روايات الحديث التي فيها (تَصديقًا لقولِ الحَبرِ)

- (جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأحْبَارِ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّا نَجِدُ: أنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ علَى إصْبَعٍ، والأرَضِينَ علَى إصْبَعٍ، والشَّجَرَ علَى إصْبَعٍ، والمَاءَ والثَّرَى علَى إصْبَعٍ، وسَائِرَ الخَلَائِقِ علَى إصْبَعٍ، فيَقولُ: أنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67[. ) ([1])

- (جَاءَ حَبْرٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، أَوْ يا أَبَا القَاسِمِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ علَى إصْبَعٍ، وَالأرَضِينَ علَى إصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ علَى إصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى علَى إصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ علَى إصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، فيَقولُ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا ممَّا قالَ الحَبْرُ، تَصْدِيقًا له، ثُمَّ قَرَأَ: }وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَومَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. 7148- [20-...] حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شيبَةَ، وإسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا، عن جَرِيرٍ، عن مَنْصُورٍ بهذا الإسْنَادِ، قالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ اليَهُودِ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ،... بمِثْلِ حَديثِ فُضَيْلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ. وَقالَ: فَلقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا لِما قالَ تَصْدِيقًا له، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} وَتَلَا الآيَةَ.) ([2])

- (جاءَ حَبرٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ : يا مُحمَّدُ أو يا رسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يومَ القيامةِ يحمِلُ السَّمواتِ على إصبعٍ والأرضينَ على إصبعٍ والجبالَ على إصبعٍ ، والشَّجرَ على إصبعٍ ، والماءَ ، والثَّرى على إصبَعٍ ، وسائرَ الخلقِ على إصبعٍ يَهُزُّهنَّ فيقولُ : أَنا الملِكُ . قالَ : فَضحِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، حتَّى بدَت نواجذُهُ تَصديقًا ، لقولِ الحبرِ ، ثمَّ قرأَ : وَمَاقَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلى آخرِ الآيةَ) (الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم  6/170، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)

- (جاء حبرٌ من اليهودِ إلى رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – فقال : إنَّه إذا كان يومُ القيامةِ جعل اللهُ السَّماواتِ على أصبعٍ ، والأرْضين على أصبعٍ ، والجبالَ والشَّجرَ على أصبعٍ ، والماءَ والثَّرَى على أصبعٍ ، والخلائقَ كلَّها على أصبعٍ ، ثمَّ يهزُّهنَّ ثمَّ يقولُ : أنا الملكُ أنا الملكُ ، قال : فلقد رأيتُ رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – ضحِك حتَّى بدت نواجذُه ، تعجُّبًا له ، وتصديقًا له ، ثمَّ قال رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -  : }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {) (الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم  184/1، خلاصة حكم المحدث:  ]أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح[)

(أنّ يَهودِيًّا جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا محمدُ، إنَّ اللهَ يُمسِكُ السماواتِ على إصبَعٍ، والأرَضينَ على إصبَعٍ، والجبالَ على إصبَعٍ، والشجَرَ على إصبَعٍ، والخلائِقَ على إصبَعٍ، ثم يقولُ : أنا الملِكُ. فضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ نواجِذُه، ثم قرَأ : { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } . قال يحيى بنُ سعيدٍ وزاد فيه فُضَيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عُبَيدَةَ، عن عبدِ اللهِ : فضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تعجُّبًا وتصديقًا له .) (الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم: 7414 ، خلاصة حكم المحدث:  ]صحيح[)

روايات الحديث التي لا تحوي العبارة (تَصديقًا لقولِ الحَبرِ)

)أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَرَأ هذه الآياتِ يَومًا على المِنبَرِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] الآيةَ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: هكذا بأصابِعِه يُحَرِّكُها: يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَه: أنا الجَبَّارُ، أنا المُتَكَبِّرُ، أنا المَلِكُ، أنا العَزيزُ، أنا الكَريمُ. فرَجَفَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِنبَرَ حتى قُلْنا: لَيَخُرَّنَّ به.) ([3])

- (جاءَ جَائِي من أَهلِ الكتابِ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال : يا محمَّدُ ! إنَّ اللَّهَ يَضعُ السَّماواتِ على أصبَعٍ ، والجبالَ على أصبَعٍ ، والشَّجرَ على أصبَعٍ ، والماءَ والثَّرى على أصبَعٍ ، ثمَّ يقولُ : أنا الملِكُ ؟ فضحِك رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى بدَت نواجِذُه ، ثمَّ قال : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - الصفحة أو الرقم  7/141، خلاصة حكم المحدث: متفق عليه [أي:بين العلماء[)

