهُ إلى رُكْبتيهِ ، وَمِنْهُم من يأخذُهُ إلى حِقويهِ ، وَمِنْهُم من يُلجِمُهُ إلجامًا فرأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يشيرُ بيدِهِ إلى فيهِ : أي يُلجمُهُ إلجامًا) ([176])

طول يوم القيامة (خمسين ألف سنة)

 (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج: 1-4).

(}فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ] {المعارج: 4] قال: يومُ القِيامةِ.) ([177])

({ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ { في الرشحِ إلى أنصافِ آذانِهم) ([178])

(أحاديثُ أن أهلَ الأموالِ الذين لا يُؤدُّون زكاتَها يُعذَّبون بها يومَ القيامةِ في يومٍ كان مِقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ) ([179])

({يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6]، {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{ ]المعارج: 4] في الرَّشْحِ إلى أنْصافِ آذانِهم.) ([180])

(}يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] في يومٍ كان مِقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ حتَّى إنَّ الرَّجُلَ يتغيَّبُ في رَشْحِه إلى أنصافِ أُذُنَيْهِ ) ([181])

(}يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] في يومٍ كان مِقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ حتَّى إنَّ الرَّجُلَ يتغيَّبُ في رَشْحِه إلى أنصافِ أُذُنَيْهِ ) ([182])

يوم القيامة تتبع كلّ أمّة ما كانت تعبد. ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عيسَى شيطانُ عيسَى، ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ

 (يجمَعُ اللَّهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ أربَعينَ سنةً ، شاخصةً أبصارُهُم إلى السَّماءِ ينتظرونَ فصلَ القضاء ، وينزلُ اللَّهُ في ظُللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثمَّ يُنادي مُنادٍ أيُّها النَّاسُ ألَم تَرضوا مِن ربِّكمُ الَّذي خلقَكُم ورزقَكُم وأمرَكُم أن تعبُدوهُ ولا تُشرِكوا بهِ شيئًا أن يولِّيَ كلَّ ناسٍ ما كان يتَولَّى ويعبُدُ في الدُّنيا أليسَ ذلِكَ عدلًا مِن ربِّكم قالوا بلَى فينطلِقونَ فيتمثَّلُ لَهُم أشباهُ ما كانوا يعبُدونَ فَمِنْهُم مَن ينطلقُ إلى الشَّمسِ وَمِنْهُم مَن ينطلقُ إلى القمَرِ وإلى الأوثانِ ويتمثَّلُ لمن كانَ يعبُدُ عيسَى شيطانُ عيسَى ولِمَن كانَ يعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ ويبقى محمَّدٌ وأُمَّتُه فيتمثَّلُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ لهم فيأتيهِم فيقولُ ما لَكُم لا تنطلِقونَ كما انطلقَ النَّاسُ فيقولونَ بينَنا وبينَهُ علامةً فإذا رأَيناه عرَفناه فيقولُ ما هي فيقولونَ يُكْشفُ عن ساقٍ فعندَ ذلِكَ يَكْشفُ عن ساقِهِ فيخرُّون ويبقَى قومٌ ظُهورُهُم كصَياصيِّ البقَرِ يريدونَ السُّجودَ فلا يَستَطيعونَ ثمَّ يقولُ ارفَعوا رؤوسَكُم فيعطيهِم نورَهُم علَى قدرِ أعمالِهِم والرَّبُّ عزَّ وجلَّ أمامَهُم) ([183]).

للمزيد من طرق الحديث وأطرافه أنظر الحواشي: ([184]) ، ([185]) ، ([186]) ، ([187]) ، ([188]) ، ([189]) .



[1] الراوي: عائشة أم المؤمنين ، المحدث: الوادعي ، المصدر : صحيح أسباب النزول، الصفحة أو الرقم: 240 ، خلاصة حكم المحدث  صحيح

[2] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم : 2922 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[

[3] الراوي: عبدالله بن مسعود ،  المحدث : أحمد شاكر ،  المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم: 2/84 ، خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته].  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير

الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم : 1/602 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر: ضعيف الجامع، الصفحة أو الرقم: 4709 ، خلاصة حكم المحدث: ضعيف

الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم : 4318 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف بهذا السياق

الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم : 5/189 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 3556 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف

 

[4]  الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المحدثون : الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 4012 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح؛ الألباني ، المصدر: صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم: 3175 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح؛ السيوطي ، المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 5418 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[5]  الراوي : جبير بن نفير (تابعي) ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 7541 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[6]  الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم: 156 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، شرح الحديث

[7] الراوي : معاوية بن أبي سفيان ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3641 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 22306

[8] الراوي : قرة بن إياس المزني ، المحدث : الألباني ، المصادر :

* السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 403 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين

* صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 702 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[9] الراوي : قرة بن إياس المزني ، المحدثون : * الترمذي ، المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2192 ، خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح . * الألباني ، المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2192 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[10] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم : 987 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن

[11] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : البوصيري ، المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم : 8/131 ، خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات.  التخريج : أخرجه مسلم (2933) بنحوه ، انظر شرح الحديث رقم 77461

[12] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 3402 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (7131 ) بمعناه ، ومسلم (2933) ، انظر شرح الحديث رقم 60827

[13] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 13081 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.  التخريج : أخرجه أحمد (13081) واللفظ له، وأبو يعلى (3846)، والآجري في ((الشريعة)) (880)

[14] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 13206 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.  التخريج : أخرجه البخاري (7131)، ومسلم (2933)، وأبو داود (4318)، والترمذي (2245) بنحوه، وأحمد (13206) واللفظ له

[15] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم : 2933 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[.  التخريج : أخرجه البخاري (7131 ) بمعناه ، ومسلم (2933). ، انظر شرح الحديث رقم 15184

[16] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 13385 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.  التخريج : أخرجه البخاري (7131)، ومسلم (2933)، وأبو داود (4316)، والترمذي (2245) بنحوه، وأحمد (13385) واللفظ له

[17]  الراوي : النواس بن سمعان ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 2937 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

شرح الحديث.:  يَحكِي النَّوَّاسُ رضِي اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم «ذَكَر الدَّجَّالَ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب، والدَّجَّالُ: شخصٌ بِعَيْنِه ابتَلَى الله به عبادَه، وأَقْدَرَه على أَشْياءَ مِن مَقدُوراتِ الله تعالى: مِن إحياءِ الميتِ الذي يَقتُله، وظُهورِ زَهْرَةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْه، واتِّباعِ كُنُوزِ الأرضِ له، وأَمْرِه السماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ، فيَقَع كلُّ ذلك بقُدْرَةِ الله تعالى ومَشِيئَتِه، ثُمَّ يُعجِزُه الله تعالى بعدَ ذلك، فلا يَقدِرُ على قتلِ ذلك الرَّجُلِ ولا غيرِه، ويَبطُل أمرُه، ويَقتُله عِيسَى صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُثبِّتُ اللهُ الذين آمَنُوا، «ذاتَ غَدَاةٍ»، أي: في غَدَاةٍ، والغَدَاةُ: ما بينَ الفَجْرِ وطُلوعِ الشَّمْسِ، «فخَفَّضَ فيه ورَفَّعَ»، أي: مِن كثرةِ ما تَكلَّم فى أمْره خَفَّض صَوْتَه مرَّةً؛ لطولِ الكلامِ وراحةِ تعبِه، ورفَع صوتَه مرَّةً لتبليغِ مَنْ يأبَى عنه وإسماع مَن بَعُد، أو يكون المعنى: بَيَّنَ مِن شأنِه ما هو حَقِيرٌ وما هو رَفِيعٌ جَلِيل كَبِير، «حتَّى ظَنَنَّاه في طائِفَة النَّخْلِ، فلمَّا رُحْنا إليه عَرَف ذلك فينا»، فسألهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما شأنُكم؟» فأجابوه: «يا رسولَ الله، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فخَفَّضْتَ فيه ورَفَّعْتَ؛ حتَّى ظَنَنَّاهُ في طائفةِ النَّخْل»، أي: ناحِيَتِه وجانِبِه، فقال: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عليكم»، أي: إنِّي أخافُ على أُمَّتِي غيرَ الدَّجَّالِ أكثرَ مِن خَوْفِي إيَّاه، ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنْ يَخرُج وأنا فِيكُم، فأنا حَجِيجُه دُونَكم»، أي: خَصْمُه الذي يُحَاجُّه ويُقِيمُ عليه الحُجَّةَ، «وإن يَخْرُجْ ولستُ فِيكُم، فامْرُؤٌ حَجِيجُ نفسِه»، أي: فكلُّ امْرِئٍ يُحَاجُّه ويُحَاوِرُه ويُغَالِبُه لِنَفْسِه، «واللهُ خَلِيفَتِي على كلِّ مُسلِم»، أي: اللهُ وَلِيُّ كلِّ مُسلِم وحَافِظُه، فيُعِينُه عليه ويَدْفَعُ شَرَّهُ، «إنَّه شابٌّ قَطَطٌ»، أي: شديدُ القِصَر، وقيل: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ، «عَيْنُه طافِئَةٌ»، أي: مُرتَفِعَة، «كأنِّي أُشَبِّهُه بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ» وهو رَجُلٌ مِن خُزَاعَةَ مات في الجَاهِلِيَّةِ، «فمَن أَدْرَكَه منكم فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بينَ الشَّامِ والعِرَاقِ»، أي: خارجٌ في خَلَّةٍ وهي الطَرِيق بينَ هاتين الجِهتينِ، والخَلَّةُ: مَوْضِع صُخُور، «فعَاثَ يَمِينًا وعَاثَ شِمَالًا» وهو الإسراعُ والشِّدَّة في الفَسَاد، «يا عِبَادَ الله، فاثْبُتُوا»، فسَأَل الصحابةُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «وما لُبْثُه في الأرضِ؟» فأجابهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَرْبَعُونَ يومًا، يومٌ كَسَنَةٍ، ويومٌ كَشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمُعَةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكُم»، فسألوا: «يا رسولَ الله، فذلك اليومُ الذي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينا فيه صلاةُ يومٍ؟ قال: لا، اقْدُرُوا له قَدْرَه» وذلك بأنْ يُصَلُّوا في قَدْرِ كلِّ يومٍ وليلةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ؛ فتَجْتَمِعُ في ذلك اليومِ الواحِدِ صلاةُ سَنَةٍ كاملةٍ، ومعناه: أنَّ امتدادَ ذلك اليومِ بهذا القَدْرِ مِن الطُّولِ يكونُ حَقِيقِيًّا، لا أنَّ الناسَ يَظُنُّونَه كذلك لِأَجْلِ ما هُم فيه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ لِأَجْلِ المُصِيبَةِ والفَسَادِ. فسألوا: «يا رسولَ الله، وما إسراعُه في الأرضِ؟ قال: كالغَيْثِ» والمرادُ به: الغَيْمُ، أي: يُسرِعُ في الأرضِ إسراعَ الغَيْمِ «اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ»، أي: جاءَتْه الرِّيحُ مِن خَلْفِه، «فيَأْتِي على القومِ فيَدْعُوهُم، فيُؤمِنون به ويَستجِيبُون له، فيَأْمُرُ السماءَ فَتُمْطِرُ، والأرضَ فتُنبِتُ، فتَرُوحُ عليهم»، أي: تَرْجِعُ مَسَاءً «سَارِحَتُهم»، أي: مَوَاشِيهم «أَطْوَلَ ما كانت ذُرًا»، أي: أَسْنِمَةً، «وأَسْبَغَه»، أي: أكمَلَه «ضُرُوعًا» والضَّرْعُ مِن الحيوان بِمَنْزِلَةِ الثَّدْيِ مِنَ المرأةِ، «وأَمَدَّهُ»، أي: أَطْوَلَه أو أَوْسَعَه «خَوَاصِرَ»، وهي أطرافُ البَطْن، «ثُمَّ يَأْتِي القومَ فيَدْعُوهم، فيَرُدُّونَ عليه قولَه، فيَنصَرِف عنهم، فيُصبِحون مُمْحِلِينَ»، أي: مُصابِين بالقَحْطِ والجَدْبِ «ليس بأيديهم شيءٌ مِن أموالِهم، ويَمُرُّ بِالخَرِبَةِ» وهي الأرضُ غيرُ المَعْمُورَةِ، فيقول لها: «أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فتَتْبَعُه كُنُوزُها كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» واليَعَاسِيبُ: جمعُ يَعْسُوبٍ، وهو ذَكَرُ النَّحْلِ وأَمِيرُها، والنَّحْلُ تَطِيرُ جُنُودًا مُجنَّدةً وراءَ أَمِيرِها وتَذهب حيثُ ذَهَب، فكأنَّه قال: كما تَتْبَعُ النحلُ يَعَاسِيبَها، «ثُمَّ يَدْعُو رجلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فيَضْرِبُه بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُه جَزْلَتَيْنِ»، أي: قِطْعَتَيْنِ «رَمْيَةَ الغَرَضِ»، أي: يَجْعَل بينَ الجَزْلَتَيْنِ مِقدارَ ما بينَ مَكَانِ رَمْيَةِ السَّهْمِ وبينَ الهَدَفِ، «ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقبِل ويَتَهَلَّلُ وجهُه، يَضْحَكُ، فبَيْنما هو كذلك إذ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ بنَ مَرْيَمَ، فيَنْزِلُ عندَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ»، أي: لَابِسًا مَهْرُودَتَيْنِ، يعني: ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ، «واضِعًا كَفَّيْهِ على أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأْطَأَ رأسَه قَطَرَ، وإذا رَفَعَه تَحَدَّرَ»، أي: نَزَلَ قَطْرَةً بعدَ قَطْرَةً «منه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤِ»، والجُمَانُ: حَبَّاتٌ مصنوعةٌ مِن الفِضَّةِ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ الكِبَارِ، والمُرادُ: يَتحدَّر منه الماءُ أو العَرَقُ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ في الصَّفَاءِ والحُسْنِ، «فلا يَحِلُّ»، أي: لا يُمْكِنُ ولا يَقَعُ «لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إلَّا مات، ونَفَسُه يَنتهِي حيثُ يَنتهِي طَرْفُه، فيَطْلُبُه»، أي: فيَطْلُبُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ «حتَّى يُدْرِكَه ببابِ لُدٍّ» اسمِ قَرْيَةٍ في فِلَسْطِينَ «فيَقْتُلُه، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى بنَ مَرْيَمَ قومٌ قد عَصَمَهم الله منه، فيَمْسَحُ عن وُجوهِهم»، أي: يَرْحَمُهم ويُواسِيهم ويَتَلطَّف بهم «ويحدِّثهم بدَرَجاتِهم في الجَنَّةِ، فبَيْنما هو كذلك إذ أَوْحَى الله إلى عِيسَى: إنِّي قد أَخْرَجْتُ عِبَادًا لي لا يَدَانِ»، أي: لا قُدرةَ ولا طاقةَ «لأحدٍ بقتالِهم، فحَرِّزْ عِبَادِي»، أي: ضُمَّهُم واجْمَعْهُم «إلى الطُّورِ» واجْعَلْه حِرْزًا لهم، والطُّورُ: جَبَلٌ معروفٌ في سَيْنَاءَ، «ويَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وهم مِن كُلِّ حَدَبٍ»، أي: مِن كلِّ أَكَمَةٍ وموضعٍ مُرتَفِعٍ «يَنسِلُون»، أي: يَمْشُونَ مُسرِعينَ، «فيَمُرُّ أوائلُهم على بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فيَشْرَبُونَ ما فيها، ويَمُرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ، ويُحْصَرُ» أي يُحْبَسُ «نَبِيُّ الله عِيسَى وأصحابُه، حتَّى يكونَ رأسُ الثَّوْرِ لأحدِهم خيرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأحدِكم اليومَ»، أي: تَبْلُغُ بهم الفَاقَةُ إلى هذا الحَدِّ، وإنَّما ذَكَر رأسَ الثَّوْرِ لِيُقَاسَ البقيَّةُ عليه في القِيمة، «فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه»، أي: إلى الله، فيَتضرَّعون له ويَدعُونه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ، «فيُرْسِل اللهُ عليهم النَّغَفَ» وهو دُودٌ يكونُ في أُنُوفِ الإِبِلِ والغَنَمِ «في رِقَابِهم، فيُصبِحون فَرْسَى» أي قَتْلَى «كمَوْتِ نَفْسٍ واحدةٍ»، أي: يَمُوتون كلُّهم كموتِ نفسٍ واحدةٍ، ثُمَّ يَهبِط نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الأرضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ ونَتْنُهُمْ»، أي: دَسَمُهُم ورائحتُهم الكريهة المُنْتِنَة، «فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الله»، أي: فيَتَضرَّعون له ويَدْعُونَه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ، فيُرْسِلُ الله طيرًا كأَعْنَاقِ البُخْتِ»، أي: كأعناقِ الإِبِلِ البُخْتِ، وهي الإِبِلُ التي تُنْتَجُ مِن عَرَبِيَّةٍ وغيرِ عَرَبِيَّةٍ، وتكونُ طِوَالَ الأعناقِ، «فتَحْمِلُهم فَتَطْرَحُهم حيثُ شاء الله، ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ منه»، أي: لا يَسْتُرُ، يعني: لا يَمْنَعُ مِن نُزولِ الماءِ «بيتُ مَدَرٍ» وهو الطِّينُ الصُّلْبُ «ولا وَبَرٍ» والوَبَرُ لِلْإِبِلِ بمنزلةِ الشَّعْرِ لِلْمَعْزِ وبمنزلةِ الصُّوفِ للضَّأْنِ، «فيَغْسِلُ الأرضَ حتَّى يَتْرُكَها كالزَّلَفَةِ» وهي المِرْآةُ، والمرادُ: أنَّ الماءَ يَعُمُّ جميعَ الأرضِ بحيث يَرى الرائي وجهَه فيه، «ثُمَّ يُقَالُ للأرضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، ورُدِّي بَرَكَتَكِ، فيَومئذٍ تَأكُل العِصَابَةُ»، أي: الجماعةُ «مِنَ الرُّمَّانَةِ، ويَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِها»، أي: بقِشْرِها، «ويُبَارَكُ في الرِّسْلِ»، أي: اللَّبَنِ «حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ»، أي: النَّاقَةَ ذاتَ اللَّبَنِ «لَتَكْفِي الفِئَامَ»، أي: الجماعةَ الكبيرةَ «مِنَ الناس، واللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِن الناسِ، واللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِن الناسِ» وهم الأقارِبُ الذين يَنتسِبون إلى جَدٍّ قريبٍ، وهم دُونَ البَطْنِ، والبَطْنُ دونَ القَبِيلَةِ، «فبَيْنَما هم كذلك إذ بَعَث الله رِيحًا طَيِّبَةً، فتَأْخُذَهم تحتَ آباطِهِم، فتَقبِض رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مُسلِمٍ، ويَبْقَى شِرَارُ الناسِ يَتَهَارَجُونَ فيها تَهَارُجَ الحُمُرِ»، أي: يُجامِعُ الرِّجَالُ النِّساءَ عَلَانِيَةً بِحَضْرَةِ الناسِ كما يَفْعَلُ الحَمِيرُ، لا يَكْتَرِثُونَ لذلك، «فعَلَيْهِم تقومُ الساعةُ»، أي: لا على غيرِهم.

وفي روايةٍ: وزاد بعد قولِه: «لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ»: «ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ»، والخَمَرُ: هو الشَّجرُ المُلْتَفُّ الذي يَستُر مَن فيه، وهو جَبَلُ بيتِ المَقْدِسِ، «فيقولون: لقد قَتَلْنَا مَن في الأرضِ، هَلُمَّ» أي تَعَالَ «فَلْنَقْتُلْ مَن في السماءِ، فيَرْمُونَ بِنُشَّابِهم» أي سِهَامِهم «إلى السماءِ» أي إلى جِهَتِها، «فيَرُدُّ الله عليهم نُشَّابَهم مَخْضُوبَةً دَمًا»، أي: مَصْبُوغَةً دَمًا.  وفي روايةِ ابنِ حُجْرٍ: «فإنِّي قد أَنْزَلْتُ عِبَادًا لي، لا يَدَيْ لأحدٍ بقِتالهم».

في الحديثِ: بيانُ فِتنةِ الدَّجَّالِ.  وفيه: إخبارُه صلَّى الله عليه وسلَّم عن الغَيْبِيَّاتِ، وبعضٍ مِن علاماتِ السَّاعةِ.  وفيه: علامةٌ مِن علاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم.  وفيه: ذِكرُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ.  وفيه: نُزولُ عِيسَى بنِ مَرْيَمَ عليه السلامُ وقَتْلُه للدَّجَّالِ .

[18]  الراوي : النواس بن سمعان ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح ابن ماجه ، الصفحة أو الرقم : 3310 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 16804

[19] الراوي : النواس بن سمعان،  المحدث: الألباني،  المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم : 2240 ،  خلاصة حكم المحدث: صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 16805

[20] الراوي : النواس بن سمعان ،  المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح أبي داود ، الصفحة أو الرقم: 4321 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 16806

[21] سنن أبي داوود 3768؛  سنن الترمذي 2175 الفتن ‏قال ‏أبو عيسى ‏هذا ‏حديث حسن صحيح؛ صحيح مسلم الفتن وأشراط السّاعة 5207

[22] تحفة الأحوذي بشرح جامع التّرمذي ح 2175،  صحيح مسلم بشرح النووي ألفتن وأشراط السّاعة ح 5207

[23]  الراوي : سمرة ، المحدث: الحاكم ، المصدر: المستدرك ، الصفحة أو الرقم : 1/645 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط الشيخين

تنُّومةٌ : التَّنُّومةُ نوعٌ من نبات الأَرض فيه سوادٌ

آض الماءُ ثلجًا / آض الماءُ إلى ثلج : صار :- آض الخشبُ فحمًا

[24] الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث : الألباني ، المصدر: صحيح الموارد ، الصفحة أو الرقم : 1599 ، خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

[25]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث : العظيم آبادي ، المصدر: عون المعبود ، الصفحة أو الرقم: 11/269 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي

[26]  الراوي : أبو هريرة ، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الموارد ، الصفحة أو الرقم : 1598 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[27] (سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ عَمرو ، وجاءه رجلٌ ، فقال : ما هذا الحديثُ الذي تُحدِّثُ به ؟ تقول : إنَّ الساعةَ تقومُ إلى كذا وكذا . فقال : سبحان اللهِ ! أو لا إله إلا اللهُ . أو كلمةً نحوَهما . لقد هممتُ أن لا أُحدِّثَ أحدًا شيئًا أبدًا . إنما قلتُ : إنكم سترون بعد قليلٍ أمرًا عظيمًا . يُحرقُ البيتُ ، ويكون ، ويكون . ثم قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " يخرجُ الدجَّالُ في أمتي فيمكثُ أربعينَ ( لا أدري : أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا ، أو أربعين عامًا ) . فيبعثُ اللهُ عيسى بنَ مريمَ كأنه عروةُ بنُ مسعودٍ . فيطلبُه فيهلكُه. ثم يمكث الناسُ سبعَ سنينَ . ليس بين اثنين عداوةٌ . ثم يرسل اللهُ ريحًا باردةً من قِبَلِ الشأمِ . فلا يبقى على وجه الأرضِ أحدٌ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلا قبضتْه . حتى لو أنَّ أحدَكم دخل في كبدِ جبلٍ لدخلتْه عليه، حتى تقبضَه " . قال : سمعتُها من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . قال " فيبقى شرارُ الناسِ في خِفَّةِ الطيرِ وأحلامِ السِّباعِ . لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا . فيتمثَّل لهم الشيطانُ فيقول: ألا تَستجيبون ؟ فيقولون : فما تأمرُنا ؟ فيأمرهم بعبادةِ الأوثانِ . وهم في ذلك دارٌّ رزقُهم ، حسنٌ عَيشُهم . ثم يُنفخُ في الصُّورِ . فلا يسمعُه أحدٌ إلا أصغى لَيْتًا ورفع لَيْتًا . قال وأولُ من يسمعُه رجلٌ يلوطُ حوضَ إبلِه . قال فيُصعَقُ ، ويُصعقُ الناسُ . ثم يُرسل اللهُ - أو قال يُنزل اللهُ - مطرًا كأنه الطَّلُّ أو الظِّلُّ ( نعمانُ الشاكُّ ) فتنبتُ منه أجسادُ الناسِ . ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناسُ ! هلُمَّ إلى ربِّكم. وقِفوهم إنهم مسؤلون . قال ثم يقال: أخرِجوا بعثَ النارِ . فيقال : من كم ؟ فيقال : من كلِّ ألفٍ ، تسعمائةً وتسعةً وتسعين . قال فذاك يومُ يجعلُ الولدانَ شيبًا . وذلك يومُ يُكشَفُ عن ساقٍ " .) ( الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 2940، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، شرح الحديث

[28] (ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومان بين ظهرانَي الناسِ ، المسيحَ الدَّجالَ . فقال إنَّ اللهَ تبارك وتعالى ليس بأعورَ . ألا إنَّ المسيحَ الدَّجالَ أعورُ عينِ اليمنى . كأنَّ عينَه عنبةٌ طافيةٌ قال: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أُراني الليلةَ في المنامِ عند الكعبةِ . فإذا رجلٌ آدمُ كأحسنِ ما ترى من أدمِ الرجالِ . تضربُ لمتُه بين منكبَيْه . رَجِلُ الشعَرِ . يقطرُ رأسُه ماءً . واضعًا يديْه على منكبي رجلين . وهو بينهما يطوفُ بالبيتِ . فقلتُ : من هذا ؟ فقالوا : المسيحُ بنُ مريمَ . ورأيتُ وراءَه رجلًا جعدًا قططًا . أعورَ عينِ اليمنى . كأشبَهِ من رأيتُ من الناسِ بابنِ قَطَنٍ . واضعًا يديهِ على منكبي رجلين . يطوفُ بالبيت . فقلتُ : من هذا؟ قالوا : هذا المسيحُ الدَّجالُ .) ( الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث: مسلم ، المصدر : صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 169 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 6793

التخريج: أخرجه البخاري (3439)، ومسلم (169) واللفظ له

[29] (يخرجُ الدجالُ في آخرِ الزمانِ فيلبثُ أربعينَ لا أدري قال ليلةً أو شهرًا أو سنةً ويبعثُ اللهُ المسيحَ عيسى بنَ مريمَ فيقتُلُه ويبقَى في أمتي سبعينَ سنةً) ( الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث : الخليلي ، المصدر: الإرشاد ، الصفحة أو الرقم : 3/913 ، خلاصة حكم المحدث: غريب جدا حسن

التخريج: أخرجه الخليلي في ((الإرشاد)) (3/912)

[30] ( [قتلُ عيسى للدجالِ بحربتِه ببابِ لُدٍّ]) ( الراوي: - ، المحدث : ابن باز ، المصدر : فتاوى نور على الدرب لابن باز ، الصفحة أو الرقم: 4/290 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[31] (إنّ الدجالَ خارجٌ وهوَ أعورُ عينِ الشمالِ علَيها ظَفْرَةٌ غَليظَةٌ وإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ ويُحْيِيِ الموْتَى ويقولُ للناسِ أنا رَبُّكُمْ فَمَنْ قَالَ أَنْتَ رَبِّي فقدِ فُتِنَ ومَنْ قَالَ رَبِيَ اللهُ حتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ فقدْ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَالِ ولَا فِتْنَةَ عَلَيْهِ فَيَلْبَثُ في الأرضِ ما شاءَ اللهُ ثم يخرُجُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ قبلَ المغْرِبِ مُصَدِّقًا بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقتُلُ الدجالَ وإنَّما هوَ قيامُ الساعَةِ) ( الراوي : سمرة بن جندب ، المحدث: الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 7/339 ، خلاصة حكم المحدث: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه البزار بإسناد ضعيف‏‏

[32] (لا ينزلُ الدجالُ المدينَةُ ولكنَّهُ بينَ الخندَقِ وعلَى كلِّ نَقْبٍ منْها مَلَائِكَةٌ يَحْرُسونَها فَأَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ النساءُ فيؤْذِينَهُ فيَرْجِعُ غَضْبَانُ حتى ينزلَ الخندَقَ فعندَ ذلِكَ ينزلُ عيسى بنُ مريَمَ) ( الراوي : أبو هريرة، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 7/352 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح غير عقبة بن مكرم بن عقبة الضبي وهو ثقة‏‏

[33] (لم يسلَّط علَى الدَّجَّالِ إلَّا عيسَى ابنُ مَريمَ) ( الراوي : أبو هريرة ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير ، الصفحة أو الرقم : 7345 ، خلاصة حكم المحدث : حسن

[34] (يقتُلُ ابنُ مريمَ المسيحَ الدَّجَّالَ ببابِ لُدٍّ - أو : إلى جانبِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: أحمد شاكر، المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم : 1/605 ، خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته]

التخريج : أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15468) واللفظ له مختصراً.

[35] (يَقتُلُ ابنُ مَريمَ الدَّجَّالَ بِبابِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير ، الصفحة أو الرقم : 9999 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[36] (يقتلُ ابنُ مريمَ الدَّجَّالَ ببابِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم : 1/605 ، خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15467)

[37] (يقتلُ ابنُ مريمَ الدجالَ ببابِ ( لُدٍّ )) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الموارد، الصفحة أو الرقم : 1596 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15467)

[38] (يقتلُ ابنُ مريمَ الدَّجَّالَ ببابِ لدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم : 2244 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 40030

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15467)

[39] (لَيَقتُلَنَّ ابنُ مريمَ الدَّجَّالَ بِبابِ لُدٍّ.) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 7695 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[40] (يقتلُ ابنُ مريمَ الدَّجَّالَ ببابِ لُدٍّ أو إلى جانبِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث : ابن عساكر ، المصدر : معجم الشيوخ ، الصفحة أو الرقم : 2/645 ، خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15469) واللفظ له

[41] (يقتلُ ابن مريمَ الدجالَ ببابِ لُدّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: ابن كثير ، المصدر: نهاية البداية والنهاية ، الصفحة أو الرقم : 1/158 ، خلاصة حكم المحدث: محفوظ وإسناده ثقات

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15467)

[42] (لَيَقتُلَنَّ ابنُ مريمَ الدَّجَّالَ بِبابِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية و النواس بن سمعان ، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 5462 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[43] (يَقْتُلُ ابنُ مريمَ الدجالَ ببابِ لُدٍّ) ( الراوي : مجمع بن جارية ، المحدث: الألباني ، المصدر : صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 8126 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه الترمذي (2244)، وأحمد (15467)

[44] (أنَّهُ إذا خرج مسيحُ الضَّلالةِ الأعورُ الكذَّابُ نزل عيسَى ابنُ مريمَ على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَيْنِ ، واضعَا يديهِ على منكبيْ ملَكينِ ، فإذا رآهُ الدَّجَّالُ انماعَ كما ينماعُ المِلحُ في الماءِ، فيدركهُ فيقتلهُ بالحَربةِ عندَ بابِ لُدٍّ الشَّرقيِّ على بضع عشرةَ خطواتٍ منه) (الراوي : - ، المحدث: ابن تيمية ، المصدر: الجواب الصحيح، الصفحة أو الرقم : 5/252 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[45] (يا أَيُّها الناسُ ! إنها لم تكن فتنةٌ على وجهِ الأرضِ ، منذُ ذَرَأَ اللهُ ذُرِّيَّةَ آدمَ أَعْظَمَ من فتنةِ الدَّجَّالِ ، وإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يَبْعَثْ نبيًّا إلا حَذَّرَ أُمَّتَه الدَّجَّالَ ، وأنا آخِرُ الأنبياءِ ، وأنتم آخِرُ الأُمَمِ ، وهو خارجٌ فيكم لا مَحالةَ ، فإن يخرجْ وأنا بين أَظْهُرِكم ، فأنا حَجِيجٌ لكلِّ مسلمٍ ، وإن يخرجْ من بَعْدِي ، فكلٌّ حَجِيجُ نفسِه، واللهُ خَلِيفَتِي على كلِّ مسلمٍ ، وإنه يخرجُ من خُلَّةٍ بين الشامِ والعراقِ . فيَعِيثُ يمينًا وشمالًا ، يا عبادَ اللهِ ! أَيُّها الناسُ ! فاثبُتوا فإني سأَصِفُه لكم صفةً لم يَصِفْها إياه قبلي نبيٌّ ، … يقولُ : أنا ربُّكم ، ولا تَرَوْنَ ربَّكم حتى تَمُوتُوا ، وإنه أَعْوَرُ ، وإنَّ ربَّكم ليس بأَعْوَرَ ، وإنه مكتوبٌ بين عَيْنَيْهِ : كافرٌ ، يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ ، كاتِبٌ أو غيرُ كاتِبٍ . وإنَّ من فتنتِه أنَّ معه جَنَّةً ونارًا ، فنارُه جنةٌ ، وجنتُه نارٌ ، فمَن ابتُلِيَ بنارِه فلْيَسْتَغِثْ باللهِ ، ولْيَقْرَأْ فواتِحَ الكهفِ… وإنَّ من فتنتِه أن يقولَ للأعرابيِّ : أرأيتَ إن بَعَثْتُ لك أباك وأمَّك أَتَشْهَدُ أني ربُّك ؟ فيقولُ : نعم ، فيتمثلُ له شيطانانِ في صورةِ أبيه وأمِّه ، فيقولانِ : يا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ ، فإنه ربُّك ، وإنَّ من فتنتِه أن يُسَلَّطَ على نفسٍ واحدةٍ فيَقْتُلُها ، يَنْشُرُها بالمِنْشارِ حتى تُلْقَى شِقَّيْنِ ، ثم يقولُ : انظُرُوا إلى عَبْدِي هذا ، فإني أَبْعَثُه ثم يَزْعُمُ أنَّ له ربًّا غيري ، فيبعثُه اللهُ ، ويقولُ له الخبيثُ : مَن ربُّك ؟ فيقولُ : رَبِّيَ اللهُ ، وأنت عَدُوُّ اللهِ ، أنت الدَّجَّالُ، واللهِ ما كنتُ قَطُّ أَشَدُّ بصيرةً بك مِنِّي اليومَ . وإنَّ من فتنتِه أن يأمرَ السماءَ أن تُمْطِرَ، فتُمْطِرُ ، ويأمرَ الأرضَ أن تُنْبِتَ ، فتُنْبِتُ . وإنِّ من فتنتِه أن يَمُرِّ بالحيِّ فيُكَذِّبونه، فلا يَبْقَى لهم سائمةٌ إلا هَلَكَت . وإنَّ من فتنتِه أن يَمُرَّ بالحيِّ ، فيُصَدِّقونه ، فيأمرُ السماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرُ ، ويأمرُ الأرضَ أن تُنْبِتَ فتُنْبِتُ ، حتى تَرُوحَ مَواشِيهِم من يومِهِم ذلك أَسْمَنَ ما كانت ، وأَعْظَمَه ، وأَمَدَّه خَواصِرَ وأَدَرَّهُ ضُروعًا . وإنه لا يَبْقَى شيءٌ من الأرضِ إلا وَطِئَه وظَهَر عليه ، إلا مكةَ والمدينةَ ، لا يأتِيهِما من نَقَب من أنقابِهِما إلا لَقِيَتْهُ الملائكةُ بالسيوفِ صَلْتَةً ، حتى يَنْزِلَ عند الضَّرِيبِ الأحمرِ ، عند مُنْقَطَعِ السَّبَخةِ ، فتَرْجُفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رَجْفاتٍ ، فلا يَبْقَى فيها منافقٌ ولا منافقةٌ إلا خرج إليه ، فتَنْفِي الخبيثَ منها ، كما يَنْفِي الكيرُ خَبَثَ الحديدِ ، ويُدْعَى ذلك اليومُ يومَ الخَلَاصِ ، قيل : فأين العربُ يَوْمَئِذٍ ؟ قال : هم يَوْمَئِذٍ قليلٌ ، . . . وإمامُهم رجلٌ صالحٌ ، فبَيْنَما إمامُهم قد تَقَدَّم يُصَلِّي بهِمُ الصُّبْحَ ، إذ نزل عليهم عيسى ابنُ مريمَ الصُّبْحَ ، فرجع ذلك الإمامُ يَنْكُصُ يَمْشِي القَهْقَرَى ليتقدمَ عيسى ، فيضعُ عيسى يدَه بين كَتِفَيْهِ ، ثم يقولُ له : تَقَدَّمْ فَصَلِّ ؛ فإنها لك أُقِيمَتْ ، فيُصَلِّى بهم إمامُهم ، فإذا انصرف قال عيسى : افتَحوا البابَ ، فيَفْتَحُون ووراءَه الدَّجَّالُ ، معه سبعونَ ألفَ يهوديٍّ ، كلُّهم ذو سيفٍ مُحَلًّى وسَاجٍ ، فإذا نظر إليه الدَّجَّالُ ذاب كما يذوبُ المِلْحُ في الماءِ . وينطلقُ هاربًا ، … فيُدْرِكُه عند بابِ لُدٍّ الشرقيِّ ، فيقتلُه ، فيَهْزِمُ اللهُ اليهودَ، فلا يَبْقَى شيءٌ مِمَّا خلق اللهُ عَزَّ وجَلَّ يَتَواقَى به يهوديٌّ ، إلا أَنْطَقَ اللهُ ذلك الشيءَ ، لا حَجَرٌ ولا شجرٌ ولا حائطٌ ولا دابةٌ ، إلا الغَرْقَدَةُ ، فإنها من شَجَرِهِم لا تَنْطِقُ، إلا قال : يا عبدَ اللهِ المسلمَ هذا يهوديٌّ فتَعَالَ اقتُلْه . فيكونُ عيسى ابنُ مريمَ في أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا ، وإمامًا مُقْسِطًا يَدُقُّ الصليبَ ، ويَذْبَحُ الخِنْزيرَ ، ويضعُ الجِزْيةَ ، ويتركُ الصدقةَ، فلا يَسْعَى على شاةٍ ولا بعيرٍ ، وتُرْفَعُ الشحناءُ والتباغُضُ ، وتُنْزَعُ حِمَةُ كلِّ ذاتِ حِمَةٍ ، حتى يُدْخِلَ الوليدُ يدَه في فِيِّ الحَيَّةِ ، فلا تَضُرُّه ، وتَضُرُ الوليدةُ الأسدَ فلا يَضُرُّها ، ويكونُ الذئبُ في الغنمِ كأنه كلبُها ، وتُمْلَأُ الأرضُ من السِّلْمِ كما يُمْلَأُ الإناءُ من الماءِ ، وتكونُ الكلمةُ واحدةً ، فلا يُعْبَدُ إلا اللهُ، وتضعُ الحربُ أوزارَها، وتُسْلَبُ قريشٌ مُلْكَها ، وتكونُ الأرضُ كفاثورِ الفِضَّةِ ، تُنْبِتُ نباتَها بعَهْدِ آدمَ حتى يجتمعَ النَّفَرُ على القِطْفِ من العنبِ فيُشْبِعُهم ، ويجتمعُ النَّفَرُ على الرُّمَّانةِ فتُشْبِعُهم ، ويكونُ الثُّوْرُ بكذا وكذا وكذا من المالِ ، ويكونُ الفَرَسُ بالدُّرَيْهِماتِ ، … وإنَّ قبلَ خروجِ الدَّجَّالِ ثلاثَ سنواتٍ شِدادٍ، يُصِيبُ الناسَ فيها جُوعٌ شديدٌ ، يأمرُ اللهُ السماءَ السنةَ الأولى أن تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِها ، ويأمرُ الأرضَ أن تَحْبِسَ ثُلُثَ نباتِها ، ثم يأمرُ السماءَ في السنةِ الثانيةِ فتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِها ، ويأمرُ الأرضُ فتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نباتِها ، ثم يأمرُ السماءَ في السنةِ الثالثةِ فتَحْبِسُ مطرَها كلَّه ، فلا تَقْطُرُ قُطْرةً ، ويأمرُ الأرضَ فتَحْبِسُ نباتَها كلَّه فلا تُنْبِتُ خضراءَ ، فلا يَبْقَى ذاتُ ظِلْفٍ إلا هَلَكَت إلا ما شاء اللهُ ، قيل: فما يُعِيشُ الناسَ في ذلك الزمانِ؟ قال : التهليلُ ، والتكبيرُ، والتحميدُ ، ويُجْزِئُ ذلك عليهم مَجْزَأَةَ الطعامِ) ( الراوي : أبو أمامة الباهلي ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 7875، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه أبو داود (4322) بنحوه مختصراً، وابن ماجه (4077) باختلاف يسير.