- (أتى النَّبيَّ رجُلٌ من أهلِ الكتابِ فقال يا أبا القاسِمِ أبلغَكَ إنَّ اللَّهَ يحمِلُ الخلائقَ علَى إصبَعٍ والسَّمواتِ علَى إصبَعٍ والأرضَ علَى إصبَعٍ والشَّجرَ علَى إصبَعٍ والثَّرى كذا علَى إصبَعٍ قالَ فضحِكَ رسولُ اللَّهِ حتَّى بدَتْ نواجذُهُ فأنزلَ اللهُ تعالى }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَواتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمينِهِ{) ([4])

- (أتَى النَّبيَّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – رجلٌ من أهلِ الكتابِ ، فقال : يا أبا القاسمِ : أَبَلغَك أنَّ اللهَ – عزَّ وجلَّ – يحمِلُ الخلائقَ على أصبعٍ ، والسَّماواتِ على أصبعٍ ، والأرْضين على أصبعٍ ، والشَّجرَ على أصبعٍ ، والثَّرَى على أصبعٍ ، قال : فضحِك النَّبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – حتَّى بدت نواجذُه ، قال : فأنزل اللهُ تعالَى :  } وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ { إلى آخرِ الآيةِ) (الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم  179/1، خلاصة حكم المحدث:  ]أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح[)

يقول بعض شراح الحديث: في هذه الرواية نلاحظ أنّ العبارة : (قال: فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}) تخالف ما جاء في الروايات الأقوى سندا: (ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ") .  وبالتالي فإن نزول الآية ( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...) كان من قبلُ .

(مرَّ يهوديٌّ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو جالسٌ، قال: كيفَ تقولُ يا أبا القاسمِ يومَ يجعَلُ اللهُ السَّماءَ على ذِهْ -وأشار بالسَّبَّابةِ- والأرضَ على ذِهْ، والماءَ على ذِهْ، والجبالَ على ذِهْ، وسائرَ الخلقِ على ذِهْ؟ كلَّ ذلك يشيرُ بأصابعِه، قال: فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].) ([5])

- (إنَّ رسولَ اللهِ قَرَأَ : }وما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ والْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَ السَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ{ قال فَبَسَطَ رسولُ اللهِ يَدَيْه قال فيقول اللهُ تبارَكَ وتعالَى : أنَاْ الجبارُ أنَاْ المَلِكُ أَيْنَ الجبارونَ أَيْنَ المُتكبرونَ أنَاْ كذا أنَاْ كذا فرَجَفَ المِنْبَرُ برسولِ اللهِ حتى قُلْنا لَيَخِرَّنَّ به) (الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم  546، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم)

- (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قرأَ هذهِ الآيةَ ذاتَ يومٍ على المنبرِ } وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ هكذا بيدِه ويُحَرِّكُها يُقْبِلُ بها ويُدْبِرُ يُمَجِّدُ الرَّبُّ نفسَه أنا الجبارُ أنا المتكبرُ أنا العزيزُ أنا الكريمُ فَرَجَفَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المنبرُ حتى قُلنا ليَخُرَّنَّ بهِ) (الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم  7/596، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم).

(يأخُذُ الجبَّارُ سمواتِه وأرضَه بيدِه وقبَض يدَه وجعَل يقبِضُها ويبسُطُها ثُمَّ يقولُ أنا الجبَّارُ أنا المَلِكُ أين الجبَّارونَ أين المتكبِّرونَ قال : ويميلُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن يمينِه وعن شمالِه حتَّى نظَرْتُ إلى المنبرِ يتحرَّكُ من أسفلِ شيءٍ منه حتَّى إنِّي لأقولُ أساقطٌ هو برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ([6])

العبارة : (تَصديقًا لقولِ الحَبرِ ، تصديقًا له) هي من كلام الرّاوي .  والدليل هو أنّ الآية التي قرأها الرسول: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كانت ردّا على قول الحبر وهي تنزّه اللّه عن شركهم، وقد أبرزت الآية صورة مختلفة عن تلك التي ذكرها الحبر.  وأكّدت الآيةُ أنّ الذين يعتقدون مثل الذي يعتقده ذلك الحبر لم يقدروا اللّه حقّ قدره

وعليه، فإنّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضحك تعجُّبًا مما قال الحَبرُ لا تصديقًا له. ودليل ذلك أيضا أنّ هنالك روايات أخرى عن نفس الرّاوي (عبدالله بن مسعود) لا تذكر العبارة : (تصديقًا له).  وكذلك رواية عبدالله بن عمر لا تذكر العبارة : (تصديقًا له).