[46] (أنَّ عيسى يُصلِّي خلفَ إمامِ هذه الأُمَّةِ) ( الراوي: [عمر بن الخطاب] ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: الإصابة ، الصفحة أو الرقم: 1/436 ، خلاصة حكم المحدث : ثابت

[47]  الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم : 4/329 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[48] (لقد علمتُ آيةً من القرآنِ ما سألني عنها رجلٌ قطُّ ، فما أدري أَعلِمها النَّاسُ فلم يسألوا عنها أم لم يفطِنوا لها فيسألوا عنها ، ثمَّ طفِق يُحدِّثُنا ، فلمَّا قام تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سألناه عنها ، فقلتُ : أنا لها إذا راح غدًا ، فلمَّا راح الغدُ قلتُ : يا بنَ عبَّاسٍ ذكرتَ أمسِ أنَّ آيةً من القرآنِ لم يسأَلْك عنها رجلٌ قطُّ فلا تدري أَعلِمها النَّاسُ فلم يسألوا عنها ، أم لم يفطِنوا لها فقلتُ : أخبِرْني عنها وعن اللَّاتي قرأتَ قبلَها . قال : نعم . إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم قال لقريشٍ : يا معشرَ قريشٍ إنَّه ليس أحدٌ يعبُدُ من دون اللهِ فيه خيرٌ ، وقد علِمتْ قريشٌ أنَّ النَّصارَى تعبدُ عيسَى بنَ مريمَ وما تقولُ في محمَّدٍ . فقالوا : يا محمَّدُ . ألستَ تزعمُ أنَّ عيسَى كان نبيًّا وعبدًا من عبادِ اللهِ صالحًا ، فلئن كنتَ صادقًا فإنَّ آلهتَهم لكما تقولُ . قال فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [ الزخرف : 57 ] . قال قلتُ : ما يَصِدُّونَ ؟ قال: يضِجُّون وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ [ الزخرف : 61 ] قال هو خروجُ عيسَى بنِ مريمَ عليه السَّلامُ قبل يومِ القيامةِ) ( الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: الوادعي ، المصدر: صحيح دلائل النبوة ، الصفحة أو الرقم : 473 ، خلاصة حكم المحدث: حسن

[49]  (لقد عُلِّمْتُ آيةً من القرآنِ ما سألني عنها رجلٌ قطُّ فما أدري أَعَلِمها الناسُ فلم يسألوا عنها أم لم يَفْطِنوا لها فيسألوا عنها ثم طَفِقَ يُحدِّثنا فلما قام تلاومنا أن لا نكونَ سألناهُ عنها فقلتُ : أنا لها إذا راح غدًا فلما راح الغدَ قلتُ : يا ابنَ عباسٍ ذكرتَ أمسَ أنَّ آيةً من القرآنِ لم يسألك عنها رجلٌ قطُّ فلا تدري أعلمها الناسُ فلم يسألوا عنها أم لم يَفطنوا لها فقلتُ : أَخْبِرْني عنها وعن اللاتي قرأتَ قبلها قال : نعم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لقريشٍ : يا معشرَ قريشٍ إنَّهُ ليس أحدٌ يُعْبَدُ من دونِ اللهِ فيهِ خيرٌ وقد عَلِمَتْ قريشٌ أنَّ النصارى تعبدُ عيسى بنَ مريمَ وما تقولُ في محمدٍ فقالوا : يا محمدُ ألست تزعمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا من عبادِ اللهِ صالحًا فلئن كنتَ صادقًا فإنَّ آلهتهم لكما تقولون قال : فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } قال : قلتُ : ما يصِدُّون قال : يضجُّون { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } قال : وهو خروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليهِ السلامُ قبل يومِ القيامةِ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/329 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[50] ) (لقد علمتُ آيةً من القرآنِ ما سألني عنها رجلٌ قطُّ ، فما أدري أَعلِمها النَّاسُ فلم يسألوا عنها أم لم يفطِنوا لها فيسألوا عنها، ثمَّ طفِق يُحدِّثُنا، فلمَّا قام تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سألناه عنها ، فقلتُ : أنا لها إذا راح غدًا، فلمَّا راح الغدُ قلتُ: يا بنَ عبَّاسٍ ذكرتَ أمسِ أنَّ آيةً من القرآنِ لم يسأَلْك عنها رجلٌ قطُّ فلا تدري أَعلِمها النَّاسُ فلم يسألوا عنها ، أم لم يفطِنوا لها فقلتُ : أخبِرْني عنها وعن اللَّاتي قرأتَ قبلَها . قال : نعم. إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم قال لقريشٍ : يا معشرَ قريشٍ إنَّه ليس أحدٌ يعبُدُ من دون اللهِ فيه خيرٌ، وقد علِمتْ قريشٌ أنَّ النَّصارَى تعبدُ عيسَى بنَ مريمَ وما تقولُ في محمَّدٍ . فقالوا : يا محمَّدُ. ألستَ تزعمُ أنَّ عيسَى كان نبيًّا وعبدًا من عبادِ اللهِ صالحًا ، فلئن كنتَ صادقًا فإنَّ آلهتَهم لكما تقولُ . قال فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [ الزخرف: 57 ] . قال قلتُ : ما يصُدُّون ؟ قال : يضِجُّون وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ [ الزخرف : 61 ] قال هو خروجُ عيسَى بنِ مريمَ عليه السَّلامُ قبل يومِ القيامةِ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الوادعي ، المصدر : صحيح دلائل النبوة، الصفحة أو الرقم: 473، خلاصة حكم المحدث : حسن

[51]  (يا معشرَ قريشٍ ! إنَّهُ ليس أحدٌ يُعْبَدُ من دُونِ اللهِ فيهِ خيرٌ – وقد عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أنَّ النَّصارَى تَعْبُدُ عِيسَى ابنَ مريمَ، وما تقولُ في محمدٍ ؛ فَقَالوا : يا محمدُ ! أَلسْتَ تَزْعُمُ أنَّ عِيسَى كان نبيًّا وعبدًا من عِبادِ اللهِ صالِحًا ؟ ! فَلَئِنْ كُنْتَ صادِقًا فإنَّ آلِهَتَهُمْ لكما يقولونَ – ( الأصلُ : تَقُولونَ ! ، قال : فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ : وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [ الزخرف : 57 ] ، قال : قُلْتُ : ما ( يَصِدُّونَ ) ؟ قال : يَضِجُّونَ . وإنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ [ الزخرف: 61 ] ، قال : هو خُرُوجُ ( وفي روايةٍ : نزولُ ) عِيسَى ابنِ مريمَ عليهِ السَّلام قبلَ يومِ القيامةِ) ) الراوي : عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني ، المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم : 3208 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن رجاله ثقات

[52] (عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قال : لمَّا نَزلَت إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ شقَّ ذلكَ على قريشٍ وقالوا : شَتَم آلهتَنا ، جاءَ ابنُ الزِّبَعرى فقالَ : يا محمَّدُ أهذا لآلهتِنا أو لكلِّ من عُبِدَ من دونِ اللهِ ؟ فقال: بل لكلِّ مَن عُبِدَ من دونِ اللهِ فقال : ألستَ تزعمُ أنَّ الملائكةَ عبادٌ صالحونَ، وأنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وأن عُزيرًا عبدٌ صالِحٌ ؟ قال : نعَم . قال : فهذِه النَّصارى تعبُدُ عيسَى ، وهذِه اليهودُ تعبدُ عزيرًا ، وقد عُبِدَت الملائكةُ) ) الراوي: عبدالله بن عباس ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر: موافقة الخبر الخبر ، الصفحة أو الرقم: 2/173 ، خلاصة حكم المحدث : حسن

[53] ( عن ابنِ عبَّاسٍ قال : آيةٌ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ لا يسألُني النَّاسُ عنها ولا أدري أعرَفوا ولا يسألوني عنها فسُئلَ ما هيَ قال : لمَّا نزلَت : إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ شقَّ ذلكَ علَى أهلِ مكَّةَ ، وقالوا: شتمَ محمَّدٌ آلهتَنا ، فجاءَهم ابنُ الزِّبَعْرَى فقال : ما شأنكُم ؟ قالوا : شتمَ محمَّدٌ آلهتَنا . قال : - وما قال ؟ قالوا : قال : إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قال : ادعوه لي ، فدعا محمَّدًا صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ فقال ابنُ الزِّبَعْرَى : يا محمَّدٌ هذا شَيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ ما عُبِدَ مِن دونِ اللهِ ؟ قال : بل لكلِّ ما عُبِدَ مِن دونِ اللهِ عزَّ وجلَّ. قال : فقال خصَمْناهُ وربُّ هذهِ البِنيَةِ يا محمَّدٌ ألستَ تزعمُ أنَّ عيسَى عبدٌ صالحٌ وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ والملائكةُ عبادٌ صالحونَ ؟ قال : بلَى . قال : فهذهِ النَّصارَى تعبدُ عيسَى وهذهِ اليهودُ تعبدُ عُزَيرًا وهذهِ بنو مَليحٍ تعبدُ الملائكةَ ، قال : فضجَّ أهلُ مكَّةَ ، فنزلَت : إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ قال : ونزلَت وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وهو الضَّجيجُ .) ( الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: الوادعي ، المصدر: صحيح أسباب النزول ، الصفحة أو الرقم : 151 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره

[54] (جاء عبدُ اللهِ بنُ الزَّبَعْرَى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا محمَّدُ تزعمُ أنَّ الله أنزلَ عليكَ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ؟ قال : نَعم . قال : فقد عُبِدَ الشَّمسُ والقمرُ والملائكةُ وعيسَى وعُزَيرُ ، فكلُّ هؤلاءِ في النَّارِ مع آلهتِنا ؟ فنزلَت إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ونزلَت وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إلى قولِه خَصِمُونَ) ( الراوي : عبدالله بن عباس، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: موافقة الخبر الخبر ، الصفحة أو الرقم : 2/172 ، خلاصة حكم المحدث: حسن

[55] (عنِ ابنِ عباسٍ ، رضي اللهُ عنهما ، قال : إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ، قال : نُزولُ عيسَى ابنِ مريمَ ، عليه السلامُ) ( الراوي : - ، المحدث: البوصيري ، المصدر: إتحاف الخيرة المهرة ، الصفحة أو الرقم : 8/141 ، خلاصة حكم المحدث: موقوف ورواته ثقات

[56] (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لقريشٍ : إنَّه ليس أحدٌ يُعبَدُ من دونِ اللهِ فيه خيرٌ ، فقالوا : ألستَ تزعمُ أنَّ عيسَى كان نبيًّا وعبدًا صالحًا وقد عُبِد من دونِ اللهِ ، فأنزل اللهُ: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا } الآيةُ) ( الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث: السيوطي ، المصدر: لباب النقول ، الصفحة أو الرقم : 262 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[57]  ) (يا معشرَ قريشٍ ! إنَّهُ ليس أحدٌ يُعْبَدُ من دُونِ اللهِ فيهِ خيرٌ – وقد عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أنَّ النَّصارَي تَعْبُدُ عِيسَى ابنَ مريمَ ، وما تقولُ في محمدٍ ؛ فَقَالوا : يا محمدُ ! أَلسْتَ تَزْعُمُ أنَّ عِيسَى كان نبيًّا وعبدًا من عِبادِ اللهِ صالِحًا ؟ ! فَلَئِنْ كُنْتَ صادِقًا فإنَّ آلِهَتَهُمْ لكما يقولونَ – ( الأصلُ : تَقُولونَ ! ، قال : فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [ الزخرف : 57 ] ، قال : قُلْتُ : ما ( يَصِدُّونَ ) ؟ قال : يَضِجُّونَ . وإنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ [ الزخرف : 61 ] ، قال : هو خُرُوجُ ( وفي روايةٍ : نزولُ ) عِيسَى ابنِ مريمَ عليهِ السَّلام قبلَ يومِ القيامةِ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 3208 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن رجاله ثقات

[58]  الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر : مختصر العلو ، الصفحة أو الرقم: 69 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن أو أعلى .  التخريج : أخرجه أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) (31)، والطبراني (9/417) (9763)، والدارقطني في ((رؤية الله)) (163) باختلاف يسير

[59] الراوي : - ، المحدث : البوصيري ، المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم: 8/141 ، خلاصة حكم المحدث : موقوف ورواته ثقات

[60]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم : 2222 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

التخريج: أخرجه البخاري (2222) واللفظ له، ومسلم (155)

[61]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم : 3448 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

التخريج: أخرجه البخاري (3448) واللفظ له، ومسلم (155)

[62] (والَّذي نفسِي بيدِه ليُوشِكَنَّ أنْ ينزلَ فيِكُم ابنُ مَريمَ حكمًا مُقسِطًا ، وإمامًا عدلًا ، فيكسِرُ الصَّليبَ ، ويقتُلُ الخنزيرَ، ويضَعُ الجزيَةَ ، ويَفيضُ المالُ حتَّى لا يَقبلَه أحَدٌ ، وحتَّى تكونَ السَّجدَةُ الواحِدةُ خيرًا من الدُّنيَا وما فيهَا) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 7077 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 14974

التخريج: أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155) باختلاف يسير.

[63] (والَّذي نفْسي بيَدِه، لَيُوشِكَنَّ أنْ ينزِلَ فيكم ابنُ مريمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فيكسِرُ الصَّليبَ، ويقتُلُ الخِنزيرَ، ويضَعُ الجزيةَ، ويَفِيضُ المالُ حتَّى لا يقبَلَه أحدٌ.) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: ابن العربي ، المصدر: عارضة الأحوذي ، الصفحة أو الرقم : 5/72 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[64] (ليَهْبِطَنَّ عيسى ابنُ مريمَ حَكَمًا ، وإمامًا مُقْسِطًا ، و لَيَسْلُكَنَّ فَجًّا فَجًّا ، حاجَّا أوْ معْتَمِرًا، وَليأْتِيَنَّ قَبْرِي حتى يُسَلِّمَ عَلَيَّ ، ولَأَرُدَّنَّ علَيْهِ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث : السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 7723 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[65] (ليَهبطنَّ عيسى ابنُ مريمَ حَكَمًا وإمامًا مُقسطًا) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: محمد جار الله الصعدي ، المصدر: النوافح العطرة ، الصفحة أو الرقم : 296 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج: أخرجه البزار (8423)، والطبري في ((التفسير)) (7144)، والحاكم (4162) مطولاً

[66] (عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال:يوشِكُ من عاشَ منكُم أنْ يرَى عيسَى ابنَ مريَمَ حكمًا عدلًا وإمامًا مهديًا فيكسِرَ الصَّليبَ ويقتُلَ الخِنزيرَ ويضَعَ الجزيَةَ وتضَعُ الحرْبُ أوْزارها) ( الراوي: [محمد بن سيرين]، المحدث: البوصيري ، المصدر: إتحاف الخيرة المهرة ، الصفحة أو الرقم : 8/141 ، خلاصة حكم المحدث: موقوف ورواته ثقات، انظر شرح الحديث رقم 77462

[67] (والَّذي نفسي بيدِه ليوشِكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حَكمًا مقسطًا فيَكسرُ الصَّليبَ ،ويقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجزيةَ، ويفيضُ المالُ حتَّى لا يقبلَه أحدٌ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الترمذي ، الصفحة أو الرقم : 2233 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 14972

التخريج: أخرجه البخاري (2222) واللفظ له، ومسلم (155)

[68] (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حَكمًا مُقسطًا فيَكسرَ الصَّليبَ، ويقتلَ الخنزيرَ، ويضعَ الجزيةَ ويفيضَ المالُ حتَّى لا يقبلَهُ أحدٌ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم : 2476 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[69] (ينزلُ عيسَى ابنُ مريمَ حكَمًا مقسِطًا ، فيكسرُ الصَّليبَ ، ويقتلُ الخنزيرَ، وتكونُ الدَّعوةُ للهِ ربِّ العالمينَ) ( الراوي: - ، المحدث: ابن عبدالبر ، المصدر : الاستذكار ، الصفحة أو الرقم : 7/339 ، خلاصة حكم المحدث: ثابت

[70] (ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ،ويرجع السلم، ويتخذ السيوف مناجل، ويذهب جمة كل ذات جمة. وينزل من السماء رزقها، وتخرج من الأرض بركتها، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره، وترعى الغنم والذئب ولا يضرها، ويرعى الأسد والبقر ولا يضرها) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث : ابن كثير ، المصدر : نهاية البداية والنهاية ، الصفحة أو الرقم : 1/169 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد قوي صالح

[71] (والذي نفسُ أبي القاسمِ بيدِه لينزلَنَّ عيسَى بنُ مريمَ إمامًا مقسطًا وحكمًا عدلًا فليكسرَنَّ الصليبَ، ويقتلَنَّ الخنزيرَ، وليصلِحَنَّ ذاتَ البينِ ،وليُذهبَنَّ الشحناءَ،وليعرِضَنَّ المالَ فلا يقبلْه أحدٌ ثم لئن قام على قبرِي فقال يا محمدُ لأجبته) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 8/214 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح

[72] (و اللهِ ، لينزلنَّ ابنُ مريمَ حكمًا عادلًا ، فلَيكسرنَّ الصليبَ ، و لَيقتلنَّ الخنزيرَ ، و لَيضعنَّ الجزيةَ ، ولَتُتْرَكَنَّ القِلاَصُ ، فلا يسعى عليها ، و لَتذهبنَّ الشحناءُ و التباغضُ و التحاسدُ ، و لَيدعونَّ إلى المالِ ، فلا يقبلُه أحدٌ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 7099 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[73] (و الذي نَفْسُ أبي القَاسِمِ بيدِهِ لَيَنْزِلَنَّ عِيسَى بنُ مريمَ إِمامًا مُقْسِطًا ، و حكمًا عَدْلًا ، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ ، و لَيَقْتُلَنَّ الخِنْزِيرَ ، و لَيُصْلِحَنَّ ذاتَ البَيْنِ ، و لَيُذْهِبَنَّ الشَّحْناءَ ، و لَيُعْرَضَنَّ عليهِ المالُ فلا يَقْبَلُهُ ، ثُمَّ لَئِنْ قامَ على قبرِي فقال: يا محمدُ ، لَأَجَبْتُهُ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الألباني ، المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم : 2733 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

[74] (ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ فيقتُلُ الخنزيرَ، ويمحو الصَّليبَ، وتُجمعُ لَهُ الصَّلاةُ ، ويُعطي المالَ حتَّى لا يُقبَلَ، ويضعُ الخراجَ ، وينزلُ الرَّوحاءَ فيحجُّ منها أو يعتَمرُ ، أو يجمعُهُما . قالَ: وتلا أبو هُرَيْرةَ : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ الآية . فزعمَ حنظلةُ : أنَّ أبا هُرَيْرةَ قالَ : يؤمنُ بِهِ قبلَ موتِ عيسى ، فلا أدري : هذا كلُّهُ حديثُ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أو شيءٌ قالَهُ أبو هُرَيْرةَ) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم : 1/601 ، خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته]