العبارة (والجبالَ والشَّجرَ على أصبعٍ) لا تتفق مع آيات دكّ الجبال وتسييرها :-

(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) (الكهف 47)

يُخْبِر تَعَالَى عَنْ أَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة وَمَا يَكُون فِيهِ مِنْ الْأُمُور الْعِظَام كَمَا قَالَ تَعَالَى : " يَوْم تَمُور السَّمَاء مَوْرًا وَتَسِير الْجِبَال سَيْرًا " أَيْ تَذْهَب مِنْ أَمَاكِنهَا وَتَزُول ... " وَقَالَ تَعَالَى " وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش " وَقَالَ " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَال فَقُلْ يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا " يَذْكُر تَعَالَى بِأَنَّهُ تَذْهَب الْجِبَال وَتَتَسَاوَى الْمِهَاد وَتَبْقَى الْأَرْض قَاعًا صَفْصَفًا أَيْ سَطْحًا مُسْتَوِيًا لَا عِوَج فِيهِ وَلَا أَمْتًا أَيْ لَا وَادِي وَلَا جَبَل وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة " أَيْ بَادِيَة ظَاهِرَة لَيْسَ فِيهَا مَعْلَم لِأَحَدٍ وَلَا مَكَان يُوَارِي أَحَدًا بَلْ الْخَلْق كُلّهمْ ضَاحُونَ لِرَبِّهِمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَة. قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة " وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة " لَا حَجَر فِيهَا وَلَا غَيَابَة قَالَ قَتَادَة : لَا بِنَاء وَلَا شَجَر (ابن كثير).

- (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) (طه 105).  يَقُول تَعَالَى " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَال " أَيْ هَلْ تَبْقَى يَوْم الْقِيَامَة أَوْ تَزُول ؟ فَقُلْ يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا أَيْ يُذْهِبهَا عَنْ أَمَاكِنهَا وَيَمْحَقهَا وَيُسَيِّرهَا تَسْيِيرًا (ابن كثير).

- (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) (الطور 10-9).  وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا : أَيْ تَذْهَب فَتَصِير هَبَاء مُنْبَثًّا وَتُنْسَف نَسْفًا (ابن كثير).

- (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا) (الواقعة 5).أَيْ فُتِّتَتْ فَتًّا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَغَيْرهمْ وَقَالَ اِبْن زَيْد صَارَتْ الْجِبَال كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " كَثِيبًا مَهِيلًا"  (ابن كثير).

- (فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا) (الواقعة 6). قَالَ أَبُو إِسْحَاق عَنْ الْحَارِث عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هَبَاء مُنْبَثًّا كَرَهْجِ الْغُبَار يَسْطَع ثُمَّ يَذْهَب فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْء وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " فَكَانَتْ هَبَاء مُنْبَثًّا " الْهَبَاء الَّذِي يَطِير مِنْ النَّار إِذَا اِضْطَرَمَتْ يَطِير مِنْهُ الشَّرَر فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا وَقَالَ عِكْرِمَة: الْمُنْبَثّ الَّذِي قَدْ ذَرَتْهُ الرِّيح وَبَثَّتْهُ وَقَالَ قَتَادَة " هَبَاء مُنْبَثًّا " كَيَبِيسِ الشَّجَر الَّذِي تَذْرُوهُ الرِّيَاح . وَهَذِهِ الْآيَة كَأَخَوَاتِهَا الدَّالَّة عَلَى زَوَال الْجِبَال عَنْ أَمَاكِنهَا يَوْم الْقِيَامَة وَذَهَابهَا وَتَسْيِيرهَا وَنَسْفهَا أَيْ قَلْعهَا وَصَيْرُورَتهَا كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش(ابن كثير).

- (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ) (المعارج 9-8).  كَالْعِهْنِ : أَيْ كَالصُّوفِ الْمَنْفُوش قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى" وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش " (ابن كثير).

- (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا) (المزمل 14)

" يَوْم تَرْجُف الْأَرْض وَالْجِبَال " أَيْ تَزَلْزَل " وَكَانَتْ الْجِبَال كَثِيبًا مَهِيلًا " أَيْ تَصِير كَكُثْبَانِ الرَّمَل بَعْد مَا كَانَتْ حِجَارَة صَمَّاء ثُمَّ إِنَّهَا تُنْسَف نَسْفًا فَلَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْء إِلَّا ذَهَبَ حَتَّى تَصِير الْأَرْض قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا أَيْ وَادِيًا وَلَا أَمْتًا أَيْ رَابِيَة وَمَعْنَاهُ لَا شَيْء يَنْخَفِض وَلَا شَيْء يَرْتَفِع  (ابن كثير).

- (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ) (المرسلات 10).  أَيْ ذَهَبَ بِهَا فَلَا يَبْقَى لَهَا عَيْن وَلَا أَثَر كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَال فَقُلْ يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " وَيَوْم نُسَيِّر الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِر مِنْهُمْ أَحَدًا (ابن كثير).

- (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) (النبأ 20).  كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش" وَقَالَ هَاهُنَا " فَكَانَتْ سَرَابًا " أَيْ يُخَيَّل إِلَى النَّاظِر أَنَّهَا شَيْء وَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ بَعْد هَذَا تَذْهَب بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا عَيْن وَلَا أَثَر كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَال فَقُلْ يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا " وَقَالَ تَعَالَى وَيَوْم نُسَيِّر الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة (ابن كثير).

- (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (التكوير 3).  أَيْ زَالَتْ عَنْ أَمَاكِنهَا وَنُسِفَتْ فَتُرِكَتْ الْأَرْض قَاعًا صَفْصَفًا (ابن كثير).

- (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (القارعة 5).  يَعْنِي قَدْ صَارَتْ كَأَنَّهَا الصُّوف الْمَنْفُوش الَّذِي قَدْ شَرَعَ فِي الذَّهَاب وَالتَّمَزُّق قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ " الْعِهْن " الصُّوف ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَمَّا يَئُول آلَيْهِ عَمَل الْعَامِلِينَ وَمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْكَرَامَة وَالْإِهَانَة بِحَسَبِ أَعْمَاله فَقَالَ (ابن كثير).

العبارة (وسائرَ الخلائقِ على إصبَعٍ) لا تتفق مع الحديث الصحيح الذي بيّن أنّ الناس يومئذ على جسر جهنم :-

(قالَ ابنُ عبَّاسٍ : أتَدري ما سَعةُ جَهَنَّمَ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : أجَل واللَّهِ ما تَدري. حدَّثَتني عائشةُ أنَّها سألَت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن قولِهِ وَالْأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قالت قلتُ فأينَ النَّاسُ يومئذٍ يا رسولَ اللَّهِ قالَ علَى جِسرِ جَهَنَّمَ) ([7])

شرح الحديث:

"مِن أصولِ الإيمانِ والعَقيدةِ الصَّحيحةِ في الإسلامِ: الإيمانُ بالغيبِ الذي أخبَرنا عنه اللهُ عزَّ وجلَّ وحدَّثَنا عنه رسولُه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِن أمورِ يومِ القيامةِ وما يَحدُثُ فيها، مِن الأهوالِ والمشاهدِ الَّتي تَظهَرُ فيها قُدرتُه وعظَمتُه.
وفي هذا الحديثِ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما قال لتلميذِه مُجاهِدِ بنِ جبرٍ: "أتَدْري"، أي: أتَعرِفُ "ما سَعةُ جَهنَّمَ؟"، أي: وُسْعُ ومِساحةُ النَّارِ طولُها وعَرضُها؟ قال مُجاهدٌ: "لا"، أي: إنَّه لا يَعلَمُ حَجمَها ووُسعَها، فقال ابنُ عبَّاسٍ: "أجَلْ، واللهِ ما تَدْري"، أي: نعَم، صدَقتَ؛ فإنَّك لا تَعرِفُ لأنَّ مِثلَ تلك الغَيبيَّاتِ لا تُعلَم إلَّا بما أخبَر اللهُ تعالى في كِتابِه أو بما صحَّ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم. قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهما: حدَّثَتني عائشةُ أنَّها سألَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم عن قولِه تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]، أي: إنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى يَقبِضُ الأرَضينَ السَّبعَ بكلِّ أجزائِها وطبَقاتِها، وكذلك السَّمواتِ في قَبضةِ يدِه اليُمْنى وكِلْتا يَدَيْه يَمينٌ سُبحانَه وتَعالى، ولهما صِفةُ الكَمالِ على ما يَليقُ بالربِّ الجليلِ سُبحانَه، ولا تُشبَّهُ صِفاتُه بصِفاتِ خَلْقِه؛ فليسَ كمِثلِه شيءٌ، ولا يَعلمُ كيفيتَها إلَّا هو سبحانَه.

فتتَعجَّبُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنْها، فسأَلت النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فأين النَّاسُ يومَئذٍ يا رسولَ اللهِ؟" فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "على جَسْرِ"، وهُو الصِّراطُ الذي يُنصَبُ على ظَهرِ "جهَنَّمَ"، والمعنى: يَكونون واقِفين على الصِّراطِ، وهذا بَيانٌ لِمَدى سَعةِ النَّارِ حيثُ اجتمَعَتْ تِلكَ الخلائقُ كلُّها على جَسرٍ مِنها.  وفي الحديثِ: إثباتُ صِفةِ اليدِ للهِ تَعالى."

- (قالَ ابنُ عبَّاسٍ : أتَدري ما سَعةُ جهنَّمَ ؟ قلتُ : لا : قال : أجَلْ واللَّهِ ما تدري ، حدَّثتني عائشةُ ، أنَّها سألتْ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ عن قولِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قالَت : قلتُ فأينَ النَّاسُ يومَئذٍ ؟ ، قالَ : على جسرِ جَهَنَّمَ) (الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : الوادعي ، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 599 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،  انظر شرح الحديث رقم 85057)

(قالَ ابنُ عبَّاسٍ أتَدري ما سَعةُ جهنَّمَ ؟ قلتُ : لا ، قالَ : أجَل واللَّهِ ما تدري أنَّ بينَ شَحمةِ أُذنِ أحدِهِم وبينَ عاتقِهِ مَسيرةَ سبعينَ خَريفًا تَجري فيها أوْديةُ القَيحِ والدَّمِ قلتُ أنهارًا قالَ لا بلْ أوْديةً ثمَّ قالَ أتدرونَ ما سَعةُ جهنَّمَ قلتُ لا قالَ أجَل واللَّهِ ما تَدري حدَّثتني عائشةُ أنَّها سألَت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ عن قولِهِ وَالْأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ فأينَ النَّاسُ يومئذٍ يا رسولَ اللَّهِ قالَ هم علَى جِسرِ جهنَّمَ) ([8])