[75] (والذي نفسي بيدِه ! ليوشِكنَّ أن يَنزِلَ فيكُمُ ابنُ مريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حكَمًا مُقْسِطًا . فيَكسِرَ الصليبَ، ويقتُلَ الخِنزيرَ، ويضَع الجِزيَةَ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يَقبلَه أحدٌ . وفي روايةِ ابنِ عُيَيْنَةَ : إمامًا مُقْسِطًا وحكَمًا عَدلًا . وفي روايةِ يونسَ حكَمًا عادِلًا ولم يذكُرْ إمامًا مُقْسِطًا . وفي حديثِ صالحٍ حكَمًا مُقْسِطًا كما قال الليثُ . وفي حديثِه، من الزيادةِ وحتى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيرًا من الدنيا وما فيها . ثم يقولُ أبو هُرَيرَةَ : اقرؤوا إن شِئتُم : { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } [ 4 / النساء / آية 159 ] الآية .) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 155 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155) واللفظ له

[76]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث: ابن عبدالبر ، المصدر: التمهيد ، الصفحة أو الرقم : 14/202 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155) مطولاً

[77]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : فتح الباري لابن حجر ، الصفحة أو الرقم: 569/6 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[78] (في حديثِ نزولِ عيسى عليه السلام فيُكسرَ الصليبَ، ويقتلَ الخنزيرَ والقردَ.) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : فتح الباري لابن حجر ، الصفحة أو الرقم: 567/6 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده لا بأس به

[79] (عنِ ابنِ عباسٍ : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ . قالَ قبلَ موتِ عيسى بنِ مريم) ( الراوي: سعيد بن جبير ، المحدث : ابن كثير ، المصدر: نهاية البداية والنهاية ، الصفحة أو الرقم : 1/166، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[80] (عنِ ابنِ عبَّاسٍ : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قالَ : قَبلَ موتِ عيسى ابنِ مريمَ عليه السَّلامُ) ( الراوي: - ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم : 1/599 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[81] (ينزلُ عيسَى ابنُ مريمَ عند المنارةِ البيضاءِ بشرقيِّ دمشقَ .) ( الراوي: كيسان بن عبدالله ، المحدث : ابن عبدالبر ، المصدر : الاستيعاب ، الصفحة أو الرقم : 3/387 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صالح

التخريج: أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (1/228)

[82] (ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ فيقولُ أميرُهمُ المهديُّ تعالَ صلِّ بِنا فيقولُ لا إن بعضَهم أميرُ بعضٍ تَكرِمةُ اللهِ لهذه الأمةِ) ( الراوي: جابر بن عبدالله ، المحدث: ابن القيم ، المصدر: المنار المنيف ، الصفحة أو الرقم : 114، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

التخريج: أخرجه الحارث في ((المسند)) كما في ((المنار المنيف)) لابن القيم (ص147) واللفظ له، وأبو يعلى كما في ((مجمع زوائد)) للهيثمي (7/291)، وأبو عوانة في ((المسند)) (317) باختلاف يسير

[83] (أنه يأتي المسلمين وهم قائمون للصلاةِ ويريدُ أميرُهم أن يتأخَّرَ حتى يؤمَّ الناسَ نبيُّ اللهِ عيسى عليه السلامُ فيأتي عيسى عليه السلامُ ويقولُ: إنها أقيمتْ فصلِّ بهم.) ( الراوي: [جابر بن عبدالله] ، المحدث : ابن باز، المصدر: فتاوى نور على الدرب لابن باز ، الصفحة أو الرقم: 4/276 ، خلاصة حكم المحدث : ثابت

[84] (ينزلُ عيسَى بنُ مريمَ فيمكثُ في الناسِ أربعينَ سنةً) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 8/208 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات

[85] (يقيمُ بها أربعينَ سنةً [يعني عيسَى بنَ مريمَ]) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث: العيني ، المصدر: عمدة القاري ، الصفحة أو الرقم : 16/56 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[86] (ينزلُ عيسَى بنُ مريمَ عندَ المنارةِ البيضاءِ شَرقِيَّ دمشقَ) ( الراوي: أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 8/208 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات.  الراوي: كيسان بن عبدالله ، المحدث: ابن حجر العسقلاني ، المصدر: الإصابة ، الصفحة أو الرقم: 3/309، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات

التخريج: أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (1/228)

[87] (ينزلُ عيسى بنُ مريمَ عليه السلامُ عند المنارةِ البيضاءِ شَرقِيَّ دمشقَ) ( الراوي: النواس بن سمعان ، المحدث: الألباني ، المصدر: فضائل الشام ودمشق ، الصفحة أو الرقم : 25 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه مطولاً مسلم (2937)، وأبو داود (4321) واللفظ له، وابن ماجه (4075)، وأحمد (17629)

[88] (ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ عندَ المنارةِ البيضاءِ شرقِيِّ دمشقِ) ( الراوي: أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير ، الصفحة أو الرقم: 10005 ، خلاصة حكم المحدث: حسن.  الراوي: أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 8169 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

التخريج: أخرجه البخاري (3448) بنحوه، ومسلم (155) واللفظ له

[89] (ينزِلُ عيسَى بنُ مريمَ عليهما السَّلامُ عند المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ) ( الراوي : أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو ، المحدث: الألباني ، المصدر: فضائل الشام ودمشق ، الصفحة أو الرقم : 22 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح.  الراوي: كيسان بن عبدالله ، المحدث: الألباني ، المصدر: فضائل الشام ودمشق ، الصفحة أو الرقم : 23 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

التخريج: أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (1/228)

[90] (ينزل عيسى بنُ مريمَ عليه السلامُ عند المنارةِ البيضاءِ شَرقِيَّ دمشقَ عليه مُمَصَّرتانِ كأنَّ رأسَه يقطُرُ منه الجُمانُ) ( الراوي: أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو ، المحدث: الألباني ، المصدر: فضائل الشام ودمشق ، الصفحة أو الرقم : 26 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[91]  الراوي : أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 155 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 14967

[92]  الراوي : أبو هريرة ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 2897 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[93] (ما أهبطَ اللهُ تعالى إلى الأرضِ منذُ خلقَ آدَمَ إلى أن تقومَ الساعةُ فتنةً أعظمَ من فتنةِ الدجالِ وقَدْ قلْتُ فيه قولًا لم يَقُلْهُ أحدٌ قَبْلِي إِنَّهُ آدَمُ جَعْدٌ ممسوحُ عينِ الْيَسَارِ عَلَى عَيْنِهِ ظَفْرَةً غَلِيظَةً وإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والأبرَصَ ويقولُ أنا ربُّكم فمَنْ قال ربي اللهُ فَلَا فِتْنَةَ عليه ومَنْ قال أنتَ رَبِّي فقدْ افتُتِنَ يَلْبَثُ فيكم ما شاءَ اللهُ ثم ينزِلُ عيسى بنُ مريمَ مصدِّقًا بمحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى ملتِّهِ إمامًا مهديًّا وحكَمًا عدْلًا فَيَقْتُلُ الدجالَ فكان الحسنُ يقولُ ونُرَى أن ذلِكَ عندَ الساعَةِ) ( الراوي : عبدالله بن مغفل، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 7/338 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات وفي بعضهم ضعف لا يضر‏‏

[94] (لا تقومُ الساعةُ حتى ينزلَ الرومُ بالأعماقِ أو بدابقٍ ، فيخرجَ إليهم جيشٌ من المدينةِ من خيارِ أهلِ الأرضِ يومئذٍ، فإذا تصافوا ، قالتِ الرومُ : خلُّوا بيننا وبين الذين سَبَوا منا نُقاتلُهم، فيقولُ المسلمون : لا واللهِ لا نُخلِّي بينكم وبين إخوانِنا ، فيُقاتلونَهم ، فيُهزمُ ثلثٌ لا يتوبُ اللهُ عليهم أبدًا ، ويُقتلُ ثلثٌ هم أفضلُ الشهداءِ عندَ اللهِ ، ويفتحُ الثلثُ ، لا يفتنون أبدًا ، فيفتحون القسْطَنْطينيةَ ، فبينما هم يقتسمونَ الغنائمَ قد علَّقوا سيوفَهم بالزيتونِ ، إذْ صاح فيهم الشيطانُ : إنَّ المسيحَ قد خلَفَكم في أهلِيكم ، فيخرجون وذلك باطلٌ ، فإذا جاؤوا الشامَ خرج ، فبينما هم يُعَدُّون للقتالِ، يسوون الصفوفَ ، إذ أُقيمتِ الصلاةُ ، فينزلُ عيسى ابنُ مريمَ، فأمَّهم ، فإذا رآه عدوُّ اللهِ ذاب كما يذوبُ المِلْحُ في الماءِ ، فلو تركه لانْذابَ حتى يهلَكَ ، ولكن يقتلُه اللهُ بيدِه، فيُريِهم دمَه في حربَتِه) ( الراوي: أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 7433 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 16818

[95] (ينزِلُ ابنُ مريمَ حكمًا مُقسطًا يكسِرُ الصَّليبَ ويقتُلُ الخنزيرَ ،ويضعُ الجزيةَ، ويَفيضُ المالُ حتَّى لا يقبلُه أحدٌ) ( الراوي : أبو هريرة ، المحدث: ابن عساكر ، المصدر: معجم الشيوخ ، الصفحة أو الرقم : 2/1095 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[96] (دخل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنَا أبكِي فقال ما يُبْكِيكِ قلتُ يا رسولَ اللهِ ذكرْتُ الدجالَ فبكيتُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنْ يخرجْ وأنا فيكم كُفِيتُموهُ، وإنْ يخرجْ بعدي فإنَّ ربَّكم عزَّ وجلَّ ليس بأَعْوَرَ إنه يخرُجُ من يهوديَّةِ أَصْبَهَانَ حتى يَأْتِيَ المدينةَ فينزِلَ ناحيتَها ولَها يومئِذٍ سَبْعَةُ أبوابٍ على كُلِّ نقبٍ منها مَلَكَانِ فيخرُجُ إليه شِرارُ أهلِها حتى يَأْتِيَ الشامَ مدينَةَ فلسطينَ بِبَابِ لُدٍّ قال أبو داودَ مَرَّةً حتى يَأْتِيَ مَدِينَةَ فِلَسْطِينَ [ بَابَ لُدٍّ ] فينزِلُ عيسى بنُ مريمَ عليه السلامُ فيقتُلُهُ ويمكُثُ عيسى في الأرضِ أربعينَ سنةً إمامًا عدلًا وحكمًا وقِسْطًا) ( الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 7/341 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح غير الحضرمي بن لاحق وهو ثقة‏‏

التخريج : أخرجه أحمد (24511)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (38629)، وابن حبان (6822) باختلاف يسير.

[97] (يخرجُ أعورُ الدجالُ مسيحُ الضلالَةِ قِبَلَ المشرقِ في زمَنِ اختلافٍ مِنَ الناسِ وفُرْقَةٍ فَيَبْلُغُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَبْلُغَ مِنَ الأرْضِ في أَرْبَعينَ يَوْمًا اللهُ أَعْلَمُ ما مِقْدَارُها فَيَلْقَى المؤْمِنُونَ شدَّةً شديدَةً ثمَّ يَنْزِلُ عيسى بنُ مريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منَ السماءِ فيَؤُمُ الناسَ فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ ركعتِهِ قال سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَهُ قَتَلَ اللهُ المسيحَ الدجالَ وظهَرَ المسلمونَ فأَحْلِفُ أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبا القاسِمِ الصادِقَ المصدوقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال إنه لَحَقٌّ وأَمَّا إِنَّهُ قريبٌ فكُلُّ مَا هو آتٍ قَرِيبٌ) ( الراوي : أبو هريرة، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم : 7/352 ، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح غير علي بن المنذر وهو ثقة‏‏

[98] (عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال : إنَّ الدجالَ إذا خرَج يخرُجُ مِن نحوِ المشرقِ فتكثُرُ جنودُه ومسالِحُه فلا يخلصُ إليه إلا مَن قال : أنا وافدٌ فيجيءُ رجلٌ فيقولَنَّ : أنا وافدٌ فإذا رآه الدجالُ قال : ابنَ آدمَ ألستَ تعلمُ أني ربُّكَ ؟ قال : لا أنتَ عدوُّ اللهِ الدجالُ قال : فإني قاتِلُكَ قال: وإن قتَلتَني ، قال: فيأخذُ المِنشارَ فيضَعُه بين ثنتِه فيشقُّه شقتينِ ثم يقولُ : لِمَن حولَه كيف ترَونَ إذا أنا أحيَيتُه ؟ قالوا: فذاكَ حين نستَيقِنُ أنَّكَ ربُّنا قال : فيُحييه قال: فيقولَنَّ له : ابنَ آدمَ زعَمتَ أني لستُ بربِّكَ قال : ما كنتُ قَطُّ أشدَّ بصيرةً مِني فيكَ الآنَ قال : إني ذابِحُكَ ، قال: وإن ذبَحتَني ، قالتْ : فيريدُ ذبحَه فلا يستطيعُ أن يذبحَه فيقولُ مِن تحتِه : إن كنتَ صادقًا فلْتَذبَحْني قال : فعند ذلك يرتابُ في جنودِه وينزِلُ عيسى ابنُ مريمَ عليه السلامُ فإذا رآه ووجَد ريحَه ذاب كما يذوبُ الرصاصُ) ( الراوي : -، المحدث : البوصيري، المصدر: إتحاف الخيرة المهرة ، الصفحة أو الرقم : 8/122 ، خلاصة حكم المحدث: موقوف ورواته ثقات، انظر شرح الحديث رقم 77460

[99] (أنَّهُ [ عيسى ابنَ مريمَ ] ينزِلُ إلى الأرضِ في آخرِ الزَّمانِ ويحكُمُ بشريعَةِ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ) ( الراوي : - ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر: الإصابة ، الصفحة أو الرقم : 1/436 ، خلاصة حكم المحدث: ثابت

[100] (يَنزِلُ عيسى ابنُ مريمَ، فيَقتُلُ الخِنزيرَ، ويَمحو الصَّليبَ، وتُجمَعُ له الصَّلاةُ، ويُعطِي المالَ حتَّى لا يُقبَلَ، ويَضَعُ الخَراجَ، ويَنزِلُ الرَّوْحاءَ فيَحُجُّ منها أو يَعتَمِرُ أو يَجمَعُهُما. قال : وتَلَا أبو هُريرةَ : {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159]. فزَعَمَ حَنظَلةُ أنَّ أبا هُريرةَ قال : يؤْمِنُ به قَبلَ مَوتِه : عيسى. فلا أَدري هذا كلُّه حديثُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أوْ شَيءٌ قالَه أبو هُريرةَ.) ( الراوي : أبو هريرة ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم : 15/27 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[101] ( [أثرُ ابنِ عبَّاسٍ في تفسيرِ قولِه {إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي إلَّا ليؤمنَنَّ بعيسى قبلَ موتِ عيسى]) ( الراوي: سعيد بن جبير ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : فتح الباري لابن حجر ، الصفحة أو الرقم: 6/568 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[102] (والَّذي نَفسي بيدِهِ ، ليوشِكُ أن ينزلَ فيكُم ابنُ مريمَ حَكَمًا عادلًا ، وإمامًا مُقسطًا ، يَكْسرُ الصَّليبَ ، ويقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجزيةَ، ويَفيضُ المالُ ، حتَّى لا يقبلَها أحدٌ) ( الراوي : أبو هريرة، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم : 14/93 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 67808

التخريج : أخرجه البخاري (2222)، ومسلم (155)، وأحمد (7679) واللفظ له

[103] (والَّذي نَفسي بيدِهِ ، ليُهِلَّنَّ ابنُ مريمَ من فجِّ الرَّوحاءِ ، بالحجِّ أوِ العُمرةِ، أو لَيثنِّيَهُما) ( الراوي : أبو هريرة، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر: مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم: 14/94 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

[104] (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى ينزِلَ عيسَى ابنُ مريمَ حَكَمًا مُقسِطًا وإمامًا عَدلًا فيَكْسرُ الصَّليبَ ،ويقتُلُ الخنزيرَ ويضَعُ الجِزيةَ، ويَفيضُ المالُ حتَّى لا يقبلَهُ أحدٌ) ) الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر: صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم : 3312 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 14973

[105]  الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : الألباني ، المصادر :

صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 6001 ، خلاصة حكم المحدث : حسن

السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم : 2308 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

التخريج: أخرجه الحاكم (8635)

[106] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 7978 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.  التخريج : أخرجه أحمد (7978) واللفظ له، وابن الجعد في ((المسند)) (1124)

الراوي : أبو هريرة ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم: 15/122 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[107] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم : 5564 ، خلاصة حكم المحدث : شاذ

[108] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد:

الصفحة أو الرقم : 8/8 ، خلاصة حكم المحدث : [روي] بإسنادين مرفوع وهو هذا وموقوف و رجالهما رجال الصحيح

الصفحة أو الرقم : 8/208 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح

[109]  الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم: 156 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، شرح الحديث

[110] الراوي : قرة بن إياس المزني ، المحدث : ابن حجر العسقلاني ، المصدر : موافقة الخبر الخبر، الصفحة أو الرقم : 1/178 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه الترمذي (2192)، وابن ماجه (6)، وأحمد (15596) باختلاف يسير. انظر شرح الحديث رقم 133905

[111] الراوي: جابر بن عبدالله ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1923 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[112] (لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي يقاتِلونَ على الحقِّ ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ ، فيَنْزِلُ عيسى ابنُ مريمَ ، فيقولُ أميرُهم : تَعَالَ صَلِّ لنا ، فيقولُ : لا ، إنَّ بعضَكم على بعضٍ أميرٌ ، تَكْرِمَةُ اللهِ لهذه الأُمَّةِ) (الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 7293 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 24508

[113] (يَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مريمَ ، فيقولُ أَمِيرُهُمُ المَهْدِيُّ : تَعالَ صَلِّ بِنا ، فيقولُ : لا ، إِنَّ بعضَهُمْ أَمِيرُ بَعْضٍ ، تَكْرِمَةُ اللهِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ) ( الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم : 2236 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد رجاله ثقات

التخريج: أخرجه الحارث في ((المسند)) كما في ((المنار المنيف)) لابن القيم (ص147) واللفظ له، وأبو يعلى كما في ((مجمع زوائد)) للهيثمي (7/291)، وأبو عوانة في ((المسند)) (317) باختلاف يسير

[114] (في قولِه تعالَى : { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إنَّ من أمَّتي قومًا على الحقِّ ، حتَّى ينزلَ عيسَى بنُ مريمَ متَى ما نزل) ( الراوي : الربيع بن أنس البكري ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم : 2/80 ، خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]

[115]  الراوي : جبير بن نفير (تابعي) ، المحدث: السيوطي ، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 7541 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[116] الراوي : معاوية بن أبي سفيان ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم : 7/309 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات‏‏

[117]  الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المحدثون : الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم: 4012 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح؛ الألباني ، المصدر: صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم: 3175 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح؛ السيوطي ، المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم : 5418 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[118] (عِصَابتانِ من أُمَّتي حَرَزَهُمَا اللهُ تعالى من النارِ: عِصابةٌ تغزُو الهندَ وعِصابةٌ تكونُ مع عيسى بنِ مريمَ) ( الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المحدث: ابن القيسراني ، المصدر: ذخيرة الحفاظ ، الصفحة أو الرقم : 3/1579 ، خلاصة حكم المحدث: صالح

[119] (عِصابتان من أمَّتي أحرزهما اللهُ من النَّارِ : عصابةٌ تغزو الهندَ ، وعصابةٌ تكونُ مع عيسَى بنِ مريمَ عليه السَّلامُ) ( الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المحدث : الألباني، المصدر : السلسلة الصحيحة ، الصفحة أو الرقم: 1934 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح)

[120] ) الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2599 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[121] الراوي : المغيرة بن شعبة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6615 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

[122] ) الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث :البخاري ، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4810، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[123]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم : 3448 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .  التخريج: أخرجه البخاري (3448) واللفظ له، ومسلم (155)

[124]  بيت اليهود الذي يتدارسون فيه كتابهم

[125]  الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 1/444 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد أو صحيح

[126] الراوي : كعب بن مالك ، المحدث : الهيثمي، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 6/143 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح غير ابن أبي الهذيل وهو ثقة

[127] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم:  4119 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[

[130] الراوي: عبدالله بن مسعود ،  المحدث : أحمد شاكر ،  المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم: 2/84 ،  خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته] .  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير

[131]  ) الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1923 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[132] الراوي : جابر بن عبد الله ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم:  5694 ، خلاصة حكم المحدث :  إسناده صحيح على شرط مسلم.