(مرَّ يهوديٌّ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو جالسٌ، قال: كيفَ تقولُ يا أبا القاسمِ يومَ يجعَلُ اللهُ السَّماءَ على ذِهْ -وأشار بالسَّبَّابةِ- والأرضَ على ذِهْ، والماءَ على ذِهْ، والجبالَ على ذِهْ، وسائرَ الخلقِ على ذِهْ؟ كلَّ ذلك يشيرُ بأصابعِه، قال: فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].) ([9])

العبارة : (كلَّ ذلك يشيرُ بأصابعِه) تشير إلى أن رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكن ضحكُه تصديقا لقول الحبر كما خُيّل لبعض رواة هذا الحديث .  ففي مقام الحديث عن صفات الله لا تجوز الإشارة بالأصابع أو اليد : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى  11)

رُبَّ مبلَّغٍ أوعَى من سامعٍ

قد يقول قائل : حتى ولو كانت العبارة (تَصديقًا لقولِ الحَبرِ) من كلام الراوي؛ أوليس الراوي أقدر على فهم الرواية منا؟

الجواب : ليس بالضروة ، وليس دائماً : " رُبَّ مبلَّغٍ أوعَى من سامعٍ" ؛ وفيما يلي طرق الحديث:

]أحاديثُ أنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يوصِي أصحابَه في خطبتِه أن يبلِّغَ شاهدُهم غائبَهم، ويقولُ لهم[: (رُبَّ مبلَّغٍ أوعَى من سامعٍ) ) ([10]) .  (خطبَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ النَّحرِ فقالَ ليبلِّغِ الشَّاهدُ الغائبَ فإنَّهُ رُبَّ مبلَّغٍ يبلغُهُ أوعَى لهُ من سامعٍ) ([11]) .

(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقالَ: ألَا تَدْرُونَ أيُّ يَومٍ هذا قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، فَقالَ: أليسَ بيَومِ النَّحْرِ قُلْنَا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أيُّ بَلَدٍ هذا، أليسَتْ بالبَلْدَةِ الحَرَامِ قُلْنَا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، ألَا هلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فإنَّه رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَن هو أوْعَى له فَكانَ كَذلكَ، قالَ: لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَلَمَّا كانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابنُ الحَضْرَمِيِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بنُ قُدَامَةَ، قالَ: أشْرِفُوا علَى أبِي بَكْرَةَ، فَقالوا: هذا أبو بَكْرَةَ يَرَاكَ، قالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عن أبِي بَكْرَةَ، أنَّه قالَ: لو دَخَلُوا عَلَيَّ ما بَهَشْتُ بقَصَبَةٍ.) ([12])

أقوال المفسّرين:

تفسير إبن كثير

يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ " أَيْ مَا قَدَرَ الْمُشْرِكُونَ اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ حِين عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ وَهُوَ الْعَظِيم الَّذِي لَا أَعْظَم مِنْهُ الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء الْمَالِك لِكُلِّ شَيْء وَكُلّ شَيْء تَحْت قَهْرِهِ وَقُدْرَته قَالَ مُجَاهِد نَزَلَتْ فِي قُرَيْش وَقَالَ السُّدِّيّ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمه وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب لَوْ قَدَرُوهُ حَقّ قَدْره مَا كَذَّبُوا . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا " وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره هُمْ الْكُفَّار الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِقُدْرَةِ اللَّه عَلَيْهِمْ فَمَنْ آمَنَ أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيّ قَدِير فَقَدْ قَدَرَ اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن بِذَلِكَ فَلَمْ يَقْدُر اللَّه حَقّ قَدْره وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيث كَثِيرَة (سبق ذكرها) مُتَعَلِّقَة بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَالطَّرِيق فِيهَا وَفِي أَمْثَالهَا مَذْهَب السَّلَفِ وَهُوَ إِمْرَارهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْر تَكْيِيف وَلَا تَحْرِيف .

تفسير القرطبي

أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَته وَعَظَمَته . وَفِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْبِض اللَّه الْأَرْض يَوْم الْقِيَامَة وَيَطْوِي السَّمَاء بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُول أَنَا الْمَلِك أَيْنَ مُلُوك الْأَرْض ) . وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله : " وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ " قَالَتْ : قُلْت فَأَيْنَ النَّاس يَوْمَئِذٍ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : ( عَلَى جِسْر جَهَنَّم ) فِي رِوَايَة ( عَلَى الصِّرَاط يَا عَائِشَة ) قَالَ : حَدِيث حَسَنٌ صَحِيحٌ . ... ألخ .