[133] الراوي : جابر بن عبدالله ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم:  1969 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف

التخريج : أخرجه أحمد (14954)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (5694) مطولاً، والحاكم (8613) واللفظ له

[134] الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم: 7/346 ،  خلاصة حكم المحدث : [روي] بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح‏‏

التخريج : أخرجه أحمد (14954) واللفظ له، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (5694) باختلاف يسير، والحاكم (8613) مختصراً

[135] الراوي : جابر بن عبد الله ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم:  14954 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده على شرط مسلم.  التخريج : أخرجه أحمد (14954) واللفظ له، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (1/102)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (5694)

[136] الراوي : عائشة أم المؤمنين ، المحدث: الوادعي ، المصدر : صحيح أسباب النزول، الصفحة أو الرقم: 240 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[137] الراوي : عائشة أم المؤمنين، المحدث : البيهقي، المصدر: دلائل النبوة، الصفحة أو الرقم: 3/178 ، خلاصة حكم المحدث : ذكر عائشة فيه غير محفوظ

[138] الراوي : ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث: الهيثمي ، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 9-4 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات

[139] الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : السيوطي ، المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 4908 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه البزار (3965 )، والربعي في ((فضائل الشام)) (13)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (1/ 174)

[140] الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدثون: الألباني ، المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 1179 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  المنذري ، المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم:  2/206 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده لا بأس به وفي متنه غرابة

[141] الراوي : ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 1662 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[142] الراوي : ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث : ابن رجب ، المصدر : فضائل الشام لابن رجب، الصفحة أو الرقم : 3/283 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي لكن قد قيل إن إسناده منقطع، وفي متنه نكارة

[143] الراوي : ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم : 610 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[144] الراوي : ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم : 611 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[145] الراوي : ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، المحدث : الألباني ، المصدر : ضعيف ابن ماجه، الصفحة أو الرقم : 264 ، خلاصة حكم المحدث : منكر

[146] الراوي : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين ، المحدث : البوصيري ، المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم : 2/24 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف

[147] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3443 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[148] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3442 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

[149] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم : 2365 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ، انظر شرح الحديث رقم 16645

[150] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 9974 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.  التخريج : أخرجه البخاري (3442)، ومسلم (2365)، وأبو داود (4675)، وأحمد (9974) واللفظ له

[151] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الألباني ، المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم : 2182 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه أبو داود (4324)، وأحمد (9630) باختلاف يسير. ، انظر شرح الحديث رقم 78134

[152] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : ابن جرير الطبري ، المصدر : تفسير الطبري، الصفحة أو الرقم: 3/1/373 ، خلاصة حكم المحدث : متواتر.  التخريج : أخرجه أبو داود (4324)، وأحمد (9630) باختلاف يسير، والطبري في ((تفسيره)) (6/459) واللفظ له

[153] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم:  1/601 ، خلاصة حكم المحدث : أسانيده صحاح.  التخريج : أخرجه أبو داود (4324)، وأحمد (9630) باختلاف يسير.

[154] الراوي : حذيفة بن أسيد الغفاري ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم:  2901 ، خلاصة حكم المحدث :  [صحيح] . انظر شرح الحديث رقم 16797

[155] - (إنَّها لا تقومُ حتَّى ترَوْا قبْلَها عَشْرَ آياتٍ : الدَّجَّالَ والدُّخَانَ وعيسى ابنَ مَريمَ ويأجوجَ ومأجوجَ والدَّابَّةَ وطُلوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها وثلاثَ خُسوفٍ : خَسْفٌ بالمَشرِقِ وخَسْفٌ بالمَغرِبِ وخَسْفٌ بجزيرةِ العرَبِ وآخِرُ ذلك نارٌ تخرُجُ مِن قَعْرِ عدَنَ أو عَدَنَ أو اليمنِ تطرُدُ النَّاسَ إلى المَحشَرِ ) ( الراوي : حذيفة بن أسيد ، المحدث : ابن حبان ، المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6843 ، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ،

(لن تَكُونَ- أو لن تَقُومَ- السَّاعةُ حتَّى يَكونَ قَبْلَها عشْرُ آياتٍ: طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغْرِبِها، وخُروجُ الدَّابَّةِ، وخُروجُ يَأْجوجَ ومَأْجوجَ، والدَّجَّالُ، وعيسى ابنُ مريمَ، والدُّخَانُ. وثلاثُ خُسوفٍ: خَسْفٌ بالمَغرِبِ، وخَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وخَسْفٌ بجَزيرةِ العربِ. وآخِرُ ذلكَ تَخرُجُ نارٌ مِنَ اليَمَنِ، مِن قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إلى المَحْشَرِ.) ( الراوي : حذيفة بن أسيد الغفاري ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4311 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

(أشرَف علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحنُ نتذاكَرُ فقال : ( ماذا كُنْتُم تتذاكَرونَ ؟ ) قُلْنا : كنَّا نتذاكَرُ السَّاعةَ فقال : ( إنَّها لا تقومُ حتَّى ترَوْا قبْلَها عَشْرَ آياتٍ : الدَّجَّالَ والدُّخَانَ وعيسى ابنَ مَريمَ ويأجوجَ ومأجوجَ والدَّابَّةَ وطُلوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها وثلاثَ خُسوفٍ : خَسْفٌ بالمَشرِقِ وخَسْفٌ بالمَغرِبِ وخَسْفٌ بجزيرةِ العرَبِ وآخِرُ ذلك نارٌ تخرُجُ مِن قَعْرِ عدَنَ أو عَدَنَ أو اليمنِ تطرُدُ النَّاسَ إلى المَحشَرِ ) ) (الراوي : حذيفة بن أسيد ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6843 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين غير صحابيه فمن رجال مسلم

[156] الراوي : عبدالله بن عباس، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم:  10/220 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد.  التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12/ 183) (12832)،والحاكم (7641 )، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6515

[157]  الراوي : سهل بن سعد الساعدي ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2830 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 16102

[158]  الراوي: أبو هريرة ، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم: 3448 ، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

التخريج: أخرجه البخاري (3448) واللفظ له، ومسلم (155)

[159] الراوي : أبو هريرة ، المحدثون :

 البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2926 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

الألباني ، المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم:  7414 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[160] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 10857 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم

[161] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 10857 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.  التخريج : أخرجه البخاري (2926)، ومسلم (2922)، وأحمد (10857) واللفظ له

[162]  الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : مسند أحمد ، الصفحة أو الرقم: 5/189، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) واللفظ له.

[163] (لقيتُ ليلةَ أُسري بي إبراهيمَ وموسَى وعيسَى ، فتذاكروا أمرَ السَّاعةِ . ، قال : فرَدُّوا أمرَهم إلى إبراهيمَ، عليه السَّلامُ ، فقال : لا علمَ لي بها . فرَدُّوا أمرَهم إلى موسَى ، فقال : لا علمَ لي بها . فرَدُّوا أمرَهم إلى عيسَى، فقال عيسَى : أمَّا وجْبَتُها فلا يعلمُ بها أحدٌ إلَّا اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، وفيما عهِد إليَّ ربِّي، عزَّ وجلَّ ، أنَّ الدَّجَّالَ خارجٌ ، قال : ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوبُ الرَّصاصُ ، قال : فيهلكُه اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، إذا رآني ، حتَّى إنَّ الحجرَ والشَّجرَ يقولُ : يا مسلمُ ، إنَّ تحتي كافرًا فتعالَ فاقتُلْه. قال : فيهلكُهم اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، ثمَّ يرجعُ النَّاسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم ، قال: فعند ذلك يخرجُ يأجوجُ ومأجوجُ ، وهم من كلِّ حدَبٍ ينسِلون ، فيَطُؤون بلادَهم ، لا يأتون على شيءٍ إلَّا أهلكوه ، ولا يمرُّون على ماءٍ إلَّا شرِبوه ، قال: ثمَّ يرجعُ النَّاسُ إليَّ فيشكُونهم ، فأدعو اللهَ، عزَّ وجلَّ، عليهم فيهلكُهم ويميتُهم ، حتَّى تَجوَى الأرضُ من نتنِ ريحِهم – أيْ : تنتنَ – قال : فيُنزِلُ اللهُ عزَّ وجلَّ المطرَ ، فيجترفُ أجسادَهم حتَّى يقذفَهم في البحرِ . قال الإمامُ أحمدُ : قال يزيدُ بنُ هارونَ : ثمَّ تُنسفُ الجبالُ ، وتُمدُّ مدَّ الأديمِ – ثمَّ رجع إلى حديثِ هشامٍ قال : ففيما عهِد إليَّ ربِّي، عزَّ وجلَّ ، أنَّ ذلك إذا كان كذلك، فإنَّ السَّاعةَ كالحاملِ المُتمِّ لا يدري أهلُها متَى تفجؤُهم بولادةٍ ليلًا أو نهارًا) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم: 2/84 ، خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته] .  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير

[164] (لقيتُ ليلةَ أُسْريَ بي إبراهيمَ وموسى وعيسَى ، عليهم السلام فتذاكَروا أمرَ السَّاعةِ فردُّوا أمرَهُم إلى إبراهيمَ ، فقالَ : لا عِلمَ لي بِها . فردُّوا أمرَهُم إلى عيسَى فقالَ : أمَّا وَجبتُها فلا يعلمُ بِها أحدٌ إلَّا اللَّهُ وفيما عَهِدَ إليَّ ربِّي عزَّ وجلَّ أنَّ الدَّجَّالَ خارجٌ . ومعي قَضيبانِ ، فإذا رآني ذابَ كما يذوبُ الرَّصاصُ . قالَ: فيُهْلِكُهُ اللَّهُ إذا رآني ، حتَّى إنَّ الحجرَ والشَّجرَ يقولُ : يا مُسلمُ إنَّ تحتي كافرًا ، فتعالَ فاقتلهُ . قالَ : فيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ ، ثمَّ يرجعُ النَّاسُ إلى بلادِهِم وأوطانِهِم فعندَ ذلِكَ يخرجُ يأجوجُ ومأجوجُ وهم من كلِّ حدَبٍ ينسِلونَ فيطؤونَ بلادَهُم ، فلا يأتونَ على شيءٍ إلَّا أَهْلَكوهُ ، ولا يمرُّونَ على ماءٍ إلَّا شربوهُ قالَ : ثمَّ يرجعُ النَّاسُ يشكونَهُم فأدعوا اللَّهَ عليهم ، فيُهْلِكُهُم ويميتُهُم حتَّى تَجوي الأرضُ من نتنِ ريحِهِم وينزلُ اللَّهُ المطرَ فيجتَرِفُ أجسادَهُم حتَّى يقذفَهُم في البحرِ . ففيما عَهِدَ إليَّ ربِّي عزَّ وجلَّ : أنَّ ذلِكَ إذا كانَ كذلِكَ أنَّ السَّاعةَ كالحاملِ المتمِّ ، لا يدري أَهْلُها متى تفجؤُهُم بولادِها، ليلًا أو نَهارًا) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: أحمد شاكر ، المصدر : عمدة التفسير ، الصفحة أو الرقم: 1/602 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير

[165]  ) (لقيتُ ليلةَ أُسريَ بي إبراهيمَ وموسى وعيسى، قال : فتذاكروا أمرَ الساعةِ، فردُّوا أمرَهم إلى إبراهيمَ، فقال : لا علم لي بها . فرَدُّوا الأمرَ إلى موسى، فقال : لا علمَ لي بها . فردُّوا الأمرَ إلى عيسى، فقال : أما وجبتُها ؟ فلا يعلمها أحدٌ إلا اللهُ، ذلك ؛ وفيما عَهِد إليَّ ربي عز وجل أنَّ الدجَّالَ خارجٌ . قال : ومعي قضيبانِ، فإذا رآني ذابَ كما يذوبُ الرصاصُ، قال: فيهلكُه اللهُ . حتى إنَّ الحجرَ والشجرَ ليقولُ : يا مسلمُ ! إنَّ تحتي كافرًا، فتعالَ فاقتُله . قال: فيُهلكهمُ اللهُ، ثم يرجع الناسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم . قال : فعند ذلك يخرج يأجوجُ ومأجوجُ، وهم من كل حدَبٍ ينسِلون، فيطؤون بلادَهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرُّون على ماءٍ إلا شربوه، ثم يرجعالناسُ إليَّ فيشكونهم، فأدعو اللهَ عليهم، فيُهلكهم اللهُ ويميتُهم حتى تَجوى الأرضُ من نتنِ ريحهم. قال : فيُنزل اللهُ عز وجل المطرَ، فتَجرُفُ أجسادَهم حتى يقذفَهم في البحرِ، ثم تُنسفُ الجبالُ، وتُمدُّ االأرضُ مدَّ الأديمِ، قال : ففيما عهد إليَّ ربي عز وجل : أن ذلك إذا كان كذلك، فإنَّ الساعةَ كالحاملِ الْمُتمِّ التي لا يدري أهلُها متى تَفجؤُهم بولادِها ؛ ليلًا أو نهارًا !) ( الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني، المصدر: السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 4318 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف بهذا السياق .  التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير.)

(لَقِيتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي إبراهيمَ وموسى وعيسى ، فتذاكروا أمرَ الساعةِ ، فرَدُّوا أمرَهم إلى إبراهيمَ ، فقال: لا عِلْمَ لي بها ، فرَدُّوا الأمرَ إلى موسى ، فقال ؛ لا عِلْمَ لي بها ، فرَدُّوا الأمرَ إلى عيسى ، فقال : أَمَّا وَجْبَتُها فلا يعلمُ بها أحدٌ إلا اللهُ ، وفيما عَهِدَ إليَّ ربي : أنَّ الدَّجَّالَ خارجٌ ومعي قَضِيبانِ ، فإذا رآني ذاب كما يذوبُ الرَّصاصُ ، فيَهْلِكُه اللهُ إذا رآني ، حتى إنَّ الحجرَ والشجرَ : ليقولُ : يا مُسْلِمُ إنَّ تحتي كافرًا فتَعَالَ فاقتُلْه ، فيُهْلِكُهم اللهُ ثم يرجعُ الناسُ إلى بلادِهم وأوطانِهم ، فعند ذلك يخرجُ يأجوجُ ومأجوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فيَطَؤُونَ بلادَهم، لا يأتونَ على شيءٍ إلا أَهْلَكُوهُ ، ولا يَمُرُّونَ على ماءٍ إلا شَرِبُوه ، ثم يرجعُ الناسُ إلَيَّ ، فيَشْكُونَهم ، فأَدْعُو اللهَ عليهم ، فيُهْلِكُهم ويُمِيتُهم حتى تَجْوِىَ الأرضُ من نَتَنِ رِيحِهِم ، فيُنْزِلُ اللهُ المطرَ، فيَجْتَرِفُ أجسادَهم، حتى يَقْذِفَهم في البحرِ ، ثم تُنْسَفُ الجبالُ ، وتُمَدُّ الأرضُ مَدَّ الأَدِيمِ ، ففيما عَهِدَ إليَّ ربي : أنَّ ذلك إذا كان كذلك فإنَّ الساعةَ كالحامِلِ المُتِمِّ ، لا يَدْرِي أهلُها متى تَفْجَؤُهم بولادتِها ليلًا أو نهارًا) (الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر : ضعيف الجامع، الصفحة أو الرقم: 4709 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف، التخريج : أخرجه ابن ماجه (4081)، وأحمد (3556) باختلاف يسير.

[166] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 157 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[ .  التخريج : أخرجه البخاري (6037)، ومسلم (157) واللفظ له .  انظر شرح الحديث رقم 10376

[167] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7061 ، خلاصة حكم المحدث :  ]أورده في صحيحه] وقال : وقال شعيب عن يونس والليث وابن أخي الزهري عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . ،  شرح الحديث.  التخريج : أخرجه البخاري (7061) واللفظ له، ومسلم (157) .

[168] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6037 ، خلاصة حكم المحدث :  ]صحيح[ .  التخريج : أخرجه البخاري (6037) واللفظ له، ومسلم (157)

[169] الراوي : أنس بن مالك ، المحدث : الألباني ، المصادر :

تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم : 5376 ، خلاصة حكم المحدث : له شاهد مرفوعاً به إسناده صحيح على شرط مسلم.   صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم : 2332 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

الراوي : أنس بن مالك ، المحدثون :

- الترمذي ، المصدر: سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم:2332 ، خلاصة حكم المحدث : غريب من هذا الوجه

- البزار ، المصدر : البحر الزخار المعروف بمسند البزار، الصفحة أو الرقم: 12/338 ، خلاصة حكم المحدث: لا نعلمه يروى عن أنس إلا من حديث سعد بن سعيد ورواه عن سعد عبد الله بن عمر وحده

- محمد المناوي ، المصدر : تخريج أحاديث المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4/493 ، خلاصة حكم المحدث : سنده لا بأس به ،  انظر شرح الحديث رقم 87843

[170] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 10943 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.  التخريج : أخرجه أحمد (10943) واللفظ له، وأبو يعلى (6680)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2986) 

[171] BODENHEIMER, P., Lin, D. N. C. and MARDLING, R. A. SHORT-PERIOD EXTRASOLAR PLANETS1, ApJ, 2001, 548:466-472.

https://eijaz.mutah.edu.jo/eartharabic.htm            عمري: مدّ الأرض

[172]  الراوي : النواس بن سمعان ، المحدث: الألباني ، المصدر: صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 4166 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 69414

التخريج: أخرجه مسلم (2936) باختلاف يسير

[173] الراوي : عبدالله بن عمر ،  المحدث: الألباني،  المصدر : صحيح الجامع ، الصفحة أو الرقم : 8047 ،  خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 22166

[174] الراوي: المقداد بن الأسود المحدث: مسلم - المصدر:صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 2864، خلاصة حكم المحدث:صحيح

[175] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 1474 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [وقوله: وزاد عبد الله... معلق] [وقوله: وقال معلى ... معلق]

[176] الراوي : المقداد بن عمرو بن الأسود ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم : 2421 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه الترمذي (2421) واللفظ له، وأحمد (23864) ، انظر شرح الحديث رقم 20689

[177] الراوي : عكرمة ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء، الصفحة أو الرقم : 5/35 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات.

[178] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم : 8/158 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (4938)، ومسلم (2862) باختلاف يسير

[179] الراوي : - ، المحدث : ابن باز ، المصدر : مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم : 12/9 ، خلاصة حكم المحدث : صحيحة

[180] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 5912 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (4938)، ومسلم (2862)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11656)، وأحمد (5912) واللفظ له ، انظر شرح الحديث رقم 140778

[181] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : ابن حبان ، المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم : 7331 ، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.  التخريج : أخرجه البخاري (4938)، ومسلم (2862) باختلاف يسير

[182] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم : 7331 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.  التخريج : أخرجه البخاري (4938)، ومسلم (2862) باختلاف يسير

[183]  الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : الألباني ، المصدر : مختصر العلو ، الصفحة أو الرقم: 69 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن أو أعلى .  التخريج : أخرجه أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) (31)، والطبراني (9/417) (9763)، والدارقطني في ((رؤية الله)) (163) باختلاف يسير

[184] (يجمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يومَ القيامةِ فيُنادي مُنادٍ: يا أيُّها النَّاسُ ألم تَرضوا من ربِّكمُ الَّذي خلقَكُم وصوَّرَكُم ورزقَكُم أن يواليَ كلُّ إنسانٍ ما كانَ يَعبدُ في الدُّنيا ويتولَّى، أليسَ ذلِكَ عدلٌ من ربِّكم ؟ قالوا: بلى، قالَ: فينطلقُ كلُّ إنسانٍ منكُم إلى ما كانَ يتولَّى في الدُّنيا ويمثَّلُ لَهُم ما كانوا يَعبدونَ في الدُّنيا، وقالَ: يُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عيسَى شيطانُ عيسَى، ويُمثَّلُ لمن كانَ يَعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ، حتَّى يمثَّلَ لَهُمُ الشَّجرُ والعودُ والحَجرُ، ويبقى أَهْلُ الإسلامِ جُثومًا فيقولُ لَهُم: ما لَكُم لا تنطلقونَ كما انطلقَ النَّاسُ ؟ فيقولونَ: إنَّ لَنا ربًّا ما رأَيناهُ بعدُ، قالَ: فيقولُ: فبمَ تعرِفونَ ربَّكم إن رأيتُموهُ ؟ قالوا: بَينَنا وبينَهُ علامةٌ إن رأيناهُ عَرفناهُ، قالَ: وما هيَ ؟ قالوا: السَّاقُ، فيُكْشفُ عن ساقٍ، قالَ: فيَحني كلُّ مَن كانَ لظَهْرٍ طبَّقَ ساجدًا ويبقى قومٌ ظُهورُهُم كصَياصيِّ البقرِ يُريدونَ السُّجودَ فلا يستَطيعونَ، قالَ: ثمَّ يُؤمَرونَ فيرفَعونَ رؤوسَهُم فيُعطَونَ نورَهُم على قدرِ أعمالِهِم، فَمِنْهُم مَن يُعطَى نورَهُ مثلَ الجبلِ بينَ يديهِ، وَمِنْهُم مَن يُعطَى نورَهُ دونَ ذلِكَ، وَمِنْهُم مَن يعُطىَ نورَهُ مثلَ النَّخلةِ بيمينِهِ، وَمِنْهُم مَن يُعطَى دونَ ذلِكَ حتَّى يَكونَ آخرُ ذلِكَ يُعطَى نورَهُ على إبهامِ قدمِهِ يُضيءُ مرَّةً ويُطفئُ مرَّةً فإذا أضاءَ قدَّمَ قدمَهُ، وإذا طفئَ قامَ، فيمرُّونَ على الصِّراطِ، والصِّراطُ كَحدِّ السَّيفِ دَحضٌ مزلَّةٌ، قالَ: فَيقالُ انجوا على قدرِ نورِكُم فَمِنْهُم من يمرُّ كانقِضاضِ الكَوكَبِ، وَمِنْهُم من يمرُّ كالطَّرفِ، وَمِنْهُم من يمرُّ كالرِّيحِ، وَمِنْهُم من يمرُّ كشدِّ الرَّحلِ ويرمُلُ رملًا فيمرُّونَ على قَدرِ أعمالِهِم، حتَّى يمرَّ الَّذي نورُهُ على إبهامِ قدمِهِ يجرُّ يدًا ويعلِّقُ يدًا ويجرُّ رجلًا ويعلِّقُ رجلًا فتُصيبُ جوانبَهُ النَّارُ، قالَ: فيخلُصونَ فإذا خلُصوا، قالوا: الحمدُ للَّهِ الَّذي نجَّانا مِنكَ بعدَ إذ رأيناكَ، فقَد أعطانا اللَّهُ ما لم يُعطِ أحدًا، فينطَلِقونَ إلى ضَحضاحٍ عندَ بابِ الجنَّةِ وَهوَ مُصفَّقٌ منزلًا في أدنى الجنَّةِ، فيقولونَ: ربَّنا أعطنا ذلِكَ المنزلَ، قالَ: فيقولُ لَهُم: تَسألوني الجنَّةَ وَهوَ مُصفَّقٌ وقد أنجيتُكُم منَ النَّارِ، هذا البابُ لا يسمَعونَ حسيسَها، فيقولُ لَهُم: لعلَّكم إن أُعطيتُموهُ أن تسألوني غيرَهُ، قالَ: فيقولُ: لا وعزَّتِكَ ولا نَسألُكَ غيرَهُ وأيُّ منزلٍ يَكونُ أحسَنَ منهُ، قالَ: فيُعطَوهُ فيرفعُ لَهُم أمامَ ذلِكَ منزلاً آخرُ كأنَّ الَّذي أعطوهُ قبلَ ذلِكَ حُلمٌ عِندَ الَّذي رأوهُ، قالَ: فيقولُ لَهُم: لعلَّكم إن أعطيتُموهُ أن تسألوني غيرَهُ، فيقولونَ: لا وعزَّتِكَ لا نسألُكَ غيرَهُ وأيُّ منزلٍ أحسَنُ منهُ ؟ فيعطوهُ ثمَّ يسكُتونَ، قالَ: فيقالُ لَهُم، ما لَكُم لا تَسألوني ؟ فيقولونَ: ربَّنا قد سَألنا حتَّى استَحيَينا، قالَ: فيقولُ لَهُم: ألم تَرضوا إن أعطيتُكُم مثلَ الدُّنيا منذُ يومِ خَلقتُها إلى يَومِ أفنيتُها وعَشرةَ أضعافِها قالَ: قالَ مسروقٌ: فما بلغَ عبدُ اللَّهِ هذا المَكانَ منَ الحديثِ إلَّا ضحِكَ، قالَ: فقالَ لَهُ رجلٌ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ لقد حدِّثتُ بِهَذا الحديثِ مِرارًا فما بلغتُ هذا المَكانَ مِنَ هذا الحديثِ إلَّا ضَحِكْتُ، قالَ: فقالَ عبدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يحدِّثُ بِهَذا الحديثِ مرارًا فما بلغَ هذا المَكانَ من هذا الحديثِ إلَّا ضحِكَ حتَّى تبدوَ لَهَواتُهُ ويبدو آخرُ ضرسٍ من أضراسِهِ لقولِ الإنسانِ: أتَهْزأُ بي وأنتَ الملِكُ ؟ قالَ: فيقولُ الرَّبُّ تبارَكَ وتعالى لا ولَكِنِّي على ذلِكَ قادرٌ فسَلوني، قالَ: فيقولونَ: ربَّنا ألحِقنا بالنَّاسِ فيقولُ لَهُمُ: الحَقوا بالنَّاسِ، قالَ: فينطَلِقونَ يرملونَ في الجنَّةِ حتَّى يبدوَ للرَّجلِ منهم قَصرٌ من درَّةٍ مجوَّفةٍ، قالَ: فَيخرُّ ساجدًا، قالَ: فيقالُ لَهُ: ارفَع رأسَكَ فيرفعُ رأسَهُ، فيقالُ: إنَّما هذا مَنزلٌ من مَنازلِكَ، قالَ: فينطلقُ فيستقبلُهُ رجلٌ فيقولُ: أنتَ ملَكٌ ؟ فيقالُ: إنَّما ذلِكَ قَهْرمانٌ من قَهارمتِكَ عبدٌ من عبيدِكَ، قالَ: فيأتيهِ فيقولُ: إنَّما أَنا قَهْرمانٌ من قَهارمتِكَ علَى هذا القصرِ تحتَ يدي ألفِ قَهْرمانٍ كلُّهم على ما أَنا عَليهِ، قالَ: فينطلقُ بِهِ عندَ ذلِكَ حتَّى يفتَحَ القصرُ وَهوَ درَّةٌ مجوَّفةٌ سَقايفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها، فيَفتحُ لَهُ القصرُ فيستقبلُهُ جوهَرةٌ خضراءُ مبطَّنةٌ بحمراءَ سبعونَ ذراعًا فيها ستُّونَ بابًا كلُّ بابٍ يُفضي إلى جوهرةٍ واحدةٍ على غيرِ لونِ صاحبتُها، في كلِّ جوهرةٍ سررٌ وأزواجٌ وتصاريفُ - أو قالَ: ووصائفُ - قالَ: فيدخُلُ فإذا هوَ بحوراءَ عيناءَ عليها سَبعونَ حلَّةٌ يُرى مخُّ ساقِها من وراءِ حُللِها كبدُها مرآتُهُ وَكَبدُهُ مِرآتُها، إذا أعرضَ عنها إعراضَه ازدادَت في عينِهِ سبعينَ ضعفًا عمَّا كانَ قبلَ ذلِكَ، فيقولُ: لقدِ ازدَدتِ في عيني سبعينَ ضعفًا، وتقولُ لَهُ مثلَ ذلِكَ، قالَ: فيُشرفُ ببصرِهِ على مُلكِهِ مسيرةَ مائةِ عامٍ قالَ: فقالَ عُمرُ عندَ ذلِكَ: يا كَعبُ ألا تسمعُ إلى ما يحدِّثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ عَن أدنى أَهْلِ الجنَّةِ مالَهُ فَكَيفَ بأعلاهم ؟ قالَ: يا أميرَ المؤمنينَ مالا عَينٌ رأَت، ولا أذنٌ سمعت إنَّ اللَّهَ كانَ فَوقَ العرشِ والماءِ فخلقَ لنَفسِهِ دارًا بيدِهِ فزيَّنَها بما شاءَ وجعلَ فيها منَ الثَّمراتِ والشَّرابِ، ثمَّ أطبقَها فلَم يَرَها أحدٌ من خلقِهِ منذُ يومِ خلقَها لا جِبريلُ ولا غيرُهُ منَ الملائِكَةِ، ثمَّ قرأَ كعبٌ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وخلقَ دونَ ذلِكَ جنَّتينِ فزيَّنَهُما بما شاءَ وجعلَ فيهما ما ذَكَرَ منَ الحريرِ والسُّندسِ والإستَبرقِ، وأَراهما من شاءَ من خلقِهِ منَ الملائِكَةِ، فمَن كانَ كتابُهُ في علِّيِّينَ يُرى في تلكَ الدَّارِ، فإذا رَكِبَ الرَّجلُ من أَهْلِ علِّيِّينَ في مُلكِهِ لم ينزل خيمةً مِن خيامِ الجنَّةِ إلَّا دخلَها مِن ضوءِ وجهِهِ، حتَّى أنَّهُم يستنشِقونَ ريحَهُ ويقولونَ: واهًا لِهَذِهِ الرِّيحِ الطَّيِّبةِ، ويقولونَ: لقد أشرَفَ علينا اليومَ رجلٌ من أَهْلِ علِّيِّينَ، فقالَ عمرُ: ويحَكَ يا كَعبُ إنَّ هذِهِ القلوبَ قدِ استرسَلت فاقبضها، فقالَ كعبٌ: يا أميرَ المؤمنينَ إنَّ لجَهَنَّمَ زفرةً ما مِن ملَكٍ مقرَّبٍ ولا نبيٍّ إلَّا يخرُّ لرُكْبتيهِ حتَّى يَقولَ إبراهيمُ خليلُ اللَّهِ: ربِّ نَفسي نَفسي، وحتَّى لو كانَ عَملُ سبعينَ نبيًّا إلى عَملِكَ لظَننتَ أن لا تَنجوَ مِنها) ( الراوي: عبد الله بن مسعود ، المحدث : الحاكم ، المصدر : المستدرك ، الصفحة أو الرقم: 5/812 ، خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني

[185] (يَجْمَعُ اللهُ الأولِينَ والآخِرِينَ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلومٍ قِيامًا أربعينَ سَنَةً ، شَاخِصَةً أَبْصارُهُمْ إلى السَّماءِ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ القَضَاءِ قال : ويَنْزِلُ اللهُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ مِنَ العرشِ إلى الكُرْسِيِّ ثُمَّ يُنادِي مُنادٍ أيُّها الناسُ أَلْم تَرْضَوْا من رَبِّكُمُ الذي خلقَكُمْ ورَزَقَكُمْ وأمرَكُمْ أنْ تَعْبُدُوهُ ولا تُشْرِكُوا بهِ شيئًا أنْ يُوَلِّيَ كلَّ أناسٍ مِنكمْ ما كانُوا يتولونَ ويعبدونَ في الدنيا ، أَليسَ ذلكَ عَدْلا من رَبِّكُمْ ؟ قالوا : بلى ، فَيَنْطَلِقُ كلُّ قومٍ إلى ما كانُوا يعبدونَ ويَتَوَلَّوْنَ في الدنيا ، قال : فَيَنْطَلِقُونَ ، ويمثلُ لهُمْ أَشْباهُ ما كَانُوا يَعْبُدُونَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إلى الشمسِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إلى القمرِ ، والأوْثَانِ مِنَ الحِجَارَةِ وأشْباهِ ما كَانُوا يَعْبُدونَ ، قال : ويمثلُ لِمَنْ كان يَعْبُدُ عِيسَى شَيْطَانُ عِيسَى ، ويمثلُ لِمَنْ كان يَعْبُدُ عُزَيْرًا شَيْطَانُ عُزَيْرٍ ، ويَبْقَى محمدٌ وأُمَّتُهُ ، قال : فيتمثلُ الربُّ تباركَ وتعالى ، فَيأتيهِمُ فيقولُ : ما لَكُمْ لا تَنْطَلِقُونَ كما انطلقَ الناسُ ؟ قال : فَيقولونَ : إِنَّ لَنا إِلَهًا ما رَأَيْناهُ ( بَعْدُ ) فيقولُ : هل تَعْرِفُونَهُ إنْ رأيتُمُوهُ ؟ فَيقولونَ : إنَّ بينَنا وبينَهُ عَلامَةٌ إذا رأيناهُ ، عرفناهُ ، قال فيقولُ : ماهيَ ؟ فَيقولونَ : يَكْشِفُ عن ساقِهِ ، ( قال : ( فعندَ ذلكَ يَكْشِفُ عن ساقِهِ ، فَيَخِرُّ كلُّ مَنْ كان لِظهرِهِ طَبَقٌ ساجدًّا ، ويَبْقَى قومٌ ظُهورُهُمْ كَصَياصِي البَقَرِ ، يُرِيدُونَ السُّجُودَ فلا يَسْتَطِيعُونَ ، ( وقد كَانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وهُمْ سالِمُونَ ) ثُمَّ يقولُ : ارفعُوا رؤوسَكُمْ ، فَيَرْفَعُونَ روؤسَهُمْ ، فِيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ على قدرِ أَعْمالِهِمْ، فمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مثل الجَبَلِ العَظِيمِ ، يَسْعَى بين أيديهِمْ ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نورَهُ أَصْغَرَ من ذلكَ ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى مثلَ النخلةِ بِيَمِينِهِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى أَصْغَرَ من ذلكَ حتى يَكُونَ آخِرُهُمْ رجلًا يُعْطَى نُورَهُ على إِبْهامِ قَدَمِهِ ، يُضِيءُ مرةً ، ويطفأُ مرةً ، فإذا أَضَاءَ قَدَمَهُ قدمٌ ( ومَشَى ) وإذا طُفِىءَ قامَ ، قال : والربُّ تباركَ وتعالى أَمامَهُمْ حتى يَمُرَّ بِهَمْ إلى النارِ فَيَبْقَى أَثَرُهُ كَحَدِّ السَّيْفِ ( دَحْضٌ مَزِلَّةٌ ) قال : فيقولُ: مُرُّوا ، فَيَمُرُّونَ على قدرِ نُورِهِمْ ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كطرفةِ العَيْنِ ،وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالبَرْقِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كالسَّحابِ، ومِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الكوكبِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الفَرَسِ ، ومِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرجلِ ، حتى يَمُرُّ الذي يُعطَى نورَهُ على ظهرِ (إبهِامِ) قَدَمِهِ يَحْبُو على وجهِهِ ويديْهِ ورِجْلَيْهِ ، تخرُّ يدٌ وتعلقُ يدٌ ، وتخرُّ رجلٌ ، وتعلقُ رجلٌ ، وتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النارُ فلا يزالُ كَذلكَ حتى يَخْلُصَ فإذا خَلَصَ وقَفَ عليْها فقال: الحمدُ للهِ الذي أَعْطَانِي ما لمْ يُعْطِ أحدًا ، إذْ أنجانِي مِنْها بعدَ إذْ رأيْتُها قال : فَيُنْطَلَقُ بهِ إلى غَدِيرٍ عندَ بابِ الجنةِ فَيَغْتَسِلُ ، فَيَعُودُ إليهِ رِيحُ أهلِ الجنةِ وأَلْوَانُهُمْ ، فيَرَى ما في الجنةِ من خِلالِ البابِ ، فيقولُ : رَبِّ أَدْخِلْنِي الجنةَ فيقولُ اللهُ ( لهُ ) : أَتَسْأَلُ الجنةَ وقد نَجَّيْتُكَ مِنَ النارِ ؟ فيقولُ : رَبِّ اجعلْ بَيْنِي وبينَها حِجابًا حتى لا أَسْمَعُ حَسِيسَها قال : فَيدخلُ الجنةَ ، ويَرَى أوْ يُرْفَعُ لهُ مَنْزِلٌ أَمامَ ذلكَ كأنَّ ما هو فيهِ بالنسبةِ إليهِ حُلْمٌ ، فيقولُ : رَبِّ ! أعطِنِي ذلكَ المَنْزِلَ فيقولُ ( لهُ ) لَعَلَّكَ إنْ أَعْطَيْتُكَ تَسْأَلُ غيرَهُ ؟ فيقولُ لا وعِزَّتِكَ لا أسألُكَ غيرَهُ، وأنَّى مَنْزِلٌ أحسنُ مِنْهُ ؟ فَيُعْطَاهُ ، فَيَنْزِلُهُ ، ويَرَى أَمامَ ذلكَ مَنْزِلًا ، كأنَّ ما هو فيهِ بالنسبةِ إليهِ حُلْمٌ قال : رَبِّ أعطِنِي ذلكَ المَنْزِلَ فيقولُ اللهُ تباركَ وتعالى لهُ : لَعَلَّكَ إنْ أَعْطَيْتُكَ تَسْأَلُ غيرَهُ ؟ فيقولُ : لا وعِزَّتِكَ ( لا أسألُكَ ) وأنَّى منَزَلٌ أحسنُ مِنْهُ ؟ فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلُهُ ، ثُمَّ يسكتُ فيقولُ اللهُ جلَّ ذكرهُ : ما لكَ لا تَسْأَلُ ؟ فيقولُ : رَبِّ ! قد سَأَلْتُكَ حتى اسْتَحْيَيْتُكَ ، ( أَقْسَمْتُ لكَ حتى اسْتَحْيَيْتُكَ ( فيقولُ اللهُ جلَّ ذكرهُ : ألمْ ترضَ أنْ أُعْطِيَكَ مثل الدنيا مُنْذُ خَلَقْتُها إلى يومِ أَفْنَيْتُها وعشرَةَ أَضْعَافِهِ ؟ فيقولُ: أتهزأُ بي وأنتَ رَبُّ العزةِ ؟ ( فَيَضْحَكُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ من قولِهِ قال : فَرأيْتُ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ إذا بَلَغَ هذا المكانَ من هذا الحَدِيثِ ضَحِكَ ، فقال لهُ رجلٌ : يا أبا عَبْدِ الرحمنِ ! قد سَمِعْتُكَ تُحَدِّثُ بهِذا الحَدِيثِ مِرَارًا ، كلَّما بَلَغْتَ هذا المكانَ ضَحِكْتَ ؟ فقال : إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ يُحَدِّثُ هذا الحديثَ مِرَارًا كلَّما بَلَغَ هذا المكانَ من هذا الحَدِيثِ ضَحِكَ حتى تبدُو أضراسَهُ ( ، قال : فيقولُ الرَّبُّ جلَّ ذكرهُ : لا ، ولَكِنِّي على ذلكَ قادِرٌ ، فيقولُ : أَلْحِقْنِي بِالناسِ ، فيقولُ : الحَقْ بِالناسِ . فَيَنْطَلِقُ يرملُ في الجنةِ ، حتى إذا دَنا مِنَ الناسِ رُفِعَ لهُ قَصْرٌ من دُرَّةٍ ، فَيَخِرُّ ساجِدًا، فيقولُ لهُ : ارفعْ رأسَكَ مالكَ ؟ فيقولُ : رأيْتُ ربِّي أوْ تَرَاءَى لي ربِّي ، فيقالُ إِنَّما هو مَنْزِلٌ من مَنازِلِكَ قال ثُمَّ يَلْقَى رجلًا فَيَتَهَيَّأُ للسجودِ لهُ فيقالُ لهُ : مَهْ ! فيقولُ : رأيْتُ أنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الملائكةِ ، فيقولُ : إِنَّما أنا خَازِنٌ من خُزَّانِكَ ، وعَبْدٌ من عَبيدِكَ ، تَحْتَ يَدَيَّ أَلْفُ قَهْرَمانٍ على ( مثل ) ما أنا عليهِ قال : فَيَنْطَلِقُ أَمامَهُ حتى يَفْتَحَ لهُ بابَ القصرِ ، قال وهوَ من دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ شقائقُها وأبوابُها وإغْلاقُها ومَفَاتِيحُها مِنْها ، تَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحمراءَ ( فيها سبعونَ بابًا، كلُّ بابٍ يُقضِي إلى جوهرةٍ خضراءُ ، مبطنةٍ كلُّ جوهرةٍ تُفضِي إلى جَوْهَرَةٍ على غَيْرِ لَوْنِ الأُخْرَى ، في كلِّ جَوْهَرَةٍ سُرُرٌ وأزواجٌ ووَصائِفُ ، أَدْناهُنَّ حَوْرَاءُ عَيْناءُ ، عليْها سبعونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ ساقِها من ورَاءِ حُلَلِها ، كَبِدُها مِرْآتُهُ ، وكَبِدُهُ مِرْآتُها إذا أَعْرَضَ عَنْها إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ في عَيْنِهِ سبعينَ ضِعْفًا عَمَّا كانَتْ قبلَ ذلكَ فيقولُ لها : واللهِ لَقَدِ ازْدَدْتِ في عَيْنِي سبعينَ ضِعْفًا عما كُنْتِ قبلَ ذلكَ ، وتَقُولَ لهُ وأنت ( واللهِ ) لقد ازددت في عيني سبعينَ ضعفا فيقالُ لهُ: أشرف ، أشرف . فيشرف ، فيقالُ لهُ : ملكُكَ مسيرةُ مِئةِ عامٍ ، يُنْفِذُهُ بَصَرُكَ قال : فقال لهُ عمرُ : ألا تسمَعُ ما يحَدَّثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ يا كعبُ عن أَدْنَى أهلِ الجنةِ منزلًا ، فكَيْفَ أعلاهُمْ ؟ قال : يا أَمِيرَ المؤمنينَ مالًا عينٌ رأَتْ ولا أذنٌ سمَعَتْ، فذكرَ الحَدِيثَ) ( الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترغيب ، الصفحة أو الرقم: 3591 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[186] (يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء . قال: وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ، ثم ينادي مناد أيها الناس : ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم ، وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل إنسان منكم ما كانوا يعبدون في الدنيا ، أليس ذلك عدلا من ربكم ؟ قالوا : بلى ، فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، ويتولون في الدنيا . قال : فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون ؛ فمنهم من ينطلق إلى الشمس ، ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة ، وأشباه ما كانوا يعبدون . قال : ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال: فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول : ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس ؟ قال : فيقولون : إن لنا إلها ما رأيناه . فيقول : هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه . قال : فيقول : ما هي ؟ فيقولون : يكشف عن ساقه ، فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان مشركا يرائي لظهره ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ، ثم يقول : ارفعوا رءوسكم فيرفعون رءوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم ؛ فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين أيديهم ، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده ، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك حتى يكون آخرهم يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ مرة ، فإذا أضاء قدمه قدم ، وإذا أطفئ قام . قال : والرب تبارك وتعالى أمامهم حتى يمر بهم إلى النار فيبقى أثره كحد السيف . قال : فيقول : مروا فيمرون على قدر نورهم ، منهم من يمر كطرفة العين ، ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ، ومنهم من يمر كانقضاض الكواكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الفرس ، ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تجر يد ، وتعلق يد ، وتجر رجل وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخلص ، فإذا خلص وقف عليها فقال : الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدا إذ أنجاني منها بعد إذ رأيتها . قال : فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول : رب أدخلني الجنة ، فيقول الله : أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار ؟ فيقول : رب اجعل بيني وبينها حجابا حتى لا أسمع حسيسها قال : فيدخل الجنة ، ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه بالنسبة إليه حلم فيقول : يا رب أعطني ذلك المنزل ، فيقول لعلك إن أعطيته تسأل غيره ؟ فيقول : لا وعزتك لا أسأل غيره ، وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ، ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه بالنسبة إليه حلم قال : رب أعطني ذلك المنزل فيقول الله تبارك وتعالى له : لعلك إن أعطيته تسأل غيره ؟ فيقول : لا وعزتك ، وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ثم يسكت ، فيقول الله جل ذكره : ما لك لا تسأل ؟ فيقول : رب قد سألتك حتى استحييتك فيقول الله جل ذكره : ألم ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه ؟ فيقول : أتهزأ بي وأنت رب العزة ؟ قال : فيقول الرب جل ذكره : لا ولكني على ذلك قادر ، فيقول : ألحقني بالناس ، فيقول : الحق بالناس . قال : فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا ، فيقول له : ارفع رأسك ما لك فيقول : رأيت ربي أو تراءى لي ربي ، فيقال : إنما هو منزل من منازلك ، قال: ثم يأتي رجلا فيتيهأ للسجود له فيقال له : مه فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة ، فيقول : إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على ما أنا عليه . قال : فينطلق أمامه حتى يفتح له باب القصر . قال : وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها يستقبلها جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا ، كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك ، فيقول لها : والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، وتقول له : وأنت لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، فيقال له : أشرف فيشرف فيقال له : ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك . قال : فقال له عمر : ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : المنذري ، المصدر : الترغيب والترهيب ، الصفحة أو الرقم: 4/296 ، خلاصة حكم المحدث : [روي] من طرق أحدها صحيح