تفسير الطبري

وَقَوْله : } وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره { يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا عَظَّمَ اللَّهَ حَقّ عَظَمَته، هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ، الَّذِينَ يَدْعُونَك إِلَى عِبَادَة الْأَوْثَان . وَبَنْحُو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23277 - حَدَّثَنِي عَلِيّ، قَالَ . ثنا أَبُو صَالِح، قَالَ . ثني مُعَاوِيَة، عَنْ عَلِيّ، عَنْ اِبْن عَبَّاس، قَوْله : { وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره } قَالَ : هُمْ الْكُفَّار الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِقُدْرَةِ اللَّه عَلَيْهِمْ، فَمَنْ آمَنَ أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير، فَقَدْ قَدَرَ اللَّه حَقّ قَدْره، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن بِذَلِكَ، فَلَمْ يَقْدِر اللَّه حَقّ قَدْره . 23278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ : ثنا أَحْمَد . قَالَ . ثنا أَسْبَاط، عَنْ السُّدِّيّ } وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره{ : مَا عَظَّمُوا اللَّه حَقّ عَظَمَته.

وَقَوْله : } وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبْضَته يَوْم الْقِيَامَة { يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْأَرْض كُلّهَا قَبْضَته فِي يَوْم الْقِيَامَة { وَالسَّمَوَات }كُلّهَا { مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ ... . وَرُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة غَيْره أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : الْأَرْض وَالسَّمَوَات جَمِيعًا فِي يَمِينه يَوْم الْقِيَامَة .

ذِكْر الرُّوَاة بِذَلِكَ : 23279- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ : ثني أَبِي، قَالَ : ثني عَمِّي، قَالَ : ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْن عَبَّاس . قَوْله : } وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبْضَته يَوْم الْقِيَامَة { يَقُول : قَدْ قَبَضَ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَوَات جَمِيعًا بِيَمِينِهِ . أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ قَالَ : { مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ }يَعْنِي : الْأَرْض وَالسَّمَوَات بِيَمِينِهِ جَمِيعًا .

. 23280 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار، قَالَ . ثنا مُعَاذ بْن هِشَام. قَالَ : ثني أَبِي عَنْ عَمْرو بْن مَالِك، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء، عَنْ اِبْن عَبَّاس، قَالَ : مَا السَّمَوَات السَّبْع، وَالْأَرَضُونَ السَّبْع فِي يَد اللَّه إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَد أَحَدكُمْ ([13]) ..

ثم يورد رواية عَنْ اِبْن عَبَّاس: (مرَّ يهوديٌّ بالنبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يا يهوديُّ حدِّثنا . فقال : كيف تقول يا أبا القاسمِ إذا وضع اللهُ السماواتِ على ذه، والأرضينَ على ذه، والمال على ذِهْ، والجبالَ على ذه، وسائرَ الخلقِ على ذه . وأشار محمدُ بنُ الصلتِ – أبو جعفرٌ – بخِنصره أولًا، ثم تابع حتى بلغ الإبهامَ . فأنزل اللهُ عز وجل { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ }) ([14]).

 23288 -حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن دَاوُد، قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مَرْيَم، قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي حَازِم، قَالَ : ثني أَبُو حَازِم، عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُقْسِم، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر يَقُول : " يَأْخُذ الْجَبَّار سَمَوَاته وَأَرْضه بِيَدَيْهِ " وَقَبَضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، وَجَعَلَ يَقْبِضهُمَا وَيَبْسُطهُمَا، قَالَ : ثُمَّ يَقُول : " أَنَا الرَّحْمَن أَنَا الْمَلِك، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ، أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ " وَتَمَايَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينه، وَعَنْ شِمَاله، حَتَّى نَظَرْت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك مِنْ أَسْفَل شَيْء مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُول : أَسَاقِط هُوَ بِرَسُولِ اللَّه ؟ . - حَدَّثَنِي أَبُو عَلْقَمَة الْفَرْوِيّ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن نَافِع، عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " يَأْخُذ الْجَبَّار سَمَوَاته وَأَرْضه بِيَدَيْهِ "، وَقَبَضَ يَده فَجَعَلَ يَقْبِضهَا وَيَبْسُطهَا، ثُمَّ يَقُول : " أَنَا الْجَبَّار، أَنَا الْمَلِك، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ، أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ " قَالَ : وَيَمِيل رَسُول اللَّه عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله، حَتَّى نَظَرْت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك مِنْ أَسْفَل شَيْء مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُول: أَسَاقِط هُوَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ " . 23289 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَيَّاش الْحِمْصِيّ، قَالَ : ثنا بِشْر بْن شُعَيْب، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن شِهَاب، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَقْبِض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الْأَرْض يَوْم الْقِيَامَة وَيَطْوِي السَّمَوَات بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُول : أَنَا الْمَلِك أَيْنَ مُلُوك الْأَرْض ؟ " . - حُدِّثْت عَنْ حَرْمَلَة بْن يَحْيَى، قَالَ : ثنا إِدْرِيس بْن يَحْيَى الْقَائِد، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة، عَنْ عُقَيْل، عَنْ اِبْن شِهَاب، قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع مَوْلَى اِبْن عُمَر، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه يَقْبِض الْأَرْض يَوْم الْقِيَامَة بِيَدِهِ، وَيَطْوِي السَّمَاء بِيَمِينِهِ وَيَقُول : أَنَا الْمَلِك

وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة } وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبْضَته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ { يَقُول فِي قُدْرَته نَحْو قَوْله: } وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ { 4 36 أَيْ وَمَا كَانَتْ لَكُمْ عَلَيْهِ قُدْرَة وَلَيْسَ الْمِلْك لِلْيَمِينِ دُون سَائِر الْجَسَد، قَالَ: وَقَوْله } قَبْضَته { نَحْو قَوْلك لِلرَّجُلِ : هَذَا فِي يَدك وَفِي قَبْضَتك . وَالْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابه وَغَيْرهمْ، تَشْهَد عَلَى بِطُولِ هَذَا الْقَوْل . 23293 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد، قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة، عَنْ عَنْبَسَة، عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة، عَنْ مُجَاهِد، عَنْ اِبْن عَبَّاس، عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْله } وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبْضَته يَوْم الْقِيَامَة { فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ : " عَلَى الصِّرَاط " .

تفسير الجلالين

"وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره" مَا عَرَفُوهُ حَقّ مَعْرِفَته أَوْ مَا عَظَّمُوهُ حَقّ عَظَمَته حِين أَشْرَكُوا بِهِ غَيْره "وَالْأَرْض جَمِيعًا" حَال : أَيْ السَّبْع "قَبْضَته" أَيْ مَقْبُوضَة لَهُ : أَيْ فِي مُلْكه وَتَصَرُّفه "يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات" مَجْمُوعَات "بِيَمِينِهِ" بِقُدْرَتِهِ"سُبْحَانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" مَعَهُ

التفسير الميسر

( 67 )   وما عظَّم هؤلاء المشركون اللهَ حق تعظيمه؛ إذ عبدوا معه غيره مما لا ينفع ولا يضر، فسوَّوا المخلوق مع عجزه بالخالق العظيم، الذي من عظيم قدرته أن جميع الأرض في قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، تنزه وتعاظم سبحانه وتعالى عما يشرك به هؤلاء المشركون، وفي الآية دليل على إثبات القبضة، واليمين، والطيِّ، لله كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تشبيه.

تفسير السّعدي

يقول تعالى: وما قدر هؤلاء المشركون ربهم حق قدره، ولا عظموه حق تعظيمه، بل فعلوا ما يناقض ذلك، من إشراكهم به من هو ناقص في أوصافه وأفعاله، فأوصافه ناقصة من كل وجه، وأفعاله ليس عنده نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، ولا يملك من الأمر شيئا.

فسووا هذا المخلوق الناقص بالخالق الرب العظيم، الذي من عظمته الباهرة، وقدرته القاهرة، أن جميع الأرض يوم القيامة قبضة للرحمن، وأن السماوات - على سعتها وعظمها - مطويات بيمينه، فلا عظمّه حق عظمته من سوَّى به غيرَه، ولا أظلم منه.

} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ { أي: تنزه وتعاظم عن شركهم به.

تفسير الوسيط لطنطاوي

ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغير الله - تعالى - قد تجاوزوا حدودهم معه - عز وجل - ولم يعطوه ما يستحقه من تنزيه وتقديس فقال : ( وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ) . أى : أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغيره - تعالى - ، ما عظموه حق تعظيمه ، وما أعطوه ما يستحقه - سبحانه - من تقديس وتكريم وتنزيه وطاعة .

ثم ساق - سبحانه - ما يدل على وحدانيته . وكمال قدرته . فقال : ( والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) . والقَبْضة : المرة من القَبْض ، وتطلق على المقدار المقبوض بالكف . ومطويات أى : مجموعات تحت قدرته وملكه ، كما يجمع الكتاب المطوى ، والجملة الكريمة حال من لفظ الجلالة ، فيكون المعنى : إن هؤلاء المشركين لم يعظموا الله حق تعظيمه ، حيث أشركوا معه فى العبادة آلهة أخرى هى من مخلوقاته ، والحال أنه - سبحانه - هو المتولى لإِبقاء السموات والأرض على حالهما فى الدنيا ، وهو المتولى لتبديلهما ، أو إزالتهما فى الآخرة ، فالأرض كلها مع عظمتها وكثافتها تكون يوم القيامة فى قبضته وتحت قدرته ، كالشئ الذى يقبض عليه القابض ، والسموات كذك مع ضخامتها واتساعها ، تكون مطويات بيمينه وتحت قدرته وتصرفه ، كما يطوى الواحد منا الشئ الهين القليل بيمينه ، وما دام الأمر كذلك فكيف يشركون معه غيره فى العبادة؟

فالمقصود من الآية الكريمة بيان وحدانيته وعظمته وقدرته - سبحانه - وبيان ما عليه المشركون من جهالة وانطماس بصيرة حين أشركوا معه فى العبادة غيره . ...