[187] (يجمعُ اللَّهُ الأوَّلينَ والآخرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ قيامًا أربعينَ سنةً شاخصةً أبصارُهُم إلى السَّماءِ ينتظرونَ فصلَ القضاءِ قالَ وينزلُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ظللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثمَّ يُنادي مُنادٍ أيُّها النَّاسُ ألم تَرضوا من ربِّكمُ الَّذي خلقَكُم ورزقَكُم وأمرَكُم أن تعبُدوهُ ولا تشرِكوا بِهِ شيئًا أن يولِّيَ كلَّ ناسٍ منكم ما كانوا يتولَّونَ ويعبدونَ في الدُّنيا قالَ فينطلِقونَ ويمثَّلُ لَهُم أشباهُ ما كانوا يعبدونَ فَمِنْهُم من ينطلقُ إلى الشَّمسِ وَمِنْهُم من ينطلقُ إلى القمرِ وإلى الأوثانِ منَ الحجارةِ وأشباهِ ما كانوا يعبدونَ قالَ ويمثَّلُ لمن كانَ يعبدُ عيسى شيطانُ عيسى ويمثَّلُ لمن كانَ يعبدُ عُزَيْرًا شيطانُ عُزَيْرٍ ويبقى محمَّدٌ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأُمَّتُهُ فيأتيهم الرَّبُّ عزَّ وجلَّ فيقولُ ما بالَكُم لا تنطلقونَ كما انطلقَ النَّاسُ قالَ فيقولونَ إنَّ لَنا إلَهًا ما رأيناهُ بعدُ فيقولُ هل تعرفونَهُ إن رأيتُموهُ فيقولونَ إنَّ بينَنا وبينَهُ علامةً إذا رأيناهَ عرفناهَ قالَ فيقولُ ما هي فيقولونَ يَكْشفُ عن ساقِهِ فعندَ ذلِكَ يُكْشفُ عن ساقٍ فيخرُّونَ له سجَّدًا ويبقى قومٌ ظُهورُهُم كصياصيِّ البقرِ يريدونَ السُّجودَ فلا يستطيعونَ وقد كانوا يدعونَ إلى السُّجودِ وَهُم سالمونَ ثمَّ يقولُ ارفَعوا رؤوسَكُم فيرفعونَ رؤوسَهُم فيُعطيهم نورَهُم على قدرِ أعمالِهِم فَمِنْهُم من يعطى نورَهُ على قدر الجبلِ العظيمِ يسعى بينَ أيديهم وَمِنْهُم من يعطى نورًا أصغرَ من ذلِكَ حتَّى يَكونَ آخر رجل يعطى نورَهُ على إبهامِ قدمِهِ يضيءُ مرَّةً ويطفأ مرَّةً فإذا أضاءَ قدَّمَ قدمَهُ ومشى وإذا طفئَ قامَ والرَّبُّ تباركَ و تعالَى أمامَهُم حتَّى يمرَّ في النَّارِ فيبقى أثرُهُ كحدِّ السَّيفِ قالَ ويقولُ مرُّوا فيمرُّونَ على قدرِ نورِهِم منهم من يمرُّ كطرفِ العينِ وَمِنْهُم من يمرُّ كالبرقِ وَمِنْهُم من يمرُّ كالسَّحابِ وَمِنْهُم من يمرُّ كانقضاضِ الكوكبِ وَمِنْهُم من يمرُّ كالرِّيحِ وَمِنْهُم من يمرُّ كشدِّ الفرسِ وَمِنْهُم كشدِّ الرَّجُلِ حتَّى يمرَّ الَّذي أعطى نورَهُ على قدر إبهامِ قدمَهِ يحبو على وجهِهِ ويديهِ ورجليهِ تُجرُّ يدٌ وتعلَقُ يدٌ وتجرُّ رِجلٌ وتعلَقُ رجلٌ وتصيبُ جوانبَهُ النَّارُ فلا يزالُ كذلِكَ حتَّى يخلُصَ فإذا خلصَ وقفَ عليهم ثمَّ قالَ الحمدُ للَّهِ لقد أعطاني اللَّهُ ما لم يُعطِ أحدًا إذ نجَّاني منها بعدَ أن رأيتُها قالَ فينطلَقُ بِهِ إلى غديرٍ عندَ بابِ الجنَّةِ فيغتسلُ فيه فيعودُ إليهِ ريحُ أَهْلِ الجنَّةِ وألوانُهُم فيرى ما في الجنَّةِ من خلالِ البابِ فيقولُ ربِّ أدخِلني الجنَّةَ فيقولُ اللَّهُ تبارَكَ و تعالَى لَهُ أتسألُ الجنَّةَ وقد نجِّيتُكَ منَ النَّارِ فيقولُ يا ربِّ اجعل بيني وبينَها حِجابًا لا أسمعُ حسيسَها قالَ فيدخلُ الجنَّةَ قالَ ويرى - أو يرفعُ لَهُ - منزلٌ أمامَ ذلِكَ كأنَّما الذي هوَ فيهِ إليهِ حُلمٌ ليدخُلَهُ فيقولُ ربِّ أعطني ذلِكَ المنزلَ فيقولُ فلعلَّكَ إن أعطيتُكَهُ تسألُ غيرَهُ فيقولُ وعزَّتِكَ لا أسألُ غيرَهُ وأيُّ منزلٍ يكونُ أحسَنَ منهُ قالَ فيُعطاه فينزِلُهُ فقال ويرى أو يُرفَعُ له أمامَ ذلكَ ليدخُلَهُ فيقولُ ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فلعلَّكَ إن أعطيتُكَهُ تسألُ غيرَهُ قالَ لا وعزَّتِكَ لا أسألُ غيرَهُ وأيُّ منزلٍ يَكونُ أحسنَ منهُ قالَ فيعطاهُ فينزلُ قال ويرى أو يُرفَعُ له أمام ذلكَ منزلٌ آخرُ كأنَّما الَّذي هو فيهِ إليهِ حُلْمٌ فيقولُ ربِّ أعطني ذلك المنزلَ فيقولُ اللَّهُ جلَّ جلالُهُ فلعلَّكَ إن أعطيتُكَهُ تسألُ غيرَهُ قال لا وعزَّتِكَ لا أسألُ غيرَهُ وأيُّ منزِلٍ يكونُ أحسنَ منهُ قال فيُعطاه فينزِلُ ثمَّ يسكتُ فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ما لَكَ لا تسألُ فيقولُ ربِّ لقد سألتُكَ حتَّى استحييتُكَ وأقسَمتُ لَكَ حتَّى استحييتُكَ فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ألم تَرضى أن أُعْطيَكَ مثلَ الدُّنيا منذُ يوم خلقتُها إلى يومِ أفنيتُها وعشرةَ أضعافِهِ فيقولُ أتستَهْزئُ بي وأنتَ ربُّ العزَّةِ فيضحَكُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ من قولِهِ قالَ فرأيتُ عبدَ اللَّهِ بنَ مسعودٍ إذا بلغَ بهذا المَكانَ من هذا الحديثِ ضحِكَ فقالَ لَهُ رجلٌ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ قد سَمِعْتُكَ تحدِّثُ هذا الحديثَ مرارًا كلَّما بلغتَ هذا المَكانَ مِن هذا الحديثِ ضحِكْتَ فقالَ إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يحدِّثُ بهذا الحديثَ مرارًا كلَّما بلغَ هذا المَكانَ من هذا الحديثِ ضحِكَ حتَّى تبدُوَ أضراسُهُ قالَ فيقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ لا ولَكِنِّي على ذلِكَ قادرٌ سَل فيقولُ ألحِقني بالنَّاسِ فيقولُ الحقِ بالنَّاسِ قالَ فينطلقُ يرمُلُ في الجنَّةِ حتَّى إذا دَنا منَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قصرٌ من درَّةٍ فيخرُّ ساجدًا فقالُ لَهُ ارفع رأسَكَ ما لَكَ فيقولُ رأيتُ ربِّي - أو تراءى لي ربِّي - فيقالُ لَهُ إنَّما هوَ منزلٌ من مَنازلِكَ قالَ ثمَّ يَلقى فيها رجلًا فيتَهَيَّأُ للسُّجودِ فيقالُ لَهُ ما لَكَ فيقولُ رأيتُ أنَّكَ ملَكٌ منَ الملائِكَةِ فيقولُ له إنَّما أَنا خازنٌ من خزَّانِكَ عبدٌ من عبيدِكَ تحتَ يدي ألفُ قَهْرمانٍ على مثلِ ما أَنا عليهِ قالَ فينطلقُ أمامَهُ حتَّى يَفتحَ لَهُ القصرَ قالَ وَهوَ في درَّةٍ مجوَّفةٍ سقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها تستقبلُهُ جوهرةٌ خضراءُ مبطَّنةٌ بحمراءَ كلُّ جوهرةٍ تُفضي إلى جوهرةٍ على غيرِ لونِ الأخرى في كلِّ جوهرةٍ سررٌ وأزواجٌ ووصائفُ أدناهنَّ حوراءُ عيناءُ عليها سبعونَ حلَّةً يُرى مخُّ ساقِها من وراءِ حللِها كبدُها مرآتُهُ إذا أعرضَ عنها إعراضةً ازدادت في عينِهِ سبعينَ ضعفًا عمَّا كانت قبلَ ذلِكَ فيقولُ لَها واللَّهِ لقدِ ازدَدتِ في عيني سبعينَ ضعفًا فتقولُ لَهُ واللَّه واللَّهِ أنت لقدِ ازددتَ في عيني سبعينَ ضعفًا فيقالُ لَهُ أشرِف قالَ فيشرفُ فيقالُ لَهُ ملكُكَ مسيرةُ مائةِ عامٍ ينفذُهُ بصرُهُ قالَ فقالَ عمرُ ألا تسمعُ إلى ما يحدِّثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ يا كعبُ عن أدنى أَهْلِ الجنَّةِ منزلًا فَكَيفَ أعلاهم قالَ كعبٌ يا أميرَ المؤمنينَ فيها ما لا عينٌ رأَت ولا أذنٌ سمِعت إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ جعلَ دارًا فيها ما شاءَ منَ الأزواجِ والثَّمراتِ والأشربةِ ثمَّ أطبقَها فلم يرَها أحدٌ منَ خلقِهِ لا جبريلُ ولا غيرُهُ منَ الملائِكَةِ ثمَّ قرأَ كعبٌ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قالَ وخلقَ من دونَ ذلِكَ جنَّتينِ وزيَّنَهُما بما شاءَ وأراهما من شاءَ من خلقِهِ ثمَّ قالَ من كانَ كتابُهُ في علِّيِّينَ نزلَ تلكَ الدَّارَ الَّتي لم يرَها أحدٌ حتَّى إنَّ الرَّجلَ من أَهْلِ علِّيِّينَ ليخرجُ فيسيرُ في ملكِهِ فلا تبقى خيمةٌ من خيامِ الجنَّةِ إلَّا دخلَها من ضوءِ وجهِهِ فيستبشِرونَ بريحِهِ فيقولونَ واهًا لِهَذا الرِّيحِ هذا رجلٌ من أَهْلِ علِّيِّينَ قد خرجَ يسيرُ في ملكِهِ فقالَ ويحَكَ يا كعبُ هذِهِ القلوبُ قدِ استَرسَلَت فاقبِضها فقالَ كعبٌ والَّذي نفسي بيدِهِ إنَّ لِجهنَّمَ يومَ القيامةِ لَزفرةً ما يبقى من ملَكٍ مقرَّبِ ولا نبيٍّ مرسلٍ إلَّا يخرُّ لرُكْبتيهِ حتَّى إنَّ إبراهيمَ خليلَ اللَّهِ يقولُ ربِّ نَفسي نَفسي حتَّى لو كانَ لَكَ عملُ سبعينَ نبيًّا إلى عملِكَ لظننتَ أنَّكَ لا تَنجو) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : ابن القيم ، المصدر : حادي الأرواح ، الصفحة أو الرقم: 262 ، خلاصة حكم المحدث : حسن

[188] (يجمَعُ اللهُ الأوَّلينَ والآخرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ قيامًا أربعينَ سنةً شاخصةً أبصارُهم ينتَظِرونَ فصلَ القضاءِ قال وينزِلُ اللهُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ من الغمامِ من العرشِ إلى الكرسيِّ ثُمَّ يُنادِي منادٍ أيُّها النَّاسُ ألم تَرْضَوا من ربِّكم الَّذي خلَقكم ورزَقكم وأمَركم أن تعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا أن يُولِّيَ كلَّ أناسٍ منكم ما كانوا يعبُدونَ في الدُّنيا أليس ذلك عدلًا من ربِّكم قالوا بلى قال فينطَلِقُ كلُّ قومٍ إلى ما كانوا يعبُدونَ ويقولونَ في الدُّنيا قال فينطَلِقونَ ويُمثَّلُ لهم أشباهُ ما كانوا يعبُدونَ فمنهم مَن ينطَلِقُ إلى الشَّمسِ ومنهم مَن ينطَلِقُ إلى القمرِ والأوثانِ من الحجارةِ وأشباهِ ما كانوا يعبُدونَ قال ويُمثَّلُ لمَن كان يعبُدُ عيسى شيطانُ عيسى ويُمثَّلُ لمَن كان يعبُدُ عُزيرًا شيطانُ عُزيز ويبقى محمَّدٌ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم وأمَّتُه قال فيتمثَّلُ الرَّبُّ تبارَك وتعالى فيأتيهم فيقولُ ما لكم لا تنطَلِقونَ كانطلاقِ النَّاسِ فيقولونَ إنَّ لنا لَإلهًا ما رأَيْناه فيقولُ هل تعرِفونَه إن رأَيْتُموه فيقولونَ إنَّ بيننا وبينه علامةً إذا رأَيْناها عرَفْناها قال فيقولُ ما هي فنقولُ يكشِفُ عن ساقِه قال فعند ذلك يكشِفُ عن ساقِه فيخرُّ كلُّ مَن كان نظره ويبقى قومٌ ظهورُهم كصَياصيِّ البقرِ يُريدونَ السُّجودَ فلا يستَطيعونَ وقد كانوا يُدْعَونَ إلى السُّجودِ وهو سالمونَ ثُمَّ يقولُ ارفَعوا رؤوسَكم فيرفَعونَ رؤوسَهم فيُعْطِيهم نورَهم على قدرِ أعمالِهم فمنهم مَن يُعْطَى نورَه مثلَ الجبلِ العظيمِ يسعى بين يدَيْه ومنهم مَن يُعْطَى نورَه أصغرَ من ذلك ومنهم مَن يُعطَى مثلَ النَّخلةِ بيدِه ومنهم مَن يُعْطَى أصغرَ من ذلك حتَّى يكونَ آخرُهم رجلًا يُعْطَى نورَه على إبهامِ قدَمَيْه يُضيءُ مرَّةً ويُطفَأُ مرَّةً فإذا أضاء قدَّم قدمَه وإذا طُفِئ قام قال والرَّبُّ تبارَك وتعالى أمامَهم حتَّى يمرُّ في النَّار فيبقى أثرُه كحدِّ السَّيفِ قال فيقولُ مُرُّوا فيمُرُّون على قدرِ نورِهم منهم مَن يمُرُّ كطرفةِ العينِ ومنهم مَن يمُرُّ كالبَرْقِ ومنهم مَن يمُرُّ كالسَّحابِ ومنهم مَن يمُرُّ كانقضاضِ الكوكبِ ومنهم مَن يمُرُّ كالرِّيحِ ومنهم مَن يمُرُّ كشدِّ الفرسِ ومنهم مَن يمُرُّ كشدِّ الرَّحلِ حتَّى يمُرَّ الَّذي يُعْطَى نورَه على ظهرِ قدَمَيْه يجثو على وجهِه ويدَيْه ورِجْلَيْه تخِرُّ يدٌ وتعلَقُ يدٌّ وتخِرُّ رِجْلٌ وتعلَقُ رِجْلٌ وتُصيبُ جوانبَه النَّارُ فلا يزالُ كذلك حتَّى يخلُصَ فإذا خلَص وقَف عليها فقال الحمدُ للهِ فقد أعطاني اللهُ ما لم يُعْطِ أحدًا إذ نجَّاني منها بعد إذ رأَيْتُها قال فيُنطَلَقُ به إلى غديرٍ عند بابِ الجنَّةِ فيغتَسِلُ فيعودُ إليه ريحُ أهلِ الجنَّةِ وألوانُهم فيرى ما في الجنَّةِ من خللِ البابِ فيقولُ ربِّ أدخِلْني الجنَّةَ فيقولُ اللهُ أتسأَلُ الجنَّةَ وقد نجَّيْتُك من النَّارِ فيقولُ ربِّ اجعَلْ بيني وبينها حجابًا لا أسمَعُ حسيسَها قال فيدخُلُ الجنَّةَ ويرى أو يُرفَعُ له منزلٌ أمامَ ذلك كأنَّ ما هو فيه إليه حُلْمٌ فيقولُ ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ له لعلَّك إن أعطَيْتُكه تسأَلُ غيرَه فيقولُ لا وعزَّتِك لا أسأَلُك غيرَه وأنى منزلٍ أحسنُ منه فيُعْطَى فينزِلُه ويرى أمامَ ذلك منزلًا كأنَّ ما هو فيه إليه حُلْمٌ قال ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ اللهُ تبارَك وتعالى فلعلَّك إن أعطَيْتُكه تسأَلُ غيرَه فيقولُ وعزَّتِك يا ربِّ وأنى منزلٍ يكونُ أحسنَ منه فيُعْطاه وينزِلُه ثُمَّ يسكُتُ فيقولُ اللهُ جلَّ ذِكْرُه ما لك لا تسأَلُ فيقولُ ربِّ قد سأَلْتُك حتَّى قد استحيَيْتُك وأقسَمْتُ حتَّى استحيَيْتُك فيقولُ اللهُ جلَّ ذِكْرُه ألم ترضَ أن أُعطِيَك مثلَ الدُّنيا منذ خلَقْتُها إلى يومِ أفنَيْتُها وعشَرةَ أضعافِه فيقولُ أتهزَأُ بي وأنتَ ربُّ العزَّةِ فيضحَكُ الرَّبُّ تبارَك وتعالى من قولِه قال فرأَيْتُ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ إذا بلَغ هذا المكانَ من هذا الحديثِ ضحِك فقال له رجلٌ يا أبا عبدَ الرَّحمنِ قد سمِعْتُك تُحدِّثُ هذا الحديثَ مرارًا كلَّما بلَغْتَ هذا المكانَ ضحِكْتَ قال إنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يُحدِّثُ هذا الحديثَ مرارًا كلَّما بلَغ هذا المكانَ من هذا الحديثِ ضحِك حتَّى تبدو أضراسُه قال فيقولُ الرَّبُّ جلَّ ذِكْرُه لا ولكنِّي على ذلك قادرٌ سَلْ فيقولُ ألحِقْني بالنَّاسِ فيقولُ الحَقْ بالنَّاسِ قال فينطَلِقُ يَرْمُلُ في الجنَّةِ حتَّى إذا دنا من النَّاسِ رُفِع له قصرٌ من درَّةٍ فيخِرُّ ساجدًا فيُقالُ له ارفَعْ رأسَك ما لك فيقولُ رأَيْتُ ربِّي أو تراءى لي ربِّي فيُقالُ له إنَّما هو منزلٌ من منازلِك قال ثُمَّ يلقى رجلًا فيتهيَّأُ للسُّجودِ له فيُقالُ له مَهْ فيقولُ رأَيْتُ أنَّك مَلَكٌ من الملائكةِ فيقولُ إنَّما أنا خازنٌ من خزَّانِك وعبدٌ من عبيدِك تحتَ يدي ألفُ قَهْرَمانٍ على مثلِ ما أنا عليه قال فينطَلِقُ أمامَه حتَّى يُفتَحَ له القصرُ قال وهو من دُرَّةٍ مجوَّفةٍ سَقائِفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها تستَقبِلُه جوهرةٌ خضراءُ مبطَّنةُ بحمراءَ فيها سبعونَ بابًا كلُّ بابٍ يُفضِي إلى جوهرةٍ خضراءَ مبطَّنةٍ كلُّ جوهرةٍ تُفضِي إلى جوهرةٍ على غيرِ لونِ الأخرى في كلِّ جوهرةٍ سُرَرٌ وأزواجٌ ووصائفُ أدناهنَّ حَوْراءُ عَيْناءُ عليها سبعونَ حُلَّةً يُرَى مخُّ ساقِها من وراءِ حُلَلِها كَبِدُها مرآتُه وكَبِدُه مرآتُها إذا أعرَض عنها إعراضةً ازدادتْ في عينِه سبعينَ ضعفًا عمَّا كانت قبل ذلك فيقولُ لها واللهِ لقد ازدَدْتِ في عيني سبعينَ ضعفًا وتقولُ له وأنتَ ازدَدْتَ في عيني سبعينَ ضعفًا فيُقالُ له أشرِفْ فيُشرِفُ فيُقالُ له مُلْكُك مسيرةُ مائةِ عامٍ ينفُذُه بصرُك قال فقال عمرُ ألا تسمَعُ ما يُحدِّثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ يا كعبُ عن أدنى أهلِ الجنَّةِ منزلًا فكيف أعلاهم قال يا أميرَ المؤمنينَ ما لا عينٌ رأَتْ ولا أذنٌ سمِعَتْ إنَّ اللهَ جلَّ ذِكْرُه خلَق دارًا جعَل فيها ما شاء من الأزواجِ والثَّمَراتِ والأشربةِ ثُمَّ أطبَقَها فلم يَرَها أحدٌ من خلقِه لا جبريلُ ولا غيرُه من الملائكةِ ثُمَّ قال كعبٌ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال وخلَق دونَ ذلك جنَّتينِ وزيَّنهما بما شاء وأراهما مَن شاء من خلقِه ثُمَّ قال مَن كان كتابُه في عِلِّيِّينَ نزَل في تلك الدَّارِ الَّتي لم يَرَها أحدٌ حتَّى إنَّ الرَّجلَ من أهلِ عِلِّيِّينَ ليخرُجُ فيسيرُ في ملكِه فلا تبقى خيمةٌ من خِيَمِ الجنَّةِ إلَّا دخَلها من ضوءِ وجهِه فيستَبْشِرون لريحِه فيقولونَ واهًا لهذا الرِّيحِ هذا ريحُ رجلٍ من أهلِ عِلِّيِّينَ قد خرَج يسيرُ في مُلْكِه قال ويحَك يا كعبُ إنَّ هذه القلوبَ قد استَرْسَلَت فاقبِضْها فقال كعبُ إنَّ لجهنَّمَ يومَ القيامةِ لزفرةً ما من مَلَكٍ مقرَّبٍ ولا نبيِّ مرسلٍ إلَّا خرَّ لرُكْبتَيه حتَّى إنَّ إبراهيمَ خليلَ اللهِ ليقولُ ربِّ نفسي نفسي حتَّى لو كان لك عملُ سبعينَ نبيًّا إلى عملِك لظنَنْتَ أن لا تنجوَ وفي روايةٍ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يقومُ النَّاسُ لربِّ العالمينَ ألفَ سنةٍ شاخصةً أبصارُهم ينتَظِرونَ فصلَ القضاءِ) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد ، الصفحة أو الرقم: 10/343، خلاصة حكم المحدث : [روي] من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة

[189] (يجمعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ قيامًا أربعينَ سنةً شاخصةً أبصارُهم ينتظرونَ فصلَ القضاءِ، وينزلُ اللهُ في ظللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثم يُنادي مُنادٍ : يا أيُّها الناسُ ألم تَرضوا من ربِّكمُ الذي خلقَكُم وصورَكُم ورزقَكُم وأمرَكم أن تَعبدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا أن يواليَ كلَّ إنسانٍ منكمْ ما كان يعبدُ في الدُّنيا ويَتولى ؟ أليسَ ذلك عدلٌ من ربٍّكم ؟ قالوا : بلى . قال : فينطلقُ كلُّ إنسانٍ منكمْ إلى ما كان يَتولى في الدُّنيا ويتمثلُ لهم ما كانوا يعبدونَ ، فمنهم من ينطلقُ إلى الشمسِ ومنهم من ينطلقُ إلى القمرِ والأوثانِ منَ الحجارةِ وأشباهِ ما كانوا يعبدونَ ، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عيسى شيطانُ عيسى ، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عزيرًا شيطانُ عزيرٍ حتى يمثلَ الشجرُ والعودُ والحجرُ ويَبقى أهلُ الإسلامِ جُثومًا ، فيمتثلَ لهم الربُّ تعالى فيأتيَهُمْ فيقولُ : ما لكمْ لم تَنطلقوا كما انطلقَ الناسُ ؟ فيقولونَ : إنَّ لنا ربًّا ما رأيناهُ بعدُ ، فيقولُ : فهل تعرفونَ ربَّكم إن رأيتُموهُ ؟ قالوا : بينَنا وبينَهُ علامةٌ إذا رأيناها عرفناهُ . قال : وما هي ؟ قال : فيكشفُ عن ساقٍ . قال : فيَحْنى كلُّ من كان لظهرٍ طبقَ ساجدًا ويَبقى قومٌ ظهورُهم كصَياصي البقرِ يريدونَ السجودَ فلا يستطيعونَ ، ثم يؤمرونَ فيرفعونَ رؤوسَهمْ فيُعطونَ نورَهمْ على قدرِ أعمالِهم ، فمنهم من يُعطى نورَهُ على قدرِ جبلٍ بينَ يديْهِ ، ومنهم من يُعطى نورَهُ دونَ ذلك ، ومنهم من يُعطى نورَهُ مثلَ النخلةِ بيمينِهِ ومنهم من يُعطى دونَ ذلك حتى يكونَ آخرُ ذلك يُعطى نورَهُ على إبهامِ قدمِهِ يُضيءُ مرةً ويطفئُ مرةً فإذا أضاءَ قدَّمَ قدمَهُ وإذا طُفِئَ قام ، فيمرُّونَ الصراطَ ، والصراطُ كحدِّ السيفِ دحضٌ مزلَّةٌ فيقالُ : انجوا على قدرِ نورِكمْ ، فمنهم من يمرُّ كانقضاضِ الكوكبِ ومنهم من يمرُّ كالطرفِ ومنهم من يمرُّ كالريحِ ومنهم من يمرُّ كشدِّ الرجلِ ويرملُ رملًا ، فيمرونَ على قدرِ أعمالِهم حتى يمرَّ الذي نورُهُ على قدرِ إبهامِ قدمِهِ فيَحبو على وجهِهِ ويديْهِ ورجليْهِ يجرُّ يدًا ويعلقُ يدًا ويجرُّ رجلًا ويعلقُ رجلًا فتُصيبُ جوانبَهُ النارُ فلا يزالُ كذلك حتى يخلصَ فإذا خلصَ قال : الحمدُ للهِ الذي نَجاني مِنكَ فقد أَعطاني اللهِ ما لم يعطِ أحدًا ، وينطلقُ به إلى غديرٍ عِندَ بابِ الجنةِ فيغسلُ فيعودُ إليه ريحُ أهلِ الجنةِ وألوانُهم فيرى من في الجنةِ من ذلك البابِ ، فيقولُ : ربِّ اجعلْ بَيني وبينَهم حجابًا لا أسمعُ حَسيسَها فيدخلُ الجنةَ ويرفعُ له منزلٌ أمامَ ذلك ، فيقولُ : ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ اللهُ له: فلعلَّكَ إن أعطيتُكهُ أن تسألَني غيرَهُ ، فيقولُ : لا وعزتِكَ يا ربِّ ، فيقولُ : وأيُّ منزلٍ يكونُ أحسنَ منه، فيعطى ويسكتُ ، فيقولُ اللهُ : مالكَ لا تسألُ ؟ فيقولُ : يا ربِّ قد سألْتُكَ حتى استحييْتُ وأقسمْتُ حتى استحييْتُ ، فيقولُ اللهُ : ألمْ ترضَ إن أعطيْتُكَ مثلَ الدُّنيا منذُ خلقْتُها إلى يومِ القيامةِ وعشرةَ أضعافِها، فيقولُ : أتهزأُ بي وأنتَ ربُّ العزةِ ؟ فيضحكُ الربُّ تعالى من قولِهِ ، فيقولُ : لا ولكني على ذلك قادرٌ، سلْ ، فيقولُ : ألحقْني بالناسِ ، فيقولُ : الحقْ بالناسِ ، فينطلقُ يرملُ في الجنةِ حتى إذا دنا منَ الناسِ ترفعُ له قصرٌ من دُرةٍ مجوفةٍ فيخرُّ ساجدًا ، فيقال : ارفعْ رأسَكَ مالك ؟ فيقولُ : رأيْتُ ربِّي ، فيقالُ : إنَّما هذا منزلٌ من منازلِكَ ، فينطلقُ فيستقبلُهُ رجلٌ فيقولُ : أنتَ ملكٌ ؟ فيقولُ : إنَّما أنا خازنٌ من خزنتِكَ وعبدٌ من عبيدِكَ تحتَ يدي ألفُ قهرمانٍ على مثلِ ما أنا عليْهِ ، فينطلقُ أمامَهُ فيفتحُ له القصرَ وهو من دُرةٍ مجوفةٍ سقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها ، وتستقبلُهُ جوهرةٌ خضراءُ مبطنةٌ بحمراءَ سبعونَ ذراعًا فيها ستونَ بابًا كلُّ بابٍ يفضي إلى جوهرةٍ واحدةٍ على غيرِ لونِ الأُخرى ، في كلِّ جوهرةٍ سُررٍ وأزواجٍ ووصائفٍ ، فيدخلُ فإذا هو بحوراءَ عيناءَ عليْها سبعونَ حلةً يًرى مخُّ ساقِها من وراءِ حُللِها ، كبدُها مِرآتُهُ وكبدُهُ مرآتُها إذا أعرضَ عنها إعراضةً ازدادَتْ في عينِهِ سبعينَ ضعفًا عما كانَتْ قبلَهُ ، فيقولُ : لقد ازددْتِ في عَيني سبعينَ ضِعفًا ، وتقولُ له مثلُ ذلك فيقالُ له : أشرفْ فيُشرفُ فيقالُ له : ملكُ مسيرةُ مائةِ عامٍ يَنفذُهُ بصرُكَ ، فقال عمرُ عِندَ ذلك : يا كعبُ ألا تسمعُ إلى ما يحدثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ عن أدنى أهلُ الجنةِ منزلةً ؟ فكيفَ أعلاهُمْ ؟ قال : يا أميرَ المؤمنينَ ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعَتْ . إنَّ اللهَ خلقَ دارًا يجعلُ فيها ما شاء منَ الأزواجِ والثمراتِ والأشربةِ ثم أطبقَ فلم يرها أحدٌ من خلقِهِ لا جبريلُ ولا غيرُهُ منَ الملائكةِ ، ثم قرأَ كعبُ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [ السجدة : 17 ] وخلقَ دونَ ذلك جنتيْنِ وزينَهُما بما شاءَ وجعلَ فيها ما ذكرَ منَ الحريرِ والسندسِ والإستبرقِ وأراهُما من شاءَ من خلقِهِ منَ الملائكةِ ، فمن كان كتابُهُ في عليينَ نزلَ في تلك الدارِ التي لم يرَها أحدٌ حتى إن الرجلَ من أهلِ عليينَ ليخرجُ فيسيرُ في ملكِهِ فلا يَبقى خيمةٌ من خِيمِ الجنةِ إلا دخلَها من ضوءِ وجهِهِ حتى إنَّهُم يستنشقونَ ريحَهُ ويقولونَ : واهًا لهذه الريحِ الطيبةِ ، لقد أشرفَ اليومَ عليْنا رجلٌ من عليينَ ، فقال عمرُ : ويحكَ يا كعبُ إنَّ هذه القلوبَ قد استرسلَتْ فاقبضْها . فقال كعبٌ : يا أميرَ المؤمنينَ إنَّ لجهنمَ زفرةً ما من ملكٍ مقربٍ ولا نبيٍّ مرسلٍ إلا يخرُّ لركبَتيْهِ حتى يقولَ إبراهيمُ الخليلُ : نَفسي نَفسي ، وحتى لو كان لكَ عملُ سبعينَ نبيًّا إلى عملِكَ لظننْتَ أنَّكَ لا تَنجو مِنها) ( الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث : السيوطي ، المصدر : البدور السافرة ، الصفحة أو الرقم: 158 ، خلاصة حكم المحدث : طريقه صحيحة متصلة رجالها ثقات

 

المصادر

1) القرآن الكريم

2) كتب السّنّة المطهّرة

3) التفاسير:

1) ابن كثير القرشي الدمشقي، عمادالدين أبي الفداء (ت 774 هجري) ، تفسير القرآن العظيم، دار الفيحاء (دمشق الطبعة الأولى 1414 هـ -1994 م) ، أربع مجلدات.

2) البغوي، أبو محمد الحسين الفراء (ت 510 هجري) ، معالم التنـزيل في التفسير والتأويل، دار الفكر (بيروت 1405 هجري 1985 ميلادي) ، 5 أجزاء. م 5، ص 407.

3) المحلي، جلال الدين محمد بن أحمد (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ) ، تفسير الجلالين، دار الحديث - القاهرة الطبعة: الأولى عدد الأجزاء: 1 .

4) الشعراوي، محمد متولي (ت 1999 م) ، تفسير الشعراوي، أخبار اليوم قطاع الثقافة (مصر 1411 هـ-1991 م) ، أحد عشر مجلدا.

5) الطبري، ابن جرير، (ت 310 هـ) ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر للطباعة والنشر (بيروت 1415 هـ - 1995 م).

6) تفسير الوسيط للطنطاوي

7) عبّاس ، الشيخ فضل حسن ، تفسير القرآن المجيد

8) القرطبي، أبي عبد الله محمد بن أحمد (ت671 هـ) ، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية (بيروت-لبنان الطبعة الخامسة 1417 هـ -1996  م) ، واحد وعشرون مجلّدا.

المراجع

1) BODENHEIMER, P., Lin, D. N. C. and MARDLING, R. A. SHORT-PERIOD EXTRASOLAR PLANETS1, ApJ, 2001, 548:466-472.

2) عمري وآخرون، الإعجاز الفيزيائي في آيات مدّ الأرض. على الرابط:

https://eijaz.mutah.edu.jo/eartharabic.htm