وقال الآلوسى : والكلام فى هذه الآية عند كثير من الخلف ، تمثيل لحال عظمته - تعالى - ونفاذ قدرته . . بحال من يكون له قبضة فيها الأرض جميعا ، ويمين بها يطوى السموات ، أو بحال من يكون له قبضة فيها الأرض والسموات ، ويمين بها يطوى السموات .

والسلف يقولون : إن الكلام هنا تنبيه على مزيد جلالته - تعالى - . إلا أنهم لا يقولون إن القبضة مجاز عن الملك أو التصرف ، ولا اليمين مجاز عن القدرة ، بل ينزهون الله - تعالى - عن الأعضاء والجوارح ، ويؤمنون بما نسبه - تعالى - : إلى ذاته بالمعنى اللائق به الذى أراده - سبحانه - وكذا يفعلون فى الأخبار الواردة فى هذا المقام .  ...

وخص يوم القيامة بالذكر ، وإن كانت قدرته عامة وشاملة لدار الدنيا - أيضا - لأن الدعاوى تنقطع فى ذلك اليوم .

كما قال - تعالى ( والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) روى الشيخان عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يطوى الله السموات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول أنا الملك ، أين الجبارون ، أين المتكبرون ، أين ملوك الأرض " .

وقوله - تعالى - : ( سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) تنزيه له - تعالى - : عما افتراه المفترون .

أى : تنزه وتقدس الله - تعالى - عن شرك المشركين ، وعن ضلال الضالين .

تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( وما قدروا الله حق قدره ) ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ، ثم أخبر عن عظمته فقال ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) . ... .

 



[1] الراوي : عبدالله بن مسعود ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 4811 ، أحاديث مشابهة ، خلاصة حكم المحدث: ]صحيح[.  التخريج : أخرجه البخاري (4811)، ومسلم (2786)

[2] الراوي: عبدالله بن مسعود ، المحدث: مسلم ، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2786 ، أحاديث مشابهة ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[.  التخريج: أخرجه البخاري (7451) ، ومسلم (2786).  

[3] الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : ابن خزيمة ، المصدر : التوحيد، الصفحة أو الرقم : 171/1 ، خلاصة حكم المحدث : ]أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح[.  التخريج : أخرجه أحمد (5414)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7696)، وابن حبان (7327) باختلاف يسير. وأصله في صحيح البخاري (7412)، ومسلم (2788)

[4] الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم  543، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.  التخريج : أخرجه البخاري (7415)، ومسلم (2786) باختلاف يسير، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (543) واللفظ له. انظر شرح الحديث رقم 69710

[5] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 2267 ، خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) واللفظ له

الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم : 4/69 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) واللفظ له

[6] الراوي : عبدالله بن عمرو ، المحدث : الهيثمي ، المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم : 1/89 ، خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح.  التخريج : أخرجه الطبراني (469/13) (14336)

[7] الراوي : مجاهد بن جبر المكي ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3241 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

[8] الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الوادعي، المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 652 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ،   التخريج : أخرجه الترمذي (3241)، وأحمد (24856) واللفظ له

[9] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم : 2267 ، خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) واللفظ له

الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدث : أحمد شاكر ، المصدر : تخريج المسند لشاكر، الصفحة أو الرقم : 4/69 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) واللفظ له

[10] الراوي : - ، المحدث : ابن باز ، المصدر : مجموع فتاوى ابن باز، الصفحة أو الرقم : (246/1 ، 220/1) ، خلاصة حكم المحدث : متواترة

[11] الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث ، المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم : 191 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح

[12] الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 7078 ،خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[ ، انظر شرح الحديث رقم 25670

[13] قال ابنُ عباسٍ : يقبضُ اللهُ عليهما فما ترى طرفاهما بيدِه ، وفي لفظٍ عنه : ما السمواتُ السبعُ والأرَضونَ السبعُ وما فيهن وما بينهن في يدِ الرحمنِ إلا كخَرْدلةٍ في يدِ أحدِكم) (الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم  6/561، خلاصة حكم المحدث: هذه الآثار معروفة في كتب الحديث)

 

[14] الراوي : عبدالله بن عباس ، المحدثون :

الترمذي ، المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم : 3240 ، خلاصة حكم المحدث : حسن غريب صحيح.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) باختلاف يسير

الألباني ، المصدر : ضعيف الترمذي، الصفحة أو الرقم : 3240 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف.  التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) باختلاف يسير

شعيب الأرناؤوط ، المصدر : تخريج أقاويل الثقات، الصفحة أو الرقم : 159 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف ، التخريج : أخرجه الترمذي (3240)، وأحمد (2267) باختلاف يسير